إن واجبات الإدارة تختلف من دولة إلى أخرى وفقاً للمبادئ السياسية والاجتماعية التي تصدر عنها. وتتلخص وظيفة الإدارة في السهر على تنفيذ القانون ابتغاء تحقيق المصلحة العامة ويتخذ نشاط الإدارة عدة أوجه منها مراقبة النشاط الفردي آذ إن الأصل في المجتمعات الحديثة تمكين الأفراد من مزاولة نشاطهم المشروع تحت رقابة الدولة، فيقتصر عمل الإدارة في هذه الحالة على وضع الضوابط التي تشكل تحقيق الأهداف دون المساس بالمصلحة العامة .وقد تتدخل الدولة لتمد يد المساعدة إلى المشروعات الخاصة التي تؤدي للجمهور منافعه الأساسية .وقد تقوم الإدارة بالتدخل بنفسها لإشباع حاجة من الحاجات العامة لتحقيق المصلحة العامة إذا قدرت إن الأفراد لا يستطيعون بوسائلهم الخاصة إشباعها، أو رأت إن المصلحة العامة تستلزم تدخلها لإشباع تلك الحاجة(1).

بمعنى إن النشاط ألضبطي والنشاط المرفقي يتساندان في سبيل تحقيق المصلحة العامة وكثير من الوسائل التي تستخدمها الإدارة في ممارسة نشاطها الضبطي تساهم في حسن سير المرافق العامة، كما إن حسن سير المرافق العامة قد يسهل على الإدارة مهمتها في تحقيق إغراض الضبط الإداري. فتحسين مرفق المواصلات وحسن خدمات النقل مثلا يسهل مهمة الحفاظ على النظام والأمن وذلك كله يقودنا إلى وجوب التحديث في عمل الإدارة باستخدام الإدارة الإليكترونية بوسائلها الحديثة لتسهيل العمل في مرافق الدولة والمرافق الخاصة على حد سواء(2).وقد نص الإعلان الخاص باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لصالح السلم وخير البشرية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993على إن الجمعية العامة تعلن رسميا ما يلي(3):

على جميع الدول أن تنهض بالتعاون الدولي لضمان استخدام نتائج التطورات العلمية والتكنولوجية.

على جميع الدول أن تتخذ تدابير ملائمة لمنع استخدام التطورات العلمية والتكنولوجية للحد من تمتع الفرد بما له من الحقوق والحريات الأساسية.

على جميع الدول أن تتخذ تدابير لكفالة جعل المنجزات العلمية والتكنولوجية تلبي الحاجات المادية والروحية لجميع قطاعات السكان.

على جميع الدول أن تمتنع عن أية أعمال تستخدم فيها المنجزات العلمية والتكنولوجية لأغراض انتهاك سيادة الدول الأخرى وسلامتها الإقليمية.

على جميع الدول أن تؤازر في إقامة القدرات العلمية والتكنولوجية للبلدان النامية وتنميتها لأعمال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لشعوبها.

على جميع الدول أن تتخذ تدابير تهدف إلى تمكين جميع طبقات السكان من الإفادة من حسنات العلم والتكنولوجيا والى حماية هذه الطبقات.

على جميع الدول أن تتخذ تدابير فعالة بما في ذلك التدابير التشريعية لكفالة جعل المنجزات العلمية والتكنولوجيا تستخدم لتأمين الأعمال الأكمل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو المعتقدات الدينية.

من ذلك يتضح الإعلان أن التقدم العلمي والتكنولوجي قد أصبح أحد أهم العوامل في تطور المجتمع الإنساني.

ويمكن من جانبنا تلخيص أهداف الإدارة الاليكترونية بما يأتي:

الفرع الأول: تحسين مستوى الخدمات(4):

فالمواطن في ظل الإدارة الإليكترونية لن يطوف على الدوائر الحكومية لإنهاء بعض الإجراءات أو الحصول على وثيقة رسمية ليرى خلال تلك الرحلة كل أشكال المعانات من بيروقراطية وبطء في الإجراءات وتنقل بين المكاتب المختلفة بأماكن متفرقة. إن الإدارة الإليكترونية واستخدامها كوسيلة تساعد على تجاوز هذه الصعوبات فتستطيع من خلال الدخول على مواقع الحكومة على الانترنيت التجول بين مؤسسات وإدارات وهيئات الدولة، توفير أسهل وأفضل السبل، إذ تحصل على وثيقتك أو فواتيرك ، والاستفسار عن تعليمات إصدار الرخص والسجل المدني وقوائم دفع الكهرباء والماء وسداد الديون الحكومية الأخرى(5) .

ويمكن من خلال ذلك كله تحسين مستوى الأداء في:

البلديات.
التربية والتعليم.
الجمارك والموانئ.
المعاملات البنكية وأنظمة السداد.
غرفة التجارة والصناعة.
التنمية الاقتصادية.
الشرطة والأجهزة الأمنية.
المحاكم.
دوائر السياحة.
الكهرباء والماء.
الصحة.
المواصلات والاتصالات.

مثلما أمكن للباحث ان يتبين ذلك من تجربة الإدارات الحكومية في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ويمكن للباحث ان يعرض بشئ من التفصيل لعدد من هذه الإدارات في هذه الإمارات وفي عدد من دول العالم(6).

1- البلديات :

يتم تقديم الخدمات في مرافق البلدية عن طريق بوابة إليكترونية لبلدية. وتحتوي هذه البوابة على جميع الخدمات التي تقدمها البلدية وطريقة العمل في انجاز تلك المعاملات في موقع الإدارة الخاص بالمباني و الإسكان مثلا من حيث إصدار الاجازات الخاصة بالبناء والرسوم التي تتعلق بالاجازات. وتطبق بلدية دبي كذلك الأنظمة المرورية الذكية التي تستخدم التكنولوجيا المتقدمة في مجال المواصلات والإليكترونيات لتحسين عملية المرور في مركز دبي وأيضا تقديم الخدمة بإضافة أنظمة جديدة للتعامل عبر الإنترنت وتطوير الدفع الإليكتروني. وقد تبين من دراسة قدمتها بلدية دبي إن المعاملات التي قدمت خارج أوقات الدوام الرسمي بلغت 22% من حجم المعاملات المنجزة من خلال استخدام الإدارة الإليكترونية مما ادى إلى توفير الوقت والجهد والمال . وجدير بالذكر إن الإدارة الإليكترونية بدأت في توحيد الاسم وكلمة السر الخاصة بالأفراد في المواقع المختلفة للدوائر الحكومية وذلك حتى لا يضطر الشخص إلى التعامل مع كل دائرة وجهة حكومية باسم ورقم سري مختلف عن الجهات والدوائر الأخرى.

2- قطاع التربية والتعليم:

يعد النموذج المقترح للحكومة الإليكترونية الأوربية الذي صدر عن مفوضية مجموعة الدول الأوربية من أفضل النماذج العالمية، لأنه يركز على فكرة المجتمع المعلوماتي الحديث وإن المعلومات للجميع ومن حق الجميع الوصول إليها بفرص متكافئة بحلول عام 2005، حيث دعا المجلس الأوربي المفوضية الأوربية لكي تضع خطة عمل لأوربا الإليكترونية بالتركيز على توفير واستخدام شبكات النطاق العريض في أنحاء أوربا بحلول عام 2005، وتطوير الشبكة العالمية وأمن الشبكات والمعلومات والتعليم الاليكتروني والصحة والأعمال الإليكترونية(7). وقد تبنى عدد من الدول العربية هذه الظاهرة في استخدام الحاسوب في التعلم. ففي عام 1996 تبنتوزارة المعارف في المملكة العربية السعودية خطة جديدة لمنهج الحاسب الآلي في المرحلة الثانوية، ويشتمل على خمس هي: وحدات علوم الحاسب و تقنية الحاسب و تطبيقات الحاسب و نظم المعلومات و وحدة العصر ألمعلوماتي(8). كما تم البدء بطلاب كليات المعلمين إذ أصبح تدريس الحاسب إجباريا لسد حاجة الوزارات.وفي الكويت أنجزت وزارة التربية مشروع بوابة (مدخل) الإليكترونية التربوية على شبكة الانترنيت لخدمة عملية التعليم. وتتمثل في الأنظمة والخدمات المركزية ونظام سجل المعلم و التدريب وإعلان القرارات والنشرات عن مشاريع الوزارات والمناهج والمقررات الدراسية و لوائح القبول والتسجيل و إعلان النتائج و المكتبات(9).

3- الجمارك والموانئ:

إن اتجاه منظمة التجارة العالمية (w t o) في هذا الحقل عبر عنه التصريح الوزاري الصادر في نيسان 1998 عن مجلس منظمة التجارة العالمية الذي طلب من المجلس العام للمنظمة دراسة ذلك الموضوع وكانت النتيجة التي أوصى بها المجلس عدم فرض رسوم جمركية على التبادل الإليكتروني(10). وتسعى الإدارة العامة للجمارك في الدول المتقدمة من خلال نظامها تطبيق تكنولوجيا متقدمة جدا مما يجعلها مؤهله للتوافق مع الأنظمة الموجودة والمستخدمة حاليا أو التي سيتم استخدامها مستقبلاً لدى الجهات الحكومية الأخرى، إذ تتعامل إدارة الجمارك ووحدات الشحن للنظام الجمركي الآلي مع تسجيل وصول مواصفات الحمولة وإصدار أذون التسليم وإدخال وإرسال تفاصيل الرحلة(11). وكذلك تسجيل قائمة الشحن (المنافيست) وتسجيل تفاصيل بوالص الشحن وإصدار أذون التسليم للمستوردين وتسهيل التجارة وإمكانية المباشرة بالإجراءات الجمرگيه من نقل وتسجيل (المنافيست) حتى قبل أن تصل السفينة أو الطائرة إلى البلد. وقد أدى هذا إلى انخفاض الحاجة للتواجد أو الذهاب إلى مكاتب الجمارك مما ساعد بدوره على تقليل التأخير والازدحام في هذه المكاتب، وساعد أيضا على إمكانية دمجها مع النظم الداخلية لوكلاء النقل والشحن والتجارة(12).

4-أنظمة السداد الإليكتروني للأموال:

البنوك من مرافق الدولة الرئيسية وتقوم بتقديم الخدمات للأفراد والإدارة ولكن بدخول ظاهرة الإدارة الإلكترونية لهذه المرافق أصبح التغير واجبا في العمل وطريقة أدائه. فمثلاً هناك بنك افتراضي باسم(نت بنك) وهو أول بنك افتراضي تأسس في ظل شبكة انترنت العالمية. وهذا البنك لم يزر أحد مكاتبه ولم يلتق بأحد موظفيه، لأن زبائنه من مستخدمي الإنترنت وبلغ عددهم أكثر من 12000 مراجع وهو يمارس كل أنشطة البنوك التقليدية من خلال الشبكة على مدار الساعة بالاعتماد على التقنية الحديثة(13).ويستطيع الباحث ان يعرض مجموعة واسعة من الخدمات تقدمها المصارف لزبائنها وهذه الخدمات تتمثل في:

( أ ). خدمة التوكيل الاليكتروني(14): (FACTORING)

وهذه الخدمة تتمثل في الوكالة، أي أن المصرف يعد وكيلا عن الشخص للقيام بسداد الفواتير للبائع والرجوع على المشتري (العميل لدى المصرف) أي التوكيل مع حق الرجوع وتتم العملية بالمطالبة والتحصيل إليكترونيا.

( ب ). خدمة الصرف الآلي: AUTOMATED TELLER) CHINE)

وهي خدمة متوفرة على مدار الساعة وفي مرافق الدولة كافة بدون مراجعة موظف .وهذه البطاقة تخول صاحبها إمكانية سحب مبالغ نقدية من حسابه بحد أقصى متفق عليه من خلال أجهزة خاصة، إذ يقوم العميل بإدخالها إلى جهاز السحب الآلي من خلال الرقم السري ويطلب الجهاز على الشاشة تحديد المبلغ ويتم الصرف واعادة البطاقة. وتبلغ تكاليف المعاملة الواحدة باستخدام ماكينات (ATM) ربع تكلفة استخدام الموظفين(15).

( ج ). مراكز الخدمة الهاتفية والبنك الناطق: (PHONE BANK)

وهي مراكز خدمة هاتفية تعني بالمصارف والأمور المصرفية عن بعد، وتقدم الخدمة على مدار الساعة ويحصل العميل على معرفة الرصيد وإجراء تحويل من حساب لآخر وتسديد الفواتير(16).

( د ). البطاقة الذكية (SMART CARDS):

وهي آخر جيل من البطاقات وتحتوي على رقائق حاسوب أو معالج ولا تعتمد على الاتصال مع حاسوب المصرف أو الجهة المصدرة، أي إنها هي لوحدها كافية لسداد الدفع. وهذه البطاقات يمكن شحنها بمبلغ معين من النقود من حساب العميل بواسطة جهاز الصراف الآلي وتخزن عليها البيانات الخاصة كما يلي: (الاسم. العنوان. الهاتف. المصرف. المصدر والمبلغ المصروف والمتبقي) فهي تعمل عمل المحفظة الإليكترونية وتغني عن الحاجة لحمل النقود. وفي هذا الشأن يمكن للباحث أن يشير إلى أن وزارة المالية الإماراتية اصدرت في 18/آذار/2002 ما يسمى بالدرهم الإلكتروني الإماراتي(17).

(هـ). خدمات نقاط البيع:( POINT OF SALE SERVICES)

وهي عملية تحويل المبالغ والسداد الاليكتروني من حساب المشتري إلى حساب التاجر باستخدام بطاقة العميل والجهاز الموجود لدى التاجر ولها عدة خدمات مالية للدفع الآلي في المحلات التجارية مثل ضمان الشيكات والدفع والقيد المباشر عن طريق التحويل الاليكتروني.

( و ). الحصول على الخدمات من المكتب أو البيت: (office & home banking)

وهنا تتمثل العملية بالحصول على الخدمة المصرفية دون التوجه إلى البنك،أي عن طريق الحاسوب الشخصي في البيت أو العمل وهذه ما يطلق عليها البنوك الإليكترونية ويطلق عليها عبارة الخدمة المالية في كل وقت ومن أي مكان. وهذه البنوك بمعناها الحديث ليست مجرد فرع لبنك قائم يقدم خدمات مالية فحسب، بل موقع مالي وتجاري وإداري واستشاري شامل له وجود مستقل على الخط، فإذا عجز البنك عن أداء الخدمة يلجأ إلى مواقع متعاقدة معه للقيام بتلك الخدمة(18).

5- الشرطة والأجهزة الأمنية والمحاكم:

أن انطلاقة مشروع الإدارة الإليكترونية باستخدام الوسائل الإليكترونية في مراجعة المحاكم بدأت التجارب الغربية من خلاله مثلا تسجل تقدماً على هذا الصعيد وقد سمحت التجربة البريطانية التي أنشأت في شباط 2002 محاكم مالية عبر الشبكة عبر الشبكة بتقديم الدعاوى المالية التي لا تفوق قيمة المبالغ المطالب بها سقفاً محدداً(19) . ومن تطبيقات العمل في الحكومة الإليكترونية إدخال مفهوم الإدارة الإلكترونية على مراكز الشرطة والآمن والمحاكم، إذ استحدثت مواقع للشرطة والمحاكم على الانترنيت وتشتمل هذه المواقع على الأخبار العامة وأسماء المفقودين والأشياء التي عثر عليها والحوادث وحالة الطرق والمخالفات المرورية ودفعها عبر الانترنيت وتحديد ملكية واجازات المركبات وتسجيلها. فعلى سبيل المثال يقدم موقع الشرطة في إمارة دبي (61)(20) خدمة داخلية وخارجية. ومن فوائد شبكة الانترنيت للأمن انه يمكنّ الشرطة من تلقي البلاغات بصورة فورية وسريعة، وإضفاء نوع من السرية فيما بين الشرطة والمتعاونين معهم وإعطاء الفرصة للجمهور للإدلاء بمعلوماتهم، ونشر صور المجرمين والإبلاغ عنهم من قبل الجمهور بواسطة الشبكة، وأيضا نشر المعلومات والبيانات الجديدة للجمهور. وقد انشئت في جمهورية مصر العربية إدارات جديدة للشرطة والأمن متخصصة في الأعمال الإليكترونية وهي نوعية عمل جديد. وتتكون هذه الإدارة الجديدة من ضباط على أعلى درجة من التخصص والحرفية في تكنولوجيا الحاسبات وشبكات الانترنيت على أساس أن عملها متابعة المجرمين غير التقليديين ومتابعة أشخاص على درجة عالية من التقنية(21).

الفرع الثاني: التقليل من التعقيدات الإدارية:

يمكن أن تقدم الخدمات الحكومية عن طريق الانترنيت في جميع مرافق الدولة. وتقوم فكرة الإدارة الإليكترونية على ركائز مهمة وأساسية هي(22):

تجميع النشاطات والخدمات المعلوماتية والتفاعلية والتبادلية كافة في موقع واحد هو موقع الحكومة الإليكترونية.

تحقيق حالة اتصال دائم بالجمهور مع القدرة على تأمين الاحتياجات الاستعلامية والخدمية كافة للمواطن.

تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والأداء والإنجاز بين دوائر الحكومة.

تحقيق وفرة في الإنفاق في العناصر كافة وتحقق عوائد أفضل من جّراء ذلك.

هذه النقاط حددت بمعنى دقيق الفائدة القصوى في استخدام الإدارة الإليكترونية للمواطن وللإدارة بالوقت نفسه وهذا التطور من الطبيعي أن يحدث تغييراً في أنماط وأساليب العمل وطرائق تنظيمها ومصادرها، إذ تؤدي بالنتيجة إلى تحقيق التقليل من التعقيد الإداري في مرافق الدولة ومن ثم تحقيق فائدة اكبر للمواطن والإدارة بالوقت نفسه(23).

ويمكن ملاحظة هذه التغيرات في:

الانتقال من إدارة الأشياء إلى إدارة الرقميات.
الانتقال من إدارة النشاط المادي إلى إدارة النشاط الافتراضي.
الانتقال من الإدارة المباشرة وجها لوجه إلى الإدارة عن بعد.
الانتقال من التنظيم الهرمي القائم على سلسلة الأوامر إلى التنظيم الشبكي.
الانتقال من القيادة المرتكزة على المهام أو المرتكزة على الموظفين إلى القيادة المرتكزة على مزيج التكنولوجيا والمواطن.
الانتقال من الزمن الإداري إلى زمن الانترنيت.
الانتقال من الرقابة مقاربة الأداء الفعلي مع المخطط إلى الرقابة الآنية المباشرة أولا بأول.
الانتقال من قيادة الآخر إلى قيادة الذات(24).

وقد برز الآونة الأخيرة مفهوم أدارى هو إدارة الذات أو قيادة الذات،ويعني ذلك أن التشارك وإدارة الذات والديمقراطية التنظيمية التي تتعزز في الوقت الحاضر في ظل الانترنيت هي التي تمكن الموظفين من العمل السريع والاستجابة الفعالة بشكل مباشر دون الانتظار فيها من أجل الرجوع للمدير لأخذ التعليمات(25)، أي أن هنالك وسيلة لتقديم هذه الخدمة المباشرة دون المراجعة وذلك اعتمادا على الأعمال الإليكترونية التي تقدم بدورها الخدمة أو العمل، بناء على برنامج مسبق بإدخال تلك البيانات والمعلومات مسبقا وتقديم الخدمة بناء على شروط مسبقة وضعت في الجهاز الحاسب الآلي، إذ حددت المادة (25) في قانون المعاملات الإليكترونية الأردني ان تحويل الأموال بوسائل إليكترونية يعد وسيلة مقبولة لإجراء الدفع. ويمكن للمواطن سداد الديون من خلال بوابة الدفع الإليكتروني PUYMENT GATE WAY ) ) (26) ويتوجب على الإدارة أن تقوم بنشر القاعدة الخاصة بتشريعاتها هناك. ويوجد في مصر كذلك مركز المعلومات ودعم القرار وهو مرتبط بمجلس الوزراء ويشتمل على عرض التشريعات وأحكام محكمة النقض المصرية. وفي أمريكا قاعدة معلومات (lixas) هي أكبر قاعدة بيانات تشريعية متاحة على الانترنيت.

الفرع الثالث: الهدف الاقتصادي

تهدف الدولة إلى تحقيق المصلحة العامة وذلك باستخدام وسائل أكثر يسرا وأخف وطأة على المواطن في انجاز إعماله. ومن الوسائل المستخدمة حديثاً العمل الإليكتروني وتحقيق ظاهرة الإدارة الإليكترونية في جميع مرافق الدولة. فالشخص الذي يرغب في إصدار شهادة أو اجازة لمركبة أو بيان تجاري أو صناعي أو تسديد لبعض الفواتير، يقوم عادة بجولة طويلة في أروقة مؤسسات الدولة وأدارتها المختلفة وهذا ما يكلف الكثير من الجهد والمال، الوقت ولذلك فباستخدام الوسائل التكنولوجية من داخل المنزل ومنها الانترنيت، يستطيع إكمال تلك المعاملات على مدار 24 ساعة العمل في تلك الدوائر، أي أن الوقت يمدد إلى أربعة أضعاف العمل في الدوائر أو المرافق العامة، وهذا يؤدي بدوره إلى خفض التكاليف التي تشمل أيضا جهد الإدارة، إذ أنه يتوجب على الإدارة توفير أبنية وموظفين واليات ومعدات فضلاً عن تردد المراجعين على بوابات تلك الإدارة كما أن المواطن يحتاج إلى سلوكيات معينة لمتابعة معاملته ويحتاج إلى وسائل راحة في الإدارات لإتمام معاملته، ولكن عن طريق الإدارة الإليكترونية لا يكون بحاجة إلى أن يتردد مرات عديدة على الدوائر مما يخفض المراجعات إلى هذه الدوائر إلى 20% لأنه يكون قد أنجز الجزء العسير من معاملته وهو أمام حاسوبه عبر شبكة الانترنيت.ولأجل تحقيق المصلحة العامة اكتسبت التجارة الإليكترونية أهمية كبيرة يوما بعد يوم وذلك من خلال التوجه المتزايد لكثير من دول العالم نحو الاعتماد عليها في ممارسة نشاطها وأعمالها التجارية سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أو المنظمات الإدارية أم الدول. وتؤكد بعض الإحصائيات إن حجم التعامل التجاري على الشبكة قد بلغ أكثر من 25% من إجمالي العقود الدولية، في حين بلغت إيرادات اقتصاد الانترنيت عالميا إلى (800) مليار دولار نهاية عام (2001).ونظرا لأهمية موضوع التجارة الإليكترونية على المستوى الدولي والمحلي فقد صدرت مواثيق وتشريعات تنظم هذا الموضوع.

فالأمم المتحدة في لجنة القانون التجاري الدولي (الأونيسترال) اهتمت بضرورة بحثه فأصدرت الجمعية قرار باعتماد القانون النموذجي المتعلق بالتجارة الإليكترونية عام 1996(27). واهتم المجلس الأوربي بإصدار التوجيه رقم 31 لعام 2000 والصادر في 8 أب عام 2000 بشأن التجارة الإليكترونية(28) .

وفي فرنسا صدر قانون خاص في 9 أب 2000 في شأن المبادلات والتجارة الإليكترونية.كذلك فقد صدر القانون الفرنسي المتعلق بتكنولوجيا المعلومات والتوقيع الإليكتروني وورد النص فيه على بعض التعديلات فيما يتعلق بقانون الإثبات(29). أما في الدول العربية فقد صدر في تونس في 9 أب 2000. قانون المبادلات والتجارة الإليكترونية التونسي(30). وفي الإمارات صدر القانون رقم 2 لعام 2002 في شأن المعاملات والتجارة الإليكترونية(31). وفي الأردن صدر قانون رقم 58 لعام 2001 قانون المعاملات الإليكترونية(32).

الفرع الرابع: تحقيق الفائدة القصوى لعملاء الحكومة:

يستطيع الباحث آن يشير ابتداءً إلى تفاوت تنفيذ الحكومة الإليكترونية بين دول العالم. وتشير الإحصاءات إلى أن الأكثرية العظمى للدول وحكوماتها تتعامل الآن بدرجات متفاوتة مع وسائل الحكومة الإليكترونية. وبحسب دراسة أعدت من شبكة الإدارة العامة التابعة للأمم المتحدة (UN PAN) في عام 2002 فإن 169 دولة من مجموع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لديها مواقع حكومية على الانترنيت أي نسبة 89% و(36) منها لديها مدخل موحد لجميع التطبيقات الحكومية أي نسبة 17% ويبلغ عدد الحكومات التي لها موقع ذو قابليات للتعامل المباشر (17) موقعا(33). وهذا يعني ان الانترنيت هو الطريقة المثلى للتفاعل مع الحكومة، وان المواطنين جميعاً بحاجة للوصول إليها أما عن طريق الحاسب الشخصي أو عن طريق الأكشاك الإليكترونية على قدم المساواة بين مواطنيها في الأسلوب الجديد للعمل مع الحكومة. فالأكشاك الإليكترونية الموضوعة في مرافق الدولة كافة والأماكن العامة يمكنها أن تساعد الحكومات على تحسين الخدمات وخفض التكاليف، إذ يمكن عن طريق موقع واحد في الشبكة التعرف على الوظائف الشاغرة كافة في المرافق العامة. وهناك مؤشرات تعتمد عليها الحكومة الإلكترونية والإدارة الإليكترونية تسهم في تحديد توجهاتها وهي:

العوامل السكانية: مثل نسبة السكان وهيكلة السكان ونسبة النمو والتركيبة السكانية (مدن و ريف).

العوامل الاجتماعية: نسبة التعلم والمعلمين للطلاب، ونسبة الأطباء للمرضى وعدد الوحدات الصحية، ونسبة الإقبال على التعليم.

العوامل الاقتصادية: كالدخل القومي ونسبة البطالة والفقر وعجز ميزانية الدولة، وقدرة المواطن على شراء جهاز حاسوب.

العوامل التقنية: مثل نسبة السكان المتصلين بالكهرباء ونسبة العلماء والمهندسين والاتفاق على البحث والتطوير.

عوامل الحكم السليم (العوامل السياسية): وجهة نظر النظام ومدى تقبله والانفتاح على العالم.

عوامل البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات: مؤشرات الإنفاق على قطاع الاتصالات والكهرباء(34).

يوجب ذلك كله على الدولة لكي تعتمد على النظام الإداري الاليكتروني لجميع مرافقها أن تخدم المواطن بشكل متكامل، وذلك عن طريق تسهيل الوصول للمعلومات الحكومية التي لا يتم تنظيمها عن طريق الوكالات بل يتم تنظيمها حسب نوع الخدمة أو المعلومات التي يحتاجها الناس، وعمل نطاق واسع للمنافع والخدمات التي يمكن الحصول عليها من خلال الاستخدام الاليكتروني الحكومي والمضمون بشبكة الانترنيت، وتحقيق حاله اتصال دائم مع الجمهور خلال (24) ساعة مع تأمين الاحتياجات الاستعلامية والخدمية كافة للمواطن.(35)

الفرع الخامس: أهمية الإدارة الإليكترونية للقطاع الخاص.

بدأ القطاع الخاص مبكرا في استخدام الحاسب الآلي وتطبيقاته ومن ثم ظهور الحكومة الإليكترونية ،إذ أن الحكومة الإليكترونية تغيرات عديدة في هذا القطاع، إذ أنها تقدم رؤية واضحة لتوجهات الحكومة وسياستها المستقبلية الأمر الذي يعطي تصورا واضحا للقطاع الخاص في طريقة التعامل مع هذه السياسات، فضلا عن إن القطاع الخاص في تحوله إلى نظام الإدارة الإليكترونية يكون قابلا للتحديث والإبداع، وأن إدارة نظم المعلومات في المنظمة يكون له دور فعال ويسهم في تحقيق الربح والأهداف الإستراتيجية للمنظمة لتحقيق التفوق في المنظمة، فقد استخدمت بعض المنظمات وظيفة رئيس المعلومات CHIEF INFORMATION OFFICER))(36) (CIO) ليكون مسؤولا عن إدارة مراقبة استخدام نظم المعلومات داخل المنظمة(37).

______________

[1] – د. سليمان الطماوي – الوجيز في القانون الإداري – دار الفكر العربي – القاهرة – سنة1969- ص295.

2- د. ثروت بدوي – القانون الإداري – دار النهضة لعربية –القاهرة – سنة 2002 ص233.

3- د. عبد الفتاح مراد – الحكومة الإلكترونية – شركة البهاء للبرمجيات و الكمبيوتر – سنة 2003 – ص238.

4- دونلد ف.كيتل – الإدارة العامة العالمية – الطبعة العربية الأولى – العبيكان للنشر- الرياض- سنة 2003 ص159.

5- د عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإلكترونية – الكتاب الأول- دار الفكر الجامعي – الإسكندرية – سنة 2003-ص 361

6- تحقيق بعنوان الساعات الأولى للحكومة الإليكترونية تنطلق بإقبال كبير- جريدة الخليج – الملحق الاقتصادي – العدد 8200 في 31 /10/ 2001.

7- د. فهد بن ناصر دهام ألعبود – الحكومة الإلكترونية بين التخطيط و التنفيذ – مكتبة الملك فهد الوطنية – السعودية – سنة 2003 ص63.

8 – د. عبد الفتاح حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية – الكتاب الأول – مرجع سابق- ص149.

9- د. حمود السعدون- جاهزية وزارة التربية لتطبيق مشروع الحكومة الإليكترونية –ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر الكويت حول الحكومة الإليكترونية في 15/10/2003- ص3.

10 – ورقة عمل إلگمارك الكويتية – بعنوان إلگمارك الإليكترونية- مقدمة لمؤتمر الحكومة الإليكترونية في الكويت – 15/ 10/ 2003 ص6.

11- المحامي يونس عرب – ورقة عمل مقدمة لمعهد التدريب والإصلاح القانوني – الخرطوم في 2/ 2002 ص6.

12- ورقة عمل الإدارة العامة للگمارك الكويتية – ص6 مرجع سابق.

13- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية-الكتاب الأول- مرجع سابق – ص398-399.

14- القاضي – حازم نعيم الصمادي – المسؤولية في العمليات المصرفية الإليكترونية – دار وائل للنشر – الأردن 2003- ص29.

15- د. أحمد جمال الدين موسى – النقود الإليكترونية وتأثيرها على دور المصارف المركزية في إدارة السياسة النقدية – بحث منشور في الجديد في إعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية – الجزء الأول – الطبعة الأولى – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – سنة2002- ص125.

16 – د. عبد الرحمن توفيق – الإدارة الإليكترونية –مركز الخبرات المهنية للإدارة – القاهرة 2003- ص255.

17 – د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني للتجارة الإليكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة – الكتاب الثاني-دار الفكر الجامعي –الإسكندرية- سنة 2003- ص 31.

18- المحامي يونس عرب – المرجع السابق- ص5.

19- الموقع المتاح على www .courtservice .uk/ mcol

20- عبد الفتاح حجازي – النظام القانوني لحماية الحكومة الإليكترونية – الكتاب الأول -مرجع سابق – ص361.

21 – المحاميان منير محمد الجنبيهي وممدوح محمد الجنبيهي – جرائم الإنترنت والحاسب الآلي – دار الفكر الجامعي – الإسكندرية – سنة2004- ص146.

22 – المحامي يونس عرب – المرجع السابق .

23- مارجيت ماري جوتنك و ديفد جوتنك –الأدوات الفعالة لمدير المستقبل – دار الراتب الجامعية – بيروت – سنة 2002 ص95.

24- د. نجم عبود نجم – الإدارة الإلكترونية – دار المريخ – المملكة العربية السعودية – سنة 2004 – ص235.

25- د. نجم عبود نجم– مرجع سابق- ص165.

26- مهند سهاونه و إبراهيم الحسن وعبير الروضان – أسس تطبيق التجارة الإليكترونية في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة- طبع الجمعية العلمية الملكية – الأردن- سنة2003- ص30.

27- متاح على الموقع WWW.uncitral.org/stable/ml-ecomm-a.pdf.

28- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني لحماية التجارة الإليكترونية – الكتاب الأول – دار الفكر الجامعي للنشر- الإسكندرية – سنة 2002- ص20.

29- د. عبد الفتاح بيومي حجازي – نظام التجارة الإليكترونية وحمايتها مدنيا” دار الفكر الجامعي – الإسكندرية عام 2002 ص20.

30- قانون عدد 83لسنة 2000 قانون المبادلات والتجارة الإليكترونية التونسي .

31- قانون رقم 2 لسنة 2002 بشأن المعاملات والتجارة الإليكترونية في أمارة دبي .

32- قانون رقم 58 لسنة 2001 قانون المعاملات الإليكترونية الأردني .

33 – د. عبد الإله الديوه جي– القضايا الحاكمة في تطبيق الحكومة الإليكترونية ليست تكنولوجيا بل اجتماعية وسلوكية الأمم المتحدة – اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا – في 7/10/2003– ص2.

34- د.عبد الرحمن توفيق – الإدارة الإليكترونية – مرجع سابق – ص 141 .

35- المحامي يونس عرب – مرجع سابق – ص12.

36 – د. عبد الفتاح بيومي حجازي – النظام القانوني للحكومة الإليكترونية – مرجع سابق – ص103.

37 – د. طارق طه – نظم المعلومات الإدارية والحاسب الآلية – الإصدار الثالث –الإسكندرية –سنة 2000 ص332 .

المؤلف : اورنس متعب الهذال
الكتاب أو المصدر : اثر التطور الالكتروني في الاعمال القانونية للادارة العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .