الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس

مقدمــة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آلة وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين – أما بعد:
نظراً للتقدم العلمي في مجال الطب فقد ظهرت عمليات تدعى عمليات تغيير الجنس من خلالها يتم تغيير الذكر إلى أنثى أو العكس، ولقد انتشرت هذه العمليات في بلاد الغرب انتشاراً رهيباً وبدأت تفد إلينا في مجتمعنا الإسلامي المحافظ وبما أن موضوع تغيير الجنس من المواضيع الحديثة لذلك أردت من خلال هذا البحث أن أوضح موقف القانون المدني الكويتي حول أحقية الشخص في تغيير جنسه.

وتكمن أهمية البحث في هذا الموضوع بعدة نقاط:
1- حاجة المجتمع لمعرفة موقف القانون المدني الكويتي من موضوع تغيير الجنس.
2- قلة البحوث التي تكلمت عن هذا الموضوع.
3- الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس.

ولقد انتهجت الخطة الآتية في البحث:
قسمت البحث إلى ثلاثة مباحث تكلمت في المبحث الأول عن المراد بتغيير الجنس وقد تناولته في ثلاثة مطالب: الأول منه تكلمت عن ماهية جراحة تغيير الجنس وفي الثاني عن دوافع جراحة تغيير الجنس وفي المطلب الثالث عن مرض اضطراب الهوية الجنسية وتغيير الجنس، أما المبحث الثاني فقد تكلمت عن موقف القانون المدني الكويتي من حق الشخص في تغيير جنسه والآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس وتناولته في ثلاثة مطالب في الأول تكلمت عن رأي فقهاء الشريعة في مدى أحقية الشخص المصاب بمرض الإنترسكس في تغيير جنسه، وفي المطلب الثاني عن رأي فقهاء الشريعة في مدى أحقية الشخص المصاب بمرض الإنترسكس في تغيير جنسه، وفي المطلب الثالث عن الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس، أما المبحث الثالث فقد تكلمت عن موقف القضاء المدني من تغيير الجنس وتناولته في أربعة مطالب: في الأول ذكرت ملخص وقائع القضية رقم 861/2003 تجاري مدني كلي حكومة/1 ورأي الطب الشرعي، وفي المطلب الثاني ذكرت حكم محكمة أول درجة وما هي الأسباب التي استندت عليها في الحكم، وفي المطلب الثالث ذكرت حكم محكمة الاستئناف والأسباب التي استندت عليها في حكمها، وفي المطلب الرابع حكم محكمة التمييز.

المبحث الأول
ما المراد بتغيير الجنس
المطلب الأول
ماهية جراحة تغيير الجنس
سنوضح في هذا المطلب المراد بجراحة تغيير الجنس كيفية جراحة تغيير الجنس بالنسبة للذكر والأنثى، وسيتم تقسيم هذا المطلب إلى فرعين وهما كالآتي:
الفرع الأول: المراد بجراحة تغيير الجنس:
هي الجراحة التي يتم فيها تحويل الذكر إلى أنثى والعكس.(

الفرع الثاني: ماهية جراحة تغيير الجنس:
لجراحة تغيير الجنس ماهية معينة بالنسبة للذكر والأنثى لذلك قمت بتقسيم هذا الفرع إلى غصنين:
الغصن الأول: ماهية جراحة تغيير الجنس بالنسبة للذكر:
هي جراحة يتم فيها تغيير الذكر إلى أنثى وذلك من خلال: ” القيام بجب القضيب والخصيتين ويتم إيجاد فرج صناعي (صغير) بيقايا كيس الصفن كما يتم أحياناً زرع أثداء صناعية وإعطاء هذا الشخص هرمونات الأنوثة بكميات كبيرة حتى ينعم الصوت ويتغير توزيع الدهن في الجسم على هيئة الأنثى. ( )
وهذه العملية يتم فيها تغيير الشكل الخارجي دون التركيب البيولوجي فإنه يظل دون تغيير وبالتالي لا يوجد مبيض ولا رحم ولا يستطيع أن يحيض أو يحمل. ( )
الغصن الثاني: ماهية جراحة تغيير الجنس بالنسبة للأنثى:
وهذه الجراحة يتم فيها تغيير الأنثى إلى ذكر وذلك من خلال “قيام الطبيب باستئصال الرحم والمبيضين ويقفل المهبل ويضع قضيباً اصطناعياً يمكن أن ينتصب بواسطة تيار كهربائي من بطارية مزروعة في الفخذ عند الحاجة كما يقوم الأطباء باستئصال الثديين وإعطاء هذه المرأة هرمونات الذكورة بكميات كبيرة تجعل الصوت أجشاً “أقرب إلى صوت الرجل” كما أن شعر الذقن يمكن أن ينمو بصورة قريبة من الرجل وتزداد العضلات قوة بتأثير هرمونات الذكورة وبتمرينات رياضية”.(

ومن خلال العملية السابقة يتم تغيير الأنثى إلى ذكر يستطيع أن يجامع بواسطة البطارية المزروعة في الفخذ ولكن لا يمكنه إنجاب الأولاد لأنه لا يمكن أن يقذف المني وبالتالي يكون هذا الشخص قد تم تغيير جنسه من الناحية الشكلية ولكن من الناحية البيولوجية فإنه يحمل الصفات الأنثوية. ( )
والملاحظ في الواقع العملي أن عمليات تغيير الجنس بالنسبة للذكور أكثر منها بالنسبة للإناث وذلك للمخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها عملية تغيير جنس الأنثى إلى ذكر.

المطلب الثاني
دوافع جراحة تغيير الجنس:

في هذا الفرع سأبين الدوافع الكامنة وراء جراحة تغيير الجنس وقد قمت بتقسيمها إلى خمسة دوافع وهي كالآتي:
الفرع الأول:
• الدافع الأول: أن يكون الشخص مصاب بمرض اضطراب الهوية الجنسية فيقوم بإجراء عملية تغيير الجنس غايةً في علاج نفسه.
الفرع الثاني:
• الدافع الثاني: تغيير الجنس بقصد التخنث والتشبه بالجنس الآخر(1). وذلك يحدث نتيجة لعدة أسباب:
أولاً: قلة الوازع الديني:
إن الدين الإسلامي هو المعيار الأساسي للإنسان الذي بناءاً عليه تستقيم أموره وهو المعلم الذي يدله على الحلال والحرام والصحيح والسقيم، فإذا ابتعد الإنسان عن الدين قل عنده هذا الوازع الديني وبالتالي تجده يتخبط يمنةً ويسرة. وأن تغيير الجنس بقصد التخنث منهي عنه شرعاً ولكن من قلّ عنده الوازع الديني تجده لا يهتم بهذا النهي ويمارس كل ما يخطر على هواه دون مراعاة لأحكام الدين الإسلامي.

ثانياً: التربية الخاطئة:
إن للتربية دوراً مهماً في تكوين شخصية الطفل منذ نعومة أظافره فهو يكتسب الخصائص النفسية والاتجاهات والقيم والمعتقدات التي تعتبر مناسبة لجنسه وبالتالي يكتسب الطفل هويته الجنسية، فإذا اتبعت الأسرة في تربية طفلها أساليب خاطئة كالتدليل الزائد والحرمان العاطفي والقسوة وعدم إشباع الحاجة النفسية للطفل تجد الطفل يتجه للانحراف السلوكي وحدوث اضطرابات في هويته الجنسية. ( )

ثالثاً: وسائل الإعلام:
إن وسائل الإعلام لها أهمية بالغة وتأثير قوي على نفسيات الأفراد خاصةً على الأطفال، فمثلاً مشاهدة أفلام العنف تولد العنف. ( )
وإن عرض مشاهد فيها انحراف سلوكي ومخالفة لأعراف المجتمع يبني في نفوس الناس هذا الانحراف ويهدم كل القيم والتقاليد.

رابعاً: الخطف والاغتصاب:
إن لجرائم الخطف والاغتصاب تأثير جسدي ونفسي على المجني عليه خاصةً على الذكور، لذلك تجده يرغب في تغيير جنسه لأنه انتابه شعور بأنه أنثى وذلك لرغبة الرجال الشاذين جنسياً به.
وقد أجرت جريدة الوطن لقاء مع أحد الذين قاموا بتغيير جنسهم وبسؤاله عن سبب تغيير جنسه ذكر بأنه كان يتعرض للخطف والاغتصاب في صغره من قبل الشباب والصبيان.(

الفرع الثالث:
• الدافع الثالث: التنكر والتخفي:
قد يكون من دوافع تغيير الجنس قيام شخص ما بجريمة معينة ومن ثم يرغب في تغيير جنسه ليتنكر ويختفي من العدالة ليفلت من العقوبة. ( )

الفرع الرابع:
• الدافع الرابع: السعي وراء تحصيل كسب معين:
قد يرغب شخص في تغيير جنسه سعياً وراء تحصيل كسب معين لا يستطيع تحصيله وهو على الجنس الأصلي الذي خلق عليه وهذا الكسب قد يكون أرث نصيب أكبر من الذي سيرثه وهو على جنسه أو غير ذلك من أنواع الكسب. ( )
وبعد عرض دوافع جراحة تغيير الجنس يتضح أن الدافع الوحيد الذي فيه نوع من المشروعية لإجراء هذه الجراحة هو الدافع الأول وهو إصابة الشخص بمرض اضطراب الهوية الجنسية، لذلك سأتحدث في المطلب القادم عن مرض اضطراب الهوية الجنسية.
أما الدوافع المتبقية فهي غير مشروعة لأنها ناتجة عن أهواء وانحرافات أخلاقية وإجرامية واعتقد أنه لا بد من أن يضع المشرع قوانين تعاقب كل من يقوم بإجراء جراحة تغيير الجنس بقصد التشبه بالجنس الآخر أو التخفي والتنكر من العدالة أو السعي وراء تحصيل كسب معين.

المطلب الثالث
مرض اضطراب الهوية الجنسية وتغيير الجنس:

إن مرض اضطراب الهوية الجنسية سبب رئيسي من أسباب تغيير الجنس وقد يكون فيه نوع من المشروعية، لذلك أفردت له مطلب خاص لأوضح أنواع مرض اضطراب الهوية الجنسية وطبيعة كل نوع ولكن أحببت قبل أن أشرع في ذكر أنواع المرض وطبيعة كل نوع أن أذكر المعايير الشرعية والطبية التي من خلالها يتم التمييز بين الذكر والأنثى.
الفرع الأول: معايير التمييز بين الذكر والأنثى في الشرع والطب:
• الغصن الأول: معايير التمييز بين الذكر والأنثى في الشرع
لقد ذكر فقهاء الشرع المعايير والأسس التي يستند عليها لتحديد الجنس سواء ذكر أو أنثى وذلك ببيان العلامات الخاصة للذكر والأنثى وبالتالي يمكن تقسيمها إلى نوعين:

الأول: علامات خاصة بالذكور: ( )
1- البول من الذكر فقـط.
2- خروج اللحية.
3- الإمناء بالذكر.
4- تمكنه من الوصول إلى المرأة أثناء الجماع.
5- كون المرأة تحمل منه.
الثاني: علامات خاصة بالإناث: ( )
1- البول من الفرج.
2- ظهور الثدي.
3- الحيض.
4- الولادة.
5- نزول اللبن.
ومما سبق تتضح لنا المعايير التي يستند عليها فقهاء الشريعة الإسلامية في تحديد الجنس ولكن نجد أن غالب هذه المعايير والعلامات تتضح بعد فترة البلوغ والمعيار الوحيد الذي يمكن من خلاله تحديد الجنس قبل البلوغ هو البول فإن بال من الذكر فهو ذكر وإن بال من الفرج فهو أنثى.

• الغصن الثاني: معايير التمييز بين الذكر والأنثى في الطب:
بعد التقدم العلمي في مجال الطب توصل الأطباء إلى معايير خاصة من خلالها يتم تحديد جنس الشخص المشتبه في جنسه وهذه المعايير تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المستوى الصبغي (الكروموسومي):
من خلال المستوى الصبغي يمكن تحديد الجنس فالرجل يحمل كروموسومي (XY) والمرأة تحمل كروموسومي (XX) وهو يتحدد بأمر من الله سبحانه وتعالى وذلك عندما يلقح حيوان منوي يحمل كروموسوم (Y) أو يحمل كروموسوم (X) البيضة التي تحمل كروموسوم (X). وقد نوه الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله تعالى: { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى }( ) والنطفة التي تمنى هي نطفة الذكر. ويتحدد هذا المستوى من لحظة التلقيح. ( )

الثاني: المستوى الغددي:
ويقصد به تكَّون الغدة الجنسية ووضوح نوعها، فالرجل نوع الغدة الجنسية به خصية والمرأة مبيض ويتحدد هذا المستوى في الأسبوع السادس والسابع منذ التلقيح بإذن الله تعالى. أي لا يمكن معرفة الغدة التناسلية في الجنين قبل أن يتم الأسبوع السادس ويدخل في السابع وتكون الغدة في هذه المرحلة غير متمايزة ولا تتمايز إلا بعد نهاية الأسبوع السادس. ( )

الثالث: مستوى الأعضاء التناسلية:
إن الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة يمكن من خلالها تحديد جنس الشخص وذلك لأن الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة للذكر تختلف عن الأنثى وبالتالي يمكن التمييز بينهم، فالذكر تتكون أعضاءه التناسلية الباطنة من الحبل المنوي والحويصلة المنوية والبروستاتا وغدد كوبر، أما الأعضاء التناسلية للذكر (ما عدا الخصية) فإنها تتكون من قناتي ولف وهي قناة الكلية المتوسطة للجنين ومنها يتكون البربخ والقناة الناقلة للمني والقناة القاذفة، وتتكون الأعضاء التناسلية الباطنة للأنثى من المبيضان والرحم وقناتي الرحم والمهبل، أما الأعضاء التناسلية الباطنة للأنثى (ما عدا المبيض) فتتكون من قناتي مولر وهي قناة بجانب الكلية المتوسطة للجنين (واحدة على كل جانب) وتتحد القناتان في الوسط لتكون الرحم والمهبل. ( )

الفرع الثاني: أنواع مرض اضطراب الهوية الجنسية
• الغصن الأول: مرض الإنترسكس (الخنثى):
أولاً: تعريف الخنثى في اللغة:
الخنثى الذي لا يخلص لذكر ولا أنثى، وجعله بعضهم وصفاً، فقال: رجل خنثى له ما للذكر والأنثى، والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعاً، والجمع خناثي، وخُنَاث، والمصدر الإنخناث بمعنى: التثني والتكسر، ويقال: خَنَث الرجل خنثاً فهو خنث وتخنَّث وإنخنث تثَّنى وتكسّر، وتخنث أيضاً إذا فَعَلَ فِعلَ المخنَّث وقيل المخنث الذي يفعل فعل الخناثي. ( )

ثانياً: أنواع الخنثى:
أولاً: أنواع الخنثى عند فقهاء الشريعة:
1- الخنثى غير المشكل (الواضح): هو الذي تتضح فيه علامات الذكورة والأنوثة فيعرف أنه رجل أو امرأة وهذا النوع إما أن يكون رجل فيه خلقة زائدة، أو امرأة فيها خلقة زائدة ولذلك حكمة يكون على ما ظهرت عليه من علامات الذكورة أو الأنوثة. ( )
2- الخنثى المشكل: هو الذي لا تتضح فيه علامات الذكورة أو الأنوثة ولا يعرف أنه رجل أو امرأة أو هو الذي تعارضت فيه العلامات وهو ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
أ ) نوع ليس له مخرج ذكر ولا فرج أنثى ولكن له لحمة ناتئة يبول منها.
ب) نوع له مخرج واحد فقط ينزل منه البول والغائط.
ج) نوع ليس له مخرج نهائياً لا قبل ولا دبر وإنما يتقياً ما يأكله. ( )

ثانياً: أنواع الخنثى لدى الأطباء:
1- الخنثى الحقيقي: هو الشخص الذي يجمع جهازي الذكورة والأنوثة في آن واحد أي يوجد لديه مبيض وخصية وقد تكون الأعضاء التناسلية الظاهـرة لأنثى أو لذكر أو لكليهما معاً. وهذا النوع نادر جداً. ( )
2- الخنثى الكاذبة: هي حالة تكون فهيا الأعضاء التناسلية الظاهرة على عكس التكوين الغددي والصبغي، أو تكون الأعضاء غامضة وغير واضحة ( )
والخنثى الكاذبة تنقسم إلى نوعين:

أ ) خنثى كاذبة أصلها أنثى وظاهرها ذكر:
وهذه الحالة تكون في الأصل أنثى بناءاً على مستوى الصبغيات أي (XX) وعلى مستوى الغدة التناسلية (أي مبيض) ولكن الأعضاء التناسلية الظاهرة تشبه أعضاء الذكر وذلك بنمو البظر نمواً كبيراً حتى أنه يشبه القضيب ويلتحم الشفران الكبيران مما يجعلهما يشبهان كيس الصفن وتحدث هذه الحالة نتيجة إفراز هرمون الذكورة من الغدد الكظرية (فوق الكلية) لذلك يتجه خط سير الأعضاء التناسلية نحو الذكورة وكذلك تحدث نتيجة لأخذ الأم لهرمون الذكورة أو البروجسترون لأي سبب من الأسباب. ( )

ب) خنثى كاذبة أصلها ذكر وظاهرها أنثى:
وهذه الحالة تكون في الأصل ذكر بناءاً على مستوى الصبغيات أي (XY) وعلى مستوى الغدة التناسلية (خصية) ولكن الأعضاء التناسلية الظاهرة على شكل أعضاء الأنثى، وتحدث هذه الحالة نتيجة لعدة أسباب:
1- أن الأعضاء رغم وجود الخصية لديها مناعة لهرمون الذكورة التسترون وبالتالي لا تتأثر لفعله فتظهر الأعضاء على شكل أعضاء أنثى.
2- حدوث نشاط هرموني في الغدة الكظرية وينتج هذا عن ورم نادر وخبيث في الغالب في الغدة الكظرية وتفرز فيه الغدة الكظرية زيادة في هرمون الأنوثة الأوستروجين.
3- أخذ الأم لهرمونات الأنوثة خاصة في أول ثلاثة أشهر من الحمل. (

النوع الثالث: حالات ترنر وكلينفلتر:
وهذه الحالات لا تدخل مباشرة في مشكلة الخنثى وتحدث نتيجة خلل في الكروموسومات.

( أ ) حالات ترنر:
وهذه الحالة تكون حاملة لكروموسوم واحد فقط هو (X) بينما الشخص الطبيعي يكون حاملاً لكروموسومين إما (XX) للأنثى أو (XY) للذكر ويرمز لهذه الحالة بـ (XO) وتتجه الأعضاء التناسلية فيها سواء الباطنة أو الظاهرة إلى الأنثى لكنها لا يمكن أن تحيض أو تحمل بسبب ضمور الغدة الجنسية (المبيض). ( )

(ب) حالات كلينفلتر:
وهذه الحالة تكون حاملة لثلاثة كروموسومات بدلاً من اثنين وهما كروموسومي الأنوثة (XX) بالإضافة إلى كروموسوم الذكورة (Y) ويتجه في هذه الحالة تكوين الأعضاء التناسلية إلى الذكورة بسبب وجود كروموسوم الذكورة وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الذكر يكون بارد الهمة ضعيف الباءة عنيناً له أثداء كبيرة وقضيب صغير وله خصية ضامرة وتفرز هرمونات الذكورة بشكل ضعيف ونادر ولا يمكنه الإنجاب. ( )
• أساليب علاج مرض الإنترسكس (الخنث):
إن أسلوب علاج الخنث إجراء عملية له يتم خلالها إزالة التشوهات الخلقية فيه وتجميل هذه التسوهات.

الغصن الثاني: مرض الترانسكس:
هو مرض نفسي ينتاب الشخص يتمثل في رغبته الشديدة في تغيير جنسه على الرغم من مظهره الخارجي والتكويني الواضح، ولا يخل هذا المرض بقدرات صاحبه الذهنية والمهنية إذ لا يعتبر من قبيل الأمراض العقلية.

وإن من أصيب بهذا المرض عادةً ما يمر بثلاثة مراحل( ):
المرحلة الأولى: التشبه بالجنس الآخر إما بارتداء الملابس أو تقليد الصوت أو المشي.
المرحلة الثانية: النفور والاشمئزاز من أعضائه التناسلية ورغبته الشديدة في تملك أعضاء الجنس الآخر.
المرحلة الثالثة: طلب إجراء عملية جراحية تمكنه من التخلص من أعضائه التناسلية وتملك أعضاء الجنس الأخر.
وقد حدد الأطباء وقت ظهور هذا المرض بالنسبة للذكور والإناث، فبالنسبة للذكور يظهر المرض ما بين سن الثلاثة عشر وسن الخمسين، فبالنسبة للإناث يكون ظهور المرض بما لا يتعدى العشرين سنة. ( )

• أساليب علاج مرض الترانسكس:
إن مرض الإنترسكس تباينت أساليب العلاج فيه لذلك قد تعارضت آراء الأطباء في أسلوب علاج مرض الإنترسكس وتنحصر أساليب علاج مرض الإنترسكس في نوعين:

النوع الأول: العلاج النفسي:
يلجأ أطباء الأمراض النفسية في علاج مرض الإنترسكس وذلك بتصحيح مسلك المريض النفسي إما عن طريق التنويم المغناطيسي وإقناع الشخص بحقيقة جنسه أو عن طريق إعطائه هرمونات منشطة أو بأي طريق آخر.( )
النوع الثاني: التدخل الجراحي:
وهذا النوع يتم فيه إجراء جراحة تغيير الجنس وبالتالي يتم تغيير جنس الشخص من الناحية الشكلية فقط. ( )

المبحث الثاني
(موقف القانون المدني الكويتي من حق الشخص في تغيير جنسه)

نظراً لحداثة الموضوع فإنه لا توجد نصوص تشريعية تفصل فيه وتبين أحقية الشخص في تغيير جنسه من عدمها ولكن نصت المادة الأولى من القانون المدني على أنه:
1) تسري النصوص التشريعية على المسائل التي تتناولها هذه النصوص بمنطوقها أو بمفهومها.
2) فإن لم يوجد نص شرعي حكم القاضي وفقاً لأحكام الفقه الإسلامي الأكثر اتفاقاً مع واقع البلاد ومصالحها فإن لم يوجد حكم بمقتضى العرف. ( )
ومن منطلق هذا النص القانوني سأبين رأي الشريعة الإسلامية في مدى أحقية الشخص في تغيير جنسه من عدمها وبما أن مرض اضطراب الهوية الجنسية ينقسم إلى قسمين: وهما مرض الإنترسكس (الخنثى) ومرض الترانسكس فسأذكر رأي الشريعة الإسلامية في كل مرض على حده:

المطلــــب الأول
رأي فقهاء الشريعة الإسلامية في مدى أحقية الشخص المصاب
بمرض الإنترسكس (الخنثى) في تغيير جنسه

لقد اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على جواز إجراء جراحة تغيير الجنس لمرض الإنترسكس (الخنثى).
واستدلوا على ذلك بالأدلة الآتية:
(1) روي عن أبي هريرة “رضي الله عنه” عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء”( ) وروي عن أسامة بن شريك “رضي الله عنه” قال: ” كنت عند النَّبِيّ – صلى الله عليه وسلم – وجاء الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال نعم يا عباد الله تداووا”( ).
ووجه الدلالة: أن الحديثين السابقين أمر بالتداوي وأن مرض الإنترسكس (الخنثى) مرض من الأمراض التي يمكن علاجها بإجراء جراحة يتم فيها إزالة المرض وبالتالي شفاء المريض. إذاً يجوز إجراء جراحة تغيير الجنس لمريض الإنترسكس.

(2) قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا ضرر ولا ضرار”( ).
وجه الدلالة: أن ترك مريض الإنترسكس على حالته فيه ضرر شديد عليه ويتمثل الضرر في الألم النفسي والجسدي والاجتماعي الذي يعانيه مريض الإنترسكس (الخنثى) فالألم النفسي شعوره بالنقص والألم الجسدي عدم إمكانيته من ممارسة دوره في الحياة كإنسان عادي والألم الاجتماعي هو نبذ المجتمع له ومعاملته كمخلوق غريب لا قيمة له، وبالتالي لا بد من إزالة الضرر عنه حتى يتمكن من التعايش مع مجتمعه وممارسة دوره كإنسان طبيعي.( )
(3) أنه لا يوجد في هذه الجراحة تغيير لخلق الله وإنما الذي يحدث فيها هو إزالة التشوه الخلقي عن المريض وبيان الجنس الحقيقي الذي ينتمي إليه.

(4) قال: ” لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء “. ( )
وجه الدلالة: أن الفقهاء ذكورا أنه يجب على المخنث أن يزيل مظاهر الخنوثة عنه وأن يجتهد في ذلك حتى لا يدخل في ضمن الملعونين في الحديث السابق. ( )
قال ابن حجر: وأما ذم التشبيه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك وأما ما كان ذلك من أصله الخلقة فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج. ( )

(5) إن إجراء الجراحة لمريض الإنترسكس ليس فيه غش أو تدليس الذي نهى عنهما الشرع وإنما الهدف من إجراء الجراحة هو إعادة المريض على خلقته السوية الطبيعية لذلك جازت شرعاً. ( )
وما سبق ذكره من أدلة يتبين أحقية الشخص المصاب بمرض الإنترسكس في تغيير جنسه.

المطلب الثاني
رأي فقهاء الشريعة الإسلامية في مدى أحقية الشخص
المصاب بمرض الترانسكس في تغيير جنسه

لقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في هذه المسألة على قولين:
الفرع الأول: الاتجاه القائل بالمنع وأدلته
الاتجاه الأول: لا يجوز إجراء جراحة تغيير الجنس للمصاب بمرض الترانسكس، وهو قول المجمع الفقه الإسلامي والأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ودار الفتوى المصرية ووزارة الأوقاف في الكويت( )
أدلة هذا القول:
1- قوله تعالى حكاية عن إبليس لعنه الله:- { …. وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ }( )
وجه الدلالة: إن الآية تضمنت حرمة تغيير خلق الله على وجه العبث وإن في جراحة تغيير الجنس تغيير لخلق الله إذ يقوم الطبيب باستئصال الذكر والخصيتين وذلك في حالة تحويل الذكر إلى أنثى أو استئصال الثديين وإلغاء القناة التناسلية الموجودة في الأنثى في حالة تحويلها إلى ذكر دون مبررات مقنعة. ( )

2- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال (لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) ( )، وهذا الحديث ينص على لعن من تشبه من الرجال بالنساء والعكس بأي صورة من صور التشبه واللعن يقتضي حرمة الأمر الملعون وجراحة تغيير الجنس في هذه الحالة فيها تشبه من النساء بالرجال فكانت محرمة لدخولها في دائرة اللعن( ).

قال ابن حجر: (والحكمة في لعن من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة إلى وضعها عليه أحكم الحكماء( ).
وهذا الإخراج إنما يتحقق في جراحة تغيير الجنس ( ).

3- أن هذه العملية تشتمل على الغش والتدليس وقد عرف بعض المعاصرين الغش بأنه أخفاء عيب أو طمس حقيقة بحيث تبدو للناظر على غير وجهها( ). وهذه المعاني متوفرة في جراحة تغيير الجنس وقد ورد حديث ينهي عن الغش وهو قول رسول الله عليه الصلاة والسلام “من غشنا فليس منا” ( ).

4- أن هذا النوع من الجراحة يشتمل على استباحة المحظور شرعا دون إذن الشارع ، إذ فيه كشف كل من الرجل والمرأة عن موضع العورة، ويتكرر ذلك مرات عديدة. ( ).

5- أنه يثبت بشهادة بعض المختصين من الأطباء أن هذا النوع من الجراحة لا تتوفر فيه أي دوافع معتبره من الناحية الطبية، وأنه لا يعدو كونه رغبة تتضمن التطاول على مشيئة الله تعالى وحكمته التي اقتضت تحديد جنس الإنسان ذكرا كان أو أنثى( ).
6- روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم قال: كنا نغزو مع رسول الله عليه الصلاة والسلام وليس لنا شئ فقلنا ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك( ).

قال الإمام القرطبي رحمه الله:- “لا يختلف فقهاء الحجاز وفقهاء الكوفيين أن خصاء بني آدم لا يحل، ولا يجوز لأنه مثله”( )، فإذا كان هذا التحريم متعلقا بالخصاء الذي فيه تغيير لشئ من مهمة العضو فكيف بالتغيير الكامل لا شك أنه أولى وأحرى بالتحريم( ).

7- أن هذه العملية تشتمل على أضرار صحية ونفسية واجتماعية والضرر منهي عن شرعاً( ) لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “لا ضرر ولا ضرار”( ) فمن الأضرار الصحية حدوث تغيير في التركيب العضوي للإنسان السوي مما يسبب خللا في بقية أعضاء جسده الأصلية، فأعضاء الذكر تختلف عن أعضاء الأنثى خاصة الأعضاء التناسلية ووظائفها ومن الأضرار الصحية كذلك إحداث خلل في بعض أو معظم أعضاء الجسم الأخرى وذلك نتيجة للهرمونات والأدوية التي يتم إعطائها للشخص قبل وبعد الجراحة، وتكمن الأضرار النفسية في أن الجراحة تحدث خلل في نفس الشخص وتغييرا في الطباع والسلوكيات وهذا الأمر لن يتم بصورة سريعة ولكن بعد اضطرابات وتناقضات بين الحالة الأولى (الجنس الأصلي) والحالة الثانية (الجنس الطارئ) مما يحدث به آلام نفسية شديدة ومن الأضرار الاجتماعية أن هذه الجراحة إذا فتح بابها ستخلق نوعا من الفوضى والاضطراب في المجتمع وتكمن الفوضى والاضطراب فيما يحدث في السجلات والوثائق الرسمية التي قيد فيها الشخص منذ ولادته من حيث الأسماء والمهن وما يتعلق بها مما لا يخص الشخص فقط ولكن يرتبط بأهله وذويه( ).

الفرع الثاني: الاتجاه القائل بالجواز وأدلته:
الاتجاه الثاني: يجوز إجراء جراحة تغيير الجنس لمريض الترانسكس عند توافر الضوابط الآتية:
(1) أن يبذل المريض جهدا كبيرا للتكيف مع حالته الجسدية فربما ينتهي عنه هذا الشعور والانفصام بين أحاسيس النفس ومظاهر الجسد.
(2) أن يسعى الأطباء إلى معالجته من خلال كل وسائل الطب النفسي الحديث وأن يستمر على ذلك مدة طويلة لا تقل عن سنتين.
وذهب إلى هذا القول الشيخ فيصل مولوي( ).

أدلة القول الثاني:
1- إنه بتوافر الضوابط المذكورة فإن شروط الضرورة قد توافرت وعملا للقاعدة الشرعية “الضرورات تبيح المحظورات” لا يعود الأمر تغيير لخلق الله بل هو تغيير لحالة مرضية حتى يكون هذا الإنسان أكثر قدرة على القيام بمسئولياته التي خلق من أجلها( ).
2- أن حديث (لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهين من النساء بالرجال) ( ).

قال العلماء (ظاهر اللفظ، النهي عن التشبه في كل شئ لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في اللباس والزينة والكلام والمشي) ومع ذلك قال النووي : “إن المخنث لا يتجه إليه اللوم” وعقب ابن حجر على ذلك بأنه (معمول على إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة)، إذ يتبين مما سبق أن حالة مريض الترانسكس تختلف عن حالة التشبه بالجنس الآخر فإن مريض الترانسكس يشعر بانتمائه للجنس الآخر شعورا يغلب كل مشاعره وأعماله وهو يتألم ويسعى للخلاص من هذا الانفصام والازدواجية وبإجراء عملية تغيير الجنس يشعر أنه عاد لطبيعته الحقيقية( ).

رأي الباحث في المسألة:
من وجهة نظري أن الرأي الراجح في المسألة هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول والذي ينص على عدم الجواز، وذلك لقوة أدلتهم في مقابل أدلة أصحاب القول الثاني ويمكن الرد على أدلة أصحاب القول الثاني بالآتي:
أولا: استدلوا على أنه بتوافر الضوابط التي ذكروها فإن شروط الضرورة قد توافرت وبالتالي يجوز تغيير الجنس لأن الضرورات تبيح المحظورات.

يرد عليه من وجهين:
الوجه الأول: أن القاعدة الشرعية “الضرورات تبيح المحظورات” لها شروط ومن شروطها أن تكون الضرورة ملجئة أي يخشى الشخص على نفسه أو أعضائه من التلف وبتطبيق هذا الشرط على حالة المصاب بمرض الترانسكس نجد أنه لا ينطبق عليه وذلك لأن المرض المصاب به مرض نفسي غير عضوي ولا يترتب عليه هلاك الشخص أو فقدان عضو من أعضائه حتى نقول معه أن الضرورة تبيح إجراء العملية.

الوجه الثاني: أن الأضرار المترتبة على إجراء العملية أكبر من الأضرار المترتبة على إبقاء المريض على حالته وأن فعل المحظور مباح عند الضرورة لإزالة الضرر والقاعدة الشرعية “الضرر يزال” تنص على وجوب إزالة الضرر وبتطبيق ما سبق على حالة المصاب بمرض الترانسكس نجد أن إجرائه للعملية فيه ضرر كبير عليه سواء من الحالة النفسية أو الجسدية أو الاجتماعية.

ثانيا: استدلوا بأن تغيير الجنس يختلف عن التشبه بالجنس الآخر وبالتالي لا يدخل في النهي الوارد في حديث “لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) ( ).

يرد عليه:
أن العلماء قد بينوا معنى التشبه الوارد في الحديث والحكمة من النهي قال ابن حجر رحمه الله:- (الحكمة في من تشبه إخراجه الشئ عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء) ( ) وإن عملية تغيير الجنس لمريض الترانسكس نجد أن فيها إخراج الشخص المصاب بمرض الإنترسكس عن الصفة التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها فهو يدخل إلى العملية بصفة رجل ويخرج بصفة أنثى أو بالعكس وبالتالي فإنه يتبين عدم جواز إجراء عملية تغيير الجنس لمريض الترانسكس.

المطلب الثالث
الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس

إن لتغيير الجنس آثار قانونية مترتبة عليه كما ذكرنا وذلك لأن الشخص الذي يطلب تغيير جنسه يريد بذلك ترتب الآثار القانونية عليه ولذلك أفردت مبحث خاص سأتطرق فيه عن الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس.

الفرع الأول: أثر تغيير الجنس على الاسم:
إن من آثار تغيير الجنس هو تغيير الاسم وذلك لأنه لا يصح أن يتم تغيير جنس الشخص من أنثى إلى ذكر وهو يحمل اسم أنثى أو العكس، وسيكون في هذا مدعاة للسخرية والازدراء، وقد رسم القانون إجراءات معينة يتم من خلالها تصحيح اسم الشخص وهو ما نصت عليه المادة الأولى من مرسوم القانون رقم (1) لسنة (1988) بشأن تنظيم إجراءات دعاوي النسب وتصحيح الأسماء: “لا تقبل دعاوي النسب وتصحيح الأسماء إلا إذا سبقها تحقيق تجربة لجنة برئاسة أحد أعضاء النيابة العامة يصدر بتشكيلها وتحديد مقر انعقادها ونظام العمل بها والإجراءات التي تتبع أمامها قرار من مجلس الوزراء.
وتباشر اللجنة التحقيق بناء على طلب من ذوي الشأن وعليه الانتهاء منه وإحالة النزاع إلى المحكمة المختصة مشفوعاً بتقرير مفصل بما انتهت إليه في شأن صحة النسب أو الاسم وذلك خلال سنة من تاريخ تقديم الطلب إليها، فإذا انتهت هذه المدة دون البت في الطلب كان لصاحب الشأن اللجوء إلى القضاء.

وعلى إدارة كتاب المحكمة بناء على طلب صاحب الشأن وبعد سداد الرسوم المقررة تحديد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة تتبع في إعلانها ونظرها الإجراءات المعتادة في التقاضي. وذلك دون إخلال بحق النيابة العامة في رفع الدعوى أو التدخل فيها طبقا لنص المادتين 337، 338 من قانون الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم (51) لسنة 1984( ).

ومن خلال المادة السابقة يتضح أنه على الشخص الذي تم تغيير جنسه أن يتقدم بطلب إلى اللجنة المختصة بدعاوى النسب وتصحيح الأسماء لتباشر معه التحقيق وتحيل النزاع إلى المحكمة المختصة مشفوعا بتقرير بما انتهت إليه، ولكن قبل ذلك لا بد على الشخص الذي تم تغيير جنسه أن يثبت نوع الجنس الذي ينتمي إليه، ولا يمكن ذلك إلا من خلال رفع أمره إلى المحكمة لتفصل في نوع الجنس الذي ينتمي إليه، وكذلك يستطيع الشخص الذي يقوم برفع دعوى إلى المحكمة يطلب فيها إثبات أحقيته بتغيير جنسه أن يطلب معها كذلك إثبات أحقيته في تغيير اسمه للفصل في الموضوعين معا بدلا من أن يعرض كل طلب على حدة.

الفرع الثاني: اثر تغيير الجنس على الزواج:

لم يرد في قانون الأحوال الشخصية ما يفيد حكم زواج الخنثى ولكن نصت المادة (343) من قانون الأحوال الشخصية على أنه: ” كل ما لم يرد له حكم في هذا القانون يرجع فيه إلى المشهور في مذهب الإمام مالك فإن لم يوجد المشهور طبق غيره، فإن لم يوجد حكم أصلاً، طبقت المبادئ العامة في المذهب”( ).

وبناءاً على هذه المادة سأذكر حكم زواج الخنثى في مذهب الإمام مالك وما يترتب على هذا الحكم من آثار.

الغصن الأول: حكم زواج الخنثى في مذهب الإمام مالك:
يرى المالكية بأن زواج الخنثى المشكل لا يصح( )، وبالتالي يكون نكاحه باطلاً وذلك لأنه اختل ركن من أركان العقد وهو أهم ركن وهو كون أحد المتعاقدين ذكر والآخر أنثى هذا أمر واضح حتى وإن لم تنص عليه القوانين صراحةً. ( ).

الغصن الثاني: الآثار المترتبة على بطلان عقد الزواج:
الزواج الباطل لا يترتب عليه أي أثر من آثار الزواج فلا يجب به مهر ولا يثبت به نسب ولا تجب به العدة بعد المفارقة ولا تثبت به حرمة المصاهرة، وذلك لأن وجوده كعدمه( )، ولقد نصت المادة 48 من قانون الأحوال الشخصية على أن: “الزواج الباطل لا يترتب عليه شيء من آثار الزواج”( ).

الفرع الثالث: أثر تغيير الجنس على العمل:

لقد وضع المشرع في القانون رقم (38) لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الأهلي بعض القوانين الخاصة في تشغيل النساء بما يتوافق مع طبيعتهن وهي ما جاءت في المواد (23، 24 ، 25، 26، …) ويمكن تقسيمها إلى الآتي:
1- لا يجوز تشغيل النساء ليلا ويستثنى من ذلك دور العلاج الأهلية والمؤسسات الأخرى التي يصدر بشأن العمل بها قرار من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل.

2- حظر تشغيل النساء في الصناعات أو المهن الخطرة والمضرة بالصحة التي يصدر بها قرار من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل.
3- أن للعامل الحق في إجازة أقصاها ثلاثون يوما قبل الوضع وأربعون يوما بعد الوضع بأجر كامل، ويجوز للعاملة أن تنقطع بدون أجر لمدة أقصاها مائة يوم متصلة أو متقطعة وذلك بسبب مرض يثبت بشهادة طبية أنه نتيجة للعمل والوضع.

4- سقوط حق العاملة في الإجازة السنوية إذا أفادت بالامتيازات التي كفلتها المادة (25).
ومما سبق إذا قام العامل بتغيير جنسه من ذكر إلى أنثى وثبتت أحقيته في ذلك التغيير فإن المواد السابقة تنطبق عليه.

الفرع الرابع: أثر تغيير الجنس على الميراث:
لقد حدد الشارع الحكيم سبحانه وتعالى نصيب كل شخص من الميراث وجعل نصيب الذكر مختلف عن نصيب الأنثى ومن ذلك قوله تعالى { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }( ) لذلك فإنه عند تغيير الشخص لجنسه فإن نصيبه في الميراث سيختلف عن ما إذا بقي على حالته الأولى فإذا غير جنسه إلى أنثى فإنه يأخذ نصيب الأنثى بحسب قرابتها من الميت وإذا غير جنسه إلى ذكر سيأخذ نصيب الذكر بحسب قرابته من الميت سواء كان ذلك بالفرض أو بالتعصب.
وبعد ذكر بعض الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس فإنه يمكن تلخيص ما سبق بأن كل شخص أثبتت المحكمة أحقيته في تغيير جنسه فإن جميع القوانين الخاصة بالجنس الذي تحول إليه تنطبق عليه.

المبحث الثالث
موقف القضاء المدني الكويتي من حق الشخص في تغيير جنسه

إن القضايا التي عرضت على القضاء الكويتي من هذا النوع نادرة جداً وذلك نظراً للعقيدة الإسلامية التي يعتنقها أصحاب هذه الدولة التي رسخت فيهم مبادئ الفطرة السليمة وكذلك عادات وتقاليد المجتمع الكويتي التي تنبذ كل خلق سيء.
وفي هذا المبحث سأذكر قضية شغلت الشارع الكويتي وتداولتها أجهزة الإعلام وهي قضية أحمد وقد مرت هذه القضية على جميع درجات التقاضي فسأبين حكم كل درجة والأسباب التي استند عليها الحكم.
( رقم القضية 861/2003 تجاري مدني كلي حكومة / 1)

المطلب الأول
تلخيص القضية رقم 861/2003 تجاري مدني كلي حكومة / 1

الفرع الأول: ملخص القضية.
تتلخص وقائع القضية في قيام أحمد برفع دعوى ضد وكيل وزارة الصحة ووكيل وزارة الداخلية ووكيل وزارة التربية ووكيل وزارة العدل ووكيل وزارة الدفاع ومدير عام الهيئة العامة للمعلومات المدنية بصفتهم طلب في ختامها الحكم بندب إدارة الطب الشرعي التابعة لوزارة الداخلية لتوقيع الكشف الطبي عليه والإطلاع على كافة ما تحت يده من تقارير وفحوص طبية وذلك لفحص حالته وتحديد نوع الجنس الذي يحمله حالياً ومدى ملائمة ذلك مع ما هو ثابت بالأوراق الثبوتية الخاصة به من عدمه ومدى أحقيته في تعديل وتصحيح اسم ونوع جنسه بما يتفق مع حالته الراهنة من عدمه وذلك تمهيداً لعرض الأمر على اللجنة المختصة قانوناً بتصحيح الأسماء بغية الحكم للمدعي بتعديل اسم ونوع جنسه في مواجهة المدعي عليهم مع إلزام المدعي عليهم بكافة المصروفات القضائية، وبعد ذلك وعلى ضوء تقرير الطب الشرعي قام بتعديل طلباته وهي كالأتي:

1- الحكم بأحقيته في تغيير جنسه من ذكر إلى أنثى.
2- حفظ كافة حقوقه في سلوك الطريق الذي رسمه القانون للوصول الى تغيير البيانات الخاصة باسمه وجنسه بكافة الأوراق الرسمية، وقد أسس دعواه على أنه ولد بتاريخ 3/10/1975 ولديه شعور نفسي وطبيعي بالانتماء للجنس الأخر أي هويته الجنسية أنثوية وتم استخراج جميع الأوراق الثبوتية الخاصة به على أن نوع جنسه ذكر مما ألحق به أضراراً نفسية خاصة شعوره بعدم تعايشه مع نوع الجنس الذي يحمله إذ تغلبت عليه رغبة الانتماء الى الجنس الأخر الذي تطبع بطباعه مما تحتم عليه اجراء عملية جراحية بتحويل جنسه من ذكر الى أنثى ولما كانت القاعدة الشرعية ” لا ضرر ولا ضرار ” وقد أصبح بعد العملية أنثى عقيم ويمارس حياته اليومية يعايش المجتمع كأنثى إلا أن حمله لاسم ” أحمد ” ونوع جنسه ذكر في جميع أوراقه الثبوتية اللصيقة به لا تستقيم مع هويته الأنثوية مما ألحق به ضرر لذا أقام دعواه بطلباته سالفة الذكر.

الفرع الثاني: رأي الطب الشرعي:
بجلسة 28/6/2003 أصدرت محكمة أول درجة حكماً بندب إدارة الطب الشرعي للكشف على حالة المدعي وإبداء رأيها في حالة المدعى وكان رأي الطب الشرعي في الحالة ما يلي:
يتخلص رأي الطب الشرعي في أن أحمد من الوجه الجينية
– الصبغية – ذكر يحمل الصفات الجينية الذكرية إلا أنه من الناحية النفسية وبعد العلاج الهرموني والتداخلات الجراحية واستئصال الأعضاء الذكورية الرئيسية المميزة واستبدالها بأعضاء خارجية أنثوية النمط فقد الصفات الذكورية الجسمية الخارجية وكذا الإحساس الجنسي الرجولي وإمكانية الإنجاب بينما طغت المواصفات الأنثوية خاصة الخارجية منها على مظهره الجسماني بالإضافة الى ما يعاينه من هم في مثل حالته من ميل جارف للسلوك الأنثوي.

المطلب الثاني
حكم محكمة أول درجة
والأسباب التي استندت عليها في الحكم:
الفرع الأول: حكم محكمة أول درجة:
حكمت المحكمة بأحقية المدعي في تغيير جنسه من ذكر الى أنثى وألزمت المدعي عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
الفرع الثاني: الأسباب التي استندت عليها محكمة أول درجة في الحكم:

السبب الأول: وورد آيات عديدة تبين أن تصوير الإنسان على صورته من ذكر أو أنثى هو أمر لله تعالى مثل قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى … }( ) وقوله: { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ}( )، ويستدل بالآيات أن تغيير الجنس لا يجوز شرعاً لأنه متضمن تغيير لخلق الله إلا إذا توافرت شروط الضرورة فهنا يكون تغيير الجنس مباح عملاً للقاعدة الشرعية ” الضرورات تبيح المحظورات ” إذا الأمر لا يصبح تغييراً لخلق الله بل هو تغيير لحالة مرضية حتى يصبح الإنسان أكثر قدرة على القيام بمسئولياته التي خلق من أجلها .

وبما أنه ورد في تقرير الطب الشرعي أن الأعراض التي بالمدعى أعراض اضطراب الهوية الجنسية وأنه بذل جهداً للتكيف مع حالته الجنسيه من هذه الأعراض وبالتالي فإن شروط الضرورة قد توافرت في حقه وإجراء العملية جائز شرعاً ولا يعتبر تغيير لخلق الله وينتفي في حقه التشبه بالجنس الأخر لأن المريض يعود لجنسه الغالب فالجنس ليس هو مجرد أعضاء جنسيه ظاهرة بل هو أيضاً مشاعر نفسيه ومما سبق يتبين أن السبب التي أقيمت من أجله الدعوى مشروعاً.

السبب الثاني: إن المدعي بحالته الراهنة وهو حبيس جنس ينفر منه ويكون تحت ضغط رغبة في التحول للجنس الأخر كما أن ما يعانيه من هم في مثل حالته قد يدفعه الى أن يسلك مسلكاً جنسياً غير سوي في حالة السماح له بمخالطة الذكور مدفوعاً برغباته الأنثوية الأمر الذي يبين معه إجابة المدعي لطلباته وذلك لمصلحته ومصلحة المجتمع.

المطلب الثالث
حكم محكمة الاستئناف والأسباب التي استندت عليها:

الفرع الأول: حكم محكمة الاستئناف:
حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده ( المدعي ) بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

الفرع الثاني: الأسباب التي استندت عليها محكمة الاستئناف في الحكم:
السبب الأول: ذكرت المحكمة معايير التمييز بين النوعين الذكر والأنثى والتي يعتمد عليها أهل الطب ثم أسقطت هذه المعايير على أحمد ووجدت أن ما ثبت بالتقارير الطبية أن أحمد ولد ذكر من الناحية الجينية الصبغية كما في الذكور ويحمل جميع الأعضاء التناسلية الذكرية الخارجية منها أو الداخلية وبالتالي استنتجت أنه مخلوق ولد ذكراً مصداقاً لقوله تعالى ” وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ” النجم (45) وكذلك ثبت أن أحمد لا يحمل لأي عضو أنثوي حتى يمكن القول بأنه خنثى حقيقية أو كاذبة لتطبيق أحكام الخنثى عليه وتبرر التدخل الجراحي لتصحيح جنسه وتثبيته وهو الأمر الذي ترى معه المحكمة أن ما قام به أحمد من اجراء عملية تغيير الجنس مخالف للشريعة الإسلامية وذكرت فتاوى تنص على حرمه تغيير الجنس لمجرد دواعي نفسية بل لابد من وجود دواعي جسدية غالبة.

السبب الثاني: ترى المحكمة أن ما جاء من حقائق علمية عن اضطرابات الهوية الجنسية تبيّن أنها أعراض تظهر في مرحلة مبكرة وفي سن الطفولة ومع السنوات الأولى من الدراسة وتكمن في رغبة الطفل الجامحة في أن يكون من الجنس الأخر مع الكراهية الشديدة لجنسه العضوي وبمطابقة هذه الحقيقة العلمية على أحمد وجدت أنها لا تنطبق عليه وذلك لأنه ثبت أنه من مواليد 3/10/1975م ولم يعاني من أي اضطرابات نفسية حتى دخوله المستشفى النفسي وكان قد بلغ ما يقارب عشرون عاماً وذلك لمحاولته الانتحار ولم يثبت سبب ذلك وغادر المستشفى على مسئوليته ولم يرد في ملفه ما يشير الى اضطرابات في الهوية الجنسية في فترة دخوله ولم يراجع المستشفى إلا بتاريخ 11/12/2002 بعد العملية التي تمت بتاريخ 29/6/2000 أي بعد سنة ونصف.

السبب الثالث: ترى المحكمة أن أحمد لم يعرض نفسه على طبيب نفسي لاستشارته في موضوع اضطراب الهوية الجنسية ولم يتلق أي علاج لفترة زمنية حسب الأعراف الطبية.

السبب الرابع: إن اضطرابات الهوية الجنسية ما هي إلا نظرية لازالت توجه لها سهام النقد وينكرها البعض ومما يوجه اليها ماذا لو تغيرت رغبة من تحول الى الجنس الأخر ورغب مرة أخرى بالعودة الى جنسه الأصلي كونها خاضعة لعوامل نفسية وتتغير بتغير الأهواء النفسية ففي ذلك عبث بهوية الإنسان الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى بأن خلقه بأحسن صورة.

السبب الخامس:ترى المحكمة أن تغيير الجنس لمجرد دواعي نفسية فيه وقوع بالرذيلة والحرام وذلك أن الرجل بتحوله الى أنثى فإن تحوله ظاهرياً فقط دون أعضاءه الداخلية إذا فالجنس يبقى على خلقته الأصلية دون تغيير مما يعني استمتاع الرجل بالرجل المبدل جنسه من قبيل عمل قوم لوط المستحق للعنة الله وغضبه وكذلك يحدث معاشرة النساء لبعضهن البعض وبالتالي انتشار الفاحشة.

المطلب الرابع
حكم محكمة التمييز

لقد حكمت محكمة التمييز بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن المصروفات مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وقررت ما يلي في الموضوع:
“ومن الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية حرمة تحويل الجنس من ذكر الى أنثى وبالعكس على وجه العبث، وقد جرى قضاء ـ هذه المحكمة ـ على أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من الأدلة والمستندات ولها الأخذ بتقرير الخبير المقدم في الدعوى محمولاً على أسبابه متى رأت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها واطمأنت الى سلامة الأسس التي قام عليها وأنه وإن كانت الضرورات تبيح المحظورات والتي تعني أن الممنوع شرعاً مباح عند الضرورة ومن شروطها أن تكون الضرورة ملجئة بحيث يجد الفاعل نفسه أو غيره في حالة يخشى منها تلف النفس أو الأعضاء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند مما ثبت من التقرير الطبي الشرعي الذي أطمأن اليه من أن الطاعن قد أجرى عملية جراحية حول على أثره أعضاءه التناسلية الخارجية لأنثى دون أعضاءه الداخلية وأنه يحمل التركيب الصبغي الذكري والجنس الذي نشأ عليه بينما الجنس النفسي أنثوي وبعرضه على لجنة أخصائي الطب النفسي أفادت بأن الطاعن دخل العيادة النفسية لأول مرة في 15/1/1994 لوضعه تحت الملاحظة الطبية إلا أنه خرج في ذات اليوم ولم يرد في تقريرها أية اضطرابات في هويته الجنسية في فترة دخوله ولم يراجع المستشفى بعد ذلك إلا بتاريخ 11/12/2002 إلا بعد اجرائه العملية الجراحية بتاريخ 29/6/2000

ولم يتبين من ملفه بالمستشفى أنه تم عرضه على طبيب نفسي كما لم يتلقى أي علاج أو اتباع ارشادات معينة لفترة زمنية حسب الأعراف الطبية قبل اجراء العملية وأن اللجنة الطبية لا تستطيع الجزم بوجود رغبة قهرية للطاعن في تغيير جنسه في الفترة السابقة على إجراء العملية كما أن التقرير الطبي الشرعي لم يقطع بأنه مصاب باضطراب الهوية الجنسية ونفى الحكم تبعاً لذلك حالة الضرورة لدى الطاعن التي تبيح له المحظور واعتبر أن إجرائه للعملية ببتره لأعضاء الذكورة التي خلق عليها وتحويل جنسه هو مخالف للشريعة الإسلامية ورتب على ذلك قضاءه سالف البيان، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمله قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن ويضحي النعي على غير أساس”.

( الطعن بالتمييز رقم 674/2004 مدني / 2 )
وبعد عرض القضية والأحكام الصادرة في كل درجة هناك بعض الآراء التي استنتجتها من خلال العرض السابق وهما كالآتي:

(1) أن محكمتي الاستئناف والتمييز قد أصابتا عين الحق وذلك للأسباب التي ذكروها وأحب أن أضيف للأسباب التي ذكرت في الحكم سبباً أخر وهو: ” أن الأبحاث العالمية أو ضحت أن التكييف المنشود لا يصل إليه المريض بعد الجراحة بل أن هناك أبحاث تشير إلى انتحار بعضهم أو علاجهم في مصحات عقلية لأن جراحة تغيير الجنس لم تحقق الهدف المنشود في علاج مرض الترانسكس”( ).

(2) والملاحظ في القضية أن الحكم الصادر من درجتي التقاضي استند على رأي شرعي في المسألة لذلك أرى أنه لا بد من تشريع نصوص قانونية تفصل في هذه المسألة على أن تكون موافقة لكتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – حتى لا يكون هناك اختلاف في هذه المسألة.

الخاتمـة
تم هذا البحث المتواضع بحمد الله وتوفيقه وقد توصلت من خلاله إلى النتائج التالية:
1- أنه يحق لمريض الانترسكس ( الخنثى ) تغيير جنسه وتترتب عليه جميع الآثار القانونية المترتبة على الجنس الذي تحوّل إليه.
2- أنه لا يحق لمريض الترانسكس تغيير جنسه بل لا بد من معالجته بالعلاج النفسي حتى يستقر شعوره النفسي مع تركيبه الجنيني – الصبغي.

وبناءاً على ما تقدم ذكره من نتائج يتقدم الباحث بالتوصيات التالية:
أولاً: : تشريع قوانين تعاقب كل من قام بتغيير جنسه بقصد التشبه بالجنس الآخر أو التنكر والتخفي للهروب من العدالة أو السعي وراء تحصيل كسب معين.
ثانياً: تشريع قانون ينظم إجراءات تغيير الجنس بحيث يُلجأ إليها قبل إجراء جراحة تغيير الجنس.
ثالثاً: معاقبة كل من يخالف هذا القانون.

المراجــــع

الرقم اسم المؤلف اسم الكتاب الطبعة دار النشر مكان النشر سنة الطبع
1 د. أحمد محمود سعد تغيير الجنس بين الخطر والإباحة الأولى دار النهضة العربية القاهرة 1413هـ
1993م
2 الشهابي إبراهيم الشرقاوي تثبيت الجنس دراسة مكانه في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي بدون طباعة دار الكتب القانونية مصر 2003م
3 د. زهير أحمد السباعي
د. محمد علي الباز الطبيب أدبه وفقه الثانية دار القلم الدار الشامية دمشق
بيروت 1418هـ
1997م
4 محمد اسماعيل البخاري صحيح البخاري الأولى دار احياء التراث العربي بيروت 1422هـ
2001م
5 د. محمد خالد منصور الأحكام الطبية المتعلقة بالنساء في الفقه الإسلامي الثانية دار النفائس الأردن 2004
6 د. محمد سامي الشوا مسئولية الأطباء وتطبيقاتها في قانون العقوبات بدون طبعة دار النهضة العربية القاهرة 2002-2003
7 د. محمد شافعي مفتاح بوشيه جراحات الذكور والأنوثة في ضوء الطب والفقه الإسلامي بدون دار الفلاح الفيوم بدون
8 د. محمد علي الباز خلق الإنسان بين الطب والقرآن الثالثة عشر الدار السعودية جدة 2005
9 د. محمد بن محمد المختار الشنقيطي أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها – مكتبة الصحابة الإمارات الشارقة سنه
10 محمد ناصر الدين الألباني غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام الطبعة الثالثة المكتب الإسلامي – 1405هـ – 1985م

• مصادر أخرى:
1- موقع www.mawlawi.net
2- موقع الطبيب المسلم www.muslimdoctor.org
3- جريدة الوطن العدد 11105 / 5551 ـ السنة 54 الموافق الأحد 24/12/2006
4- حكم القضاء المدني الكويتي في القضية رقم 861/2003 تجاري مدني كلي حكومة/1.
• وثائــــق رســــمية:
1- القرآن الكريم.
2- القانون المدني.
3- قانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية.
4- قانون رقم 1 لسنة 1988 بشأن تنظيم اجراءات دعاوى النسب وتصحيح الأسماء.
5- قانون رقم 38 لسنة 1964 في شأن العمل في القطاع الأهلي.

الفهـــرس
الموضــــــــــــــوع رقم الصفحة
المقدمة 1
المبحث الأول: ما المراد بتغيير الجنس 3
المطلب الأول: ماهية جراحة تغيير الجنس 3
المطلب الثاني: دوافع جراحية تغيير الجنس 6
المطلب الثالث: مرض اضطرابات الهوية الجنسية وتغيير الجنس 10
المبحث الثاني: موقف القانون المدني الكويتي من حق الشخص في تغيير جنسه والآثار المترتبة عليه 21
المطلب الأول: رأي فقهاء الشريعة الإسلامية في مدى أحقية الشخص المصاب بمرض الإنترسكس (الخنثى) في تغيير جنسه 22
المطلب الثاني: رأي فقهاء الشريعة الإسلامية في مدى أحقية الشخص المصاب بمرض الترانسكس في تغيير جنسه. 25
المطلب الثالث: الآثار القانونية المترتبة على تغيير الجنس. 33
المبحث الثالث: موقف القضاء المدني الكويتي من حق الشخص في تغير جنسه 38
المطلب الأول: تلخيص القضية رقم 861/2003 تجاري مدني كلي حكومة /1 ورأي الطب الشرعي. 39
المطلب الثاني: حكم محكمة أول درجة والأسباب التي استندت عليها في الحكم 42
المطلب الثالث: حكم محكمة الاستئناف والأسباب التي استندت عليها في الحكم 44
المطلب الرابع: حكم محكمة التمييز 47
الخاتمة 50
المراجـــع 51
المصادر الأخرى 52