عقد الوكالة

عقد الوكالةcontrat de mandatهو عقد يلتزم بمقتضاه شخص يسمى الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب شخص آخر يسمى الموكل. والأصل فيه أن يكون من دون أجر، ولكن يمكن للطرفين أن يتفقا على أن يكون ذلك العمل مقابل أجر.

خصائص عقد الوكالة:

يمتاز عقد الوكالة بالخصائص الآتية:

أ ـ عقد الوكالة عقد رضائي يكفي لانعقاده توافر الإيجاب والقبول وتطابقهما. ولكن إذا كان التصرف القانوني محل عقد الوكالة تصرفاً شكلياً فيعد عقد الوكالة عقداً شكلياً.

ب ـ عقد الوكالة هو من عقود التبرع، ولكنه يمكن أن ينقلب إلى عقد معاوضة إذا اشترط فيه الأجر صراحة أو ضمناً، وهو عقد ملزم للطرفين.

ج ـ محل عقد الوكالة هو دائماً القيام بتصرف قانوني لحساب الموكل، وهذا ما يميز عقد الوكالة من عقد المقاولة وعقد العمل.

د ـ تغلب الاعتبار الشخصي بالنسبة لشخصية كل من الموكل والوكيل، ويترتب على ذلك أن الوكالة تنتهي بموت الوكيل أو بموت الموكل. ولكن عقد الوكالة هو عقد غير لازم، وبالتالي يجوز للموكل أن يعزل الوكيل، كما يجوز للوكيل أن يتنحى عن الوكالة، وذلك قبل إنجاز التصرف القانوني محل الوكالة، لا بل حتى قبل البدء به.

أركان عقد الوكالة

وهي الرضا والأهلية والمحل والسبب.

ـ الرضا والأهلية:

أـ الرضا: يشترط لانعقاد الوكالة توافر الإيجاب والقبول وتطابقهما، وبالتالي يجب أن يتم التراضي بين الطرفين على ماهية العقد والتصرف القانوني الذي يقوم به الوكيل والأجر الذي يتقاضاه إذا كانت الوكالة مأجورة، ويجب أن يكون الرضا خالياً من العيوب التي تشوب الإرادة.

ب ـ الأهلية: يشترط في الموكل أن يكون وقت الوكالة أو وقت مباشرةالعقدأهلاً أن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل به، وإذا لم يكن الموكل أهلاً لذلك كانالعقدباطلاً.

أما الوكيل فلا يشترط أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة لإجراء العمل القانوني محل عقد الوكالة، وذلك لأن أثرالعقدلا ينصرف إليه، وإنما ينصرف إلى الموكل، وبالتالي يمكن أن يكون الوكيل قاصراً مميزاً مادام أنه يعمل باسم موكله.

ـ المحل والسبب:

أـ المحل: وهو التصرف القانوني الذي يجب أن يقوم به الوكيل لحساب الموكل، وإذا كانت الوكالة مأجورة فيشمل المحل الأجر أيضاً.

ويشترط في التصرف القانوني محل الوكالة أن يكون ممكناً، فإذا كان مستحيلاً كانت الوكالة باطلة. ويشترط فيه أيضاً أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين، ومثال ذلك أن يوكل شخص شخصاً آخر ببيع أو تحكيم أو هبة. ويشترط في التصرف أيضاً أن يكون مشروعاً، فإذا كان التصرف غير مشروع كانت الوكالة باطلة، كأن يوكل شخص شخصاً آخر بشراء المخدرات، أو تهريب أسلحة ممنوعة.

ويصح أن يكون أي تصرف قانوني إذا توافرت فيه الشروط السابقة محلاً لعقد الوكالة، كالبيع والإيجار والإقراروالتحكيموتوجيهاليمين.

وإذا وردت الوكالة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها فإنها لا تخول الوكيل صفة، إلا في أعمال الإدارة كالإيجار الذي لا تزيد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الصيانة ووفاء الديون. وتمتد أعمال الإدارة هذه إلى أعمال التصرف التي تقتضيها، كبيع المحصول وقبض ثمنه. أما أعمال التصرف فلابد فيها من وكالة خاصة، كالبيع والرهنوالتبرع والصلح والإقراروالتحكيموتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء.

ب ـ السبب: يشترط أن يكون سبب الوكالة مشروعاً، فإذا كان مخالفاً للنظام العام والآداب[ر] كانت الوكالة باطلة. وتطبق هنا القواعد العامة لنظرية السبب كركن من أسباب أركانالعقد.

آثار الوكالة

ترتب الوكالة آثارها فيما بين المتعاقدين وتجاه الغير.

ـ آثار الوكالة فيما بين المتعاقدين:

تنشئ الوكالة التزامات على عاتق كل من الوكيل والموكل.

أ ـ التزامات الوكيل:وهي:

1ـ تنفيذ العمل القانوني محل الوكالة: ويجب أن يكون التنفيذ في حدود الوكالة المرسومة، وإذا تجاوز الوكيل حدود وكالته فلا تسري آثارالعقدالذي أبرمه على الأصيل، وفقاً لأحكامالنيابةالاتفاقية.

ويجب على الوكيل إذا كانت الوكالة غير مأجورة أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة، إذا كانت هذه العناية أقل من عناية الرجل المعتاد أما إذا كانت عنايته أكبر من عناية الرجل المعتاد فلا يطلب منه سوى عناية الرجل المعتاد في تنفيذ الوكالة، أما إذا كانت الوكالة مأجورة فالعناية المطلوبة من الوكيل هي عناية الرجل المعتاد.

2ـ تقديم حساب عن الوكالة: يجب على الوكيل أن يوفي الموكل باستمرار بالمعلومات الضرورية حول وكالته، فعليه تقديم حساب مفصل وشامل عنها للموكل، ويدرج في هذا الحساب ما للموكل وما عليه. ويعفى الوكيل من هذاالالتزامإذا كانت طبيعة المعاملة تقتضي ذلك، كأن يكون التصرف محل الوكالة لا يحتمل تقديم حساب عنه كالتوكيل بالإقرار. وقد تقضي الظروف أيضاً إعفاء الوكيل من تقديم حساب عن الوكالة، كصلةالقرابةبين الوكيل والموكل، وأخيراً قد ينصالاتفاقنفسه على إعفاء الوكيل من تقديم حساب عن الوكالة.

3ـ رد ما للموكل في يده: بعد تقديم الحساب يجب على الوكيل أن يرد ما للموكل في يده من رصيد للحساب، وليس له أن يستعمل مال الموكل لمصلحة نفسه، وإذا استعملها فيجب عليه دفع فوائد المبالغ التي استخدمها لمصلحة نفسه من تاريخ استخدامها.

وعندما يرد الوكيل ما للموكل في يده بعد تقديم الحساب يجب على الموكل إعطاؤه مخالصة بإبراء ذمته.

ب ـ التزامات الموكل وهي:

1ـ دفع الأجر: الأصل في الوكالة أنها تبرعية، ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل، كأن تدخل الوكالة في أعمال مهنة، ومثال ذلك المحامي[ر].

2ـ رد المصروفات: يلتزم الموكل بأن يرد للوكيل ما أنفقه في سبيل تنفيذ الوكالة مع الفوائد من وقت الإنفاق، وكذا يلتزم الموكل بتقديم ما يقتضيه تنفيذ الوكالة من مبالغ، شريطة أن يطلب الوكيل ذلك.

3ـ التعويض عن الضرر: يلتزم الموكل بتعويض الوكيل عن الأضرار التي أصابته بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً ومن دون خطأ منه.

ـ آثار الوكالة بالنسبة إلى الغير المتعاقد مع الوكيل:تطبق أحكام النيابة[ر] على عاتق كل من الوكيل والموكل بالغير.