حماية المستهلك في بعض التشريعات العربية بين الواقع والتطبيق
” القانون اللبناني نموذجاً “

مقدمة
شهد العالم في السنوات الأخيرة نمواً غير مسبوق في حجم التجارة المحلية والدولية وزيادة كبيرة في حركة رؤوس الأموال بين مختلف الدول، في ظلّ سيطرة إقتصاد السوق ونمو ظاهرة العولمة وتسارع وتيرة التطوّر التكنولوجي. وقد أدى ذلك الى إحداث تغيير جذري في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ما دفع بالمشرّع الدولي والوطني الى ابتكار أطر وآليات قانونية جديدة لمواكبة هذه التغيّرات بهدف المواءمة مع متطلّبات تحقيق النمو للافراد والمجتمع، وتشجيع المنافسة الحرّة وجذب الإستثمارات.

وفي هذا الاطار، فقد برزت حاجة ملحة لحماية الاطراف المنخرطة في حركة التجارة المحلية والدولية من خلال التركيز على تطوير قوانين اقتصادية حمائية تكون مرتكزا لعملية تنمية شاملة، بالنظر لما تلعبه هذه القوانين من دور في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع، متقدم او نام أو أقل نمواً، لأنه لا يمكن الآن لأي دولة أن تقوم بعملية اصلاح اقتصادي شاملة، دون وضع او تعزيز أطر قانونية معينة تتواءم والحاجات الاقتصادية المحلية والدولية، وهذا بدوره ينعكس على التنمية والاستثمار واقتصاد الدولة، خاصة في ظلّ التطورات والتغيّرات الكثيرة التي يشهدها العالم اليوم.

ولعل من ابرز الاطراف التي تحتاج للحماية القانونية في ظل هذه التطورات الطرف الذي يعتبر الاضعف في هذه الحلقة وهو المستهلك، لذا كانت حماية المستهلك هاجس القانونيين حول العالم باعتبارها العنصر الرئيس الذي تقوم عليه حركة التجارة والسوق في وقتنا الحالي. من هنا تظافرت الجهود الدولية والاقليمية والوطنية لوضع الاطر الدولية والقوانين الحمائية للمستهلك باعتبار حقوقه واحدة من اهم حقوق الانسان، فمنذ اكثر من ستين عاماً، أقر “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” مجموعة كبيرة من الحقوق الإنسانية التي ينبغي أن يتمتع بها كل إنسان دون تمييز، ومن بينها الحقوق الاقتصادية التي يكفلها “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” وغيره من مواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية الملزمة قانوناً. ولا تكاد توجد دولة في العالم ليست طرفاً في واحدة على الأقل من المواثيق الملزمة قانوناً التي تكفل هذه الحقوق، ومن بينها الحق في الحصول على أعلى مستوى يمكن بلوغه للصحة البدنية والعقلية، بما في ذلك الحق في التمتع بظروف معيشة صحية، والحق في الحصول على خدمات صحية ملائمة ومقبولة وذات مستوى؛ علاوة على الحق في الحصول على مأوى ملائم، اضافة الى الحق في الحصول على الغذاء، بما في ذلك الحق في الحصول في كل الأوقات على غذاء ملائم أو على سبل الحصول عليه؛ والحق في الحصول على المياه، ويعني الحق في الحصول على ما يكفي من المياه والمرافق الصحية، على أن تكون متاحة وميسرة (مادياً واقتصادياً) وآمنة. ويقع على الحكومات التزام في احترام هذه الحقوق وحمايتها، كما ينبغي على الحكومات إعطاء الأولوية للفئات الأشد ضعفاً عند تخصيص الموارد. كما ينص “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على وجود التزامات في مجال حقوق الإنسان تقع على عاتق “جميع أفراد المجتمع وهيئاته”.

ومن ضمن ذلك الشركات التي لها دور يتضاعف على المستوى العالمي في إعمال حقوق الإنسان أو إهدارها. من هنا فإن الحق في ” العيش الكريم” يتعلق اساسا بمقومات الحياة اليومية بالتكامل مع الحق في الحصول على السلع والخدمات، ومن يحصل على هذه السلع والخدمات هو بحد ذاته المستهلك، والمستهلك – في هذا الاطار- كإنسان يتمتع بحقوق من الواجب حمايتها.

فكان ان اهتمت بهذا الموضوع منذ القدم الشرائع السماوية ، ففي الشريعة الاسلامية انزل الله عز وجل سورة في القرآن الكريم هي سورة المطففين، والمقصود بالمطففين هم الذين يغشّون المشترين والمستهلكين عبر البخس والغش في المكيال والميزان، حيث توعدهم رب العباد بعذاب أليم بقوله جل شأنه ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6))). والمقصود بذلك ان الله عز وجل قد اعطى حماية لمن يشتري سلعة او بمعنى اخر للمستهلك ضد اي انتهاك لحقوقه او غش قد يتعرض له من قبل بائعي هذه السلعة او مقدمي تلك الخدمة التي يجب ان تكون ذات جودة ونوعية جيدة. وهناك امثلة كثيرة في هذا الاطار تدلل على اهمية هذه الحماية التي امر بها الله تعالى .

وكذلك الحال في المسيحية فقد اشارت رسالة البابا يوحنا بولس الثاني “السنة المائة” الى اقتصاد السوق والمستهلك والعلاقة بينهما، مع التشديد على ضرورة وضع التشريعات اللازمة لتنظيم حركة السوق مع الأخذ بالاعتبار حقوق المستهلك وحمايتها.

اما على الصعيد الدولي فقد اصدرت الامم المتحدة (المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك) وهي الصادرة تحديدا عن منظمة الامم المتحدة للتجارة و التنمية، منذ عام 1980 وتم توسيعها في عام 1999، وهي تهدف الى توجيه و توصية حكومات دول العالم بعدة توصيات و اقتراحات لوضع سياسات و قوانين لضمان حماية حقوق المستهلك. فقد اشارت الى اهمية ان تنطوي حقوق المستهلك على الحق في بيئة صحية، والحق في الحصول على السلع والخدمات الأساسية، وكذلك الحق في ضمان السلامة والأمان، و الحق في الاختيار بين مجموعة من المنتجات والخدمات المتنوعة بأسعار تنافسية، مع ضمان توعية مرضية وتوفير الضمانات اللازمة للمستهلك، علاوة على الحق في أن يحصل المستهلك على كافة المعلومات والحقائق التي يحتاجها، وخاصة ما يتعلق منها بالسلعة والخدمة وخصائصها وكافة البيانات اللازمة للتأكد من صلاحيتها وحق الحماية من الإعلانات والبيانات المضللة وغير الصحيحة والتأثيرية. اضافة الى ذلك فمن حقوق المستهلك الحق في التمثيل وسماع رأيه، وكذلك الحق في التثقيف اضافة الى حقه في الحصول على تعويض عن السلع الرديئة والخدمات غير المرضية .

كما اصدرت العديد من الدول العربية تشريعات لحماية المستهلك، كقانون حماية المستهلك في لبنان رقم 659 الصادر في 4 شباط 2005 والتشريعات ذات الصلة، وقانون حماية المستهلك في سوريا رقم 2 لسنة 2008 والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم 27 للعام 2013 ، وقانون حماية المستهلك في مصر رقم 67 لسنة 2006 ولائحته التنفيذية، وقانون حماية المستهلك في فلسطين رقم 21 لسنة 2005، وقانون حماية المستهلك في سلطنة عمان رقم81 لسنة 2002، وقانون حماية المستهلك في قطر رقم 8 لسنة 2008 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2011، والقانون الاتحادي رقم (24) لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك في دولة الامارات العربية المتحدة وفي العراق صدر قانون حماية المستهلك في العراق رقم 1 لسنة 2010، وفي المغرب تم اصدار الظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، وفي الجزائر تم اصدار القانون 09-03 المؤرخ في 25 فبراير 2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، وغيرها من القوانين ذات الصلة، اما في اليمن فقد صدر قانون رقم (46) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك في اليمن. اما في السعودية فإن هنالك مشروع نظام لحماية المستهلك لسنة 2011، وفي الاردن هنالك مشروع قانون لحماية المستهلك لسنة 2013. اضافة الى جهود جامعة الدول العربية لوضع قانون عربي استرشادي لحماية حقوق المستهلك.

من هنا فإن حماية المستهلك تُعد حاليا إحدى اهم الموضوعات الرئيسة في سياسات الدول التي تأخذها بالحسبان لجهة ارتباط هذا النوع من الحماية بضرورات واهداف تنمية المجتمعات كما عرضنا، الأمر الذي دعا الدول المتقدمة والنامية وحتى تلك التي ما زالت في طور النمو إلى اعتماد تشريعات وبرامج وسياسات اقتصادية تهدف بشكل أساس الى حماية المستهلك في تعاملاته التي تتم بشكل تقليدي او تلك التي تتم باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة وعلى رأسها الانترنت. وللتعاقد الذي يتم على شبكة الانترنت خصوصية لجهة الوسيلة التي يتم بها، وهو تعاقد يتم عن بُعد، بما يفترض هذا البعد من جوانب خاصة بتنفيذ الالتزامات الناشئة عن هذا التعاقد، والتي ابرزها تسديد ثمن البضاعة المتعاقد عليها او الخدمة التي يتم الحصول عليها بطريقة الكترونية وهذا ما اصطلح على تسميته بالدفع الالكتروني. هنا تبرز اهمية الموضوع الماثل في ظل تطور اشكال الدفع الالكتروني وتطور التجارة الالكترونية، ودراسة الجوانب القانونية لحماية المستهلك الذي قد يُنظر اليه على انه “مستهلك الكتروني” ، علاوة على بحث ودراسة حقوق والتزامات هذا المستهلك واثار التقنية الحديثة على العقد المبرم بين المستهلك من جهة وبين مقدم الخدمة/البضاعة/السلعة او بائعها من جهة اخرى.

ويثور في هذا الاطار التساؤل حول مبررات حماية المستهلك من الوجهة القانونية، ولعل الاجابة تكمن – علاوة على ما سبق التطرق اليه – في ان المستهلك يُعتبر الطرف الاضعف في علاقته بالمهني (المحترف) الذي يقدم له السلعة او الخدمة التي يريد التعاقد عليها، ويرجع سبب ضعفه الى كونه يجهل المعلومات الكافية والضرورية حول هذه السلعة او الخدمة والتي تجعله يستخدمها افضل استخدام بما يحقق له الغرض الذي من اجله قام بإبرام العقد. من هنا كان لا بد من وجود مجموعة من القواعد الحمائية لصالح المستهلك من كل تعسف أو خداع ومن كل ما يمكن أن يعيب رضاه. كما تتجلى مبررات حماية المستهلك فيما افصح عنه المشرع اللبناني في المادة الاولى من قانون حماية المستهلك لجهة حماية هذا الطرف الضعيف في عقد الاستهلاك (اي المستهلك) وصحته وسلامة السلع والخدمات التي تكون محلا لعقد الاستهلاك وجودتها، علاوة على صون حقوقه وتأمين شفافية المعاملات الإقتصادية التي يكون المستهلك أحد أطرافها، وحماية المستهلك مما قد يقع فيه من غش وتأثير للإعلان الخادع الصادر من الطرف الاخر في عقد الاستهلاك المتمثل بالمهني/المحترف. واذا ما اتضحت اهمية ومبررات حماية المستهلك من الوجهة القانونية، يتعين أن نحدد ماهية عقد الاستهلاك كإطار للحماية واطرافه، عبر معرفة ما المقصود بالمستهلك الطرف الاول في عقد الاستهلاك وكذلك المهني (المحترف) الطرف الآخر في هذا العقد، وماهية حقوقهما وواجباتهما كمفاعيل لهذا العقد (الفصل الاول)، ونتبع ذلك بمعالجة موضوع الحماية الموضوعية والاجرائية والمؤسسية للمستهلك من قبل الاجهزة الوطنية الحكومية وغير الحكومية علاوة على حماية المستهلك المتعاقد الكترونيا او بعبارة اخرى حماية المستهلك في المعاملات الالكترونية او تلك التي تتم عن بُعد (الفصل الثاني).

الفصل الاول
عقد الاستهلاك كإطار للحماية ( المفهوم – الأطراف – الاثار/المفاعيل)

يعتبر عقد الاستهلاك الاطار المنظم للمفاعيل القانونية (الاثار) المترتبة عن العملية الاستهلاكية التي تتم بين طرفيه المستهلك من جهة والمهني (المحترف) من جهة أخرى. وقد برز الاهتمام بهذا الاطار التعاقدي المنظم لهذه العلاقة يزداد خلال نهايات القرن المنصرم وبدايات القرن الحالي، مع التطورات التكنولوجية التي اعقبت التطورات الاقتصادية الهائلة التي طبعت العالم بأكمله. ولعل هذه التطورات ترافقت مع ثورة في انتاج السلع والخدمات، الامر الذي ادى الى محاولة ايجاد اطار قانوني يحمي اطراف عملية انتاج السلع والخدمات، وبخاصة الطرف الضعيف. فكان ان تدخّلت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية لحماية المستهلك باعتباره الحلقة الاضعف الذي يحتاج الى حماية جودة السلع والخدمات التي تقدم له، اذا ما تمت مقارنة قوته الاقتصادية والمعرفية في مقابل المهني (المحترف) المتمثل بالمُنتج او البائع. ويُفسرّ تفوق هذا الاخير ان الطرف المقابل له في العملية الاستهلاكية وهو المستهلك لا يملك في ظل متطلباته المتزايدة من السلع والخدمات وحاجاته المتغيرة تحت وطأة الاعلانات الا ان يُقبل الحصول على تلك السلعة او الخدمة محل الاستهلاك، فالمهني(المحترف) يكون في مركز اقتصادي وقانوني ومعرفي وفني متميز عن المستهلك بما يجعله يستطيع أن يفرض شروطه عليه ، فأتى قانون حماية المستهلك للحد من غلواء هذا المركز المتميز للمهني (المحترف) ولحماية الطرف الضعيف في عقد الاستهلاك (المستهلك). ولا شك أن دراسة الحماية القانونية للمستهلك من هذا المنظور تتطلب التوقف مليًّا لمعرفة المقصود بعقد الاستهلاك وخصائصه (المبحث الأول) ، ثم في (المبحث الثاني) نركز على معرفة من هم أطراف هذا العقد، ثم نتطرق إلى آثار ومفاعيل عقد الاستهلاك (المبحث الثالث).
المبحث الأول
مفهوم وخصائص عقد الاستهلاك
يُعرّف العقد بشكل عام بأنه تلاقي ارادتين أو اكثر على ترتيب اثار قانونية سواء كانت هذه الاثار هي انشاء الالتزام او نقله أو تعديله او انهاؤه. وتنص المادة 165 من قانون الموجبات والعقود اللبناني في هذا الاطار على ان الإتفاق هو كل إلتآم بين مشيئة وآخرى لإنتاج مفاعيل قانونية، وإذا كان يرمي هذا الاتفاق إلى إنشاء علاقات إلزامية سمي هذا الاتفاق عقداً. كما تنص المادة 166 من ذات القانون على مبدأ حرية التعاقد، فللأفراد أن يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط أن يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والأحكام القانونية التي لها صفة إلزامية.

واذا ما طبقنا هذه القواعد العامة على عملية الاستهلاك نجد اننا امام تلاق لإرادتي طرفي عقد الاستهلاك المتمثلين في المستهلك من جهة والمهني (المحترف) من جهة اخرى على ترتيب اثار قانونية ناتجة عن عقد الاستهلاك الذي يبرمونه، والذي ينصرف محله الى سلعة او خدمة يقدمها المهني (المحترف) الى المستهلك. وسوف نبحث في هذا السياق مفهوم وخصائص عقد الاستهلاك.
المطلب الأول
مفهوم عقد الاستهلاك
يعبرّ الاستهلاك عن نشاط اقتصادي يتمثل في استخدام السلع والخدمات الاستهلاكية من اجل اشباع الحاجات الانسانية، والاستهلاك بهذا المعنى يعتبر نشاطاً اقتصادياً يمارسه جميع الافراد في المجتمع، ويختلف عن جميع الانشطة الاقتصادية الاخرى كالانتاج والادخار والاستثمار والتسويق وغيرها من الانشطة الاقتصادية. من هذا المنطلق فإن أفراد المجتمع من المستهلكين قد لايكونون بالضرورة مدخرين او منتجين، وهؤلاء المستهلكون بحاجة الى ضمان حقوقهم في الحصول على سلع وخدمات ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة، اشباعاً لحاجاتهم وتحقيقا لرفاهيتهم.

ومن اجل الحصول على تلك السلع او الخدمات يقوم المستهلكون بالاتفاق مع اصحاب السلع او مقدمي الخدمات عبر ابرام عقود معهم تحدد فيها حقوق وواجبات كل طرف ضمن عملية الاستهلاك. فمثلا اعتبر استهلاك الطاقة الكهربائية من قبل الزبون بمثابة عقود الاستهلاك المبرمة بين مستهلك خدمة التيار الكهربائي ومهني/محترف هو مزود خدمة التيار الكهربائي.

وكما عرضنا سابقا فإن العقد عبارة عن اتفاق بين طرفين، يتعهد بمقتضاه كل طرف، أو يقع على عاتق كل طرف مجموعة من الالتزامات في مواجهة الطرف الآخر، ولكن ما المقصود بعقد الاستهلاك؟

لعل الاجابة على هذا التساؤل يجب ان يتم البحث عنها ضمن ثنايا القواعد العامة التي تحكم العقود، فعقد الاستهلاك هو ذلك العقد التي يُبرم بين طرفين مستهلك من جهة ومهني (محترف) من جهة أخرى، يتعهد فيها هذا المهني (المحترف) بأن يورد للمستهلك سلعة أو خدمة لاستعماله الشخصي مقابل مبلغ معين. ولعل هذا التحديد لعقد الاستهلاك يدمج بين المنظورين المادي والقانوني لهذا العقد. وينصرف المفهوم المادي للاستهلاك الى فعل الاستهلاك ذاته والمتمثل من جهة في استخدام منتج او سلعة معينة، كارتداء الشخص لبدلة اشتراها من متجر، او تناول الشخص لطعام اشتراه من مطعم، او لفواكه ابتاعها من محل بقالة. او التمتع بخدمة معينة من جهة اخرى كخدمة الانترنت عبر تحميل مقاطع موسيقية من شبكة الانترنت، او استخدام خدمة الهاتف مثلا. اما الاستهلاك في مفهومه القانوني فيُقصد به كل تصرف قانوني يقوم به الشخص بهدف الحصول على شيء او خدمة لاشباع حاجاته الشخصية. وعلى ذلك يمكن تعريف عقود الاستهلاك بأنها تلك العقود التي يكون موضوعها توريد او تقديم اشياء منقولة او مادية او خدمات لفرد هو المستهلك، وذلك من أجل استخدامه الشخصي أو العائلي والذي لا صلة له بنشاطه التجاري أو المهني. وفي هذا الاطار فقد اشار دليل قانون حماية المستهلك في لبنان والصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان الى ان قانون حماية المستهلك يرعى العلاقة بين المستهلك والمحترف أو العلاقة بين محترف مع محترف آخر في حال كانت الخدمة أو السلعة غير مرتبطة بنشاطه المهني. ولعل من الاهمية بمكان ان تطغى على عقد الاستهلاك بالمفهوم الذي اشرنا اليه، معايير الجودة المتعلقة بالشروط المتضمنة في مثل هذا العقد، علاوة على ضرورة ان تكون سلامة النية والمعاملة مترافقة مع ابرام وتنفيذ هذا العقد كغيره من العقود.

المطلب الثاني
خصائص عقد الاستهلاك
لعل ابرز ما يميز عقد الاستهلاك من خصائص هو كونه عقدا يتميز بأطرافه ومحله وكيفية انعقاده والتنظيم القانوني له. فمن جهة اولى نجد أن أطراف هذا العقد مستهلك ضعيف يفتقر للقوة بالنسبة لما يملكه من معلومات حول السلعة أو الخدمة التي تعاقد عليها، وهو أي المستهلك في مركز اقتصادي أقل بالنسبة للمهني( المحترف)، علاوة على ان كافة المعلومات الدقيقة المتعلقة بالسلعة أو الخدمة محل الاستهلاك متوفرة لدى المهني( المحترف) وعليه موجب اعلام المستهلك بما يملكه من معلومات، من هنا نلحظ بان التوازن العقدي بين الطرفين تشوبه شائبة ضعف المستهلك في مواجهة قوة المهني( المحترف) على كافة الصعد القانونية والاقتصادية والمهنية.

أما من حيث تميز عقد الاستهلاك بالنسبة لمحله من جهة ثانية، نجد ان ذلك مرده ان محل هذا العقد يقع على سلعة أو خدمة يحتاجها الكثير من أفراد المجتمع مما يجعلهم بصفتهم مستهلكين بحاجة الى تدخل المشرع لاضفاء مزيد من الحماية على تعاملاتهم في اطار عقود الاستهلاك، فعقد الاستهلاك قد يرد على مواد غذائية أو الحصول على خدمة معينة كالكهرباء ، أو التأمين على الحياة (ضمان الحياة) ، بحيث أن المستهلك بحاجة لاشباع الحاجات الخاصة به أو بعائلته ولا علاقة لها بنشاطه المهني .

ومن جهة ثالثة ومن حيث كيفية انعقاد هذا العقد فان عقود الاستهلاك قد تنعقد في كثير من الاحيان بآلية عقود الاذعان ، وتعرف عقود الاذعان بأنها تلك العقود التي يستقل فيها أحد المتعاقدين غالبا بوضع شروط التعاقد مفصلة مقدماً ( وهو في هذه الحالة المهني/المحترف) بشكل لا يسمح بقبول المناقشة فيها من الطرف الآخر( المستهلك)، حيث يقتصر دور هذا الأخير إما على قبول العقد بكافة شروطه برمتها، وأما أن يرفضها دون أن يكون له الحق في تعديلها، وغالبا ما يضطر المتعاقد الآخر(المستهلك) الى هذا القبول لحاجته الماسة لإبرام العقد ، ودون أي مفاوضات أو مناقشات من جانب المستهلك.

اضافة الى ذلك ومن جهة رابعة فقد خص المشرع اللبناني وفي الكثير من الدول الطرف الضعيف في هذا العقد وهو المستهلك بتنظيم قانوني حمائي آمر لمحاولة اعادة التوازن العقدي مع المهني (المحترف) بحيث أن القواعد المتضمنة في قانون حماية المستهلك ترتبط بالنظام العام الحمائي ، وتتصف بالطابع الآمر الذي لا يجوز الاتفاق على مخالفته. لأن القواعد الحمائية هذه تحاول تصويب اختلال التوازن بين منتج السلعة او الخدمة او موزعها اي المهني(المحترف) وبين المستهلك الفرد الذي يسعى للحصول على تلك السلعة او الخدمة محل الاستهلاك، فالمهني(المحترف) يكون في مركز اقتصادي وقانوني ومعرفي وفني قوي يجعله من القوة بمكان يستطيع معها فرض شروطه على المستهلكين.
المبحث الثاني
أطراف عقد الاستهلاك ( المستهلك والمهني/المحترف)
كما عرضنا سابقا فإن طرفي عقد الاستهلاك يتمثلان في المستهلك كطرف اول، والمهني (المحترف) كطرف ثان للعقد. وسنحاول في المطلبين التاليين اجراء مقاربة رصدية لموقف التشريع والفقه في التعريف بأطراف عقد الاستهلاك.
المطلب الأول
المستهلك
لعل من ابرز الدوافع الاساسية لنشوء فكرة حماية المستهلك هو وجود فريقين غير متساويين على صعيد المعلومات والقدرة الاقتصادية والاعلان، والتعاطي غير المتكافىء من قبل احد الفرقاء الذي يمتلك قوة اعمال اقتصادية ومعلومات تفصيلية تؤهله لأن يكون في مركز اقوى من الفريق الاخر وهو المستهلك.
ويُعرّف المستهلك في اللغة بأنه من استهلك المال أو الشيء، اي من انفق المال او الشيء او انفده.

قانوناً يقصد بالمستهلك وفقا لتعريف المشرع اللبناني “ الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشتري خدمة أو سلعة أو يستأجرها أو يستفيد منها وذلك لأغراض غير مرتبطة بنشاطه المهني”.

ويُلاحظ من هذا التعريف شموله لكل من الشخص الطبيعي والمعنوي (الاعتباري) باعتبارهم مستهلكين، علاوة على ان التعريف قد عرض لضرورة توافر صفة في المتعاقد كي يُعتبر مستهلكاً الا وهي ان يكون الغرض من التعاقد الاستهلاك الشخصي وذلك لتمييزه عن المهني (المحترف).

بيد ان هذا التعريف يؤخذ عليه انه لم يحدد بدقة المقصود بالارتباط بالمهنة ومعيار هذا الارتباط ، الأمر الذي يثير صعوبات عملية عديدة.

ومع ان نطاق دراستنا ينصب على القانون اللبناني المعني بحماية المستهلك في لبنان، الا اننا وفي هذا المقام سوف نعرض وباختصار واقتضاب شديدين الى تعريف المقصود بالمستهلك وفقا لبعض التشريعات العربية، لما في ذلك من فائدة تتصل بمعرفة تلك الاتجاهات في هذا الاطار.

فالمشرع المصري عرّف المستهلك بأنه ” كل شخص تقدم إليه أحد المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية أو يجرى التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص”.

ويُلاحظ من هذا التعريف ان المشرع المصري ركز على الغرض من التعاقد وهو قضاء الحاجيات الشخصية للمستهلك وأفراد أسرته. علاوة على انه اشار الى ان من يتعاقد بشأن نشاطه المهني لا يعد مستهلكا مهما كان مركزه الاقتصادي. وعلى ذلك فإن الشخص الذي يشتري جهاز هاتف او كمبيوتر لاستعماله الشخصي او العائلي يعتبر مستهلكاً، اما اذا اشترى ذات الشخص جهاز الهاتف او الكمبيوتر لغايات تدخل في نطاق نشاطه المهني ( كما لو كان استاذا جامعيا اشترى جهاز الهاتف المحمول او النقال او الكمبيوتر لأغراض مهنته كعرض المحاضرات وتجهيزها للطلاب) فإنه لايعتبر مستهلكاً، وبالتالي يستبعد من نطاق الحماية التي يكفلها القانون للمستهلكين.

ويعد هذا المفهوم المضيق للمستهلك مفهوماً منتقداً، لأن في استبعاد المتعاقد على شراء سلعة او خدمة او منتج لحاجات نشاطه المهني يعد أمراً لايقوم على مبرر واضح، فمثل هذا المتعاقد يتوافر بالنسبة له ايضا الحكمة من الحماية التي فرضها القانون، ما دام يتعاقد ضمن اطار يخرج عن مجال تخصصه. المشرع السوري من جهته اشار الى ان المقصود بالمستهلك كل شخص طبيعي او اعتباري يشتري سلعا استهلاكية بأنواعها المختلفة الزراعية والصناعية بهدف التغذية أو لاستخدامها للاغراض الشخصية أو المنزلية أو الذي يستفيد من أية خدمة سواء المقدمة من فرد أو من مجموعة افراد أو من شخص اعتباري وفي مختلف المجالات المنصوص عليها في هذا القانون. ويواجه هذا التعريف انتقادات عديدة لعل ابرزها في تحديد عقد الاستهلاك بكونه العقد المرتبط بشراء السلع الاستهلاكية، اي ذلك العقد المتصف بصفة المعاوضة، بينما اذا انتقت هذه الصفة كما لوكان العقد تبرعيا فإن العقد لا يُعتبر من عقود الاستهلاك، وطرفه الضعيف لا يُعتبر من طائفة المستهلكين.

اما المشرع التونسي فقد عرف المستهلك بانه كل من يشتري منتوجا لاستعماله لغرض الاستهلاك. ويوجه ذات الانتقاد الذي وجه سابقا الى تعريف القانون السوري للمستهلك.

من جهته اشار المشرع الاماراتي الى ان المستهلك هو كل من يحصل على سلعة أو خدمة – بمقابل أو بدون مقابل – إشباعًا لحاجته الشخصية أو حاجات الآخرين. وقد حاول هذا التعريف تفادي الانتقادات الموجهة الى القوانين التي تحصر صفة المستهلك بمن يشتري سلعة او خدمة، ليضيف الى تعريف المستهلك من يحصل على هذه السلعة او الخدمة اما بمقابل او بدون مقابل.

اما المشرع العُماني فقد عرّف المستهلك بانه كل شخص طبيعي او معنوي يشتري سلعة او خدمة أو يستفيد من اي منهما. ويُلاحظ ان المشرع العماني ايضا حاول تفادي الانتقادات الموجهة الى القوانين التي حصرت صفة المستهلك بمن يشتري سلعة او خدمة، ليضيف كل من يستفيد من هذه السلعة او الخدمة ويعتبره مستهلكاً .

المشرع القطري بدوره حاول تفادي الانتقادات الموجهة الى القوانين التي تحصر صفة المستهلك بمن يشتري سلعة او خدمة ، حيث عرف القانون القطري المستهلك بأنه كل من يحصل على سلعة أو خدمة، بمقابل أو بدون مقابل، إشباعاً لحاجته الشخصية أو حاجات الآخرين، أو يجري التعامل أو التعاقد معه بشأنها.

اما المشرع المغربي فقد عرض لتعريف المستهلك في قانونه الجديد حيث اشار الى ان المقصود بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي. ويُلاحظ ان القانون المغربي ورغبة منه في حماية اكبر عدد من المستهلكين ابتعد عن استخدام صفة المستري لإسباغها على المستهلك، واستعمل بدلا من ذلك صفة الاقتناء او الاستعمال لمنتجات او سلع او خدمات.

المشرع الجزائري اشار الى ان المستهلك هو كل شخص طبيعي او معنوي يقتني بمقابل او مجانا سلعة او خدمة موجهة للاستعمال النهائي من أجل تلبية حاجته الشخصية او تلبية حاجة شخص اخر أو حيوان متكفل به. ولعل الابرز في هذا التعريف هو تلافي النقد الذي وجه الى القوانين التي تشترط في عقد الاستهلاك ان يكون عقد معاوضة.

المشرع العراقي اشار الى ان المُستهلك هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتزود بسلعة أو خدمة بقصد الإفادة منها . ولعل هذا التوجه هو محاولة لادخال العقود التبرعية ضمن العقود الاستهلاكية بما يرتب ان يكون المتبرع اليه في بعض الحالات مستهلكاً.

المشرع الفلسطيني عرف المستهلك بأنه كل من يشتري أو يستفيد من سلعة أو خدمة. وهذا توجه لادخال اكبر عدد من فئات المجتمع ضمن طائفة المستهلكين، سواء كانوا مشترين لسلع او خدمات او مجرد مستفيدين.

المشرع اليمني عرف المستهلك بأنه كل شخص طبيعي أو إعتباري يشتري سلعة أو خدمة أو يستأجرها أو يستعملها أو يستفيد منها للاستهلاك أو الاستخدام. وهذا التعريف يسبغ صفة المستهلك على مشتري او مستأجر او مستعمل السلعة او الخدمة، وحتى المستفيد منها. والقانون اليمني بهذه العبارات يشير بصراحة الى عدم حصر صفة المستهلك بالمشتري فقط.

اما في الاردن فهناك مشروع قانون لحماية المستهلك يعرف المستهلك بأنه مشتري السلعة أو الخدمة لغرض الاستهلاك ويعتبر مشروع القانون ايضا بأن كل مستفيد من السلعة أو الخدمة مستهلكاً ايضا.

واذا ما اردنا معرفة المفهوم الفقهي للمستهلك، نجد ان الاراء قد اختلفت في تعريف المستهلك فقد عرّف بعض الفقه المستهلك بأنه كل من يبادر الى الحصول على خدمة او سلعة يحتاجها، وعرفه البعض الاخر بأنه من يتملك بشكل غير مهني سلعا استهلاكية مخصصة للاستخدام الشخصي، ويعيب هذه التعريفات انها غير منضبطة او تقصر مفهوم المستهلك على السلع دون الخدمات. ونتيجة لذلك واضافة الى الملاحظات التي تم ايرادها على ما أتى به المشرع من تعريف للمستهلك وتحديد للمقصود به فان الفقه يحاول أن يتدارك الملاحظات التي وجهت لهذه التعاريف عبر محاولة معالجة هذه الملاحظات واثراء التعريفات التشريعية.

كما يعرف بعض اخر من الفقه المستهلك بأنه “من يتزود بسلع أو خدمات لاشباع حاجاته الشخصية أو العائلية اذا لم يتعلق بأعمال مهنته سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا وسواء كان مهنيا أو لا. كما يرى البعض ” أن المستهلك هو الذي يقوم بالعمليات الاستهلاكية التي تحقق اشباع حاجاته اليومية والوقتية دون أن تتخللها نية تحقيق الربح، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.

وقد ذهب اتجاه رابع من الفقه – حتى قبل صدور التشريعات المنظمة لحماية المستهلك- الى ان تعريف المستهلك له منهجان، الاول منهج موسع يعتبر المستهلك كل شخص يتعاقد بهدف الاستهلاك، اي بمعنى استعمال او استخدام مال او خدمة، كمن يشتري سيارة لاستعماله المهني او الشخصي. اما المنهج المضيق فيرى ان المستهلك هو كل شخص يتعاقد بقصد اشباع حاجاته الشخصية او العائلية ، كمن يشتري السيارة لاستخدامه الشخصي دون المهني. ولعل اللافت في هذين المنهجين ان التشريعات تكاد تنحاز الى المنهج الفقهي المضيق لمفهوم المستهلك.

ويمكن القول بأن المستهلك هو الشخص الذي يتعاقد من اجل الحصول على ما يلزمه من سلع وخدمات لاستخدامها في غير مجال نشاطه المهني، اي لاستخدامها في مجال منبت الصلة عن هذا النشاط. وهذا هو التعريف الذي اعتمدته المادة 5 الفقرة 1 من معاهدة روما لسنة 1980 في شأن القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ، والتي نصت على أن تنطبق هذه المعاهدة على العقود الدولية المبرمة لغرض توريد قيم مادية منقولة أو خدمات إلى شخص (المستهلك) لاستخدام يعتبر غريبا عن نشاطه المهني. وقد اعتمدت محكمة العدل الأوروبية هذا التعريف للمستهلك النهائي، والذي يشترط لتمتعه بقواعد الحماية أن يكون تصرفه لغرض مستقل تماما عن حاجات نشاطه التجاري أو المهني. وفي تعديل حديث لاتفاقية روما السابق الاشارة اليها وتحديدا المادة 6 من التشريع الاوروبي رقم 593 لسنة 2008 الصادر عن البرلمان الاوروبي والمجلس الاوروبي تم تعريف عقد الاستهلاك بأنه العقد المبرم بين شخص طبيعي (المستهلك) من جهة من اجل الحصول على ما يلزمه من سلع وخدمات لغرض خارج نطاق تجارته أو مهنته مع شخص آخر )المهني/المحترف) الذي يمارس نشاطه كمهني/محترف لغرض تجارته أو مهنته.

ومما تقدم فإننا نستطيع ان نجمل ان المستهلك قد يكون شخصا طبيعيا او معنويا، وهو الذي يشتري او يستعمل سلعة او خدمة لغايات اشباع حاجاته الشخصية او حاجات غيره ، وهو الشخص الذي يفتقد الى الخبرة او المعلومات الضرورية حول السلعة او الخدمة محل الاستهلاك بالمقارنة مع من يقدم هذه السلعة او الخدمة وهو المهني او المحترف.
المطلب الثاني
المهني( المحترف)
المهني او المحترف هو الطرف المقابل للمستهلك في عقد الاستهلاك، ويُعرّف لغة بانه الشخص صاحب المهنة أو صاحب الحرفة. اما في القانون فيُقصد بالمهني او المحترف وفقا لتعريف المشرع اللبناني الشخص الطبيعي أو المعنوي، من القطاع الخاص أو العام، الذي يمارس، بإسمه أو لحساب الغير، نشاطاً يتمثل بتوزيع أو بيع أو تأجير السلع أو تقديم الخدمات. كما يعتبر محترفاً، لغرض تطبيق أحكام هذا القانون، أي شخص يقوم بإستيراد السلعة بهدف بيعها أو تأجيرها أو توزيعها وذلك في إطار ممارسته لنشاطه المهني. ويتضح من ذلك بأن المشرع اللبناني قد اضفى صفة المهني/المحترف على الشخص المعنوي تماما كما الشخص الطبيعي، علاوة على انه لم يقتصر في ذلك على اشخاص القانون الخاص بل مد نطاق التعريف ليشمل اشخاص القانون العام كما لو كان هذا المهني/المحترف مؤسسة عامة معنية بتقديم واحدة من الخدمات المهمة للمستهلكين كتزويدهم بالمياه او الكهرباء لقاء بدل.

ويعرف دليل قانون حماية المستهلك الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان في معرض تقديم توضيحات وشرح للقانون المحترف بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس باسمه أو لحساب الغير توزيع أو بيع أو تأجير السلع، او تقديم الخدمات، أو استيراد السلعة بهدف تأجيرها أو بيعها أو توزيعها.

عربياً، وعلى غرار ما قمنا به من عرض لتعريف المستهلك في بعض التشريعات العربية وباختصار شديد، نعرض هنا لتعريف المهني/المحترف في بعض التشريعات العربية ، لما في ذلك من فائدة تتصل بمعرفة تلك الاتجاهات في هذا الاطار، خاصة في ظل تعدد المسميات لهذا المهني/المحترف، فبعض التشريعات تطلق عليه مسمى “المورد” وبعضها ” الحائز” وغيرها ” المزود” وكذلك “المجهز” او ” المتدخل في عملية الاستهلاك”.

فالمشرع المصري عرّف المهني/المحترف تحت مسمى “المورد” الذي أشار اليه بأنه كل شخص يقوم بتقديم خدمة أو بإنتاج أو استيراد ، أو توزيع أو عرض أو تداول أو الاتجار فى احد المنتجات أو التعامل عليها ، و ذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعاقد أو التعامل معه عليها بأية طريقة من الطرق . كما عرف المورد في اللائحة التنفيذية للقانون المذكور بانه كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتقديم خدمة أو بإنتاج أو استيراد أو توزيع أو عرض أو تداول أو الاتجار فى أحد المنتجات أو التعامل عليها، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعاقد أو التعامل معه عليها بأية طريقة من الطرق بما فى ذلك الوسائل الإلكترونية وغيرها من وسائل التقنية الحديثة.

المشرع السوري من جهته عرض للمهني /المحترف تحت مسمى “الحائز” فأشار الى ان الحائز .. كل من وضع يده على شىء من الاشياء التي تحكمها مواد هذا القانون ويشمل المالك والمصنع والبائع والمسؤول عن الانتاج.

اما المشرع التونسي فقد عرّف المزود بأنه صانع المنتوج وموزعه ومورده ومصدره وكل متدخل آخر في سلسلة الانتاج ومسالك التوزيع او التسويق.

من جهته اشار المشرع الاماراتي الى ان المزود هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقدم الخدمة أو المعلومات أو يصنع السلعة أو يوزعها أو يتاجر بها أو يبيعها أو يوردها أو يصدرها أو يتدخل في إنتاجها أو تداولها.

اما المشرع العُماني فقد عرّف المزود هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقدم الخدمة أو يصنع السلعة أو يوزعها أو يتاجر بها أو يبيعها أو يوردها أو يصدرها أو يتدخل في إنتاجها او تداولها كالوكيل والوسيط أو السمسار. كما أن المشرع القطري عرف المزود بأنه كل من يقدم الخدمة أو يصنع السلعة أو يوزعها أو يتاجر بها أو يبيعها أو يصدرها أو يستوردها أو يتدخل في إنتاجها أو تداولها، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعامل أو التعاقد معه عليها بأي طريقة من الطرق.

اما المشرع المغربي فقد عرض لتعريف المورد بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري.

المشرع الجزائري اشار الى ان المتدخل هو كل شخص طبيعي او معنوي يتدخل في عملية عرض المنتوجات للاستهلاك.

المشرع العراقي عرض لتعريف المُجهز بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي منتج أو مستورد أو مصدر أو موزع أو بائع سلعة أو مقدم خدمة سواء أكان أصيلاً أم وسيطاً أم وكيلاً .

المشرع الفلسطيني عرف المزود بأنه الشخص الذي يمارس باسمه أو لحساب الغير نشاطاً يتمثل بتوزيع أو تداول أو تصنيع أو تأجير السلع أو تقديم الخدمات.

المشرع اليمني عرف المــزود بأنه كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتقديم خدمة أو بتصنيع أو إنتاج سلعة أو يستوردها أو يصدرها أو يتاجر بها أو يؤجرها أو يتدخل في إنتاجها أو تداولها.

اما في الاردن فهناك مشروع قانون لحماية المستهلك يعرف المزود بانه صانع السلعة ومستوردها وبائعها ومؤجرها وكل متدخل آخر في إنتاجها وتداولها ومن يقدم نفسه كمنتج أو مزود لها ، أو مقدم الخدمة. أما المزود النهائي: بائع السلعة المباشر إلى المستهلك، أو مقدم الخدمة المباشر إلى المستهلك.

وبالنسبة للمفهوم الفقهي للمهني/المحترف فقد رأى بعض الفقه ان تعريف المهني ينصرف الى كل شخص طبيعي أو معنوي خاص أو عام يظهر في العقد كمهني يعمل من أجل حاجات نشاطه المهني أيا كانت طبيعة هذا النشاط. ويعرف جانب آخر من الفقه المهني/ المحترف بأنه الشخص الذي يعلم دقائق السلعة أو الخدمة التي يتعاقد بشانها مع المستهلك الذي يجهل خصائص تلك السلعة او الخدمة ومكوناتها، والمحترف هو صاحب مركز القوة – غالبا- من الناحية الاقتصادية او من ناحية ما يتوفر لديه من معلومات، وهو المدين بالالتزام بإعلام المستهلك لتنوير رضائه بما سيتعاقد عليه.

المبحث الثالث
آثار ( مفاعيل) عقد الاستهلاك

مما تقدم تبين أن عقد الاستهلاك هو عبارة عن اتفاق بين طرفين المستهلك من جهة والمهني/ المحترف من جهة اخرى ، وهذا الاتفاق يعطي كل طرف مجموعة من الحقوق، ولكنه في نفس الوقت يوقع عليه مجموعة من الالتزامات (الموجبات). وسنعرض فيما يلي لآثار عقد الاستهلاك بالنسبة للمستهلك لجهة حقوقه والتزاماته/موجباته (المطلب الاول)، ثم نعرض لآثار عقد الاستهلاك بالنسبة للمهني/المحترف لجهة حقوقه والتزاماته/موجباته (المطلب الثاني).

المطلب الأول
آثار عقد الاستهلاك بالنسبة للمستهلك
( حقوقه والتزاماته/موجباته)

نشأت المبادئ العامة لحماية المستهلك في مختلف الحضارات عبر التاريخ، ففي خلال المائة سنة الماضية تم تدوين هذه المبادئ ضمن التشريعات المحلية التي تحولت فيما بعد لتصبح قوانين إقليمية ودولية ، هذا وقد قامت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى باعتماد بعض أو كل مبادئ حقوق المستهلك في قوانينها وإجراءاتها المعمول بها. ويعتبر لبنان من بين الدول التي أخذت بهذه المبادئ وأدخلتها في تشريعها. وسوف نعرض فيما يلي لحقوق المستهلك في لبنان (الفرع الاول)، ومن ثمّ لالتزاماته/موجباته (الفرع الثاني).
الفرع الاول
حقوق المستهلك
تُعتبر حقوق المستهلك الغرض الاساس الذي جاء من اجله قانون حماية المستهلك في لبنان، فهذا القانون يهدف الى تحديد القواعد العامة التي ترعى حماية المستهلك وصحة وسلامة السلع والخدمات وجودتها. علاوة على صون حقوق المستهلك وتأمين شفافية المعاملات الإقتصادية التي يكون المستهلك أحد أطرافها. كما يهدف هذا القانون الى حماية المستهلك من الغش والإعلان الخادع والحؤول دون إستغلاله. وقد اخرج هذا القانون من احكامه العلاقات التي تربط المحترفين فيما بينهم. وقد عرضت المادة 3 من القانون المشار اليه الى العديد من الحقوق التي يتمتع بها المستهلك وهي على النحو التالي:
أولاً: الحق بالحفاظ على صحته وسلامته عند إستعماله، بشكل ملائم، للسلعة أو الخدمة لجهة الجودة والنوعية:
وهذا يعني ان للمستهلك حقاً عند استعماله سلعة او خدمة يتمثل في الا تكون ضارة بسلامته وصحته اذا ما كان استخدامها طبقا لما هو محدد حسب طبيعة هذه السلعة او الخدمة. فمثلاً عند شراء المستهلك ثلاجة او جهازا لتسخين الاطعمة، فإن من المفترض ان تكون هذه الاجهزة تعمل بصورة تؤدي الغرض الاساسي منها، من حفظ للطعام وتبريده بالنسبة للثلاجة وتسخين الاطعمة بالنسبة للجهاز الذي يؤدي هذه الوظيفة، وضمن المواصفات المتفق مع طبيعة هذه الاجهزة، ومن دون ان تؤدي مثلا الى افساد الاطعمة التي توضع في هذه الاجهزة المنزلية، والتي تم استخدامها لان لها مواصفات معينة ذات جودة وكفاءة عالية.

وبالنسبة للخدمات فإن للمستهلك حقاً في هذه الحالة في ان تكون الخدمة محققة للاهداف التي يتطلع اليها من اسخدامها. ويبرز ذلك مثلاً في حالة استهلاك خدمة الانترنت، فالمستهلك يحق له استخدام هذه الخدمة دون ان يتعرض مثلا لهجوم الكتروني على بريده الالكتروني الخاص عن طريق شبكة الانترنت او لعمليات احتيال تقنية على ارصدته البنكية باستخدام هذه الشبكة، لأن الشركة المزودة لهذه الخدمة عليها موجب تأمين الخدمة ضد اي مخاطر تقنية، شرط الا يكون المستهلك قد اخل بالتزاماته في هذا الخصوص كأن يقوم بدخول مواقع الكترونية مشبوهة، او الا يكون قد اخذ من الاحتياطات اللازمة ما هو ضروري تقنيا عبر وضع مكافحات تقنية للفيروسات وما شابه ذلك من احتياطات تقنية. والمقصود بجودة السلعة او الخدمة في هذا الاطار ان تكون السلعة او الخدمة صالحة للاستعمال المعد لها ، وانها مصنعة حسب المقاييس المنصوص عنها في القوانين والانظمة المرعية الاجراء.
ثانياً: الحق بالإستفادة من معاملة عادلة ودون تمييز من قبل المحترف، للمنتج المعد للإستعمال المحلي أو للتصدير:
وينطوي هذا الحق على ضرورة ان يتمتع المستهلك من معاملة عادلة لا تمييز فيها بينه وبين غيره من المستهلكين الذين قد يكونون خارج بلده. فالمهني/ المحترف عليه الا يقوم ببيع سلع ذات جودة متدنية في السوق المحلية في مقابل بيع سلع اكثر جودة بالنسبة للسلع المعدة للتصدير والبيع في السوق الخارجية. فالمهني/المحترف اللبناني والذي قد يكون تاجراً متخصصا ببيع المنتوجات الزراعية كالبطاطا عليه ان يعطي المستهلك اللبناني منتوجاً يتصف بالجودة على نحو السواء مع المنتوج المعد للتصدير والبيع خارج لبنان.
ثالثاً: الحق بالإستحصال على معلومات صحيحة وواضحة ووافية تتعلق بالسلعة أو الخدمة وثمنها وميزاتها وطرق إستعمالها والأخطار التي قد تنتج عن هذا الإستعمال:
وهذا يعني ان للمستهلك حقاً في معرفة كل المعلومات الصحيحة والواضحة والوافية والتي تكون ضرورية لاستخدام السلعة او الخدمة محل الاستهلاك، وكذلك كل المعلومات حول ميزات وخصائص هذه السلعة او الخدمة، ووطرق وكيفية الاستعمال، وكذك المخاطر التي قد تنتج عن الاستعمال. ويبدو ذلك جليا في حالة ما اذا استخدم المستهلك جهاز تبريد للهواء او كمبيوتر او جهاز موبايل فإن لمستهلك هذه الاجهزة حقاًّ في الحصول على معلومات تتعلق بمدى قوة جهاز التبريد ومساحة الغرفة التي سيبردها، والمخاطر التي قد تنتج عن استعمال هذا الجهاز اذا ما تم استخدامه لمدة اسبوع كامل دون اطفائه، او المخاطر التي قد تنتج عن ابقاء الكمبيوتر على الشحن الكهربائي طيلة مدة اسبوع دون فصل هذا الجهاز عن التيار الكهربائي . وهذا مايوضح موقف القانون اللبناني في اعطائه المستهلك الحق في مطالبة المهني/المحترف بتحديد الطريقة الفُضلى لاستخدام السلعة او الخدمة، علاوة على حق هذا المستهلك بأن يحيطه المهني/ المحترف علماً بالمخاطر الناتجة عن استخدام السلعة او الخدمة خلال المدة المتوقعة لاستخدامها. ولعل حق المستهلك في هذا الاطار يوضحه الالتزام/الموجب الملقى على عاتق المهني/المحترف بالإعلام بما يضمن للمستهلك حقه بمعرفة جميع المعلومات الضرورية اللازمة بمساعدته في اتخاذ القرار بإبرام عقد الاستهلاك من عدمه (في مرحلة ما قبل التعاقد) علاوة على حقه بمعرفة كافة المعلومات الضرورية الخاصة باستخدام السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك (في مرحلة ابرام وتنفيذ العقد).

رابعاً: الحق باستبدال السلعة أو إصلاحها أو إسترجاع ثمنها، وكذلك إسترداد المبالغ التي يكون قد سددها لقاء خدمة، في حال عدم مطابقتها، لدى استعمالها بشكل سليم، سواء للمواصفات المتفق عليها أو المعمول بها، أم للغرض الذي من أجله تم الإستحصال عليه:
وينطوي هذا الحق على استبدال السلعة محل الاستهلاك او اصلاحها او استرجاع ثمنها في حال كانت غير مطابقة للمواصفات التي تم الاتفاق عليها في عقد الاستهلاك، او الا تكون قد حققت الغرض الذي من اجله تم التعاقد عليها. وينطبق ذلك في حالة الخدمة التي تم الاشتراك فيها ولم تحقق الهدف الذي من اجله تم التعاقد. ومثال السلعة التي قد يتم استبدالها او اصلاحها او استرجاع ثمنها السيارة التي تبيعها شركة سيارات من ماركة معينة الى مستهلك فيظهر له انها غير مطابقة لمواصفات السرعة التي على اساسها اشترى هذه السيارة، او ان انظمة السلامة في هذه السيارة غير مطابقة للانظمة المعمول بها في بلد المستهلك، حينها فإن حق المستهلك اما في استبدال سيارته بأخرى جديدة من ذات الشركة او اصلاح هذه السيارة كي تحقق الغرض المتفق عليه او استرجاع ثمن سيارته التي لم تتحقق فيها المواصفات المطلوبة والتي على اساسها جرى التعاقد بين المستهلك والمهني/ المحترف. اما مثال الخدمة التي يحق للمستهلك استرجاع المبالغ التي سددها في مقابلها، فالمثل الذي عرضناه في مجال خدمة الانترنت سابقاً يصدق في هذا الاطار، فإذا دفع المستهلك مبلغاً معينا عن استعمال هذه الخدمة لمدة شهر وكانت الخدمة متقطعة وبطيئة ولم تصل الى غايتها باستثناء ايام معدودات، فإن للمستهلك حقاً تجاه الشركة المزودة باسترجاع هذا المبلغ الذي دفعه مقابل خدمة رديئة متقطعة لم تحقق الهدف المطلوب منها او المتفق عليه في عقد الاستهلاك المتعلق بخدمة الانترنت.

خامساً: الحق بتعويض كامل ومناسب عن الأضرار الناتجة عن إستهلاك سلعة أو الإنتفاع من خدمة لدى الإستعمال بشكل سليم:
طبقاً لذلك فإن للمستهلك حقاً تجاه المهني/المحترف بأن يعوضه هذا الاخير عما لحقه من اضرار نتجت عن استخدام السلعة او الخدمة بشكل سليم ومع ذلك فإن السلعة او الخدمة الحقت به ضررا نتيجة هذا الاستخدام. ومثال ذلك ان يستخدم المستهلك هاتفا محمولا كان قد اشتراه، واثناء استخدامه في اجراء مكالمة يحدث ان ينفجر هذا الهاتف بجانب وجه المستهلك نتيجة ارتفاع درجة حرارة الاجزاء الداخلية في هذا الجهاز، فالاستخدام هنا كان بشكل سليم الا ان الجهاز هو الذي سبب هذا الضرر.

سادساً: الحق بإنشاء جمعيات لحماية المستهلك والإنتساب إليها. وُضِع قانون حماية المستهلك لضمان احترام حقوق المستهلك خاصة تلك المتعلقة بتوفير المعرفة

والمعلومات الضرورية التي تجعل من المستهلك اقوى في علاقته بالمحترف/المهني الذي يعتبر الطرف الاقوى في عقد الاستهلاك لقوة مركزه الاقتصادي والمعرفي في مجال السلع والخدمات التي يقدمها هذا الاخير. لذلك فقد اعطى القانون للمستهلك الحق بإنشاء جمعيات ترعى وتدافع عن مصالح وحقوق المستهلكين، ومنحه الحق في الانتساب الى هكذا جمعيات بوصفها كمجتمع مدني مدافع عن حقوق هذه الفئة.

سابعاً: الحق بالتقاضي مباشرة أو بواسطة جمعيات المستهلك جماعياً، لصون حقوقه أو التعويض عليه عن الأضرار التي قد تكون لحقت به.

منح القانون المستهلك حقا من حقوقه التي تعتبر اساسية وهي الحق باللجوء الى القضاء والمطالبة بحقوقه (بالتقاضي) في مواجهة المهني/المحترف وذلك للمطالبة بحقوقه التي يلحظها قانون حماية المستهلك باعتبار قواعد هذا القانون حمائية من النظام العام، علاوة على الحقوق التي اتفق عليها مع المهني/المحترف كآثار ومفاعيل قانونية ناتجة عن عقد الاستهلاك.
وسنعرض لاحقاً لاليات هذا التقاضي عند الحديث عن الحماية الاجرائية للمستهلك باعتبارها من الوسائل القانونية للحماية.
ثامناً: حقوق اخرى للمستهلك:
لحظ قانون حماية المستهلك في لبنان العديد من الحقوق الاخرى التي منحها للمستهلك، ومنها:
• حق المستهلك في سداد قيمة كافة الأقساط المترتبة مقابل السلعة او الخدمة قبل إستحقاقها، كما منح القانون هذا المستهلك الحق في ان يُخفض من هذه القيمة مقدار الفائدة التي كانت متوجبة على المستهلك . فمثلاً اذا كان المستهلك قد اتفق مع المهني/المحترف على سداد مقابل السلعة او الثمن على اقساط شهرية مثلاً لمدة سنة، واستطاع توفير كامل المبلغ بعد دفعه لقسطين او ثلاثة اقساط حينها يحق لهذا المستهلك ان يدفع مباشرة بقية الاقساط، كما يحق له تخفيض الفائدة التي كان قد اتفق مع المهني/المحترف على اداءها فيما لو استمر في دفعاته الشهرية لمدة سنة.

• حق المستهلك في عدم اعتبار المبالغ المسددة عربوناً إلا في حال تم إعلام هذا المستهلك مسبقاً وخطياً بأنه يترتب على عدوله عن التعاقد عدم جواز إسترداد هذه المبالغ .

• حق المستهلك في أن يطلب إلغاء العقد واسترداد الثمن المسدد منه في حال عدم إستبدال السلعة أو الخدمة التي تتضمن أياً من العيوب المنصوص عليها في المادتين 28 و 29 من هذا القانون، أو في حال عدم إصلاحها خلال مهلة معقولة تتناسب مع طبيعة السلعة أو الخدمة. كما يجوز للمستهلك، بالإضافة إلى ما تقدم، المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي قد تكون لحقت به.

• حق المستهلك في المطالبة بالفاتورة عند شراء اي سلعة او خدمة وذلك لضمان حقوقه عند عدم وجود اي دليل اثبات آخر.

• حق المستهلك في الحصول على المعلومات من قبل وزارة الإقتصاد والتجارة – في حال ثبُت لديها معلومات علمية حول خطر ما على الصحة أو السلامة العامة قد ينتج عن إستعمال سلعة أو خدمة معينة، سواء كان هذا الخطر حاصلاً أو متوقعاً- وهذه المعلومات تتعلق بالمخاطر وإجراءات الوقاية الواجب إتباعها.

• حق المستهلك في وجوب تفسير العقود لما فيه مصلحته، وذلك لجهة تحديد مدى توافر رضى المستهلك، وظروف التعاقد والمنافع التي يمنحه إياها العقد والتوازن بين حقوق وموجبات الطرفين.

• في حالة عجز المحترف عن تأمين السلعة أو الخدمة المروج لها وفقاً للشروط المعلن عنها، منح القانون المستهلك الحق في القبول بسلعة أو خدمة مساوية للسلعة أو للخدمة المعلن عنها إذا عرض المحترف ذلك،أو حق إلغاء التعاقد واستعادة أي مبلغ يكون قد سدده المستهلك إضافة إلى المطالبة بتعويض عن الضرر اللاحق به، على أن لا يقل مقداره عن الفرق بين ثمن السلعة أو الخدمة خلال العرض وثمنها بعد ذلك.
الفرع الثاني
التزامات/موجبات المستهلك
لحظ قانون حماية المستهلك في لبنان مجموعة من الموجبات/الالتزامات الملقاة على عاتق الطرف الذي فُرضت له الحماية بموجب هذا القانون ونعني هنا “المستهلك”.
أولا: الالتزام بالاعلام /موجب الإعلام:
تطلب القانون من هذا المستهلك قيامه بإعلام المهني/المحترف ببعض المعلومات التي يمتلكها انطلاقاً من قاعدة ان من يملك المعلومات المرتبطة بالعقد يلتزم بالإدلاء بها الى الطرف الآخر، متى كانت تلك المعلومات لازمة لتنوير إرادته حتى ينعقد العقد صحيحاً.
ومع أن الفرض الغالب هو التزام المهني/المحترف بهذا الموجب باعتباره الطرف الاقوى في عقد الاستهلاك، في ظل ما يملكه من معلومات حول السلعة او الخدمة محل العقد، الا ان هذا لايمنع من فرض التزام/موجب الاعلام في حالات معينة على المستهلك ذاته، ويتحقق ذلك في حال امتلاك المستهلك معلومات وبيانات يجهلها المهني/المحترف، وهذه المعلومات او البيانات تؤثر في قرار هذا الأخير.

ويعود مصدر موجب الإعلام الى التفاوت الحاصل بين المتعاقدين لجهة المعلومات عن موضوع التعاقد لاسيما بين اصحاب المهن او المنتجين من جهة والمستهلكين من جهة اخرى، فعلى المستهلك ان يُعلم المهني/المحترف عن البيانات الضرورية حول المواصفات التي يتطلبها في السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك، كما يترتب على المهني/ المحترف ان يستعلم من المستهلك عن غاياته من استخدام السلعة او الخدمة، ويعلمه بكيفية هذا الاستخدام. وينبع هذا الموجب بالاعلام ليس فقط من طبيعة العقد وحسب وانما ايضا من كل ما تُمليه طبيعة التعامل مع الغير بموجب هذا العقد وكذلك العرف والانصاف وحسن النية.
وكمثال على تطبيق هذا الالتزام/الموجب، فإذا اراد استاذ جامعي شراء جهاز كمبيوتر لتدوين محاضراته وعرضها وحفظ ملفاته البحثية والقانونية وكذلك نسخ الكترونية من القوانين، فإن عليه موجب اعلام المهني/المحترف صاحب محل اجهزة الحاسب الالي بهذه البيانات والمتطلبات كي يختار له جهازاً يؤدي له هذا الغرض، بسعة معينة وكفاءة تتناسب واحتياجاته.

كما ان مثالا اخر يبرز في هذا الاطار هو عقد التأمين /الضمان المبرم على حياة المؤمن له/المضمون، حيث يترتب على هذا المضمون وهو هنا المستهلك التزام/موجب اعلام شركة التأمين المؤمنة/الضامنة بالمعلومات الضرورية كافة عن موضوع الضمان، حول السن والحالة الصحية، لأنه بناء عليها سيتم تحديد قسط التامين/الضمان ومبلغ التأمين/الضمان، ففي هذا العقد يلتزم المستهلك المضمون بإعلام المحترف/المهني في المرحلة السابقة على التعاقد او في مرحلة تنفيذ العقد بالبيانات المتعلقة بالعقد كما رأينا ومن اهمها ايضاً البينات المتعلقة بالخطر المؤمن منه/ محل الضمان حتى يتمكن المؤمن/الضامن من اتخاذ قرار ابرام العقد وهو على بيّنة من أمره وبإرادة متنورة، وهذا يعني ان المؤمن له/المضمون يلتزم بأن يفضي للمؤمن/الضامن بيانات كاملة وصحيحة عن الخطر المزمع التامين منه وقت ابرام عقد التامين/الضمان حتى يتمكن المؤمن،الضامن من تقدير جسامة الخطر والظروف المحيطة به والبت في امر التعاقد وتحديد مقدار قسط التأمين/الضمان على اعتبار ان تلك البيانات تكون معلومة للمؤمن له/المضمون ومجهولة بالنسبة للمؤمن/الضامن.

ولعل قانون الموجبات والعقود اللبناني تحدث عن هذا المعنى بصراحة في البند المخصص لموجبات المضمون وتحديدا في المادة 974 بحيث أوجب على المضمون اطلاع الضامن بوضوح عند اتمام العقد، على جميع الاحوال التي من شأنها ان تمكنه من تقدير الاخطار التي يضمنها. علاوة على انه اوجب على المضمون اعلام الضامن بما يستجد من الاحوال التي من شأنها ان تزيد الاخطار، علاوة على ان يعلم الضامن بكل طارئ يؤدي إلى القاء التبعة عليه، وذلك في ظرف ثلاثة ايام من تاريخ علمه به.

من هنا نخلص الى ان هناك التزاماً/موجبا تبادلياً بالاعلام مُلقى على عاتق طرفي عقد الاستهلاك المتمثل هنا بعقد التأمين/الضمان حيث يحوز كل منهما بيانات هامة يجهلها الطرف الآخر.

ثانيا: تطلب القانون من المستهلك المتضرر من وجود عيب خفي في السلعة او الخدمة وكذلك من الخلف العام او الخاص للمستهلك اثبات وجود العيب الخفي بتاريخ التسليم وأنه نتج عن هذا العيب إما إنقاص محسوس لقيمة السلعة أو الخدمة أو جعلها غير صالحة للإستعمال فيما أعدت له، ويكون الاثبات بكافة الوسائل.

ثالثا: اوجب القانون على المستهلك الذي يريد رفع دعوى الضمان على المهني/المحترف ان يقيم الدعوى أو يباشر إجراءات الوساطة أو حل النزاعات المنصوص عليها في هذا القانون خلال مهلة شهر من تاريخ إكتشاف العيب، ويستثنى من الالتزام بالمهلة الحالة التي يكون فيها المهني/المحترف قد لجأ لوسائل المماطلة.

رابعاً: اوجب القانون على المتضرر سواء كان المستهلك ذاته أو خلفائه العامين او الخاصين، إثبات عدم توافر المواصفات المعتمدة المتعلقة بالسلامة ، ويشترط في هذه المواصفات ان تكون متوقعة من قبل من يستخدم السلعة او الخدمة بشكل ملائم وصحيح. كما يتوجب على ذات المتضرر اثبات علاقة السببية بين الضرر وبين عدم توفر المواصفات المطلوبة، وكذلك اثبات مقدار هذه الأضرار.

المطلب الثاني
آثار عقد الاستهلاك بالنسبة للمهني/المحترف
( حقوقه والتزاماته/موجباته)

بعد ان انتهينا من عرض اثار ومفاعيل عقد الاستهلاك بالنسبة للطرف الذي وضع القانون لحمايته وهو المستهلك، يتعين التعرض لاثار عقد الاستهلاك بالنسبة للطرف الاخر في عقد الاستهلاك وهو المهني/المحترف مركزين عرضنا على ما يتوجب عليه من التزامات/موجبات القى القانون بها على عاتقه حماية للمستهلك.
الفرع الاول
حقوق المهني/المحترف
على غرار بعض الموجبات التي فرضها القانون على المستهلك، فقد اعتبر بعض هذه الموجبات حقوقا للمهني/المحترف فقد تطلب القانون من المستهلك قيامه بإعلام المهني/المحترف ببعض المعلومات التي يمتلكها انطلاقاً من قاعدة ان من يملك المعلومات المرتبطة بالعقد يلتزم بالإدلاء بها الى الطرف الآخر، متى كانت تلك المعلومات لازمة لتنوير إرادته حتى ينعقد العقد صحيحاً كما رأينا. فكيف للمهني/المحترف صاحب محل اجهزة الحاسب الالي بأن يعرف احتياجات الاستاذ الجامعي والمتمثلة بجهاز كمبيوتر قادر على تخزين المحاضرات وعرضها وحفظ ملفاته البحثية والقانونية وكذلك نسخ الكترونية من القوانين، من غير ان يقوم هذا الاستاذ الجامعي والذي يُعتبر مستهلكاً بالقيام باعلام المهني/المحترف بهذه البيانات والمتطلبات كي يختار له جهازاً يؤدي له هذا الغرض، بسعة معينة وكفاءة تتناسب واحتياجاته.

كما ان من حق المهني/المحترف الا يظل مهددا تجاه دعوى الضمان التي قد يرفعها المستهلك في وجهه، حيث اوجب القانون على المستهلك الذي يريد رفع دعوى الضمان على المهني/المحترف ان يقيم الدعوى أو يباشر إجراءات الوساطة أو حل النزاعات المنصوص عليها في هذا القانون خلال مهلة شهر من تاريخ إكتشاف العيب، واشترط القانون كي يستفيد المهني/المحترف من هذا الحق الا يكون قد لجأ لوسائل المماطلة كما عرضنا من قبل.
الفرع الثاني
التزامات المهني /موجبات المحترف
انطلاقا من الفلسفة التي اتبعها المشرع اللبناني في قانون حماية المستهلك باعتبار قواعد هذا القانون من القواعد القانونية الحمائية المتعلقة بما يُعرف بالنظام العام الاقتصادي الحمائي الذي يعمل على حماية بعض الفئات من المجتمع كالمستهلكين، فقد فرض هذا القانون مجموعة من الالتزامات/الموجبات على عاتق الطرف الاقوى في عقد الاستهلاك، وذلك تحقيقا لمصلحة الطرف الضعيف الذي اتى هذا القانون لحمايته وهو المستهلك.
أولا: الالتزام بالاعلام/موجب الإعلام
نعرض فيما يلي للالتزام الابرز الملقى على عاتق المهني/المحترف باعتباره الطرف الذي يملك قوة معرفية لجهة امتلاكه المعلومات والبيانات التي يُلزم بإعلامها للمستهلك.
1- مفهوم الالتزام/الموجب بالإعلام:
هو التزام/موجب قانوني يفرض على المهني/المحترف الادلاء بالبيانات الجوهرية عبر تزويد المستهلك بمعلومات صحيحة ووافية وواضحة تتناول المعلومات الاساسية للسلعة او الخدمة وطرق استخدامها وكل معلومة او بيان يجهله هذا المستهلك وذلك في الوقت الملائم. ومؤدى ذلك انه وفي ظل التطور التقني والصناعي وبروز تقنيات متعددة المظاهر وغير متيسرة الفهم من قبل عامة الناس الممثلين بالمستهلك العادي فقد نشأ موجب اعلام يقع على عاتق المهني/المحترف لصالح المستهلك حول دقائق السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك وتفصيلات استخدامها ومواصفاتها وامكانياتها وصيانتها، بحيث ان مسؤولية هذا المهني/المحترف تقوم بمجرد حصول الامتناع عن الاعلام وإن كان اهمالا، ودون اشتراط سوء نية المهني/المحترف او نية الاضرار بالمستهلك.
2- مضمون الالتزام/الموجب بالإعلام:
فرضت مواد قانون حماية المستهلك في لبنان على المهني/المحترف ان يزود المستهلك بمعلومات عن خصائص السلع او الخدمات وأثمانها وشروط البيع والتقيد بنظام القياس الرسمي المتعلق بالأوزان والأحجام وإعلان الاسعار في كافة المؤسسات التجارية والسياحية….، علاوة على اعتماد اللغة العربية لصياغة المعلومات الواجب ادراجها على لصاقات السلع وفي حال التعذر اعتماد احدى اللغتين الفرنسية او الانجليزية.

فقد أوجب القانون على المحترف أن يزود المستهلك بمعلومات، صحيحة ووافية وواضحة، تتناول معلومات حول البيانات الأساسية للسلعة أو الخدمة وطرق إستخدامها، علاوة على الثمن وشروط التعاقد وإجراءاته، اضافة الى المخاطر التي قد تنتج عن استخدام السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك.

كما أوجب القانون على المحترف الإعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية بشكل ظاهر بلصقه إما على السلعة أو على الرف المعروضة عليه، علاوة على التقيد بنظام القياس الرسمي المتعلق بالأوزان والأحجام. وتطلب القانون في هذا الاطار وجوب ان يكون الإعلان عن الأسعار، في مكان بارز، في المؤسسات التي تقدم خدمات لا سيما الفنادق والشقق المفروشة والمطاعم والمقاهي والملاهي. كما أوجب القانون على المحترف أن يُدرج على لصاقات السلعة أو التوضيب المعلومات التي تحددها الإدارة المختصة، تبعاً لطبيعة كل سلعة، وخصائصها ووفقاً للمواصفات المعمول بها.

كما يتوجب على المحترف الذي يعرض سلعاً مستعملة أو مجددة أو تتضمن عيباً لا ينتج عنه أي ضرر على صحة المستهلك وسلامته، الإعلان عن حالة السلعة المذكورة بشكل ظاهر وواضح على السلعة وكذلك في المكان الذي يمارس فيه نشاطه وعليه أن يشير إلى ذلك سواء في العقد الذي قد ينظمه أو على الفاتورة التي يصدرها.

وفي ذات الاطار فعلى المحترف أن يوفر للمستهلك المعلومات الأساسية حول تقدير الأخطار المرتبطة باستعمال السلعة أو الخدمة خلال المدة المتوقعة لاستعمالها.

كما يتوجب على كل مصنع أو محترف أن يبين للمستهلك، خطياً وبوضوح، الطريقة الفضلى لاستعمال السلعة أو الخدمة وعليه أن ينبه إلى المخاطر التي قد تلحق بالمستهلك في حال جرى إستعمالها بشكل مخالف. ويجب أن تدرج المعلومات المذكورة أعلاه باللغة العربية. وكمثال على ذلك نجد ان مستهلك اي سلعة او خدمة له حق تجاه المهني/المحترف او المصنع بأن يبين له كيفية الاستخدام الافضل لهذه السلعة او الخدمة كي يتحقق الغرض المنشود من هذا الاستخدام، كما لو كانت السلعة محل عقد الاستهلاك جهاز تكييف منزلي فعلى المهني/المحترف البائع في هذه الحالة موجباً بان يبين للمستهلك بان افضل استخدام لهذا الجهاز هو في غرفة من مساحة معينة كي يحصل على درجة حرارة باردة في الغرفة التي سيوضع داخلها الجهاز.

ومن الالتزامات/الموجبات الملقاة على عاتق المهني/المحترف ضمن اطار مضمون الالتزام/ الموجب بالاعلام انه يجب على المحترف الذي يعرض على المستهلك أن يتم تسديد ثمن السلعة أو الخدمة على دفعات أن يزود هذا المستهلك بالمعلومات التالية:
– الثمن في حال التسديد نقداً ودون تقسيط.
– الفائدة السنوية المعتمدة، وما إذا كانت الفائدة بسيطة أو مركبة، وكيفية إحتسابها والمبلغ الإجمالي الذي يمثل مجموع الفوائد المتوجبة والمصاريف أياً كان نوعها.
– عدد الدفعات وقيمة وتاريخ إستحقاق كل منها.
– القيمة الإجمالية بعد التقسيط بحيث تشمل قيمة السلعة أو الخدمة في حال تم تسديد ثمنها نقداً مضافاً إليها الفوائد والمصاريف.
– حقوق وموجبات كل من المحترف والمستهلك في حال إخلال أي منهما بشروط الإتفاق.
– كما يتوجب على المحترف تضمين العقد الذي يجريه كافة المعلومات المذكورة أعلاه .
وفي اطار مضمون موجب الاعلام كذلك إذا تبين للمصنع أو المحترف، بالإستناد إلى خبرته أو المعلومات التي توافرت لديه، بأن السلعة أو الخدمة التي وضعها قيد التداول تتضمن عيباً أو أكثر من شأنه أن يضر بسلامة المستهلك أو صحته أو أنها قد تشكل خطراً عليه، فعلى المصنع أو المحترف أن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لإعلام الجمهور، بواسطة وسائل الإعلام، عن هذه العيوب وتحذيره من المخاطر التي قد تنتج عنها. كما يتوجب على المُصنِّع والمحترف في هذه الحالة، بالإضافة إلى ما تقدم، التوقف عن التداول بالسلعة أو الخدمة وسحب السلعة من الأسواق، اضافة الى إسترداد السلع التي جرى بيعها أو تأجيرها وإعادة الثمن المدفوع، واستبدال السلع على نفقته الخاصة أو إعادة الثمن المدفوع في حال تعذر إصلاحها.

كما يتوجب على المحترف أو المُصنع، في الحالات المذكورة، إبلاغ مديرية حماية المستهلك لدى وزارة الإقتصاد عن المخاطر المذكورة وعليه أن يحدد الإجراءات التي اتخذها. ولايحول إتباع الإجراءات المذكورة دون إلزام المحترف أو المصنع بالتعويض على المستهلك عن الأضرار التي تكون قد لحقت به.
3- أمثلة على تطبيق هذا الالتزام/الموجب بالإعلام:
عند ابرام عقد الاستهلاك يجب على المهني/المحترف ان يُعلم المستهلك ببيانات حول طبيعة هذه السلعة او الخدمة، ونوعها وعناصرها، ومكوناتها، وزنها، صلاحيتها، بلد المنشأ ومكانه، المخاطر التي تنتج عن استخدامها، كيفية الاستخدام، وفي حال كانت السلعة مستعملة سابقا فيجب ذكر حالتها. فمثلا اذا كانت السلعة عبارة عن العاب مفرقعات نارية، فإن على بائع هذه السلعة وهو المهني/المحترف أن يُعلِم المشتري وهو المستهلك بأن هذه المفرقعات النارية يجب استخدامها خلال فترة معينة، وانها تحتوي على مواد قابلة للاشتعال، علاوة على كيفية حفظها حتى لاتتلف اوتسبب اضرارا جسيمة بمكان الحفظ، وكيفية استخدامها، والاشخاص المؤهلين لاسخدامها، ومحاذير استخدامها، وعدم تصويبها الى اماكن حساسة كالأعين.

وفي عقود التامين (الضمان) يجب على الضامن اعلام المضمون بحقوقه وواجباته وما يترتب عليه بموجب وثيقة التأمين (بوليصة الضمان)، وتطبيقا لذلك – وفي مجال عقود الضمان – وفي حكم صادر عن القضاء اللبناني تمت الاشارة الى ان موجب اعلام المستهلك يقع على عاتق الشخص المعنوي عاقد الضمان ويهدف الى تمكين المضمون من الوقوف على ماهية حقوقه وواجباته الناتجة عن البوليصة.
4- هدف الالتزام/الموجب بالإعلام:
هدف المشرع من الزام المهني/المحترف بهذا الالتزام/الموجب الى تحقيق الفلسفة التي تم وضع قانون حماية المستهلك من اجلها، والتي تتمثل في حماية هذا الطرف الضعيف لافتقاره للمعلومات والمركز الاقتصادي القوي، فحاول المشرع عبر وضع هذا الموجب ان يُعيد بعض التوازن الى العلاقة العقدية بين طرفي عقد الاستهلاك عبر تنوير ارادة هذا المستهلك، وذلك بتزويده بالبيانات الضرورية الكفيلة بأن يُقدم على التعاقد مع المهني/المحترف وهو يعلم كافة التفاصيل حول السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك.
5- نطاق الالتزام/الموجب بالإعلام:
يمتد نطاق هذا الالتزام ليشمل مرحلتين تتمثلان في مرحلة ما قبل ابرام عقد الاستهلاك ومرحلة تنفيذ هذا العقد، لينتج عن ذلك التزام/موجب قبل تعاقدي بالإعلام، والتزام/ موجب تعاقدي بالإعلام.

وهذا يعني انه في مرحلة ما قبل التعاقد ينبغي على المهني/المحترف أن يُعلم المستهلك عن البيانات الجوهرية التي تنير اراته فيما يتعلق بالسلعة او الخدمة وخصائصها ومخاطرها وغير ذلك من البينات الجوهرية قبل ان يتعاقد مع المهني/المحترف ، بحيث انه اذا قرر التعاقد فإن ارادته تكون كاملة التنوير، لأن هذا الالتزام/الموجب بالاعلام في مرحلة ما قبل التعاقد ينفصل عن عقد الاستهلاك، بحيث انه ناشئ عن المرحلة السابقة على التعاقد حتى يصدر عن المستهلك رضاءا حرا يستطيع من خلاله ابرام العقد او عدم ابرامه. اما اذا تم ابرام عقد الاستهلاك فإن نطاق هذا الالتزام/الموجب ينطوي على تنوير ارادة المستهلك بما يعني ان على المهني/المحترف ان يُعلِم المستهلك بالمعلومات الضرورية التي تضمن سلامته اثناء تنفيذ عقد الاستهلاك واستخدامه للسلعة او الخدمة محل العقد. ولعل الاختلاف في هذين النطاقين للالتزام قبل التعاقدي والتعاقدي يبرز بجلاء في مسؤولية الاخلال بهما من قبل المهني/المحترف، فالاخلال بموجب الاعلام قبل التعاقدي يؤدي الى نشوء مسؤولية تقصيرية اما الاخلال بموجب الاعلام الناشئ عن العقد فيرتب مسؤولية عقدية ناشئة مباشرة عن الاخلال بتنفيذ عقد الاستهلاك، ويتقيد هذا الأمر بعدم ابرام اتفاقات تمهيدية لمرحلة ما قبل التعاقد بحيث ان الاخلال بها يرتب مسؤولية عقدية مرتبطة بعقد اخر يتعلق بمفاوضات سابقة على ابرام عقد الاستهلاك لا بعقد الاستهلاك ذاته.

ويذهب جانب من الفقه – نؤيده – الى ان الموجب/الالتزام قبل التعاقدي بالاعلام هو التزام غايته مواجهة التفاوت بين المتعاقدين ازاء المعلومات وتنوير رضاء من لايعلم منهما (غالبا المستهلك)، حيث لا يلتزم المهني/المحترف فقط بأن يُدلي للمستهلك ببيانات تتصف بالحيدة والموضوعية حول السلعة أو الخدمة، انما يجب على المهني/المحترف علاوة على ذلك أن يوجِّه المستهلك بشأن المسلك الواجب الاتباع وبذلك يُصبح مُلزما فقط ليس فقط بالالتزام بالادلاء ببيانات معينة وانما ايضا بنُصح المتعاقد معه، وليس هذا فحسب بل ان التزام المهني/المحترف بالاعلام قد يقتضي منه تحذير المتعاقد الاخر معه وهو المستهلك لتكتمل بذلك معادلة هذا الالتزام. ومؤدى ذلك أن الموجب/الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام هو التزام واحد يتسع نطاقه ليشمل عناصر ثلاثة هي: الادلاء بالبيانات والتحذير والنصح، وهذا لايعني بالضرورة ان هذا الالتزام بعناصره كاملة في كافة العقود وانما يكون كذلك بشأن العقود التي تتميز بتعقد محلها او خطورته كعقد الاستهلاك المنصب على بيع لأجهزة وبرامج معلوماتية مختلفة.
6- تمييز الالتزام/الموجب بالاعلام عن غيره من الالتزامات/الموجبات :
يتميز هذا الالتزام/الموجب عن غيره من الالتزامات/الموجبات في كون ان له هدفاً محددا يتمثل في تنوير ارادة المستهلك باعلامه بكل البيانات الضرورية المتعلقة بالسلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك سواء في مرحلة ما قبل التعاقد او مرحلة تنفيذ العقد. فمن جهة اولى، فإن تنوير ارادة المستهلك التي يتوجب على المهني/المحترف ان يحققها هو ما يميز الالتزام/ الموجب بالاعلام عن الالتزام بالتعاون والذي ينطوي على الالتزام بالتعاون المشترك بين المهني/المحترف والمستهلك بروح التعاون وحسن النية لتحقيق المصالح المشتركة من وراء العقد الذي ينويان إبرامه (الالتزام بالتعاون في مرحلة ما قبل التعاقد) او بالنسبة للعقد الاستهلاكي الذي ابرمه الطرفان(الالتزام بالتعاون في مرحلة تنفيذ العقد). فمثلا لايجوز لأي من الطرفين اثناء المفاوضات التي تسبق ابرام العقد قطع المفاوضات بشكل تعسفي او المماطلة لأن مبدأ حسن النية يجب ان يكون مسيطراً اثناء هذه المرحلة، وكذلك اثناء تنفيذ العقد فيما يُعرف بحسن النية اثناء تنفيذ العقد. ولعل هذا ما يبرز ان الالتزام بالاعلام متوجب على احد طرفي العقد الاستهلاكي، او بالأحرى هو التزام مشدد على احد الطرفين (المهني/المحترف) مضمون الافضاء بما هو ضروري من بيانات، بينما الالتزام بالتعاون متوجب على كل من الطرفين (المستهلك من جهة والمهني/المحترف من جهة اخرى) اللذين يرنوان نحو تحقيق المصالح التعاونية المشتركة.

وتطبيقاً لذلك صدر حكم عن القضاء اللبناني تمت الاشارة فيه الى أن “حسن النية في تنفيذ العقود يفرض على كل متعاقد أن يقوم بإعلام المتعاقد معه بكل ما من شأنه صيانة حقوقه وإن موجب الاعلام هذا يكون مفروضاً بصورة خاصة على الاشخاص الممتهنين والذين ينعكس وضعهم المهني على موقعهم التعاقدي حيث يكونون أكثر الماماً بشروط التعاقد وبتفاصيله ممن يتعاقدون معهم”.
من جهة اخرى يتميز الالتزام/الموجب بالاعلام عن الالتزام بالتحذير في ان الالتزام الاول منصب على اعلام المستهلك بكافة البيانات الضرورية المتصلة بالسلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك، بينما الالتزام الثاني ينصب بشكل رئيس على البيانات والمعلومات المتصلة بالصفة الخطرة للسلعة او الخدمة محل العقد بما يحقق ضماناً لسلامة المستهلك، وهذا لا يتنافى مع ما كنا قد عرضنا له عند تناولنا لنطاق الموجب/الالتزام بالاعلام بأن هذا الالتزام يشمل من بين عناصره في المرحلة السابقة على التعاقد التزاما بالتحذير في بعض جوانبه.

ومن جهة ثالثة يتميز الالتزام/الموجب بالاعلام عن الالتزام بتقديم المشورة في ان الالتزام الاول هو التزام قانوني هدفه اعلام المستهلك بكافة البيانات الضرورية المتصلة بالسلعة او الخدمة بينما الالتزام الثاني هو التزام عقدي ينطوي على تقديم المعلومات التقنية والبيانات الفنية والتوجيهات التعليمية بكيفية استخدام السلعة او الخدمة من قبل صاحب خبرة هو المهني/المحترف في مجال معين كهندسة الكمبيوتر مثلا، بما يجعل شخصية هذا الشخص صاحب الخبرة محل اعتبار في هذا الالتزام الذي قد يكون مستقلا عن عقد الاستهلاك ويكون مرتبطاً بعقد اخر هو عقد المشورة الفنية.

من جهة رابعة فإن الالتزام/الموجب بالاعلام يتميز ايضا عن الالتزام/الموجب بالاستعلام في ان هذا الاخير قد يكون ضروريا للقيام بالالتزام الاول، فمثلاً قد يقع على عاتق المهني/المحترف التزام بالاستعلام من المستهلك عن معلومة معينة مهمة تتعلق باحتياجاته التي على اساسها سيُعلم المهني/المحترف المستهلك بالسلعة او الخدمة المناسبة وخصائصها لتنوير ارادته، علاوة على امكانية ان يكون الالتزام/الموجب بالاستعلام ملقى على عاتق المستهلك ولو بشكل اقل كي يستعلم عن بعض الصفات المرتبطة بالسلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك.

ثانيا: التزام/موجب الامتناع عن فعل الاعلان الخادع:
يُعرف الاعلان الخادع بأنه الاعلان عن سلعة او خدمة وذكر خصائصها وبياناتها على نحو مجاف للحقيقة بطريقة تؤدي بالمستهلك الى ابرام عقد الاستهلاك تحت تأثير هذا الخداع الاعلاني. وبعبارة اخرى فإن الإعلان الذي ينسب فيه المعلن توفر بعض الصفات الجوهريّة التي قد تدفع المستهلك للتعاقد بينما تخلو السلعة أو الخدمة من هذه الصفـات الجوهريّة يعتبر اعلاناً خادعاً.

وقد عرّف القانون اللبناني الإعلان الخادع بأنه الإعلان، الذي يتم بأية وسيلة كانت، ويتناول سلعة أو خدمة، ويتضمن عرضاً أو بياناً أو إدعاء كاذباً أو أنه مصاغ بعبارات من شأنها أن تؤدي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى خداع أو تضليل المستهلك. كما عرض القانون اللبناني الى بعض الامثلة على الخداع الاعلاني لتوضيح هذا الفعل بحيث اعتبر من قبيل الخداع العرض أو البيان أو الإدعاء الذي يتناول طبيعة السلعة أو تركيبتها أو صفاتها الجوهرية أو العناصر التي تتكون منها وكمية هذه العناصر. علاوة على مصدر السلعة أو وزنها أو حجمها أو طريقة صنعها أو تاريخ إنتهاء صلاحيتها أو شروط إستعمالها أو محاذير هذا الإستعمال، وكذلك نوع الخدمة والمكان المتفق عليه لتقديمها ومحاذير إستعمالها وصفاتها الجوهرية إن لجهة النوعية أم لجهة الفوائد المتوخاة. كما اعتبر من قبيل الخداع العرض أو البيان أو الإدعاء الذي يتناول شروط التعاقد ومقدار الثمن الإجمالي وكيفية تسديده، والموجبات التي يلتزم بها المعلن، اضافة الى هوية ومؤهلات وصفات المُصنع أو المحترف. كما اعتبر القانون أيضاً إعلاناً خادعاً ذلك الإعلان الذي ينسب فيه المعلن لنفسه زوراً أنه يحمل جوائز أو شهادات أو مصادقات أو ميداليات رسمية أو خاصة، وكذلك الزعم بوجود أسس علمية في حين أنها في الواقع غير متوافرة أو غير جدية، اضافة الى الإعلان الذي يتضمن إستعمال شعار أو علامة فارقة دون وجه حق أو إستعمال علامة مقلدة
وفي هذا الاطار فإن القانون اوجب على المُعلن والذي قد يكون مهنيا/محترفا موجب الامتناع عن القيام بفعل الاعلان الخادع للمستهلك، ورتّب على هذا الفعل مسؤولية سنعرض لها فيما بعد. وقد تطلبت المادة 12 من قانون حماية المستهلك في لبنان من المعلن إثبات صحة المعلومات الواردة في إعلانه وتزويد كلٍ من مديرية حماية المستهلك أو المحكمة المختصة الناظرة في القضية، بالمستندات التي قد تطلبها. وكمثال فإن الاعلان الذي ينسب فيه المهني/المحترف لنفسه صفات او مؤهلات لايمتلكها بمستندات قانونية يعتبر مخادعاً للمستهلكين، كالاعلان الذي ينسب فيه الشخص لنفسه صفة القدرة على مداواة المرضى بالاعشاب دون مستندات قانونية، او الاشخاص الذين يدّعون انهم يداوون الامراض بالسحر والشعوذة او من ينتحل صفة الطبيب لمداواة الناس مع انه ليس بطبيب. كما ان التجار الذين يعلنون عن بضائع وسلع ويدعون انها من مصدر ايطالي وهو في الحقيقة من مصدر اخر يكونون مخادعين للمستهلكين الذين يشترون هذه السلع على اساس انها ايطالية المصدر.

وعلاوة على ذلك قد يتناول الاعلان خداعا للمستهلك اذا تناول طريقة صنع السلعة، كالاعلان عن ان السلعة هي صناعة يدوية او من منتجات طبيعية، وتكون الحقيقة انها ليست كذلك.
ثالثا: التزام/ موجب الضمان:
انطلاقا من الهدف الاساس لعقد الاستهلاك وهو الحصول على السلعة او الخدمة محل هذا العقد والتمتع بكافة سلطات المالك المستهلك وانتفاعه بها بشكل هادئ ومستمر.

وفي هذا الاطار يضمن المحترف جودة السلعة أو الخدمة وتوافر المواصفات التي حددها أو تلك التي اشترط المستهلك خطياً وجودها. كما يضمن حيازة المستهلك للسلعة أو الخدمة دون معارضة صادرة عن الغير أياً كان. ولا يجوز للمحترف أن يدرج في العقود التي يجريها أي بند يعفيه من الموجبات المذكورة أعلاه .

كما يضمن المحترف العيوب الخفية التي تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة نقصاً محسوساً أو تجعلها غير صالحة للإستعمال فيما أعدت له وفقاً لطبيعتها أو لأحكام العقد. أما العيوب التي لا تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة أو من الإنتفاع بها إلا نقصاً خفيفاً وكذلك العيوب المتسامح بها عرفاً فإنها لا تستوجب الضمان.
ويُفهم من هذه الموجبات الملقاة على عاتق المهني/المحترف بأنها تتنوع بين ضمان للجودة وضمان للتعرض وضمان للعيوب الخفية، وذلك على النحو التالي:
1. ضمان الجودة :
ويعني ذلك ان المهني/المحترف يضمن ان تتوفر في السلعة أو الخدمة المواصفات التي تم الاتفاق عليها في عقد الاستهلاك مع المستهلك، كما لو ان المستهلك كان اتفق مع الشركة المزودة لخدمة الانترنت ان تكون الخدمة شاملة سرعة فائقة تمكنه من تحميل الافلام والاغاني وبسعة غير محددة، علاوة على تمكنه من التحدث المرئي والمسموع مع الخارج عبر خدمة الانترنت، ويُفاجأ المستهلك مستخدم الانترنت بان الخدمة بطيئة ولا يستطيع تحميل الا عددا محدودا من الملفات علاوة على عدم توفر خدمة التحدث المرئي، حينها فإن المهني/المحترف صاحب الشركة المزودة للخدمة عليه ان يضمن جودة هذه الخدمة بحسب المتفق عليه.
2. ضمان التعرض :
لايكفي ان يلتزم المحترف/المهني بتوزيع أو بيع أو تأجير السلع، او تقديم الخدمات، او استيراد السلعة بهدف تأجيرها أو بيعها أو توزيعها، بل يلتزم فضلا عن ذلك أن يضمن للمستهلك حيازته للسلعة او الخدمة حيازة هادئة. وبمقتضى هذا الضمان يلتزم المهني/المحترف بالامتناع عن كل ما من شانه حرمان المستهلك من كل او بعض سلطاته على السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك، او حرمانه من الانتفاع بهذه السلعة او الخدمة انتفاعا هادئاً، كما يجب ايضا ان يدفع المهني/المحترف تعرض الغير للمستهلك. ويعني ذلك ان على المهني/المحترف ان يضمن للمستهلك حيازة السلعة أو الخدمة دون معارضة صادرة عن الغير، كما لو ان المهني/المحترف وبموجب عقد الاستهلاك باع المشتري المستهلك جهاز تبريد، فعليه ان يضمن عدم تعرض اي شخص اخر يدعي انه يملك هذا الجهاز او ان له حقا عليه كما لو كان دائناً مرتهنا لهذا الجهاز. ونقصد هنا بضمان التعرض الصادر عن الغير ذلك التعرض القانوني الذي يدعي فيه شخص من الغير حقا على محل عقد الاستهلاك من خدمة او سلعة. ولعل من المفيد الاشارة اليه ان على المهني/المحترف بالأساس موجب عدم التعرض الشخصي والقانوني الصادر منه شخصيا تجاه المستهلك.
3. .ضمان العيوب الخفية:
يضمن المهني/المحترف العيوب الخفية التي تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة محل عقد الاستهلاك نقصاً محسوساً أو تجعلها غير صالحة للإستعمال فيما أعدت له وفقاً لطبيعتها أو لأحكام العقد. أما العيوب التي لا تنقص من قيمة السلعة أو الخدمة أو من الإنتفاع بها إلا نقصاً خفيفاً وكذلك العيوب المتسامح بها عرفاً فإنها لا تستوجب الضمان. من هنا فإن هنالك ثمة شروط لاعتبار العيب واقعاً ضمن نطاق موجب ضمان العيوب الخفية، وتتمثل هذه الشروط في ضرورة ان يكون العيب خفياً ، وان يكون العيب قديماً، ومؤثراً.
ويُقصد بخفاء العيب في هذا الاطار ان يكون غير ظاهر للمستهلك او ان المستهلك غير عالم به وقت ابرام عقد الاستهلاك او كان لايستطيع العلم به بفحصه للسلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك. ذلك ان المستهلك في حال العيب غير الخفي يكون له وقت التعاقد ان يمتنع ابرام عقد الاستهلاك ابتداءا علاوة على انه في حال ابرام العقد يكون له حق رفض تسلم السلعة او الخدمة ذات العيب الظاهر، اضافة الى حقه في الامتناع عن الوفاء بمقابل هذه السلعة او الخدمة.

فعلى سبيل المثال قامت بعض شركات السيارات بسحب الكثير من السيارات الجديدة من نوعية معينة من السوق اللبنانية خلال الفترة الاخيرة لوجود بعض المشاكل التقنية في انظمة التصنيع، وذلك تطبيقا لفكرة ضمان العيوب الخفية، حيث ان العيوب التقنية المرتبطة بتصنيع السيارة تعتبر خفية عن المستهلك وقت شراء المستهلك للسيارة. ولا يجوز للمهني/ المحترف أن يدرج في العقود التي يجريها أي بند يعفيه من الموجبات المذكورة سابقا، لتعلق الامر بقواعد حمائية لا يجوز الاتفاق على مخالفتها. وفي ذات الاطار فعلى المحترف قبل إجراء أية تصليحات على سلعة أن يُعلم المستهلك خطياً ودون مقابل عن تقديره لكلفة التصليح ومدة عرضه. كما يتوجب على المحترف، بعد إجراء عملية التصليح، أن يحدد في الفاتورة التي يصدرها، القطع التي تم استبدالها وثمنها وتحديد ما إذا كانت هذه القطع جديدة أو مستعملة أو مجددة. ويضمن المحترف القطع المستبدلة ويتحمل كلفة اليد العاملة خلال مهلة ثلاثة أشهر تسري إعتباراً من تاريخ تسليم السلعة بعد إصلاحها. ولا يشمل هذا الضمان الحالة التي يتم فيها إستعمال السلعة، التي جرى إصلاحها، بشكل غير ملائم. وقد يتفق المستهلك مع المهني/المحترف على ان يضمن هذا الاخير صلاحية المبيع – وهو هنا السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك- مدة معلومة، في هذه الحالة يعد هذا الاتفاق تشديداً لضمان العيوب الخفية الذي ينص عليه القانون، ولعل هذ الفرض يظهر في عقود بيع الاجهزة الحديثة كالطائرات والسيارات والاجهزة الالكترونية، حيث يعطي المهني/المحترف للمستهلك قسيمة ضمان يتحدد فيها ضمان صلاحية المبيع للعمل خلال مدة معينة ( 3 سنوات مثلاً). ولعل التشديد في ضمان العيوب الخفية في هذا الاطار مرده الى أن المشتري لا يقصد من وراء هذا الضمان اشتراط خلو المبيع من العيوب فقط، وانما يقصد ايضاً إلزام البائع بضمان صلاحية المبيع للعمل لمدة معينة وبصرف النظر عما إذا كان يشوبه عيب خفي أم لا.
رابعاً: التزامات/موجبات اخرى ملقاة على عاتق المهني/المحترف
• يتوجب على المحترف الذي يلجأ للإعلان عن عرض خاص، بهدف الترويج لسلعة أو لخدمة، أن يحدد إما المدة التي سوف تتوافر خلالها هذه السلعة أو ان يحدد الخدمة أو الكمية المتوافرة، كما عليه أن يعلن عند الإقتضاء، عن شروط التعاقد. وفي حال عدم تحديد المدة أو الكمية، يعتبر العرض سارياً لمدة شهر إعتباراً من تاريخ أول إعلان، ما لم يعلن المحترف بالطريقة وعبر الوسيلة الإعلانية ذاتها عن تاريخ إنتهاء عرضه.
– يجب أن تتوافر في العقد الذي يعده المحترف، أو الذي توافق الإدارات الرسمية على إعتماده، أو الذي لا يسمح للمستهلك تعديل أحكامه، الشروط التالية: (1) أن يكون مصاغاً باللغة العربية وبعبارات واضحة ومفهومة. على أنه يجوز إبرام عقد باعتماد لغة أجنبية في حال توافق المتعاقدين على ذلك. (2) أن لا يشير أو يحيل إلى نصوص أو وثائق لم توضع بتصرف المستهلك قبل التوقيع. (3) أن يحدد بشكل صريح وواضح الثمن وتاريخ وكيفية تسديده وكذلك تاريخ ومكان التسليم.
• على المحترف تسليم المستهلك نسخة عن العقد الذي يعتمده للإطلاع على مضمونه قبل التوقيع عليه. كما يقع على عاتق المحترف موجب تسليم المستهلك نسخة عن العقد الموقع منه، وتكون هذه النسخة معفاة من كافة الرسوم لا سيما رسم الطابع المالي.
• يتوجب على المحترف وعلى مقدم الخدمة تسليم المستهلك فاتورة يدرج فيها البيانات المتعلقة بإسم المؤسسة ورقم تسجيلها في السجل التجاري وعنوانها وتعريف السلعة أو الخدمة ووحدة البيع أو التأجير وثمنها والكمية المتفق عليها ومقدار الضرائب والرسوم المستوفاة والقيمة الإجمالية للفاتورة بالعملة اللبنانية وتاريخ إصدارها. وفي حال عدم التسليم الفوري للسلعة أو للخدمة، يجب أن تتضمن الفاتورة ذكر مكان وتاريخ وشروط التسليم.
• يتوجب على المحترف أو المُصنع تأمين القطع أو الأجزاء اللازمة لاستعمال سلعة أو خدمة معينة، علاوة على موجب تأمين الصيانة وخدمة ما بعد البيع. وُيعتبر المحترف أو المصنع ملزماً بهذه الموجبات خلال مدة معقولة تتناسب مع المدة المتوقعة لاستعمال السلعة أو الخدمة، ما لم يعلم المستهلك، صراحة وخطياً، عن مدة مختلفة. ويشار في هذا السياق الى ان المحترف أو المصنع يعفى من الموجبات المذكورة أعلاه، في حال أعلم المستهلك، صراحة وخطياً، وبشكل بارز لا لُبس فيه، عدم إلتزامه بأي منها.
• يتوجب على المحترف الذي يعرض، للمرة الأولى، سلعة أو خدمة للتداول في الأسواق التثبت من مطابقتها للمواصفات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. كما عليه أن يثبت أن معايير السلامة تتوافر في السلعة أو الخدمة المذكورة لدى إستعمالها بشكل ملائم وطبيعي.
• على المحترف أن يمتنع عن التداول بسلعة أو خدمة لا تتوافق مع المواصفات المعتمدة والمتعلقة
بالسلامة العامة.
• يكون المحترف والمصنع مسؤولين عن الأضرار اللاحقة بالصحة والسلامة العامة والناتجة عن سلعة أو خدمة كانت الإدارة المختصة منحت بشأنها تراخيص من أي نوع كانت. وفي هذه الحالة، وما لم يتم إثبات وجود خطأ عند منح الترخيص، لا تُسأل الدولة أو المؤسسات العامة عن تلك الأضرار.
• يتوجب على المحترف أو المُصنع الإمتناع عن القيام بأي من الأعمال التالية:
– صنع أو إعداد أو حيازة أو نقل أو عرض أو توزيع أي سلعة أو خدمة، من أي نوع كانت بشكل يخفي حقيقتها أو صفاتها الجوهرية أو نسبة العناصر الأساسية المكونة لها.
– تقليد أو محاولة تقليد سلعة معينة.
– صناعة سلعة أو تقديم خدمة لا تتوافق مع المواصفات الإلزامية المعتمدة وتشكل خطراً على صحة المستهلك أو سلامته أو عرض هذه السلعة أو الخدمة أو توزيعها أو الترويج، بكافة الوسائل، على إستعمالها أو شرائها.
– تسليم سلعة أو خدمة غير مطابقة للمواصفات المعتمدة أو المتفق عليها لا سيما لجهة كميتها أو نوعها أو خصائصها أو منشأها.
– خداع المستهلك، أياً كانت الوسيلة المعتمدة لذلك، كإغفال أو كتم معلومات أو تزويده بمعلومات خاطئة تتناول طبيعة أو نوع أو مصدر السلعة أو الخدمة أو صفات كل منها الجوهرية أو تركيبتها ومكوناتها أو كيفية إستعمالها ومدة إنتهاء صلاحيتها.

• يحظر على أي كان القيام باستعمال موازين أو مكاييل غير مضبوطة أو غيرها من الآلات غير الدقيقة المعدة لوزن السلعة أو كيلها أو قياسها، او استعمال أدوات أو آلات بهدف الغش. والمقصود بعبارة “أي كان” في هذا الاطار المحترف مصنعا او تاجرا او مزودا لخدمة .. الخ ممن يستعملون الكيل والميزان او ادوات القياس ذات الصلة، فمثلا لايجوز للتاجر ان يقوم بالتلاعب بالموزاين، وكذلك لا يجوز لمزودي خدمات الانترنت ان يتلاعبوا بمقدار سرعة الانترنت التي يقومون يتزويدها لمستخدمي هذه الخدمة وكذلك حجم ما يسمحون للمستهلكين بتحميله من على الشبكة الالكترونية.

• ومع مراعاة أحكام المادة 11 من هذا القانون يُحظر على المحترف الإمتناع عن التعاقد أو تقييد التعاقد بعدد من السلع أو الخدمات أو بكمية معينة من كل منها في حين أن محلاته أو مخازنه مفتوحة لبيع سلع أخرى، ما لم تكن هذه السلع أو الخدمات خاضعة لنظام رسمي خاص، كمت حظر القانون على انحترف القيام بتعليق بيع سلعة أو تقديم خدمة، على شراء كمية معينة أو سلعة أو خدمة أخرى على أن يُستثنى من ذلك الحالة التي يكون فيها باستطاعة المستهلك أن يشتري بصورة منفصلة كل سلعة أو خدمة تدخل في عرض مركّب أو عندما تشكّل هذه السلع والخدمات وحدة غير قابلة للتجزئة، اضافة الى ان القانون حظر على المحترف بيع أو تأجير أية سلعة بثمن يفوق الثمن المعلن، وكذلك حظر عليه تسليم المستهلك سلعة أو خدمة دون أن يكون هذا الأخير أبدى رغبته بشرائها أو إستئجارها، كما يُحظر على المحترف تزويد المستهلك بمعلومات خاطئة تتناول تاريخ تسليم السلعة أو الخدمة او شروط التعاقد وكيفية تحديد وتسديد الثمن.

الفصل الثاني
الحماية القانونية للمُستهلك
(موضوعياً- اجرائياً– اداريا ومؤسسياً – حماية المستهلك الالكتروني)

انتهينا في الفصل السابق من عرض ومناقشة وتحليل الاحكام المتعلقة بعقد الاستهلاك لجهة تعريفها وخصائصها ومعرفة اطرافها ومفاعيلها القانونية، ونعرض في هذا الفصل – وبناء على ما انتهينا اليه عن عرضنا للمفاعيل القانونية لعقد الاستهلاك – الى الحماية الموضوعية والاجرائية والادارية والمؤسسية الممنوحة للمستهلك، علاوة على الاشارة الى حماية المستهلك المتعاقد عن بُعد “الكترونيا”، ملقين الضوء على التطبيقات العملية في هذا المجال لجهة الواقع العملي في كيفية التعامل مع تطبيق قانون حماية المستهلك ودور الاطراف المعنية في توفير هذه الحماية بما يحقق الهدف الذي لأجله تم وضع هذا القانون.
المبحث الأول
الحماية الموضوعية والاجرائية
انطلاقا من الفلسفة التي اتبعها المشرع اللبناني في حماية المستهلك، فإن قانون حماية المستهلك احتوى على العديد من القواعد الموضوعية والاجرائية الخاصة بحماية المستهلك، ونعني هنا بقواعد الحماية الموضوعية تلك المتعلقة برضا المستهلك وحمايته من التعرض لأي نوع من انواع الدعاية الكاذبة والاعلانات المضللة الخادعة التي ينتج عنها ارادة متعيبة، علاوة على الحماية المتعلقة بإبطال البنود التعسفية التي قد يتضمنها عقد الاستهلاك. كما لحظ قانون حماية المستهلك مجموعة من القواعد الحمائية الاجرائية المتصلة باليات تسوية المنازعات التي يكون المستهلك طرفاً فيها وتتعلق بالعقود الاستهلاكية، وتلك القواعد المتصلة بوضع عقوبات على الافعال التي جرّمها القانون. وسوف نعرض لهذه المضامين فيما يلي.
المطلب الاول
الحماية الموضوعية
طبقاً للقواعد العامة فإن انعقاد عقد الاستهلاك يقتضي ان يتبادل طرفان التعبير عن ارادتين متطابقتين فلا ينعقد العقد الا اذا اقترن الايجاب الصادر من احد المتعاقدين بقبول مطابق له صادر عن المتعاقد الاخر. ولصحة التراضي وبالتالي صحة عقد الاستهلاك يُشترط ان تكون الارادة خالية من العيوب علاوة على صدورها من شخص ذي اهلية لإبرام عقد الاستهلاك. فالمستهلك قد يُطالب بإبطال العقد المبرم مع المهني/المحترف اذا ما التبس في ذهنه واشكل عليه بين سلعة وسلعة اخرى ذات علامة تجارية قريبة من الاولى، او خدمة مقدمة من مؤسسة تحمل اسما تجاريا ومؤسسة اخرى تحمل اسما شبيها. وتطبيقاً لذلك صدرت قرارات عن المحاكم اللبنانية تؤكد هذا المعنى، ففي قرار صادر عن محكمة التمييز المدنية اعتبر ان “تشابه الاحرف اللاتينية والوقع السمعي للعلامتين والاثر االفظي والبصري للتقارب بين الماركتين SNAFI و SANOFI الخاصتين بالصناعات الدوائية يوقع المستهلك المتوسط اليقظة في الالتباس والغلط” وهذا يؤدي الى تعيب ارادة المستهلك.

وعلاوة على ذلك فإن قانون حماية المستهلك افرد علاوة على ذلك حماية من الدعاية الكاذبة او ما يعرف بالاعلانات الخادعة او المضللة ، وكذلك حماية من البنود التعسفية التي قد يتضمنها عقد الاستهلاك ، وسوف نبحث هذين النوعين من الحماية فيما يلي.
الفرع الأول
حماية المستهلك من الدعاية الكاذبة (الاعلانات الخادعة او المضللة)
وضع قانون حماية المستهلك قواعد حمائية للمستهلك مما قد يتعرض له من اعلانات خادعة او مضللة له، وأوجب على المهني/المحترف أن يعلن عن الثمن وبالليرة اللبنانية على كل سلعة، أو على الرف التي تكون السلعة معروضة عليه، كما فرض القانون على المؤسسات التي تقدم خدمات(كالشقق المفروشة، والمطاعم، والمقاهي، والملاهي) أن تعلن عن الأسعار في مكان بارز. وأوجب على المحترف الذي يعرض السلع المستعملة إلى الإعلان عن حالة السلعة المذكورة بشكل ظاهر وواضح على السلعة وكذلك في المكان الذي يمارس فيه نشاطه وعليه أن يشير إلى ذلك سواء في العقد الذي ينظمه أو على الفاتورة التي يصدرها.
وفي هذا الاطار فعلى المحترف وضع معلومات حقيقة حول السلعة او الخدمة التي يقدمها للمستهلك، فالإعلان الذي يحدد فيه قيمة الدفعة الشهرية دون تحديد ثمن السلعة الاجمالي أو مدة التقسيط يعتبر إعلانا مضلّلاً. ومن الأمثلة على ذلك ان يتضمن الاعلان عبارة ” اشتري سلعة وادفع 100 $ شهريّاً وبدون ذكر عدد الأشهر أو سعر السلعة النهائي. وكذلك يعتبر الاعلان خادعاً في الحالة التي ينسب فيه المعلن توفر بعض الصفات الجوهريّة التي قد تدفع المستهلك للتعاقد والحقيقة عدم وجود مثل تلك الصفات، ومن الأمثلة على ذلك عرض مكيفات تبريد مخصصة لتنقية الهواء، او اجهزة تبريد خاصة للربو والأطفال او بيع أجبان خالية من الدسم او زيوت نباتيّة خالية من الكوليستيرول او انواع من الخبز الخاص بالريجيم وتخفيض الوزن، ففي كل هذه الامثلة اذا لم تكن هذه المنتجات تحتوي على تلك المواصفات وتؤدي الغرض الذي اعلن عنه تكون كافة الاعلانات خادعة ومضللة. وعلى هذا المنوال ايضاً الإعلان الخادع الذي يتناول طريقة صنع السلعة، كالإعلان الذي يذكر فيه طريقة لصنع السلعة غير مطابقة في الحقيقة لما هو معلن عنه في الإعلان مثل الإعلان الذي يُذكر فيه أن السلعة هي صناعة يدويّة Handmade بينما هي حقيقة صنعت بطريقة أخرى أو القول أن الاجبان المعروضة هي من حليب طبيعي بينما هي من حليب بودرة. ومن الامثلة كذلك الإعلان الذي يتضمن الحصول على هديّة فوريّة يُعتبر إعلانا مضللا عند عدم تحديد سعر القطعة ونوع الهدية وقيمتها، بشكل يوهم المستهلك بأنه حصل على هدية فورية وفي الواقع يكون سدد ثمنها. وايضا ما يضعه منتجو او موزعو المواد الغذائية من اعلانات مثل ” اشتري كيلو من اللحم الطازج واحصل على نصف كيلو مجانا، وعند مقارنة الاسعار يتبين أن الثمن الواجب دفعه للحصول على هذا العرض يشمل ثمن الكيلو ونصف وليس ثمن كيلو فقط.

كما يعتبر خادعاً الإعلان الذي يتضمن عروضات خاصة في الحصول على مكتسبات أو خدمات دون تحديد ما يتوجب على المستهلك من أمور أو موجبات للحصول عليها، ومثال ذلك الاعلانات التي نشاهدها وتتضمن العبارات التالية “العروس عليكن وفرش البيت علينا” دون تحديد موجبات المحترف، وكذلك ” البيع بنصف الثمن “ دون تحديد الأسعار. كما يُعتبر اعلاناً خادعاً كل إعلان يتضمن معلومات خاطئة تتناول بلد المنشأ، ومن الأمثلة على ذلك ذكر أن السلعة من مصدر أمريكي او الماني وهو في الحقيقة من دولة أخرى. كما يكون الاعلان خادعاً اذا كان الوزن الفعلي يختلف عن الوزن المدوّن علي السلعة.
الفرع الثاني
حماية المستهلك من البنود التعسفية
منح القانون المستهلك حماية تجاه اي بند يتصف بطابع التعسف يضعه المهني (المحترف) في عقد الاستهلاك. ويُعرّف البند التعسفي عموماً بأنه البند الذي يُدرج في العقد من قِبل أحد اطرافه وقد أملى ارادته على الطرف الآخر تحقيقاً لمنفعة ذاتية غير مألوفة ومفرطة، منتقصاً من حقوق الطرف الآخر الذي رضخ له، وذلك لتسلط من فرض هذا البند على العقد. وقد عرّف قانون حماية المستهلك البنود التعسفية بأنها البنود التي ترمي أو قد تؤدي إلى الإخلال بالتوازن فيما بين حقوق وموجبات المحترف والمستهلك لغير مصلحة هذا الأخير.

وأشار القانون الى أن الطابع التعسفي للبند يقدّر بتاريخ التعاقد وبالرجوع إلى أحكام العقد وملاحقه باستثناء تلك المتعلقة بالثمن.
ولعل العلة في حماية المستهلك من البنود التعسفية تكمن في أن أحد المبادئ الأساسيّة التي تقوم عليها العقود هو مبدأ العدالة، ومن خصائص هذا المبدأ وجود التوازن بين الموجبات المنبثقة عن العقد بحيث لا تطغى مصلحة على أخرى، أو يغتني طرف فيه على حساب الآخر دون وجه حق أو نتيجة للغش أو الخداع أو استغلال عدم الخبرة والبساطة أو الجهل. وقد اورد القانون بعض التطبيقات كأمثلة على ما يُعتبر من قبيل البنود التعسفية ، واوردها على سبيل المثال لا الحصر، فالبنود النافية لمسؤولية المحترف تُعتبر من قبيل البنود التعسفية لأن في ايرادها في العقد مخالفة لقواعد قانونية حمائية، وانتهاكا واضحاً لحقوق المستهلك الذي لأجله وضع القانون. كما أن اي تنازل من المستهلك عن أي من حقوقه المنصوص عليها في القوانين والأنظمة يعد من قبيل البنود التعسفية لأن في ذلك افراغاً للحماية المقررة لهذا المستهلك من معناها، علاوة على ان وضع عبء الإثبات على عاتق المستهلك في غير الحالات التي نص عليها القانون يُعد ايضا من النود التعسفية ، اضافة الى منح المحترف، وبصورة منفردة، صلاحية تعديل، كل أو بعض أحكام العقد لا سيما تلك المتعلقة بالثمن أو تاريخ أو مكان التسليم يجعل من المستهلك اسير ارادة المحترف وبنوده التعسفية المرتبطة بتنفيذ العقد.

ويُعتبر ايضاً من قبيل البنود التعسفية منح المحترف حق إنهاء العقد غير المحدد المدة دون إبلاغ المستهلك عن رغبته بذلك ضمن مهلة معقولة، وفي هذا اهدار للقواعد الحمائية لحقوق المستهلك والغاية التي من اجلها وضع هذا القانون، كما ان إلزام المستهلك، في حال عدم إنفاذه أياً من موجباته التعاقدية، بتسديد تعويض للمحترف لا يتناسب مع الأضرار الناتجة عن ذلك يُعتبر من البنود التعسفية لأن فيها اجحاف بحقوق المستهلك لصالح المحترف. اضافة الى ذلك يُعتبر منح المحترف حق تفسير أحكام العقد من التعسف بمكان يكون المستهلك فيه اسيراً لتفسيرات المحترف، وحقوقه رهينة لهذا التفسير، وهذا يخالف الفلسفة التي بُني عليها قانون حماية المستهلك وحقوقه. يُضاف الى ذلك من امثلة اوردها القانون حالة إلزام المستهلك بإنفاذ موجباته في حال إمتناع المحترف عن إنفاذ ما تعهد القيام به، واعتبار ذلك من البنود التعسفية لأنها في هذه الحالة تكون في صالح المحترف لا المستهلك. كما اورد القانون امثلة اخرى معتبرا اياها من البنود التعسفية كإيراد بند ينص على عدم جواز اللجوء للوساطة أو التحكيم لحل الخلافات وفقاً لأحكام هذا القانون، أو تحميل المستهلك المصاريف التي قد تترتب على إتباع الإجراءات المذكورة، حيث يُعتبر هذا البند تعسفيا في حق المستهلك الذي منحه قانون حماية المستهلك حماية اجرائية تمثلت في وضع وسائل تسوية المنازعات المتصلة به.

وقد تجلّت حماية المستهلك ضد ايراد هذا النوع من البنود عبر النص على بطلانها بطلاناً مطلقاً، على أن تنتج أحكام عقد الاستهلاك كافة مفاعيلها، بحيث يبطل البند ويبقى العقد منتجاً لمفاعيله دون البند الباطل. بيد أن هذا البند التعسفي قد يكون باطلاً هو والعقد الذي ورد فيه في حالة ما اذا كان بطلان البند يؤثر في كيان العقد، اي انه لولا هذا البند لما كان العقد ابرم من الاساس.

كما اعتبر شرط الانهاء بعد وقوع الكارثة والذي يحرص المؤمن/الضامن على ادراجه في وثائق التأمين/الضمان ليظل مهيمناً على مدة العقد شرطاً محل شك في ضوء مفاهيم قوانين حماية المستهلك خاصة ما يتعلق منها بمواجهة البنود التعسفية، بحيث انها تكون اقرب الى هذه البنود وبالتالي فإن الواقع العملي قد يكشف عن مدى اعبارها من قبيل هذه البنود.
المطلب الثاني
الحماية الإجرائية
نعرض فيما يلي لتسوية المنازعات المتصلة بالمستهلك، ومن ثم نعرض بإيجاز للحماية الجنائية التي وفرها قانون حماية المستهلك في حال تم انتهاك اي حق من حقوق هذا الاخير، بحيث تم وضع عقوبات لمن يقوم بارتكاب اي فعل من الافعال المعاقب عليها بموجب هذا القانون.
الفرع الاول
تسوية المنازعات المتصلة بالمستهلك (حماية اجرائية مدنية)
نص قانون حماية المستهلك في لبنان على مجموعة من القواعد المتصلة بتسوية المنازعات المتعلقة بالمستهلك، حيث وضعت نوعين من القواعد تختلف بحسب قيمة النزاع، فالنزاعات الناشئة بين مستهلك أو محترف أو مصنّع والناتجة عن تطبيق أو تفسير أحكام هذا القانون، والتي لا تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية، تخضع للوساطة وذلك بهدف محاولة التوفيق بين أطراف النزاع اما فيما يتعلق بالنزاعات التي تفوق الثلاثة ملايين ليرة لبنانية أو النزاعات التي فشلت الوساطة لإيجاد حل كامل أو جزئي لها وكانت قيمة النزاع تقل عن الثلاث ملايين ليرة فإنها تُعرض على لجنة حل النزاعات .
ويشار في هذا الاطار الى ان طريقي حل المنازعات سواء بالوساطة او عبر لجنة حل النزاعات لم يتم تفعيلهما لغاية الان لعدم صدور المراسيم التطبيقية المرتبطة بتنفيذ مواد قانون حماية المستهلك الخاصة بتسوية المنازعات المتصلة بالمستهلك، وان الامر حاليا يُعالج بالنسبة لهذه المنازعات عبر قيام موظفي مديرية حماية المستهلك بتسوية الامور ودياً بين المستهلك والمحترف، او ان يلجأ المستهلك للقضاء المدني ويطالب بحقوقه التي اخل بها المحترف بناء على الاخلال بالعقد الاستهلاكي ، الا اذا انطوى فعل المحترف على انتهاك لحقوق المستهلك منصوص عليه في الاطار الجزائي، فإن ذلك يحول للنيابة العامة التي تُلاحق هذه الافعال.
أولاً: المنازعات التي تحل عن طريق الوساطة
تُعرَّف الوساطة طبقا لهذا القانون بأنها طريق لتسوية المنازعات الناتجة عن تطبيق قانون حماية المستهلك او تفسيره والتي يكون احد اطرافها مستهلكاً بمفهوم هذا القانون. وقد نص القانون على هذه الطريق لتسوية منازعات الاستهلاك بهدف محاولة التوفيق بين أطراف النزاع. وتتم الوساطة عبر وسيط يقوم بدوره موظف أو أكثر في وزارة الإقتصاد والتجارة، من الفئة الثالثة وما فوق يعينون بقرار يصدر عن وزير الإقتصاد والتجارة، بناء على إقتراح المدير العام، ويُشترط في هذا الاطار الا يكون هذا الوسيط معنياً بالنزاع موضوع الوساطة .
وفما يتعلق بنطاق إعمال الوساطة، فقد اشترط قانون حماية المستهلك في المنازعات الاستهلاكية كي تكون قابلة لأن يُنظر فيها عبر الوساطة ان تكون ناشئة بين مستهلك أو محترف أو مصنّع وان تكون ناتجة عن تطبيق أو تفسير أحكام هذا القانون، والا تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية. وهذا يعني عدم صلاحية النزاع لأن يكون محلا للنظر بطريق الوساطة اذا لم تتوفر الشروط سالفة الذكر.
وقد حدد قانون حماية المستهلك اجراءات الوساطة، بعد ان يقوم الوسيط بالتأكد من خضوع النزاع للوساطة، حيث يعقد الوسيط جلساته في الأماكن التي يحددها مدير عام الإقتصاد والتجارة. وتبدأ اجراءات الوساطة بأن يُعرض النزاع على الوسيط بموجب إستدعاء خطي، ويقدم هذا الاستدعاء من المستهلك أو المحترف أو المصنّع يقدم مقابل إيصال يتضمن عرضاً للنزاع.

بعد ذلك يدعو الوسيط، خلال مهلة ثلاثة أيام تلي تاريخ تقديم الإستدعاء، المتنازعين إلى جلسة على ان يتم تحديد موعد ومكان الإجتماع وموضوع النزاع في الدعوة الموجهة لأطراف النزاع، ويحق لطرفي النزاع الإطلاع على كافة الأوراق والمستندات والدعوات لدى الوسيط. بيد أنه في حال تخلف أحد طرفي النزاع عن الجلسة المبلّغ موعدها أصولاً، يحدد الوسيط موعداً لجلسة ثانية، وفي حال تخلف الطرف ذاته عن حضور الجلسة الثانية وكان قد تبلّغ موعدها حسب الاصول القانونية، يقرر الوسيط اختتام مرحلة الوساطة ويحيل الوسيط الملف إلى لجنة حل النزاعات. ويوجب القانون أن يكون كل طرف في النزاع حاضراً أو ممثلاً في جميع مراحل الوساطة، ويجوز لكل من طرفي النزاع أن يقدم المذكرات والمستندات إلى الوسيط الذي عليه أن يبلغ نسخاً عنها للطرف الآخر خلال ثلاثة أيام من تاريخ إستلامها. كما يجوز للوسيط أن يستعين بمن يشاء من أهل الخبرة لمساعدته في أداء مهمته وعلى كل من طرفي النزاع أن يقدم لكل من الخبير والوسيط كافة المستندات والمعلومات التي قد يطلبها.

وقد حدد قانون حماية المستهلك مهلة يجب إنهاء مرحلة الوساطة خلالها هي خمسة عشر يوماً تسري إعتباراً من تاريخ عقد أول جلسة، ويجوز تمديد هذه المهلة لمدة مماثلة باتفاق الطرفين أو بناء لطلب الوسيط.

وخلال او في ختام مرحلة الوساطة يقدم الوسيط الحلول التي يقترحها، في ضوء أقوال أطراف النزاع والمستندات والمذكرات التي قد تكون قدمت له، ويمنح الوسيط أطراف النزاع مهلة ثمان وأربعين ساعة لاتخاذ موقف من الحلول المقترحة. فإذا وافق أطراف النزاع على حل شامل أو جزئي، يدون الإتفاق في المحضر ويوقع عليه كل من الوسيط وأطراف النزاع ويكون بمثابة إتفاق ملزم لأطراف النزاع. أما في حال عدم التوصل لأي إتفاق جزئي تحال الخلافات التي بقيت موضع نزاع إلى لجنة حل النزاعات المنصوص عليها في المادة 97 من هذا القانون. وهذا يعني ان مهمة الوسيط تتلخص في التوفيق بين اطراف المنازعة الاستهلاكية، والالزام في الحل الناتج عن الوساطة مرده اتفاق الاطراف عليه في حال قبولهم للحل كله او في جزء منه. ويحق لكل من أطراف النزاع الإستحصال على صورة طبق الأصل عن محاضر الوساطة لقاء رسم مقطوع قدره عشرة آلاف ليرة لبنانية يستوفى بموجب إيصال. وعلى الوسيط أن يضع تقريراً فصلياً، وفقاً لنموذج يحدد بقرار يصدر عن وزير الإقتصاد والتجارة، يرفعه إلى مدير عام الإقتصاد والتجارة ويبلّغ نسخة عنه إلى مديرية حماية المستهلك. ويجب أن يتضمن التقرير المذكور لائحة بالقضايا التي عرضت على الوسيط والنتيجة التي توصل إليها والعقبات التي تواجهه خلال إنفاذه مهامه والحلول التي يقترحها. وتجدر الاشارة الى انه إذا تبين للوسيط أن أعمال أحد أطراف النزاع معاقب عليها بموجب القانون، فعليه إحالة صورة عن كامل الملف إلى مدير عام الإقتصاد والتجارة، ليحيله بدوره، عند الإقتضاء، إلى النيابة العامة المختصة.

ثانياً: المنازعات التي تحل عن طريق اللجوء الى لجنة حل النزاعات
أنشأ قانون حماية المستهلك لجنة لحل النزاعات الناشئة بين محترف ومستهلك أو مصنّع والناتجة عن تطبيق أو تفسير أحكام هذا القانون أياً كانت قيمة النزاع وذلك باستثناء الملاحقات الجزائية التي تبقى من صلاحية المحاكم الجزائية المختصة.
وتؤلف هذه اللجان من قاضي شرف أو قاضٍ من الدرجة الرابعة فما فوق، رئيساً وعضوية ممثل عن غرف التجارة والصناعة والزراعة وممثل عن جميعات حماية المستهلك.

وقد اشار القانون الى انه وخلال فترة إنتقالية لا تتجاوز الستة أشهرمن صدور القانون ، ولحين تشكيل اللجان المذكورة ، ينظر في هذه الخلافات قاضي شرف أو قاضٍ من الدرجة الرابعة فما فوق يعين بمرسوم يصدر بناءً على إقتراح وزير العدل، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. ويعيّن القضاة رؤساء اللجان بمراسيم تصدر بناءً على إقتراح وزير العدل، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، ويعيّن أعضاء اللجان بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء بناءً على إقتراح وزير الإقتصاد والتجارة.

وللجنة حل النزاعات الإختصاص الحصري للنظر في النزاعات الناشئة بين محترف ومستهلك أو مصنّع والناتجة عن تطبيق أو تفسير أحكام هذا القانون أياً كانت قيمة النزاع وذلك باستثناء الملاحقات الجزائية التي تبقى من صلاحية المحاكم الجزائية المختصة. وإذا تبين للجنة حل النزاعات أن أعمال أحد أطراف النزاع معاقب عليها بموجب القانون، فعليه إحالة صورة عن كامل الملف إلى مدير عام الإقتصاد والتجارة، ليحيله بدوره، عند الإقتضاء، بعد موافقة وزير الإقتصاد والتجارة إلى النيابة العامة المختصة.

بيد أنه لا يجوز تقديم الدعاوى، التي تتناول نزاعاً تقل قيمته عن ثلاثة ملايين ليرة لبنانية، مباشرة إلى لجنة حل النزاعات قبل إستنفاد مرحلة الوساطة المنصوص عليها في المواد 83 وما يليها من هذا القانون.

يشار الى انه تستوفى على النزاعات التي تعرض على لجنة حل النزاعات نصف الرسم المقطوع الذي يستوفى من الدعاوى القضائية. وقد أجاز قانون حماية المستهلك المثول أمام لجنة حل النزاعات دون الإستعانة بمحام. كما اشار قانون حماية المستهلك الى انه تتبع أمام لجنة حل النزاعات القواعد والإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية.

وأوجب قانون حماية المستهلك ان يكون القرار الذي يصدر عن لجنة حل النزاعات معللاً ، ولايقبل هذا القرار أي طريق من طرق المراجعة سوى الإعتراض واعتراض الغير وتصحيح الخطأ المادي والإستئناف أمام محكمة الإستئناف المدنية، اي انه هذ القرار قابل للطعن فيه بالإعتراض واعتراض الغير وتصحيح الخطأ المادي والإستئناف أمام محكمة الإستئناف المدنية. وينفذ قرار اللجنة بواسطة دائرة التنفيذ المختصة. وإذا رفض المحكوم عليه تنفيذ القرار المبرم الصادر بوجهه ، بعد إنقضاء مهلة عشرة أيام من تبلغه إنذاراً بذلك من قبل دائرة التنفيذ، تسري بحقه حكماً غرامة إكراهية قدرها ثلاثة بالمئة عن كل شهر أو قسم منه من مجموع المبالغ المحكوم بها.
الفرع الثاني
الحماية الجزائية للمستهلك
تضمن قانون حماية المستهلك اطاراً حمائياً المستهلك من الانتهاكات التي تطال احد حقوقه المنصوص عليها، فمنح حماية جزائية للمستهلك لمن يقوم بالاعلانات الخادعة لهذا الاخير او من يقوم بغش المستهلك او بتزويده ببضائع فاسدة او منتهية الصلاحية او تلك السلع والخدمات غير المطابقة للمواصفات المتعلقة بسلامة وصحة المستهلك. وقد وضع القانون مجموعة من العقوبات على هذه الافعال من عقوبة الحبس والغرامات الى عقوبة نشر الحكم بالادانة كله أو بنشر خلاصته في الصحف التي تعينها على نفقة المحكوم عليه. وللمحكمة أن تقضي بلصق خلاصة الحكم على أبواب الأماكن التي يمارس فيها المحترف أو المصنّع أو مقدم الخدمة نشاطه، اضافة االى عقوبة منع المخالف من ممارسة نشاطه نهائياً أو مدة خمس سنوات على الأقل ولو لم تكن الممارسة معلقة على نيل شهادة أو إذن من السلطة. ولها أن تقضي، في هذه الحال، بإقفال الأماكن التي يمارس المحكوم عليه نشاطه إقفالاً مؤقتاً أو نهائياً، علاوة على عقوبة مصادرة السلع المغشوشة و عُدد الوزن أو الكيل أو القياس المزيفة وغير المضبوطة وبإتلافها على نفقة المحكوم عليه.
وسوف نعرض في هذا الاطار لصور الحماية الجنائية للمستهلك والعقوبات المفروضة في انتهاك حقوق المستهلك المنصوص عليها قانوناً فيما يلي.
أولا: الحماية الجزائية للمستهلك من الاعلانات الخادعة
عرضنا فيما سبق للموجبات التي يلتزم بها المهني/المحترف تجاه المستهلك، ولعل من ابرز هذه الموجبات التزامه بالامتناع عن اتيان فعل الاعلان الخادع الذي ينسب فيه المعلن توفر بعض الصفات الجوهريّة التي قد تدفع المستهلك للتعاقد بينما تخلو السلعة أو الخدمة من هذه الصفـات الجوهريّة يعتبر اعلاناً خادعاً. وقد عرّف القانون اللبناني الإعلان الخادع بأنه الإعلان، الذي يتم بأية وسيلة كانت، ويتناول سلعة أو خدمة، ويتضمن عرضاً أو بياناً أو إدعاء كاذباً أو أنه مصاغ بعبارات من شأنها أن تؤدي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى خداع أو تضليل المستهلك. وكنّا قد عرضنا لمثال على ذلك الاعلان الخادع للمستهلك اذا تناول طريقة صنع السلعة، كالاعلان عن ان السلعة هي صناعة يدوية او من منتجات طبيعية، وتكون الحقيقة انها ليست كذلك. وقد جرّم قانون حماية المستهلك اللبناني فعل الاعلان الخادع، وعاقب مرتكبه بالحبس من شهر ولغاية ثلاثة أشهر وبغرامة من عشرة ملايين إلى خمسين مليون ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما عاقب بذات العقوبة ً كل من بث أو نشر الإعلان الخادع.
ثانيا: الحماية الجزائية للمستهلك من السلع غير المطابقة للمواصفات المعتمدة والمتعلقة بالسلامة
كما عرضنا سابقا عند الحديث عن حقوق المستهلك، فإن من ابرز حقوقه الا تكون لسلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك ضارة بسلامته وصحته اذا ما كان استخدامها طبقا لما هو محدد حسب طبيعة هذه السلعة او الخدمة. وفي هذا الاطار فإن اي اخلال بهذا الحق من قبل المهني/المحترف عاقب عليه قانون حماية المستهلك بالحبس من ثلاثة أشهر ولغاية سنة وبالغرامة من عشرين مليونا إلى خمسة وسبعين مليون ليرة لبنانية، وهذه العقوبات توقع على كل من تداول بسلع أو خدمات لا تتوافق مع المواصفات المعتمدة والمتعلقة بالسلامة أو عرض هذه السلع أو الخدمات أو وزعها أو روّج إستعمالها، بأية وسيلة، مع علمه الأكيد أو المفترض بعدم توافقها او من صنّع سلعة لا تتوافق مع المواصفات المعتمدة والمتعلقة بالسلامة. وكذلك تطبق ذات العقوبات في حال ما إذا تبين للمصنع أو المحترف، بالإستناد إلى خبرته أو المعلومات التي توافرت لديه، بأن السلعة أو الخدمة التي وضعها قيد التداول تتضمن عيباً أو أكثر من شأنه أن يضر بسلامة المستهلك أو صحته أو أنها قد تشكل خطراً عليه، ولم يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لإعلام الجمهور، بواسطة وسائل الإعلام، عن هذه العيوب وتحذيره من المخاطر التي قد تنتج عنها، او انه لم يتوقف عن التداول بالسلعة أو الخدمة او سحب السلعة من الأسواق، او لم يقم باسترداد السلع التي جرى بيعها أو تأجيرها وإعادة الثمن المدفوع، او إستبدال السلع على نفقته الخاصة أو إعادة الثمن المدفوع في حال تعذر إصلاحها.
ثالثا: الحماية الجزائية للمستهلك من تزويده بمواد غذائية فاسدة او ملوثة او منتهية الصلاحية
فرض قانون حماية المستهلك في لبنان عقوبات على كل من يقوم بتزويد المستهلكين بمواد غذائية فاسدة او ملوثة او منتهية الصلاحية او تنطوي على غش في مواد غذائية. فقد عاقب القانون بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة وعشرين مليونا إلى خمسين مليون ليرة من أقدم، وهو عالم بالأمر، على الغش في مواد مختصة بغذاء الإنسان أو الحيوان أو في عقاقير أو أشربة أو منتجات صناعية أو زراعية أو طبيعية. وكذلك كل من قام بالإتجار بمواد غذائية فاسدة أو ملوثة أو منتهية مدة إستعمالها أو التعامل بها، علاوة على كل من قام بحيازة منتجات أو مواد مختصة بغذاء الإنسان أو الحيوان أو في عقاقير أو أشربة أو منتجات صناعية أو زراعية أو طبيعية او مواد غذائية فاسدة أو ملوثة أو منتهية مدة إستعمالها أو التعامل بها، وكذلك تطبق ذات العقوبات في حالة الحضّ على إستعمال إحدى المواد المذكورة في هذا الاطار.

كما فرض قانون حماية المستهلك عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسين مليونا إلى خمسة وسبعين مليون ليرة إذا نجم عن أحد الأفعال المذكورة إصابة أحد المستهلكين بالتسمم أو بمرض أدّى إلى تعطيله عن العمل مدة عشرة ايام على الأقل. علاوة على المعاقبة بالحبس من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات وبالغرامة من خمسة وسبعين مليونا إلى مائة وخمسين مليون ليرة إذا أدّى الفعل إلى إنتشار مرض وبائي أو إلى التسبب بوفاة إنسان. وقد اشار قانون حماية المستهلك الى انطباق هذه العقوبات ولو كان الشاري على علم بالغش أو الفساد الضارين بالمستهلك ذاته.
رابعا: الحماية الجزائية للمستهلك من الغش
عرض قانون حماية المستهلك لعقوبات صارمة بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من ثلاثين مليونا إلى خمسين مليون ليرة بحق كل محترف أو مصنّع أو مقدم خدمة غش المتعاقد معه سواء في طبيعة البضاعة أو الخدمة أو صفاتها الجوهرية أو تركيبها أو الكمية التي تحتويها من العناصر المفيدة أو في نوعها ومصدرها، عندما يكون النوع أو المصدر معتبراً بموجب الإتفاق والعادات السبب الرئيسي للبيع، أو في صلاحها للإستعمال الذي أعدّت له، واشار القانون الى ان ترفع عقوبة الحبس إلى سنتين وتضاعف الغرامة إذا إرتكب الجرم باللجوء إلى مناورات أو دسائس ترمي إلى إفساد عمليات تحليل البضاعة عن طريق إحداث تغيير في تركيبها أو كيلها أو وزنها أو حجمها او بالإستعانة ببيانات مغشوشة ترمي إلى إقناع المتعاقد معه بأن البضاعة مماثلة لبضاعة سبق إخضاعها لعمليات التحليل والتأكد من سلامتها.

كما اشار القانون الى ان يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من ثلاثين مليونا إلى خمسين مليون ليرة كل من إستعمل، مع علمه بالأمر، أدوات وزن أو كيل مغشوشة أو غير مضبوطة بقصد غش المتعاقد معه في كمية الشيء المسلّم. كما عاقب بالعقوبة نفسها كل غش، بأية وسيلة كانت، في كمية الشيء المسلّم أوماهيته إذا كانت هذه الماهية هي السبب الدافع للصفقة.

كما عاقب قانون حماية المستهلك بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من أربعين مليونا إلى خمسة وسبعين مليون ليرة كل من أقدم، مع علمه بالأمر، على غش المشتري بوضع علامة فارقة مقلدة تخص الغير على محصولاته أو سلعه التجارية، او من قام بغش المشتري ببيع أو عرض محصول يحمل علامة مغتصبة أو مقلدة. كما عاقب قانون حماية المستهلك في لبنان بالحبس من عشرة أيام إلى شهر وبالغرامة من أربعة ملايين إلى عشرة ملايين ليرة كل من إقتنى أو إستعمل، في مخزنه أو دكانه أو عربات البيع أو غيرها من الأماكن المعدّة للتجارة عيارات أو مكاييل أو سوى ذلك من عدد الوزن أو الكيل تختلف عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون أو غير موسومة. وعلاوة على ذلك عاقب القانون بالحبس من عشرة أيام إلى شهر وبالغرامة من أربعة ملايين إلى عشرة ملايين ليرة كل من إقتنى، في مخزنه أو دكانه أو عربات البيع أو غيرها من الأماكن المعدّة للتجارة ، عيارات أو مكاييل أو عدد وزن أو كيل مغشوشة أو غير مضبوطة.
خامساً: الحماية الجزائية للمستهلك من عدم إعلامه بالبيانات الضرورية الخاصة بالسلعة او الخدمة
عرضنا تفصيلا فيما سبق عند الحديث عن حقوق المستهلك عن حقه في معرفة كل المعلومات الصحيحة والواضحة والوافية والتي تكون ضرورية لاستخدام السلعة او الخدمة محل الاستهلاك، وكذلك كل المعلومات حول ميزات وخصائص هذه السلعة او الخدمة، وطرق وكيفية الاستعمال، وكذك المخاطر التي قد تنتج عن الاستعمال. ولعل حق المستهلك في هذا الاطار يوضحه الالتزام/الموجب الملقى على عاتق المهني/المحترف بالإعلام بما يضمن للمستهلك حقه بمعرفة كافة المعلومات الضرورية الخاصة باستخدام السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك في مرحلة ابرام وتنفيذ العقد. وقد عاقب القانون كل من ينتهك هذا الحق، حيث عاقب بالغرامة من ثلاثين مليون إلى خمسين مليون ليرة لبنانية من يمتنع عن إدراج المعلومات التي تحددها الإدارات المختصة على لصاقات السلعة أو التوضيب، وكذلك من يمتنع عن تزويد المستهلك بالمعلومات الأساسية التي تمكنه من تقدير الأخطار المرتبطة باستعمال سلعة أو خدمة خلال المدة المتوقعة لاستعمالها، او من يمتنع عن أن يحدد خطياً الطريقة الفضلى لاستعمال سلعة أو خدمة والمخاطر التي قد تنتج عن استعمالها بشكل مخالف.
المبحث الثاني
الحماية الادارية والمؤسسية
لم تعُد حماية المستهلك مسألة مقصورة على قانون او مؤسسة بعينها وحسب ، بل أصبحت مثل هذه الحماية بحاجة لتظافر جهود كافة الادارات والمؤسسات الوطنية رسمية كانت او غير رسمية، ما يجعل الأمر بالغ الأهمية خصوصا في ظلّ تعاظم الانتهاكات المرتبطة بحقوق المستهلك من جهة وعجز الجهود الفردية عن انفاذ القوانين الحمائية المتعلقة بحماية هذه الحقوق من جهة أخرى. وبناء عليه، فقد شهدت السنوات الأخيرة بروز توافق وطني واسع مفاده أنّه من دون قاعدة متينة لمواجهة انتهاكات حقوق المستهلك بصورة فعّالة، فإن جميع الجهود لتعزيز المنافسة وتنمية الاقتصاد الوطني وحماية حقوق المستهلك ستكون معرّضة لأن تكون ذات تأثير محدود. ويُلاحظ ان النظم القانونية الوطنية في لبنان تزخر بعدد كبير من الاجهزة المعنية بحقوق المستهلك بصورة مباشرة او غير مباشرة، لكن الواقع العملي يكشف ان هذا الجهد بحاجة الى تعزيز وتنسيق. وسوف نعرض في هذا الاطار لرصد بعض الاطر الادارية والمؤسسية المعنية بحماية المستهلك في لبنان، عبر رصد بعض الهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المعنية ، سواء كان ذلك على مستوى صنع السياسات او على مستوى المنع والوقاية والتوعية في مجال حماية المستهلك، او على مستوى التحقيق والملاحقة وانفاذ القانون في مجال حقوق المستهلك.
المطلب الاول
دور المؤسسات الوطنية الرسمية في حماية المستهلك
تلعب المؤسسات الوطنية الرسمية دورا اساسيا في حماية المستهلك، فهي التي تسهر على وضع القوانين الحمائية الخاصة به، وهي التي تقوم بتطبيق هذه القوانين وتنفيذها وانفاذها، بما يشمله ذلك من دور وقائي وعلاجي وعقابي وردعي بما يحقق مفهوم مكافحة الانتهاكات التي تمس بحقوق المستهلك. وسوف نعرض في هذا الاطار لدور هذه المؤسسات الوطنية الرسمية على الصعيد التنفيذي الاجرائي والتشريعي والقضائي.
الفرع الاول
دور السلطة التنفيذية/الاجرائية ( أجهزة وادارات الدولة)
تقوم السلطة التنفيذية/الاجرائية بدور مهم واساسي في تحقيق وانفاذ الحماية للمستهلك، حيث تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة وكذلك مديرية حماية المستهلك بأدوار متنوعة في هذا الاطار علاوة على العديد من الاجهزة والادارات الحكومية الرسمية في لبنان التي سنعرض لها فيما يلي.

أولاً: وزارة الاقتصاد والتجارة، والمجلس الوطني لحماية المستهلك
بحسب المادة 45 من قانون حماية المستهلك فإن لوزارة الإقتصاد والتجارة وفي حال ثبُت لديها معلومات علمية حول خطر على الصحة أو السلامة العامة قد ينتج عن إستعمال سلعة أو خدمة معينة، سواء كان هذا الخطر حاصلاً أو متوقعاً، إعلام الجمهور عن المخاطر وإجراءات الوقاية الواجب إتباعها. وفي هذه الحالة فإن على وزير الإقتصاد والتجارة أن يحدد بموجب قرارات تصدر عنه، الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على الصحة والسلامة العامة، ويعلن عن هذه القرارات عبر وسائل الإعلام وتبلغ إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليها. أما في الظروف العادية فيجب أخذ موافقة مجلس الوزراء قبل إتخاذ قرار بمنع إستيراد أو تصدير السلعة.

وفي هذا الاطار فقد اصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة قرارا بمنع استيراد وتسويق النرجيلة الالكترونية ومختلف لوازمها لاسيما السوائل المخصصة لها، كما كلفت مديرية حماية المستهلك بسحب المنتج من التداول وحجزه، ويأتي هذا القرار لخطورة هذا المنتج على صحة المستهلك. كما اصدرت الوزراة قرارا بمنع ادخال جميع السلع ذات المنشأ الياباني او المستوردة من اليابان الا بعد ابراز شهادة فحص صادرة عن مختبر معترف به دولياً تثبت خلوها من التلوث بالاشعاعات النووية، وذلك حماية لصحة المستهلك. كما اصدرت الوزراة قرارا بمنع استيراد وتسويق منتجات استهلاكية تحمل اية اشارة لنباتات مخدرة.

وينص القانون على انشاء المجلس الوطني لحماية المستهلك الذي يُخوَّل تقديم الإقتراحات المتعلقة بدعم دور المستهلك في الإقتصاد الوطني، والحفاظ على صحة المستهلك وسلامته وحقوقه. اضافة الى تأمين سلامة السلع والخدمات وتحسين جودتها، وتوعية المستهلك وإعلامه وإرشاده وحثه على إستعمال أنماط الإستهلاك المستدامة وعلى إعتماد السلع والخدمات التي تحافظ على البيئة. كذلك فإنه يناط به إقتراح تحديد إجراءات تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك.

وبناء على قانون حماية المستهلك اصدر وزير الاقتصاد والتجارة في لبنان بتاريخ 10 اب/اغسطس 2005 بإنشاء هذا المجلس، بيد أنه للأسف ولغاية الان لم يُفعّل دور هذا المجلس، لذلك فإن الاحكام المتعلقة بدوره تبقى معلقة التطبيق الى حين تشكيله، والواقع العملي يشير الى ان دوره يقوم به حاليا مديرية حماية المستهلك، فلجهة الحفاظ على صحة المستهلك وسلامته وحقوقه، تقوم المديرية بهذا الدور من خلال القيام بزيارات تفتيشية على الاسواق والمطاعم للكشف عن المواد الغذائية واخذ عينات لتحليلها وفي حال كانت نتائج تحليل العينات سلبية يتم تحويل الامر الى النيابة العامة، اما لجهة تأمين سلامة السلع والخدمات وتحسين جودتها فتقوم المديرية باستقبال شكاوى المستهلكين عبر تلقي اتصالاتهم على الخط الساخن الذي خصصته لهم (1739) وذلك من اجل متابعة سلامة السلع والخدمات، اما لجهة توعية المستهلك وإعلامه وإرشاده وحثه على إستعمال أنماط الإستهلاك المستدامة وعلى إعتماد السلع والخدمات التي تحافظ على البيئة فتقوم المديرية بعمل حملات توعية وارشاد بالتعاون مع المدارس ويوجد فريق عمل متخصص بالعملية الارشادية في هذا الاطار كذلك فإن المديري تقوم بدور مهم في مجال إقتراح تحديد إجراءات تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك.

ولقد فرض القانون إنشاء المجلس الوطني لحماية المستهلك المؤلف من المدراء العامين لعدد من الوزارات المعنية، وممثلين عن غرف التجارة والصناعة والزراعة والصناعيين وشركات الدعاية والإعلان وجمعيات المستهلك، وهو يتمتع بالصفة الاستشاريّة في إطار دعم دور المستهلك والحفاظ على صحته وتوعيته إعلاميا وتأمين سلامة السلع وجودتها.
ثانياً: مديرية حماية المستهلك:
تلعب مديرية حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان دوراً محورياً في حماية المستهلك على صعيد الوقاية والمكافحة والملاحقة وعلى صعيد الضبط الاداري والقضائي. فإلى جانب دورها العملي الذي عرضنا له عند الحديث عن المجلس الوطني لحماية المستهلك فإن المديرية تقوم بدور مهم على صعيد الوقاية حيث تقوم المديرية بتثقيف وتوعية المستهلك اللبناني بحقوقه التي منحها اياه قانون حماية المستهلك، علاوة على تلقي شكاوى المستهلكين والتعاون مع بقية الادارات المعنية بحماية المستهلك اضافة الى التعاون مع المجتمع المدني المتمثل بجمعيات المستهلك. وتركز المديرية في عملها على التأكد من جودة وسلامة الغذاء، اضافة الى ملاحقة الإعلانات الخادعة، والتأكد من جودة البضائع والخدمات، ومدى ارتفاع أسعار البضائع والخدمات. كما تقوم المديرية بمراقبة السلع المستوردة وكذلك المنتجة محليا، ونشرت في هذا الاطار مراقبين تابعين للمديرية في المطار والمرافئ البحرية علاوة على نشر مراقبين في الاسواق المحلية.

أما على صعيد مراقبة المصانع، فتراقب المواد الأولية للتأكد من نوعية المواد الاولية المستخدمة في التصنيع وتواريخ الصلاحية، وتسطّر محاضر ضبط في حال ضبط اي حالة انتهاك او غش وتحال إلى النيابة العامة. وعند توزيع السلع في الأسواق، يتم الكشف على البضائع في المحلات التجارية للتأكد من عدم الغش. وفي اطار الملاحقة والمكافحة تقوم المديرية بملاحقة البضائع المقلّدة وتعزيز آليات مكافحتها. وفي سبيل ذلك تقوم المديرية بإجراء برامج تفتيش روتينية لأماكن العمل التجاري على أساس تقييم المخاطر التي تحيق بالمستهلكين، وما يمكن ان يشكل خروجا على قواعد قانون حماية المستهلك، كما تقوم المديرية بالتحقيق في جميع شكاوى المستهلكين و متابعتها للوصول الى معرفة الحقيقة في مدى تضمنها انتهاكات لحقوقهم، اضافة الى تقديم المشورة لاستفسارات المستهلكين حول حقوقهم او فيما يتعلق بالسلع والخدمات الموجودة في الاسواق اللبنانية. وفي هذا الاطار فقد نص قانون حماية المستهلك في لبنان على ان تتولى مديرية حماية المستهلك، وبالتنسيق مع الجهات الرسمية والخاصة، تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بحماية المستهلك لا سيما مهمة التثبت من نوعية وسلامة الخدمات والسلع، وبخاصة الغذائية منها، والقيام بالفحوصات اللازمة بشأنها، اضافة الى مراقبة الأسعار وحركتها، وإعداد الوثائق والنشرات الخاصة بتوعية المستهلك وإرشاده. كما تقوم المديرية بالقيام بالأبحاث المتعلقة بالمواضيع ذات الصلة بحماية المستهلك. وفي ذات الاطار فقد نص قانون حماية المستهلك على ان تتألف مديرية حماية المستهلك من مصلحة الدراسات والتوعية وتتولى إعطاء المعلومات المتعلقة بالقوانين والأنظمة التي ترعى حماية المستهلك، وإعداد الدراسات وتقديم الإقتراحات والقيام بحملات توعية وذلك بالتنسيق مع الجهات الرسمية والخاصة، اضافة الى مصلحة الرقابة وتتولى إستلام الشكاوى والتحقيق فيها وتطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بحماية المستهلك.

وفي مجال معاينة المخالفات يتولى موظفو مديرية حماية المستهلك والمصالح الإقليمية، المكلفون خطياً وفقاً للأصول، مراقبة تطبيق أحكام هذا القانون. كما يراقب تطبيق أحكام هذا القانون كل في حدود إختصاصه عناصر الضابطة العدلية المكلفون رسمياً، اضافة الى الموظفين المختصين في كل من وزارات الزراعة والصحة العامة والسياحة والداخلية والبلديات، وإدارة الجمارك وذلك بناءً على تكاليف خطية. اما نطاق عمل موظفي مديرية حماية المستهلك المخولين مهمة المراقبة فتكون شاملة – بحسب المادة 72 – كافة الأماكن المخصصة لممارسة المحترف أو المُصنع لنشاطه في داخلها، كما يمكنهم القيام بمهامهم خلال نقل السلع. إلا أنه لا يجوز للموظفين المذكورين دخول الأماكن الأخرى ما لم يوافق المحترف صراحة على ذلك، أو بعد الإستحصال على إذن خطي مسبق من النيابة العامة المختصة. وفي مطلق الأحوال يحق للموظفين المذكورين، عند الإقتضاء، طلب مؤازرة قوى الأمن الداخلي للقيام بمهامهم بعد موافقة النيابة العامة المختصة.

كما يجوز لموظفي المديرية المخولين مهام المراقبة الطلب من أصحاب العلاقة تقديم جميع الوثائق والمستندات والسجلات التي تثبت صحة المعلومات التي يدلون بها ويجوز لهم الإستحصال على نسخ عن هذه المستندات والتحقق من صحتها بكافة الوسائل القانونية. علاوة على جواز ان يقوم الموظفون المختصون قانونا بمهام المراقبة او موظفي الضابطة العدلية المخولون حجز الأوراق والمستندات التي تثبت حصول المخالفة أو التي تتيح كشف كافة الأشخاص الذين اشتركوا في ارتكابها وعليهم في هذه الحالة، تسليم صاحب العلاقة إيصالاً بذلك. علاوة على قيامهم بحجز السلع التي يتبين أنها مزيفة أو سامة أو غير صالحة للإستهلاك أو غير مطابقة للمواصفات المعتمدة أو التي تعرض صحة المستهلك وسلامته للخطر، وفي هذه الحالة تبقى السلعة تحت حراسة الأشخاص الذين يحوزون عليها وذلك لغاية صدور نتائج التحاليل أو المراقبة، على أن لا تتجاوز مدة الحجز 45 يوماً. بيد انه يتوجب على الموظفين المخولين مهام المراقبة وافراد الضابطة العدلية المخولين رسميا بتلك المهام ، وبناءً على إذن خطي من النيابة العامة المختصة، حجز المواد والآلات والمعدات التي استعملت لتصنيع وجمع وتوضيب سلع مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات المعتمدة أو تعرض صحة المستهلك وسلامته للخطر.وتبقى هذه المواد والالات والمعدات مودعة لدى الشخص الذي وجدت بحوزته وتحت حراسته ما لم تنقل إلى مكان يحدده الموظفون المنظمون للمحضر. وفي ذات الاطار يجوز إتلاف السلعة التي ثبت أنها مزيفة أو سامة أو غير صالحة للإستهلاك، على نفقة صاحب العلاقة، بعد الإستحصال على إذن خطي من النيابة العامة المختصة. كما يجوز للموظفين المولجين مهام المراقبة أخذ العينات على أن تراعى المعايير والمواصفات الدولية المرعية الإجراء ، بحيث تخضع العينات المأخوذة للتحليل في أي من المختبرات التي يحددها المجلس الوطني للإعتماد. ويجوز الإستغناء عن التحاليل المخبرية في حال كان الغش أو التقليد واضحاً كما في حال كانت عدم صلاحية السلعة للإستهلاك أو عدم توافقها مع المواصفات المعتمدة واضحة. وفي هذا الاطار يعطى الشخص الذي أخذت العينة من مؤسسته إيصالاً، يذكر فيه نوع السلعة التي أخذت منها عينة وكميتها وسعر بيعها ويدون رقم الإيصال في المحضر. ويجوز لصاحب العلاقة أن يعترض خطياً أمام مدير حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد والتجارة على هذا الإجراء أو على حجم العينة أو عددها أو كميتها كما يجوز له أن يبلغ نسخة عن إعتراضه إلى التفتيش المركزي.

وفي هذا الاطار إذا تبين من نتائج التحاليل عدم وجود غش أو تقليد أو أن السلعة صالحة للإستهلاك ومتوافقة مع المعايير والمواصفات المعتمدة يتوجب على الإدارة المختصة إعلام صاحب العلاقة بذلك خطياً ضمن مهلة ثلاثة أيام تلي تبلغها تقرير المختبر. ويجوز للمحترف، في هذه الحالة، التصرف بالسلع. أما إذا أظهرت التحاليل المذكورة أعلاه وجود غش أو تقليد أو أن السلعة غير صالحة للإستهلاك أو غير متوافقة مع المواصفات المعتمدة، فعلى الإدارة ضم تقرير المختبر إلى محضر الضبط والوثائق المرفقة به وإحالتها إلى “مديرية حماية المستهلك” خلال مهلة سبعة أيام تلي ورود تقرير المختبر.
وتوجب المادة 81 من قانون حماية المستهلك في لبنان على جميع الموظفين المولجين مهام المراقبة والضبط إحالة كافة المحاضر ووثائقها ومستنداتها إلى مديرية حماية المستهلك التي تتولى إحالتها بدورها إلى النيابة العامة أو إجراء تحقيق أو تحليل إضافي بناء على طلب وزير الإقتصاد والتجارة أو بناء على طلب صاحب العلاقة وذلك خلال مهلة ثلاثين يوماً بعد موافقة وزير الإقتصاد والتجارة.
ثالثا: بعض الاجهزة الادارية الاخرى (وزارة السياحة والهيئة المنظمة للاتصالات مثالا)
نعرض في هذا الاطار لدور وزارة السياحة والهيئة المنظمة للاتصالات، كجهازين اداريين مسؤولين عن الرقابة على مدى انفاذ قوانين حماية المستهلك في مجال خدمات السياحة والاتصالات كمجالين مهمين لأن يكونا محلا لعقود استهلاكية.
• وزارة السياحة:
تقوم وزارة السياحة بدور كبير في حماية المستهلك في مجال الخدمات السياحة، فالوزارة مثلاً توجب على جميع مستثمري واصحاب المؤسسات السياحية في لبنان كتابة ونشر اسعار السلع والخدمات التي يقدمونها باللغة العربية والاجنبية مع تحديد السعر بالعملة اللبنانية، واظهارها في مكان بارز في المؤسسة السياحية. كما يتطلب من مستثمري واصحاب المؤسسات السياحية في لبنان العمل على دمج النسب المخصصة للخدمة ( المبلغ المخصص للخدمة) في صلب اسعار السلع والخدمات السياحية في صورة مبسطة لا لبس فيها.
• الهيئة المنظمة للاتصالات:
هي مؤسسة عامة مستقلة أُنيط بها تنظيم وتطوير سوق الاتصالات في لبنان. تقوم هذه الهيئة بدور هام في حماية المستهلك في مجال خدمات الاتصالات، حيث تُعدّ حماية مصالح مستهلكي خدمات الاتصالات في لبنان واحدةً من أبرز المهمّات التي أناطها القانون 431 صراحةً بـ”الهيئة المنظمة للاتصالات”. ولذلك، حرصت الهيئة منذ تأسيسها على ضمان أن يكون عمل الشركات التي توفّر خدمات الاتصالات كالهاتف الخلوي والإنترنت وكافة خدمات الاتصالات متوائماً مع حاجات المستهلكين ومتوافقا مع ما تقرره القوانين مرعية الإجراء. وفي هذا الاطار تقوم الهيئة بالتنسيق والتعاون مع الجهات الأُخرى ذات الصلة، لاسيما وزارتي الاتصالات والاقتصاد والتجارة ممثلةً بالمديرية العامة لحماية المستهلك، والمنظمات غير الحكومية، ومنها “جمعية حماية المستهلك – لبنان”. وتقوم الهيئة بالعمل على احترام المبادئ العامة كحق المستهلك بالمعرفة وعدم التمييز والمنافسة العادلة والتدفّق الحرّ للمعلومات الصحيحة في السوق، وتشدد على رصد عمل الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات والتأكد من عدم التلاعب أو التسريب أو حدوث عمليات غشّ أو الاضطلاع بأي سلوك غير عادل في مجال تقديم الخدمات المتعلقة بقطاع الاتصالات. وفي هذا الاطار فإن الهيئة تملك صلاحية أن تفرض على مقدّمي خدمات الاتصالات أسعار وتعرفات تُلائم مستهلكي هذه الخدمات ، في حال تبيّن لها أن الأسعار والتعرفات المعمول بها ناتجة من وضع احتكاري أو مشجعة له، وكل ذلك بهدف حماية المستهلك. وفي هذا الاطار قامت الهيئة بإقرار مشروع “نظام شؤون المستهلك” في 19 حزيران 2009 وإحالته على مجلس شورى الدولة قبل إصداره ليصبح نظاماً ملزماً لجميع مقدّمي الخدمات. هذا بالإضافة إلى إعداد الهيئة “ميثاق قواعد تقديم الخدمات ذات القيمة المضافة” وطرحه على الاستشارات العامّة. وقد وُضِع نظام شؤون المستهلك لضمان معاملة مستهلكي خدمات الاتصالات من قبل جميع مقدمي الخدمات بطريقة عادلة وخالية من أي تمييز، ولإيضاح شروط ومعايير الخدمة التي يقدمونها، من حيث إلزامية عدم التمييز، وموجبات سرية المعلومات وخصوصية الاتصالات والتسعير والفوترة، بالإضافة إلى ضرورة وضع آلية واضحة وملزمة للشكاوى، والتدابير والإجراءات المتّبعة لدى كل مقدم خدمة بهذا الخصوص ونشرها. ويُلزم مشروع نظام شؤون المستهلك مقدّمي الخدمات بإصدار “ميثاق لقواعد المهنة” يضمن للجمهور توفير كافة المعلومات عن مختلف الخدمات التي يقدمونها، والتوجيهات والمعلومات الدقيقة والملائمة التي تمكنه من أن يكون على بيّنة من أمره في اختيار الخدمات الأنسب له. وهو يضع إجراءات تهدف إلى ضمان معاملة المستهلكين بطريقة عادلة وخالية من أي تمييز، بالإضافة إلى إصدار شروط الخدمة لصون المعلومات الشخصية والسرّية وغيره، على أن يطبق على جميع مقدمي الخدمات في لبنان. كذلك يوجّه “نظام شؤون المستهلك” العملاء ومقدّمي الخدمات عند التعامل مع الشكاوى، عبر إرساء إجراءات لشكاوى المستهلكين، وضمان حق المستهلك بتقديم شكوى في حال اعتراضه على أي ناحية من نواحي خدمات الاتصالات المقدمة، على أن يتقدم بشكواه أولاً لدى مقدم الخدمات قبل تقديم الشكوى أمام الهيئة. وبموجب النظام الجديد، يجب على مقدّمي الخدمات المرخص لهم قبل تاريخ صدور هذا النظام التقيّد بأحكامه خلال فترة تسعين يوماً من بدء نفاذه. كما يتعيّن على مقدّمي الخدمات ذوي القوى التسويقية المهمّة التقيّد بأحكام هذا النظام المتعلقة بهم خلال المدة المذكورة من التاريخ الذي تعتبرهم فيه الهيئة مقدّمي خدمات ذوي قوة تسويقية هامة. كما تقوم الهيئة بحماية مستهلكي خدمات الاتصالات من الأطفال وذلك فيما يتعلق بتلقيهم خدمات الإنترنت. فمثلا في عام 2009 عقدت الهيئة وبالتعاون مع المجلس الأعلى للطفولة، طاولة مستديرة لمناقشة “حماية الأطفال في الفضاء السيبراني (الالكتروني)”، في خطوة لتعزيز حماية الأطفال أثناء استخدامهم الإنترنت، بعد أن تبنّى الاتحاد الدولي للاتصالات هذا المبدأ في اطار توفير الأمن للأطفال في الفضاء الإلكتروني.
الفرع الثاني
دور السلطة التشريعية والسلطة القضائية
تلعب السلطتان التشريعية والقضائية دورا اساسيا في حماية المستهلك، فالسلطة التشريعية هي التي اقرت قانون حماية المستهلك والقوانين ذات الصلة، وهي التي تسهر دوماً على تعديل القوانين بما فيه حماية لحقوق المستهلك. وذات السلطة تقوم بدراسة مستفيضة لحاجات المجتمع وتضع القوانين الملائمة لهذه الحاجات بعد بحث ونقاش مستفيضين من قبل اعضاء السلطة التشريعية، وبعد ان يكونوا قد استمعوا لآراء الخبراء وممثلين عن كافة القطاعات المعنية بالقانون المراد اقراره، وصولاً لوضع الاسباب الموجبة لهذا القانون بما يشير الى فلسفة المشرع من وراء وضع هذا القانون.

أما السلطة القضائية فهي التي تطبق هذه القوانين وتنفذها بما يحقق الغاية التي اتت به من حماية للمستهلك، فقد اصدر القضاء اللبناني عدة احكام تتعلق بقضايا ذات صلة بتطبيق قانون حماية المستهلك. فمثلا أدان القضاء اللبناني مدعى عليه بجرم المادة 11 (المتعلقة بالاعلان الخادع) من قانون حماية المستهلك في لبنان، بأن عاقبه طبقاً للمادة 105 من ذات القانون بالحبس مدة 3 اشهر وتغريمه مبلغ 50 مليون ليرة لبنانية وبإدانته بجرم المادة 109 وتغريمه مبلغ 50 مليون ليرة لبنانية وبإدغام هاتين العقوبتين حيث تُنفذ بحقه فقط عقوبة الحبس لمدة سنة والغرامة بمبلغ 50 مليون ليرة لبنانية كونها الاشد، كما تم منع المدعى عليه من الاتجار بالمواد الغذائية مدة ثلاث سنوات من تاريخ انبرام هذا الحكم تحت طائلة تغريمه مبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية عن كل مخالفة لهذا الحكم. كما تم اصدار بعض الاحكام القضائية في حق المخالفين بناء على محاضر مراقبي مديرية حماية المستهلك، الامر الذي يبرز دور القضاء في حماية المستهلك. فقد أصدرت محكمة جزاء بيروت حكماً بتغريم احد المدعى عليهم بقضية مواد منتهية الصلاحية بخمسة ملايين ليرة لبنانية، كما اصدرت ذات المحكمة عدة احكام تتعلق بغش المستهلكين المتعلق بسلعة البنزين او مياه غير مطابقة للمواصفات والحكم على المدعى عليهم بغرامات تتراوح ما بين 10 – 30 مليون ليرة لبنانية . كما اصدرت محكمة استئناف جزاء المتن حكماً في قضية بيع دقيق (طحين) غير مطابق للمواصفات بالغرامة 30 مليون ليرة لبنانية، واصدرت ذات المحكمة حكما في قضية غش مساحيق تنظيف بالغرامة 15 مليون ليرة لبنانية. كما اصدرت محكمة جزاء بعبدا حكماً بالغرامة عشرة مليون ليرة لبنانية في قضية تمنُّع عن بيع البنزين.
المطلب الثاني
دور المؤسسات الوطنية غير الرسمية في حماية المستهلك
نعرض في هذا الاطار لدور المجتمع المدني والقطاع الخاص (الفرع الاول) ومن ثم لدور المؤسسات الأكاديمية والتربوية والدينية والاعلامية (الفرع الثاني).
الفرع الاول
دور المجتمع المدني والقطاع الخاص
يتمثل المجتمع المدني بجمعيات المستهلك، وهي الجمعيات التي تهدف الى الدفاع عن مصالح المستهلك وحقوقه، علاوة على تمثيل المستهلكين جماعياً ومجاناً لدى الهيئات والإدارات الرسمية والمحترفين والتقاضي بهدف الحفاظ على حقوقهم. كما تقوم جمعيات المستهلك بجمع ونشر المعلومات والتحاليل والإختبارات والمقارنات المتعلقة بالسلع والخدمات وكيفية إستعمالها. علاوة على قيامها بحملات لتوعية وإرشاد المستهلكين وإصدار مجلات ونشرات ومطبوعات وإعداد برامج إعلانية وإذاعية معدة للبث أو النشر عبر وسائل الإعلام، وكل ذلك وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، كما تقوم كذلك بتقديم الإستشارات للمستهلكين وللهيئات الحكومية وغير الحكومية في مجال حماية المستهلك. ، بيد أن هذه الجمعيات تقوم بهذا الدور وحسب من دون ان يتعدى دورها الى رفع دعاوى المنافسة غير المشروعة مثلاً لأنها تفتقد الى عنصر الزبائن ولاعلاقة لها بالحياة الاقتصادية، وهي تمثل مصالح المستهلكين لا مصالح التجار الذي هم اصحاب المصلحة او من يمثلهم في رفع دعوى المنافسة. وقد وضع قانون حماية المستهلك بعض الضوابط لعمل هذه الجمعيات تتمثل في خضوع هذه الجمعيات للنصوص القانونية الواردة في قانون الجمعيات علاوة على نصوص قانون حماية المستهلك. كما أنشأ القانون لهذه الغاية لدى وزارة الإقتصاد والتجارة سجلا خاصا لجمعيات المستهلك. وأوجب القانون على كل جمعية مستهلك إبلاغ وزارة الإقتصاد والتجارة عن إتمام إجراءات تأسيسها وذلك قبل أن تباشر نشاطها، علاوة على وجوب ان تقوم الجمعية بإبلاغ وزارة الإقتصاد والتجارة عن أي تعديل يتناول إما أنظمتها أو الهيئات التي تتولى إدارتها، وكذلك إيداع وزارة الإقتصاد والتجارة، سنوياً، نسخة عن ميزانيتها وتقريراً يتناول وسائل تمويلها.

وتوجد في لبنان بعض جمعيات المستهلك، مثل جمعية المستهلك وهي عضو في الجمعية الدولية للمستهلك ، كما توجد جمعية الدفاع عن المستهلكين في صور ، اضافة الى الاتحاد اللبناني لحماية المستهلك.

اما القطاع الخاص فإن له دورا لايقل اهمية عن دور القطاع الحكومي، فالقطاع الخاص يحوي بين جنباته طائفة المهنيين/المحترفين وهم اطراف في العلاقة الاستهلاكية مع المستهلكين، لذلك فإن قيام القطاع الخاص بالرقابة ايضا على من ينتمي اليه امر ضروري فنقابات الصناعيين والتجار بإمكانها مراقبة السلع والخدمات التي يقدمها الصناع والتجار باعتبارهم من المهنيين/المحترفين بما يحقق حماية للمستهلكين، كما ان بإمكان القطاع الخاص تعزيز اسس المنافسة المشروعة بما يحقق مصلحة للمستهلك وحماية لحقوقه.
الفرع الثاني
دور المؤسسات الأكاديمية والتربوية والدينية والاعلامية
يُقال أن درهم وقاية خير من قنطار علاج، وهذا القول يصدق في مجال الوقاية التي يجب ان تتم في مجال انفاذ القوانين المتعلقة بحماية المستهلك، وفي هذا الاطار فإن دورا اساسيا تلعبه المؤسسات الاكاديمية والتربوية والدينية والاعلامية في التوعية والتثقيف للمستهلكين بحقوقهم وواجباتهم، وتسليط الضوء على ما يعرض حياتهم وحقوقهم للخطر.

وعلى كمثال رائد على دور المؤسسات الاكاديمية والتربوية، قامت كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية بإدخال مقرر حول قانون حماية المستهلك ضمن برنامج الاجازة في الحقوق اللبنانية، حيث يهدف هذا المقرر الى تعريف الطالب بقانون حماية المستهلك والاحكام القانونية ذات الصلة، ودراسة حقوق المستهلك والتزامات المحترف/ المهني تجاهه، وطبيعة تلك الالتزامات، مع دراسة تفصيلية للعقود الاستهلاكية وخصائصها واثارها القانونية، وتسوية المنازعات المثارة بشأنها.

ومفهوم الالتزام بالاعلام، وحماية المستهلك في مواجهة الدعاية الكاذبة والمضللة وفي مواجهة البنود التعسفية، وكذلك دور الدولة والمجتمع المدني في الحماية. وتهدف الجامعة من هذا الامر الى اكساب الطالب معرفة دقيقة وقانونية بماهية حماية المستهلك، احكامها وخصائصها، علاوة على تحليل المقصود بالمستهلك والمحترف(المهني)، وكذلك للالتزام بالاعلام (موجب الاعلام) من حيث المقصود به، وشروط نشوئه، واكساب الطالب مكنة التمييز بين الالتزام بالاعلام المفروض على المحترف/ المهني وبين الالتزامات التي قد تشتبه به وتعزيز قدراتهم عبر اكسابهم مكنة تحليل المسائل القانونية التي قد تعتري الاستهلاكية والعلاقات المنبثقة بين اطرافها، و مساعدة الطلاب على ابتكار الحلول في مجال المنازعات بالنسبة للاستهلاكية، وفي دعاوى المسؤولية ذات الصلة، والإحاطة بكافة المسائل المثارة ومحاولة إيجاد حلول للإشكاليات المتصلة بكل قضية مطروحة عبر تحليلها ومناقشتها بشكل جماعي للوصول إلى فهم متعمق للقواعد الحمائية لحقوق المستهلك واثارها القانونية.

وفيما يتعلق بدور المؤسسات الدينية نجد ان الخطب والوعظ الارشادية داخل دور العبادة لها اثر كبير في تهذيب النفوس، خاصة اذا ما تركز الخطاب الديني على ضرورة مراعاة حقوق الافراد المستهلكين وعدم الاضرار بها عبر الغش التجاري او التلاعب بالاوزان لأن عقاب مثل هذه الافعال من الناحية الدينية يعتبر عقابا كبيرا.

اما عن دور الاعلام في تعزيز حماية حقوق المستهلك فنجد أن تسليط الضوء مؤخراً في الصحف والبرامج التلفزيونية على صحة المستهلكين وغذائهم وضرورة اخذ الاجراءات الوقائية عند شراء السلع الغذائية كان له أثر واضح في تغيير الكثير من سلوكيات المستهلكين الذين باتوا اشد حذراً في التعامل مع هذا الامر، بما يحقق تنفيذ اجراءات وقائية حمائية لهؤلاء المستهلكين. وفي هذا السياق تقوم مديرية حماية المستهلك بإصدار نشرة فصلية حول حقوق المستهلك الغرض منها تعريف هذا المستهلك بحقوقه وزيادة التوعية للمعنيين بالأمر بهذه الحقوق.
المبحث الثالث
حماية المستهلك المُتعاقِد عن بُعد (الكترونياً)
شهد العالم فى الحقبة الأخيرة من القرن الماضي تشكلاً لنظام عالمي جديد يقوم على اساس أن من يمتلك مفاتيح الإقتصاد والتكنولوجيا، فانه يمتلك أسباب القوة، ذلك أن تحالف الاقتصاد والتقنية يلعب دوراً أساسياً في حلّ أو خلق المشكلات التي تعاني منها الدول نامية كانت أو متقدمة. ومع تزايد أعمال التجارة الدولية ودورها في تعزيز اقتصاديات الدول برزت حاجة ملحة إلى أن تكون هنالك ثمة نظم قانونية تحكم تكوّن العلاقات التجارية، وتفض النزاعات الناشئة عنها فيما لو تعثرت مثل هذه العلاقات. وفي هذا الإطار، بدأت الدول بتطوير أنظمتها وتشريعاتها الإقتصادية، كي تأتي متوائمة مع المعايير الدولية من جهة وملائمة لاحتياجاتها الداخلية من جهة أخرى، آخذة بعين الإعتبار ثورة المعلومات والتكنولوجيا، في ظل عصر تزاوجت فيه التكنولوجيا والاتصالات بالمعرفة وبالمعاملات التجارية الدولية، حيث أصبحت التقنية فيه الأساس التي تنطلق منها الدول والأفراد في تعاملاتهم، وبخاصة التي تتم عبر شبكة الانترنت . ولعل موقف الدول هذا في تطوير قوانينها مرده ان تطور القانون بصفة مستمرة يُعد أمراً ضرورياً لارتباطه الوثيق بما يستجد من متغيرات تطبع المجتمعات على كافة الصعد وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية والتقنية. فظهرت في هذا الاطار تلك التعاملات التي تتم باستخدام الوسائل التقنية الحديثة وبخاصة شبكة الانترنت او ما يُطلق عليها قانوناً “التعاقد عن بُعد” ، او عقود التجارة الإلكترونية اي العقود التي تتم عبر الإنترنت . حيث يُعتبر نمو استخدام الإنترنت في المعاملات من أكثر العلامات المميزة لعصر العولمة الذي نعيش، سواء من حيث عدد رسائل البريد الإلكترونى التى يتم تراسلها، أو عدد صفحات الويب المتاحة على الشبكة، أو عدد الأفراد المستخدمين للشبكة، أو الأنشطة التجارية الآخذة فى النمو والمتصلة بالإنترنت كالتجارة الالكترونية ، او حتى عدد الجرائم التي تتم عبر الانترنت.

ولقد ادت هذه التطورات الى انعكاسات كبيرة، فلم يكن متصورا ان يبقى العقد بعيداً عن اثر المعلوماتية ، الامر الذي يعني تزايد وانتشار العقود التي تبرم باستخدام التقنيات الحديثة او تكون هذه التقنيات محلا للتعاقد. على حركة الاستهلاك برمتها، فأصبح المستهلك يشتري السلعة او يتلقى الخدمة وهو في مكانه عبر استخدامه لشبكة الانترنت، فيقوم مثلاً بالنفاذ الى الموقع الالكتروني للمهني/ المحترف من كل دول العالم فيتعرف على نشاط المشروع الذي يديره هذا المهني/المحترف وما يقدمه من منتجات وخدمات، فأصبحت العملية الاستهلاكية اكثر سهولة لأن شبكة الانترنت لا تعرف فكرة الحدود الجغرافية للدول، الأمر الذي يضفي أهمية كبيرة خاصة فيما يتعلق بالوفاء عبر الإنترنت من قبل المستهلكين . من هنا كان لابد من تدخل المشرع لضبط هذه العملية الاستهلاكية خاصة انها تتم في عالم افتراضي، بما يتضمنه ذلك من بُعد في المسافة بين المستهلك من جهة والمهني/المحترف من جهة اخرى، وما قد يترتب على ذلك من امكانية ان يقع المستهلك ضحية الدعاية المضللة او الخادعة للمهني/ المحترف التي تتم عبر شبكة الانترنت (عبر المواقع الالكترونية لهذا المهني/ المحترف) . علاوة على ضرورة حماية المستهلك من اي مساس بحقوقه التي منحها اياه قانون حماية المستهلك في هذه الحالات التي يتم بها عقد الاستهلاك عن بُعد “الكترونيا”، في عالم بلا حدود خال من الجغرافيا وفضاء لايقوم على الورق. في هذا الاطار سوف نعرض لضرورات حماية المستهلك المُتعاقد عن بُعد “الكترونياً” بما يفرض معه التعريف بالمقصود بهذا المستهلك وضوروات حمايته (المطلب الاول)، ثم نعرض لوسائل حماية هذا المستهلك موضوعيا واجرائيا (المطلب الثاني).
المطلب الاول
ضرورات حماية المستهلك المتعاقد عن بُعد “الكترونياً”
كما عرضنا فقد ادت القفزة الرقمية التي حدثت في العالم الى احداث اثر بالغ على كافة جوانب الحياة ، خاصة مع ازدياد أهمية الوسائل الالكترونية في نهاية القرن العشرين وتجسد ذلك في استعمال الكمبيوتر والانترنت، لابل ومنذ ظهور الكمبيوتر تحديداً. وقد ادى استخدام شبكة الانترنت في التعامل الى بروز نوعين من التعاملات، منها ما يُعد مشروعاً ومنها ما يُعتبر تعاملاً غير مشروع يتمثل في ارتكاب الجرائم عن بُعد والتي قد يكون احد ضحاياها مستهلك يتعاقد عن بُعد، وما يعنينا في هذا السياق هو معرفة المقصود بمن يقوم بالمعاملات المشروعة لغرض احتياجاته، وضرورات حمايته من الوقوع في اي تعامل ينطوي على انتهاك احد من حقوقه، ونعني هنا المستهلك المُتعاقد عن بُعد، خاصة في ظل تطور عقود التجارة الدولية المتعلقة بتبادل السلع والخدمات عبر الحدود.
الفرع الاول
التعريف بالمستهلك المتعاقد عن بُعد “الكترونيا” كمدخل مفاهيمي
يقوم المستهلك المُتعاقد عن بُعد ” الكترونيا”، باستخدام شبكة الانترنت بحيث يلجأ الى وسيلة الكترونية كاستخدام البريد الالكتروني او بالنفاذ الى موقع الكتروني على شبكة الانترنت خاص بالمهني/المحترف حيث يقوم هذا الاخير بترويج وعرض سلعه وخدماته من خلال هذا الموقع لتقديم المنتجات والخدمات. ومن ثمّ فإن المستهلك المتعاقد عن بُعد يتعاقد مع مهني/محترف يتعاطى توزيع الخدمات والسلع الكترونيا عبر ممارسة الانشطة باستخدام وسائط الكترونية لاشباع حاجات المستهلكين من سلع وخدمات او عبر تداول او بث لسلع وخدمات المهني/المحترف عن طريق شبكة الانترنت.

وقد عالج المشرع اللبناني في قانون حماية المستهلك هذا الموضوع بان عرض للعمليات التي يجريها المحترف عن بُعد أو في محل إقامة المستهلك،لا سيما تلك التي تتم في محل إقامة المستهلك أو عبر الهاتف أو عبر الانترنت ، أو أية وسيلة أخرى معتمدة لذلك. واشتُرط لهذا التعاقد الذي يتم عن بُعد قيام اركانه من تراض ومحل وسبب على غرار اي عقد، والرضا “اجتماع مشيئتين أو أكثر وتوافقهما على إنشاء علاقات إلزامية بين المتعاقدين “. والتعبير عن هذه الإرادة قد يكون صريحا باللفظ أو بالكتابة – سواء كانت الكتابة تقليدية او بوسيلة الكترونية – أو بالإشارة وقد يكون ضمنياً، اضافة الى أن تكون الإرادة سليمة غير معيبة بأي عيب من عيوب الارادة.

لذا فالمقصود بالمستهلك المُتعاقد عن بُعد هو المستهلك الذي يُبرم عقداً مع مورد بشأن سلع وخدمات في اطار نظام بيع او تقديم خدمات عن بُعد من قبل المورد الذي يستعمل تقنية الاتصال عن بُعد لغاية ابرام العقد بما في ذلك انشاء العقد ذاته. والمستهلك في هذا الاطار اي في نطاق التعامل عن بُعد هو ذاته المستهلك في عملية التعاقد التقليدية لكنه فقط يتعامل عبر وسائط الكترونية ، او يستفيد من الخدمات الالكترونية. و لم يُعرّف القانون اللبناني صراحة المقصود بالمستهلك المتعاقد عن بُعد وانما اشار الى العمليات التي يُجريها الطرف الاخر لعقد الاستهلاك الذي يتم عن بُعد وهو المهني/ المحترف أو المعاملات التي تتم في محل إقامة المستهلك، لا سيما تلك التي تتم في مكان إقامة المستهلك أو عبر الهاتف أو الإنترنت، أو أية وسيلة أخرى معتمدة لذلك.
الفرع الثاني
ضرورات حماية المستهلك المُتعاقد عن بُعد “الكترونيا”
انطلاقا من ارتباط القانون بالتطورات والمستجدات التي تطرأ على حركة تطور المجتمعات علاوة على ان للقانون دورا في توجيه سير هذه التطورات، ونظرا لاثر ذلك في الانشطة الاقتصادية وخصوصا فيما يتعلق بالعمليات الاستهلاكية التي تتم عن بُعد، فقد اهتمت القوانين المعاصرة بحماية المستهلك المُتعاقد عن بُعد، بعد ان كانت قد قامت بحماية المستهلك المتعاقد بالطرق التقليدية باعتباره الطرف الضعيف في عقد الاستهلاك اقتصاديا ومعرفيا، فكان ان امتدت الحماية لتصل الى المستهلك المتعاقد عن بُعد باعتباره في امس الحاجة للحماية وهو الاكثر ضعفا حتى من المستهلك المتعاقد بالوسائل التقليدية. فاجراء عقد الاستهلاك عن بُعد في ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة اثار من الاشكالات الكثيرة التي جعلت القواعد العامة قاصرة عن ايجاد الحلول لجميع تلك الاشكالات الامر الذي اقتضى مواجهة ذلك بحلول غير تقليدية.

من هنا تبرز ضرورات حماية المستهلك المتعاقد عن بُعد حيث تجب حمايته قبل التعاقد واثناء ابرام العقد وخلال تنفيذه، فالمستهلك بعد المفاوضات يقوم بإعلان إرادته في إبرام العقد بإرسال البيانات المطلوبة عن طريق البريد الالكتروني ، وبذلك يكون ما صدر عنه هو إيجاب بالتعاقد، ويقوم الهني/المحترف بإرسال قبوله، وبه ينعقد العقد الاستهلاكي عن بُعد ، او العكس فقد يكون المهني/المحترف عارضاً لخدماته وسلعه في موقعه الالكتروني بما يحقق مفهوم الايجاب الموجه للجمهور او عدد غير محدد من العملاء، ويتقدم المستهلك ويطلب التزود بالسلعة او الخدمة فيعد قابلاً فينعقد عقد الاستهلاك عن بُعد ” الكترونيا”. وسواء كان المستهلك والمحترف/المهني موجودين داخل دولة واحدة (عقد استهلاك وطني يتم عن بُعد) او في دول مختلفة ( عقد استهلاك دولي يتم عن بُعد) فإن العملية الاستهلاكية برمتها يجب احاطتها بضمانات يُحمى من خلالها الطرف الضعيف وهو المستهلك، لجهة حماية رضائه وحمايته من تعسف المهني/المحترف وحمايته في مواجهة وسيلة الكترونية قد يُخطئ في استخدامها اثناء التعبير عن ارادته، او اثناء توقيعه بوسيلة الكترونية عما يصدر عنه، وبما يراعي خصوصية العقد الاستهلاكي الذي يتم عن بُعد “الكترونيا”.
المطلب الثاني
وسائل حماية المستهلك المتعاقد عن بُعد “الكترونياً”
منح قانون حماية المستهلك اللبناني المستهلك المتعاقد عن بُعد حماية اضافية عن تلك الممنوحة له بناء على اعتباره مستهلكاً متعاقداً بالطرق التقليدية، وتنقسم الحماية القانونية الممنوحة لهذا المستهلك بين حماية موضوعية واجرائية. وتنطوي الحماية الموضوعية على حماية حقوق المستهلك في تنوير ارادته تجاه ما يريد ان يتعاقد عليه من سلع وخدمات قد يكون قد تم الاعلان عنها على الموقع الالكتروني الخاص بالمهني/المحترف، وفي ذات الاطار قد يتضمن الموقع معلومات حول السلع والخدمات يتطلب القانون ان تكون صحيحة وحقيقية. اما الحماية الاجرائية فتنطوي على حماية على الصعيد المدني تتمثل في اجراءات تسوية المنازعات التي يكون طرفا فيها، علاوة على الحماية الجزائية التي تتضمن عقوبات بحق كل من يرتكب فعلا معاقبا عليه في قانون حماية المستهلك. وسوف نعرض لهذه الوسائل الموضوعية والاجرائية فيما يلي.
الفرع الاول
الحماية الموضوعية
اوجب قانون حماية المستهلك على المهني/المحترف موجب اعلامه وتزويده بالمعلومات الضرورية حتى يقوم المستهلك بالتعاقد عندما يتم ابرام عقد الاستهلاك عن بُعد وهو على بيّنة من امره وبإرادة
متنورة.
أولا: حماية رضاء المستهلك المتعاقد عن بُعد
نظراً لوجود المستهلك في مكان بعيد عن مكان المهني/المحترف، علاوة على عدم الوجود المادي
الواقعي للسلع والخدمات امام اعين المستهلكين الامر الذي يؤثر في قدرتهم في الحكم بدقة على المبيع واوصافه خاصة في ظل تطور الاعلانات والتي قد تكون خادعة او مضللة في احيان كثيرة. من هنا كان لزاماً على المهني/المحترف اعلام المستهلك بكلفة البيانات الضرورية التي تجعله يُقدم على التعاقد عن بُعد وهو على بينة من أمره، اضافة الى توفر جميع ما تطلبته القواعد العامة في ارادة المتعاقدين. ويعتبر موجب الاعلام الملقى على عاتق المهني/المحترف احد اهم الوسائل القانونية في مجال حماية المستهلك عموما والمستهلك المتعاقد عن بُعد على وجه الخصوص، فعقد الاستهلاك الذي يتم عن بُعد لايكون فيه التقاء حقيقي بين اطرافه، لذلك حرص المشرع على تأكيد هذا الموجب، وعلى امتداده لمرحلتي ما قبل التعاقد عن بُعد وكذلك ما بعد ابرام هذا العقد.
وينطوي مضمون هذا الالتزام/الموجب – وكما اشرنا سابقا عند الحديث حول مضمون الالتزام بالنسبة للمستهلك بصورته التقليدية – على ضرورة أن يزود المحترف المستهلك بمعلومات، صحيحة ووافية وواضحة، تتناول معلومات حول البيانات الأساسية للسلعة أو الخدمة وطرق إستخدامها، علاوة على الثمن وشروط التعاقد وإجراءاته، اضافة الى المخاطر التي قد تنتج عن استخدام السلعة او الخدمة محل عقد الاستهلاك.
وبناء على ذلك فقد أوجب قانون حماية المستهلك في لبنان على المهني/المحترف اعلام المستهلك بما يلي:
1. يجب تزويد المستهلك المُتعاقد عن بُعد بمعلومات واضحة وصريحة تتناول المواضيع التي تمكنه من إتخاذ قراره بالتعاقد، لا سيما تعريفه بالمحترف الذي يتعاقد معه وإسمه وعنوانه ورقم ومكان تسجيله، وبريده الإلكتروني، بالإضافة إلى أية معلومات تتيح تعريف المحترف.
2. يجب اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بمعلومات وبيانات السلعة والخدمة المعروضة وكيفية إستعمالها والمخاطر التي قد تنتج عن هذا الإستعمال.
3. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد عن مدة العرض المقدم له بحيث ان يلتزم خلال هذه المدة بإبرام العقد.
4. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بثمن السلعة أو الخدمة والعملة المعتمدة وكافة المبالغ التي قد تضاف إلى الثمن لا سيما الرسوم والضرائب والمصاريف أياً كانت، وكيفية تسديد هذه المبالغ.
5. على المهني/المحترف موجب اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بكافة الضمانات التي يقدمها اضافة الى الخدمات التي يقدمها بعد التعاقد.
6. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد عن مدة العقد الذي يتناول سلعاً أو خدمات تقدم بشكل دوري.
7. على المهني/المحترف ايضا تزويد المستهلك المُتعاقد عن بُعد بالبيانات الكافية حول تاريخ ومكان التسليم والمصاريف المتوجبة لهذه الجهة.
8. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بالإجراءات الواجب إتباعها لإنهاء العقد الذي يجدد حكماً عند إنتهاء مدته.
9. على المهني/المحترف ان يقوم بتحديد المدة التي يجوز خلالها للمستهلك المُتعاقد عن بُعد الرجوع عن قراره بالشراء.
10. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بالقانون الذي يرعى العملية والهيئات والمحاكم أو المراجع الصالحة للبت بأي نزاع قد ينتج عن هذا التعاقد الذ يتم عن بُعد.
11. على المهني/المحترف اعلام المستهلك المُتعاقد عن بُعد بكلفة الإتصال وعلى من تقع هذه الكلفة.

12. على المهني/ المحترف الذي يستعمل وسائل غير مباشرة للبيع أو التأجير أن يتقيد بأحكام هذا القانون لا سيما تلك المتعلقة بالإعلان الخادع والترويج والسلامة العامة.

ويعني ذلك تنوير وتبصير ارادة المستهلك المتعاقد عن بُعد بالمعلومات الضرورية والجوهرية المتعلقة بوصف السلعة او الخدمة محل التعاقد بشكل دقيق يتحقق بموجبه العلم الكافي النافي للجهالة بالنسبة للمستهلك المتعاقد عن بُعد، علاوة على تحديد شخصية المهني/المحترف بشكل قاطع، وتحديد الثمن تحديدا دقيقا اضافة الى المدة التي يبقى فيها العرض قائما بحيث اذا صادفه قبول من المستهلك منطو على رضاء تام انعقد العقد الاستهلاكي، اضافة الى كافة البيانات الضرورية التي يحتاجها المستهلك لتنوير ارادته. ولعل هذا ما اكده قانون حماية المستهلك في لبنان من ضرورة ان تتيح المعلومات التي يقدمها المحترف للمستهلك أن يحدد بشكل دقيق وواضح السلعة أو الخدمة المعروضة، وأن يطلع على نموذج عن الإتفاق المعتمد. كما يقتضي منح المستهلك حق تصحيح طلبيته أو تعديلها.
ثانيا: حماية حق المستهلك في العدول
يعتبر الحق في العدول احد الحقوق المستهلك التي نص عليها قانون حماية المستهلك، باعتباره احد الاليات القانونية الحديثة التي توفر حماية فعالة لهذا المستهلك المتعاقد عن بُعد. وهذا الحق يُمثل اداة تشريعية تلعب دورا مهما في حماية الاشخاص الذين يتعاقدون غالبا دون وجود امكانية حقيقية لمناقشة شروط تعاقدهم علاوة على خضوعهم لتأثير الاعلانات وما يمثل لهم ذلك من دوافع ضاغطة للتعاقد، اضافة الى عدم وجود امكانية حقيقة للمستهلك المتعاقد عن بعد لرؤية ما يتم التعاقد عليه او التحقق من خصائصه.
وفي هذا السياق فقد نُص في المادة 55 من قانون حماية المستهلك على انه وخلافاً لأي نص آخر، يجوز للمستهلك، الذي يتعاقد عن بُعد، العدول عن قراره بشراء سلعة أو إستئجارها أو الإستفادة من الخدمة وذلك خلال مهلة عشرة أيام تسري إعتباراً إما من تاريخ التعاقد، فيما يتعلق بالخدمات أو من تاريخ التسليم فيما يتعلق بالسلعة.

اي ان هنالك ثمة ضوابط تتعلق بممارسة هذا الحق – في حالة قرر المستهلك ممارسة حقه –وهي وجوب ممارسته خلال عشرة ايام من تاريخ ابرام عقد الاستهلاك عن بعد والذي يكون محله خدمة، وعشرة ايام من تاريخ تسليم السلعة محل عقد الاستهلاك المبرم عن بُعد “الكترونيا”. اي ان القانون حدد مدة عشرة أيام يحق فيها للمستهلك الرجوع عن قراره بالشراء فيها، وبما أن العقد شريعة المتعاقدين يحق لطرفيه أن يتفقا على مدة أطول عن تلك المحددة في القانون ولكن من غير الجائز الاتفاق على مدة أقلّ من تلك المحددة بموجب أحكام هذا القانون
كما ان ممارسة الحق في العدول مقيدة بحالات لا يجوز فيها ممارسة هذا الحق، وهي:
• إذا استفاد من الخدمة أو استعمل السلعة قبل إنقضاء مهلة العشرة أيام: وهذا يعني استبعاد العديد من عقود الاستهلاك التي تتم عن بُعد من نطاق الحق في العدول وهي التي يتم الاستفادة من الخدمة او استعمال السلعة قبل انتهاء المدة المقرر ممارسة حق العدول خلالها، ويُلاحظ ان ايراد هذه الحالة فيه تناقض مع الغرض الذي وضع لاجله الحق في العدول/ ذلك انه في الكثير من الحالات لايتمكن المستهلك المتعاقد عن بُعد من الحكم على مدى توافر خصائص الخدمة التي تعاقد عليها الا عند البدء في تلقي منافعها، مما يوحي عمليا الى تفريغ الحق في العدول من مضمونه.
• إذا كان الإتفاق يتناول سلعاً صُنعت بناءً لطلبه أو وفقاً لمواصفات حددها: والهدف الاساسي من الاستبعاد هو ان هذه السلعة تم صنعت لمستهلك معين بذاته ولشخصه ولبناء على مواصفات هو من قام بتحديدها، فاذا اعطي الحق في العدول سيكون من شأن ذلك الاضرار بالمحترف لجهة ان هذه السلعة لن يشتريها احد لأن مواصفات السوق مختلفة عما تطلبه ذاك المستهلك بالنسبة للسلعة فيما لو اعطي حق العدول عنها.
• إذا كان الإتفاق يتناول أشرطة فيديو أو أسطوانات أو أقراص مدمجة أو برامج معلوماتية، في حال جرى إزالة غلافها: والهدف الاساسي من هذا الاستبعاد هو حماية حقوق الملكية الفكرية، لأن منح المستهلك الحق في العدول في هذه الحالة قد يمكنه من الحصول عليها دون دفع مقابلها، كما لو نسخها واعاد انتاجها.
• إذا كان الشراء يتناول الصحف والمجلات والمنشورات لا سيما الكتب: والهدف من الاستبعاد هنا هو ذات ما ذكر بالنسبة لحماية حقوق الملكية الفكرية.
• إذا تعيبت السلعة من جراء سوء حيازتها من قبل المستهلك: وهدف الاستبعاد من نطاق الحق في العدول مرده ان السبب في تعيب السلعة هو المستهلك، فكيف يستفيد من خطأه مرتين.
وقد اشار قانون حماية المستهلك في لبنان الى مفعول ممارسة الحق في العدول الممنوح للمستهلك المتعاقد عن بعد، بأن اوجب على المحترف- في حال مارس المستهلك حقه في العدول، إعادة المبالغ التي يكون قد تقاضاها على أن يتحمل المستهلك، في حال عَدَل عن قراره بالتعاقد بعد إجراء
التسليم، مصاريف التسليم.
ثالثا: حق المستهلك في المحافظة على سرية المعلومات التي يقدمها للمحترف
منح قانون حماية المستهلك الحق للمستهلك في المحافظة على سرية المعلومات التي يقدمها للمحترف، حيث يجب على المحترف الذي يتم التعاقد معه أن يحافظ على المعلومات التي يستحصل عليها وأن لا يتصرف بها، ما لم يوافق المستهلك صراحة على ذلك. كما يتوجب عليه إتخاذ كافة الإجراءات للحفاظ على سرية هذه المعلومات. وينطوي هذا الالتزام على حق المستهلك في حماية معلوماته الخاصة من الوصول الى اشخاص من الغير، بحيث ان المحترف الذي تلقى المعلومات الخاصة بالمستهلك يجب عليه اتخاذ كافة الاجراءات للحفاظ على سرية المعلومات التي زوده بها المستهلك.

الفرع الثاني
الحماية الاجرائية
عرض قانون حماية المستهلك لوسائل الحماية الاجرائية الممنوحة للمستهلك بشكل عام، والتي عرضناها عند الحديث عن هذه الوسائل بالنسبة للمستهلك المتعاقد بالشكل التقليدي، سواء لجهة وسائل تسوية المنازعات او لجهة الحماية الجزائية، لذلك فإننا نحيل بشأن هذا النوع من الحماية الى ما سبق وعرضنا له.

بيد ان المشرع اضاف نوعاً من الحماية الحماية التقنية للمستهلك المتعاقد عن بُعد حيث اوجب أن تكون الوسيلة المعتمدة للدفع آمنة وسهلة الإستعمال وأن يزود المستهلك بالشروط المطبقة على وسيلة الدفع، وذلك كوسيلة حمائية تضمن له الدفع الذي يتم ايضاً عن بُعد اما تم التعاقد بشأنه عن بُعد.
خاتمة
تعتبر حقوق المستهلك واحدة من اهم الحقوق التي عنى بها المشرع الوطني والدولي باعتبارها مربتطة بتنمية المجتمعات، خاصة مع الثورة المعلوماتية، وفي ظل وجود المحتوى الالكتروني الرقمي، وثورة الاعلانات التي غيرت مفاهيم الحاجات الكمالية الى ضرورية في حياة المستهلك. حيث برزت حاجة اكبر لدراسة الاطار القانوني لحماية حقوق المستهلك ، خصوصاً وأنّ معظم دول العالم قد عبرت عن رغبتها واستعدادها لحماية هذا المستهلك كونه الطرف الضعيف في علاقته بالمهني (المحترف) لافتقاره للمعلومات الكافية والضرورية حول السلعة او الخدمة محل الاستهلاك والتي تجعله يستخدمها افضل استخدام بما يحقق له الغرض الذي من اجله قام بإبرام العقد. من هنا كان لزاماً وجود مجموعة من القواعد الحمائية لصالح المستهلك.

في هذا الاطار فقد قمنا من خلال هذه الدراسة بالبحث في مضمون قانون حماية المستهلك في لبنان لسنة 2005 وما يرتبط به من قواعد حمائية ذات صلة بحماية المستهلك، حيث قمنا بتحديد ماهية عقد الاستهلاك واطرافه، وماهية حقوقهما وواجباتهما كمفاعيل لهذا العقد ثم تناولنا بالبحث موضوع الحماية الموضوعية والاجرائية والمؤسسية للمستهلك من قبل الاجهزة الوطنية الرسمية وغير الرسمية علاوة على حماية المستهلك المتعاقد عن بُعد “الكترونيا” . كما تم تعزيز الدراسة بالبحث في الواقع العملي التطبيقي في مجال كيفية ضبط المخالفات المتصلة بانتهاكات حقوق المستهلك ومخالفة القانون، علاوة على اتجاهات القضاء في انفاذ قانون حماية المستهلك مدنيا وجزائيا.

وفي خلاصة لهذه الدراسة نجد ان الاطر المنظمة لحماية المستهلك في لبنان هي من الاهمية بمكان يُستطاع معه تحقيق حماية فاعلة للمستهلك، بيد ان العائق الاساسي الذي يحد من تحقيق مثل هذه الحماية هو الحاجة الى اصدار المراسيم التطبيقية ذات الصلة بقانون حماية المستهلك خاصة لجهة تفعيل دور المجلس الوطني لحماية المستهلك وتفعيل اليات فض المنازعات المتصلة بالمستهلك من وساطة ولجنة حل المنازعات بما يحقق انفاذا حقيقيا للقانون الحمائي الخاص بحقوق المستهلك، علاوة على اهمية تعزيز القدرات في مجال التعريف بقانون حماية المستهلك وبالقوانين ذات الصلة. ويُوصى في هذا الاطار بالنظر في ايلاء الاهتمام بالعمليات الاستهلاكية التي تتم عبر الانترنت، والتوعية بشأن هذا النمط الاستهلاكي المستجد، ووجوب وضع الاطر القانونية التطبيقية المرتبطة بتنفيذ قانون حماية المستهلك، علاوة على تعزيز تنسيق الجهود كافة من اجل تفعيل حماية المستهلك وخاصة الجهود الحكومية و التربوية والامنية والاجتماعية والاقتصادية والدينية ومنظمات المجتمع المدني الوطنية وكذلك المنظمات الدولية كالامم المتحدة والمنظمات الاقليمية كجامعة الدول العربية . كما يُوصى بتعزيز القدرات للمختصين والمعنيين في مجال حماية المستهلك خاصة المراقبين والمحققين في مدى وجود مخالفات استهلاكية من عدمه، علاوة على ايلاء الاهتمام بمحاولة ايجاد الحلول التشريعية والتقنية لمسألة اجراءات التفتيش و الضبط والادلة ، مع التركيز على دور اجهزة الضبط الاداري والقضائي في ملاحقة الانتهاكات المتعلقة بحقوق المستهلك، كما يجب تعزيز حماية المستهلك من انتهاك حقوق العلامات التجارية واثرها السلبي عليه وما يحققه ذلك من لبس لديه يؤدي فيه الى عدم التمييز بين ما هو ملائم لحاجاته وبين ما هو ضار بصحته وحياته.

وختاما فان هذا الموضوع ” الحماية القانونية للمستهلك” ، يعد ذا بعد قانوني واقتصادي ومجتمعي هام، خاصة في ظل هذا التحول العالمي الكبير من الشراء من السوق العادية الى التسوق الالكتروني الذي نمارسه يوميا عبر العالم الافتراضي. ولا نعرف ماذا بعد؟
المراجع

أولا: المراجع العربية:
• المراجع العربية العامة
1. العميدة د.حفيظة الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص – الكتاب الاول:المبادئ العامة في تنازع القوانين، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
2. د.طوني عيسى، التنظيم القانوني لشبكة الانترنت، صادر ناشرون، بيروت،2001.
3. د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، المجلد الاول، نظرية الالتزام بوجه عام -مصادر الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت، 2000.
4. د.عبدالفتاح حجازي ، مكافحة جرائم الكمبيوتر والانترنت ط1،دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية ،2006.
5. د.عبدالله عبدالكريم عبدالله، عقود نقل التكنولوجيا، منشورات صادر ، بيروت، 2007.
6. د.عبدالله عبدالكريم عبدالله، مكافحة جرائم المعلوماتية والانترنت “الجرائم الالكترونية” ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2007.
7. د.فاتن حوى، المواقع الالكترونية وحقوق الملكية الفكرية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان –الاردن، 2010.
8. د. محمد المرسي زهرة ، الحاسوب والقانون ، منشورات مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، الكويت ، 1995.
9. د.محمد قاسم، القانون المدني – العقود المسماة “البيع-التامين- الايجار-، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2008
10. د. محمد قاسم، المدخل لدراسة القانون – ج1- القاعدة القانونية ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2008
11. د. محمد قاسم ود.عبدالله عبدالكريم عبدالله، د.فاتن حوى موسوعة التشريعات العربية في الملكية الفكرية واهم الاتفاقيات الدولية والاقليمية ذات الصلة مع مدخل عام الى حقوق الملكية الفكرية، الجزء الاول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان – الاردن، 2011
12. د. مصطفى الجمّال، السعي الى التعاقد في القانون المقارن، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001.
13. د.مصطفى الجمال، د.رمضان ابو السعود، د.نبيل سعد، مصادر واحكام الالتزام، دراسة مقارنة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
14. د.مصطفى العوجي، القانون المدني-ج1 –العقد، ط2، دار الخلود، بيروت، 1999.
15. د. مها بخيت زكي، جهود جامعة الدول العربية في الحد من انتهاك حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الغش التجاري، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال اللجنة الاستشارية المعنية بالإنفاذ – الدورة التاسعة والتي انعقدت في جنيف، من 3 إلى 5 مارس 2014. ‏
16. المنجد في اللغة والأعلام، دار المشرق للنشر، بيروت، 1986
17. د.نبيل سعد، العقود المسماة (البيع) ج1، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1997.
18. د.نبيل سعد، النظرية العامة للالتزام – الجزء الاول – مصادر الالتزام في القانون اللبناني والتشريعات العربية، دار النهضة العربية، بيروت، 1995.
19. نضال إسماعيل برهم، تحت اشراف د. غازي أبو عرابي، أحكام عقود التجارة الالكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.

• المراجع العربية المتخصصة
20. د. اسامة بدر، حماية المستهلك في التعاقد الالكتروني، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2005.
21. د. أسامة مجاهد، التعاقد عبر الإنترنت، دار الكتب القانونية ، المحلة – مصر، 2002 .
22. د. اسعد دياب، ضمان عيوب المبيع الخفية، دراسة مقارنة بين القانون البناني والشريعة الاسلامية والقوانين الحديثة العربية والاوروبية، ط3، دار اقرأ للنشر، بيروت، 1983.
23. د.الياس ناصيف، العقود الدولية – العقد الالكتروني في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009.
24. د. بـدران الرفاعـي، عقـود المسـتـهلك في القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة، منشورات دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، المحلة الكبرى (مصـر)، 2011.
25. د.خالد ابراهيم، حماية المستهلك فى العقد الإلكترونى، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2008.
26. د.السيد محمد عمران، حماية المستهلك اثناء تكوين العقد، الدار الجامعية، بيروت، 2003 .
27. د. صالح المنزلاوي ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006.
28. د.عامر القيسي، الحماية القانونية للمستهلك – دراسة في القانون المدني والمقارن، منشورات الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان-الاردن ، 2002.
29. د.عبدالفتاح حجازي، مقدمة في حقوق الملكية الفكرية وحماية المستهلك في عقود التجارة الالكترونية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2005.
30. د.عبدالمنعم ابراهيم، حماية المستهلك “دراسة مقارنة”، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، 2007.
31. د.غسان رباح، قانون حماية المستهلك الجديد – المبادئ، الوسائل، الملاحقة- ط2، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2010.
32. د.محمد سعيد اسماعيل ، اساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الالكترونية،منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009.
33. د.محمد حسين منصور، ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2004.
34. د. محمد قاسم ، التعاقد عن بُعد – قراءة تحليلية في التجربة الفرنسية مع اشارة لقواعد القانون الاوروبي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2005.
35. د. محمد قاسم، مراحل التفاوض في عقد الميكنة المعلوماتية ، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2003.
36. د. محمد قاسم، الوسيط في عقد البيع في ظل التوجهات القضائية والتشريعية الحديثة وتشريعات حماية المستهلك، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2011
37. وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان ، دليل الجودة لحماية المستهلك ، كتيب رقم 10، منشورات واصدارات برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، 2009.
38. وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان ، دليل قانون حماية المستهلك الجديد الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان.
39. وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، نشرة حماية المستهلك الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة – مديرية حماية المستهلك في لبنان، العدد الثاني – صيف 2010.
40. وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، نشرة حماية المستهلك الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، بتاريخ 15 اذار 2011.
• مقالات وابحاث ومحاضرات ووتقارير
41. د.ابراهيم الدسوقي ابو الليل، الجوانب القانونية للتعاملات الالكترونية، منشورات مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت، الكويت،2003.
42. د.احمد الزقرد، القيمة القانونية للمستندات التعاقدية في عقود التجارة الدولية، دراسة منشورة في المجلة العربية للفقه والقضاء الصادرة عن الامانة العامة لجامعة الدول العربية – الادارة القانونية لدى الامانة الفنية لمجلس وزراء العدل العرب، العدد 41، نيسان/ابريل 2010، منشورات جامعة الدول العربية، القاهرة، 2010.
43. د.أحمد عبدالكريم سلامة، حماية المستهلك في العقود الدولية الالكترونية وفق مناهج القانون الدولي الخاص، دراسة مقدمة ضمن اعمال المؤتمر العلمي الاول حول “الجوانب القانونية والامنية للعمليات الالكترونية” الذي نظمته اكاديمية شرطة دبي بتاريخ 26-28 ابريل 2003
44. د.أنور رسلان، الحماية التشريعية للمستهلك، بحث منشور ضمن اعمال مؤتمر “حماية المستهلك في الشريعة والقانون” بجامعة الامارات بعنوان ” حماية المستهلك في الشريعة والقانون”وذلك في مدينة العين بدولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 6 – 7 ديسمبر 1998م.
45. الامم المتحدة ، التقرير الختامي للممثل الخاص للامين العام وهو يلخص عمله في الفترة من عام 2005 إلى عام 2011، ويعرض “المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: تنفيذ إطار الأمم المتحدة المعنون “الحماية والاحترام والانتصاف” لينظر فيه مجلس حقوق الإنسان.
46. الامم المتحدة، الورقة الخلفية الصادرة عن برنامج ادارة الحكم في الدول العربية التابع لبرنامج الامم المتحدة الانمائي حول الدورة الإقليمية الثانية حول التدريب القضائي على القوانين الاقتصادية، ضمن مبادرة الإدارة الرشيدة لخدمة التنمية في الدول العربية – مشروع التدريب القضائي على القوانين الاقتصادية، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية، 13-16 تشرين الثاني / أكتوبر2008.
47. د.بول مرقص، التشريعات العربية اللازمة للتجارة الالكترونية، مقالة منشورة في المجلة العربية للفقه والقضاء الصادرة عن الامانة العامة لجامعة الدول العربية – الادارة القانونية لدى الامانة الفنية لمجلس وزراء العدل العرب، العدد 32، منشورات جامعة الدول العربية، القاهرة، 2005.
48. د.حداد العيد، الحماية المدنية والجنائية للمستهلك عبر شبكة الانترنت، مداخلة مقدمة ضمن اعمال المؤتمر المغاربي الأول حول المعلوماتية والقانون الذي نظمته اكاديمية الدراسات العليا بطرابس ليبيا بتاريخ 27-30 تشرين الاول/اكتوبر 2009، طرابلس (ليبيا)،2009.
49. د.حسني الجندي ، دور الوسائل الالكترونية في المواد الجنائية ، دراسة قانونية مقدمة ضمن أعمال المؤتمر الأول حول الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الالكترونية والذي نظمته أكاديمية شرطة دبي خلال الفترة من 26 إلى 28 ابريل 2003 ، منشورات مركز البحوث بالأكاديمية ،دبي،2003.
50. د. داود الباز، الادارة العامة (الحكومة) الالكترونية واثرها على النظام القانوني للمرفق العام واعمال موظفيه، منشورات مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، الكويت، 2004.
51. د.زياد عاشور، حماية المستهلك ومراقبة الاسواق اللبنانية، مقالة منشورة في نشرة حماية المستهلك، العدد 5، ربيع 2011.
52. القاضي الدكتور سامي منصور، الاثبات الالكتروني في القانون اللبناني “معاناة قاض، مقالة منشورة في كتاب اعمال المؤتمر القانوني حول الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية، أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بيروت العربية، الجزء الأول، الجديد في التقنيات المصرفية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2004.
53. د.شريف غنام، مجلة الشريعة والقانون، كلية القانون بجامعة الامارات العربية المتحدة، العدد 40، اكتوبر 2009، منشورات مجلس النشر العلمي بالجامعة، الامارات، 2009.
54. د.عادل قورة و المستشار سري صيام والمستشار احمد الطيب والاستاذ ايسر فودة، دراسة مشتركة بعنوان ” الحماية التشريعية للمستهلك في مصر”، منشورات اليونسكو بالتعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والمركز الاقليمي العربي للبحوث والتوثيق في العلوم الاجتماعية واكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، القاهرة، 1999.
55. د.عبدالسلام شعيب، النظام العام وقانون العمل في ضوء العولمة، دراسة منشورة في مجلة العدل الصادرة عن نقابة المحامين في بيروت، العدد الثالث، السنة الواحدة والاربعون، 2007، قسم الدراسات، منشورات النقابة، بيروت،2007،
56. د.عبدالله الصعيدي، حماية المستهلك في اقتصاد السوق، بحث منشور ضمن اعمال مؤتمر “حماية المستهلك في الشريعة والقانون بجامعة الامارات بعنوان ” حماية المستهلك في الشريعة والقانون”وذلك في مدينة العين بدولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 6 – 7 ديسمبر 1998م.
57. د.عبدالله عبدالكريم عبدالله ود.فاتن حوى، مقالة مشتركة بعنوان اسماء مواقع الانترنت والعلامات التجارية وتسوية المنازعات الناشئة بينهما، مقالة منشورة في المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي، العدد 51- سنة 2009، بيروت، 2009.
58. أ.علي عيسى، حقوق المستهلك في ظل التشريع القانوني، مقالة منشورة في نشرة حماية المستهلك الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة – مديرية حماية المستهلك، العدد 2 – صيف 2010، منشورات وزارة الاقتصاد والتجارة، بيروت، 2010.
59. أ.علي عيسى، مديرية حماية المستهلك ودورها في الحفاظ على سلامة السلع، مقالة منشورة في نشرة حماية المستهلك الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة – مديرية حماية المستهلك في لبنان، العدد الخامس – ربيع 2011.
60. د.غازي ابو عرابي، حماية رضاء المستهلك “دراسة مقارنة بين قانون حماية المستهلك الاماراتي وتقنين الاستهلاك الفرنسي ومشروع قانون حماية المستهلك الاردني، دراسة منشورة في مجلة “دراسات” في علوم الشريعة والقانون الصادرة عن عمادة البحث العلمي بالجامعة الاردنية/ المجلد 36 / العدد1، 2009، منشورات الجامعة الاردنية، عمان – الاردن، 2009.
61. د.فاتن حوى، محاضرات في قانون حماية المستهلك، محاضرات جامعية القيت على طلبة السنة الثالثة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بيروت العربية، بيروت، 2010.
62. د.فاتن حوى، محاضرات في القانون المدني –عقد التأمين، محاضرات القيت على طلبة السنة الثالثة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بيروت العربية، بيروت، ربيع 2011.
63. د.فاديا كيوان، الفاعلون الجدد في اطار العولمة، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر السنوي الثاني حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “حقوق المستهلك وواجباته – الاطر العامة والحالة اللبنانية”، والذي نضمته جامعة الحكمة بتاريخ 22 اذار 2002، منشورات مركز الدراسات بجامعة الحكمة، بيروت، 2002
64. أ.فؤاد فليفل، دور مديرية حماية المستهلك، مداخلة مقدمة ضمن اعمال ندوة بعنوان «المستهلك اللبناني بين القانون وسلامة الغذاء»، التي نظمتها كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في لبنان خلال شهر اب 2011 ، منشورة في مجلة الجيش العدد 315 – آب2011.
65. كلية الشريعة والقانون بجامعة الامارات، مقدمة اعمال الندوة العلمية التي نظمتها كلية الشريعة والقانون بجامعة الامارات بعنوان ” حماية المستهلك في الشريعة والقانون”وذلك في مدينة العين بدولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 6 – 7 ديسمبر 1998م.
66. الخوري كميل مبارك، حقوق المستهلك في تعاليم الكنيسة الاجتماعية، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر السنوي الثاني حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “حقوق المستهلك وواجباته – الاطر العامة والحالة اللبنانية”، والذي نضمته جامعة الحكمة بتاريخ 22 اذار 2002، منشورات مركز الدراسات بجامعة الحكمة، بيروت، 2002.
67. أ.كورين فغالي، الهيئة المنظمة للاتصالات وحماية المستهلك: شرح للأهداف والتدابير والإنجازات، مقالة منشورة على الموقع الالكتروني للهيئة.
68. أ.ليندة عبدالله، المستهلك والمهني مفهومان متباينان، بحث مقدم ضمن اعمال الملتقى الوطني الاول حول “حماية المستهلك في ظل الانفتاح الاقتصادي”، والذي نظمه معهد العلوم القانونية والادارية بالمركز الجامعي بالوادي – الجزائر بتاريخ 13-14 نيسان/ابريل 2008، منشورات معهد العلوم القانونية والادارية بالمركز الجامعي بالوادي – الجزائر، 2008.
69. د. مارون بستاني، المستهلك في القوانين اللبنانية، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر السنوي الثاني حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعنوان “حقوق المستهلك وواجباته – الاطر العامة والحالة اللبنانية “، والذي نضمته جامعة الحكمة بتاريخ 22 اذار 2002، منشورات مركز الدراسات بجامعة الحكمة، بيروت، 2002.
70. د. محمد بنداري، حماية المستهلك في عقد الاذعان، بحث مقدم ضمن اعمال مؤتمر “حماية المستهلك في الشريعة والقانون بجامعة الامارات بعنوان ” حماية المستهلك في الشريعة والقانون”وذلك في مدينة العين بدولة الامارات العربية المتحدة بتاريخ 6 – 7 ديسمبر 1998م.
71. أ. محمد السكر و علي الواحنة، احكام الجودة في الفقه الاسلامي – البيع انموذجاً ، دراسة منشورة في مجلة “دراسات” في علوم الشريعة والقانون الصادرة عن عمادة البحث العلمي بالجامعة الاردنية/ المجلد 36 / العدد2، 2009، منشورات الجامعة الاردنية، عمان – الاردن، 2009.
72. أ.محمد بن خليفة الكندي، قانون حماية المستهلك العماني، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال حلقة تنظمها الهيئة العامة لحماية المستهلك بالتعاون مع الإدعاء العام حول «الضبطية القضائية والتعريف بقانون حماية المستهلك» لموظفي الهيئة العامة لحماية المستهلك في المحافظات والمناطق في سلطنة عُمان والتي انعقدت بمدينة صحار (سلطنة عُمان) في الفترة من 17-21/9/2011.
73. د.محمد قاسم، انهاء عقد التأمين (الضمان) بعد وقوع الكارثة وضرورات حماية المؤمن له (المضمون)، دراسة في القانون الفرنسي والمصري واللبناني، دراسة مقدمة ضمن اعمال مؤتمر “الجديد في مجال التأمين/الضمان في لبنان والعالم العربي، والذي نظمته كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بيروت العربية بتاريخ 24-26 نيسان/ابريل 2006 في بيروت، منشورة في كتاب اعمال المؤتمر، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2007.
74. د. محمود عبدالفضيل، اعمال الواقع وتفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال الندوة الاقليمية حول تفعيل العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلدان العربية، والتي نظمها مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان وبرنامج الامم المتحدة الانمائي في الدار البيضاء (المغرب) بتاريخ 16-17 تموز/يوليو 2003، منشورات المنظمة العربية لحقوق الانسان، القاهرة ، 2003.
75. القاضي المنصف زغاب، العقد والاعلامية، دراسة منشورة في المجلة العربية للفقه والقضاء، الصادرة عن الامانة العامة لجامعة الدول العربية – الادارة القانونية التابعة لمجلس وزراء العدل العرب، العدد 37، نيسان/ابريل 2008، منشورات جامعة الدول العربية، القاهرة، 2008.
76. د. نبيل صبيح، حماية المستهلك في التعاملات الالكترونية، دراسة قانونية منشورة في مجلة الحقوق الكويتية، الصادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت، العدد 2- السنة 32، يونيو 2008، منشورات المجلس، الكويت 2008.
77. د.هادي الكعبي ود.سلام عبد الزهرة عبد الله، ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معينة (دراسة في التقنينات المدنية العربية)، منشورات كلية القانون-جامعة بابل (العراق)، 2007.
78. العميد د.هاني دويدار، نظرات في التنظيم القانوني للتجارة الالكترونية، محاضرات القيت على طلبة دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص بكلية الحقوق – جامعة بيروت العربية، بيروت، 2006.
79. العميد د.هشام صادق، حماية المستهلك في ظل العولمة، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر الاقليمي حول “تنمية الصناعات الوطنية وحماية المستهلك في ظل العولمة، الذي عقده مركز دراسات السوق وبحوث المستهلك في اليمن بالتعاون مع الامانة العامة للاتحاد العربي للمستهلك في صنعاء (اليمن) 14-16 ايلول/سبتمبر 2002.
80. العميد د.هشام صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الالكترونية، دراسة منشورة في مجلة الدراسات القانونية الصادرة عن كلية الحقوق بجامعة بيروت العربية، العدد الاول ، 2004، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2005.
81. د. وليد عبدالحي ، اشكالية الفضاء الالكتروني ، ورقة عمل مقدمة ضمن اعمال المؤتمر العلمي الاول للملكية الفكرية الذي عقد في جامعة اليرموك الاردنية خلال الفترة من 10-11 تموز 2000 ، منشورات جامعة اليرموك ، اربد – الاردن ،2001

• معاهدات وقوانين ومبادئ توجيهية وقرارات
82. الامم المتحدة، المباديء التوجيهية لحماية المستهلك الصادرة منظمة الامم المتحدة للتجارة والتنمية 1999، منشورات الامم المتحدة، نيويورك،2003.
83. معاهدة روما لسنة 1980 في شأن القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية.
84. التشريع الاوروبي رقم 593 لسنة 2008 الصادر عن البرلمان الاوروبي والمجلس الاوروبي.
85. قوانين لبنانية:
 قانون حماية المستهلك اللبناني( قانون رقم 659 تاريخ 4 شباط 2005)
 قانون نظام القياس في لبنان رقم 158 تاريخ 17/8/2011
 قانون الموجبات والعقود اللبناني
 قانون صادر في 23 تموز سنة 1962 . انشاء هيئة تدعى ” مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية”
 القانون 431/2002 المتعلق بالاتصالات في لبنان.
 مرسوم اشتراعي رقم 108 صادر في 16/9/1983. تنظيم استثمار المياه والمرطبات المعبأة في أوعية
 مرسوم اشتراعي رقم 71 صادر في 9/9/1973 وتعديلاته (سلامة المواد الغذائية) -تلغى المواد المخالفة لقانون حماية المستهلك الجديد-
 مرسوم اشتراعي رقم 73 صادر في 9/9/1983 وتعديلاته (حيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها) -تلغى المواد المخالفة لقانون حماية المستهلك الجديد-
 مرسوم اشتراعي رقم 31 صادر في 5 آب سنة 1967 المتعلق بمكافحة ألاغراق
 مرسوم رقم 8475 صادر في 9 كانون الثاني سنة 1962 .انتساب الدولة اللبنانية الى مؤسسة الدولية لعلم القياس الرسمي
 مرسوم رقم 4880 صادر في 69/6/1966 . اعطاء صفة الازام القانوني لمقاييس و بعض المواد الغذائية
 مرسوم رقم 12253 صادر في 2 نيسان سنة 1966 . تحديد الشروط الواجب توفرها في المواد الغذائية المعلبة أو المحفوظة
 قرار رقم 1489 صادر في 15/12/1961 .الاقتصار على استعمال وحدات القياس الرسم على الأواني والرزم المعبأة لمواد وسلع معدة للبيع
 قرار 21/1/أت صادر في تاريخ 10/5/1994 .تعيين وحدات القياس الرسمي والأسعار التي يجب أن تدون على الاوعية والأواني والرزم والغلافات المقفلة التي تباع فيها سلع او حاصلات بطابع او منتجات عملية .
 قرار 12/1/أت صادر في تاريخ 27/2/1993 . القاضي بدمغ المصوغات الذهبية والفضية.
 قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 50/1/أ.ت تاريخ 9 اذار/مارس 2011
 قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 61/1/أ.ت تاريخ 4 نيسان/ابريل2011.
 قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 62/1/أ.ت تاريخ 4 نيسان/ابريل2011.
 مرسوم يرمي الى انشاء سجل خاص لجمعيات المستهلك لدى وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان صادر بتاريخ 10تشرين الثاني 2011
86. قوانين مصر: قانون حماية المستهلك المصري رقم 67 لسنة 2006.
87. قوانين سوريا: القانون رقم (2) لسنة 2008 المتعلق بحماية المستهلك في سوريا وتعديلاته 2013.
88. قوانين تونس: قانون حماية المستهلك التونسي رقم 117 لسنة 1992 والمؤرخ في 7 ديسمبر 1992.
89. قوانين الامارات: القانون الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة رقم ( 24 ) لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك.
90. قوانين سلطنة عمان: المرسوم السلطاني العُماني. رقم 81 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية المستهلك. وكذلك المرسوم السلطاني رقم (53/2011) بإصدار نظام الهيئة العامة لحماية المستهلك.
91. قوانين قطر: قانون رقم (8) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك في دولة قطر.
92. قوانين المغرب: ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك. حرر بالرباط في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) منشور في الجريدة الرسمية عدد 5932 الصادرة بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432( 7 أبريل 2011) .
93. قوانين الجزائر: قانون رقم 03-09 لسنة 2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش في الجزائر.
94. قوانين العراق: قانون حماية المستهلك في العراق رقم 1 لسنة 2010.
95. قوانين فلسطين: قانون حماية المستهلك الفلسطيني رقم (21) لسنة 2005.
96. قوانين اليمن: قانون رقم (46) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك في اليمن.
97. قوانين الاردن: مشروع القانون حول حماية المستهلك في الاردن طرح منذ سنة 2006 ولا زال لغاية الان ضمن اطار المناقشة.
• قرارات قضائية:
98. القرار رقم 26 تاريخ 21/12/2006 ،حكم صادر من محكمة الدرجة الاولى في جبل لبنان – الغرفة السادسة، الهيئة الحاكمة: القضاة نضال شمس الدين وبلال حلاوي ومنصور القاعي في قضية اميل صقر ضد مؤسسة كهرباء لبنان، منشور في مجلة العدل الصادرة عن نقابة المحامين في بيروت، العدد 1- سنة 2009، منشورات نقابة المحامين، بيروت، 2009.
99. قرار رقم 195 الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في الدعاوى المالية بتاريخ 15 ايار 2007، منشور في مجلة العدل الصادر عن نقابة المحامين في بيروت، العدد الاول، السنة الثانية والاربعون، 2008.
100. قرار رقم 148 الصادر عن القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في الدعاوى الادارية بناريخ 23 شباط 2006، قرار منشور في مجلة العدل الصادرة عن نقابة محامي بيروت، العدد الاول-السنة41-2007.
101. قرار رقم 43 تاريخ 28 تشرين الثاني 2008 صادر عن محكمة التمييز المدنية اللبنانية – الغرفة الرابعة، منشور في مجلة العدل الصادرة عن نقابة محامي بيروت، العدد 2 سنة 2009.
102. قرار رقم 150 تاريخ 30 كانون الاول 2008 صادر عن محكمة التمييز المدنية – الغرفة الخامسة، منشور في مجلة العدل، العدد 3، سنة 2009.
103. قرار رقم 15 تاريخ 8 كانون الثاني 2009 صادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة التاسعة، منشور في مجلة العدل، العدد 3، سنة 2009.
104. قرار رقم 2012 تاريخ 28 كانون الاول 2006 صادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة التاسعة، منشور في مجلة العدل، العدد 3، سنة 2007.
105. قرار رقم 26 تاريخ 29 كانون الثاني2009 صادر عن محكمة الدرجة الاولى في بيروت – الغرفة الثالثة، منشور في مجلة العدل، العدد2، سنة 2009.
106. قرار رقم 125 تاريخ 5 ايار 2009 صادر عن القاضي المنفرد الجزائي في كسروان، منشور في مجلة العدل، العدد 3، سنة 2009.
ثانيا: المراجع الاجنبية
107. Dr.Ahmad AL-GHADYAN, Digital Signatures and Liability Issues Arising Out of Their certification, Journal of Law, No.2,Vol 28, June 2004, the Academic Publication Council, Kuwait University,Kuwait,2004.
108. Ewoud HONDIUS, The Notion of Consumer: European Union versus Member States, Sydney Law Review, Vol 28, Published by The Faculty of Law at the University of Sydney,2006
109. Gina Angelis , Cyber Crimes , Chelsa House Publishers , USA, 2000.
ثالثاً: المصادر الالكترونية
مصادر ذات صلة بحماية المستهلك.
110. www.undp-pogar.org
111. http://www.arbcon.net/consumer-rights.htm
112. www.consumersinternational.org
113. http://slconf.uaeu.ac.ae/prev_conf/1998-med/1.pdf
114. http://www.arabhumanrights.org/cbased/ga/covenant-escr66a.html
115. http://www.amnesty.org/ar/economic-and-social-cultural-rights/what-are-escr
116. http://www.consumersinternational.org/media/33860/consumption_ar.pdf
117. http://www1.umn.edu/humanrts/arab/commentary-Aug2003.html
118. http://www.economy.gov.lb/MOET/Arabic/ConsumerProtection/Documents/QA_new_CP_law.htm
119. www.mit.gov.jo
120. http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/LexUriServ.do?uri=CELEX:41998A0126(02):EN:HTML
121. http://sydney.edu.au/law/slr/slr28_1/Hondius.pdf
122. www.mohamoon.com
123. http://eur-lex.europa.eu/LexUriServ/LexUriServ.do?uri=OJ:L:2008:177:0006:01:en:HTML
124. http://www.libnor.com
125. http://www.consumerslebanon.org
126. http://www.uobabylon.edu.iq/uobcoleges/fileshare/articles/_%20_%20.pdf
127. http://www.mefosa.com/conference/albayan_alkhitami.pdf
128. http://www.economy.gov.lb/?/serviceSubCat/1/11/0
129. http://www.lebarmy.gov.lb/article.asp?ln=ar&id=29123
130. http://www.lebanon-tourism.gov.lb
131. http://www.tra.gov.lb/SubPagear.aspx?pageid=1494
132. http://www.itu.int/net/about/index-ar.aspx
133. http://www.tra.gov.lb/SubPagear.aspx?pageid=1494
134. www.consumersinternational.org
135. http://www.consumersinternational.org/media/33860/consumption_ar.pdf
136. http://www.economy.gov.lb/?/subCatInfo/1/117/11/0
137. www.bau.edu.lb
138. http://www.arado.org.eg/homepage/NewsDetails.aspx?news=878
139. www.wipo.int/edocs/mdocs/mdocs/ar/wipo_ace…/wipo_ace_9_16.docx

إعادة نشر بواسطة محاماة نت