مفهوم وأهمية حوكمة الشركات
د. عبدالعزيز المزيد
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

نسبة لظهور قضايا الفساد والغش في القوائم المالية التي لازمت الشركات الكبرى وقد صاحب ذلك انهيارات مالية كبيرة أدت إلى ظهور مفهوم حوكمة الشركات بشكل كبير مما ساهم في محاربة الفشل المالي والإداري والاقتصادي في الوحدات الاقتصادية .

أولاً لنتعرف على مفهوم حوكمة الشركات وهو يقصد بها مجموعة من الآليات والإجراءات والقوانين والنظم والقرارات التي تتضمن كل من الانضباط ، والشفافية ، والعدالة ، و تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق تفعيل تصرفات إدارة الوحدة الاقتصادية(على، 2008: 280)

كما عرفت ايضا بانها مجموعة من القوانين والقواعد والمعايير التي تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من ناحية ، وحملة الأسهم وأصحاب المصالح أو الأطراف المرتبطة بالشركة مثل “حملة السندات ، العمال ، الدائنين ، المواطنين من ناحية أخرى”( سليمان، 2008م: 15)
عرفت حوكمة الشركات ايضا بانها مجموعة من المبادئ والقواعد التي ترشد وتحد من سلطة طرف آخر ، أي أن مجال الحوكمة الرئيسي هو رقابة أفعال وقرارات المديرين المؤثرة على مصالح الملاك والمقرضين ، وذلك بغرض التوصل إلى توازن المصالح بين الملاك والإدارة” (على وآخرون،2011: 188).

مما سبق نلاحظ أن التعريف الشامل لمفهوم حوكمة الشركات هو تطبيق نظام يشمل مجموعة من الانظمة والضوابط والإجراءات، بهدف تحقيق الإنضباط والشفافية والعدالة وصولاً إلى الحكم الرشيد بالمنشأة .

وفي المجمل يمكن القول ان حوكمة الشركات تعني بإيجاد وتنظيم التطبيقات والممارسات السليمة للقائمين على ادارة الشركة بما يحافظ على حقوق حملة الاسهم وحملة السندات والعاملين بالشركة وأصحاب المصالح وغيرهم، وان الاطراف الرئيسية في عملية الحوكمة هم المساهمون ومجلس الادارة والادارة التنفيذية.

ثانياً في الوقت الذي يقوم فيه الخبراء الاقتصاديون والسياسيون بإعطاء تفسيرات مفصّلة عن أسباب الأزمة المالية خلال العقود الماضية، تكتسب الحوكمة أهمية أكبر من أي وقت آخر، فمثلما سلّطت الأزمة الآسيوية في أواخر التسعينيات الضوء على الحاجة الماسة إلى حوكمة الشركات، يجب أن تحفّز الإخفاقات الأخيرة في الأسواق العالمية ضرورة تطبيق حوكمة الشركات وتحقيق النهوض الاقتصادي. فالحوكمة الرشيدة في القطاع الخاص والعام تقود إلى المطالبة بالشفافية والمساءلة والتحلي بالمسؤولية و يمكن اظهار أهمية حوكمة الشركات من خلال الجوانب الآتية(الغانمي، 2009: 22):

1- الجانب الاقتصادي:
فهي تساعد على:-
1- إعادة الثقة في أعمال الشركة وفي الاقتصاد الذي يولدها، فهي تهيئ الجو لنمو وتعدد الشركات المساهمة والحد من هروب رؤوس الاموال من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتحقيق التنمية المستدامة لذا فهي تعزز القدرة التنافسية للقطاع الخاص.

2- زيادة الاصلاحات الاقتصادية العالمية من خـلال العمل والجهـد المنظـم لتحقيـق الـنمو عن طريق تطبيـق الحوكمة في القطاعين العـام والخــاص.

3- وضع أسس مبادئ السوق الحرة في الاقتصاديات المغلقة مما يولد جيلا جديدا من أصحاب المشاريع والمستثمرين في جميع انحاء العالم.

4- زيادة فرص التمويل وانخفاض تكلفة الاستثمار واستقرار سوق المال وانخفاض درجة المخاطر ، كذلك تحسن الحوكمة من جودة الانتاج السلعي او الخدمي ومن ثم زيادة قدرتها التنافسية وتحقيق التكامل في الأسواق العالمية.

5- تقوي ثقة الجمهور في صحة عمليات الخصخصة عند توجه الدولة إلى إعداد مؤسسات القطاع العام للخصخصة(الغانمي، 2009: 22).
2- الجانب المحاسبي والرقابي:
أ- تظهر أهمية الحوكمة في عنصرين أولهما المتابعة والرقابة لاكتشاف الانحرافات والتجاوزات، والعنصر الثاني هو تعديل وتطوير عمل الشركات من خلال الضبط والتحكم لغرض تصحيح الانحرافات
ب-تحقق الحيادية والنزاهة والاستقامة لجميع العاملين في الشركة ابتداءاً من مجلس الإدارة وإلى أدنى مستوى إداري فيها.
ج-تحقق الاستفادة القصوى والفعلية من نظم المحاسبة والرقابة الداخلية وخاصة في عمليات الضبط الداخلي وتحقق أعلى مستوى ممكن من الشفافية والإفصاح في التقارير المالية .

د-محاربة الفساد المالي والاداري للشركات.
هـ-توفر البيئة المناسبة للرقابة من خلال ضمان الالتزام بمعايير التدقيق إذ أنها توفر درجة عالية من الاستقلالية وعدم الخضوع لأية ضغوط ومن اي جهة كانت(الغانمي، 2009: 23).

3- الجانب الاجتماعي:
أ- تهتم الحوكمة بتحقيق التوازن بين الاهداف الاجتماعية والاقتصادية وبين الأهداف الفردية والجماعية وتهدف إلى ربط مصالح الافراد والشركات والمجتمع.

ب -إن اهتمام الشركة بالأمور الاجتماعية يؤدي إلى تحسين صورتها وتزايد قبولها في المجتمع، وكل دولة بحاجة إلى ازدهار ونمو الشركات العاملة فيها لإشباع الحاجات كتوفير فرص العمل والخدمات الصحية وغيرها ليس لتحسين مستوى المعيشة فقط بل لتعزيز التماسك الاجتماعي.

ج-تسهم الحوكمة في تخفيف حدة الفقر وتعزيز حقوق الانسان وإرساء قواعد العدل واستمرار عمل الشركات، وانهيارها لا يُعد خسارة تصيب المساهمين فقط وإنما تصيب العاملين وأصحاب المصالح الأخرى(الغانمي، 2009: 24).

4- الجانب القانوني:
إن التشريعات واللوائح تعد العمود الفقري لأطراف وآليات حوكمة الشركات، إذ إن القوانين والقرارات تنظم بشكل دقيق ومحدد العلاقة بين الأطراف المعنية في الشركة والاقتصاد ككل، وتتداخل قواعد حوكمة الشركات مع العديد من القوانين مثل قانون الاستثمار، قانون الشركات، المعايير المحاسبية والتدقيقية، قانون الضرائب، وغيرها فمن خلال هذه القوانين والممارسات يتم حصول الأطراف التي تتعلق مصالحهم بالشركة على حقوقهم كاملة، وتضم هذه الأطراف حملة الأسهم، مجلس الإدارة والتنفيذيين، والعاملين، والمقرضين والبنوك وأصحاب المصالح الأخرى مثل الدوائر الحكومية والمستثمرين وغيرهم(الغانمي، 2009: 24).

تتمثل اهمية حوكمة الشركات في النقاط الآتية(حماد، 2010: 62):
1- تحقيق الانضباط المالي والإداري والسلوكي في كافة المنشآت والمنظمات .
2- تخفيض مخاطر الفساد المالي والإداري.
3- تعمل نظم حوكمة الشركات على جذب الاستثمارات ، وبالتالي زيادة الاستثمارات في المجتمع ، وزيادة معدلات النمو وتحقيق قيمة مضافة ، وكذلك الاستغلال الأمثل للموارد والقضاء على الفاقد الاقتصادي .

4- تضمن الحوكمة عدم قيام مجلس الإدارة بإساءة استخدام سلطاته في الأضرار بمصالح المساهمين ، أو أي من الأطراف مرتبطة بالشركة كالموردين وحملة السندات والمقرضين ، كما تعمل على استقلال أموال المساهمين.

5- تعمل الحوكمة على تحقيق عدم التميز بين أصحاب المصالح في الشركة مع المحافظة على حقوق المساهمين القانونية في نقل ملكية الأسهم في اختيار أعضاء مجلس الإدارة ، وكذلك الحصول على طاقة المعلومات عن الشركة التي تؤثر على قراراتهم.

واخيراً مما سبق نلاحظ ان اهمية حوكمة الشركات تتمثل في اربعة جوانب رئيسية وهي الجانب الاقتصادي وذلك من خلال اعادة الثقة للشركة وزيادة الاصلاحات الاقتصادية ووضع اسس السوق الحرة، والجانب المحاسبي والرقابي من خلال المتابعة والرقابة لاكتشاف الانحرافات والتجاوزات وتحقيق الحيادية والنزاهة والاستقامة والجانب الاجتماعي من حيث تحقيق التوازن بين الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والعمل على تخفيف حدة الفقر وتعزيز حقوق الانسان، والجانب القانوني لان التشريعات واللوائح هي الاساس لآليات وقواعد حوكمة الشركات.