التعذيب وفقا لنصوص الدستور والقانون اليمني

لم يكتف الدستور بمنع التعذيب بل تعدى ذلك إلى :
أ/ تحريم التعذيب بأنواعه سواء أكان جسدياً أو نفسياً أو معنوياً بل وحرم ما هو أدنى ذلك كالقسر على الاعتراف او المعاملة الغير الإنسانية سواء عند القبض أو الحجز أو السجن أو التحقيق ونص على كل ذلك صرحة في الفقرة (ب) من المادة (47) من الدستور .
ب/ جعل التعذيب جريمة ونص على وجوب معاقبة كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها وفقاً للنص الفقرة (هـ) من المادة (47) من الدستور .
ج/النص على اعتبار التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم وفقاً للنص الفقرة السالف ذكرها .

أما قانون الإجراءات الجزائية رقم (13) لسنة 1994م فقد ورد مترجماً للنص الدستوري في المادتين (6) و (16) بان :
أ/ حظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير إنسانية أو إيذائه بدنياً أو معنوياً لقسره على الاعتراف .
ب/اعتبار الأقوال التي تصدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة التعذيب أو المعاملة الغير إنسانية أو الإيذاء هدر لا يعول عليها .
ج/ وعدم انقضاء الدعوى الجزائية في جريمة التعذيب بمضي المدة .

أما قانون العقوبات رقم (12 ) لسنة (1994م ) فقد نص على عقوبة جريمة التعذيب بعشر سنوات وفقاً للنص م(166) وجعلها من الجرائم الماسة بالوظيفة العامة .

س :ماهي اشهر حالات التعذيب ؟ واشهر الأدوات المستخدمة في ذلك والطرق والإجراءات التي اتخذت حيال ذلك ؟
ج :حالات التعذيب كثيرة ونسعى إلى رصد ما يتناهى إلى مسامعنا منها في الوقت الراهن نظراً لتحولها إلى ظاهرة بلغت ذروتها بوفاة العديد من الحالات التي تعرضت للتعذيب أثناء ذلك أو نتيجة ذلك .
ومن الحالات التي اشتهرت قضية تعذيب محمد احمد الكوكباني في مديرية أمن الطويلة وقضية تعذيب احمد قايد عبدربه من قبل بعض أفراد نجدة ذمار وكلا الشخصين قتلا تعذيباً و قضيتهما منظورتان امام القضاء إلا إن الأخيرة لازال اثنين من المتهمين فيها فارين من وجه العدالة نظراً لرفض بعض مسئولي الأمن بتسليمهما للعدالة وقد سبق أن تناولت الصحف هاتين القضيتين وغيرهما من القضايا المماثلة .
ولازلنا ندرس حالياً عدة قضايا تعذيب أخرى اغلبها توفي المجني عليهم من جراء التعذيب وبعد اكتمال وثائق تلك القضايا وتفاصيلها سنوافي الصحافة بمعلومات عنها .
س :ماهي الطريقة التي يمكن أن نواجه بها ظاهرة التعذيب في السجون ؟
ج :إنني اعتقد إن الدستور والقانون قد رسم بوضوح وسائل مواجهة ظاهرة التعذيب سواء من خلال ما نص عليه من إجراءات سابقة على وقوع جريمة التعذيب أو لاحقة عليها .
فالقانون ومن قبله الدستور قد أدركا أن التعذيب نتاج عدم مراعاة صحة الإجراءات والحجز الغير قانوني لذلك :
1/حرما القبض على الأشخاص خلافاً للقانون وبدون أمر قضائي .
2/حرما تقييد حرية الأشخاص خلافاً للقانون وبدون أمر قضائي .
3/حرما الحجز او الحبس في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون .
4/أوجبا تقديم كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة الى القضاء خلال اربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وجعلا عدم مراعاة ذلك جريمة معاقب عليها .
5/أوجبا إخطار المقبوض عليه بسبب القبض عليه فور القبض عليه .
6/أوجبا إخطار محامي المقبوض عليه أو ذويه أو من يختاره المقبوض عليه فور القبض عليه .
7/كفلا حق المقبوض عليه في عدم الإدلاء بأقواله إلا في حضور محاميه .

فلو تم الالتزام بتلك النصوص ومن أبرزها وجوب تقديم من يقبض عليه للقضاء خلال 24 ساعة على الأكثر ومحاسبة كل من يتأخر عن تنفيذ ذلك وفقاً لقانون العقوبات باعتباره مخالفاً للقوانين لأدى ذلك لعدم بقاء المقبوض عليه فترة طويلة يتاح خلالها لضعاف النفوس ممارسة جريمة التعذيب في حقه .

لان في ابقاء المقبوض مدة مخالفة للقانون ووسيلة للاستمرار في تعذيبه لقسره على الاعتراف ووسيلة لإضاعة ملامح أثار التعذيب .

كما انه يجب على النيابة أن تمارس دورها الرقابي على السجون بحسب ما رسمه القانون بحيث تكون لها سلطة فعلية لا أسمية على القائمين عليها فكثيراً ما يمنع أعضاء النيابة من دخولها للتفتيش عليها من القائمين على السجون !!

كما انه يجب على النيابة عندما يحال عليها مقبوض عليه أن تباشر في البدء إجراءات التأكيد من مشروعية القبض والحبس والتزام جهات الأمن بمدة 24 ساعة فيما يخولها القانون من قبض وحبس دون أمر قضائي وهي حالة واحدة هي حالة التلبس فإذا ما تم الحبس أو القبض خلافاً للقانون فانه يجب مباشرة التحقيق مع المتسببين في ذلك وتقديمهم للمحاكمة .

ولكن للأسف تحول بعض أعضاء النيابة العامة في كثير من الأحيان إلى محللي للإجراءات الأمنية الغير صحيحة فيكتفون بما يحيله لهم الأمن من قضايا للتحقيق فيها مع المقبوض عليه بغض النظر عما مورس ضده من إجراءات مخالفة للقانون سواء من حيث التفتيش أو القبض أو الحجز .

بل يتجاهل المحققين شكاوى بذلك مكتفين في احسن الأحوال بالإفراج عن من يقبض عليه خلافاً للقانون دون ان يتصدون لمن قام بالقبض عليه خلافاً للقانون مع أن هذا الفعل يعد جريمة دستورية لا تسقط بالتقادم ومتعلقة بالنظام العام .

كما انه يجب على النيابة إهدار الإجراءات التي ترد بالمخالفة للقانون فيفترض ان لا تقبل أي استدلالات تمت بعد مرور 24 ساعة من الحجز دون إحالة إذا ما كان الحجز خلال 24 ساعة قانونياً وإلا أهدرت جميع الاستدلالات .

التزام جهات الأمن بإخطار ذوي المقبوض عليه او محاميه بالقبض عليه وتمكينهم من رؤيته وزيارته وعدم التحقيق معه الا في حضور محام عنه حيث يتعذر ممارسه التعذيب أمامه .

حظر الحبس الانفرادي والذي يكون غالباً لاجل الانفراد بالمقبوض عليه بما يسهل تعذيبه من ناحية ويكفل عدم اطلاع المساجين على تعذيبه او اثار التعذيب وانتقاء القائمين على السجون والاجهزة الامنية من العناصر الكفؤة الامنية الواعية باحكام الشرع والقانون وكذلك حظر منع الزيارة عن المقبوض عليه .

وردع من يثبت ممارسته للتعذيب او قبوله به او السكوت عنه بتقديمه للمحاكمة ومعاقبته باقصى العقوبات وفصله من الوظيفة العامة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي