لظاهرة الاندماج الأثر الواسع في تحقيق الأهداف الاقتصادية وعلى مجمل محاور الاقتصاد الدولي وهو يعد وسيلة دفاع بيد الكائنات الاقتصادية متوسطة المستوى والاندماج في مجال بحثنا يعتبر وسيلة للتركز الاقتصادي للشركات وهو أيضاً وسيلة تطوير للشركات اذ أن السعي للازدهار والثبات هو الطموح الأول للشركة فعملية الاندماج قد توفرها للشركة كما أن الاقتصاد اليوم نعدهُ ظرفاً مناسباً لنمو مثل هذه الظواهر القانونية فالاندماج يعد أحد ظواهر الاقتصاد الحر المعاصر وغدت التجمعات الاقتصادية وبمختلف ألوانها فيضاً لفكرة التطور الاقتصادي في الدول المتقدمة كما أن دعاة الاقتصاد وحرية التجارة يروجون لكل الوسائل التي من شأنها ربط اقتصاديات الدول وجعلها تسير وفق خط الرأسمالية العالمية المركزية المؤمركه. على كل حال فأن الذي يعني في هذهِ النقطة أن الاندماج باعتباره وسيلة قد تماثل الشركة القابضة في التجمع أو ربط الشركات ، ويعرف الاندماج بصوره عامة (هو ضم شركتين أو أكثر في شركة أخرى من شكلها القانوني ذاته أو من شكل أخر(1). ويعرف الأستاذ محسن شفيق الاندماج بالمعنى القانوني فناء شركة أو اكثر في شركة أخرى أو فناء شركتين أو اكثر أو قيام شركة جديدة تنتقل أليها ذمم الشركات التي فنيت(2). كما يجيز القانون الدمج وذلك وفق ما نصت عليه المادة (148) (يجوز دمج شركة أو أكثر بأخرى أو دمج شركتين أو أكثر لتكوين شركة جديدة)(3).

والاندماج هو الوسيلة التقليدية للتركز بين المشروعات الاقتصادية بمعنى الاتحاد (Reunion) بين شركتين أو أكثر وينص على ذلك القانون الفرنسي الصادر عام 1966 و تنص على نفس المعنى المتقدم اتفاقية روما للسوق الأوربية المشتركة في المادة (220 )(4). ولابد من الإشارة إلى أن الاندماج يكون أما بالضم أو بالمزج ووقوعه بين شركتين قائمتين تتوحدان ليصدر عنهما شركة تأخذ مكانتها في الحقوق والالتزامات مع فقدهما للشخصية المعنوية لتكوين الشركة الجديدة وهذا هو اثر الاندماج بالمزج حيث بانصهار الشركتين تشكلت الشركة الجديدة أما الصيغة الأخرى تكون باستغراق شركة لأخرى بحيث تتطور الشركة الدامجة بفناء الشركة المندمجة وبذلك يكون الاندماج من أسباب الانحلال بقوة القانون في هذهِ الحالة(5). والاندماج بالمزج يشكل أحد مصادر التبعية للشركة القابضة إذا كانت هذهِ الشركة طرفاً في الاندماج عبر أحد أطرافها لأخذ مواقع جديدة في الانشطة الإنتاجية أو التسويقية أو كليهما ، أن لم تكن تلك الشركة القابضة قادرة على الوصول أليها مباشرة. على الرغم من أن انصهار الشركة التابعة في الاندماج آلا أن المصلحة الكبرى للشركة القابضة وهي السيطرة على تلك الشركة من خلال الأطراف (الشركات التابعة)والاندماج بالمزج مصدر لا يرد ذكره من مصادر التبعية الأخرى رغم فعاليته ، أنه يولد شركة جديدة فعلية تتطلب إنشاء قواعد الشركات(6). أن الذي يعني الدراسة هو الاندماج الدولي (الذي ينشئ شركات ضخمة النشاط عن طريق ادماج فروع الصناعات والأنتاج بترتيب عمودي او أفقي(7))…. . ومن الأحرى القول أن الشركات المتعدية القوميات تستخدم الاندماج الداخلي (الوطني) للقضاء على المنافسات الصادرة من شركات الدول المضيفة ولأحكام السيطرة على السوق الداخلي(8). أي ان الاندماج الداخلي الذي يكون بين شركة وطنية تابعة أو وليدة لشركة أم أجنبية وشركة وطنية مستقلة في الدولة نفسها وتكون الشركة التابعة أو الوليدة هي الدامجة وتكون الشركة الوطنية المستقلة هي المندمجة ، وفي هذهِ الصور لاحظنا انقضاء الشركة المستقلة في الشركة التابعة أو الوليدة مع انتقال ذمتها المالية اما المساهمون فيصبحوا ضمن الشركة الدامجة(9)

. وقد نجد أن اندماجاً دولياً يحصل ولكن ليس الغرض منه ممارسة السيطرة أو التبعية وأنما لتركيز رؤوس الأموال لتدعيم المركز في السوق العالمية كما في اندماج شركة (دبلون) البريطانية وشركة (بيرلي)الإيطالية لمنافسة الشركات الأمريكية(10). ويجب أن نفرق هنا بين اندماج الشركات والتجمعات ذات الغاية الاقتصادية التي يتضح من تعريف المشروع الاقتصادي الذي يزاولونه كارتياد أسواق جديدة أو افتتاح مكاتب وغيرها واهم تمييز بين هذهِ التجمعات الاقتصادية والاندماج أن التجمعات تكفي لصحة انعقادها أن يكون من ضمن أطرافها شخص طبيعي ذي أهلية أما الأخر فلا تكون ضمنه آلا شركة لها شخصية معنوية مستقلة(11). ومن المهم الاشارة الى حالة أخرى لاتعد من قبيل الاندماج وهي حالة اكتساب شركة أسهم شركة أخرى دفعة واحدة (ENBLOC) ونتج عن ذلك تحقق الرقابة أو السيطرة ولو حصلت على تنازل من قبل تلك الشركة أو باتفاق الأجهزة الإدارية. وعلى ما تقدم نلاحظ الفرق بين أسلوب الشركة القابضة في السيطرة وتكوين أطرافها التابعة وبين الاندماج بحيث اتضح لنا أن الاندماج يتميز بوجود عقد يبرمه ممثلو الشركات المعنية يتضمن الشروط للاندماج وكذلك يمر العقد لتصديق الجمعية العمومية غير العادية لكل شركة لأن الاندماج يمس الطرفين من الشركات(12). ومن الملاحظ أن الأثر المترتب على الاندماج يختلف من حيث أن تنفيذ الدمج من جهة يعني انتهاء الشخصية المعنوية للشركة التي اندمجت بشركة أخرى أو الشركات التي اندمجت وكونت شركة جديدة وذلك من تاريخ الدمج(13). وعلى الرغم من أن الفقه الحديث يرى أن الشركة المندمجة لا تفقد شخصيتها المعنوية بدليل عدم التصفية بل ان الاندماج في مرحلة التصفية لا يؤدي إلى اقتسام الأرباح وأن فقد الشخصية المعنوية بالنسبة للغير فقط مع بقاء الشخصية في المحضن الجديد وهو الشركة الدامجة(14).

وعلى الرغم من هذا القول نجد أن واقع عملية الاندماج يذيب شخصية الشركة المندمجة في الشركة الدامجة مقابل مراكز الثقل الظاهرة من الشركات وأن نقل الذمة المالية للشركة أصولاً وخصوماً وهذا يعطي أن الشركة حُلت بغير تصفية حقيقية ومن المعروف أن من أثار الاندماج اتخاذ إجراءات التصفية ومنها عملية تقسيم وحساب نسبة تبادل الحصص(15). ومع ذلك فأن جانبا من القضاء الفرنسي يقول بانتهاء الشخصية المعنوية للشركة(16). ولا بد من الاشارة الى أن أغلب التشريعات الحديثة تعد الاندماج وسيلة من وسائل انحلال الشركات وانقضائها أن العديد من الشركات تذهب للاندماج لغايات اقتصادية مختلفة وهذا لا يعني مزية محددة لهُ عن غيرهُ فأغلب أسباب الاندماج تتمثل في محاولة التقوي على نشاطات الشركات في المجال الدولي أي الخارج عن حدود الدولة بينما أن هدف الشركة القابضة هو السيطرة على الشركات الأخرى وخلق التبعية للشركة القابضة والاندماج لا يولد التبعية وأنما يوجد شركة جديدة في حين أن الشركة القابضة مع الأطراف التوابع التي تسيطر عليها لا تمثل شركة واحدة بل شركات قائمة باستقلالها القانوني وشخصيتها المستقلة(17). يظهر لنا أن الشركة القابضة هي الوسيلة الناجحة لتكوين مراكز الاستقطاب الاستثماري واستقلال الوحدات التابعة لها يدعم هذا الشيء على عكس الاندماج اذ أن هضم الشركة الدامجة للشركة المندمجة يقلل من الفاعلية في الاستثمار وأسباب نعدها من عوائق الاندماج في كونه وسيلة للتركيز الاقتصادي هو الطبيعة العقدية للاندماج ، لزوم حصول موافقة اللجنة العمومية في الشركتين، عدم وجود قواعد تنظيمية لعمليات الاندماج الدولي حتى على مستوى التجمعات ذات الاتجاهات الموحدة الإقليمية كمجموعة السوق الأوربية. كما أن مبدأ الاندماج لابد أن يكون مقبولاً لدى الطرفين الدوليين (شركتين مختلفتي الجنسية) فمجرد وجود عقبة واحدة لا يتم مشروع الاندماج فعلى سبيل المثال التشريع الفرنسي لا يرتضي أن تتغير جنسية الشركة الفرنسية إذا كانت هي المندمجة وهو أمر لابد منه ويتطلب بالتالي وبعد هذهِ العقبة موافقة كل المساهمين في الشركة(18).

والإشارة تتضح لنا أكثر عن مدى صعوبة الاندماج الدولي في هذهِ المدة لأن الحقبة التاريخية من نشاط الاندماج الدولي كان داخلاً ضمن الإطار الاقتصادي لأن الاقتصاديين يطلقون هذا التعبير على أي تجمع حتى وان جرد عن التنظيم القانوني. وهذا التعبير بالنسبة لما أطلق عليه (موجة الاندماج )، كان أغلبها ضمن الإطار الداخلي وليس الدولي(19). بذلك نرى أنه على الرغم من مزايا الشركة القابضة لا تتطلب كل هذه الإجراءات القانونية فالشركة القابضة أداة سهلة للإدارة المتعددة للشركات من غير صعوبة في ذلك مع سهولة السيطرة من خلال الملكية الهرمية المتسلسلة كما ذكر في صعوبات الاندماج أن الشركة القابضة لا تواجهها صعوبة العوائق القانونية لربط الشركات من خلال النظام الداخلي للشركات أو القانون المحلي للشركة فمثلاً قد لا يكون لشركة فولاذ أن تنجم النحاس أو أن تقوم بالتكرير في حين يسمح للشركة القابضة بتملك أسهماً وسندات من خلال سوق الأسهم في حين لا يكون ذلك في الاندماج (20). ولابد من ذكر حقيقة أن الاندماج يمثل عبئا إدارياً على كاهل الشركة نتيجة لضخامة المشروع وتعاظمه من الصعب أن تتوافر له أداره جيدة ، أما الشركة القابضة فأن ادارتها اللامركزية تؤمن سهولة الإدارة عن طريق استقلال كل شركة تابعة بإدارة نفسها تحت أشراف الشركة القابضة (( الا انه بعض الشركات ادمجت من غير تشريع او تخويل اداري لها مع ان اغلب القوانين تحرم امتلاك رصيد شركه اخرى أي عن طريق تبعية الشخصيه في الواقع(21). ومن الاحرى القول ان هذه الصورة من الأندماج ربما من مصلحة التشريعات الرأسمالية عدم معالجتها بحكم سيطرتها . ومن المهم الاشارة الى ان صعوبة الاندماج وتعقيده تختلف بأنواعه المتعددة حيث ان اندماج الضم اذا كان بين شركة وطنيه واخرى اجنبية مركزها الرئيس في الخارج فأن هذا يؤدي الى زوال جنسيتها بسبب انتهاء شخصيتها المعنوية ، أما اذا كان الاندماج بالمزج فاحتفاظ الشركة بجنسيتها يتوقف على مكان تأسيس الشركة الجديدة فان كانت في الداخل تكتسب جنسية البلد الذي تكونت فيه وفقا لمركز الأدارة(22).

________________________

1- ينظر، مؤيد طوالبة ،تحول الشركات ، رسالة ماجستير ، بغداد ،1997، ص39.

2- ينظر د. محسن شفيق ، المشروع ذو القوميات المتعددة من الناحية القانونية ، مصدر سابق ،ص664.

3- قانون الشركات العراقي رقم 21 لسنة 1997(المعدل)

4- ينظر د محمد شوقي شاهين، الشركات المشتركة طبيعتها واحكامها، مصدر سابق،ص31،.

5- ينظر آلاء يعقوب النعيمي ، النظام القانوني لفروع الشركات الأجنبية، رسالة ماجستير، بغداد، 1997، ص194.

6- ينظر د محمد حسين إسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق ،ص56.

7- ينظر جورج الراسي ، مترجم ، الأشتراكية والشركات المتعددة الجنسية ، مطبعة الأديب البغدادية ، 1977 ،ص106 .

8- ينظر د حسام عيسى ،الشركات المتعددة القوميات ، مصدر سابق ،ص91.

9- ينظر د . عوني الفخري ، التنظيم القانوني للشركات متعددة الجنسية والعولمة ،مصدر سابق ، ص110.

10- المصدر نفسه، ص111.

11- ينظر د .محمد احمد محرز، اندماج الشركات من الوجهة القانونية دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية القاهرة ، مصدر سابق ص17

12- ينظر د .محمد احمد محرز، اندماج الشركات من الوجهة القانونية، مصدر سابق، ص28.

13- ينظر د. موفق حسن رضا ،قانون الشركات اهدافه اسسه مضامينه، مصدر سابق ، ص28،

14- ينظر د . محمد احمد محرز ، اندماج الشركات ، مصدر سابق، 230

15- المصدر نفسه، ص232 .

16- المصدر نفسه ،ص233.

17-ينظر د. محمد حسين إسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق ص42.

18- ينظر د .حسام عيسى، الشركات المتعددة القوميات، مصدر سابق ص93و94،

19- المصدر نفسه، ص97.

20 – ينظر د. محمد حسين إسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق ،ص44و45،

21- James Bonbright and Gardiner Means، The Holding Company; Its Public Significance and Its Regulation، NewYork: McGraw-Hill، 1932، p 4

22- ينظر د .حسني المصري، الجوانب القانونية لاندماج شركات الأستثمار في شركات مساهمة عادية ، ط1 ، 1986 ، ص113 .

المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص68-76.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .