الهيئة الأمريكية للتحكيم ( A.A.A )

ظهرت بوضوح في أوائل القرن الماضي صلة التحكيم بالتجارة الدولية وأهميته لها. حيث إن ازدهار التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة مرتبط تاريخيا بنشأة وتطور هيئات التحكيم الدائمة التي قامت بوضع نظم خاصة بها تقوم على إدارتها وتطبيقها، مراكز تضم نخبة من المشتغلين بمسائل التحكيم بصفة عامة أو في فرع من فروع النشاط الاقتصادي. وقد لعبت نظم التحكيم الدائمة دورا هاما في إرساء مجموعة قواعد قانونية تفرضها متطلبات المعاملات التجارية الدولية وتأكدت في السوابق والأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم حيث إن التحكيم هو الوسيلة العملية لتسوية منازعات التجارة الدولية، وأبين القانون الواجب التطبيق على موضوع المنازعات أمام هذه الهيئات والمراكز، إضافة إلى موقف التشريعات العربية من القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع.

تأسست هيئة التحكيم الأمريكية 1926 لمواجهة الحاجة إلى مركز تحكيمي دائم يهدف إلى تأمين بعض من الاستقرار في نطاق التحكيم التجاري، وهو المركز التحكيمي الوحيد في الولايات المتحدة الأمريكية الذي ليس محددا بنطاق جغرافي أو بنوع معين من القضايا، وإن هذه الهيئة التحكيمية الدائمة مستقلة عن الحكومة ولا تهدف إلى الربح. يوجد مقرها الرئيسي في نيويورك ولديها عدة مراكز إقليمية، واختصاصها لا يقتصر على النزاعات الداخلية بل تتعداها لتشمل النزاعات التجارية الدولية حيث تلعب دورا هاما في حلها. وتتألف هذه الهيئة من أعضاء يختارون من مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي .

ومن أحكام هيئة التحكيم الأمريكية إقرارها بشرط التحكيم السابق للنزاع والاتفاق التحكيمي اللاحق له حيث توصي الهيئة بصيغة نموذجية للشرط التحكيمي وبصيغة أخرى نموذجية للاتفاق اللاحق للنزاع. ولم يشر نظام هيئة التحكيم الأمريكية إلى شكل معين لاتفاق التحكيم ولكنها تشترط أن يكون الشرط مكتوبا مع طلب التحكيم، وكذلك لا يتضمن نظام هيئة التحكيم الأمريكية نصا يعطي المحكم صلاحية النظر باختصاصه. ولكن الشرط التحكيمي النموذجي الذي توصي هيئة التحكيم الأمريكية بإدراجه يعطي المحكمين هذا الاختصاص فإذا وضع شرط التحكيم النموذجي فإن المحكمين يستمدون منه سلطتهم في النظر باختصاصهم. ويصبح شرط التحكيم منفصلا عن العقد بفعل إرادة المتعاقدين. أما بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فإن نظام هيئة التحكيم الأمريكية نص في المادة (29) منه بأن تطبق هيئة التحكيم القانون أو القوانين الموضوعية التي يختارها الأطراف لحكم النزاع وعند عدم وجوده تطبق القانون أو القوانين التي تجدها ملائمة .