تعريف الإدارة العامة والإدارة الاليكترونية :

تعرف الإدارة العامة في أوسع معانيها بأنها ( تنظيم وإدارة القوى البشرية والمادية لتحقيق الأهداف الحكومية)(1).ويعرفها الأستاذ د. صلاح الدين فوزي بأنها(مجموعات من الأفراد والمؤسسات والسلطات التي تعمل تحت أشراف السلطة السياسية التي تضطلع بمهمة تدخل الدولة الحديثة في حياة الأفراد)(2).

والإدارة العامة كشخص قانوني، تخضع لحكم القانون عملاً بمبدأ المشروعية وسيادة القانون، وقانونها هو القانون الإداري الذي يمكن تعريفه باختصار بأنه قانون الإدارة العامة(3).ويستنتج من هذه التعاريف للإدارة العامة معياران لتحديد هوية الإدارة العامة(4)المعيار: الأول هو المعيار العضوي أو الشكلي وبذلك يكون الإجراء إدارياً كلما كان صادراً عن شخص يتخذ الشكل الإداري بحيث تكون الإدارة مجموعة أجهزة في الدولة تباشر نشاطها بوصفها جهات إدارية وتوصف بالوصف الإداري.والمعيار الثاني هو المعيار الموضوعي، الذي يحدد العمل الذي تقوم به الجهات التي تمارس هذا العمل، أي نتاج النشاط أو العمل وحصيلته.هذه التعريفات كلها لا تخرج إلا عن معنى واحد وهو تنظيم وإدارة القوى البشرية والمادية لتحقيق الأهداف الحكومية التي تأتي بالنتيجة وهي دوام سير عمل وانتظام المرافق العامة بالوسائل العديدة لتحقيق المصلحة العامة(5).

غير أن مصطلح الإدارة العامة يشمل جميع مسالك العمل في الدولة، لأن الإدارة توجد في أية وحدة صغيرة من مكونات تلك السلطة من السلطات الثلاث. فالسلطة التشريعية تمارس العمل الإداري من خلال الأعمال الإدارية في البرلمان أي تعيين موظفي حسابات وإدارات البرلمانات وتنظيم إدارة الأبنية والقاعات البرلمانية وتقوم على الموظفين من غير أعضاء البرلمان المنتخبين. حيث تجري الإعمال من قبل موظفين معينين من الإدارة العامة. فهنا الإدارة الإليكترونية تدخل أيضا في عمل السلطة التشريعية من حيث استخدام الحاسوب في تنظيم الرواتب والأمور المالية وأيضا تدخل الأعمال الإليكترونية في صلب عمل السلطة التشريعية، كما في تنظيم الانتخابات مثلاَ وتسهيل أجرائها بطرائق إليكترونية حديثة بدلاً من الطرائق التقليدية القديمة وكما في استخدام الأجهزة الإليكترونية في التصويت داخل البرلمان وتحديد نسبة التصويت على قرارات المجالس البرلمانية وعلى ذلك فأن مفهوم الإدارة الإليكترونية يتعين أن يستوعب أعمال الحكومة في شكلها التقليدي، وأيّاً كانت السلطة التي تمارسها سواء أكانت تنفيذية أو تشريعية أو قضائية(6) .

ولهذا فأن الشخص الإداري يختلف من موقع نشاط لآخر. فالمهندس الذي يقوم بعمله لوحده لا يعد إدارياً ولكن متى ما قام بإدارة الدائرة الهندسية أو إدارة مشروع معين (مهندس مقيم لدى المشروع) فإنه يصبح إدارياً كونه أنيط به توجيه الآخرين من رقابة وإشراف، والتنسيق بين نشاطهم لذا أصبح شخصاً إدارياً فضلاً عن عمله الفني كمهندس. ومن هنا فإن الإدارة الاليكترونية هي عملية الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الرقمي ومن إدارة الأشياء ( المكان والأبنية والأصول المادية الأخرى) إلى الإدارة الإلكترونية (المعلومات والشبكات والتفاعلات).

وبهذا فإن هنالك وجهتَيْ نظر نشأتا حول الإدارة الإليكترونية هما:-

1- الوجهة الأولى: وهي أن الانترنيت ليس سوى أداة أو وسيلة من وسائل الإدارة لا تختلف عن الوسائل الأخرى وتأثيراتها على الأعمال.

2- الوجهة الثانية: أن كل شيء قد تغير مع الحاسب الآلي، الانترنيت خاصة، سواء في المنظمات الإدارية أم في الإدارة، وإن التكنولوجيا أصبحت ذات تأثيرات عميقة وواسعة بدرجة أصبحت تقود كل شيء بما في ذلك الإدارة ومبادئها ووظائفها، على الرغم من العمر القصير لدخولها في عالم الافتراضية والفضاء الإليكتروني(7).

أن الإدارة الإليكترونية تجمع ما بين مفهوم الحكومة الإليكترونية وأعمال القطاع الخاص الإليكترونية. ذلك أن المقصود ليس ممارسة الحكم بطريقة إلكترونية عن طريق تسخير تقنية المعلومات لخدمة أدوات الحكم، وإنما المقصود إدارة الأمور بطريقة إليكترونية سواء في نطاق الحكومة بمعناها التقليدي أم في مجال القطاع الخاص(8).وقد عرفت الإدارة الإليكترونية أو الحكومة الإليكترونية بأنها استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة من قبل الإدارة العامة للقيام بوظائفها(9).وهذا التعريف يوضح لنا استخدام الوسائل الحديثة للقيام بالوظائف، أي إنه حدد التغيير فقط عبر استخدام وسائل حديثة لتنفيذ الأعمال. فاستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لن يغير مفهوم الإدارة العامة من حيث كونها جهازاً وظيفياً ينشأ للقيام بوظائف محددة ولكنه يقود للتغيير في الأدوات و وسائل الإدارة للقيام بعملها ويعرف الدكتور فهد بن ناصر ألعبود الحكومة الإليكترونية بأنها (قدرة القطاعات الحكومية المختلفة على توفير الخدمات الحكومية التقليدية للمواطنين وإنجاز المعاملات عبر شبكة الانترنيت بسرعة ودقة متناهيتين وبتكاليف ومجهود اقل ومن خلال موقع واحد على الشبكة)(10). من هذا التعريف يظهر لنا أن دور الإدارة العامة يتحدد في تقديم الخدمات الحكومية بوسائل أفضل من ناحية الجهد والتكاليف، وأن دور الإدارة العامة يتحدد كونها سلطة سلطة منظمة لتفاعلات المواطنين اليومية، وقد قلل من السلطة الممنوحة لبعض الإدارات كسلطات جزائية وحددها بالدور العام في خدمة المواطنين وتنظيم هذه القدرة بواسطة الوسائل التكنولوجية الحديثة.

ويعرف الدكتور نجم عبود نجم الإدارة الإليكترونية بأنها (عملية إدارية قائمة على الإمكانات المتميزة للانترنيت وشبكات الأعمال من تخطيط وتوجيه والرقابة على الموارد والقدرات الجوهرية للمنظمة الإدارية والآخرين بدون حدود من اجل تحقيق أهداف المنظمة الإدارية)(11) من هذا التعريف تظهر لنا مميزات الإدارة الإليكترونية بأنها عملية إدارية وهذا يحدد معنى العمل الإداري، وأيضا من كونها تعتمد على استخدام الانترنيت وهذا ما يفسر البعد الإليكتروني في العمل الإداري، والقدرة على التوجيه والرقابة في الأعمال، وهذا ما يميز صفة الإدارة وعلاقتها بالرقابة على بعض الأعمال. وبهذا يعرف العمل عن بعد وبلا حدود، أي إن العمل مع الانترنيت يتميز بالعمل بلا حدود، لأن النشاط الافتراضي جزء من قدرة المنظمة وإن العاملين عن بعد هم جزء من قوة عمل المنظمة حتى لو كانوا لا يعملون في المنظمة فعلا. من ذلك كله ومن منطلق التوافق بين مصطلحات عديدة: الحكومة الإليكترونية و الإدارة الإليكترونية و الأعمال الإلكترونية، وهذه مصطلحات بدأت تظهر للوجود في السنوات الأخيرة للدلالة على استخدام نظم المعلومات بشكل فاعل وواسع في العمل الحكومي، الأمر الذي يقتضي المواءمة مع المفاهيم التقليدية القديمة.

_________________

1- د. سليمان محمد الطماوي – مبادئ علم الإدارة العامة – الطبعة الخامسة – دار الفكر العربي للنشر – مصر- سنة1972- ص20.

2- د. صلاح الدين فوزي – المبسوط في القانون الإداري – دار النهضة العربية – القاهرة – سنة1998 – ص1.

3- د. ماهر صالح علاوي الجبوري – مبادئ القانون الإداري – دار الكتب للطباعة والنشر – جامعة الموصل – سنة1996 – ص9.

4- د. ثروت بدوي – القانون الإداري – دار النهضة العربية – القاهرة – سنة 2002- ص6.

5 – د. سامي جمال الدين – أصول القانون الإداري – المعارف للنشر – الإسكندرية – سنة 2004- ص31.

6- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإلكترونية – الكتاب الأول- دار الفكر الجامعي – الإسكندرية – سنة 2003ص45.

7- د. نجم عبود نجم – الإدارة الإليكترونية – دار المريخ للنشر – السعودية – سنة 2004- ص127.

8- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية – الكتاب الأول – مرجع سابق – ص45.

9 – د. محمد الفيلي – العلاقة بين القانون و الحكومة الإليكترونية – منشورات مؤتمر الكويت حول الحكومة الإلكترونية في 12/10/2003ص4.

10 – د. فهد بن ناصر العبود – الحكومة الإليكترونية بين التخطيط والتنفيذ – مكتبة الملك فهد الوطنية-الرياض – سنة 2003- ص26.

[1]1- د. نجم عبود نجم – مرجع سابق – ص127.

الإدارة الإليكترونية والأعمال الإليكترونية :

عرفت شركة I B M )) الأعمال الإليكترونية بأنها مدخل متكامل ومرن لتوزيع قيمة الأعمال المميزة من خلال ربط النظم بالعمليات التي تنفذ من خلالها أنشطة الأعمال الجوهرية بطريقة مبسطة ومرنة وباستخدام تكنولوجيا الانترنت(1). بمعنى أن الأعمال الإليكترونية تعني استخدام تقنيات العمل بالانترنيت والشبكات الإليكترونية لتطوير نشاطات الأعمال الحالية أو لخلق أنشطة أعمال افتراضية جديدة(2).فيكون مفهوم الأعمال الإليكترونية إدارة الأعمال إليكترونياً على مستوى المشروعات أو المنظمات. و يتبين من ذلك أن الحكومة الإليكترونية تعني الإدارة الحكومية أي الوظائف العامة والخدمات الحكومية التي يجري تنفيذها بالوسائل الإليكترونية إلى الجمهور بهدف تقديم الخدمة لهم(3) . نخلص من ذلك إلى إن الإدارة الإليكترونية هي مفهوم ومنظومة تبين وظائف وأنشطة تعم كل الأنشطة والعمليات في مستوى الأعمال الإليكترونية من جهة والأعمال الحكومية الإليكترونية من جهة أخرى، وهذا يُعيدنا إلى مفهوم يتعلق بعلاقة الأعمال الإليكترونية بالتجارة الإليكترونية إذ توصف هذه العلاقة بعلاقة الكل بالجزء والعام بالخاص، أي أن الأعمال الإليكترونية تعد مفهوماً عاماً جزؤه التجارة الإلكترونية، وان المفهوم نفسه ينطبق على علاقة الأعمال الإلكترونية بالإدارة الإليكترونية. فالإدارة الإليكترونية تكون أشمل وأوسع من الأعمال الإليكترونية. وقد جاء تحديد الأعمال الإليكترونية في تشريعات عربية عديدة، منها قانون المعاملات الإليكترونية الأردني الذي حدده في المادة الثانية منه. والمقصود بالمعاملات الإليكترونية المعاملات التي تنفذ بوسائل إليكترونية(4).

_______________

1- د . سعد غالب ياسين – نظم مساندة القرار – الطبعة الثانية – دار المناهج – عمان – سنة 2004-ص226.

2- د. سعد غالب التكريتي و الدكتور. بشير عباس العلاق – الأعمال الإلكترونية – دار المناهج للنشر و التوزيع – عمان – سنة 2002- ص16.

3- د . سعد غالب التكريتي ود. بشير عباس العلاق – مرجع سابق – ص19.

4- قانون المعاملات الإليكترونية الأردني رقم 58/ لعام /2001.

المتغيرات الخاصة بالإدارة العامة :

إن العمل الذي تنجزه أي حكومة أو منظمة، أو الثقة التي تكتسبها تلك الحكومة أو المنظمة خلال مدة زمنية محددة، يعتمد بدرجة كبيرة على فاعلية وكفاءة جهازها الإداري ومستوى الخدمات العامة التي تقدمها من خلال نشاطاتها. وهذه النشاطات التي تقوم بها الإدارة العامة تشمل أعمال الدولة كافة، ومنها النشاطات الخدمية والنشاطات الاجتماعية والاقتصادية، وكل ذلك يوجب على الدولة متابعة التنظيم الإداري الحديث وإدخال جميع وسائل التقنية في تحقيق أهدافها وذلك بإشباع رغبة الجمهور وسد حاجاته لان الإدارة العامة هي تنظيم وإدارة القوى البشرية في جميع مرافق الدولة من موظفين ومراجعين(1). وعلى هذا الأساس يستطيع الباحث تقسيم هذا الموضوع إلى فرعين :

الفرع الأول : الموظف العام .

الفرع الثاني : المنظمة الإدارية.

الفرع الأول : الموظف العام :

تعتمد فكرة الإدارة الإليكترونية على العمل في أكثر من اتجاه واحد، أهمها الاتصال المباشر بين الحكومة والمواطن من خلال البوابة الاليكترونية الحكومية لكل الخدمات في مكان واحد يسهل الوصول إليه والتعامل معه، أي أنه تسهيل عملية الوصول للإدارة بسهولة ويسر ومخاطبتها لحل تلك المشكلة أو توفير الخدمة، وهذا يعني الدخول عن طريق البوابة الحكومية للإدارة عن طريق العمل الإليكتروني باستخدام البريد الإليكتروني الذي يعد وسيلة الإدارة الإليكترونية.

يتحدد ذلك كله في الوظيفة العامة التي تعد الخلية الأولى في التنظيم الإداري، فهي الوحدة الأساسية التي يتكون منها الجهاز الإداري ويكون الموظف الذي يشغل ذلك المركز لبنة من لبنات الجهاز الإداري للدولة.

ويمكن التعريف بالوظيفة العامة بأنها (مهام موكلة لشخص يتعين عليه أن يضطلع بها ويقوم بإنجازها)(2) ويعرفها بعض القانونيين في اتجاهين ويمثل الاتجاه الأول: الاتجاه العضوي ويقوم على أساس الأعضاء الذين يشغلون الوظائف العامة وهم الموظفون العموميون ويصفها بأنها (مجموعة القواعد القانونية المنظمة للحياة الوظيفية للموظف العام منذ دخوله الخدمة وحتى خروجه منها)(3).

اما الاتجاه الثاني: فهو الاتجاه الموضوعي: ويقوم على تحديد الموضوع، ويعرفها بأنها (مجموعة من المهام والاختصاصات يناط القيام بها لشخص معين إذا توافرت فيه بعض الشروط الضرورية لتولي أعباء هذه الوظيفة).

إما الموظف (فهو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى). (4)هذا وقد عرّف القانون العراقي الموظف في قانوني الخدمة المدنية رقم 55 لسنة 1956 ورقم 24 لسنة 1960 النافذ بأنه (كل شخص عهدت إليه وظيفة دائمة داخله في ملاك الدولة الخاص بالموظفين)(5).

ويمكن للباحث ان يستنتج من تلك التعريفات أن هنالك شروطاً يجب توافرها لإسناد العمل في الوظيفة العامة لذلك الشخص، و هذه الشروط محددة بالقانون من حيث العمر أو أن يكون متمتعاً بجنسية ذلك البلد وأن يكون ذا سيرة وسمعة جيدة وأن يكون مستوفياً للفحص الطبي. وتختلف هذه الشروط في بعض الدول ولكن هذه الشروط حددت في نطاق الإدارة التقليدية(6). أما اليوم ففي نطاق الإدارة الإليكترونية وفي ظل الحكومات الإليكترونية فلم يطرأ أي تغيير في مفهوم الموظف العام في الإدارة الإلكترونية اذ لم يجد الباحث نصا قانونيا في أكثر الدول ينص على شرط الاختصاص الإليكتروني كما يطلب من المهندس والطبيب والقانوني والمحاسبي. فهناك فئة مشغلي الحاسب الذين ينحصر دورهم في إدخال البيانات واستخراجها(7). و فئة المبرمجين الذين ينحصر عملهم بوضع البرامج المعلوماتية التي تنظم أو تدير نشاط الحاسب الآلي، و فئة موظفي الشبكات الذين يختصون بصيانة الشبكات وإصلاح الأعطال وتأمين وحماية نظم المعلومات والشبكات ضد محاولات الاختراق والسرقة والتدمير .لذا يرى الباحث انه يجب إضافة شرط التخصص الدقيق في مجال الأعمال الإليكترونية التي يشغلها الموظف، وان هذا الشرط يمكن إدماجه ضمن الشروط المحددة لتولي الوظائف العامة كما حددت الشروط في م (20) من قانون نظام العاملين المدنيين في مصر فنصت على (أن يكون مستوفياً لا ستخراجات شغل الوظيفة)(8) و (أن يجتاز الامتحان المقرر لشغل الوظيفة) فهذان النصان قد اشترطا في الشخص طالب التعيين في الإدارة أن يكون حاصلاً على اختصاص للعمل ضمن الإدارة وانه من الممكن تعميم هذه الشروط على العاملين في الإدارة الاليكترونية.

وهنا يمكن الدخول في بوابة طريقة تعيين الموظفين في الحكومة الإليكترونية ضمن الوسائل الحديثة للإدارة الإليكترونية. فقبل أن يتعين الشخص ينطلق في رحلة إلكترونية وذلك عبر البريد الإلكتروني تعلن المنظمة الإدارية عن وظائف شاغرة لديها أو أن الشخص نفسه يقوم بمراسلة الإدارة عبر بريدها الإليكتروني للبحث عن وظيفة. هنا يأتي دور الإدارة في العملية في التمييز والتفضيل لحسن سير عمل المنظمة الإدارية أو المرفق العام آذ أنه لا يمكن إدخال أي تغير ذي قيمة حقيقية على مجتمع دون البدء بتطوير الجهاز الحكومي. فكل الطرائق ستقوم عمل الجهاز الإداري للدول اذ سيتولى من خلال موظفيه محاسبة المواطنين ورجال الأعمال عن دفع الضرائب ويوفر الخدمات الأساسية العملاقة الذي لا يوفرها القطاع الخاص، ومنه أيضاً تأتي القوانين والتشريعات التي تؤثر في جموع المواطنين، لذلك لابد أن تبدأ جهود الإصلاح دائماً بالجهاز الحكومي للدولة وبالتالي فهو يعتمد على الموظف(9).

وعلى هذا الأساس استحدثت الإدارة الإليكترونية في الدول التي تتبنى هذه الظاهرة وظيفة (رئيس المعلومات(10) ليكون مسؤولاً عن إدارة ومراقبة استخدامات نظم المعلومات وتوزيع العمل الإليكتروني فهو يعد الركيزة الأساسية في عملية التطوير الإداري نحو الإدارة الإليكترونية وذلك باعتماده على استخدام أنظمة الحاسب الآلي وترشيح موظفين كفؤ لهذا العمل أو في تطوير وتحديث علم الإدارة من خلال استلام البرمجيات أو القيام بتلك البرمجيات تلقائياً بتأكيد استلام كل ما يقدم إليكترونياً وتقبل قاعدة بيانات التوظيف وطلبات التوظيف المرسلة بالبريد الإليكتروني لتقديم المعلومات الخاصة بالمرشحين(11). ليتم بعدها عرضها على جهة الإدارة الخاصة بشؤون التوظيف أو أخصائي الموارد البشرية ويتم البحث عن المرشحين الجيدين في قاعدة البيانات الرئيسية بالتشاور مع مدير التوظيف عبر البريد الإليكتروني وتجري المقابلات ويحصل كل مجري مقابلة على السيرة الذاتية لطالب التوظيف ويقوم مجري المقابلة بإرسال ملاحظاته إلى إدارته عن طريق البريد لإليكتروني(12).

الفرع الثاني: المنظمة الإدارية:

يختلف الإدارة والعمل الإداري عموماً في ظل الإدارة الإليكترونية عما كان يعمل به في الإدارة التقليدية، فقد يواجه النشاط الإداري تحديات ومصاعب إدارية وذلك لطبيعة عمل العاملين الذي يختلف هو أيضاً في ظل الأعمال الإليكترونية.

ففي ظل الأعمال التقليدية يجتمع العاملون والموظفون في مكان محدد أو أماكن محددة لممارسة عملهم. وبذلك تشرف الإدارة عليهم ويتحقق الإشراف الرقابي والتنظيمي عليها مباشرة بصورة مادية وملموسة.

أما اليوم فهنالك مصطلحات في الإدارة الإليكترونية(13). من مثل الأعمال العابرة للحدود وظهور العمل الافتراضي محل المكتب الإداري وأيضاً عامل الوقت، حيث سبق أن أشار الباحث إلى استمرار العمل لمدة 24 ساعة دون توقف حيث يتم استلام البريد الإليكتروني في حالة انتهاء الدوام الرسمي للموظفين، وأيضاً فالموظفون في هذه المنظمات يكونون مربوطين مع المنظمة ومع بعضهم من خلال ما يسمى الانترنيت (Internet) ويتيح لهم الدخول إلى قاعدة بيانات المنظمة ويتحادثون ويتراسلون، فيما بينهم أي أنه (ليس شرطاً أن يمارس عمله من داخل مكتب المنظمة أو وقت الدوام الرسمي للمنظمة)(14).

وهنا يتوجب على الإدارة أن تجهز الموظفين في ظل الإدارة الإليكترونية بكل البيانات والمعلومات الجديدة. والإشارة هنا إلى أنه أصبحت هناك برامج خاصة تساعد المدير في عمليات تقييم العاملين لديه، وهذا البرنامج قامت بتصميمه شركة (Knowledge Point) ويرتكز على 36 بنداً لتقييم الأداء ويقوم المدير بتعبئته وإدخاله على الحاسوب لكي يعطي التقويم الذي يستحقه الموظف(15). ويمكن للباحث أن يضيف إلى ذلك أن الموظف في ظل الإدارة الإليكترونية قد يكون من المتضررين من هذه الوسيلة من العمل، لأن العمل يتم باستخدام الحاسب الآلي الذي ينجز أكثر الأعمال دون الحاجة لكادر الموظفين. فالفائدة كبيرة بالنسبة للمنظمة وذلك بالاستغناء عن نسبة كبيرة من موظفيها. ففي ايرلندا مثلا توظف خدمة الضرائب الجديدة القومية عبر الشبكة (25) موظفاً مقارنة بعدد الموظفين الكبير بالسابق الذين كانوا يعملون بالطريقة الكتابية(16)، وكل ذلك يتم من خلال ما يطلق عليه مصطلح الحوسبة والذي هو مصطلح جديد ظهر مع انتشار استخدام الحاسب الآلي في جهات الحكومة المختلفة والقطاع الخاص، و يعني الاعتماد على الحاسب الآلي وتطبيقاته بصفة كلية أو شبه كلية في إنهاء الأعمال في جهات حكومية أو القطاع الخاص و توفير الوقت والجهد والمال في إنجاز تلك الأعمال(17). وبقيام الحكومات بتطبيق النظم الرقمية واستخدام أنظمة الكومبيوتر، تم حديثا بناء برمجية للفروع التشريعية والقضائية والتنفيذية لأية حكومة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الأجهزة التشريعية نظماً إليكترونية لإدارة عملية إعداد مشروعات القوانين، ويمكن لتلك النظم أن تلغي مبلغ 3-5 ملايين دولار الذي تنفقه معظم الولايات كل عامين على طباعة الأوراق الخاصة بصياغة ومراجعة مشروعات القوانين ويمكن بسهولة تحديث الحاسبة لاطلاع الجمهور أولاً بأول على حالة التشريع والاجتماعات(18).

أما بالنسبة للسلطة القضائية، فتسهم نظم تدفق المعلومات المعتمدة على استخدام الحاسبات الشخصية في تمكين المحاكم في الولايات المتحدة وكندا من البدء في حفظ ملفات القضايا إليكترونيا إذ كان على محكمة المقاطعة في صورتها التقليدية أن تودع في ملفات القضايا ما يقرب من نصف مليون مستند سنويا يدوياً عن طريق موظفيها، في حين انه بإدخال المعلومات لإدارة القضايا وعن طريق نظم المعلومات يستطيع المحامون من إيداع القضايا في الملفات مباشرة عبر البريد الإلكتروني واستلام رقم القضية. وأيضا يمكن للبرمجيات أن تنظم مواعيد الجلسات دون انتظار رجال الشرطة أو رجال القانون للمناداة على القضية كل ذلك يجعل الإدارة الإليكترونية تسهم بتسهيل مهامها بالدقة والسرعة وخفض التكاليف(19) وأما في مجال السلطة التنفيذية التي تعد هي المجال الرئيسي للإدارة الإلكترونية، فنظام البرمجيات هو الذي يعالج المشكلات التي تنفرد بها الحكومة وهو بحاجة إلى حواسيب آلية ووسائل اتصال عن طريقها يقوم الموظف العام بقضاء عمله(20) وعلى سبيل المثال كان مندوب البريد فيما مضى يقوم بحمل البريد في كل مؤسسة أو منظمة إدارية وتوزيعه على الدوائر البقية في يوم واحد، وقد تنقضي مواعيد العمل ولم يستطع توزيع البريد. والآن يمكن لهذا الموظف أن ينقل ذلك البريد وهو جالس على المكتب بضغطه زراً واحداً وذلك بواسطة البريد الإليكتروني(21). مما تقدم يخلص الباحث إلى انه إذا كانت الوظيفة بمدلولها السابق هي الخلية الأولى في التنظيم الإداري، فأن جمع عدد من هذه الخلايا لتكوين الوحدة العاملة يتطلب عدداً من الوظائف المتناسقة لتقسيم العمل، وهذه الوحدة هي الأساس في تكوين الجهاز الإداري المطلوب ويربط هذه الوحدات كلها التنظيم الإداري، الذي (هو إعادة إنشاء وترتيب العلاقات بين أجزاء متفرقة) (22). وبهذا المعنى فأن التنظيم الإداري على قدر من الأهمية في تطور وبناء الدولة و حسن استعمال تنظيمها لقواها البشرية والمادية، فإذا عجزت دولة عن إنشاء مشروع معين قد تنفذه دولة أخرى لها المقدرة البشرية والمالية نفسها ولكنها تملك حسن التنظيم. ومن هذا الأسلوب الإداري المتطور لتنفيذ إصلاح الإدارة جاءت فكرة الإدارة الإليكترونية كوسيلة للإصلاح والتطوير الإداري في جميع مرافق الدولة وتعتمد في ذلك على التوجه نحو العميل وتطبيق نماذج العمل اليومي بالمؤسسات من خلال استخدام تقنية المعلومات ( لتكون إدارة عامة أكثر شفافية وآلية تتميز باتخاذ القرارات وزيادة إمكانية الاتصال بين الموظفين والمؤسسات العامة الحكومية ومؤسسات الأعمال، وزيادة في الطلب على الخدمات المقدمة على الشبكة الإليكترونية)(23).

__________________

[1]- د. موفق حديد محمد – أدارة الأعمال الحكومية النظريات و العمليات و الموارد – عمان – سنة 2002 – ص102.

2- د. صلاح الدين فوزي – المبسوط في القانون الإداري – دار النهضة العربية – القاهرة – سنة 1998- ص351.

3- د. سامي جمال الدين – أصول القانون الإداري – منشأة المعارف – الإسكندرية سنة 2004- ص245.

4- د. حسين عثمان محمد عثمان – أصول القانون الإداري – دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية – سنة 2004- ص653.

5- د. ماهر صالح علاوي الجبوري – مبادئ القانون الإداري – دار الكتب للطباعة – بغداد – سنة 1996 7 – عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية- الكتاب الأول – ص87.

8 – د . نجم عبود نجم – الإدارة الإلكترونية – دار المريخ – المملكة العربية السعودية – سنة 2004 – ص261.

9- د. سمير إسماعيل محمد مصطفى – منظومة الإدارة بالمعلومات – دار نافع للطباعة – مصر- سنة 2002- ص371.

10- د. طارق طه – نظم المعلومات الإدارية والحاسبة الآلية – منشأة المعارف للنشر – الإسكندرية – الإصدار الثالث- سنة2000- ص232.

11 -د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإلكترونية – الكتاب الأول- دار الفكر الجامعي – الإسكندرية – سنة 2003- ص232

2[1]- د. عبد الرحمن توفيق – الإدارة الإلكترونية – مركز الخبرات المهنية للإدارة- القاهرة – سنة 2003 ص97.

13- د. سعد غالب التكريتي و الدكتور. بشير عباس العلاق – الأعمال الإلكترونية – دار المناهج للنشر و التوزيع – عمان – سنة 2002- ص26.

14- د. يوسف أحمد أبو فارة – التسويق الالكتروني– دار وائل للنشر و التوزيع –عمان – سنة2004- ص39.

15– المرجع السابق- ص41.

16– د. فهد بن ناصر دهام ألعبود – الحكومة الإلكترونية بين التخطيط و التنفيذ – مكتبة الملك فهد الوطنية – السعودية – سنة 2003 – ص111.

17- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – مرجع سابق – ص67.

18- د.عبد الرحمن توفيق – مرجع سابق – ص146.

20 – المرجع السابق. ص147.

21- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية- مرجع سابق – ص68.

22 – نفس المرجع السابق – ص68.

23- د. سليمان محمد الطماوي – مبادئ علم الإدارة العامة – الطبعة الخامسة – دار الفكر العربي للنشر– القاهرة – سنة1972 – ص76.

24- نفس المرجع السابق- ص71.

المؤلف : اورنس متعب الهذال
الكتاب أو المصدر : اثر التطور الالكتروني في الاعمال القانونية للادارة العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .