بحث ومحاضرة عن أساليب البحث و التحري الخاصة و اجراءاته

مخطــط المحاضـــــرة

1- التمهيـــــــــد.

2- التعريف بالقانون 06/22 المؤرخ في 20/12/2006

3- تعزيز صلاحيات ضباط الشرطة القضائية في ظل القانون 06/22

4- خصوصية بعض أعمال الشرطة القضائية أثناء مرحلة البحث و التحري.

4-1 التبليغات و الشكاوي.
4-2 المعاينات.
4-3 استعمال الكلاب البوليسية.
4-4 رفع البصمات.
4-5 الاستعانة بالفحوصات المخبرية.
4-6 اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور.
4-7 التسرب.

5- فعالية المحقق أثناء البحث و التحري:

5-1 الإيمان بعمله.
5-2 قوة الملاحظة وسرعة البديهة و الخاطر.
5-3 النشاط و سرعة الانجاز.
5-4 الترتيب و الدقة.
5-5 بعد التفكير و الاستنتاج.
5-6 الاستعانة بعناصر الشرطة التقنية و العلمية.

6- بعث الاستعلامات القضائية.

7- الخاتمــــــــة.

1- التمهيـــــــــــد :

– تكتسي إجراءات الشرطة القضائية أهمية بالغة من حيث مكافحتها للإجرام و إمكانية مساسها بحقوق الإنسان كما يرتكز عليها بناء الاتهام على ما تجمعه من استدلالات مادية و قولية و تهدف أساسا إلى المحافظة على حق المجتمع في أمنه و سلامته و تمهيد الطريق لمعاقبة مرتكب الجريمة

– تستمد هذه المرحلة أهميتها من حيث شمولها على مجموعة من الإجراءات تتخللها بعض الأعمال التي من شانها أن تمس بحقوق الأشخاص و التأثير على حرياتهم الأساسية و ذلك من خلال ممارسة التحريات الأولية في الجرائم قصد نفض الغبار عنها و القبض على مرتكبيها و تقديمهم إلى العدالة .

– إن هذه الأعمال تساعد بشكل مباشر في الحفاظ على سلامة المجتمع و أمنه و تطهيره من الإجرام الذي يهدد كيانه و خاصة الجرائم المستحدثة، أن البحث والتحري يحتمل فيه المساس بحقوق الأشخاص لما لممارسيه من مسؤولية ملقاة على عاتقهم تكلفهم بحماية المجتمع من جميع أشكال الإجرام الذي أصبح يمارسه أشخاص يتفننون في ارتكابه بوسائل تكنولوجية حديثة من حيث التنظيم و التخطيط قبل الإتيان عليه و لبلوغ هذه الغاية عمد المشرع الجزائري إلى إصدار بعض الاستثناءات التي تحد من حرية الأشخاص و منعهم في بعض الأحيان من ممارسة حقوقهم الواردة في الدستور، إلا انه جعل لهذه الاستثناءات ضوابط و آليات لتجسيد الحقوق المقررة.

2- التعريف بالقانون 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 المعدل و المتمم لقانون الاجراءات الجزائية:

– يندرج القانون 06/22 في إطار مسعى إصلاح العدالة فيما يخص مراجعة القوانين الأساسية و كذا مطابقة أحكام قانون الإجراءات الجزائية مع الاتفاقيات و المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان و التي صادقت عليها الجزائر ، كما يهدف أيضا ضمان الفعالية في معالجة القضايا المتعلقة بالإجرام الخطير بإدراج قواعد جديدة توسع من دائرة اختصاص القضاة و ضباط الشرطة القضائية .
01)- حماية الحريات الفردية عن طريق مراقبة أعمال الشرطة القضائية من طرف القضاة و يتلخص ذلك بإلزام وكيل الجمهورية زيارة أماكن التوقيف للنظر مرة واحدة كل ثلاثة أشهر على الأقل.
02)- وضع تدابير لفائدة الشاكي و ضحايا الجرائم بإلزام وكيل الجمهورية إعلامهم بمقرر حفظ الإجراءات .
03)- وضع إجراءات جديدة تسمح بمكافحة الإجرام الخطير الذي من خلاله تمنح لضباط الشرطة القضائية صلاحيات أوسع في مجال البحث و التحري كالتسرب و اعتراض المراسلات و تسجيل الكلام و اخذ الصور ولاسيما أثناء التحقيق في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و كذا الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف و حركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج.

3- تعزيز صلاحيات ضباط الشرطة القضائية و للقضاة في ظل القانون رقم 06/22 المعدل لقانون الاجراءات الجزائية:

لقد منح القانون المعدل عدة صلاحيات لضباط الشرطة القضائية و القضاة في إطار ممارسة مهامهم بعدة أثناء مرحلة البحث و التحري نذكر منها:

1- إلزام وكيل الجمهورية بزيارة أماكن التوقيف للنظر في أي وقت يرى ذلك ضروري و مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر إضافة إلى منحه صلاحيات بصفة ضابط شرطة قضائية( المادة 36).

2- إعادة النظر في تمديد التوقيف للنظر على النحو التالي:

– مرتين إذا تعلق الأمر بالاعتداء على امن الدولة.

– ثلاث مرات إذا تعلق الأمر بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و جرائم تبييض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع و الصرف.

– خمسة مرات إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية.

3- السماح باستعمال القوة العمومية من طرف ضباط الشرطة القضائية اتجاه الأشخاص الذين وجهت لهم استدعائين على الأقل و لم يمتثلوا لهذا الإجراء و ذلك بعد الحصول على إذن مسبق من وكيل الجمهورية المختص ( المادة 65 -01).

4- توسيع اختصاص ضابط الشرطة القضائية إلى كامل التراب الوطني ما لم يعترض و كيل الجمهورية المختص على ذلك في مراقبة الأشخاص أو الأموال أو المتحصلات من ارتكاب جرائم متعلقة بالمخدرات و الجريمة المنظمة عبر الوطنية و جرائم المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و تمويل الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف ( المادة 16 و 16 مكرر ).

5- السماح باللجوء إلى ممارسات لتقنيات جديدة تعطي لضباط الشرطة القضائية صلاحيات أوسع في مجال تفتيش و مراقبة الأشخاص، الأشياء و الأموال ( المواد 44- 47 و 47 مكرر).

إضافة إلى المهام التقليدية لأعوان و ضباط الشرطة القضائية منح القانون مهام جديدة للشرطة القضائية تتمثل في اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور و كذا التسرب ( المواد 65 مكرر إلى 65 مكرر18).

4- خصوصية بعض أعمال الشرطة القضائية أثناء مرحلة البحث و التحري:

أ- التبليغات و الشكاوي:

– لقد أشار المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية من خلال المادتين 17 و 36 على أن ضباط الشرطة القضائية يباشرون سلطاتهم المتمثلة في البحث و التحري في الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها و يتلقون الشكاوي و البلاغات.

حيث أن التبليغ هو قيام شخص غير متضرر من جريمة ما بإخطار وكيل الجمهورية أو أعضاء الشرطة القضائية المختصين عن وقوعها.

أن الشكوى لا تختلف عن التبليغ كثيرا فهي عبارة عن تبليغ لكن يصدر عن الضحية أي الشخص المتضرر من الجريمة حيث أن الشاكي يكون طرفا في القضية بصفته ضحية، أما المبلغ فيعتبر في اغلب الأحيان شاهدا.

الشاكي عادة ما يكون مضطربا نفسيا لما سببت له الجريمة المقترفة ضده و بالتالي يجب ان يعامل بلطف و هدوء و أن لا يتأثر المحقق ببعض ردود أفعاله محافظة على صحته النفسية كما يجب على المحقق طمأنته و إقناعه بأن القانون سيأخذ مجراه اتجاه الشخص الذي يتهمه .

و بضبط النفس مع الشاكي خاصة يمكننا أن نحافظ على حقوقه بأن نتجاوز ردود أفعاله الهمجية التي من شأنها المساس بحرمته الخاصة كما يمكننا كسب ثقته و بالتالي الإلمام بجميع العناصر التي تمكننا من ضبط المشتبه فيهم و تقديمهم الى العدالة و خاصة اذا كانت الجريمة المقترفة معقدة و تتعلق بعدة أشخاص و تتميز بحيثياتها باستعمال تقنيات حديثة في ارتكابها .

إن الشكوى أو البلاغ تعتبر إشارة انطلاق لممارسة إجراءات الشرطة القضائية لذا يجب الاهتمام الجدي بالشاكي و محاولة استنتاج ظروف الجريمة من التصريح الذي يدلي به و استفسار الضحية أو المبلغ عن جميع التساؤلات التي يمكنها أن تحوم حول تفكير المحقق حتى نتجنب استدعائه مرة أخرى ، إلا إذا ظهرت مستجدات في القضية موضوع الشكوى .

ب/ المعاينات:

يقصد بالمعاينات لغة ( المناظرة و المشاهدة) ، أما اصطلاحا فهي إثبات مباشر و مادي لحالة الأشخاص و الأشياء و الأمكنة ذات صلة بالواقعة و يكون ذلك من خلال رؤيتها و فحصها مباشرة ، تعد المعاينات من الإجراءات التي ينفذها ضباط الشرطة القضائية بمساعدة أعوانهم أثناء التحريات الوالية و قد نص عليها قانون الإجراءات الجزائية في المادة 12 منه .

إن هذا الإجراء يكتسي أهمية بالغة من حيث إثبات الواقعة و يعد عصب التحقيق الجنائي و دعامته و عماده بإعطائه صورة صحيحة و واقعية لمكان الجريمة و ما يتصل بها من ماديات و أثار و يسمى مكان وقوع الجريمة ( مسرح الجريمة) و يسميه خبراء البحث الجنائي (الشاهد الصامت) كما أن الأخطاء التي يقع فيها المحقق في مسرح الجريمة لا يمكن تصحيحها و تؤدي غالبا إلى فشله في كشف غموض الحادث و بالتالي عدم التوصل إلى فاعله .

يلجأ المجرم في ارتكاب جريمته إلى العديد من طرق الاحتيال لإخفاء أي اثر يدل عليه أو يكشفه و من هنا تعظم مهمة المحقق و يفرض عليه الاستعانة بالخبراء و الأجهزة العلمية الحديثة لكشف أي اثر مادي يخلفه المجرم.

ج/استعمال الكلاب البوليسية:

إن استخدام الكلاب البوليسية في التحقيقات القضائية اقره الفقه و استقرت عليه الأنظمة في الدول الحديثة تماشيا مع تطورات الإجرام إلا أنه مقيد بضوابط تحول دون المساس بكرامة الإنسان كعدم إدانة أي شخص بناءا على استعراف الكلب البوليسي لأنه يعتبر مجرد دليل يعزز باقي الدلائل المحصل عليها.

د/ رفـــع البصــمــات :

إن استغلال البصمات من طرف أعضاء الشرطة القضائية تعد أسلوبا علميا حديثا للكشف عن المجرم و لاسيما بعد إدراج هذا الأسلوب ضمن تقنيات الإعلام الآلي تماشيا مع تطورات الإجرام إلا انه يجب أن يكون بكيفية صحيحة تسمح باستغلال البصمات المرفوعة من مسرح الجريمة و مقارنتها بتلك البصمات المأخوذة للأشخاص المشتبه في ارتكابهم للجريمة و تفاديا لخدش كرامة الإنسان يجب أن يكون اخذ بصمات الأشخاص بالقدر الأدنى و الضروري لمساعدة المحقق، حيث أن كل شخص تؤخذ بصماته بعد وقوع الجريمة يصبح في نظر العامة مشتبه فيه مما يؤثر على كرامته الشخصية و من جانب أخر و بغية التوصل إلى مرتكبي الجرائم يجب تغليب المصلحة العامة ( ضرورة التعرف على مرتكب الجريمة على المصلحة الخاصة المتمثلة في حماية الأفراد )، وهذا ما أقرته الأساليب الحديثة في التحقيقات الجنائية.

هـ/ الاستعانة بالفحوصات المخبرية :

إن المجرم عادة ما يخلف أثار بمسرح الجريمة يرفعها المحقق لعرضها على الفحص المخبري و من بين هذه الآثار المرفوعة ( بقع دم – البول – الشعر – اللعاب – الحيوان المنوي…).

إن الفحص الدقيق لهذه الآثار من شأنه أن يساعد في التعرف على مقترف الجريمة و بالتالي تسهيل مهمة المحقق لجمع اكبر عدد ممكن من أدلة الإثبات لإدانة المشتبه فيه و بالتالي توجيهه التهمة من طرف السلطات القضائية المختصة.

إن قيادة الدرك الوطني عززت هذا الجانب بمشاريع جديدة من أهمها مشروع انجاز المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني الذي يملأ الفراغ لامحالة في ميدان البحث العلمي الأمني الهادف إلى مكافحة الجريمة و مساعدة أعمال الشرطة القضائية باعتباره مركزا للتفكير و تحليل للمعلومات الأمنية المتعلقة بتطور الإجرام بكل أشكاله و ملتقى للتعاون مع أجهزة الأمن الأخرى و الجامعات و جهاز القضاء و تبادل الخبرات فيما بينها، كما يمثل قطبا لجلب المختصين و الخبراء في ميدان الشرطة القضائية و بالتالي يكون مؤسسة و طنية تنصهر فيها النظريات العلمية و تجارب الميدان التي تتجسد بمناهج دراسية متطورة و متخصصة ترفع كفاءة أعضاء الشرطة القضائية نظريا و ميدانيا في ميدان مكافحة الإجرام.

كما عززت قيادة الدرك الوطني مراكز و مدارس التكوين بإنشاء مدرسة للشرطة القضائية بغية مسايرة تطور الإجرام و الدخول في الاحترافية لأعضاء الشرطة القضائية.

و / اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور:

قد تضطر الشرطة القضائية لاستعمال كاميرات خفية أو أجهزة تصنت لكن يجب أن يكون ذلك في إطار احترام الشرعية الاجرائية حفاظا على كرامة الحياة الخاصة للإنسان كما يمكن لضابط الشرطة القضائية تصوير جسم ومكان الجريمة بشكلها العام في إطار ممارسة مهامه لكنه يمنع من الاطلاع أو تسجيل المكالمات أو الأحاديث الخاصة إلا بإذن مسبق من طرف السلطات القضائية وفق ما ينص عليه الدستور في مادته 39 ” على انه لا يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة و حرمة شرفه ويحميها القانون وسرية المراسلات و الاتصالات الخاصة بكل أشكالها مضمونة”.

إن سير مفعول هذه المادة ليس مطلقا بل تدخل عليه بعض الاستثناءات عن طريق تشريع قواعد إجرائية تعمد على تقييد هذه الحرمة من اجل الحفاظ على المصلحة العامة للمجتمع و أمنه و سلامته و هذا لأجل حسن سير التحريات و التحقيقات القضائية كل هذه القواعد نظمها القانون 06/22 حيث انه منح للشرطة القضائية حق اعتراض المراسلات التي تتم عن طريق وسائل الاتصال السلكية و اللاسلكية ووضع ترتيبات تقنية دون موافقة المعنيين من اجل التقاط الصور و تثبيت و بث و تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن عامة أو خاصة.

تنفذ هذه الإجراءات بموجب إذن من وكيل الجمهورية و يخص فقط التحري في الجريمة المتلبس بها أو التحقيق الابتدائي الخاصة بالجرائم المتعلقة بالمخدرات ، الجريمة المنظمة عبر الوطنية و جرائم المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و تمويل الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع و الصرف.

إن الإذن المسلم من طرف وكيل الجمهورية لغرض وضع الترتيبات التقنية يسمح بالدخول إلى المحلات السكنية أو غيرها خارج المواعيد القانونية و بغير علم أو رضى الأشخاص الذين لهم الحق على تلك الأماكن و ذلك تحت المراقبة المباشرة لوكيل الجمهورية المختص و في حالة فتح تحقيق قضائي يتم بناءا على إذن من قاضي التحقيق و تحت مراقبته المباشرة.

يسلم الإذن سواء الممنوح من طرف وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق لمدة أقصاها أربعة (04) أشهر قابلة للتجديد حسب مقتضيات التحري أو التحقيق.

يؤهل الإذن المشار إليه ضباط الشرطة القضائية تسخير كل عون مؤهل لدى مصلحة او وحدة او هيئة عمومية او خاصة مكلفة بالمواصلات السلكية و اللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية للعمليات، وكذا مترجم لترجمة المكالمات التي تتم باللغات الأجنبية كما يلزم القانون ضابط الشرطة القضائية المأذون له بإجراء هذه العمليات تحرير محضر عن كل عملية اعتراض و تسجيل المراسلات و كذا عن عمليات وضع الترتيبات التقنية و الالتقاط و التثبيت و التسجيل الصوتي او السمعي البصري كما يجب عـــلى ضابط الشرطة القضائية و صف او نسخ المراسلات او الصور او المحادثات المسجلة و المفيدة في إظهار الحقيقة على محضر يودع بملف القضية.

ي/ التسرب :

لقد منح القانون 06/22 ضباط و أعوان الشرطة القضائية إمكانية استعمال التسرب في المواد من 65 مكرر1 الى 65 مكرر18 كما عرف التسرب على انه قيام ضباط و أعوان الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط شرطة قضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية او جنحة بإيهامهم بأنه فاعل معهم او شريك لهم او خاف.

يجوز لوكيل الجمهورية او قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية أن يأذن تحت رقابته حسب الحالة بمباشرة عملية التسرب اذا اقتضت ضرورات التحري في الجريمة المتلبس بها او التحقيق الابتدائي في جرائم المخدرات او الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية او الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات او جرائم تبييض الأموال او الإرهاب او الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف و كذا جرائم الفساد.

يسمح القانون لضابط او لعون الشرطة القضائية أن يستعمل لهذا الغرض هوية مستعارة وان يرتكب عند الضرورة الأعمال التالية :

– اقتناء او حيازة او نقل او تسليم او إعطاء مواد أو أموال او منتوجات او وثائق او معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم او المستعملة في ارتكابها.

– استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني او المالي و كذا وسائل النقل و التخزين أو الإيداع أو الحفظ أو الاتصال.

– إن عملية التسرب تخضع تحت طائلة البطلان لإذن كتابي من طرف وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق حسب الحالة تذكر فيه الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا الإجراء وهوية ضابط الشرطة القضائية التي تتم العملية تحت مسؤوليته و يحرر بهذا الإذن مدة عملية التسرب و التي لايمكن أن تتجاوز أربعة (04) أشهر و يمكن تجديدها حسب مقتضيات التحري و التحقيق كما يجوز للقاضي الذي رخص بها ان يأمر في أي وقت بوقفها قبل انقضاء المدة المحددة و تودع الرخصة في ملف الإجراءات بعد الانتهاء من عملية التسرب .

إذا تقرر وقف العملية أو عند انقضاء المهلة المحددة في رخصة التسرب و في حالة عدم تمديديها يمكن للعون المتسرب مواصلة المهمة للوقت الضروري الباقي لتوقيف عمليات المراقبة في ظروف تضمن أمنه دون أن يكون مسؤولا جزائيا على أن يتجاوز ذلك مدة أربعة 04 أشهر و إذا انقضت مدة أربعة أشهر دون أن يتمكن العون المتسرب من توقيف نشاطه في ظروف تضمن أمنه يجب إخبار القاضي المرخص الذي يستطيع ان يرخص بتمديدها لمدة أربعة أشهر أخرى على الأكثر، للإشارة فإنه يجوز سماع ضابط الشرطة القضائية الذي تجري العملية تحت مسؤوليته دون سواه لوضعه شاهد عن العملية ، كما يرتب القانون عقوبات جزائية على كل من يكشف هوية ضابط أو أعوان الشرطة القضائية الذين باشروا عملية التسرب تحت هوية مستعارة في أي مرحلة من مراحل الإجراءات ( المادة 65 مكرر 16).

يحرر ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق عملية التسرب تقريرا يتضمن العناصر الضرورية لمعاينة الجرائم غير تلك التي قد تعرض للخطر امن الضابط أو العون المتسرب او الأشخاص المسخرين طبقا للمادة 65 مكرر 14 من القانون 06/26 المعدل المتمم لقانون الإجراءات الجزائية .

ان عملية التسرب اجراء خطير يتطلب اتخاذ كثيرا من الحيطة و الحذر و اختيار أفضل العناصر التي تقوم به في ظل السرية التامة حتى على اقرب الأشخاص و على ضابط الشرطة القضائية الذي تجري تحت مسؤوليته عملية التسرب اخذ كل الاحتياطات اللازمة لإنجاح العملية في سرية مطلقة.
ملاحظة: لم يتم التطرق إلى بعض الإجراءات الأخرى التي تدخل ضمن صلاحيات ضباط الشرطة القضائية أثناء مرحلة البحث و التحري و هذا من أجل عدم التداخل في بعض محاضرات و التي تتضمن شرحا مفصلا لهذه الإجراءات و ذلك حسب برنامج المعد من قبل المشرفين على هذا اليوم الدراسي.

4)- فعالية المحقق أثناء البحث و التحري:

يلعب المحقق دور هام في نجاح مرحلة البحث و التحري لذا يجب ان تتوفر فيه عدة صفات ذاتية من أهمها:

1- الايمان بعمله: يجب ان لا يلتمس في نفسه اتجاها معينا يرضي به طرفا في الدعوى(أي أن يكون نزيها).

2- قوة الملاحظة و سرعة البديهة و الخاطر : المقصود بقوة الملاحظة هي المعرفة الدقيقة لحقيقة أمر أدركته إحدى حواسه، مع ما يحيط به من الظروف وهي المعرفة السريعة لتفاصيل الأشياء التي تقع تحت إحدى حواسه فلكل صغيرة دلالتها و أهميتها في إظهار الحقيقة و إزالة الستار عن كل ما هو خفي وغامض فقوة الملاحظة تتطلب شدة الالتفات لتفاصيل الأشياء و الاعتقاد الدائم بأنه لا توجد جريمة كاملة و أن المجرم عادة ما يحوم حول مكان جريمته. و المقصود بسرعة البديهة و الخاطر انه كل ما يلاحظ من أشياء لا بد أن يربطها بالحادث و الأدوات و الآلات المضبوطة وغير ذلك من عناصر الواقعة و أن يترجم ذلك الى نتائج.

3- النشاط وسرعة الانجاز : المحقق في صراع مع الزمن و كلما كان عمله يتميز بالنشاط و الحركة السريعة كلما أدى ذلك إلى نجاحه في كشف غموض الحادث و ضبط فاعله بسرعة إذ أن التباطؤ يتيح الفرصة للمشتبه فيه من اجل الهروب و إخفاء معالم جريمته و يكمن النشاط و السرعة في:

– سرعة الانتقال الى مسرح الجريمة.
– السيطرة على مسرح الجريمة اي الحفاظ عليه كما تركه الجاني وعلى عناصره الأخرى من مبلغين و شهود و أثار أخرى.
– سرعة سؤال الشاهد و مناقشته حتى لا ينسى او تختلط بفكره وقائع أخرى لا صلة لها بالحادث وحتى لا يتعرض لتأثير خارجي من المشتبه فيهم او أهاليهم او عشيرتهم او غير ذلك.
– سرعة انجاز التحقيق حتى يتسنى للجهات القضائية متابعته.
– سرعة إخطار الخبراء حتى لاتضيع و تتلف معالم الجريمة او أثارها و بالتالي يصعب رفعها و التعامل معها.
– ان يكون المحقق ملما ببعض اللغات الأجنبية و كتوم و محافظ على إسرار التحقيق.

04- ان يتمير بالترتيب و الدقة و التأني:

يجب عليه فحص كل التفاصيل و الجزئيات الخاصة بالقضية و تحري صحتها لا مجرد الأخذ بالمظاهر العامة و من مقتضيات الدقة التأني الذي لا يعني أبدا البطء او التعجيل و إنما السير في التحقيق حسب الأهمية مع ترتيب اجراءات التحقيق ترتيبا منطقيا و لا يهمل او يترك أي شيء مهما كان صغيرا او تافها في نظره الا و قام بإثباته و حدد أهميته.

05- بعد التفكير و القدرة على الاستنتاج :

ان دراسة أسلوب ارتكاب الجريمة تساعد في الكشف عن تخطيط الفاعل و شركائه في كيفية تنفيذ فعلهم الإجرامي و بالتالي يستطيع المحقق تحديد الجرائم المماثلة التي هي قضايا للمتابعة و التي ارتكبت بنفس الأسلوب الإجرامي حتى ينفض عليها الغبار و يتعرف على فاعلها، كما ان حسن مناقشة المشتبه فيهم تساعد في الكشف عن الجرائم المستقبلية المحتملة و التي تمكن من تحضير الوسائل المادية و البشرية للتصدي لها و الحد من مخاطرها.

06- الاستعانة بعناصر الشرطة التقنية و العلمية:

من فوائد هذه العملية:

– التمكن من استرجاع مسرح الجريمة أي العودة إليه كلما أراد المحقق ذلك بمشاهدة الصور الملتقطة او شريط الفيديو.
– تمنح للمحقق فرصة التركيز على مكان معين من مسرح الجريمة لفحص و تمحيص دليل معين.
– تمكن من لم يقم بحضور المعاينة من المحققين من الاطلاع على مسرح الجريمة.
– الاستعانة بها كدليل مدعم للمحاضر المحررة أمام المحاكم.
– القيام برسم صورة تقريبية للمشتبه فيه حسب الأوصاف التي أمدها الشهود او الضحايا.
– جمع الاثار بمسرح الجريمة و القيام بتحليلها لتحديد ظروف الجريمة و بالتالي يتمكن المحقق من التوصل لمعرفة هوية المشتبه فيهم.
– رفع البصمات و مقارنتها بتلك المخزنة في بنك المعلومات .

06/ بعث الاستعلامات القضائية :

تعد الاستعلامات القضائية الركيزة الأساسية التي يبنى عليها نجاح و فعالية البحث و التحري، فالبحث عن هذه الاستعلامات هو واجب كل محقق أثناء إدارته او مشاركته في سير الإجراءات القضائية.

بحكم الانتشار الواسع للأجهزة الأمنية يمكنها من التقاط الاستعلامات القضائية التي يجب ان تفحص و تستغل أحسن استغلال للوقاية من الجريمة او القضاء عليها في مهدها.

07/ الخاتــــمـــة:

إن اعتماد الإجرام على التخطيط و التنفيذ المنهجي أدى إلى السير بسرعة نحو تطور الإجرام وجعله أكثر خطورة مما يضاعف من أعباء مصالح الأمن التي يجب أن تتهيأ و تعد لهذه المرحلة ميكانيزمات و آليات ذات فعالية سواء من حيث العنصر البشري او المادي كما يجب تبادل الخبرات مع الدول الأخرى بما أن الإجرام أصبح عابر للحدود الوطنية.

و من اجل ضمان إدارة فعالة لأساليب البحث و التحري يتعين ربطها بالاحترافية و التفتح على الجامعات و مراكز البحث و عصرنة الأجهزة و الأدوات المساعدة للشرطة القضائية و ربط التكوين بالخبرات و التجارب الميدانية إضافة إلى المساعدة القانونية المتبادلة بين الدول و تعزيز التعاون بين أجهزتها الأمنية.