ان السلطة التأديبية في مصر تتوزع بين الادارة وبين مجالس التأديب او محاكم التأديب حيث يجمع نظام التايب في مصر بين الاتجاه الرئاسي والاتجاه القضائي الا ان سلطة التأديب تنحصر اما بمجالس تأديبية او محاكم تأديبية بالنسبة للعقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية وهي الاحالة على المعاش والفصل وانتهينا إلى ان السلطة المختصة بفرض أي من هاتين العقوبتين في القانون رقم 47 لسنة 1978 هي المحاكم التأديبية او المجالس التأديبية لبعض طوائف الموظفين، وبذلك تكون القاعدة العامة في مصر ان الادارة لا يمكنها ان تنهي العلاقة الوظيفية للموظف العام انهاء تأديبيا بقرار اداري وان كان ذلك لا يمنعها من انهاء هذه العلاقة بطريق اخر غير تأديبي.(1) وعليه وحيث ان بحثنا يتحدد في اطار الطعن في الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية لا نجد مسوغا للخوض في موضوع التظلم امام الادارة من قرار انهاء العلاقة الوظيفية وسينصب البحث في الطعن امام القضاء في احكام المحاكم التأديبية والمجالس التأديبية لبعض طوائف الموظفين بوصفها الجهات المختصة بفرض عقوبة انهاء العلاقة الوظيفية بحق الموظف الذي يرتكب جريمة انضباطية اضافة إلى اختصاصها بفرض العقوبات الانضباطية الاخرى. لذا اثرنا بحث الموضوع في فرعين بحيث نتناول في الفرع الاول الجهة التي يمكن الطعن امامها وفي الثاني اسباب الطعن وحدود سلطة الجهة التي تنظر فيه.

الفرع الاول / الجهة التي يمكن الطعن امامها

نصت المادة (32) من قانون النيابة الادارية والمحاكمات التاديبية رقم 117 لسنة 1958(2) على ان ( احكام المحاكم التاديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيها الا امام المحكمة الادارية العليا .. ) وهذا يعني ان احكام المحاكم التاديبية بانهاء العلاقة الوظيفية بالاحالة على المعاش او الفصل من الخدمة التي تتخذ استنادا على الفقرتين 10 و 11 من المادة (80) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 لا يجوز الطعن فيها الا امام المحكمة الادارية العليا أي ان المشرع حصر بموجب هذا النص الطعن امام هذه المحكمة دون غيرها ذلك لان الاستثناء لغة اذا ما ورد بعد النفي يفيد الحصر. وهناك نص مقابل لهذا النص جاء في المادة (22) في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وهو ان (احكام المحاكم التاديبية نهائية ويكون الطعن فيها امام المحكمة الادارية في الاحوال المبينة في القانون). كما يمكن الطعن في احكام المحاكم التاديبية الخاصة بالعاملين في القطاع العام والصادرة بالاحالة على المعاش او الفصل امام المحكمة الادارية العليا بما في ذلك الاحكام التي تطال رئيس واعضاء مجالس ادارة التشكيلات النقابية.(3)

اما قرارات انهاء العلاقة الوظيفية الصادرة من مجالس التاديب الخاصة بفئات معينة من الموظفين فانها تعد قرارات شبه قضائية (اشبه ما تكون بالاحكام) وبالتالي يسري عليها ما يسري على احكام المحاكم التأديبية اذ لا يجوز الطعن فيها الا امام المحكمة الادارية العليا وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الادارية العليا في حكمها رقم 1627 الصادر بتاريخ 16/12/1967 حيث جاء فيه (ان قرارات مجالس التاديب هي في حقيقتها قرارات قضائية اشبه ما تكون بالاحكام ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على ان يسري عليها ما يسري على الاحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فلا يجوز الطعن فيها الا امام المحكمة الادارية العليا).(4) وللمحكمة احكام اخرى في هذا الشأن.(5) وقد بين القانون الفئات التي لها حق الطعن في احكام المحاكم التأديبية حيث قضت المادة (15) من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشان مجلس الدولة بان هذا الحق مخول لذوي الشان ولرئيس هيئة موظفي الدولة. وقد اكدت ذلك المادة (23) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على ان (.. يكون لذوي الشان ولرئيس هيئة مفوضي الدولة ان يطعن في تلك الاحكام خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم وذلك مع مراعاة الاحوال التي يوجب عليه القانون فيها الطعن في الحكم…). واذا كان ما ينطوي عليه مدلول عبارة (ذوي الشأن) من شيء من الغموض في بعض الحالات التي استدعت المشرع إلى تحديدها(6) الا ان ذلك الحق ثابت للموظف بوصفه الاولى من بين ذوي الشأن بهذا الحق لكون الحكم بأنهاء علاقته الوظيفية اكثر مساسا بمصلحته بالقياس على غيره ومع ذلك نجد ان المشرع قد نص على وصفه من ذوي الشأن في بعض النصوص القانونية كما ورد في الفقرة (2) من المادة (32) من قانون النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 حيث عدت من ذوي الشأن رئيس ديوان المحاسبة ومدير النيابة الادارية والموظف الصادر ضده الحكم.

مما تقدم يتضح ان حق الطعن في الحكم التأديبي لا يقتصر على الموظف الذي صدر الحكم بحقه وانما هو مقرر بمقتضى النصوص القانونية المشار اليها لأخرين مر ذكرهم ولكن اذا علمنا ان حق الطعن لا يقبل الا ممن له مصلحة جدية قائمة او محتملة في الغاء الحكم المطعون فيه.(7) فان الجهات الادارية التي تعد خصما للموظف في المنازعة التي صدر الحكم التأديبي بشانها لا يمكن تصور لجوئها إلى الطعن بحكم تأديبي يقضي بفصل الموظف من الخدمة لان هذه العقوبة هي اشد العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في القانون فمن غير المنطقي ان تسعى الادارة إلى فرض عقوبة اخرى تملك اساسا سلطة فرضها ولكن يمكن ان تطعن الادارة (الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات) اذا ما ارادت تشديد العقوبة كأن تكون قد صدرت بالاحالة على المعاش في حين ترغب الادارة في ان تكون العقوبة الفصل او كان يكون حكم المحكمة التأديبية قد صدر بغير عقوبتي الاحالة على المعاش او الفصل فيكون طعن الادارة منصبا على تشديد العقوبة لا على الغائها او تخفيفها. وقد اوجب المشرع في المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والمادة (32) من قانون اعادة تنظيم النيابة الادارية على رئيس هيئة مفوضي الدولـة ان يطعن في احكام المحاكم التأديبية اذا قدم اليه في هذا الشأن طلب من الموظف المفصول ولم يشترط المشرع هذا الشرط على رئيس هيئة مفوضي الدولة عند الطعن في الاحكام التأديبية الاخرى ومنها بالتأكيد الاحكام التي تنهي العلاقة الوظيفية بالاحالة على المعاش حيث له حرية تقدير في رفع الطعن امام المحكمة الادارية العليا لصالح القانون اذا ما قدر ان حكما من الاحكام التي يجوز الطعن فيها قد شابه احد العيوب المنصوص عليها قانونا.(8)

اما اذا طعن رئيس هيئة مفوضي الدولة بحكم الفصل من الخدمة دون ان يقدم الموظف المفصول طلبا بذلك فان الطعن يعد عندئذ باطلا، وتطبيقا لذلك قضت المحكمة الادارية العليا في حكمها في الطعن 31/12ق بجلسة 9/4/1983 بانه يشترط لقبول الطعن من رئيس هيئة مفوضي الدولة في الاحكام التأديبية بالفصل من الخدمة ان يكون الطعن بناء على طلب العامل وان تخلف هذا الشرط يترتب عليه بطلان الطعن.(9) ولكي يقبل الطعن لابد ان يكون قد وقع خلال المدة المحددة له قانونا وهي ستون يوما من تاريخ صدور الحكم.(10) الا ان هذا الميعاد لا يسري بحق الموظف المحكوم بأنهاء خدمته الوظيفية الا من تاريخ علمه اليقيني بالحكم المطعون فيه.(11) اما اجراءات تقديم الطعن في الاحكام التأديبية فتخضع لاحكام قانون المرافعات المدنية بمقتضى نص المادة (3) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وذلك بسبب عدم وجود قانون للاجراءات التأديبية. ولا نريد الخوض في التفاصيل المتعلقة بمدد الطعن وظروف انقطاعها وسبل وشروط واجراءات تقديم الطعن لان ذلك قد يخرجنا عن نطاق البحث، وحيث ان الطعن هو ليس غاية ينشدها الموظف المحكوم بانهاء علاقته الوظيفية بقدر ما هو وسيلة يسعى من خلالها إلى التخلص من هذه العقوبة بوصفها الاثر الذي ترتب على ارتكابه الجريمة الانضباطية فان ذلك يدعونا إلى البحث في الفرع الثاني في اسباب الطعن وحدود السلطة المختصة بالنظر فيه.

الفرع الثاني / اسباب الطعن وحدود سلطة الجهة التي تنظر فيه

ان اسباب الطعن في الاحكام ومنها احكام المحاكم التاديبية كما وردت في المادة (15) من القانون رقم 55 لسنة 1959 والمادة (23) من القانون رقم 47 لسنة 1972 هي:

ان يبنى الحكم على مخالفة القانون او خطا في تطبيقه او تاويله.
ان يقع بطلان في الحكم او بطلان في الاجراءات أثر في الحكم.
اذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه.

وتطبيقا لذلك اصدرت المحكمة الادارية العليا العديد من الاحكام الغت بمقتضاها احكاماً تاديبية لوجود سبب او اكثر من الاسباب المشار اليها . ومن ذلك حكمها في الطعن 3181 لسنة 27ق بجلسة 2/5/1982 القاضي ببطلان احد الاحكام بسبب عدم توقيع احد اعضاء المحكمة الثلاث على مسودة الحكم المطعون فيه المشتملة على اسبابه ومنطوقه.(12) وحكمها الصادر في 19/1/1957 الذي يقضي بان الحكم القائم على اسباب منتزعة من اصول تخالف الثابت بالاوراق يتعين الغاؤه لانه (قد اخطا في تاويل القانون وتطبيقه).(13) ولم تكتف المحكمة الادارية العليا بتدخلها في الحالات السابقة بل وسعت رقابتها على ملاءمة الاحكام التاديبية بالاضافة إلى القرارات التاديبية وفقا لما اسمته قضاء الغلو. وفي هذا المجال يقول الدكتور الطماوي (ان المحكمة الادارية العليا قد طبقت عيب الانحراف في مجال بعينه وهو الخاص بتعقيبها على الاحكام التاديبية وان كانت لم تستعمل تسمية (الانحراف) او (التعسف) صراحة بل استعاضت عنها بتسمية جديدة هي (الغلو).(14) والصيغة التقليدية لقضاء المحكمة في هذا الشان هي (انه ولئن كانت للسلطات التاديبية ومن بينها المحاكم التاديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الاداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك الا ان مناط مشروعية هذه السلطة … ان لا يشوب استعمالها غلو .

ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الاداري وبين نوع الجزاء ومقداره، ففي هذه الصورة تتعارض عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي تغياه القانون من التاديب. والهدف الذي توخاه القانون من التاديب هو بوجه عام تامين انتظام المرافق العامة، ولا يتأتى التامين اذا انطوى الجزاء على مفارقة صارخة. فركوب متن الشطط في القسوة يؤدي إلى احجام عمال المرافق العامة عن حمل المسؤولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشدة.، والافراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى استهانتهم باداء واجباتهم طمعا في هذه الشفقة المغرقة في اللين، فكل من طرفي النقيض لا يؤمن انتظام سير المرافق العامة وبالتالي يتعارض مع الهدف الذي رمى اليه القانون من التاديب. وعلى هذا الاساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء في هذه الصورة مشوبا بالغلو، فيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة .ومعيار عدم المشروعية في هذه الصورة ليس معيارا شخصيا، وانما هو معيار موضوعي، قوامه ان درجة خطورة الذنب الاداري لا تتناسب مع نوع الجزاء ومقداره، وغني عن البيان ان تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية ونطاق عدم المشروعية في الصورة المذكورة مما يخضع ايضا لرقابة هذه المحكمة).(15) وفي مجال رقابة المحكمة الادارية العليا على الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية استنادا على الغلو قضت في حكمها الصادر بتاريخ 22/3/1975 في القضية رقم 10 للسنة القضائية التاسعة عشرة بعدم مشروعية فصل احد الموظفين لكون قرار الفصل يشوبه الغلو حيث جاء في الحكم (…ان جزاء الفصل من الخدمة. … بعيد عن التلاؤم مع الذنب الاداري الذي ارتكبه المدعي ويشوبه الغلو على نحو يخرجه من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية).(16) ان المحكمة الادارية العليا ومنذ حكمها الصادر في 11/11/1961 … تكون قد انتقلت من قاضي شرعية إلى قاضي استئناف(17).

كما ان المحكمة الادارية العليا لم تعد تكتفي بممارسة رقابة الملاءمة بل تقوم بنفسها بفرض العقوبة التي تراها مناسبة دون ان تحيل القضية موضوع النزاع إلى المحكمة المختصة او إلى السلطة التي اصدرت القرار على خلاف ما عليه الحال في فرنسا حيث يقتصر دور مجلس الدولة الفرنسي على الحكم بالالغاء فقط دون ان يتدخل في فرض العقوبة(18) وقد استمرت المحكمة في انتهاج هذا المسلك حيث ورد في حكم لها اصدرته في 15/5/1965 انها (…ترى في وقائع الحكم التاديبي المطعون فيه ومن ملابسات الطعن الراهن والظروف التي احاطت بالطاعنة ومن كان حولها من العاملين ان درجة خطورة الذنب الاداري… لا تتناسب مع جزاء عزلها من الوظيفة … ومن اجل ذلك تكتفي هذه المحكمة بمجازاة الطاعنة لما صدر عنها بالوقف عن العمل بغير مرتب لمدة ثلاثة اشهر…).(19) هذا وقد ثار خلاف فقهي بشان قضاء الغلو ومدى صواب اتجاه المحكمة الادارية العليا في التدخل بتحديد العقوبة المناسبة للجريمة الانضباطية التي يرتكبها الموظف.(20) وفي تقديرنا المتواضع ان الاراء المؤيدة والمعارضة وان كانت تنطلق من دوافع نبيلة هدفها الحرص على ان تكون العقوبة التي تفرض على الموظف بما في ذلك عقوبة انهاء علاقته الوظيفية على اكبر قدر من التناسب مع الجريمة الانضباطية التي ارتكبها الموظف دون الاخلال بمبدأ المشروعية الذي يكفل خضوع جميع السلطات في الدولة لحكم القانون ولكننا نميل إلى تاييد اتجاه المحكمة العليا نحو التدخل في تقدير العقوبة المناسبة للجريمة الانضباطية منطلقين من حقيقة ان الاعتراف لهذه المحكمة بسلطة الغاء العقوبة لعدم الملاءمة يقود إلى التصور بان هذه المحكمة ما كان لها ان تتوصل إلى هذا الحكم لولا انها قد توصلت نتيجة تقديراتها إلى العقوبة التي ينبغي ان تفرض وبالتالي لا يوجد ما يمنع المحكمة من التصريح بما توصلت اليه. ومع ذلك هناك حكم لهذه المحكمة حادت فيه عن مسلكها هذا(21). كما ان هناك احكاماً اخرى لمجلس الدولة المصري عدل فيها عن مسلكه في بسط رقابته على تقدير التناسب بين العقوبة الانضباطية والجريمة الانضباطية التي يرتكبها الموظف العام ومن ذلك حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في 30/1/1957 والذي جاء فيه (.. ان تقدير مدى تناسب الجزاء التأديبي مع المخالفة التأديبية التي استوجبت توقيعه هو ما تستقل به الجهة التي جعل لها القانون الاختصاص بتوقيعه ولا تملك المحكمة على ما جرى به قضاؤها التدخل في هذا التقدير…)(22) ثم اكدت المبدا نفسه في قرارها الصادر في 15/6/1957.(23)

وقد فسرت المحكمة في حكمها الصادر في 5/1/1963 اصطلاح عدم الملاءمة بالقول (.. ان تقدير العقوبة للذنب الاداري الذي ينشب في حق الموظف هو من سلطة الادارة، ولا رقابة للقضاء فيه عليها، الا اذا اتسم بعدم الملاءمة الظاهرة، أي بسوء استعمال السلطة).(24) ولكن هذا الاتجاه الذي سار عليه مجلس الدولة المصري بات جزء من التاريخ في ضوء ما سبق لنا بيانه من ان المجلس استقر في بسط رقابته لا على الملاءمة فحسب بل اخذ يتدخل حتى في اختيار العقوبة المناسبة للفعل المرتكب. ومن الاحكام الحديثة نسبيا في هذا الشأن حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في 16/2/1993 (في الطعن 415) حيث ورد فيه (… للسلطة التاديبية ومنها المحاكم التاديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الاداري، وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك. الا ان مناط مشروعية هذه السلطة شانها شان أية سلطة تقديرية اخرى انه لا يشوب استعمالها غلو…)(25) وحكمها الصادر في 27/4/1993 (في الطعن 1707) وقد ورد فيه (… ومن ثم فان مجازاة الطاعنة بعقوبة الاحالة على المعاش لا يتناسب مع المخالفات المنسوبة لها ، ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبا بالغلو في توقيع الجزاء ويتعين لذلك القضاء بالغائه ومجازاة الطاعنة بالعقوبة المناسبة والتي تقدرها هذه المحكمة بعقوبة اللوم..).(26)

كما اصدرت المحكمة احكاما اخرى تؤيد الاحكام المطعون فيها لكونها غير مشوبة بالغلو ومن ذلك حكمها الصادر في 17/2/1990 (في الطعن 1865) حيث جاء فيه (.. وقد ترفعت المحكمة التاديبية … فان تقديرها في هذا الصدد يكون مناسبا وينتفي عنه وصف الغلو، وبالتالي يضحى الطعن غير قائم على اساس سليم من القانون…)(27) وحكمها الصادر في 21/2/1999 (في الطعن 3212) الذي ورد فيه (… ومن ثم فلا يعد الحكم مشوبا بالغلو فيما قضى به من جزاء على الطاعن الامر الذي يتعين معه رفض الطعن برمته موضوعا لعدم استناده على اساس صحيح من القانون والواقع…)(28) وحكماها الصادران في 9/1/1999 (في الطعن 3162) و 3/4/1999 (في الطعن 5951).(29) وقد بدأت المحكمة الادارية العليا قضاء الغلو على القرارات والاحكام التاديبية المتشددة التي تشمل فصل الموظف من الخدمة وذلك نظرا لخطورتها على المجتمع المصري، الذي يعد فيه الموظف وظيفته هي المصدر الاساس لرزقه وان العقوبة يمتد اثرها إلى من يعولهم الموظف وبذلك تفقد العقوبة طابعها الشخصي الذي ينبغي ان تتسم به.(30)

________________

1- لمزيد من التفاصيل حول سلطة الادارة في انهاء العلاقة الوظيفية بغير الطريق التاديبي راجع د. وهيب عياد سلامة: الفصل بغير الطريق التاديبي ورقابته القضائية/ مكتبة الانكلو المصرية/ القاهرة/ بدون سنة طبع ص485 وما بعدها.

2- ادخلت على هذا القانون تعديلات عديدة كان اخرها التعديل باقانون رقم 12 لسنة 1989.

3- المادة (84/6) من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978.

4- منشور لدى د. ضامن حسين العبيدي: الضمانات التاديبية للموظف العام/ رسالة دكتوراه/ جامعة بغداد 1991ص316.

5- حكمها الصادر في 22/12/1962 الذي الغت فيه عقوبة عزل صادرة من مجلس تاديب موظفي الجامعة وابدلتها بخضم شهرين من المرتب لعدم ملاءمة العقوبة للجريمة الانضباطية ، اشار اليه د.عبد العزيز خليل بديوي/ الطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الادارية العليا/ط1/ دار الفكر العربي/ القاهرة 970 ص362-363 وحكمها الصادر في 29/12/1990 وحكمها الصادر في 26/1/1993. الحكمان مشار اليهما في الفرع الاول من المطلب الثاني من المبحث الاول من الفصل الثاني من هذا الباب.

6- نصت المادة (22) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على انه (يعتبر من ذوي الشان في الطعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للحاسبات ومدير النيابة الادارية).

7- حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 747 لسنة 1، ق/ جلسة 9/12/1980 منشور في مجلة العلوم الادارية/ السنة الخامسة والعشرون/ العدد الثاني/ كانون اول 1983 ص163.

8- د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد: تاديب الموظف العام في مصر/ ج2/ط1/دار النهضة العربية/ القاهرة 2000ص684-685.

9- الحكم مشار اليه لدى د. علي جمعة محارب: التاديب الاداري في الوظيفة العامة، دراسة مقارنة/ رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986ص506.

10- المادة (23) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.

11- حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن 771 لسنة 29 ق في 9/2/1985.مشار اليه لدى د.علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص508.

12- اشار اليه لدى د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص513.

13- د. سليمان محمد الطماوي/ الوجيز في القضاء الاداري/ دار الفكر العربي/ القاهرة 1974 ص816.

14- المصدر نفسه ص817.

15- احكام المحكمة الادارية العليا الصادرة في 11/11/1961 و 8/12/1962 و 15/6/1964 و 22/5/1965. اشار اليها د.سليمان محمد الطماوي/ المصدر السابق نفسه ص818. كما ورد حكم المحكمة في 11/11/1961 لدى د.حمدي ياسين عكاشة/ القرار الاداري في قضاء مجلس الدولة/ منشاة المعارف / الاسكندرية 1987 ص776 و د. عبد العزيز خليل بديوي: الطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الادارية العليا/ ط1/ دار الفكر العربي/ القاهرة 1970ص238.

16- د. محمد فريد الزهيري: الرقابة القضائية على التناسب في القرار الاداري/ رسالة دكتوراه / جامعة المنصورة 1989ص210.

17- د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص514.

18- د. محمد فريد الزهيري/ مصدر سابق ص223.

19- د. عبد العزيز خليل بديوي: الطعن بالنقض والطعن امام المحكمة الادارية العليا/ ط1/ دار الفكر العربي/ القاهرة 1970ص361-362.

20- لمزيد من التفاصيل حول الاراء الفقهية التي قيلت بشان الموضوع يمكن الرجوع إلى:

د .سليمان محمد الطماوي/ الوجيز في القضاء الاداري/ مصدر سابق ص934 وم بعدها.
د. محمد فريد الزهيري/ مصدر سابق/ ص227.
د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ ج2/ مصدر سابق ص697 وما بعدها.
د . علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص527.
د. عبد العزيز خليل بديوي/ مصدر سابق ص249-250.
رسالتنا للماجستير / مصدر سابق ص110.

21- حكم المحكمة الاداري العليا الصادر بتاريخ 12/6/1265 حيث اتجهت فيه اتجاها مخالفا لمسلكها فقد اعادت فيه القضية إلى المحكمة التاديبية عندما وجدت ان هناك عدم تناسب بين العقوبة والجريمة الانضباطية المرتكبة. د.محمد فريد الزهيري/ مصدر سابق ص214.

22- الحكم مشار لدى د.سليمان محمد الطماوي/ نظرية التعسف في استعمال السلطة ،دراسة مقارنة/ ط3/ مطبعة جامعة عين شمس 1978 ص298-299.

23 و24- الحكمان مشار اليهما في المصدر نفسه ص299.

[1]

25- الحكم منشور لدى د. نعيم عطية وحسن الفكهاني: الموسوعة الادارية الحديثة لمبادئ المحكمة الادارية العليا وفتاوى الجمعية العمومية لمجلس الدولة ابتداء من عام 1985 وحتى عام 1993/ ج1/ طبعة 1995 ص340-341.

26- الحكم منشور في المصدر نفسه ص342-343.وراجع حكم المحكمة الصادر في 15/8/1993 (في الطعن 2311) المنشور في المصدر نفسه ص345 وما بعدها.

27- المصدر نفسه ص322-323.

28- منشور لدى د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد: تاديب الموظف العام في مصر/ ج1/ ط1/ دار النهضة العربية/ القاهرة 2000ص146.

29- نقلا عن د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ ج2/ مصدر سابق ص696.

30- د. سليمان محمد الطماوي: القضاء الاداري/ الكتاب الثالث/ قضاء التاديب، دراسة مقارنة/ دار الفكر العربي 1995ص659.

المؤلف : مهدي حمدي الزهيري
الكتاب أو المصدر : اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقتة الوظيفية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .