ان التشريعات العربية لم تخرج عن إطار الفقه الإسلامي بصدد بيان المستحقين للتركة . وهذا ما يلاحظ على القانون المصري . إذ من خلال تصفح قانون المواريث المصري رقم 77 لسنة 1943 ، فانه يمكن القول ان المستحقين للتركة على وفق هذا القانون هم بحسب الترتيب الاتي :

1.اصحاب الفروض .

2.العصبة النسبية .

3.ذوو الرد ( الرد على غير الزوجين من اصحاب الفروض ) .

4.ذوو الارحام .

5.الرد على احد الزوجين .

6.العصبة السببية .

وهؤلاء هم مستحقون ورثة ، فان لم يوجد احد من هؤلاء ، كانت التركة للمستحقين غير الورثة على النحو الاتي:-

1.المقر له بالنسب على الغير .

2.الموصى له بأكثر من الثلث .

3.الخزانة العامة ( بيت المال ) (1).

وهذا ما يعني بطبيعة الحال ان كلاً من المقر له بالنسب والموصى له باكثر من الثلث وبيت المال وان كانوا من المستحقين لكنهم ليسوا ورثة ، وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية بصدد بيت المال (2). وقد سار القانون السوري على نفس المنوال بيد انه لم يجعل مولى العتاقة وعصبته ( العصبة السببية ) من بين درجات الاستحقاق ، ذلك ان الرق لم يبق له وجود لذلك فانه صرف النظر عنه من الترتيب السابق . وعموماً فانه يمكن تصنيف درجات المستحقين على وفق قانون الاحوال الشخصية السوري بحسب الترتيب الاتي :

1.اصحاب الفروض .

2.العصبات النسبية .

3.الرد على ذوي الفروض ما عدا الزوجين .

4.ذوو الارحام .

5.الرد على الزوجين عند عدم وجود ذوي الارحام .

6.المقر له بالنسب على الغير .

7.الموصى له بما زاد على الثلث .

8.الخزانة العامة ( بيت المال ) (3).

ولقد نهج قانون الاحوال الشخصية الاردني نفس النهج (4). ولا تكاد بقية القوانين العربية تخرج عن الإطار العام للموضوع. اما فيما يتعلق بقانوننا العراقي ، فالملاحظ ان المادة ( 74 ) من قانون الاحوال الشخصيه العراقي رقم 88 لسنة 1959 كانت تحيل الى القانون المدني ” المواد من 1187 ـ 1199 ” بصدد تعيين الورثه و تحديد انصبتهم في التركة ، وهي الاحكام الخاصه بانتقال حق التصرف بالاراضي الاميريه . ان هذه الاحكام كانت و بلا شك تختلف عن قواعد الميراث الشرعيه التي فرضتها و حددتها الشريعه المقدسه (5). و لهذا مالبث ان عاد الامر الى نصابه الشرعي بقانون التعديل رقم ( 11 ) لسنة1963 الذي الغى ذلك الحكم الشاذ اعتبارا من 8 / 2 / 1963 . فجاءت المادة ( 88 ) من قانون الاحوال الشخصية العراقي المعدل وحصرت الاصناف المستحقة للتركة ورتبتها بنصها على الاتي (( المستحقون للتركة هم الاصناف التالية :

1.الوارثون بالقرابة والنكاح الصحيح .

2.القرابة بالنسب .

3.الموصى له بجميع المال .

4.بيت المال )).

ويتضح من هذا النص ان الوارثين بالقرابة والزواج الصحيح على الرغم من تباين اصنافهم فانهم في المرتبة الاولى في استحقاق التركة ،وهؤلاء هم مستحقون ورثة ، ثم يأتي من بعدهم على التوالي :

((المقر له بالنسب ، والموصى لـــه بجميع المـــال او مــا زاد عن الثلث ، وبيت المال ( خزانة الدولة ) )، وهؤلاء هم مستحقون غير ورثة . اذا جئنا الى المرتبة الاولى المذكورة في المادة ( الوارثون بالقرابة والنكاح الصحيح ) وتساءلنا من هم هؤلاء ؟ لقد اوضحت المادة ( 89 ) من القانون المذكور ذلك بقولها ( الوارثون بالقرابة وكيفية توريثهم :

1.الابوان والاولاد وان نزلو للذكر مثل حظ الانثيين .

2.الجد والجدات والاخوة والاخوات واولاد الاخوة والاخوات .

3.الاعمام والعمات والاخوال والخالات وذو الارحام ).

ثم جاءت المادة ( 90 ) لتنص على الاتي :

( مع مراعاة ما تقدم يجري توزيع الاستحقاق والانصبة على الوارثين بالقرابة وفق الاحكام الشرعية التي كانت مرعية قبل تشريع قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 كما تتبع فيما بقي من احكام المواريث ) . وبناءاً على ما تقدم فانه يلاحظ ان المشرع العراقي كان قد تناول في المادة 89 الانواع الثلاثة من المستحقين للتركة من الورثة في الفقه السني ، وهم :

اصحاب الفروض ، والعصبات ، وذوو الارحام . كما انه تناول في نفس النص المراتب الثلاث الاولى للمستحقين للتركة ( من الورثة ) في الفقه الامامي ( الجعفري ) وهي مراتب الميراث بالقرابة . ويبدو للوهلة الاولى ان المشرع العراقي قد اخذ بتقسيم فقهاء الامامية القائم على اساس تقسيم الورثة المستحقين للتركة على ثلاث مراتب او طبقات اساسية ، فالتقسيم القانوني جاء كالتقسيم الفقهي للأمامية . بيد ان محكمة التميز العراقية لم تأخذ بهذا التفسير ، وذهبت إلى أن المشرع العراقي انما قصد بهذا النص ( م 89 )بيان المراد من الوارثين بالقرابة جملة ولم يقصد تقسيم الورثة الى طبقات بصورة مرتبة كل طبقة تحجب التي بعدها . حيث ذهبت محكمة التميز في أحد قراراتها الى نقض حكم محكمة الموضوع قائلةً بأن هذه المحكمة قد فهمت من نص المادة 89 انه تقسيمٌ قائم على اساس نظام الطبقات اذ جاء في هذا القرار ما يأتي : (( لقد جاء اتجاه المحكمة في تفسير المادتين يخالف نصهما الواضح . فقد ذهبت المحكمة على ما يظهر ان كل طبقة تحجب ما بعدها ، واستنتجت ذلك من بيان فقرات المادة التاسعة والثمانين بصورة مرتبة ، ومن الفقرة التي جاءت بصدد الماد التسعين . وهي ( مع مراعاة ما تقدم ) في حين ان ذلك لا يتفق مع قواعد التفسير التي يجب الرجوع اليها اذا اشكل نص او تناقض او وجد فيه تعقيد . وفي هذه الحادثة القضائية جاء العنوان للمواد الثلاث وهي ( 89 و 90 و 91 ) من التعديل بالتعبير التالي : ( الوارثون بالقرابة وكيفية توريثهم ) وذكرت اولى المواد من هم الاقرباء الذين يرثون . وبينت ثانيتها كيفية توزيع الاستحقاق والانصبة على من استحق الارث عن طريق القرابة وختمت ثالثتها المادتين ما تستحقه الزوجة من ارث زوجها . هذه هي عبارة النص في المواد الثلاث ، فذهاب المحكمة الى ان كل طبقة تحجب من دونها في المادة 89 معناه اضافة نص جديد وحكم مبتدئ والاستنباط باشارة النص أو دلالته لهذا المفهوم تحميل النص ما لا يتحمله ،على ان العطاء او الاستحقاق اذا كان يجب ان ينص عليه ليعطاه الوارث . فكذا الحرمان او الحجب يجب ان ينص عليه ليمنع عنه من تعلق حقه بالتركة عند تزاحم الورثة ) . ومما تقدم يمكن القول ان المستحقين للتركة في القانون العراقي سبعة ، وهي نفس الانواع المذكورة في الفقه الاسلامي بشكل عام ، ما عدا مولى العتاقة ( النعمة ) وعصبتة النسبية ، ومولى الموالاة او ضمان الجريرة ،وذلك لعدم وجود تطبيقٌ لها في الوقت الحاضر .

_________________

1- تنظر : المواد 8و16و30و31و39و41 .

2- اذ جاء في هذا الحكم ما يأتي : ( بيت المال وان عد مستحقاً للتركات التي لا مستحق لها ، فانه لا يعتبر وارثاً في نظر الشرع ، ولذلك فهو لا يصلح خصماً في دعوى الوراثة ) ، ينظر : الموسوعة الذهبية ، ص431.

3- تنظر : المواد ( 262 و 265 و 274 و 288 و 289 ) من قانون الاحوال الشخصية السوري .

4- تنظر : المادة ( 181 ) من قانون الاحوال الشخصية الاردني

5- و يكفيك لمعرفة مساوئ هذه النصوص ان تعرف انها قد ساوت في الميراث بين الذكر و الانثى خلافا للنصوص القرآنيه الصريحه القائله بالمبدا ” للذكر مثل حظ الانثيين ” ، و لقد بينا سابقا الحكمه من عدم التساوي هذه .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .