الاستئثار الجغرافي وقانون حرية الأسعار والمنافسة

باستقرائنا للمادة الأولى من قانون حرية الأسعار والمنافسة تبين لنا أن هذا الأخير يهدف إلى تحديد الأحكام المطبقة على حرية الأسعار وإلى تنظيم المنافسة الحرة، وتحدد فيه قواعد حماية المنافسة قصد تنشيط الفاعلية الاقتصادية وتحسين رفاهية المستهلكين وكذلك ضمان الشفافية والنزاهة في العلاقات التجارية[1].

كما أنه بالرجوع إلى الباب الثالث من هذا القانون نجده يبين لنا الأعمال والممارسات التي تضر بالمنافسة كالتواطؤ والتحالفات والأعمال المدبرة المخلة بقواعد المنافسة، إما لفرض مستوى من الأسعار أو لتقاسم الأسواق بين المقاولات أو للاستغلال المفرط لموقع الهيمنة أو فرض شروط تجارية غير مبررة[2].

بذلك نتساءل هل يمكن اعتبار شرط الاستئثار الجغرافي المتبادل بمثابة تقسيم للسوق الذي يدخل ضمن مقتضيات المادة 6تنص المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة على: “تحضر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما، ولاسيما عندما تهدف إلى:
1- الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى.
2- عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة لسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها.
3- حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني.=
=4- تقسيم الأسواق أو مصادر التموين”.
؟
وبالتالي فهل يمكن تطبيق ما جاءت به م.8 من نفس القانون؟
باستقراء نص المادة 6 أعلاه يبدو أن هذا الشرط يعتبر تقسيما للسوق بين المرخص والمرخص له، على اعتبار أن كل واحد منهما يزاول نشاطه في منطقة محددة لا يجوز له أن يتعداها، مما يؤدي إلى عدم قيام أي منافسة بينهما داخل المنطقة، وهذا بدوره يعد تضييقا لحرية المنافسة الممنوع بمقتضى المادة 6 من قانون حرية الأسعار والمنافسة. إلا أنه في الواقع العملي إذا ما تركت المنافسة على أشدها في هذا النوع من العقود، فإن أسلوب الترخيص التجاري قد يفقد هدفه وغايته مما يؤثر سلبا على الأطراف وعلى الاقتصاد ككل[4]. تبعا ذلك هل يمكن تطبيق ما جاءت به المادة 8 من قانون حرية الأسعار والمنافسة على هذه العقود التي لها أهمية بالغة في تحقيق التقدم الاقتصادي، أيضا عدم إخضاعها لما جاءت به المادتين 6 و7 من نفس القانون؟
بالرجوع إلى القانون الفرنسي، نجده يعطي الحق للنظر في صحة هذا الشرط إلى مجلس المنافسة هذا الأخير الذي أقر بصحة شرط الاستئثار الجغرافي في العديد من القضايا، أما في المغرب، حسب علمنا فلم تعرض عليه هذه القضايا، في انتظار حصول ذلك من أجل التوصل إلى مقترحات تزيل الغموض على مثل هذه الإشكالات.

[1] – الحسين بلحساني، “قانون المنافسة وحرية الأسعار بين المؤثرات الخارجية والإكراهات الداخلية”، مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد، العدد 3، 2003، ص 42.
[2] – والملاحظ أن المادة 6 و7 التي تناولت هذه الممارسات شكلت محور هذا القانون، حيث تمت الإحالة عليها في 12 مادة متفرقة في جميع الأبواب التسعة وهي المواد 9، 15، 17، 24، 27، 62، 67، 70، 74 و76.
عبد الخالق أحمدون، “الأسس الأخلاقية لقانون المنافسة والتحديات الراهنة”، مجلة طنجيس للقانون والاقتصاد، م.س، ص 32.
انظر كذلك:
– Didier Ferrier, franchise et pratiques, restrictives de concurrence, j.c.p, éd. E, n° 26, 1987.
– [4] – للمزيد من التوسع انظر حنان البكوري، م.س، ص 210 وما يليها.
وانظر أيضا: “حرية الأسعار والمنافسة”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية REMALD سلسلة نصوص ووثائق عدد 39، 2000، ص 16- 20.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت