انتخابات المجالس المحلية في ظل الدستور المصري الجديد: دراسة نقدية

د. هشام عبد السيد الصافي محمد بدر الدين

مدرس القانون العام بكليتي الحقوق جامعتي حلوان وبنها (مصر).
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
ملخص:

تعد الانتخابات الوسيلة التي ارتضتها كافة شعوب العالم لتعبر بها عن فكرة أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات، وكلما كانت نتائج الانتخابات معبرة عن آمال وطموحات الشعب، كلما كانت نزيهة. ونظرا لأن الانتخابات تتعدد في أنظمتها وصورها ولما كان من صور هذه الانتخابات هي الانتخابات المحلية والتي تعد العمود الأساسي الذي يستند إليه أي نظام سياسي في بناء وتطوير دولته، وبالتالي تعكس هذه الانتخابات إذا تمت بنزاهة مدى نجاح أو فشل النظام السياسي بالدولة في تحقيق ما يصبو إليه الشعب.

Abstract:

The elections are the means by which all the peoples of the world have come to express the fact that the people are the sovereign and the source of the authorities, and the more the results of the elections reflect the hopes and aspirations of the people, the more honest they are and the elections are numerous in their systems and images. Is the main pillar on which any political system is based on the building and development of its state, and thus reflects these elections if the success or failure of the political system of the state is achieved fairly in achieving what the people aspire to.

مقدمة:

تعد الإدارة المحلية صورة من صور التنظيم الإداري للدولة يتم فيها انتزاع وسحب بعض الاختصاصات من السلطة المركزية التي تتمتع باختصاصات عامة على كل أجزاء إقليم الدولة وإعطاء هذه الاختصاصات إلى سلطة إدارية لا تتمتع باختصاصات عامة شاملة لكل إقليم الدولة، وإنما تمارس اختصاصا إقليميا أقل اتساعا ” محددا محليا”، ويتم تشكيل مجالس إدارة الوحدات الإدارية اللامركزية عن طريق الأخذ بأسلوب الانتخابات كضمانة هامة وأساسية لتحقيق استقلال تلك الوحدات تجاه السلطة الإدارية المركزية، ومنه تستطيع إدارة مصالح هذه الوحدات بشكل مستقل عن الحكومة المركزية، ولعل ذلك هو السبب في استخدم البعض اصطلاح الحكم المحلي كمرادف لمصطلح الإدارة المحلية حيث يشارك السكان المحليون في إدارة شؤونهم المحلية عن طريق مجلس منتخب منهم؛ إلا أن مصطلح الحكم المحلي قد يوحي لمتلقيه أنه أمام دولة مركبة أو فيدرالية، وأننا أمام دولة أخرى لها حكوماتها وتشريعاتها وقضاؤها المستقل، وهو خلط غير صحيح فالإدارة المحلية هي شكل من أشكال اللامركزية الإدارية هدفه الأساسي هو تحقيق الديمقراطية في الإدارة وتأكيد حق الشعب في أن يحكم نفسه بنفسه، وتخفيف عبء الإدارة عن الإدارة المركزية في العاصمة، الأمر الذي سيساعد بلا شك في تقريب المسافة بين الشعب وبين السلطة المركزية وحدوث تعاون بينهما([1]).

وبالتالي يتحقق تخفيف العبء الإداري على السلطة المركزية، كما يتم تحقيق الديمقراطية الإدارية وذلك عن طريق تقريب المسافة بين الشعب وحكامه، ومما لا شك فيه أنه لنجاح ذلك لابد من أمرين الأول: منح الهيئات الإقليمية المنتخبة أكبر قدر ممكن من الاختصاصات الإقليمية، وذلك من خلال تحديد اختصاصات السلطة المركزية علي سبيل الحصر في القانون اتجاه ما هو محلي” إقليمي”، و الثاني : وجود رقابة من السلطة المركزية على الهيئات الإقليمية المنتخبة بما يحقق الانسجام والترابط في النشاط الإداري للوحدات الإدارية المختلفة للدولة على أن تقوم الرقابة على أساس التعاون والتساند، فإن ديمقراطية الإدارة المحلية تقتضي لكي ينجح في تحقيق أهدافه تشكيل الهيئات المحلية عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة، من أبناء أقاليم هذه الهيئات ودون تدخل من السلطة الإدارية المركزية في هذا التشكيل، مع إطلاق يدهم في ممارسة اختصاصاتهم في إدارة شؤونهم الإقليمية طبقا للظروف الخاصة بأقاليمهم وحاجات أفرادها.

أهمية البحث: اهتمت الدساتير المصرية المتعاقبة على إيراد نصوص مستقلة بها تتحدث فيها عن الإدارة المحلية متعرضة في بعضها إلي كيفية تشكيل المجالس المحلية ذاكرة ومحددة الانتخاب كوسيلة لذلك التشكيل فقد نصت المادة (162) من دستور 1971 على أن ” تشكل المجالس المحلية تدريجيا علي مستوى الوحدات الإدارية عن طريق الانتخاب المباشر.”، وهو ما أكد عليه قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 في المادة (75) مكرر بالنص على “انتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية على اختلاف مستوياتها عن طريق الانتخاب المباشر السري العام”.

إلا أنه على الرغم من النصوص الدستورية والقانونية الخاصة بتشكيل المجالس المحلية عن طريق الانتخاب إلا أن هذه الانتخابات كانت تزور ولا تأتى إلا بممثلين عن السلطة المركزية من أعضاء الحزب الحاك، ونظرا لأن الدستور المصري الحالي الصادر عام 2012 والمعدل لعام 2014 جاء بعد ثورتين هما: ثورة 25 يناير 2011 ، 30 يونيو 2013 فقد أهتم المشرع الدستور بنظام الإدارة المحلية اهتماما كبيرا وظهر ذلك بإفراده للعديد من النصوص المتعلقة بهذه الإدارة والتي منها ما يضع كافة الأسس الحاكمة لكيفية تشكيل المجالس المحلية واختصاصاتها، ويرجع ذلك أغلب الظن إلى أنه أراد أن يتوقى ترك ذلك للتشريع العادي حتى يتجنب سهولة التعديل التي يسمح بها التشريع العادي، فأراد لهذه الأسس الثبات النسبي لصعوبة تعديل الدستور بالنسبة للتشريع العادي، حيث أن النصوص الدستورية – وتلك غاياتها – لا يمكن أن تكون مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها، وإنما قواعد ملزمة لا يجوز تهميشها أو تجريدها من آثارها من خلال تحوير مقاصدها أو الإخلال بمقتضياتها أو الإعراض عن متطلباتها، فيجب دوماً أن يعلو الدستور ولا يعلى عليه وأن يسمو ولا يسمى عليه .

كما أن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً متماسكاً، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيماً مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي([2]).

الهدف من البحث: وضع تصور قانوني كامل للكيفية والطريقة التي يمكن أن تشكل من خلالها المجالس المحلية المصرية بشكل يحقق ما ورد بالدستور الحالي دستور 2014 من شروط موضوعية حاكمه لذلك التشكيل.

منهج البحث: اقتضت دراستي هذه اتباع عدد من المناهج البحثية منها المنهج التاريخي: للوقوف على التطور التشريعي في طريقة تشكيل المجالس المحلية المصري والإجراءات المتبعة في ذلك، والمنهج التحليلي: للتركيز علي شرح النصوص الدستورية والقانونية الحاكمة لتشكيل المجالس المحلية وإجراءات ذلك التشكيل، من خلال أراء الفقه وأحكام القضاء.وسنحاول في هذاالبحثإلقاء الضوء حول هذه الأسس وتقديرها مع توضيح فكرة الشخصية الاعتبارية للمحليات وذلك في أربعة مباحث كالآتي:

المبحث الأول: الدستور والشخصية الاعتبارية للوحدات المحلية.

المبحث الثاني: الطريقة الدستورية لتشكيل المجالس المحلية.

المبحث الثالث: الشروط الدستورية لتشكيل المجالس المحلية.

المبحث الرابع:النظام الدستوري لتشكيل المجالس المحلية في الميزان.

المبحث الأول: الدستور والشخصية الاعتبارية للوحدات المحلية

نشأت فكرة الشخص الاعتباري من الناحية القانونية نتيجة أن الإنسان لم يعد بمفرده قادرا على أن يحقق خيره وخير الجماعة ككل ولذلك كان من الضروري أن توجد إلى جوار الفرد كائنات اجتماعية يفنى فيها وتسمو الجماعة فوقه، وهذه الجماعات قادرة على القيام بأعمال ضخمة يعجز عن القيام بها الفرد ذي القدرة المحدودة والأجل الموقوت، ومن هنا نشأ إلى جانب الشخص الطبيعي ما يسمى بالشخص الاعتباري، والذي يشكل شخصا قانونيا مستقلا عن الأفراد المكونين له ، مما يسمح له بتحقيق مصالح الأفراد المكونين له المتعددين والمتغيرين في إطار من الوحدة والاستمرار([3]).

وقد اشترط القانون عدداً من الشروط اللازمة لوجود الشخص المعنوي، وبتطبيق هذه الشروط على الوحدات المحلية نجد أنها مرافق عامة إقليمية تباشر نشاطها في جزء محدد من إقليم الدولة ، وأن ما تتولاه من مصالح لا يدخل في عداد المصالح القومية ، وهي تنشأ بمقتضى قانون، أو بمقتضى تفويض دستوري للسلطة الإدارية لإنشائها([4])، فالركن الأول للامركزية الإدارية هو قيام شخص قانوني عام يقوم على مصالح ذاتية ومستقلة للوحدة اللامركزية إقليمية كانت أو مرفقية، فإن الاعتراف بوجود هذه المصالح الذاتية والمستقلة يكون دون قيمة تذكر ما لم تتحقق وسائل وضع هذه المصالح في الاعتبار، وترسم لها طريق حمايتها([5])، وسنحاول توضيح هذه الشروط في الآتي:

الشرط الأول:وجود مجموع معين من الأشخاص أو من الأموال:

يمكن استنباط توافر هذا الشرط في الوحدات المحلية، حيث تعرف الإدارة المحلية بأنها ذلك الأسلوب من أساليب التنظيم الإداري ، والذي يقوم على أساس توزيع جانب من الاختصاصات الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة والوحدات الإقليمية ذات الشخصية الاعتبارية، وبمقتضى هذا الأسلوب يقسم إقليم الدولة إلى وحدات إقليمية محددة ذات شخصية اعتبارية ، ويقوم على إدارة كل وحدة مجلس محلي منتخب، على أن تخضع هذه المجالس لإشراف السلطة المركزية ورقابتها([6])، فهي نظام اجتماعي يهدف إلي زيادة كفاءة أداء النظام الإداري في اضطلاعه بالوظائف الإضافية غير التقليدية المرتبطة بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع([7])، فهي إذاً تتعلق بإدارة كافة شؤون مجموعة من مواطني الدولة يعيشون في مساحة معينة من أرض ذات الدولة.

الشرط الثاني: وجود غرض مشترك

يلزم لقيام نظام الإدارة المحلية وجود مصالح محلية خاصة بإقليم معين من أقاليم الدولة لا تهم جميع المواطنين في الدولة بقدر ما تهم أبناء إقليم بذاته، مما يقتضي أن يتولوا هم بأنفسهم إدارة شئونهم، وتنشأ هذه المصالح المحلية المتميزة نتيجة لارتباط مصالح مجموعة من الأفراد تقطن إقليما جغرافيا معينا، بحيث يؤدي هذا الارتباط في المصالح إلى خلق نوع من التضامن الاجتماعي بينهم، وإلى الاعتراف من الدولة بأن لهذه المصالح طابعا محليا يجعل تأثيرها على الجماعة المحلية أقوى من تأثيرها على الوطن ككل([8])، ويُجمع الفقه على أن أهداف الإدارة المحلية ووظائفها تتبلور في الآتي([9]):

الوفاء باحتياجات السكان المحلية بتوفير الخدمات الأساسيةوحل مشاكلهم فيما يتعلق بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية.
خلق نوع من التعاون بين الحكومة المركزية والمحليات بصورة تؤدي إلى زيادة رفاهيةالسكان المحليين من ناحية وزيادة الرفاهية القومية من ناحية أخرى.
تحفيز الطاقات المحلية وتجميعها لدفع عملية التنمية على المستوى المحلي بالإضافة إلى المساهمة في حل القضايا القومية عن طريق خلق إطار يتم بمقتضاه مساهمة السكان في حل المشاكل المحلية ومن ثمّ القومية.
العمل على تقليل الفوارق بين المواقع الجغرافية المختلفة من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية، هذا بالإضافة إلى الدفاع عن المصالح المحلية وضمان التوزيع العادل للموارد والمخصصات المالية للمحليات على المستوى المركزي.
الإدارة المحلية تعمل كمدرسة لتدريب القيادات السياسية على إدارة المجتمع.
العمل على تطبيق الأسلوب الديمقراطي القاضي بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق ممثليه في المجالس الشعبية المنتخبة في ظل ظروف كل مجتمع من المجتمعات المحلية.
الشرط الثالث : الاعتراف القانوني للوحدات المحلية بالشخصية المعنوية

بتوافر الشرطين السابقين لا تكتسب الوحدة المحلية الشخصية المعنوية، بل يلزم أن تعترف الدولة لهذه الوحدات بالشخصية القانونية وهو ما يطلق عليه جانب من الفقه ” التشخيص القانوني” ، فبغير الاعتراف للوحدات اللامركزية بالشخصية القانونية، لا يقوم النظام اللامركزي، ولا تستطيع الوحدة المحلية اتخاذ أي قرار نهائي يخص شؤونها لانعدام الأهلية القانونية لذلك([10])، فالاعتراف القانوني بالشخصية المعنوية لوحدات الإدارة المحلية ما هو إلا نتيجة منطقية للاعتراف باستقلالها وبوجود مصالح محلية خاصة بها([11]).

واتجه المشرع الدستوري في مصر نحو الاعتراف بالوجود القانوني للوحدات المحلية بداية من القانون النظامي رقم 22 الصادر في 13/9/1909 والذي جاء في فقرته الأخيرة من المادة الأولى ناصا على الآتي” … تعتبر مجالس المديريات المشكلة كما تقدم أشخاصا معنوية، ويكون المدير نائبا عن المجلس بهذه الصفة في استعمال ما له من السلطة وفي أداء ما عليه من الواجبات مما يدخل في دائرة اختصاصه”، وهي ذات الصيغة الواردة في المادة 44 من القانون النظامي رقم 29 لسنة 1913.

ولقد أخذ الفقه على هذه الصيغة أنها اعترفت بالشخصية المعنوية لمجلس المديرية دون المديرية ذاتها، وهو خلط بين الشخص المعنوي والهيئة أو العضو الذي يمثله([12])، ثم جاء دستور 1923 لينص في المادة 132 منه صراحة على اعتبار المديريات والمدن والقرى أشخاصا معنوية أو اعتبارية عامة تمثلها مجالس المديريات ومجالس المدن ومجالس القرى. كما نص الدستور على أن تبيّن القوانين كيفية تشكيل هذه المجالس المحلية المختلفة وتحدد اختصاصاتها وعلاقتها بالجهات الحكومية، و أن يكون اختيار أعضاء تلك المجالس بالانتخاب أساسا، وأن لا يكون تعيين هؤلاء الأعضاء إلا على سبيل الاستثناء وفي حدود القانون، وقد جعل اختصاص هذه المجالس بكل ما يهم أهل المديرية أو المدينة أو القرية مع عدم الإخلال بقاعدة ضرورة اعتماد أعمال تلك المجالس من السلطة المركزية في الأحوال المبينة في القوانين وعلى الوجه المقرر لها، أي أن الدستور قد جعل الانتخاب هو الوسيلة الأساسية لاختيار أعضاء تلك المجالس المحلية، ثم جاء القانون رقم 24 لسنة 1934 والقوانين المعدلة له ليؤكد على استقلالية المجالس المحلية من خلال غلبة الأعضاء المنتخبين.

وبعد ثورة 23 يوليو 1952 تم إلغاء دستور 1923 ، وصدر إعلان دستوري يحدد قواعد تنظيم السلطة خلال فترة الانتقال التي استمرت إلى ثلاثسنوات، هذا الإعلان الذي لم يرد فيه أي ذكر للإدارة المحلية، كما فقدت فيه الوحدات المحلية الحماية الدستورية التي كانت مقررة طبقا لدستور 1923، ثم صدور دستور 1956 والذي أفرد لموضوع الإدارة المحلية عشر مواد تبدأ من المادة 157 منه حتى المادة 166 منه، حيث جاءت المادة (157) منه لتقرر أن” تقسم الجمهورية المصرية إلى وحدات إدارية، ويجوز أن يكون لكل منها أو لبعضها الشخصية الاعتبارية وفقا للقانون”.

ثم جاءت المادة (158) منه لتؤكد على أن” يمثل الوحدة الإدارية ذات الشخصية الاعتبارية مجلس يُختار أعضاؤه بطريق الانتخاب، ومع ذلك يجوز أن يشترك في عضويته أعضاء معينون علي الوجه المبين في القانون”، وقد قارن الفقه بين نصوص دستور 1923، 1956 المنظمة للمحليات فظهر الآتي:” على الرغم من أن الدستور الأخير يكشف من الناحية الكمية على الأقل عن جدية ووضوح اهتمام واضعي الدستور بالمحليات ؛ إلا أنه يؤخذ عليه أنه أغفل تحديد فئات الوحدات المحلية مما يترك المجال فسيحا للمشرع ليقرر أنواعها وينشئ أو يلغي ما يشاء منها هذا من جانب ، ومن جانب آخر لم يتطلب الدستور الأخير ضرورة تمتع الوحدات المحلية بالشخصية القانونية، مما يكون معه منحها الشخصية القانونية بيد المشرع العادي الذي له منحها أيها أو لجزء منها أو حجبها عمن يشاء منها”([13]).

وقد صدر تطبيقا له القانون رقم 124 لسنة 1960 في شأن نظام الإدارة المحلية والذي تمّ تعديله أكثر من مرة ، ثم جاء دستور1958 ، 1964 ليكرسا ما كرسه الدستور السابق، ثم جاء دستور 1971 لينص في المادة (161) منه على أن” تقسم جمهورية مصر العربية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات والمدن والقرى ، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك”، وتنص المادة (162) منه على أن” تشكل المجالس الشعبية المحلية تدريجيا على مستوى الوحدات الإدارية عن طريق الانتخاب المباشر، على أن يكون نصف أعضاء المجلس الشعبي على الأقل من العمال والفلاحين، ويكفل القانون نقل السلطة إليها تدريجيا. ويكون اختيار رؤساء ووكلاء المجالس بطريق الانتخاب من بين الأعضاء”.

وقد صدر القانون 57 لسنة 1971 في شأن الحكم المحلي ليترجم نصوص الدستور وينقلها للتطبيق العملي؛ إلا أنه ونظراً لكثرة ما حوته نصوصه من ثغرات وغموض وما أظهره التطبيق العملي له من متناقضات أُلغي هذا القانون وصدر قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته([14])، ثم جاء دستور 2012 بالنص في المادة (183 )على أن”تقسم الدولة إلى وحدات إدارية محلية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتشمل المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى؛ ويجوز أن تضم الوحدة الواحدة أكثر من قرية أو حي، وأن تنشأ وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية؛ وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون، بما يكفل دعم اللامركزية، وتمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق والخدمات المحلية، والنهوض بها، وحسن إدارتها”، وقد جاء تعديل ذلك الدستور عام2014 لينظم الإدارة المحلية في تسع مواد فنص في المادة (175) منه على أن” تقسم الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات، والمدن، والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. ويراعى عندإنشاء أو إلغاء الوحدات المحلية أو تعديل الحدود بينها الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون” والذي نرى معه أن هذه المادة أكثر توفيقا في الصياغة من نص المادة المعدلة في دستور 2012 ، لكونه لم يحدد الوحدات المحلية بالتفصيل كما ورد في دستور 2012 بل تكلم عما هو متعارف عليه تاركا المجال مفتوحا أمام السلطة التنفيذية لإنشاء ما تراها موافقا لاحتياجات الإدارة اللامركزية.

ونستخلص من العرض التاريخي السابق لنصوص الدساتير المصرية المختلفة نهاية بالدستور الحالي الصادر عام 2014، وقوانين الإدارة المحلية المختلفة المنظمة للإدارة المحلية وغيرها من القوانين، أنها انتهت إلى تقسيم جمهورية مصر العربية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ، وهذا التقسيم ليس تقسيما حصريا ، وإنما ترك المشرع الدستوري للمشرع العادي إمكانية إنشاء وحدات إدارية أخرى أو إلغاء وحدات قائمة أو تعديلها، وقد قام قانون الإدارة المحلية 43 لسنة 1979 والمعدل بالقانون 145 لسنة 1988 بتقسيم وحدات الإدارة المحلية في مادته الأولى إلى خمس مستويات: المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى، وجميعها يتمتع بالشخصية المعنوية، وهذه الوحدات ترتبط مع بعضها في علاقة رأسية في شكل تسلسلي هرمي الأبعاد، وتتماثل الوحدات المحلية التي في مستوى واحد أو من نوعية واحدة، ويتم إنشاء تلك الوحدات وتحديد نطاقها وإلغائها على النحو الآتي : المحافظات بقرار جمهوري، المراكز والمدن والأحياء بقرار من رئيس مجلس الوزراء، القرى بقرار من المحافظ، وفي الحالتين الأخيرتين يجب أخذ موافقة المجلس الشعبي للمحافظة([15]).

النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية

يترتب عدد من النتائج القانونية على منح وحدات الإدارة المحلية الشخصية المعنوية و يمكن رصد ذلك في النقاط الآتية ([16]):

أن يكون هناك من يعبر عن إرادة الشخص المعنوي، وعادة ما يعهد بذلك إلى مجلس محلي يضم ممثلين عن أبناء الإقليم يتولون التعبير نيابة عنهم والتصرف طبقا لمصالحهم ([17]).
يقتضي الاعتراف بالشخصية المعنوية للوحدة المحلية أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة الدولة، أي تكون أموالها متميزة عن أموال الإدارة المركزية وعن أموال الوحدات المحلية الأخرى، وبالتالي فلا يجوز لإحداها استعمال أموال الأخرى أو التصرف فيها بدون موافقتها.
أن يكون للوحدة المحلية صلاحية التحمل بتحقيق الواجبات واكتساب الحقوق، مما يعنى أن يكون للوحدة المحلية حق التملك وإبرام العقود وقبول الهبات والوصايا وحق التصرف في أموالها.
أن تكون الوحدة المحلية أهلا للتقاضي سواء كمدعي أو مدعى عليه، سواء قبل الغير أو قبل الدولة والوحدات المحلية الأخرى ([18]).
يقتضي منح الوحدة المحلية الشخصية المعنوية أن يكون لها جهازاً إدارياً خاصاً بها، مستقلا عن الجهاز الإداري للدولة، مع إضفاء صفة الموظف العام على موظفي الإدارة المحلية، وخضوعهم للقوانين المنظمة لشئون الوظيفة العامة.
تنقضي الشخصية المعنوية للوحدات المحلية بنفس الأداة التي نشأت بها أو بأداة أعلى.
المبحث الثاني: الطريقة الدستورية لتشكيل المجالس المحلية

يتحقق استقلال الهيئة المحلية بتفتيت وتوزيع سلطات وامتيازات الوظيفة الإدارية في الدولة بين السلطات الإدارية المركزية والسلطات الإدارية اللامركزية، وذلك بتشكيل مجالس إدارة محلية عن طريق الانتخاب، تقوم بإدارة المصالح المحلية الإقليمية أو المصلحية، ويكون لها سلطة البث النهائي واتخاذ القرارات المتصلة بالمصالح المحلية، مما يجسد مبدأ ديمقراطية الإدارة([19]).

فالاعتراف بالشخصية المعنوية للمجالس المحلية لا يعتبر كافيا، فلابد من وجود هيئات محلية منتخبة تنوب عن السكان المحليين في إدارة شؤونهم التي اعترف المشرع بها “، ولما كان من المستحيل على جميع أبناء الأقاليم أو البلاد أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة فإنه من المتعيَّن أن يقوم بذلك من ينتخبونه نيابة عنهم، ومن ثمَّ كان الانتخاب هو الطريقة الأساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام الإقليمي([20])، ويختلف تشكيل المجالس المحلية من دولة إلى أخرى، أو بالأحرى من نظام قانوني لآخر وأحيانا من قانون لآخر؛ إذ تنوعت بين التعيين، أو الانتخاب، أو الجمع بينهما، فإذا تم تشكيل المجالس المحلية بالانتخاب فقط فليس للسلطة المركزية أن تعين أي عدد لعضوية هذه المجالس فإننا نكون بصدد نظام لا مركزي كامل أو ما يسمونه اللامركزية المطلقة، أما إذا كان تشكيل هذه المجالس بالتعيين وحده ، فهنا نكون أمام نظام يقع خارج أسلوب اللامركزية تماماً، أما إذا اعتنق النظام أسلوبا مختلطا، بأن كان المقرَّر أن يقوم الناخبون بانتخاب عدد من أعضاء المجلس المحلي، وتقوم السلطة المركزية بتعيين العدد الباقي فإننا نكون أمام لا مركزية ناقصة أو لا مركزية نسبية، وبقدر نسبة عدد الأعضاء المعينين في المجلس بقدر ما يكون بعده عن الأسلوب اللامركزي، واقترابه من الأسلوب المركزي([21]).

تشكيل المجالس المحلية في ظل دستور 2014: أغلب دول العالم الآن تتبنى الأسلوب الأول وهو اختيار جميع أعضاء المجالس المحلية عن طريق الانتخاب من جانب الناخبين المحليين أنفسهم، وهو ما أخذ به الدستور المصري الحالي بالنص في المادة (180) منه على أن” تنتخب كل وحدة محلية مجلساً بالاقتراع العام السري المباشر لمدة أربع سنوات،..”([22]).

” فالمشرع قرر في إفصاح جهير بأن يتم تشكيل المجالس الشعبية المحلية على مستوى كل وحدة من وحدات الإدارة المحلية عن طريق الانتخاب المباشر السري العام. يجري هذا الانتخاب وفق القواعد والضوابط والإجراءات والضمانات التي حوتها نصوص قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 73 لسنة 1956″([23])، حيث تعد الانتخابات هي الوسيلة التي ارتضتها شعوب العالم كوسيلة لتداول السلطة حيث تعبر الانتخابات بشكل واضح عن حق أساسي للمواطنين وهو حقهم في المشاركة في عملية صنع القرار من خلال انتخاب ممثليهم([24])،”فالمشرع رغبة منه في تثبيت دعائم الديمقراطية. وتأكيد المشاركة الفعالة للمواطنين في شؤون الحكم أوجب أن يكون تشكيل المجالس الشعبية المحلية على اختلاف مستوياتها عن طريق الانتخاب المباشر السري العام”([25]).

وهو ما يعد تأكيدا من المشرع الدستوري على ما قرره المشرع العادي والقضاء الإداري، ونادى به أغلب الفقه المصري على مدار تاريخ الإدارة المحلية الحديثة، من ضرورة تقرير نظام الانتخاب لتشكيل المجالس المحلية لكون ذلك ركنا أو عنصرا من عناصر اللامركزية الإدارية الإقليمية، مستندا في ذلك للأسباب الآتية([26]):

الإدارة المحلية تقوم على إدارة المصالح المحلية بواسطة أشخاص يدركون طبيعة هذه المصالح ويتأثرون بها ،الأمر الذي يتعين معه أن تكون الهيئات المحلية التي تشرف على إدارة هذه المصالح هيئات منتخبة.

إن وجود الأعضاء المنتخبين يحول دون أن تمارس السلطة المركزية ضغوطا عليهم، حيث إن ولاءهم للجماهير التي هي مصدر سلطتهم ووجودهم وليس للسلطة المركزية، وذلك علي عكس الوضع في حالة تعيين الأعضاء حيث يكون ولاءهم مزدوجا ومتحيزا للسلطة المركزية التي أتت بهم، ولذلك فإن انتخاب أعضاء المجالس المحلية ضروري لدعم استقلال السلطات المحلية في مواجهة السلطة المركزية، فضلا عن أن الأعضاء المنتخبين يدينون لجمهور الناخبين ويلتزمون برعاية مصالحهم وتلبية حاجاتهم تحت رقابتهم وإشرافهم، فإذا أساءوا تمثيل هذه المصالح ينتخب الأهالي غيرهم في الدورة التالية، ولا تتيسر فاعلية رقابة الأهالي ما لم يكن المجلس منتخبا من بينهم وبواسطتهم.

إن أسلوب الانتخاب يعمل على تجديد الدم في المجالس المحلية باستمرار وهذا ما يشكل أهم الدعامات الديمقراطية التي تهدف دائما إلى تحقيق الإرادة الجماهيرية وتوسيع رقعة ممثليها وتجددها حتى لا يحدث خلل في جهاز التوازن الديمقراطي.

أن الإدارة المحلية تعتبر امتداد للديمقراطية السياسية على نطاق محلي، فتدريب الشعب علي تحمل مسئولياته وتقدير حاجاته وتكوين رأي عام محلي يرتبط بالرأي القومي يقوى بنيان حاجاته وتكوين رأي عام محلي يرتبط بالرأي القومي يقوى بنيان المجتمع وتماسكه وكل ذلك لا يتحقق إلا عن طريق أسلوب الانتخاب.

إن مبدأ الانتخاب يوفر العناصر التي تكون أقدر من غيرها على تفهم المصالح المحلية والتأثر بها والاستجابة لها؛ لأن هذه العناصر تكون من أبناء الوحدة المحلية الذين يعايشون قضاياها اليومية باستمرار.

إن أسلوب الانتخاب يحقق مبدأ إرادة الشعب لنفسه عن طريق اختيار ممثليه من أبناء الأقاليم أو البلدة ليشرفوا على مصالح من يهمهم، وهذا بالطبع يخلق الحافز الهائل لدى الجماهير لتقديم كافة مساعداتها ولتساهم في برامج المساعدة الذاتية، الأمر الذي يسارع في عملية التنمية، كما أنه يقلل من مقاومة الجماهير لأية تغييرات تقوم بها السلطات المحلية من أجل تحسين نظام سير العمل طالما أن هذه السلطات منتخبة من جانب هذه الجماهير.

وعلى الرغم من تبني المشرع الدستوري لتشكيل المجالس المحلية بالانتخابات لتحقيق استقلال المجالس المحلية عن السلطة المركزية؛ إلا أن هناك جانبا من الفقه يرى أن تحقيق استقلال المجالس المحلية لا يتوقف على تشكيلها بالانتخابفقط، وإنما تحققه بصفة أصلية بضمانات حقيقية دستورية وقانونية إذا تحققت تحقق الاستقلال، سواء تشكلت المجالس بالانتخاب أو بالتعيين أو بهما جميعا.

وإذا فقد النظام هذه الضمانات الرئيسية فقدت معها هذه المجالس استقلالها وسواء كانت مشكلة بالانتخاب أو بالتعيين أو بهما جميعا، فالبحث في مشكلة تشكيل المجلس بالانتخاب باعتبار أن ذلك هو الفيصل في الاستقلال، يدخل في باب فرض حكم الجزء على الكل وهو أمر غير مقبول فتشكيل المجالس المحلية جزء من العملية الإدارية، وهو مرحلة من مراحلها العضوية، من شأنها أن تبدأ بها العضوية، لكن العضوية بعد أن تبدأ سواء بالانتخاب أو بالتعيين تستمر في التعامل والتفاعل مع السلطة المركزية، فإن لم يتحقق لهذه العضوية وسائل استقلالها بعد أن تتولى عملها وتباشر وظيفتها بالمجالس اللامركزية، فإنه لا فاعلية بوسيلة التشكيل أيا كان شكلها أو أداتها أو وسيلتها([27])، بل يمكن أن يترتب على أسلوب الانتخاب عدم تحقيق نمو وتطور الأقاليم في داخل الدولة، وذلك إذا لم تتوافر التخصصات المطلوبة في الأقاليم وإذا لم تمارس الانتخابات في ظل وعي سياسي متطور، وتكون منارة الناخب والممثل له محليا تحقيق المصلحة العامة، وهذا الأمر قد يتخلف في كثير من دول العالم الثالث([28])، فإذا انخفض معدل الأمية والعصبية القبلية في المجتمع وأصبح المواطن حريصا على أداء حقه الانتخابي أمكن الأخذ بمبدأ الانتخاب المباشر؛ أما إذا لم يتحقق ذلك فإن الجمع بين مبدأي الانتخاب والتعيين يعدُّ أمراً ضرورياً لاستكمال الخبرة الفنية الهاربة من وجه التعصب ولتحقيق الاستقلال المطلوب([29]).

الاقتراع العام وتشكيل المجالس المحلية: يقصد بالاقتراع العام ” الاقتراع الذي يسمح بالتصويت لكل الناس دون أن يستبعد أحد بسبب ثروته أو دخله أو مولده أو أصله أو تعليمه أو جنسه”([30])؛ بيد أن تقرير حق الاقتراع العام لا يعني عدم اشتراط أية شروط؛ إذ إنه لا يعقل أن يمنح حق الانتخاب لجميع المواطنين بصرف النظر عن أعمارهم، أو مدى تمتعهم بحقوقهم المدنية والسياسية، كما لا يتصور إعطاء حق الاقتراع للأجانب، ولذلك فإنه لا يتعارض مع تقرير الاقتراع العام اشتراط السن أو الجنسية أو الأهلية القانونية أو الأهلية الأدبية ([31]).

ولقد انتشر نظام الاقتراع العام في غالبية نظم الانتخاب المعتمدة حاليا، والسبب في ذلك يعود إلىإعطاء أكبر عدد ممكن من الأفراد حق الانتخاب، وإشراكهم في العملية الانتخابية، وبالتالي فهو يعمل علي تحقيق مبدأ الحكم للشعب على النحو الحقيقي، وتحقيق مبدأ المساواة بين أفراد الشعب، وعدم التمييز بينهم لأي سبب كان، كما أنه كلما زاد عدد الناخبين يصعب تزوير إرادتهم والتأثير عليها عن طريق الترغيب والترهيب([32]).

الاقتراع السري وتشكيل المجالس المحلية:

تمثل السرية الضامنة الأساسية لإجراء عملية التصويت في الانتخابات بنزاهة وحرية، ولممارسة كل مواطن حقه الانتخابي دون أن يقع تحت أية ضغوط حزبية أو تأثيرات شخصية ([33])، وسرية الاقتراع تعني أن” يقوم الناخب بالإدلاء بصوته دون أن يشعر أحد بالموقف الذي اتخذه في التصويت، وذلك من خلال قيامه بالتأشير على بطاقة أبداء الرأي وإيداعها بصندوق الاقتراع بطريقة لا تسمح للآخرين بمعرفة اتجاهه في التصويت أو الموقف الذي اتخذه فيه”([34])، إن تطبيق مبدأ الاقتراع السري كضمانة جوهرية لعملية المشاركة الانتخابية لم يعرف في دول العالم إلا منذ عهد قريب، فقد أقر في فرنسا عام 1871، وفي إنجلترا عام 1872، فأغلب الكتاب والمفكرين السياسيين في أوربا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانوا يؤيدون التصويت العلني لأنها تعلم الناخب تحمل المسئولية وكذلك تعلن عن شجاعته المدنية، بالإضافة إلى أنها تسمح بتنوير الناخبين غير المتعلمين([35])، ورغم كل تلك الحجج التي ساقها أنصار التصويت العلني إلا أن التصويت العلني أدى إلى امتناع عدد كبير من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات لعدم امتلاكهم الشجاعة للإدلاء بأصواتهم بصورة علنية، كما أدى لانتشار الفساد الانتخابي والرشوة الانتخابية لاطمئنان المرشح الراشي أن الناخب المرتشي سيعطيه صوته وإلا استرد منه رشوته، كما أدى إلى سيطرة أرباب الأعمال علي أصوات عمالهم([36])، لقد اهتم القضاء الإداري بمبدأ السرية في التصويت في الانتخابات محاولا إيضاح كيفية تحقيق هذه السرية بالاهتمام بالإجراءات المتبعة في لجان الانتخاب بقضائها بأن” المشرع أوضح العناية الخاصة ببطاقة إبداء الرأي الانتخابي بحسبانها الأداة القانونية التي يمارس الناخب من خلالها حقه الدستوري في انتخاب من يمثله ويدافع عن حقوقه ويحمي مصالحه المشروعة، وأحاط استخدام البطاقة الانتخابية بما يحقق الغاية من ورائها والمتمثلة في حفظ السرية بما يحقق نزاهة العملية الانتخابية مبينا كيفية تسليمها إلى الناخب وإبداء هذا الناخب رأيه عليها ثم إعادتها إلى رئيس اللجنة مطوية ليضعها في صندوق الانتخاب وحتى الانتهاء من العملية الانتخابية برمتها والتي تختتم بإعلان النتيجة، متى استبان شيوع تداول تلك البطاقات بين العامة خارج اللجنة فإن هذا يؤدي إلى بطلان العملية الانتخابية لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بضمانات جوهرية كفلها القانون لتنظيم وضمان سرية العملية”([37]).

الانتخاب المباشر وتشكيل المجالس المحلية: ويقصد به” أن يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار المرشحين دون وجود وسيط ويسمى أيضا ” بالانتخاب على درجة واحدة”([38])، ويحقق الانتخاب المباشر عددا من المزايا نرصدها فيما يأتي([39]):

يعد نظام الانتخاب المباشر النظام الأكثر ديمقراطية، لأنه يتيح للناخبين اختيار حكامهم ونوابهم دون واسطة.
يرفع نظام الانتخاب المباشر مدارك الشعب ويشعره بمسؤوليته في الاهتمام بالشؤون العامة وذلك لأنه يؤدي إلى تنمية الوعي السياسي لدى غالبية المواطنين ويحفزهم على المشاركة الإيجابية في الحياة السياسية.
النظام الانتخابي لتشكيل المجالس المحلية الملائم لما ورد بالدستور: النظام الانتخابي في ظل ما قرره النص الدستوري السابق من شروط سيتم تناولها بشكل تفصيلي في المبحث القادم ([40])، لن يكون إلا من خلال الانتخاب بنظام القائمة الحزبية حتى يمكن للناخبين اختيار فئات المرشحين طبقا للنسب المقررة في الدستور لكل فئة، فدور الناخب في هذا النظام يقتصر على اختيار قائمة من ضمن عدد معين من القوائم المعروضة عليه، وبالطبع كل قائمة من هذه القوائم تضم عددا من المرشحين الذين يمثلون برامج وأهداف ومبادئ الحزب([41])، وهناك عدد من أنواع القوائم الانتخابية، والتي من أهمها:

أ-نظام القوائم المغلقة: وهو نظام يكون على الناخب فيه أن يدلي بصوته لصالح قائمة من القوائم المعروضة أمامه بكل ما فيها من أسماء، أي أن الناخب إما أن يقبل القائمة كلها كما هي أو أن يرفضها برمتها كما هي دون أن يكون له الحق في إجراء أي تعديل فيها ([42]).

ويرى البعض أن هذه الطريقة بعيدة عن روح الديمقراطية لأنها تحرم الناخب حرية اختيار ممثليه، فهو يعطي صوته لقائمة قد تتضمن عددا من مرشحين ليسوا موضع ثقته ولا يرغب في انتخابهم ([43])، بينما يرى البعض من مؤيدي هذا النظام أن قائمة المرشحين تكون تعبيرا عن الاتجاه السياسي للحزب وترتيب الأسماء في القوائم يقوم على دراسة تؤكد أرجحية الفوز في المنافسة الانتخابية، وقدرة الناخبين على العمل الجماعي والارتباط بالناخبين، فالناخب يعطي صوته وثقته للبرنامج السياسي الذي يلتزم به المرشحون في القوائم([44]).

ب-نظام القوائم المفتوحة: وهذا النظام يعطي الحق للناخب في إجراء عدد من التعديلات في القائمة التي يريد التصويت لصالحها، مما يسمح له بقدر من الحرية التي يفتقدها في ظل نظام القوائم المغلقة، ويتخذ نظام القوائم المفتوحة عدداً من الصور ([45]):

نظام القوائم مع الشطب: وهو النظام الذي يسمح للناخب بشطب اسم أو أكثر من القائمة التي يريد التصويت لصالحها، دون أن يكون باستطاعته وضع اسم من قوائم أخرى بدلا منه.
نظام القوائم مع التفضيل: وهو النظام الذي يسمح للناخب بتعديل نظام ترتيب أسماء المرشحين في القائمة التي وقع اختياره عليها، وذلك وفقا لوجهة نظره الشخصية إزاء المرشحين، ومدى تفضيله لبعضهم على بعض، وليس طبقا للترتيب الذي وضعه الحزب صاحب القائمة بأن يكون للناخب أن يضع على رأس القائمة الأسماء التي يفضلها، والتي يرى أن لها فرصة كبيرة للفوز.

نظام القوائم مع المزج: وهو النظام الذي يسمح بشطب اسم أو أكثر من القائمة وإضافة اسم أو أكثر إليها من قوائم أخرى بدلا من الأسماء التي قام بشطبها، أي السماح له بالمزج بين القوائم المختلفة، وهنا يكون على الناخب أن يقوم بتكوين قائمة جديدة خاصة به يختار أسماءها من بين مختلف القوائم الحزبية المتنافسة، وبالترتيب الذي يراه، بحيث تعبر هذه القائمة عن رأيه الشخصي تعبيرا تاما.

ويرجع الأخذ بنوع دون آخر من بين نظامي القوائم السابقين وصور الأخير فيهم إلى مدى الحرية التي ترغب هذه النظم في منحها للناخب، ومقدار ما تريد أن تحققه من تماسك وإحكام في أنظمة الأحزاب السياسية، إذ أن الأمر يستلزم توازنا بين حرية الناخب في التصويت وسلطة الأحزاب السياسية في إعداد القائمة بالطريقة التي تحقق لها التنسيق بين مختلف الدوائر الانتخابية ([46])، فالفكر السياسي والدستوري في الديمقراطيات ذات الصبغة التعددية قد استخلص قانونا عاما – إن جاز التعبير- مؤداه أنه لا يوجد نظام انتخابي أفضل في ذاته، وأن معيار اختيار نظام انتخابي دون أخر تحكمه عوامل عدة في مقدمتها الظروف السياسية والاجتماعية للبلد الذي يراد تطبيقه فيه، ولا سيما النظام الحزبي ومدى تطوره، فما يلاءم دولة راسخة القدم على الصعيد الديمقراطي قد لا يناسب بالضرورة دولة حديثة العهد بالتجربة الديمقراطية ذات البعد التعددي، إلا أن ذلك كله لا ينفي أنه متى تم اختيار نظام انتخابي بعينه فإنه يجب الالتزام بقواعده وآلياته التي هي في حقيقتها ضمانات لحسن سير هذا النظام([47]).

مميزات وعيوب الانتخاب بالقائمة: يرى أنصار الانتخاب بالقائمة أنه يحقق العديد من المزايا كما يرى معارضوه أنه مليء بالمثالب والعيوب.

مزايا الانتخاب بالقائمة:
يجعل الانتخاب بالقائمة عملية الانتخاب مفاضلة بين مبادئ وبرامج حزبية محددة، وليست مفاضلة بين أشخاص تربط الناخب ببعضهم علاقات شخصية أو صلات عائلية.

تحويل العملية الانتخابية إلى مفاضلة بين مبادئ وبرامج يؤدي إلى زيادة اهتمام الناخبين بالمسائل العامة والشؤون الوطنية، ويعمق إدراكهم البرامج السياسية لمختلف الأحزاب المتنافسة، لكي يقارنوا بينها ويختاروا القائمة التي تعبر عن البرامج الأكثر صلاحية وفائدة من وجهة نظرهم.

يرفع الانتخاب بالقائمة قمة الدور الذي يقوم به الناخب، ويزيد من أهمية صوته الانتخابي، نظرا لإعطائه الحق في اختيار عدة مرشحين ليصبحوا نوابا عنه.

يحد اتساع الدائرة الانتخابية في الانتخاب بالقائمة من قيام الإدارة بالتدخل والضغط على الناخبين للإدلاء بأصواتهم على نحو معين، كما يقلل من دور المال في إفساد عملية الانتخاب نظرا لصعوبة شراء أصوات الناخبين المنتشرين في دائرة كبيرة.

تقوم الأحزاب بتقديم الأكفاء من كوادرها في قوائمها الانتخابية مما يرفع من كفاءة المجالس المحلية.
كما يكفل العدالة عن طريق ضمان التمثيل المتوافر للاتجاهات المختلفة للرأي العام خاصة إذا ما اقترن نظام الانتخاب بالقائمة بنظام التمثيل النسبي ([48]).
عيوب الانتخاب بالقائمة:
تتحكم الأحزاب في وضع القوائم الانتخابية للمرشحين الذين يمثلونها في سبيل تحقيق مصلحة كل حزب بصفة أساسية، والوصول إلى الفوز بالأغلبية التي تمكنه من الحكم، وليس بقصد مصلحة الناخبين في الدوائر الانتخابية المختلفة.

تؤدي سيطرة الأحزاب على عملية إدراج أسماء المرشحين في القوائم الانتخابية إلى خداع الناخبين في كثير من الأحيان عن طريق وضع أسماء شخصيات تتمتع بمكانة اجتماعية ورصيد شعبي على رأس القائمة، ثم إكمال القائمة بأسماء شخصيات مغمورة أو ذات قدرات متواضعة لا تؤهلها لتمثيل الشعب في المجالس المحلية.

يقلل من حرية الناخب فلا يستطيع الحكم الصحيح على كل الأسماء الواردة بالقائمة، فقد يضطر إلى اختيار قائمة يجهل المعرفة ببعض أشخاصها، وبذلك يصير الاختيار الفعلي في أيدي الأحزاب السياسية التي تضع قوائم المرشحين لا في أيدي الناخبين.

يعد تقييد لحق أي مواطن في الترشح، فالأحزاب السياسية هي التي تتولى إعداد القوائم الانتخابية وبالتالي سيتم استبعاد من تراه من المنتمين إليها الراغبين في الترشح بل وسيحرم من لا ينتمي لحزب من باب أولى من الترشح للانتخابات المحلية.

الانتخاب بالقائمة يجعل ولاء أعضاء المجالس المحلية المنتخبة لا يكون إلا لقادة الأحزاب السياسية التي رشحتهم، ولن يعمل إلا لصالح إرضاء الحزب وزعمائه، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الناخبين مما يؤدي لتسيس المجالس المحلية ([49]).

ج-تقدير الباحث لنظام الانتخاب بالقائمة: ويرى الباحث أن نظام الانتخاب بالقائمة سيترتب عليه حرمان طوائف معينة من الشعب من الحق في الترشح للانتخابات المحلية، وهذه الطوائف تتمثل أولاً: فيمن لا ينتمون إلى أحزاب سياسية، ثانياً: فيمن ينتمون إلى أحزاب سياسية إلا أن القائمين على هذه الأحزاب يرون عدم ترشيحهم في الانتخابات المحلية عن هذه الأحزاب. وهو ما سيصطدم مع نص المادة (87) من دستور 2014 والتي جاء نصها كالآتي” مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون”، كما أنه سيتعارض مع ما هو مستقر عليه في أحكام المحكمة الدستورية العليا من أن” حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستوروالقانون صفتها التمثيلية، لا ينفصل عن حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لاختيار منيثقون فيه من بينهم، ذلك أن هذين الحقين مرتبطان، ويتبادلان التأثير فيما بينهما.

ولا يجوز بالتالي أن تفرض على مباشرة أيهما تلك القيود التي لا تتصل بتكامل العمليةالانتخابية وضمان مصداقيتهاIntegrity and Reliability of the Electoral Process ، أوبما يكون كافلا إنصافها. وتدقق الحقائق الموضوعية المتعلقة بها، بل يجب أن تتوافرلها بوجه عام أسس ضبطها، بما يصون حياديتها، ويحقق الفرص المتكافئة بين المتزاحمينفيها. ومن ثم تقع هذه القيود في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كان مضمونها وهدفهامجرد حرمان فئة من المواطنين – ودون أسس موضوعية – من فرص الترشيح لعضوية تلكالمجالس أو تقييدها، ذلك أن أثرها هو إبعاد هؤلاء نهائيا عن العملية الانتخابيةبأكملها، وحجبهم بالتالي عن الإسهام فيها، بما مؤداه احتكار غرمائهم لها، وسيطرتهم عليها دون منازع، وإنهاء حق المبعدين عنها في إدارة الحوار حول برامجهم وتوجهاتهم،وهو ما يقلص من دائرة الاختيار التي يتيحها المشرع للناخبين، وبوجه خاص كلما كان المبعدون أدنى إلى ثقتهم، وأجدر بالدفاع عن حقوقهم.

بل إن القيم العليا لحريةالتعبير – بما تقوم عليه من تنوع الآراء وتدفقها وتزاحمها – ينافيها ألا يكون الحوار المتصل بها فاعلا ومفتوحا، بل مقصورا على فئة بذاتها من المواطنين، أومتعاظما بمركزهم بناء على صفتهم الحزبية”([50])، وكذلك ما استقر عليه القضاء الإداري من أن” المشرع كفل للمواطنين حق الترشيح للمجالس النيابة والمحلية – هذا الحق لا يتقيد بالانتماء الحزبي وذلك لتعلق هذا الحق بالإرادة الشعبية المعبرة عن سيادة الشعب – يضحى من قبيل الاستعداء على حق الترشيح اقتران قبول الترشيح لعضوية المجالس بالانتماء إلى الأحزاب السياسية – قيام النظام السياسي في مصر على أساس تعدد الأحزاب يكون في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع ومنها مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة المواطنين والأحزاب السياسية وهو وسيلة العمل الديمقراطي وتعميقه بين أفراد المجتمع ، ويقع عليها واجب المشاركة في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي بما تقدمه من خبرات في هذه المجالات، وعلى أن يظل قيامها أو مباشرتها بدورها المحدد قانونا غير حاجب لحقوق الأفراد سواء الانضمام إليها بإرادتهما المستقلة لمباشرة العمل السياسي وعلى قمته حق الترشيح للمجالس النيابية والشعبية والنقـــــابات”([51]).

انتخابات المحليات وتسيس مجالسها: تشكيل المجالس المحلية عن طريق الانتخابات أثار جدلا وانقساما فقهيا حول طبيعة الدور الذي تلعبه تلك المجالس، فهناك من يرى أنها تلعب دورا سياسيا وله أسانيده في ذلك، وهناك من يرى أن دورها ينحصر في الوظيفة الإدارية فقط ويستند في تبرير رأيه لعدد من الأسانيد، ونظرا لأننا قد تعرضنا في بحثنا لموضوع انتخابات المجالس المحلية، وهو ما يستند إليه من يرى دورها السياسي خصوصا مع كون النظام الانتخابي الملائم لتشكيلها في ظل الدستور الحالي هو نظام الانتخاب بالقائمة، فكان لزاما علينا أن نوضح الرأيين ، مع بيان إلى أي من الجانبين نحيد. ([52]).

أ -الجانب المؤيد لتسيس المجالس المحلية يستند في رأيه إلى:

أنّ المجالس المحلية تشكل من خلال الانتخابات وهي وسيلة سياسية.
أنّ ارتفاع مستوى الرأي العام والمستوى الثقافي للشعب فرضا أن تكون المفاضلة بين الأفكار والمناهج التي لن تكون إلا من خلال طرح المرشح من خلال حزب له برنامج، بعد أن كانت المفاضلة قديما تقوم على أساس شخصي فردي تؤثر فيها عوامل القرابة والعصبية ومدى يسار المرشح ومقدرته في التأثير على الناخبين بما يبذله من مال، أي أن تسيس المجالس المحلية أمر تفرضه طبائع الأمور وظروف الأحوال.
أنّالمجالس المحلية تعتبر برلمانات صغيرة يتعلم فيها العضو أصول العمل السياسي ومبادئه وهي بذلك تعتبر بمثابة المعاهد التي تقدم للمجتمع أعضاء المجلس التشريعي فيما بعد، وبالتالي لن تستطيع أن تقوم بدورها دون أن يصطبغ عملها بالصبغة السياسية.
ب-الجانب المعارض لفكرة تسيس المجالس المحلية يستند في رأيه إلى أن:

1-المجالس المحلية تقوم أساسا على اختصاصات إدارية، فأسلوب اللامركزية الإدارية يقوم على أساس توزيع جزء من الوظيفة الإدارية فقط بين السلطة التنفيذية المركزية وبين الوحدات المحلية، والقاعدة أن تقوم الإدارة بنشاطها الإداري غير متأثرة بالسياسة والاتجاهات السياسية، وبالتالي يرى هذا الجانب أنه كلما كانت المجالس المحلية بعيدة عن السياسية كلما كان ذلك أدعى للقيام بواجباتها علي وجه أفضل.

2-مواصفات عضو المجلس المحلي تختلف جوهريا عما يجب أن يكون عليه رجل التنظيم السياسي، ويؤكد ذلك الطبيعة الإدارية لجوهر نشاط واختصاصات المجالس المحلية، الذي يجعلها متميزة عن التنظيمات السياسية التي تقوم بنشاط سياسي بحت.

ج-تقدير الباحث لمسألة تسيس المجالس المحلية: يري الباحث تأييد الجانب الفقهي الذي نادى بفكرة تسيس المجالس المحلية للأسباب الآتية:

1-واقع البلاد العريقة في الديمقراطية يُظهر ذلك فتلعب نتائج الانتخابات المحلية دورا هاما في معرفة اتجاه الناخبين وميولهم نحو أي الأحزاب، ويمكن التنبؤ بالانتخابات التي تشكل المجالس التشريعية من خلال تلك النتائج التي تعطي مؤشرا لا يخطئ نحو من سينال أصوات الناخبين وبالتالي انتخابات الرئاسة فيما بعد([53]). وها هي فرنسا مثلا تؤكد على دور وأهمية الانتخابات المحلية في انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي حيث تجري انتخابات مجلس الشيوخ الفرنسي منذ عام 1875 بنظام الانتخاب غير المباشر، من خلال قيام أعضاء المجالس المحلية بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ([54])، كما يظهر من تتابع تاريخ رؤساء الدول المتقدمة نجد أن المحليات تعد هي الأكاديمية التي يتخرجون منها كسياسيين فمثلا جاك شيراك تولي منصب عمدة باريس في عام 1977 ووصل لرئاسة فرنسا عام 1995 وظل محتفظا بمنصبه كرئيس حتى عام 2006، وكذلك نيكولا ساركوزي بدأ حياته مستشارا لبلدية نوبلي سور سين عام 1977، ثم رئيسا لها، ثم عضوا استشاريا في المجلس الإقليمي العام لإقليم ” إيل دو فرانس” منذ عام 1983 حتى عام 1988، ثم نائبا لرئيس المجلس الإقليمي العام في إقليم ” هي دي سين” والذي أصبح رئيسا له عام 2004([55]).

2- المشرع المصري ربط منذ صدور القانون رقم 124 لسنة 1960 بين تشكيلات المجالس المحلية وبين التنظيمات السياسية من اتحاد قومي واتحاد اشتراكي ، ففي ظل الاتحاد القومي كانت عضوية المجالس المحلية للمحافظات مقتصرة علىأعضاء اللجان التنفيذية للاتحاد القومي بالمحافظات، وكذلك عضوية المجالس المحلية للمدن والقرى مقصورة على أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد القومي بها، واستمر الأمر على ذات النهج في ظل الاتحاد الاشتراكي العربي، حيث اشترط في عضوية المجالس المحلية أن يكون العضو عضوا من أعضاء لجان الوحدات الأساسية أو غيرها من لجان المستويات الأخرى في الاتحاد في المحافظة التي يدخل في نطاقها المجلس([56]).

3- حقوق أعضاء المجالس المحلية وأدوات ممارسة تلك الحقوق وآليات تفعيلها، والتي ورد النص عليها دستور 2014 في الفقرة الثانية من المادة (180) منه كلها تتشابه مع حقوق وأدوات أعضاء المجالس التشريعية في مراقبة أداء الحكومة فقد ورد النص بأن” وتختص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية على النحو الذي ينظمه القانون. ..”. فتبدأ الأدوات بحق تقديم الاقتراح والذي يعد أضعف وسائل الرقابة المتاحة لأعضاء المجالس المحلية لتمتع المقدم إليه بحرية كبيرة في الأخذ به أو عدم الأخذ به أو مجرد الرد عليه، مرور بتوجيه الأسئلة وطلبات الإحاطة والتي الغرض منها استيضاح أو معرفة معلومات معينة حول واقعة محددة أو موضوع معين نهاية بالاستجوابات

وسحب الثقة وهو ما يعد أقوى وسائل الرقابة ، والتي تعد هي الاختصاص الرئيسي للمجالس المحلية ([57]).

4-لا يمكن من وجهة نظرنا تشكيل أي مجلس من المجالس المحلية في ظل النص الدستوري الحالي بالنسب الواردة إلا من خلال الانتخابات بالقوائم الحزبية؛ أي ربط التشكيل ببرامج الأحزاب وبالتالي لن يشكل مجلس محلي إلا وهو يحمل توجهاً أو صبغةً سياسيةً.

الدستور ومدة عضوية المجالس المحلية المنتخبة: تقتضي القواعد العامة أن تؤقت المجالس القائمة على أساس الانتخاب حتى تضمن صدق تمثيلها للناخبين وولاء الأعضاء لهم، فمدة العضوية في المجالس المحلية تختلف من دولة لأخرى، إضافة إلى أنها تتفاوت داخل الدولة الواحدة من وحدة محلية إلى وحدة محلية أخرى، وسنحاول توضيح مزايا وعيوب قصر أو طول فترة العضوية بالمجالس المحلية قبل الخوض فيما قرره الدستور المصري من مدة لهذه المجالس وذلك فيما يأتي :([58]).

أ-مزايا وعيوب قصر مدة عضوية المجالس المحلية: تتمثل مزايا قصر مدة عضوية المجالس المحلية في:

تضمن مساهمة السكان المحليين بشكل أكبر في أمور المنطقة وزيادة اهتمامهم بما يقوم به المجلس من أعمال حيث تجرى الانتخابات خلال فترة قصيرة، مما يساعد على إبقاء الاهتمام بالأمور المحلية مع إمكانية تغيير الأعضاء إذا فشل المجلس في تحقيق آمال السكان والوفاء بالوعود الانتخابية.
إجراء الانتخابات كل فترة قصيرة يؤدي إلى وجود حاجز أمام الفساد والرشوة وانتشارهما في المنطقة لوجود رقابة شعبية على أعمال المجلس والدوائر المحلية.
إجراء الانتخابات خلال فترة قصيرة يؤدي إلى تجنب تكوين مراكز القوى داخل المجالس المحلية والتي تؤثر بالسلب على الوحدات المحلية التي تمثلها.
قصر فترة المجالس المحلية تؤدي إلى اهتمام أعضاء المجالس المحلية بتأمين خدمات أفضل للسكان المحلين حتى يعاد انتخابهم، فتجعل هذه المجالس أكثر تجاوبا مع الحاجات المحلية، وأكثر حساسية للتغيرات التي تطرأ على الرأي العام المحلى.
قصر فترة المجالس المحلية تعطي فرصة لأكبر عدد من السكان المحلين في المشاركة بالترشح لتلك المجالس وبالتالي المشاركة في إدارة الشئون المحلية.
وتتمثل قصر مدة عضوية المجالس المحلية في:

إجراء الانتخابات على فترات متقاربة يعطل أعمال المجالس المحلية خصوصا في فترات الإعداد للانتخابات وإجرائها، مع رغبة أعضاء المجلس الموجود في إعادة انتخابهم مما سيؤدي إلى صرف اهتمامهم عن أمور الوحدات المحلية وتفرغهم للانتخابات.

صعوبة بل استحالة وضع وتنفيذ برامج تحتاج لفترات زمنية طويلة لتنفيذها.

قصر مدة العضوية قد ينهي بسرعة عضوية العضو الذي يبدأ في اكتساب دراية بأحوال الوحدات المحلية وكفاءة في إدارة شؤونها، مما يحرم الوحدات المحلية من هذه الكفاءة المكتسبة.

إجهاد ميزانية الدولة بتحميلها تكاليف تنظيم انتخابات محلية كل فترة قصيرة.

ب-مزايا وعيوب طول مدة عضوية المجالس المحلية: تتمثل مزايا طول مدة عضوية المجالس المحلية فيما يأتي:

طول فترة المجالس المحلية يتيح الاستقرار لتلك المجالس وبالتالي تؤدى إلى إمكانية القيام بتخطيط طويل المدى وتنفيذ مشاريع تتطلب سنوات عدة لإنجازها.
المحافظة على الخبرة التي يكتسبها أعضاء المجالس المحلية من طول العمل بالمجالس والاستفادة منها في إدارة شئون الوحدات المحلية مما سينعكس بالإيجاب على تلك الوحدات، خصوصا مع الدول حديثة العهد بممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي، والتي يكون فيها أعضاء المجالس المحلية غير مدركين بالقدر الكافي للمطلوب منهم تجاه وحداتهم المحلية.
إجراء الانتخابات في المحليات قد يصحبه إثارة منازعات عائلية وقبلية، الأمر الذي يتطلب إطالة فترة العضوية نسبيا بالقدر الذي يسمح بتسوية مثل هذه المنازعات.
و تتمثل عيوب طول مدة عضوية المجالس المحلية في:

طول فترة عضوية المجالس المحلية قد يؤدي إلى أن يفقد عضو المجلس صلته بالناخبين إلى الدرجة التي تغريه بإهمال الشؤون المحلية استنادا إلى بعد فترة مواجهته بالناخبين.
طول فترة عضوية المجالس المحلية قد يؤدي إلى عدم اهتمام سكان الوحدات المحلية بالأمور المحلية في منطقتهم بل وافتقارهم لروح المساعدة والمساهمة لرفع كفاءة وحداتهم المحلية، خصوصا إذا تبين لهم كذب أعضاء المجالس المحلية وعدم وفائهم بوعودهم الانتخابية.
ج_ تقدير الباحث لمسألة مدة عضوية المجالس المحلية : الدستور الحالي كان موفقا تمام التوفيق من وجهة نظرنا عندما أقَّت مدة المجالس المحلية المنتخبة بمدة الأربع سنوات يتم بعدها انتخاب مجالس جديدة، حين وازن بين مبادئ الديمقراطية النظرية التي تقتضي أن يكون للشعب الحق في أن يقول كلمته من وقت لآخر بما يحقق رغبات الشعب التي قد تتغير وتتطور مع الزمن، وبين الجانب العملي الذي يجعل من تأقيت مدة المجالس المحلية سيفا مسلطا على أعضائها يذكرهم دائما بأنهم مراقبون من قبل الشعب، مما يجعلهم يجتهدون لا رضاء الشعب ليعيد انتخابهم مرة أخرى في نهاية مدة عضويتهم، فلاهي بالمدة القصيرة مما يؤثر في عطاء تلك المجالس وفعاليتها، ولا هي بالمدة الطويلة التي تصادر رغبات الشعب في التغيير([59]).

المبحث الثالث: الشروط الدستورية لتشكيل المجالس المحلية

حددت المادة (180) من دستور 2014 التوليفة القانونية للمجالس المحلية المشكلة عن طريق الانتخاب والشروط المطلوبة لصحة ذلك التشكيل بالنص على أنه” … يشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسباً للمسيحيين وذوي الإعاقة.”.

الشرط الأول: سن العضوية للمجالس الشعبية: خفض النص الدستوري سن الترشح لعضوية المجالس المحلية من 25 سنة([60])، إلى 21 سنة وذلك باعتبار أن المجالس المحلية في نظر الكثيرين مدرسة أو مرحلة تمهيدية للوصول إلى البرلمان، ومن ثم يكون من المنطقي أن ينخفض الحد الأدنى لعمر عضو المجلس المحلي بخمس سنوات عن الحد الأدنى لعمر عضو مجلس الشعب([61])، وقد يبدو للبعض أن هذه التفرقة لا مبرر لها، وانه يجب على المشرع أن يعدل المشرع الدستوري عن هذا السن ويرفعها مرة أخرى إلى 25 سنة سن العضوية لمجلس الشعب؛ حيث يكون في ذلك السن أكثر قدرة على تقدير الأمور وبالتالي صواب رأيه وسلامة حكمه وحسن تقديره للمهام التي يقوم بها من تسيير للمصالح المحلية([62]).

تقدير الباحث لسن العضوية للمجالس الشعبية: يؤيد الباحث ما ذهب إليه المشرع الدستوري من خفض سن عضوية المجالس المحلية لسن 21 سنة مستندا على أنه سن بلوغ المواطن سن الرشد والتي يكون فيها متمتعا بأهلية الأداء والتي تعنى قدرته بأن يقوم بالتصرفات القانونية بنفسه ولنفسه على وجه يعتد به قانونا مثل أن يبيع ماله أو يرهنه أو يؤجره ، وبالتالي أهلية الأداء لازمة لمباشرة التصرفات القانونية حيث تتجه الإرادة لإحداث أثر قانوني معين([63])، فإذا كان الشخص ببلوغه ذلك السن له الحق في مباشرة التصرفات القانونية والتحمل بالتزاماتها، وبالتالي يكون له الحق في الترشح في الانتخابات المحلية؛ لأن الترشح عمل من قبيل التصرفات القانونية الذي يمنح صاحبه حقوق معينة، ويحمله كذلك على التزامات محددة، وبالتالي يكون سن الترشح 21 سنة مطابقا للسن الذي رأى فيه المشرع أن المواطن الذي يبلغه أهلا لمباشرة كافة التصرفات القانونية([64]).

الشرط الثاني: تخصيص نسب معينة لبعض الفئات من المواطنين ” نظام الكوتا”: أخذ النص الدستوري بنظام الكوتا ([65])، والتي تعرف بأنها” شكل من أشكال التدخل الإيجابي لمساعدة فئة أو(فئات) موجودة بالمجتمع للتغلب على العوائق التي تحد من مشاركتها أو(مشاركتهم) السياسية مقارنة بغيرهم من فئات المجتمع الأخرى”([66]).

وهناك أنواع مختلفة لنظام الكوتا المطبق في العالم تتمثل في الآتي ([67]):

الكوتا الاختيارية: وهي التي تقدمها الأحزاب السياسية المختلفة عادة، وتكون نابعة من اقتناع وإيمان الحزب بنظام الكوتا، ولاتكون مبادرة هذا الحزب مرتبطة بأنظمة وتشريعات محددة.

الكوت االتشريعية: تكون من خلال التشريع الذي يخصص للمراد تمييزه تميزا ايجابيا عددا محددا من المقاعد في الكيانات السياسية، وتطالب كل الأحزاب السياسية بأن تحوي تصويتها للاقتراع في الانتخابات على عدد محدد منهم، وأيضا التمثيل النسبي وذلك على المستوى المحلي الحكومي.

الكوتاالدستورية: وهي قائمة على الدستور وهو القانون الأعلى في الدولة، ولا يمكن تغييره بأية قوانين وهذه الكوتا إلزامية لكل الأحزاب والحكومة.

والكوتا في مصر في ظل النص الدستوري السابق هي كوتا إلزامية لورود النص عليها في الدستور، وعليه يصبح على المشرع العادي عند وضعه للقانون المنظم للانتخابات المحلية أن يقوم بمراعاة النسب التمييزية لبعض فئات المواطنين، فالمشرع ملزم بما يكون الدستور اختاره له من بين نظم الانتخاب المختلفة، ولا يستطيع أن يخرج هذا الاختيار إلا عن طريق تعديل الدستور نفسه ([68]).

أنواع الكوتا الواردة بالدستور: هناك عدد من الفئات المجتمعية التي ميزها الدستور الحالي عندما جاء لينظم كيفية تشكيل المجالس المحلية منها ما هو قديم قرر في نصوص قانونية سابقة عليها ومنها ما هو مستحدث جاء به الدستور الحالي كأثر من أثار ثورة 25 يناير 2011، وسنحاول أن نوضح هذه الأنواع فيما يأتي:

أ- الكوتا الخاصة بالعمال والفلاحين: وهى تعد الكوتا السابقة في الدساتير المصرية والتي أبقى عليها الدستوري بالنص علي نسبة النصف ( 50% )عمال وفلاحين في تشكيل المجالس المحلية كقيد دستوري دون وجود أي مبرر قانوني أو شعبي أو اجتماعي. فهذا القيد طبقا لما يراه جانب كبير من الفقه يجعل ما تسفر عنه العملية الانتخابية من نتائج غير معبرة تعبيرا دقيقا عن الإرادة الحرة للناخبين طالما أنه يفرض عليهم أن يختاروا نصف المرشحين عمال وفلاحين مع صعوبة وضع تعريف محدد ودقيق لمفهوم العامل والفلاح يميزهما عن سائر فئات المجتمع بشكل مستقر وثابت لا يتغير مع تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية المختلفة للدولة، فهذا القيد يساعد السلطة التنفيذية علي تعديل اتجاه أصواتهم تعديلا يجعل نتيجة الانتخابات المحلية غير معبرة تعبيرا دقيقا عن إرادتهم الحقيقية([69]).

خصوصا وأن هذا التمييز عندما قرر بداية من دستور 1964 كان له ما يبرره، أما الآن فقد كل مبرراته([70])، فالسبب المعلن آنذاك لتخصيص نسبة معينة من المقاعد للعمال والفلاحين كان لأن هذه الفئة تشكل أغلبية ظلت فترة طويلة محرومة من حقها في صنع مستقبلها، وقد مضى أكثر من 53 عاما على تقرير هذه النسبة لهم فمن المفترض أن يكون تمثيلهم بهذه النسبة في المجالس النيابية قد مكنهم من إصدار القوانين التي تمكنهم من استعادة حقوقهم وتحقق للعمال والفلاحين فرصة المشاركة في صنع مستقبلهم، وبالتالي لم يعد هناك ما يبرر استمرار هذا القيد في تشكيل المجالس أيا كان نوعها ، طالما تشكلها يكون بالانتخاب والاحتكام لإرادة الشعب، كما أن كل المكاسب التي حصل عليها العمال والفلاحين نتيجة لتخصيص هذه النسبة لهم في المجالس النيابية مثل التوسع في قاعدة القطاع العام، وامتداد العقود الزراعية، تم التراجع عنه بقوانين صادرة من مجالس مثّل فيها العمال والفلاحون بذات النسبة، مما يعني أن تخصيص هذه النسبة لهم لم يحقق أي مكسب حقيقي لهم ، بل يمكن أن يشرع لغير صالحهم وهذه النسبة موجودة([71])، فضلا عن أن هناك هيئات محلية الآن لا يوجد بها فلاحين ولا عمال مثل المدن والأحياء الراقية في عدد من المحافظات، أو تتوافر فيها إحدى الصفتين دون الأخرى فما هو الحل إذًا؟ هل تظل مجالس تلك الهيئات بلا تشكيل؟، أم سنجد من يدّعي أنه عامل أو فلاح وهو ليس كذلك، للحصول على عضوية تلك المجالس كما كان يحدث بالمجالس النيابية، وهوما دفع القضاء للتصدي لوضع تعريف محدد للعامل والفلاح ([72]).

ب- الكوتا الخاصة بالشباب: أعطى المشرع الدستوري نسبةالربع(25% ) في تشكيل المجالس المحلية للشباب دون سن 35 سنة، هو كوتا مستحدثة في دستور 2014، وذلكتشجيعا من المشرع الدستوري للشباب وتمكينا لهم في الدولة باعتبارهم هم الاساس في ثورة 25 يناير، 30 يونيو، والتي ورد التأكيد علىدورهم في ديباجة دستور 2014 والتي جاء فيها أنّ ” ثورة 25 يناير، 30 يونيو فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة – المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والإيديولوجيات نحو أفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة”([73]).

ج_ الكوتا الخاصة بالمرأة: أعطى المشرع الدستوري نسبةالربع (25%) في تشكيل المجالس المحلية وهي نسبة مستحدثة في ظل الدستور الحالي منحازا للآراء الفقهية التي نادت بتمييز المرأة بشكل إيجابي في كافة الانتخابات وفي تشكيل كافة الهيئات بالدولة مستندة في رأيها على الآتي:

أن تمييز المرأة بفرض وجودها في هذه الكيانات سيسهم في إحداث تغيير تدريجي في نظرة المجتمعات المحافظة لدور المرأة في الحياة العامة، فمشاركة المرأة سيتيح لها الفرصة للتعرض مباشرة للجمهور والرأي العام وهذا سيخلق حالة من الاعتياد والتقبل لمشاركتها السياسية.

محاولة لمعالجة ضعف مشاركة المرأة على المستوى السياسي بصفة عامة وفي مجالس المحليات على وجه الخصوص.

تخصيص نسبة من المقاعد للمرأة يتفق مع كون المرأة نصف المجتمع، ولذلك يكون من الظلم حرمان نصف المجتمع من فرصة التمثيل في ظل ما تعانيه المرأة المصرية تعاني من ظروف صعبة تواجهها، تتمثل في ضعف الدخل والثروة والتعليم والمناصب القيادية والاتصال الاستراتيجي بالمقارنة بالرجل، فيكون من العدل تعويضها عن كل هذا عن طريق تحديد عددا أدنى من المقاعد للنساء. فالمساواة تستلزم أن تكون النسبة بين عدد النساء وإجمالي عدد السكان متناسبة ([74]).

وذلك على الرغم من أن هناك من المعارضين لإعطاء المشرع الدستوري كوتا للمرأة في المجالس المحلية يرون – بحق-الآتي:

أن هذه الكوتا تعد تمييزا وهم يرفضون كل أشكال التمييز والتحيز فالمرأة تشكل نصف المجتمع ويجب وصولها دون منة أو تدابير خاصة، كما أن الكوتا مخالفة للنظام الأساسي لأنها تمييز وتخل بمبدأ المساواة.

أن ضعف مشاركة المرأة سياسيا يرجع إلى المرأة نفسها فالمرأة عدو المرأة، والمرأة لا تنتخب المرأة ([75]).

أن نظام الكوتا يترتب عليه حشو القوائم الانتخابية بالعدد المطلوب من النساء، دون مراعاة لمستواهن الثقافي أو تاريخهن النضالي ضمن التشكيلات السياسية المشاركة في الانتخابات وإنما فقط تطبيقا عن مضض لأحكام القانون ([76]).

أن التطبيق العملي للكوتا بالنسبة للمرأة على مدار سنوات طوال لم يحدث تغييرا جذريا على وضع المرأة كمرشحة([77])، ويُستدل على صحة ذلك بأنه عندما لم يعد للمرأة المصرية فرصة سواء في مقاعد مخصصة أو في قوائم حزبية، مما فرض عليها ضرورة التنافس مع الرجال في ظل نظام انتخاب فردي لم تحقق إلا ذات النسب التي حققتها في المجالس التي سبقت التخصيص؛ أي أن هذا التمثيل الإيجابي لم يغير من الأمر شيئا، أما على صعيد أدائها البرلماني والقضايا التي أثارتها والادوات التشريعية والرقابية التي استخدمتها نجد أن أداءها تميز بالضعف الشديد على الصعيدين التشريعي والرقابي فيما يخص القضايا التي تناولتها ، كما لا نجد علاقة ارتباط قوية بين عدد العضوات وبين عدد القضايا التي قمن بإثارتها، وبالتالي لا يجوز فرض المرأة علي الناخب من خلال تخصيص المقاعد، حيث أن المسوغ الوحيد لانتخابها هو كفاءة أدائها السياسي وأن عليها العمل على تحقيق ذلك([78]).

انتظام الحصص الإجبارية ما هو إلا مجرد مسكن مؤقت، فالعبرة ليست في الكم بل في الكيف وفي قدرة النائبات على التعبير عن قضايا وهموم المجتمع ([79]).
من وجهة نظرنا لم تكن هناك حاجة لتمييز المرأة بمثل هذا النص الدستوري لوجود نص المادة (11) من ذات الدستور والتي جاء نصها على أن” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون…”، فوجود هذه المادة كافٍلتحقيق التمييز الإيجابي للمرأة في الانتخابات المحلية عن طريق القانون.
د-التمثيل النسبي لفئات معينة بالمجتمع في تشكيل المجالس المحلية: انتهى النص الدستوري بعبارة “… وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسباً للمسيحيين وذوي الاعاقة.”([80])، ويوجد ارتباط قوى بين نظام التمثيل النسبي والانتخاب بالقائمة الذي رأينا في موضع سابق أنه الوسيلة التي أراد المشرع الدستوري أن يكون تشكيل المجالس النيابية من خلالها، ويتم تطبيق التمثيل النسبي مع الانتخاب بالقائمة عن طريق توزيع عدد المقاعد المحددة في الدائرة الانتخابية على أساس نسبة الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها كل قائمة من القوائم المتنافسة، ولكن تطبيق نظام التمثيل النسبي بجوار الانتخاب بالقائمة ليس دائما بهذه البساطة، إذ توجد أنواع لهذا النظام، كما أن هناك طرقا دقيقة لحساب عدد المقاعد التي تستحقها كل قائمة بالمقارنة بعدد الأصوات التي حصلت عليها، ولهذا يختلف تطبيق نظام التمثيل النسبي من دولة إلى أخرى وفقا للنوع المأخوذ به والطريقة المطبقة في توزيع المقاعد المحلية على القوائم الحزبية، حسب عدد الأصوات التي نالتها كل قائمة، وكذلك وفقا لطريقة توزيع المقاعد المتبقية([81])، ويحقق التمثيل النسبي في القوائم الانتخابية عددا من المميزات كما يحمل في طياته عددا من العيوب وهو ما سنتناوله في الآتي:

أولاً: مميزات نظام قائمة التمثيل النسبي تتمثل في الآتي ([82]):

يعمل نظام التمثيل النسبي على تحقيق العدالة بين الأكثرية والأقلية فهو يعمل على منع الغبن والظلم عن الأقليات السياسية، وذلك عن طريق تمثيل هذه الأقليات تمثيلا يتناسب مع ما حصلته من أصوات في المعركة الانتخابية، بذلك يكون تشكيل المجالس المحلية مرآة صادقة وصحيحة لكافة الاتجاهات السياسية المؤثرة في الدولة.
يؤدي إلى تشجيع الأصوات التي تمتنع عن التصويت في الانتخابات لكونها لا ترى في المرشحين من يمثلها، فعندما يرى المعوق أو المسيحي مثلا مرشحا معوقا أو مسيحيا سيطرح مشكلاته التي يعانيها مثل ما يعانيها الناخب، ويعمل على حلها بجد، سيذهب ليصوت له لشعوره بأهمية صوته وأنه له قيمة ووزن في حسم المعركة الانتخابية.
يسمح التمثيل النسبي لتشكيل المجالس المحلية من أحزاب مختلفة ذات رؤى متباينة وبالتالي تنتهي فكرة سيطرة حزب أو عدد محدود من الأحزاب على تشكيلة المجالس المحلية، أي أنه يسمح للأحزاب الصغيرة أن تحتفظ بذاتيتها واستقلالها وبرامجها الخاصة.
يسمح نظام التمثيل النسبي بتمثيل الشعب بمختلف اتجاهاته وميوله وطوائفه، مما يؤدي إلى أن تكون المجالس المحلية معبرة تعبيرا صادقا عن آراء الشعب وميوله لا لجانب منها فقط.
ثانياً: عيوب نظامقائمة التمثيل النسبي تتمثل في الآتي ([83]):

يتسم نظام التمثيل النسبي بالتعقيد والصعوبة في التطبيق، كما أنه نظام معقد من الناحية الحسابية إلى درجة تؤدي إلى تأخير ظهور نتيجة الانتخابات، ويصعب فهمه على الناخب العادي لاكتناف العديد من مراحله بالغموض مما قد يؤدي إلى التلاعب في نتائج الانتخابات وتزييفها أو تشويهها من جانب السلطة التنفيذية، لتأتي النتائج غير معبرة عن حقيقة الرأي العام.

يؤدي التمثيل النسبي إلى كثرة عدد الأحزاب التي لا تستند إلى ثقل شعبي ولا تملك أي برامج حقيقية جادة وليس لديها مبادئ، فكل هذه الأحزاب تدرك أنها ستحصل على نسبة من مقاعد المجالس المحلية بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات، أي أن هذا النظام يؤدي إلى بث الحياة في أحزاب هزيلة إذا ما تركت وشأنها ماتت وأصابها الانحلال.

يأخذ دور الناخب في التضاؤل خاصة في حالة الأخذ بنظام القوائم المغلقة، إذ يتم اختيار المرشحين تبعا لترتيبهم في القوائم التي يتم إعدادها من قبل الحزب، ومن ثم يكون عضو المجلس المحلي المنتخب صنيعة الحزب وقادته وليس إرادة الناخب.

يؤدي التمثيل النسبي إلي وجود مجالس محلية غير متجانسة فكريا وأيديولوجيا مكونه من أعضاء ينتمون لأحزاب مختلفة، مما سيؤدي إلى حدوث خلافات بين أعضائها وكذا إصابة أعمالها بالجمود، والتردد في اتخاذ القرارات نتيجة لقيامها على توازنات حزبية وسياسية معينة، وقد ينتهي الحال إلى حلها وإجراء انتخابات أخرى، مما يؤدي لعدم قيام نظام إدارة محلية مستقر في الدولة، بل وجمود دور الإدارة المحلية في تطوير المحليات والمساعدة في تنفيذ خطة الدولة في ذلك الشأن.

يفرض هذا النظام على الناخب اختيار المعاقين والمسيحيين من المرشحين على القوائم الانتخابية دون النظر لكفاءة المرشح وقدرته على العطاء لدائرته، فالانتخاب هنا مرتبط بصفة المرشح وليس مكانته بين الناخبين.

ثالثاً: تقدير الباحث للتمثيل النسبي للمعاقين والمسيحيين في المجالس المحلية: يرى الباحث أن النص الدستوري أبى إلا أن يعطى كل فئة من الفئات التي ظهرت مطالبها بعد الثورة باعتبار كونها مهمشة أو مسلوبة الحقوق حصتها من كعكة المجالس النيابية والمحلية، فها هو يتحدث عن إعطاء نسبة عادلة من المقاعد المحلية للمسيحيين والمعاقين، ولم يحدد المشرع الدستوري كيف يكون التمثيل عادلا بالنسبة لهم في تشكيل المجالس المحلية؟، وكيف سيستطيع المشرع العادي تحقيق ذلك التمثيل العادل لهم؟ خصوصا وأنه بالنسبة للأخوة المسيحين هناك محافظات ومراكز ومدن وأحياء وقرى بها نسبة كبيرة جدا تفوق المسلمين خصوصا في الوجه القبلي من مصر، بينما هناك محافظات ومراكز ومدن وأحياء وقرى تكاد تنعدم فيها هذه النسبة، بل قد لا نجد لهم وجوداً فيها فكيف سيتم وضع قواعد عامة مجردة تحكم تمثيلهم العادل في ذلك الحين؟، وبالنسبة للمعاقين لم يحدد القانون كيف يتم تحديد نسبتهم مع وجود نفس المشكلة السابق الإشارة إليها بالنسبة للمسيحين، فاختلاف نسبهم من وحدة إقليمية لأخرى سيجعل من الصعب، بل قد يكون من المستحيل وضع قواعد عامة مجردة تحقق التمثيل العادل لهم في أغلب المجالس المحلية المشكلة بالانتخاب، كما أن طبيعة عمل المجالس المحلية – باعتبارها تتقاسم وظيفة الإدارة في أقاليمها المحلية مع السلطة المركزية- تحتاج لعضو مجلس محلي يتمتع بموفور الصحة والقدرة على التحرك داخل الإقليم الذي يمثله بشكل دوري ليقف على المشكلات المحلية ويسعى لحلها مما يكون معه عمل عضو المجلس المحلي مجهدا بدنيا للصحيح فما بالنا بالمعاق، وإن كان من المقبول وجود نواب في البرلمان يمثل المعاقين لاختلاف طبيعة عمل عضو المجالس النيابية عن عضو المجالس المحلية والدور المنوط بكليهما ([84]).

المبحث الرابع: النظام الدستوري لتشكيل المجالس المحلية في الميزان

هناك عدد من المآخذ الدستورية والقانونية والفنية التي يمكن أن يثيرها التنظيم الدستوري لتشكيل المجالس المحلية الوارد في المادة (180) من دستور 2014 فعلى الرغم من كونه نصا جاء لترسيخ مبدأ ديمقراطية الإدارة المحلية؛ إلا أنه جاءت به تفاصيل وقيودَ قد تعصف بنظام الإدارة المحلية ككل، بل قد تؤدي لبطلان كل انتخابات تجرى، خاصة بتشكيل المجالس المحلية وتتمثل تلك المآخذ من وجهة نظر الباحث في :

النص الدستوري يصطدم أول ما يصطدم مع نص المادتين (9)، (53) من ذات الدستور والتي قررت الأولي أن” تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”، في حين جاء نص الأخيرة كالآتي” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو السن، أو لأي سبب آخر.”. فالمشرع الدستوري في المادة (180) من الدستور وضع تمييزا إيجابيا لفئات معينة بالمجتمع (الكوتا)، مما يُظهر انفصال النصوص الدستورية في الدستور الحالي وعدم تكاملها بل وتعارضها في بعض الأحيان، وهو ما يخالف ما استقر عليه الفقه الدستوري وأحكام المحكمة الدستورية العليا من أن” الأصل في النصوص التي يتضمنها الدستور هو تساندها فيما بينها، واتفاقها مع بعضها البعض في صون القيم والمثل العليا التي احتضنها الدستور ولا يتصور بالتالي تعارضها أو تماحيها، ولا علو بعضها علي بعض، بل جمعها تلك الوحدة العضوية التي تقيم من بنيانها نسيجا متضافرا يحول دون تهدمها”([85])،كما أن “الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً متماسكاً ، بما مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومنه لا يجوز أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيماً مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي”([86]).
وقد أوضحت المحكمة الدستورية العليا النهج التاريخي للمشرع الدستوري في تقريره لمبدأ المساواة وأهمية هذا المبدأ في الحفاظ على المجتمع بقضائهاأن” الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور سنة 1923 ، وانتهاءبالدستور القائم ، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانونde Jure ، وكفلت تطبيقهعلى المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي ، وعلى تقدير أنالغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صورالتمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها ، وأضحى هذا المبدأ – في جوهره – وسيلةلتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحرياتالمنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال أعمالها كذلك، إلى تلك التي كفلها المشرعللمواطنين في حدود سلطته التقديرية ، وعلى ضوء ما يرتئيه محققا للمصلحة العامة، وحيث إن الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور سنة 1923 ، وانتهاءبالدستور القائم ، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانونde Jure ، وكفلت تطبيقهعلى المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي ، وعلى تقدير أنالغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صورالتمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها ، وأضحى هذا المبدأ – في جوهره – وسيلةلتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحرياتالمنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال أعمالها كذلك ، إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية ، وعلى ضوء ما يرتئيه محققا للمصلحة العامة”([87])، فقيمة التكافؤ في فرص الحياة كقيمة سياسية تعنى النظر إلي الأفراد بوصفهم كائنات بشرية متوازنة أمام أهداف محددة دون الأخذ في الاعتبار بقوتهم السياسية والاقتصادية أو بخصائصهم الدينية والعرقية والثقافية، أي أن كل الناس سواء والأجدر منهم وفقا لشروط موضوعية هو الأحق بالوصول إلى أهدافه أو فرصه في الحياة، فإعطاء الجميع فرصا متكافئة هو الذي يظهر الفروق بين الناس من حيث الأخلاق والقدرة العقلية([88]).

لا يمكن قبول ما يروج له البعض من أن الكوتا يمكن اعتبارها تطورا للمفهوم الليبرالي التقليدي لمفهوم المساواة والذي يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص ليتحول إلي تكافؤ النتائج بدلا من تكافؤ الفرص والذي يقوم على أساس أن إسقاط الحواجز الرسمية ليس كافيا في ظل معوقات واقعية وعملية وذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية، وبالتالي يعد نظام تخصيص المقاعد وسيلة لتحقيق تكافؤ النتائج والقفز فوق المعوقات الحقيقية العلني منها والخفي([89])، لأن ذلك يتناقض مع أحكام المحكمة الدستورية العليا المستقرة على أن” ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه هو التنظيم الذي يقيم تقسيما تشريعيا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها، بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيا كان التمييز انفلاتا وعسفا، فلا يكون مشروعا دستوريا([90])، ” وإن كان مبدأ المساواة أمام القانون لا يعني معاملة المواطنين جميعا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعي قد ينطوي على تقسيم أو تصنيف أو تمييز سواء من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو من خلال المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل نصوصه -التي ينظم بها المشرع موضوعا معينا- عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخى تحقيقها بالوسائل التي لجأ إليها منطقيا وليس واهيا أو واهنا أو منتحلا بما يخل بالأسس التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا، ومن ثم فإذا ما قام التماثل في المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئات المواطنين وتساويهم بالتالي في العناصر التي تكونها، استوجب ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها في حقهم، فإن خرج المشرع في ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية ، سواء كان خروجه هذا مقصودا أم واقع([91])، أي أن التمييز الذي أقرته تلك الأحكام لابد أن يستند إلى ما يبرره ويجب أن يكون هذا المبرر حقيقيا ومنطقيا وليس واهيا أو منتحلا، فلا يوجد من وجهة نظرنا ما يبرر حقيقة هذا التمييز الفج لبعض فئات المجتمع اللهم إلا أن الهدف منه إرضاء بعض فئات الشعب المصري فقط، وهو ما يتناقض كليا مع المبدأ الديمقراطي الذي لا يعتد إلا بصفة المواطنة فقط([92]).
مخالفة النص الدستوري محل الدراسة لمبدأ المساواة بين كافة المواطنين ينحصر في عدم التمييز بين من تتساوى مراكزهم القانونية من خلال تطابق العناصر التي يقوم عليها، وبالتالي أضحى هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر تطبيقها على حقوق الأفراد وحرياتهم المقررة في الدستور فحسب، بل ينسحب مجال أعمالها كذلك إلى الحقوق التي يكفلها المشرع لهم في حدود سلطته التقديرية([93])، ومبدأ عدم التمييز يرتبط بمفهوم الديمقراطية، فلا يجوز في إطار إنفاذ التمييز بين المواطنين بعضهم البعض في شأن الحقوق السياسية التي يمارسونها كالاقتراع والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء([94])، وهو ما أكدت عليه المحكمة الدستورية العليا في حكم حديث لها عندما قضت بأن” دستور 2014 قد أولى مبدأ المساواة أهمية كبرى بوجود نص المادة (53) منه بين دفتيه وأظهرت في حكمها أهمية “هذا المبدأ باعتباره ركيزة أساسية للحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة بين المراكز القانونية التي تنظم بعض فئات المواطنين ومن ثمّ تساويهم في العناصر التي تكونها، استوجب ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها في حقهم، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية”([95]).

هذا النص الدستوري أوجب ،لكي يتم تشكيل المجالس المحلية بالحصص الواردة فيه، نظاما انتخابيا معينا وهو الانتخاب بواسطة القائمة النسبية مما يصادر حق غير المنتمين من الأحزاب في الترشح، ويصادر حق المنتمين للأحزاب غير المرشحين بواسطة أحزابهم من ذات الحق، وهو ما يعد مناقضا في مبناه ومعناه للمادة (87) من الدستور والتي جاء نصها أن” مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون”، والمادة (92) من الدستور والتي تنص على أن” الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها”([96])، وقد ناقش حكم المحكمة الدستورية العليا هذه المسألة بأروع ما يكون عليه التحليل المنطقي للنصوص الدستورية حيث ورد فيه أن” الدستور اتخذ من التعددية الحزبية طريقا فاعلاً-لا وحيداً-لتعميق المفهومالديموقراطي لنظام الحكم، مؤكداً بذلك أن الديموقراطية لا يجوز أن تكون إجماعازائفاً أو تصالحاً مرحلياً أو عملا لتهدئة الخواطر، وأنها -في مضمونها ومرماها -اعتصام بالإرادة الشعبية ليكون النزول عليها حقاً، وواجباً. وهي باعتبارها كذلكينافيها تقرير تفضيل بعض المواطنين على بعض في شأن الحقوق التي يمارسونها، أوالتمييز بينهم في ذلك لاعتبار يتعلق بانتماءاتهم السياسية، أو الركون إلى آرائهم أو ميولهم، أو عصبيتهم. وينقضها كذلك، ألا يكون التزاحم على مقاعد المجالس ذاتالصفة التمثيلية، حقاً لكل مواطن في الحدود التي يقتضيها تنظيم هذا الحق، وبما يوفرلأيهم الفرص ذاتها التي يؤثر من خلالها -متكافئاً في ذلك مع غيره من المواطنين -في تشكيل إطار للمصالح القومية، وطرائق تحقيقها. وتلك هي الإرادة الشعبية التيتعبر في صورها الأكثر شيوعاً، عن وجودها، من خلال اختيارها الحر لممثليها في تلكالمجالس، وعن طريق وزن أصواتها التي تحدد من يظفرون بثقتها. ولا يتصور بالتالي أنتكون الحقوق السياسية التي كفلها الدستور – وقوامها حقاً الاقتراعوالترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء -وقفاً على الحزبيين يديرون زمامها، ويملكونناصيتها، منفردين بتبعاتها، وإلا صار أمر التعددية الحزبية تغليباً لفئة منالمواطنين تدين بالولاء لأحزابها، وتشويها للحياة السياسية التي قصد الدستور إلىإنمائها بعد عِقَمها، وإقصاء لغير الحزبيين عن الإسهام فيها، وإهدارا لحقهم – كبرعددهم أو قل – في الدفاع عن مبادئهم، وأن يكون موقعهم من هيئة الناخبين، وإمكانتأثيرهم فيها، للحصول على ثقتها بمرشحيهم، مساوٍ لغيرهم . وحيث إنه متى كان ذلك،تعين ألا يكون الانتماء الحزبي طريقاً لا بديل عنه للفوز بعضوية المجالس التي يكونالحوار والنقاش قاعدة للعمل فيها” Deliberative Assemblies “ومن غير المفهوم كذلكأن يطلق المشرع حق الاقتراع للمواطنين المؤهلين لمباشرة حقوقهم السياسية، وأن يتخذموقفا مختلفا من ترشيحهم لعضوية تلك المجالس، ذلك أن هذين الحقين متكاملان،ويتبادلان التأثير فيما بينهما، وبوجه خاص من خلال القيود التي يفرضها المشرع على أيهما.

وما كان الدستور ليرد إلى الصورة الحزبية، مواطنين يأبونها، ليصبغهم بها،فلا يلجون الطريق إليها طوعاً، وهو ما يناقض حق الاجتماع -ذلك أن الأصل في أشكال التجمع على اختلافها -والتنظيم الحزبي من صورها -أن تكون الإرادة مدارها، سواءً عند الانضمام إليها، أو الخروج منها. وحيث إنما تقدم يؤيده، أن الأصل في العمل الوطني، أن يكون جماعياً يقوم على تضافر الجهودوتعاونها، فلا يمتاز بعض المواطنين على بعض في إدارة الشؤون القومية أو تصريفها، بلتنعقد السيادة لجموعهم يباشرونها على الوجه المبين في الدستور على ما تقضى به مادتهالثالثة، بما يتفرع عن هذه السيادة من نتائج، من بينها عدم جواز تجزئتها، وتواصلأمتهم وتضامن أجيالها، وغلبة مصالحها العليا ودوامها، وقيام نظام الحكم فيها علىأساس تمثيلي”Regime Representative”وإذ يتزاحم المواطنون على مقاعد المجالسالشعبية، فإن انتماءاتهم الحزبية لا تقدمهم على غيرهم، ولا تمنحهم أفضلية أياً كاننوعها، بل يكون نصيبهم من الإسهام في الحياة السياسية، عائداً إلى هيئة الناخبين،ومحدداً على ضوء مقاييسها، ذلك أن هذه الهيئة، هي التي تفرض من خلال أصواتها – وبعيداً عن أشكال الانتماء أياً كان لونها – من يفوز بثقتها، وآية ذلك ما يأتي:

أولا: أن صور التمييز بين المواطنين التي قصد الدستور – وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورةتحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وعلى رأسها – وفى مركزالصدارة منها – حقاً الاقتراع والترشيح باعتبارهما محور السيادة الشعبية وقاعدةبنيانها – فلا يجوز إنكار أصل وجودها أو تقييد آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً لممارستها أو الانتفاع بها . ولازم ذلك أمران أولهما: ألا يكون الانتماء الحزبي شرطاً لانتخاب أعضاء المجالس الشعبيةالمحلية، إذ يعتبر هذا الشرط مقحماً على تكوينها، مجافياً لأهدافها، مطلقاً يد الحزبيين، لتكون لأحزابهم كل الحقوق التي تهيمن بها على مسرح الحياة السياسية، فلاتنفلت منها أو ينازعها فيها خصيم؛ متحفيا على مواطنين آخرين لا يختلفون عن الأولينإلا في الاستقلال عن تحزبهم، ولكنهم لا يصيبون من تلك الحقوق شيئاً، ولا يتولونقدراً من مسئوليتها، بل يكون نصيبهم منها عدماً أو فتاتاً. ثانيهما: ألا يتخذالمشرع من تنظيم الحقوق السياسية، مدخلاً لتقرير مزايا للحزبيين تربو بها فرصهم فيالفوز بمقاعد المجالس الشعبية المحلية على من عداهم، ذلك أن تنظيم الحقوق جميعهاوإن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في الحدود التي يقتضيها الصالح العام، إلا أن سلطته هذه لا يجوز أن تنال من تلك الحقوق بما يقلص من محتواها،أو يجردها من خصائصها أو يقيد من آثارها، وإلا كان هذا التنظيم مخالفاً للدستور”([97]).

مخالفة هذا النص لحق المواطنين في اختيار المرشحين وذلك بتضيق نطاق الاختيار في عدد محدد من المرشحين وهو ما يفرض على المواطن، إما اختيار ذلك المرشح أو مقاطعة الانتخابات وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا” أن حق المرشحين في الفوز بعضوية المجالس التي كفل الدستوروالقانون صفتها التمثيلية، لا ينفصل عن حق الناخبين في الإدلاء بأصواتهم لاختيار منيثقون فيه من بينهم، ذلك أن هذين الحقين مرتبطان، ويتبادلان التأثير فيما بينهما.ولا يجوز بالتالي أن تفرض على مباشرة أيهما تلك القيود التي لا تتصل بتكامل العمليةالانتخابية وضمان مصداقيتها Integrity and Reliability of the Electoral Process أوبما يكون كافلا إنصافها، وتدفق الحقائق الموضوعية المتعلقة بها، بل يجب أن تتوافرلها بوجه عام أسس ضبطها، بما يصون حيدتها، ويحقق الفرص المتكافئة بين المتزاحمينفيها. ومن ثم تقع هذه القيود في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كان مضمونها وهدفهامجرد حرمان فئة من المواطنين -ودون أسس موضوعية – من فرص الترشيح لعضوية تلكالمجالس أو تقييدها، ذلك أن أثرها هو إبعاد هؤلاء نهائيا عن العملية الانتخابية بأكملها، وحجبهم بالتالي عن الإسهام فيها، بما مؤداه احتكار غرمائهم لها، وسيطرتهم عليها دون منازع، وإنهاء حق المبعدين عنها في إدارة الحوار حول برامجهم وتوجهاتهم،وهو ما يقلص من دائرة الاختيار التي يتيحها المشرع للناخبين، وبوجه خاص كلما كان المبعدون أدنى إلى ثقتهم، وأجدر بالدفاع عن حقوقهم. بل إن القيم العليا لحرية التعبير- بما تقوم عليه من تنوع الآراء وتدفقها وتزاحمها – ينافيها ألا يكون الحوار المتصل بها فاعلا ومفتوحا، بل مقصورا على فئة بذاتها من المواطنين، أومتعاظما بمركزهم بناء على صفتهم الحزبية، أو منحصرا في مسائل بذواتها لا يتعداها كذلك فإن حق الناخبين في الاجتماع مؤداه ألا تكون الحملة الانتخابية – التي تعتبر قاعدة لتجمعاتهم، وإطارا يحددون من خلالها أولوياتهم – محدودة آفاقها على نحو يقلص من الفرص التي يفاضلون من خلالها بين عدد أكبر من المرشحين، وانتقاء من يكون من بينهم شريكا معهم في أهدافهم Like – minded Citizens قادرا على النضال من أجل تحقيقها.

ولا يجوز من جهة أخرى التذرع بتنظيم العملية الانتخابية سواء من حيثزمانها، أو مكان إجرائها، أو كيفية مباشرتهاelections The Time, place, and manner of للإخلال بالحقوق التي ربطها الدستور بها بما يعطل جوهرها، ولا لتأمين مصالحجانبية محدودة أهميتها، ولا التدخل بالقيود التي يفرضها المشرع عليها للحد من حريةالتعبير – وهى قاعدة التنظيم الانتخابي ومحوره – ذلك أن تنظيم العملية الانتخابيةلا يكون ممكنا إلا إذا كان معقولاً reasonable، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان محايداًفي محتواه -Content based regulation بما يوفر لهيئة الناخبين الحقائق التيتعينها على تحديد موقفها من المرشحين الذين يريدون الظفر بثقتها”([98])، كما تقرر أيضا بأن” إن حقي الترشيح والانتخاب من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور،وهما باعتبارهما كذلك، لا يجوز المساس بهما، أو تفسير النصوص التشريعية التي تنظمهما على نحو يؤدي إلى الانتقاص من محتواهما، بل يتعين تفسيرها تفسيراً ضيقاًيؤدي إلى عدم مصادرة حق الناخبين في اختيار المرشح الذي يَرَوْنَ أنه أهلاًلتمثيلهم في مجلس الشعب، وفتح باب الترشيح أمام كل من يرغب في الترشيح لعضوية ذلك المجلس، وفتح باب الترشيح أمام كل من يرغب في الترشيح لعضوية ذلك المجلس،وتحقق ذلك يَدعمُ حقي الانتخاب والترشيح معاً”([99]).

نظام الحصص بوصفها فرض من القيادة السياسية لا تعكس بالضرورة دراسة حقيقية للاحتياجات أو النظر في البيئة الحالية، فإدخال نظام الحصص بالنسبة لهم يعبر إلى حد كبير عن رغبة شخصية من النخبة، وبالتالي فلا يمكن اعتباره تعبيرا طبيعيا عن الوضع الاجتماعي السائد أو عن المصلحة الوطنية ([100])، كما أنه يتناقض مع فكرة التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع وهو ما قررته المحكمة الدستورية العليا عندما قضت بأن” أن ما نص عليه الدستور … من قيام المجتمع على أساس من التضامنالاجتماعي، يعنى وحدة الجماعة في بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيقبينها، ومزاوجتها ببعض عند تعارضها، واتصال أفرادها وترابطهم بما يرعى القيم التيتؤمن بها، ليكون بعضهم لبعض ظهيراً فلا يتفرقون أبداً. وهم بذلك شركاء فيمسؤوليتهم قبلها، لا يعلو بعضهم على بعض، ولا يتقدم فريق منهم على غيره في الحقوق التييباشرها، ولا ينال قدراً منها يكون بها أكثر امتياز من سواه، بل يتمتعون جميعهم -وبغض النظر عن آرائهم ما كان منها سياسياً أو رمزياً أو متخذاً غير ذلك من الأشكال-بالحقوق عينها-التي تتكافأ مراكزهم القانونية قبلها، وبالوسائل ذاتها التيتعينهم على ممارستها. ولا يجوز بالتالي -وفى نطاق المجالس الشعبية المحلية –أنيقبض المشرع يده عن نفر من المواطنين ليكون صوتهم فيها خافتاً، وموقفهم متراجعاً،وأن يبسطها على غيرهم لتكون أكثر تمثيلاً لمصالحهم، وأحفل بشئونهم ([101]).

من الواضح أن مبتدعي نظام الحصص كانوا يريدون به استمالة طوائف معينة من الشعب للترسيخ لحكمهم؛ وتساءل الفقه كيف لنظام سياسي يلغي الدعم الاقتصادي للسلع والخدمات، ويقبل فكرة الدعم السياسي لفئات معينة من المجتمع أصبحت قادرة على التأثير دون دعم؟، كما أن فكرة هذا التمييز تؤدي لوضع حواجز اجتماعية في مجتمع يسعى لأن يكون مجتمعا ديمقراطيا، للمواطن فيه حرية الحركة بين مجموعاته، وحرية اختيار ما يريد من عمل، فالظروف الحالية والأوضاع التي يعيشها مجتمعنا والحقائق التي يشهدها عصرنا والأهداف التي نسعى إليها كلها أصبحت تدعوإلى إلغاء بدعة هذا التمييز السياسي الذي لا مثيل له في دول العالم، فكل فئة ستسعى لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الأخرين، بل على حساب المصلحة العامة، أي أن نظام الحصص قد يتسبب في اعلاء المصلحة الخاصة علي المصلحة العامة([102]).

ضمان نسبة تمثيل معينة لأحد الطوائف أو الفئات يفتح الباب أمام مطالب مناظرة من الفئات والطوائف الأخرى، وهو ما لا يمكن عده في ميزان وحدة الدولة واستقرارها، وهو ما اثبتته الأحداث التاريخية، حيث كان من بين الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية أن البرلمان الموجود عام 1789 والمعروف باسم des ETAT généraux كان قائما على تمثيل أربع فئات هم الأشراف، ورجال الدين، وسكان المدن، والفلاحين، فالتفرقة بين الطبقات كانت أحد اسباب الثورة الفرنسية التي رفعت مبدأ المساواة إلى جانب الحرية والإخاء ([103]).

وفي النهاية -يرى الباحث-أنه يجب على المشرع الدستوري تدارك الأمر سريعا بتعديل المادة (180) من دستور 2014 في الجزء الخاص بمنح نسب في تشكيل المجالس المحلية لبعض فئات المجتمع وقصر تلك المجالس عليهم مع الإبقاء على تشكيل تلك المجالس عن طريق الانتخاب وعلى خفض سن الترشح لعضوية تلك المجالس لسن 21 سنة وتأقيت مدة تلك المجالس بالأربع سنوات مع إعطاء تلك المجالس حرية اتخاذ القرارات الإدارية الخاصة بتنمية الأقاليم التابعة لها.

الخاتمة

تناولنا في بحثنا هذا ما ورد من تنظيم دستوري في الدستور المصري الحالي لانتخابات المجالس المحلية بشكل تفصيلي باعتبار أن الدستور الحالي جاء عقب ثورتين 25 يناير 2011، 30 يونيو 2013 وهو دستور تستشرف به مصر وتتطلع لمستقبل أفضل، كما أنه الدستور الذي سيحكم أي قانون لتنظيم الإدارة المحلية خصوصا وان القانون الحالي لم يعد صالحا من الناحية الدستورية للقيام بذلك التنظيم، وبالطبع أي قانون جديد أو قديم به جزء كبير يهتم بتنظيم الانتخابات المحلية باعتبارها الركن الأول والأساسي لاستقلال المجالس المحلية، وبالتالي يجب ان يترجم ذلك القانون ما ورد بالدستور في هذا الشأن وإلا كان معيبا بعيب عدم الدستورية، وقد قمنا بتقسيم بحثنا لأربعة مباحث كالآتي: المبحث الأول : الدستور والشخصية الاعتبارية للوحدات المحلية ، وذلك كمدخل لازم لفهم السبب الذي تجرى علي أساسه الانتخابات المحلية فهي لا تجرى إلا لإيجاد مجالس منتخبة تمثل الشخصية الاعتبارية ” الوحدة المحلية” أمام مختلف جهات الدولة وتدير أموالها، ثم تطرقنا في المبحث الثاني: الطريقة الدستورية لتشكيل المجالس المحلية ، فحدد المشرع الدستوري وحكم أن تكون طريقة تشكيل المجالس المحلية هي طريقة الانتخاب بالقائمة، وهو ما سينعكس بالطبع على تسيس المجالس المحلية فتصبح مفرخه للقيادات السياسية في الدولة فيما بعد ككثير من دول العالم المتقدم، ثم تطرقنا في المبحث الثالث: الشروط الدستورية لتشكيل المجالس المحلية، فأوضحنا الكوتا المقررة لعدد من فئات المجتمع في تشكيل المجالس المحلية وتعليقنا عليها، وفكرة التمثيل النسبي لبعض الفئات، ثم أظهرنا في المبحث الرابع: النظام الدستوري لتشكيل المجالس المحلية في الميزان، ما توصلنا إليه من مطاعن يمكن أن توجه لهذا النص الدستوري من واقع نصوص الدستور الأخرى، وأراء الفقهاء وما استقرت عليه المحكمة الدستورية العليا ، وانتهينا لوجوب تدخل المشرع الدستوري بتعديل نص المادة (180) بإلغاء كل صنوف الكوتا والتمييز الواردة به حتى لا تصاب انتخابات المجالس المحلية بالجمود ، بل يمكن أن يتم الطعن عليها فتصاب بداء الحل بعد تمام الانتخاب.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أردد قول الإمام الشافعي:

كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي

وبالله التوفيق

ثبت المراجع :

أولاً: المراجع باللغة العربية:

د. السيد محمد كيلاني: الإدارة المحلية وتطويرها، علاقتها بالتخطيط وتوطن المشروعات في مصر، معهد التخطيط القومي، أبريل 1988.

د. أحمد عبد الفتاح ناجى: تحديث الإدارة المحلية في مصر، مكتبة زهرة الشروق، 2007.

د. أميرة المعايرجى: تمثيل المرأة في المجالس النيابية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2010.

د. إيمان بيبرس وأخرين: المشاركة السياسية للمرأة في الوطن العربي، وما بعدها بحث منشور ومتاح على شبكة الإنترنت على موقع:

www.parliament.gov.sy/SD08/msf/1432529550_.pdf

أ. بسنت محمد علي موسي: تمثيل المرأة في مجلس الشعب المصري دراسة في انتخابات 2000، 2005، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم علوم سياسية، جامعة القاهرة، 2010.

أ. بلال أمين زين الدين: النظم الانتخابية المعاصرة دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، 2011.

د. ثروت بدوي: القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2006.

د. حسام الدين كامل الأهوانى: المدخل للعلوم القانونية، الجزء الثاني، د.ن، ط.3، 1997.

د. حسين عثمان محمد عثمان: الإدارة الحرة للوحدات المحلية دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2015.

د. خالد علي سماره: تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها دراسة مقارنة مع التطبيق في المملكة الأردنية الهاشمية، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 1984.

د. ربيع أنور فتح الباب: النظم السياسية، مكتبة الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر، 1999.

د. رمزي طه الشاعر: القانون الدستوري، مكتبة الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر، 2002.

د. زكي محمد النجار: الدستور والإدارة المحلية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 1995.

أ. سعد مظلوم العبدلي: الانتخابات ضمانات حريتها ونزاهتها دراسة مقارنة، دار دجلة للنشر، المملكة الأردنية الهاشمية، ط.1، 2009.

د. سليمان محمد الطماوي: شرح نظام الحكم المحلي الجديد، دار الفكر العربي، ط.1، 1980.

د. صفوان المبيض، د. حسين الطراونة، د. توفيق عبد الهادي: المركزية وللامركزية في تنظيم الإدارة المحلية، البازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن،2011.

د.صلاح الدين فوزي: الإدارة المحلية في التشريع المصري ” نحو إدارة محلية أفضل”، دار النهضة، 1992.

د. عبد الحكيم فوزي سعودي: ضمانات الأشراف والرقابة على الانتخابات دراسة مقارنة بالنظام الفرنسي، دار النهضة العربية، ،2015

د. عبد العليم مشرف: الأنظمة السياسية المعاصرة، د.ن 2010.

د. عبد الغنى بسيوني عبد الله: أنظمة الانتخابات في مصر والعالم، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990.

د. علي هادى حمودىالشكروى، د. إسماعيل صعصاع البديري، د. رفاه كريم رزوت: تشكيل المجالس المحلية في القانون العراقي دراسة مقارنة، بحث منشور بمجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة بابل، العراق، العدد الثاني، السنة السابعة، 2015.

د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران: النظام الانتخابي في جمهورية مصر العربية ” دراسة نظرية وتطبيقية”، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2017.

د. فتحي فكرى: القانون الدستوري، الكتاب الثاني، دار النهضة، 2000.

د. فؤاد سمير فؤاد أحمد صبح الديب: الرقابة الشعبية على أعمال الإدارة المحلية ” دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2013.

أ. فؤاد مطير الشمري: التجارب الانتخابية في العالم، دار أسامة للنشر والتوزيع، ط.1، 2014.

أ. كانوني سفيان: المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المحلية المنتخبة بين آليات التمكين السياسي وفعالية العضوية” دراسة ميدانية بالمجلس الشعبي الولائي لولاية سطيف” بحث مقدم للندوة العلمية الوطنية المنعقدة يوم 15 مارس 2016، تحت عنوان المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية دراسات وأبحاث، والمنعقدة بجامعة محمد لمين دباغين، سطيف، الجزائر، منشور بمعرفة مؤسسة حسين رأس الجبل للنشر والتوزيع، القسطنطينية، الجزائر، 2016.

د. مجدي مدحت النهري: الإدارة المحلية بين المركزية واللامركزية، مكتبة الجلاء الحديثة، المنصورة، 2001.

د. محمد أبو زيد محمد علي: القضاء الإداري، ط.2، د.ن، 2009.

د. محمد أحمد عبد النعيم: الاختصاص الرقابي للمجالس الشعبية المحلية في النظام المحلي المصري، دار النهضة العربية، 2001.

د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الأول، د.ن، د. ت.

د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الثاني، د.ن، د.ت.

د. محمد صلاح عبد البديع السيد: نظام الإدارة المحلية في مصر بين النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، ط.1، 1996.

د. محمد فرغلي محمد علي: نظم وإجراءات انتخاب أعضاء الجالس المحلية في ضوء القضاء والفقه دراسة تأصيلية وتطبيقية لنظام الانتخاب المحلي في مصر ودول المغرب، دار النهضة العربية، 1998.

د. محمد محمود الطعامنه: نظام الإدارة المحلية (المفهوم والفلسفة والأهداف) بحث قدم للملتقي العربي الأول، حول نظام الإدارة المحلية في الوطن العربي، والمنظم بمعرفة المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة الدول العربية، والمنعقد في صلاله – سلطنة عمان خلال الفترة من 18-20 أغسطس 2003.

د. مصطفي محمد موسي: التنظيم الإداري بين المركزية واللامركزية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992.

د. وهدان محمد رشاد: القيم السياسية في المجتمع المحلي، بحث مقدم للمؤتمر السنوي الثامن للبحوث السياسية المنظم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، خلال الفترة من 3-5 ديسمبر 1994، والمنشور بمعرفة مركز البحوث والدراسات السياسية بذات الكلية وبذات الجامعة، ط.1، 1995.

د. نبيلة عبد الحليم كامل، د. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2004.

أ. نجوى فلكاوي: المشاركة السياسية مقاربة مفاهيمية وتاريخية، بحث مقدم للندوة العلمية الوطنية، والخاصة بالمشاركة السياسية للمرأة الجزائرية دراسات وأبحاث والمنعقدة بجامعة محمد لمين دباغين، سطيف، والمنعقدة يوم 15 مارس 2016، مؤسسة حسين رأس الجبل للنشر والتوزيع، القسطنطينية، الجزائر، 2016.

المراجع الأجنبية:

Bruno .Remond ,jacquesblan , les collectivités locales , presses de la foundationnationale des sciences politiques , Dalloz , juin , 1992.

BURDEAU –Georges: Droit Constitutional et Institutions Politiques,18émeedition,L.G.D.J. Paris,1977.

DUVERGER-Maurice: Institutions Politiques et Droit Constitutionnel,1-les grands Systèmes Politiques,16 éme edition,Themis,Paris,1980.

CADART-Jacques: Institutions Politiques et Droit Constitutionnel, T.1-11,L.G.D.J,Paris.1975.

Geror.Vedel,manney.Elementairede droit.constitutionae,1949.

jean . Bernard Auby , jean . François Auby , droit des collectivités locales ,presses universitaire de France , septembre , 1990.

Jean Riveron et Jean Waline,droit administrative,14 e éd,Dalloz,1992.

Louis Favoreau,PatrickGala,RichardGhevontion, jean Louis Mestre,OttoPfersmann,André Roux et Guy Scoffoni, Droit constitutionnel, Dollaz,coll.précis,Droit public Science politique,12éme éd.,2009.

Pacter(P.): Inststutionspolitiques droit constitutionnel,18éd,Amand Colin, 1999.

Vedel: institution politiques de mondcontemnorain. Fascculel,1972-1973.

([1])وهو ما أكد عليه القضاء الإداري في أحكامه فقضي بأن “الدستور قد خصص الفرع الثالث للإدارة المحلية وتشكيل المجالس الشعبية وذلك ضمن الفصل الثالث الخاص بالسلطة التنفيذية، ومن ثم فإن تلك المجالس تعد جزءا من السلطة التنفيذية وليست مستقلة عنها فضلا عن انه طبقا لأحكام الدستور فإن القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية ومنها المجالس الشعبية لا تنأى بحال من الأحوال وعلى أي وجه من الوجوه عن رقابة القضاء” راجع حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 8879 لسنة 58 ق جلسة 24/1/2004.

([2]) راجع حكم المحكمة الدستورية في قضية رقم 11 لسنة 13 ق. س جلسة 8/7/ 2000.

([3]) د. حسام الدين كامل الأهواني: المدخل للعلوم القانونية، الجزء الثاني، د.ن، ط.3، 1997، ص327، وما بعدها.

([4]) راجع في تفاصيل ذلك د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الثاني، د.ن، د.ت، ص11، وما بعدها.

وقد جمع جانب من الفقه هذه الشروط في عنصرين يلزم توافرهما لوجود الشخص المعنوي أولهما: مادي أو الموضوعي، والثاني: شكلي، أما العنصر الموضوعي فيتحقق بوجود مجموعة من الأشخاص أو من الأموال يقوم بينها ارتباط من أجل تحقيق غرض معين، فاستهداف غرض معين هو الذي يجمع بين مجموعات الأشخاص أو الأموال من أجل بلوغ هذا الغرض، فينشأ بينها قدر من الترابط يبرر تجمعها في ذمة واحدة وتعلقها بشخصية واحدة وانتماءها إلى تنظيم معين يكفل تحقيق أهدافها، ولا بد من أن يقوم هذا التنظيم علي وجود أشخاص طبيعيين أي آدميين يفصحون عما يقتضيه تحقيق أغراض الشخص المعنوي، ومستخدمين عقولهم وإرادتهم للتعبير عن مصالح ذلك الشخص وما يتطلبه من حماية، ويجب أن يكون الغرض الذي يسعى الشخص إلي تحقيقه غرضاً مشروعاً وأن يكون مستمراً، أي ألا يكون غرضا عرضيا يمكن تحقيقه دفعة واحدة أو مؤقتا بحياة شخص. وعليه فالمصالح التي يسعى إلى تحقيقها الشخص المعنوي لها طابع الاستمرار، ولا يمكن تأقيتها بمدة محددة، أما العنصر الشكلي: فهو يتحقق باعتراف الدولة أو المشرع بالشخصية المعنوية. وقد يكون الاعتراف صريحاً، وقد يكون ضمنياً. وقد يتم بطريق الاعتراف العام، وقد يتم بطريق الاعتراف الخاص. راجع د. ثروت بدوي: القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2006، ص269، 270.

([5]) د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الأول، د.ن، د. ت، ص251.

([6]) د. محمد أحمد عبد النعيم: الاختصاص الرقابي للمجالس الشعبية المحلية في النظام المحلي المصري، دار النهضة العربية، 2001، ص3، 4.

([7]) د. السيد محمد كيلاني: الإدارة المحلية وتطويرها، علاقتها بالتخطيط وتوطن المشروعات في مصر، معهد التخطيط القومي، أبريل 1988، ص1.

([8]) د. أحمد عبد الفتاح ناجى: تحديث الإدارة المحلية في مصر، مكتبة زهرة الشروق، 2007، ص85.

([9]) راجع بالتفصيل في ذلك د. السيد محمد كيلاني، مرجع سابق، ص2، وما بعدها.

([10]) د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الأول، مرجع سابق، ص244.

([11]) د. أحمد عبد الفتاح ناجى، مرجع سابق، ص86، 87.

([12]) د. حسين عثمان محمد عثمان: الإدارة الحرة للوحدات المحلية دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2015، ص173، 174.

([13]) د. حسين عثمان محمد عثمان، مرجع سابق، ص177، 178.

كما أن القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 قد منح الشخصية الاعتبارية للوحدات المحلية عندما نص في المادة (52) منه على الآتي :”الأشخاص الاعتبارية هي:

الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون. والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية………”.
([14]) د. ثروت بدوي، مرجع سابق، 346، وما بعدها.

([15]) راجع قريب من ذلك د. مصطفي محمد موسي: التنظيم الإداري بين المركزية واللامركزية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1992، ص477، وما بعدها، د. نبيلة عبد الحليم كامل، د. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الإداري، دار النهضة العربية، 2004، ص106، 107.

([16]) د. أحمد عبد الفتاح ناجى، مرجع سابق، ص87، 88.

([17]) فقضت محكمة النقض المصرية في إطار ذلك بأن” رئيس القرية. هو صاحب الصفة في تمثيل وحدة القرية في الشؤون الصحية والطبية وشؤون التموين والتجارة الداخلية قبل الغير-رئيس الوحدة المحلية هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه” راجع الطعن رقم 5218 لسنة 61 ق جلسة 4/1/ 1996.

([18]) وفي ذلك نجد العديد من أحكام القضاء الإداري التي تناولت أهلية التقاضي بالنسبة للوحدات المحلية منها حكم المحكمة الإدارية العليا بأن ” تتمتع مجالس المدن والقرى بالشخصية الاعتبارية ولها أهلية التقاضي- يقوم رئيسالمجلس بتمثيل المدينة أو القرية أمام القضاء وفقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية- الأصل في الاختصام أن توجه الدعوى الإدارية ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار- مؤدى ذلك : وجوب توجيه الدعوى إلى مصدر القرار- صدور قرار إزالة التعدي علي الطريقمن رئيس مجلس المدينة يقتضي اختصاصه وحده في الدعوى” راجع الطعن رقم 4220 لسنة 35 ق. ع جلسة 10/4 /1994 .

ومنها أيضا حكمها بأن” تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية؛ أي المرجع في تعيين مداها وحدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون – الدولة منالأشخاص الاعتبارية العامة ، ومن فروعها ما له الشخصية الاعتبارية كالمحافظات والمدنوالقرى والأحياء بالشروط التي يحددها القانون – أثر ذلك – تمتعها بجميع الحقوق إلاما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية فيكون لها ذمة مالية مستقلة وأهلية فيالحدود التي يقررها القانون وحق التقاضي وموطن ونائب يمثلها عند التقاضي – مادة53من القانون المدني – الأصل أن يمثل الدولة كل وزير في شئون وزارته إلا إذا اسندالقانون صفة النيابة فيما يتعلق بشؤون هيئة أو وحدة إدارية إلى رئيسها – المشرع بنصخاص منح وحدات الإدارة المحلية ، ومنها الأحياء الشخصية الاعتبارية رئيس الحي هوالذي يمثله أمام القضاء وفى مواجهة الغير – جهة الوصاية ليست ذات صفة في تمثيلالوحدات المحلية” راجع الطعن رقم 2756 لسنة 37 ق. ع جلسة 19 / 3/1996 .

وكذلك أيضا حكمها بأن” صاحب الصفة في الدعوى هو من يختص وفقا لأحكام القانون بتمثيل الشخص الاعتبارية والتحدث باسمه ، ولما كان العقد مثار النزاع غير ما بين مديرية الإسكان بمحافظة الغربية وان محافظ الغربية هو صاحب الصفة في تمثيل فروع الوزارات والمصالح بدائرة محافظة الغربية أعمالا لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الإدارة المحلية وتعديلاته – ولم يختصم المحافظ المختص في الدعوى، ومن ثم فإن اختصام وزير الإسكان بصفته فيها يكون اختصاما لغير ذي صفة مما يغدو الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة له قائما على أساس سليم” راجع الطعن رقم 8937 لسنة 46 ق. ع جلسة 6 / 6/ 2006.

([19]) راجع:

jean . Bernard Auby , jean . François Auby , droit des collectivités locales ,presses universitaire de france , septembre , 1990 , p 42 ; Bruno . Remond ,jacquesblan , les collectivités locales , presses de la foundationnationale des sciences politiques , Dalloz , juin , 1992 , pp 33 et ss

([20]) د. محمد محمود الطعامنه: نظام الإدارة المحلية (المفهوم والفلسفة والأهداف) بحث قدم للملتقي العربي الأول، حول نظام الإدارة المحلية في الوطن العربي، والمنظم بمعرفة المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة الدول العربية، والمنعقد في صلاله – سلطنة عمان خلال الفترة من 18-20 أغسطس 2003، ص8.

([21]) د. محمد الشافعي أبوراس: الوسيط في القانون الإداري، الجزء الأول،مرجع سابق، ص253، 254.

([22]) وهو ما نصت عليه المادة 3 من القانون 43 لسنة 1979 الخاص بالإدارة المحلية والتي جاء نصها” يكون لكل وحدة من وحدات الحكم المحلى مجلس شعبي محلي من أعضاء منتخبين انتخابا مباشرا، …”.

([23]) راجع الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 12280 لسنة 56 ق جلسة 9/11/2004، وحكمها في الطعن رقم 10603 لسنة 56 ق جلسة 30/11/2004.

([24]) د. فؤاد سمير فؤاد أحمد صبح الديب: الرقابة الشعبيةعلى أعمال الإدارة المحلية ” دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2013، ص391.

([25]) راجع حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 10603 لسنة 56ق جلسة 30/11/2004.

([26]) راجع في ذلك:

Jean Rivero et Jean Waline,droit administrative,14 e éd,Dalloz,1992,p.267.

د. مصطفي محمد موسي، مرجع سابق، ص 490، 491، د. محمد صلاح عبد البديع السيد: نظام الإدارة المحلية في مصر بين النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، ط.1، 1996، ص54، 55، د. مجدى مدحت النهري: الإدارة المحلية بين المركزية واللامركزية، مكتبة الجلاء الحديثة، المنصورة، 2001، ص62، وما بعدها ، د. علي هادى حمودي الشكروى، د. إسماعيل صعصاع البديري، د. رفاه كريم رزوت: تشكيل المجالس المحلية في القانون العراقي دراسة مقارنة، بحث منشور بمجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة بابل، العراق، العدد الثاني، السنة السابعة، 2015، ص60، 61.

وهو ما أكدت عليه محكمة القضاء الإداري عندما قضت بأن” ومن حيث إنه ولما كان الخيار الدستوري والتشريعي قد اصطفى الانتخاب وسيلة للتشكيل المجالس الشعبية المحلية على اختلاف درجاتها فان المشرع قد أحاط عملية الانتخاب والترشيح لها بسياج من الضمانات التي تؤدى لزوما إلى حسن اختيار العناصر التي تضطلع بدورها الشعبي والرقابي على هدى من مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين الذين تماثلت مراكزهم القانونية” راجع الحكم في الطعنرقم 11583 لسنة 56ق جلسة 10/12/ 2002.

وذلك على الرغم من الحجج التي ساقها المعترضون من الفقه على أن تشكل المجالس المحلية بالانتخاب والتي تدور جميعها حول الآتي:

المجتمع المحلي غير مهيأ بطبيعته لتطبيق نظام اختيار أعضاء المجالس المحلية بطريق الانتخاب، وذلك بسبب ضعف المستوى التعليمي للناخبين، وسيادة النظام القبلي أو العشائري على المستوى المحلي.
اختيار أعضاء المجالس المحلية بطريقة الانتخاب لا يؤدي عادة إلى انتقاء أكفء العناصر الإدارية.
الانتخاب ليس ضمانا لاستقلال أعضاء المجالس المحلية، فقد يتحقق هذا الاستقلال دون الأخذ بهذا الأسلوب ، فالتعيين والربط بينه وبين اختيار أعضاء المجالس المحلية وخضوعها للسلطة المركزية هو مجرد افتراض قد يتحقق أو لا يتحقق ، فقد يصل الشخص لعضوية المجلس المحلي بالانتخاب إلا أنه يقع طوال فترة عمله تحت تأثير السلطة المركزية بما تقرره من قوانين ولوائح تجعله خاضعا لها فاقدا لاستقلاله، في حين أنه قد يكون معينا لكن هناك ضمانات مقررة له تحيطه بسياج مانع يحقق له الاستقلالية في عمله، مثل وظيفة القاضي تشغل بالتعيين إلا أن القوانين هيأت له الاستقلال اللازم لمباشرة مهامه بعيدا عن السلطة التنفيذية. راجع في ذلك د. محمد الشافعي أبوراس: القانون الإداري، الجزء الأول، مرجع سابق، ص252، وما بعدها، د. صفوان المبيض، د. حسين الطراونة، د. توفيق عبد الهادي: المركزية وللامركزية في تنظيم الإدارة المحلية، البازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2011، ص41، وما بعدها.
([27]) د. محمد الشافعي أبوراس: القانون الإداري، الجزء الأول،مرجع سابق، ص255، 256.

([28]) د. مجدي مدحت النهري، مرجع سابق، ص65، 66.

([29]) د. مصطفي محمد موسي، مرجع سابق، ص492.

([30]) راجع: Vedel: institution politiques de mondcontemnorain. Fascculel,1972-1973.p66.

([31]) د. عبد الغنى بسيوني عبد الله: أنظمة الانتخابات في مصر والعالم، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص17، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران: النظام الانتخابي في جمهورية مصر العربية ” دراسة نظرية وتطبيقية”، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 2017، ص101، وما بعدها.

([32]) راجع بالتفصيل أ. بلال أمين زين الدين: النظم الانتخابية المعاصرة دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، 2011، ص37، وما بعدها، أ. فؤاد مطير الشمري: التجارب الانتخابية في العالم، دار أسامة للنشر والتوزيع، ط.1، 2014، ص25.

ويعود الأخذ بنظام الاقتراع العام في مصر إلى قانون الانتخاب الصادر في 1/5/1883 والذي نص في المادة (1) منه على أن” لكل مصري من رعية الحكومة المحلية بالغ من العمر 20 سنة كاملة حق الانتخاب بشرط ألا يكون في حال من الأحوال المانعة من حق الانتخاب”، ومنذ ذلك التاريخ تعاقبت القوانين الانتخابية مقررة ذات الحق.

أما الاقتراع المقيد فهو الأسلوب الذي يشترط في الناخب توافر قدر معين من الثروة ، ولا يجوز إعطاء صفة الناخب إلا لمن كان حائزا على النصاب المالي، أو حاصلا على تحصيل دراسي معين، ونظام الاقتراع المقيد أقل ديمقراطية من الاقتراع العام، فهو يعمل على الحد من الحقوق الإنسانية لأفراد الدولة ، ويقيد مفهوم الشعب السياسي والاقتصادي على عدد قليل من الأفراد، وهو ما يتعارض مع الديمقراطية التي تقرر كأصل عام المساواة في الحقوق السياسية بين المواطنين، وهو ما يقلل عدد الناخبين مما يجعل من السهل تزوير الانتخابات أو التأثير على هيئة الناخبين مما يتعارض مع مدلول حكم الشعب الحقيقي، راجع بالتفصيل أ. بلال أمين زين الدين، مرجع سابق، ص25، وما بعدها، أ. فؤاد مطير الشمري، مرجع سابق، ص23، 24، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص122، وما بعدها.

([33]) د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص12.

([34]) راجع في تفاصيل مبدأ السريةفي الانتخابات:

Louis Favoreau,PatrickGala,RichardGhevontion, jean Louis Mestre,OttoPfersmann,André Roux et Guy Scoffoni, Droit constitutionnel, Dollaz,coll.précis,Droit public Science politique,12éme éd.,2009.pp.595etS

وتفرض سرية الاقتراع التزامات على الناخب وعلى لجنة الانتخابات، فلا يجوز للناخب أن يترك على بطاقة إبداء الرأي أي علامة أو إشارة تدل عليه، بل عليه أن يعيد البطاقة مطوية في الصندوق بنفسه، كما لا يجوز للجنة الانتخابات أن تفشي سر إعطاء الناخب لرأيه راجع أ. سعد مظلوم العبدلي: الانتخابات ضمانات حريتها ونزاهتها دراسة مقارنة، دار دجلة للنشر، المملكة الأردنية الهاشمية، ط.1، 2009، ص258.

([35]) أ. فؤاد مطير الشمري، مرجع سابق، ص27.

([36]) أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، ص259، 260.

([37]) راجع حكم محكمة القضاء الإداري رقم 10603 لسنة 56 ق جلسة 30/11/2004.

([38]) راجع د. ربيع أنور فتح الباب: النظم السياسية، مكتبة الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر، 1999، ص281، د. عبد العليم مشرف: الأنظمة السياسية المعاصرة، د.ن 2010، ص184، وما بعدها، د. عبد الحكيم فوزي سعودي: ضمانات الأشراف والرقابة على الانتخابات دراسة مقارنة بالنظام الفرنسي، دار النهضة العربية، ،2015، ص12، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص130.

أما الانتخاب غير المباشر فيكون أما على درجتين أو أكثر يقوم الناخبين فيه باختيار مندوبين هم الذين يقومون بالاختيار بين المرشحين، ويسوق البعض لنظام الانتخاب غير المباشر بأنه يجعل عملية الانتخاب في أيدي عدد محدود من الناخبين الذين يتمتعون بالقدرة على اختيار أصلح العناصر من بين المرشحين، إذا يكونوا أكثر تأهيلا من ناخبي الدرجة الأولى في حالة الانتخاب على درجتين، ومن ناخبي الدرجتين في حالة الانتخاب على ثلاث درجات، كما أنهم أكثر شعورا بالمسؤولية وأوسع خبرة بالشئون السياسية، مما يقلل من مساوئ نظام الانتخاب المباشر، وأنه يفيد في الدول حديثة العهد بالديمقراطية، والتي يكون فيها الناخب أقل في المستوى الثقافي وبالتالي يضع الحق في الانتخاب في يد مجموعة منتقاة تمثل خبرة الرجال في مختلف المجالات، كما أنه يبعد عملية الانتخاب من التشويش الذي يشوب الانتخاب المباشر؛ إلا أن البعض الأخر يري – بحق- أن تبرير نظام الانتخاب غير المباشر بأن الناخب في الدرجة الأولى هو أقل وعيا وثقافة مما يجعله ينتخب مندوبا عنه، فالناخب قليل الوعي سيختار مندوبا سيء والمندوب السيئ بالطبع سيختار مرشح سيء وبالتالي نظام الانتخاب غير المباشر لن يفيد في حالة قلة الوعي السياسي والثقافي لدى الشعب ، كما أنه يُفقد العملية الانتخابية أهميتها لالتزام المندوب بسياسة حزبه الذي يمثله، راجع د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص132، وما بعدها.

وكان الانتخاب غير المباشر هو السائد في مصر في عهد الاحتلال الإنجليزي منذ عام 1866، حيث أجريت انتخابات مجلس شورى النواب في عهد الخديوي إسماعيل على هذا الأساس، وهو ما أخذ به القانون النظامي الصادر سنة 1883 بالانتخاب غير المباشر بالنسبة لانتخاب أعضاء مجلس شورى القوانين، والجمعية الوطنية، ثم جاء القانون النظامي الصادر سنة 1913 الخاص بانتخاب أعضاء الجمعية التشريعية عن طريق الانتخاب غير المباشر وعلى درجتين، بحيث يقوم الناخبون في الدرجة الأولى بانتخاب المندوبين، وكان كل مندوب يمثل خمسين ناخبا، ولهذا كان يطلق عليه المندوب الخمسيني، وفي ظل دستور 1923 صدر القانون رقم 11 لسنة 1923 ليأخذ كذلك بنظام الانتخاب غير المباشر إذ كان ثلاثون ناخبا يتولون انتخاب مندوب عنهم بالأغلبية النسبية، بحيث لا يقل عمر المندوب عن 25 سنة، ثم يقوم المندوب بانتخاب أعضاء مجلس النواب، أما أعضاء مجلس الشيوخ، فإن انتخابهم كان يتم على ثلاث درجات، إذ يقوم خمسة من المندوبين بانتخاب واحد منهم لا يقل عن 30 سنة، ليتولوا اختيار أعضاء مجلس الشيوخ، وجاء برلمان 1924 ليُجري تعديلا في النظام الانتخابي ويطبق نظام الانتخاب المباشر الذي طبق فعليا في انتخابات 1926، ثم عادت مصر إلى نظام الانتخاب غير المباشر سريعا بصدور دستور 1930 ، وفي سنة 1935 صدر قانون الانتخابات رقم 148 لسنة 1935 ليأخذ بنظام الانتخاب المباشر والذي ظل مستمرا حتى يومنا هذا، راجع د. عبد الغنى بسيوني عبد الله ، مرجع سابق، ص28، 29.

([39]) د. عبد الحكيم فوزي سعودي، مرجع سابق، ص14، 15.

([40]) فقد نصت المادة (180) من دستور 2014 على ” …. يشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسباً للمسيحيين وذوي الإعاقة.”

([41]) د. مجدي مدحت النهري، مرجع سابق، ص95.

وهو ما يفهم من نص المادة (29) من اللائحة التنفيذية من القانون 43 لسنة 1979 على أن” يشكل المجلس الشعبي المحلى لكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية من الأعضـاء الأصليين الـواردة أسماؤهـم بالقائمـة الحزبية التـي فازت بالأغلبية المطلقـة لعـدد الأصوات الصحيحة التـي أعطيت في الانتخابات أو التي فازت بالتزكية على أن يكون نصف الأعضاء على الأقل من العمال والفلاحين”.

([42]) راجع: Geror.Vedel,manney.Elementaire,de droit constitutional,1949,p.1046.

([43]) أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، ص77، 78.

([44]) د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص143.

([45]) راجع: BURDEAU –Géorges: Droit Constitutional et Institutions Politiques,18émeedition,L.G.D.J. Paris,1977,pp:150 et,S.

د. عبد الحكيم فوزي سعودي،مرجع سابق، ص29، 30،أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، ص78، 79.

([46]) د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص111.

([47]) د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص146، 147.

([48]) د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص112، 113، د.صلاح الدين فوزي: الإدارة المحلية في التشريع المصري ” نحو إدارة محلية أفضل”، دار النهضة، 1992، ص79، د. عبد الحكيم فوزي سعودي، مرجع سابق، ص31، 32.

([49]) د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص113، 114، د. صلاح الدين فوزي، مرجع سابق، ص80، 81، د. ربيع أنور فتح الباب، مرجع سابق، ص 283، د. مجدي مدحت النهري، مرجع سابق، ص 95، وما بعدها، د. عبد العليم مشرف، مرجع سابق، ص190، وما بعدها.

([50]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 16 ق. س جلسة 3/2/1996.

([51]) راجع حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 8471 لسنة 56 ق جلسة 2/4/2002.

كما قضت المحكمة الدستورية العليا بأن أي نظام انتخابي سيخل بقدرة المستقلين على الترشح في الانتخابات سيؤدى إلى بطلان تلك الانتخابات ” إخلال هذا النظام الانتخابي بحق المستقلين في الترشيح على قدم المساواة، وعلى أساس من تكافؤ الفرص، مع باقي المرشحين من المنتمين إلى الأحزاب السياسية إخلالاً أدى إلى التمييز بين هاتين الفئتين في المعاملة القانونية وفي الفرص المتاحة للفوز بالعضوية، وآل بالتالي إلى بطلان تكوين المجلس “المحلي” الشعب – المطعون عليه في تلك الدعوى – منذ انتخابه”، راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 6 لسنة 12 ق. س منازعة تنفيذ جلسة 7/5/1994.

([52]) راجع في الآراء المؤيدة والمعارضة لفكرة تسيس المجالس المحلية د. محمد الشافعي ابو راس: القانون الإداري، الجزء الأول، مرجع سابق، ص313، وما بعدها.

([53]) د. سليمان محمد الطماوي: شرح نظام الحكم المحلي الجديد، دار الفكر العربي، ط.1، 1980، ص53.

([54]) راجع: Pacter(P.): Inststutionspolitiques droit constitutionnel,18éd,Amand Colin, 1999,p.392.

([55]) د. فؤاد سمير فؤاد أحمد صبح الديب، مرجع سابق، ص393.

([56]) د. سليمان محمد الطماوي، مرجع سابق، ص52، 53.

([57]) راجع في هذه الاختصاصات والآليات بالتفصيل د. محمد أحمد عبد النعيم، مرجع سابق، ص42، وما بعدها، وراجع في رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية د. رمزي طه الشاعر: القانون الدستوري، مكتبة الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر، 2002، ص687، وما بعدها.

([58]) راجع في مزايا وعيوب مدة عضوية المجالس المحلية بالتفصيل د. خالد علي سماره: تشكيل المجالس المحلية وأثره على كفايتها دراسة مقارنة مع التطبيق في المملكة الأردنية الهاشمية، رسالة دكتوراه، حقوق عين شمس، 1984، ص134، وما بعدها.

([59]) راجع في ذلك المعنى د. ربيع أنور فتح الباب، مرجع سابق، ص249.

([60]) حيث تنص المادة 75 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1981 على أن: يشترط فيمن يرشح عضوا بالمجالس الشعبية المحلية ما يأتي: …. 2-أن يكون بالغا من العمر 25 سنة ميلادية كاملة على الأقل يوم الانتخاب.

([61])حيث نصت المادة (102) من دستور 2014 على أن” يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوا، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر. ويشترط في المترشح لعضوية المجلس أن يكون مصرياً، متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية……”.

وقد عرف القرار بقانون 46 لسنة 2014 بشأن قانون مجلس النواب المنشور بالجريدة الرسمية العدد(33) تابع بتاريخ 5 يونيو 2014 في المادة الثانية منه الشباب بأن ” في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالصفات التالية المعاني المبينة قرين كل منها: …………. الشاب: من بلغت سنه خمس وعشرين سنة ميلادية في يوم فتح باب الترشح ولم يبلغ الخامسة والثلاثين سنة في التاريخ ذاته وإن تجاوز هذا السن طوال مدة عضويته”.

([62]) د. محمد فرغلي محمد علي: نظم وإجراءات انتخاب أعضاء الجالس المحلية في ضوء القضاء والفقه دراسة تأصيلية وتطبيقية لنظام الانتخاب المحلي في مصر ودول المغرب، دار النهضة العربية، 1998، ص 541.

والنص الدستوري السابق لم يرد به شرط تقييد المرشح في الجداول الانتخابية والإقامة في نطاق الوحدة المحلية المرشح لمجلسها، ولعل ذلك يرجع إلى كونه أمرا بديهيا ومنطقيا ويتفق مع القاعدة التي تقرر أن لا يكون حق الترشح مكفولا إلا لمن له حق الانتخاب، كما أن وجود محل إقامة للمرشح في دائرة الوحدة المحلية أمر منطقي يتفق مع أركان وعناصر الإدارة المحلية وهي أن يكون للوحدة المحلية مصالح ذاتية يقوم على إدارتها مجلس منتخب، فالمصالح الذاتية لا يستطيع أحد أن يتعرف عليها ويقوم بتحقيقها إلا شخص تربطه بالإقليم إقامة فعلية وأن يكون في جدول الوحدة المحلية، راجع د. محمد فرغلي محمد علي، مرجع سابق، ص542.

([63]) راجع في تفاصيل ذلك د. حسام الدين كامل الأهواني، مرجع سابق، ص189، وما بعدها.

كما أنه سن الأهلية للتقاضي طبقا لما استقرت عليه أحكام القضاء الإداري عندما قضت بأن” يشترط لقبول الدعوى أن تتوافر لرافعها الأهلية اللازمة لمباشرة إجراءات التقاضي أمام المحكمة وهذه الأهلية تثبت لمن يبلغ سن الرشد القانوني وهو سن الواحد والعشرون سنة ميلادية وان تكون الأهلية كاملة لا يعترضها أي عارض من عوارض الأهلية الأخرى ينتفي منها قبل بلوغ صاحب الشأن هذه السن، فتعين أن يكون مباشرة إجراءات التقاضي نيابة عن القاصر عن طريق الممثل القانوني له” راجع الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2864 لسنة 61 قجلسة 7/11/2006.

([64]) وهو ما جاء به نص المادة 44 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 الذي جرى على أن” 1-كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية. ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.

2-وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة.”

([65]) الكوتا في الأصل كلمة لاتينية شاع استخدامها بلفظها ومعناه في العربية حصة، وتستخدم الكوتا لتوفير فرصة للفئات الأقل حظا في المجتمع في الوصول للفرصة، مثل النساء والسود والأقليات، وهي كغيرها من الآليات لها ميزاتها وعيوبها، ويتوقف مدى الاستفادة منها على طريقة استخدامها، راجع أ. بسنت محمد علي موسي: تمثيل المرأة في مجلس الشعب المصري دراسة في انتخابات 2000، 2005، رسالة ماجستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم علوم سياسية، جامعة القاهرة، 2010، ص118.

([66]) راجع قريب من ذلك أ. نجوى فلكاوي: المشاركة السياسية مقاربة مفاهيمية وتاريخية، بحث مقدم للندوة العلمية الوطنية، والخاصة بالمشاركة السياسية للمرأة الجزائرية دراسات وأبحاث والمنعقدة بجامعة محمد لمين دباغين، سطيف، والمنعقدة يوم 15 مارس 2016، مؤسسة حسين رأس الجبل للنشر والتوزيع، القسطنطينية، الجزائر، 2016، ص351.

([67])راجع د. أميرة المعايرجى: تمثيل المرأة في المجالس النيابية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 2010، ص10، أ. نجوى فلكاوي، مرجع سابق، ص353.

والواقع أثبت أن تجارب الدول السابقة في تطبيق نظام الكوتا لم تحقق غرضها المخصصة له باتباع الأسلوبين الأول والثاني، مما دفعها لتبنى الأسلوب الأخير، ومنها دول أوربا. راجع د. أميرة المعايرجى، مرجع سابق، ص10.

([68]) د. زكى محمد النجار د. زكي محمد النجار: الدستور والإدارة المحلية دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، 1995، ص 224، 225.

([69]) د. محمد صلاح عبد البديع السيد، مرجع سابق، ص117، 118.

([70]) فقد جاءت هذه المادة كترجمة لما ورد بالميثاق الوطني الصادر عن المؤتمر الوطني للقوى الشعبية في 30/6/1962 والذي صدر ليكون إطارا لحياة الشعب المصري، وطريقا لثورته، ودليلا لعمله من أجل المستقبل ، وقد قرر المشرع صراحة ” أن الميثاق وهو يرسى المبادئ والأسس التي يقوم عليها المجتمع يعتبر أساسا لوضع الدستور ولوضع القانون، فالميثاق ينزل من الدستور منزلة الأبوة”، وقد ورد به ضرورة أن يضمن الدستور” للفلاحين والعمال نصف مقاعد التنظيمات الشعبية والسياسية علي جميع مستوياتها، بما فيها المجلس النيابي، باعتبارهم أغلبية الشعب، كما أنها الأغلبية التي طال حرمانها من حقها الأساسي في صنع مستقبلها وتوجيهه”.

إلا أن الفقه يري – بحق- أن هذا الميثاق ألغي بما أعقبه من استفتاءات فهناك استفتاء 30 مارس 1968 والذي وافق عليه الشعب وليس ممثلو الشعب كما في الميثاق سالف الذكر، ثم دستور 1971 والصادر في 11 سبتمبر من ذات العام والذي وافق عليه أغلبية الشعب في استفتاء عام في تاريخ سابق لصدور ثم ما عقبه من دساتير حتى الدستور الحالي الصادر في 2014 مما يعنى أن ما ورد به أصبح في ذمة التاريخ، راجع في القيمة الدستورية للميثاق الوطني كلا من د. رمزي طه الشاعر، مرجع سابق، ص136، وما بعدها، د. محمد أبو زيد محمد علي: القضاء الإداري، ط.2، د.ن، 2009، ص85، وما بعدها.

([71]) راجع في تفاصيل ذلك د. فتحي فكرى: القانون الدستوري، الكتاب الثاني، دار النهضة، 2000، ص254، 255.

([72]) ويمكن الاستعانة بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 2014 بشأن مجلس النواب الذي تناول في المادة الثانية منه تعريف الفلاح والعامل فجاء بها أن” في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالصفات التالية المعاني المبينة قرين كل منها:

الفلاح: من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيس لمدة عشر سنوات على الأقل سابقة على ترشحه لعضوية مجلس النواب ويكون مقيما في الريف وبشرط ألا َّتتجاوز حيازته الزراعية هو وزوجه وأولاده القصر ملكا أو إيجارا أكثر من عشرة أفدنة.

العامل: من يعتمد بصفة رئيسة على دخله بسبب عمله اليدوي ولا يكون منضما إلى نقابة مهنية أو مقيدا في السجل التجاري أومن حملة المؤهلات العليا ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العليا وكذلك من بدأ حياته عاملا وحصل على مؤهل عال وفي الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملا أن يكون مقيدا في نقابة عمالية ….”.

وهناك العديد من الأحكام القضائية الصادرة من مجلس الدولة المصري تناولت هذه المسألة منها ما ورد به أن” المشرع تطلب صراحة أن يكون نصف عدد أعضاء المجالس الشعبية المحلية على الأقل من العمال والفلاحين، وأحال في تحديد صفة كل من العامل والفلاح إلى التعريف الوارد في القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، ووفقاً لهذا التعريف يشترط لاعتبار المرشح عاملاً عدة شروط هي:

1-أن يمارس عملاً يدويا أو ذهنيا في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات.

2-أن يعتمد بصفة رئيسية على دخله الناتج من هذا العمل.

3-ألا يكون منضماً إلى نقابة مهنية أو مقيدًا بالســـجل التجاري أو من حملة المؤهلات العليا.

استثنى المشرع من هذا الشرط فئتين : الأولى أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العليا، والثانية من بدأ حيـاته عاملاً ثم حصل على مؤهل عال، بيد أن المشرع استلزم لإعمال الاستثناء بالنسبة إلى هاتين الفئتين أن يبقى الشخص مقيداً بنقابته العمالية – العبرة بتوافر الصفة في المتقدم للترشيح هي بيوم تقديم طلب ترشيحه، ومن ناحية أخرى ، فقد توافر هذا القضاء على أن صفة العامل تثبت للمرشح إذا ما قامت علاقة عمل بينه وبين صاحب عمل ، وأن هذه العلاقة قد تكون علاقة تبعية إذا ما كان يربطه بمن يعمل لديه علاقة عمل أو علاقة لائحية إذا كان يعمل في الجهاز الإداري، أما إذا كان المرشح لا تقوم بشأنه هذه العلاقة فلا تتوافر لـه صفة ” العامل” إذ يكون في هذه الحالة يمارس أعمالاً حرة ، وبالتالي يندرج في الأصل وهو ” الفئات ” راجع حكما المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 8175 ، 9771 لسنة 49 ق. ع جلسة3 /4/2004.

ومنها أيضا ما أوضحت كيفية اثبات صفة الفلاح مثلا فقضت بأن” حق الترشيح من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها لضمان الانتظام في الحياة السياسية والاجتماعية -استوجب الدستور أن يتم تشكيل المجالس الشعبية المحلية على مستوى الوحدات عن طريق الانتخاب المباشر على أن يكون نصف عدد الأعضاء على الأقل من العمال والفلاحين -عهد قانون الإدارة المحلية في تعريف العامل والفلاح إلى التعريف المنصوص عليه في القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب. حدد قرار وزير الداخلية رقم 4390 لسنة 2002 بشأن المستندات المطلوبة مع طلب الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية بتقديم مستند حيازة الأرض الزراعية التي يحوزها مقدم الطلب هو وزوجته وأولاده القصر كما تقدم شهادة من مأمور المركز أو القسم بأن الزراعة مصدر رزقه وعمله الوحيد وأنه يقيم بالريف”، راجع حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم 9354 لسنة 56 ق جلسة 6/4/2002.

([73]) وتعرف مقدمات الدساتير بأنها ” مجموعة من المبادئ والأسس العامة التي تنظم المجتمع بصفة عامة، وتوضح حقوق وواجبات الأفراد، فهي تعتبر بمثابة الإطار العام لما يجب أن يكون عليه المجتمع، كما تعتبر بمثابة توجيهات يجب أن تسيير على هديها النصوص الدستورية، فهي توضح الاتجاهات الفلسفية والاجتماعية والسياسية التي يجب أن تقوم عليها السلطة في الدولة” راجع د. محمد أبو زيد محمد علي، مرجع سابق، ص81.

واختلف الفقه في مدى قوة والزامية مقدمات الدساتير فذهب البعض إلى أن: ديباجة الدستور هي جزء من الدستور متصل به مر بنفس المراحل التي مر بها وضع الدستور وإقراره، لذلك كان من المنطقي أن يكون لهذه المقدمات قوة الدستور ذاته راجع في مرتبة مقدمات الدساتير د. رمزي طه الشاعر، مرجع سابق، ص128، وما بعدها.

؛ كما فرق البعض في المرتبة القانونية لمقدمات الدساتير فالبعض :غالي فأعطى لها قيمة أعلى من قيمة الدستور ذاته، وبالتالي فهي تلزم المشرع الدستوري والمشرع العادي، والبعض الأخر: اعتبرها مساوية لقيمة الدستور، والبعض الأخر وضعها في مرتبة القانون العادي، ومن ثم تملك السلطة التشريعية تعديلها أو الغائها، وجانب أخر: فرق بين نوعين من المبادئ التي تتضمنها هذه الديباجة الدستورية فقرر أن المبادئ التي ترد في شكل قواعد قانونية قابلة للتطبيق، وتتضمن إنشاء مراكز قانونية معينة وتنص صراحة على الزاميتها، وهذا النوع منها يعد ملزما قانونيا، سواء عند من يرى أن تكون مرتبتها أعلى من الدستور أو عند من يري أن يكون لها مرتبة القواعد الدستورية؛ أما ما لم يتم صياغته في شكل قواعد قانونية بل تقتصر على نصوص تعبر فقط عن التوجيهات والأهداف والمثل العليا للدولة فهي تتجرد من كل قيمة قانونية ملزمة وتقتصر أهميتها على أن يكون لها قيمة أدبية؛ أما الرأي الأخير فينكر كل قيمة قانونية لهذه المبادئ لأنها لا تؤدي إلى انشاء مراكز قانونية بل هي مجرد اعلان عن مبادئ فلسفية وسياسية تعبر عن أهداف ومثل للدولة فلها قيمة أدبية فقط، راجع في تفاصيل الآراء الفقهية د. محمد أبو زيد محمد علي، مرجع سابق، ص82، وما بعدها.

ونحن من -جانبنا نرى -أن الرأي الفقهي قبل الأخير هو الأولي بالاتباع فإذا كان ما ورد بالديباجة يأخذ في صياغته شكل القاعدة القانونية كانت له مرتبة الدستور أما إذا كان عبارة عن سرد تاريخي أو رأي فلسفي فهو ليس له أي قيمة قانونية، وبالرجوع إلى ما ورد عن الحديث عن الشباب لا يعدوا أن يكون توجيه أدبي لا يرقى لمصاف القاعدة الدستورية ولا التشريعية، وأنه لا يوجد ما يبرر أن نخصص نسبة معينة لفئة سنية معينة من المجتمع، كما أن هذا الجدل الفقهي حول طبيعة مقدمات الدساتير من الناحية القانونية ليس له محل الآن حيث نص الدستور صراحة داخل نصوصه علي تمييز للشباب.

([74]) أ. بسنت محمد علي موسي، مرجع سابق، ص121، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص561.

([75])د. إيمان بيبرس وأخرين: المشاركة السياسية للمرأة في الوطن العربي، ص17، وما بعدها بحث منشور ومتاح على شبكة الإنترنت على موقع: www.parliament.gov.sy/SD08/msf/1432529550_.pdf

([76]) أ. كانوني سفيان: المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المحلية المنتخبة بين آليات التمكين السياسي وفعالية العضوية” دراسة ميدانية بالمجلس الشعبي الولائي لولاية سطيف” بحث مقدم للندوة العلمية الوطنية المنعقدة يوم 15 مارس 2016، تحت عنوان المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية دراسات وأبحاث، والمنعقدة بجامعة محمد لمين دباغين، سطيف، الجزائر، منشور بمعرفة مؤسسة حسين رأس الجبل للنشر والتوزيع، القسطنطينية، الجزائر، 2016، ص388.

([77]) وبمراجعة تاريخ تمكين المرأة المصرية سياسيا من خلال التعيين ومن خلال التشريعات المختلفة يتبين أن الرئيس جمال عبد الناصر عين خمس سيدات عضوات بمجلس الأمة عام 1957 ثم في المجلس المشكل عقب الانفصال عن سوريا المشكل بعد صدور 1964 عين ثمانية سيدات، ثم فشلت المرأة في انتخابات المجلس عام 1969 فلم يفوز بالانتخابات سوى ثلاثة سيدات فقط، ثم جاء القانون رقم 21 لسنة 1979 ليعدل قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 لينص علي وجوب تمثيل المرأة وجوبيا بمجلس الشعب بحد أدنى قدره ثلاثون مقعدا للمرأة، وذلك عندما نص في المادة 3/1 منه على أن” تقسم جمهورية مصر العربية إلي مائة وستة وسبعين دائرة انتخابية، وتحدد الدوائر الانتخابية بقانون، وينتخب عن كل دائرة عضوان في مجلس الشعب يكون أحدهما علي الأقل من العمال والفلاحين باستثناء ثلاثين دائرة انتخابية.. ينتخب عن كل منها – بالإضافة إلى العضوين – عضو ثالث من النساء..”، ثم عدلت النسبة لواحد وثلاثون مقعد بالقانون رقم 114 لسنة 1983، ثم تم تعديل ذلك بشغل المقاعد المخصصة للمرأة في الدوائر الانتخابية من مقاعد الحزب الحاصل علي أكبر عدد من الأصوات الصحيحة، ثم صدر القانون 188 لسنة 1986 ليلغي التمييز الذي تحصل عليه المرأة بتخصيص مقاعد لها، ثم مع التحول للانتخاب الفردي والغاء نظام الانتخاب بالقائمة بموجب القانون 201 لسنة 1990 ظهر ضعف المرأة في الانتخابات حيث لم يستطع الفوز في الانتخابات سوى سبع سيدات وعيّن رئيس الجمهورية ثلاثة أخريات، ثم في انتخابات 1995 نجحت خمس سيدات فقط وعيّن رئيس الجمهورية أربعة ، مما يعني تراجع تمثيل المرأة والذي ظهر بوضوح في انتخابات عام 2000 فعلى الرغم من دخول المرأة المصرية بأعداد كبيرة من المرشحات إلا أن نجاحها تمثل في فوز سبع سيدات فقط وتعيين أربعة بمعرفة رئيس الجمهورية، ثم في عام 2005 شغلت المرأة أربعة مقاعد بالانتخاب وخمسة بالتعيين، ثم في مجلس 2012 مجلس الثورة على الرغم من ترشح الكثير من النساء على قوائم الأحزاب إلا أن تمثيل المرأة وصل إلي 2% فقط من عدد الأعضاء في مجلس الشعب، راجع في ذلك السرد التاريخي د. مدحت أحمد محمد يوسف غنايم، مرجع سابق، ص37، وما بعدها.

ثم ارتفعت نسبة تمثيل المرأة في ظل دستور 2014 الذي يعطى كوته تمييزية للمرأة والتي ظهرت آثارها في انتخابات مجلس الشعب عام 2015 فوصلت إلى ما صرح به اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء إلى 89 نائبة منهم 75 منتخبين و14 معينين، راجع أ. عبد اللطيف صبح: مقال صحفي بعنوان: اللواء رفعت قمصان لـ”النواب”: نسبة الشباب والمرأة داخل البرلمان هي الأعلى في تاريخ مصر. وهناك من يكافح من أجل “المحروسة” بالخارج تويتات”. ونسعى إلى تطبيق التصويت الإلكتروني في أقرب فرصة، جريدة اليوم السابع، العدد الصادر في 3/1/2016، متاح على شبكة الانترنت على موقع: http://www.youm7.com

ويرجع ذلك بالطبع لأن القانون 46 لسنة 2014 الخاص بانتخابات مجلس النواب فرض المرأة بشكل إجباري على قوائم انتخابات مجلس النواب فبعد أن قسم دوائر مجلس النواب في المادة(4) التي جري نصها على أن” تقسم جمهورية مصر العربية إلى عدد من الدائرة تخصص للانتخاب بالنظام الفردي وعدد 4 دوائر تخصص للانتخاب بنظام القوائم. يخصص لدائرتين منهما عدد 15 مقعدا لكل منها ويخصص للدائرتين الأخيرتين عدد 45 مقعدا لكل منهما ويحدد قانون خاص عدد ونطاق ومكونات كل منها وينتخب عن كل دائرة منها عدد الأعضاء الذي يتناسب وعدد السكان والناخبين بها بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات والمتكافئ للناخبين. التمثيل المناسب والملائم لبعض المصريين”.

وجاء التمييز الواضح لها في المادة (5) من هذا القانون والذي جاء نصها كالآتي” يجب أن تتضمن كل قائمة انتخابية عددا من المترشحين يساوي العدد المطلوب انتخابه في الدائرة وعددا من الاحتياطيين مساويا له.

وفي أول انتخابات لمجلس النواب تجرى بعد العمل بهذا القانون يتعين أن تتضمن كل قائمة مخصص لها عدد 15 مقعدا الأعداد والصفات الآتية على الأقل:

1-ثلاثة مترشحين من المسيحيين.2-مترشحين اثنين من العمال والفلاحين.3-مترشحين اثنين من الشباب.4-مترشح من الأشخاص ذوي الإعاقة.5-مترشح من المصريين المقيمين في الخارج. على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم سبعة نساء على الأقل ويتعين أن تتضمن كل قائمة مخصص لها عدد 45 الأعداد والصفات الآتية على الأقل:

1-تسعة مترشحين من المسيحيين.2-ستة مترشحين من العمال والفلاحين.3-ستة مترشحين من الشباب.4-ثلاثة مترشحين من الأشخاص ذوي الإعاقة.5-ثلاثة مترشحين من المصريين المقيمين في الخارج، على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم إحدى وعشرين من النساء على الأقل، وفي جميع الأحوال يجب أن يتوافر في المرشحين الاحتياطيين ذات الأعداد والصفات المشار اليها ولا تقبل القائمة غير المستوفية أيا من الشروط والأحكام المشار اليها في هذه المادة.

ويجوز أن تتضمن القائمة الواحدة مترشحي أكثر من حزب كما يجوز أن تشكل القائمة من مترشحين مستقلين غير منتمين لأحزاب أو أن تجمع بينهم. وفي جميع الاحوال يتعين إظهار اسم الحزب أو كون المترشح مستقلا ضمن القائمة الواحدة في أوراق الترشح…”. فمن هنا من وجهة نظرنا جاءت زيادة نسبة النساء في برلمان2016 بهذا الشكل الكبير وليس السبب نضج المجتمع أو قدرات المرأة السياسية وظهورها بقوة علي الساحة نتيجة تمكينها لسنوات عديدة بالكوتا.

([78]) أ. بسنت محمد علي موسي، مرجع سابق، ص124، وما بعدها.

([79]) أ. كانوني سفيان، مرجع سابق، ص389.

([80]) شغل الفقه الدستوري بمعضلة تمثيل الأقليات لفترة طويلة في محاولة منه للحد من ظاهرة التمثيل النيابي على الحاصلين على أغلبية أصوات الناخبين وما يتبعه من حرمان للأقليات من حقها الطبيعي في التمثيل، وترجع فكرة التمثيل النسبي إلي أفكار العديد من الفقهاء الأوربيين الليبراليين منهم “Aristote,Saint Just”الذين نادوا بأن تكون الجمعية الوطنية انعكاسا حقيقيا لطبقات المجتمع سياسيا واقتصاديا وأيديولوجيا، وفي النصف الثاني للقرن التاسع عشر بدأت محاولات جادة من قبل رجال السياسة والمهتمين بعلم الرياضة في إيجاد نظم انتخابية تحترم بقدر الإمكان التناسب في علاقات القوى بين الأحزاب المختلفة، وقد أخذت معظم الدول الأوربية بنظام التمثيل النسبي في الانتخابات بشكل تدريجي حتى اصبح مطبقا فيها جميعا مع نهاية القرن التاسع عشر، راجع د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص158، 159.

([81]) راجع في نظام التمثيل النسبي في القوائم الانتخابية بشكل تفصيلي د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص121، وما بعدها.

تضم قائمة التمثيل النسبي قائمة المرشحين التي يقدمها كل حزب إلى الناخبين الذين يدلون بأصواتهم للحزب، وتحصل الأحزاب على مقاعد تتناسب مع ما حصلت عليه من أصوات في الدائرة الانتخابية، ويتم انتقاء المرشحين الفائزين من خلال القوائم بناء على ترتيب مقاعدهم فيها، راجع أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، 103.

([82]) راجع:

CADART-Jacques: Institutions Politiques et Droit Constitutionnel, T.1-11,L.G.D.J,Paris.1975.pp:241et,s.

، راجع قريب من ذلك د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص144، 145، أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، ص103، وما بعدها.مرجع سابق، ص169، وما بعدها، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص169، وما بعدها.

([83]) راجع:

DUVERGER-Maurice: Institutions Politiques et Droit Constitutionnel,1-les grandsSystemes Politiques,16 éme edition,Themis,Paris,1980.pp:117 et,s.

راجع قريب من ذلك د. عبد الغنى بسيوني عبد الله، مرجع سابق، ص146، وما بعدها، أ. سعد مظلوم العبدلي، مرجع سابق، ص105، وما بعدها.مرجع سابق، ص169، وما بعدها، د. فاطمة حماده عبد العظيم عمران، مرجع سابق، ص171، وما بعدها.

([84]) على الرغم من أن المعاقين أنواع حسب نوع الإعاقة المصاب بها فمن الذي سيقبل ترشحه في مثل هذه المجالس لتمثيل دائرته من المعاقين وأيهما سيرفض ترشحه؟، ويمكن الاستعانة في ذلك بما قررته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 46 لسنة 2014 بشأن مجلس النواب والذي ورد بها تعريف المعاق فجاء كالآتي”……….. المواطن ذو الإعاقة: من يعاني من اعاقة لا تمنعه من القيام بمباشرة حقوقه المدنية والسياسية على نحو ما يحدده تقرير طبي يصدر وفق الشروط والضوابط التي تضعها اللجنة العليا للانتخابات بعد أخذ رأي المجلس القومي للأشخاص ذوي الاعاقة…”

([85]) راجع حكما المحكمة الدستورية العليا في القضيتين رقما 144 لسنة 18 ق. س بجلسة 1/9/1997، 163 لسنة 20 ق. س جلسة 5/6/ 2000.

وبالتالي عندما تفسر النصوص الدستورية يتم تفسيرها في ضوء ما انتهي إليه القضاء الدستوري من أنها ” تفسر بافتراض تكاملها باعتبار أن كلا منهالا ينعزل عن غيره، وإنما تجمعها تلك الوحدة العضوية التي تستخلص منها مراميها،ويتعين بالتالي التوفيق بينها، بما يزيل شبهة تعارضها ويكفل اتصال معانيها ومضامنها، وترابط توجهاتها وتساندها، ليكون ادعاء تماحيها لغوا، والقول بتآكلها بهتانا؛ وكان مضمون الحقوق السياسية التي يثيرها النزاع الراهن، إنما يتحدد على ضوءاتصال هذه الحقوق بمبدأ تكافؤ الفرص، وبإعمال مبدأ المساواة أمام القانون” ، راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 17 لسنة 14 ق. س جلسة 14/1/ 1995.

([86]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 11 لسنة 13 ق. س جلسة 8/7/2000.

([87]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 17 لسنة 14 ق. س جلسة 14/1/ 1995.

كما تعرض الحكم السابق لأشكال التمييز التي يمكن أن تلحق بأي نص قانوني في فقرة أخرى منه فقضي بأن” أشكال التمييز التي لا تظاهرها أسس موضوعيه تقيمها ، وكان من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها ، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون ، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أم تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغير ذلك من مظاهر الحياه العامة”.

([88]) د. وهدان محمد رشاد: القيم السياسية في المجتمع المحلي، بحث مقدم للمؤتمر السنوي الثامن للبحوث السياسية المنظم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، خلال الفترة من 3-5 ديسمبر 1994، والمنشور بمعرفة مركز البحوث والدراسات السياسية بذات الكلية وبذات الجامعة، ط.1، 1995، ص181.

([89]) أ. بسنت محمد علي موسي، مرجع سابق، ص119.

([90]) راجع أحكام المحاكم الدستورية العليا في القضايا أرقام 34 لسنة 13 ق. س جلسة 4/6/ 1994، 72 لسنة 20 ق. س بجلسة 6/11/1999، 219 لسنة 21 ق. س جلسة 22/9/ 2002.

([91]) راجع حكما المحكمة الدستورية العليا في القضيتين رقما 155 لسنة 18 ق. س جلسة 6/3/1999، 195 لسنة 20 ق. س جلسة 1/1/ 2000.

([92]) د. حسين عثمان محمد عثمان، مرجع سابق، ص195.

([93]) راجع أحكام المحكمة الدستورية العليا في القضايا ارقام 21 لسنة 16 ق. س جلسة 3/2/1996، ورقم 6 لسنة 13 ق. س جلسة 16/5/1992، ورقم 37 لسنة 9 ق. س جلسة 19/5/1990، ورقم 21 لسنة 7 ق. س جلسة 29/4/1989.

([94]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 7 ق. س جلسة 3/2/1996.

([95]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 34 لسنة31 ق. س جلسة 10/1/2015.

([96]) وهناك العديد من الأحكام الدستورية التي تناولت تلك المسألة منها ما ورد بحكم المحكمة الدستورية العليا من أن” وإن كان الأصل في سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطةتقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة وأن الرقابة على دستورية القوانين لاتمتد إلى ملائمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص عليها الدستور ومن ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين في الترشيح ينبغي ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون فيها إذ حرمت غير المنتمين إلى الأحزاب من حق الترشيح. ومن ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت منها طائفة من المواطنين، فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذي يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية. وحيث إنه لا ينال كذلك مما تقدم ما أثارته الحكومة من أن مباشرة الحقوق السياسية ومن بينها حق الترشيح أصبح غير جائز إلا من خلال الانتماء إلى الأحزاب السياسية بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور ونصها على أن النظامالسياسي يقوم على أساس تعدد الأحزاب، ذلك أن الدستور إنما استهدف من النص على تعددالأحزاب العدول عن صيغة التنظيم السياسي الوحيد المتمثلة في الاتحاد الاشتراكي العربي الذي يضطلع بمسؤوليات العمل الوطني في المجالات المختلفة دون أن يجاوز ذلك إلى المساس بالحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور ومن بينها حق المواطن في الترشيح المنصوص عليها – باعتبار أن نصوص الدستور لا تنفصل عن أهدافها ويتعين تطبيقها مترابطة متكاملة”. راجع حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 131 لسنة 6 ق. س جلسة 16/5/ 1987.

([97]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 16 ق.س جلسة 3/2/ 1996.

([98]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 16 ق. س جلسة 3/2/ 1996.

([99])راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 36 ق. س تفسير جلسة 7/3/ 2004.

([100]) أ. بسنت محمد علي موسي، مرجع سابق، ص122.

([101]) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 16 ق. س جلسة 3/2/ 1996.

([102]) د. زكي محمد النجار، مرجع سابق، ص 256، وما بعدها.

([103]) د. فتحي فكري، مرجع سابق، ص258.