بحث و دراسة حول المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتية بين الواقع و القانون

اعداد / تركي المطيري

مقدمة

للدولة أركان ثلاثة هى الأرض والشعب والسلطة ، ويعد الشعب من أهم هذه الأركان ، وتحديد الشعب أمر مهم جدا ، والذي يحدد شعب كل دولة هو قانون الجنسية ، ومن ثم تظهر أهمية قانون الجنسية .

وقد جاء في المذكرة التفسيرية لقانون الجنسية الكويتي أن قانون الجنسية في كل البلاد يعتبر من أهم القوانين وأبعدها أثرا ، فهو الذي يرسم حدود الوطن ، ويميز بين المواطن والأجنبي ، والبلد الذي ليس له قانون ينظم جنسية مواطنيه يعوزه مقوم من أهم مقوماته .

وفي الكويت صدر المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959م منظما لأحكام الجنسية ، وكان هذا القانون أقرب ما يكون إلى المثالية إلا أنه مر بتعديلات كثيرة غيرت من صورته التى صدر بها ، ويعد هذا القانون من أكثر القوانين التي لحقها تعديلات في الكويت إن لم يكن أكثرها على الإطلاق .

والأكثر من ذلك أن تطبيقه كان مغايرا – بصورة أو بأخرى – لتلك الصورة البسيطة والواضحة التي ترسمها نصوصه ، بل إن أحد نصوصه – وهو نص المادة الثانية – لم ينل حظه من التطبيق ، رغم أهمية هذا النص ، فهو الذي يجسد تبني المشرع الكويتي لحق الدم كأساس لاكتساب الجنسية الأصلية ، كما أنه يعمل على توحيد الجنسية الكويتية من خلال مزجه لأولاد الكويتي بالتأسيس وأولاد الكويتي بالتجنس وجمعهم في بوتقة واحدة هى الكويتي بصفة أصلية ، وبذلك تعد المادة الثانية الآلية القانونية لتوحيد الجنسية الكويتية بين جميع فئات الشعب ، مما يؤدي إلى اندماج الشعب ، وتماسك صفوفه ، وتقوية أركانه ، وتحقيق العدالة والمساواة المنشودة .

ولذلك ستنقسم هذه الدراسة ” المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي ” إلى مبحثين :
المبحث الأول : حق الدم كأساس لاكتساب الجنسية وموقف المشرع الكويتي .
المبحث الثاني : المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي بين الواقع والقانون .

المبحث الأول
حق الدم كأساس لاكتساب الجنسية وموقف المشرع الكويتي

من المتفق عليه بين الباحثين أن الجنسية هى رابطة بين الفرد والدولة ، ولكن الاختلاف يكمن في طبيعة هذه الرابطة ، هل هى رابطة سياسية أم قانونية أم اجتماعية أم هى تجمع بين هذه المعاني كلها (1) .

فيعرفها البعض بأنها تبعية قانونية وسياسية تحددها الدولة فتخلع بها الصفة الوطنية على الفرد (2) .
ويعرفها البعض بأنها رابطة سياسية وقانونية تنشئها الدولة بقرار منها تجعل الفرد تابعا لها أي عضوا فيها (3) .

ويفضل البعض تعريفها بأنها نظام قانوني يكفل التوزيع الدولي للأفراد من مختلف دول العالم وتحديد عنصر الشعب في كل دولة وفقا لقانون جنسيتها ، هذا التوزيع الدولي تنعكس آثاره على الحياة القانونية للفرد ، فتمس قدرته على كسب الحقوق ، وتحدد مركزه القانوني في علاقته بالدولة التي ينتمي إليها وسائر الدول الأخرى (4) .

وللدولة الحق في تنظيم طرق كسب وفقد جنسيتها ، وتستمد هذا الحق من سيادتها على إقليمها ، ولا يقيد هذا الحق إلا الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها والعرف الدولي المتبع في تلك الحالات ومبادئ القانون المتعارف عليها عادة في مسائل الجنسية ، وتقوم الدول عادة بتنظيم طرق كسب وفقد الجنسية بقوانين داخلية ذات صبغة عامة ، مما يخرج قانون الجنسية من نطاق القانون الخاص (5) .

وتقسم الجنسية في القانون الدولي إلى نوعين : جنسية أصلية وجنسية طارئة أو لاحقة ، وتكتسب الجنسية الأصلية بطريقين هما اكتسابها بحق الدم ، واكتسابها بحق الإقليم ، وسنخصص هذه الدراسة لاكتساب الجنسية الأصلية بحق الدم ، وموقف المشرع الكويتي من ذلك ، وهذا ما سنعرضه في المطلبين القادمين .

المطلب الأول
اكتساب الجنسية الأصلية عن طريق حق الدم

تكتسب الجنسية الأصلية عن طريقين أساسيين ، أحدهما بالميلاد على اقليم الدولة ويسمى بحق الأقليم (Jus Soli) ، والآخر يستند إلى نسبة المولود إلى أصل وطني أيا كان محل ولادته ويطلق عليه حق الدم (Jus Songuinis) .
ويقصد بحق الدم حق الفرد في اكتساب جنسية الدولة التي ينتمي إليها أباؤه بمجرد ميلاده ، فأساس الجنسية هنا هو الأصل العائلي الذي ينحدر منه المولود ولذا سميت ايضا بجنسية النسب (6) .
ويعرفه البعض بأنه حق الدولة في فرض جنسيتها على من يولد لأصل وطني ، وحق الفرد في كسب جنسية الدولة التي ينتمي إليها آباؤه ، وتعرف الجنسية الممنوحة على هذا الأساس بجنسية الدم (7) .
وقد كان النسب الذي يعول عليه في بناء الجنسية الأصلية هو عادة النسب من الأب ، ولم يكن للأم دور في نقل الجنسية للمولود إلا عندما يعجز الأب عن نقل الجنسية للابن كما لو كان الأب غير معروف أو عديم الجنسية ، وبعبارة أخرى فان دور الأم يظل دورا احتياطيا في نقل الجنسية للمولود وليس دورا أصليا كدور الأب .

غير أن هذه التفرقة بين دور كل من الأب والأم في هذا المجال بدأ في التراجع تدريجيا أمام تطور المجتمع الدولي وظهورالحركات النسائية المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات بحيث أصبح هذا المبدأ من المبادئ المستقرة في المواثيق الدولية (8) .
ويلاحظ أنه وإن كانت العبرة كقاعدة عامة بجنسية الأب ، إلا أن هذا المذهب قد اتسع نطاق تطبيقه بحيث اعتبرت جنسية الأم في بعض التشريعات سندا قانونيا لمنح الجنسية الوطنية للمولود ، واستخدمت هذه الأداة القانونية بصفة خاصة لوقاية الفرد من انعدام الجنسية ، ولذا يتقرر منح المولود جنسية أمه إذا كان الأب مجهول الجنسية أو عديمها أو لم تثبت نسبة المولود إلى أبيه قانونا ، وبهذه المثابة يصبح حق الدم المستمد من جنسية الأم أداة قانونية احتياطية لاتقاء ظاهرة انعدام الجنسية (9) .
والحقيقة أن لهذا الطريق من طرق كسب الجنسية الأصلية مزايا وعيوب ، فمن مزاياه أنه يضمن استمرار التجانس بين أفراد الشعب في الدولة ، ويتحقق هذا التجانس بالاشتراك في اللغة والتاريخ والعادات ، ويكمن فيه الضمان الأكيد للاستمرار في رابطة الدم ، فهو الذي يحول دون دخول أجانب لا يرتبطون ببقية أفراد الشعب بالروابط سالفة الذكر ، الأمر الذي يحفظ تماسك الشعب ، كما أن حق الدم يمكن الدولة أيضا من منح جنسيتها لأولاد الوطنيين الذين يولدون في الخارج إذا كانت الدولة من الدول التي تزيد فيها كثافة السكان ، وينزح أبناؤها سعيا وراء الرزق ، ولذلك كثيرا ما نجد أن حق الدم يسود لدى الدول المصدرة للسكان ، فضلا عن أنه هو السائد في القوانين التي تغلب فيها فكرة الشعور القومي كأساس للجنسية (10) .

أما العيوب التي تنسب إلى هذا الطريق فمنها أن هناك من يرى أن احتفاظ الأجانب المقيمين بالدولة بجنسيتهم من شأنه إضعاف كيان الدولة وزعزعة تماسكها ، كما أنه يشكل خطرا على حياتها السياسية ، فالأخذ بحق الدم كأساس للجنسية قد يؤدي إلى صعوبة عملية في التطبيق ، كما هو الحال عند اختلاف جنسية الوالدين ، إذ هل نأخذ بحق الدم عن طريق الأب أم نأخذ بحق الدم عن طريق الأم ؟ وعلى أي أساس يمكن تفضيل جنسية أحد الوالدين على جنسية الآخر في تحديد جنسية الأبناء (11) .
كما أن الإنسان الذي يعيش في بلد أجنبي يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها فيتطبع بعادات وتقاليد أهلها وروابط الجوار والمعيشة المشتركة التى تؤدي إلى اندماج الشخص في الجماعة الوطنية وتوثيق ولائه لها فتكون صلته بالمجتمع الذي يعيش فيه أكثر من صلته ببلده الأصلي (12) .
والحقيقة أن التشريعات المعاصرة لا تقتصر في بناء الجنسية الأصلية للدولة على أحد المعيارين – حق الدم وحق الأقليم – دون الآخر ، بل تتجه هذه التشريعات إلى الأخذ بكل من معيار حق الدم ومعيار حق الإقليم مع تفاوتها في تغليب أحدهما على الآخر وفقا للأهداف التي تسعى إليها السياسة التشريعية في كل دولة وما إذا كانت ترمى إلى زيادة عدد الوطنيين من سكانها أو التقليل من عددهم .

وعلى هذا النحو يبدو لنا أن الإعتداد بحق الدم كأساس لبناء الجنسية الأصلية لا يمنع من الأخذ بحق الإقليم في فروض معينة أو العكس . فليس هناك تعارض بين المعيارين السابقين بل إن كلا منهما مكمل للآخر (13) .
والآن ما هو موقف المشرع الكويتي من حق الدم ؟ هذا ما سوف نبينه في المطلب الثاني .

المطلب الثاني
موقف المشرع الكويتي من حق الدم

عالج المشرع الكويتي موضوع اكتساب الجنسية الكويتية بصفة أصلية معالجة شاملة ، واعتمد على حق الدم بشكل أساسى وحق الإقليم بشكل استثنائي ، وحتى في حق الدم جعل الأصل هو من جهة الأب ، أما من جهة الأم فهو طريق ثانوي .
وقد تصدت المادة الثانية من المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959م بقانون الجنسية الكويتية لحق الدم من جهة الأب ، وذلك بنصها على أن ‘ يكون كويتيا كل من ولد – في الكويت أو في الخارج – لأب كويتي ‘ ، وعلى ذلك ، متى ما ثبت نسب الولد الشرعي لأبيه ، وكان أبوه كويتي الجنسية طبقا لقانون الجنسية الكويتي ، فهنا يكتسب ولده الجنسية الكويتية بصفة أصلية ، وهذا يكشف بوضوح تبني المشرع الكويتي لحق الدم من جهة الأب كأساس لاكتساب الجنسية الكويتية بصفة أصلية .
أما جنسية الدم الأصلية من جهة الأم فتصدت لها المادة الثالثة من قانون الجنسية سالف الذكر قبل تعديلها ، إذ قررت فقرتها الأولى أن : ‘ يكون كويتيا : 1- من ولد – في الكويت أو في الخارج – من أم كويتية ، وكان مجهول الأب ، أو لم تثبت نسبته لأبيه قانونا ، أو كان مجهول الجنسية أو لاجنسية له ‘ ، وعلى ذلك فبموجب هذا النص ، يكتسب الابن الشرعي وغير الشرعي لأم كويتية – الجنسية الكويتية بصفة أصلية متى ما ثبت جهالة الأب أو عدم نسبته لأبيه قانونا أو جهالة جنسية الأب أو انعدام جنسية الأب .
إلا أنه قد أجري تعديلين على هذه الفقرة :
أ – بالنسبة للتعديل الأول فقد تم بالمرسوم بالقانون رقم (100) لسنة 1980م ، وهذا التعديل يمس الأولاد الشرعيين لأم كويتية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له ، والتعديل هو إلغاء هذه الفقرة تماما .
ب – أما بالنسبة للتعديل الثاني فقد تم بالمرسوم بالقانون رقم (40) لسنة 1987م ، وتنص الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على : ‘ … ويجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – منح الجنسية الكويتية لمن ولد – في الكويت أو في الخارج – من أم كويتية وكان مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا ، ويجوز – بقرار من وزير الداخلية – معاملة القصر في هذه الحالة معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد ‘ .
ويتضح أن التعديل الأخير قد تناول نقطتين مهمتين لولد الكويتية غير الشرعي هما :
1 – جعل المشرع الكويتي حصول هذا الابن غير الشرعي على الجنسية الكويتية عن طريق التجنس بطريق استثنائي ، وليس كحق بالتطبيق المباشر للقانون كما كان عليه الوضع في الماضي ، وإنما كمنحة تخضع للسلطة التقديرية المطلقة للدولة .
2 – أصبح حصول هذا الابن على الجنسية الكويتية – بناء على هذا التعديل – يتم بعد صدور مرسوم بتجنيسه بناء على عرض من وزير الداخلية ، وهذا المرسوم لا يجوز أن يصدر قبل أن يبلغ الفرد سن الرشد ، ويظهر ذلك جليا من النص على معاملة الأولاد القصر معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد ، بينما كان الأمر قبل التعديل هو أن الولد غير الشرعي يتمتع بالجنسية الكويتية الأصلية بقوة القانون من تاريخ ولادته .
أما بالنسبة لحق الأقليم ، فقد تبناه المشرع الكويتي بشكل استثنائي وذلك في حالة اللقطاء والمولودين لآباء مجهولين فقط ، فقد نصت المادة الثالثة من قانون الجنسية الكويتي – قبل تعديلها سنة 1987م – على ما يلي : ‘ يكون كويتيا من ولد في الكويت لأبوين مجهولين ، ويعتبر اللقيط مولودا فيها ما لم يثبت العكس ‘ .
ومع ذلك فقد طرأ تعديل جوهري على هذه المادة بالمرسوم بالقانون رقم (40) لسنة 1987م فأصبحت كالتالي : ‘ يكتسب الجنسية الكويتية كل من ولد في الكويت لأبوين مجهولين ، ويعتبر اللقيط مولودا فيها ما لم يثبت العكس ‘ .
واستهدف هذا التعديل طبيعة المادة فحولها من جنسية أصلية إلى جنسية مكتسبة بالتجنس تفرض بقوة القانون !!! (14) .

** هوامش المبحث الأول
__________________________________________________________________________________
(1) الدكتور أحمد عبدالحميد عشوش والدكتور عمر أبو بكر باخشب – أحكام الجنسية ومركز الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى 1990م – ص 65.
(2) الدكتور شمس الدين الوكيل – الجنسية ومركز الأجانب – الطبعة الثانية 1960م – 1961م – ص 36 .
(3) الدكتور أحمد عبدالحميد عشوش والدكتور عمر أبو بكر باخشب – المرجع السابق ص 69
(4) الدكتور هشام على صادق – الجنسية والموطن ومركز الأجانب – المجلد الأول – الطبعة الأولى 1977م – ص40 .
(5) الدكتور رشيد العنزي – الجنسية الكويتية – دراسة للنظرية العامة للجنسية وللمرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959م بشأن الجنسية الكويتية وتعديلاته – الطبعة الأولى 1995م – ص 27 .
(6) دكتور فؤاد عبدالمنعم رياض – أصول الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن – الطبعة الأولى 1995م – ص 46 .
(7) شمس الدين الوكيل – مرجع سبق ذكره – ص 86 .
(8) الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض – مرجع سبق ذكره – ص 47 .
(9) شمس الدين الوكيل – مرجع سبق ذكره – ص87 .
(10) الدكتور أحمد عبدالحميد عشوش والدكتور عمر أبو بكر باخشب – مرجع سبق ذكره – ص 157 .
(11) فؤاد عبدالمنعم رياض – مرجع سبق ذكره – ص 52 ، ص 53 .
(12) أحمد عبدالحميد عشوش والدكتور عمر أبو بكر باخشب – مرجع سبق ذكره – ص 158 – ص 159 .
(13) هشام على صادق – مرجع سبق ذكره ص 102 .
(14) د. رشيد العنزي – مرجع سبق ذكره – ص 77 – ص 88 .

المبحث الثاني

المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي بين الواقع والقانون

المطلب الأول
المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي

تنص المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي على أن : ‘ يكون كويتيا كل من ولد – في الكويت أو في الخارج – لأب كويتي ‘ .
وعلقت المذكرة التفسيرية لأحكام قانون الجنسية الكويتي على هذا النص بقولها : ‘ … ومذ تحدد الكويتي بجنسية التأسيس على النحو المتقدم ، أصبح من اليسير وضع قاعدة من القواعد الجوهرية في مسائل الجنسية ، وهى القاعدة التي تقضى بأن الجنسية تكسب بالدم أي بتسلسل الولد عن أبيه ، فقضت المادة الثانية من القانون بأن كل من يولد لأب كويتي – وقد عرف الآن من هو الكويتي – يكون كويتيا ، والعبرة هنا بالدم – كما سبق القول – لا بالإقليم ، فقد يولد الشخص لأب كويتي في الكويت نفسها أو في خارج الكويت ، فما دام أبوه كويتيا فهو كويتي ، والعبرة كذلك بجنسية الأب وقت الميلاد ، فلو كان الأب أجنبيا وقت الحمل ، ثم تجنس بالجنسية الكويتية قبل الميلاد ، فان الابن يولد كويتيا ، ولكن ليس من الضروري أن يكون الأب حيا وقت ميلاد الابن ، فقد يموت والأبن جنين في بطن أمه ، وهذا لا يمنع من أن يكسب الابن جنسية أبيه ، كذلك ليس من الضروري أن تكون الأم كويتية ، فقد يقع أن تكون أجنبية بقيت على جنسيتها ومع ذلك يكون الابن كويتيا كالأب ‘ .
وتمثل المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي – بحق – تبني المشرع الكويتي لحق الدم من جهة الأب – كأساس – لاكتساب الجنسية الكويتية الأصلية .
وبموجب هذه المادة يكون المولود كويتيا بصفة أصلية إذا توافر فيه شرطان :

الشرط الأول : أن يثبت نسب الولد لأبيه ، والنسب يثبت بالفراش والإقرار والبينة .

الشرط الثاني : أن يكون الأب كويتيا لحظة ميلاد الابن ، بمعنى أنه لو كان الأب أجنبيا أثناء فترة الحمل ثم حصل على الجنسية الكويتية قبل الميلاد فان الابن يصبح كويتيا ، وكذلك لو أن الأب كان كويتيا لحظة ميلاد الابن ثم تجنس بجنسية أجنبية ، فإن الابن يصبح كويتيا أيضا ، فكل تغيير في جنسية الأب سابق أو لاحق لولادة الابن لا يمنع من سريان حكم المادة الثانية . ولا يشترط حياة الأب وقت ميلاد الابن ، بل يكفي أن يكون الأب كويتيا لحظة وفاته ، ذلك لأن القانون لم يفرق بين المولود من أب حي أو أب متوفى .

ولم يحدد النص طرق اكتساب الأب للجنسية الكويتية ، بل اكتفى بصفة الأب الكويتية ولا فرق في هذا إن كان الأب دخل الجنسية بصورة أصلية أم بصورة لاحقة ، ولهذا فابن المتجنس بالجنسية الكويتية إذا ما ولد بعد دخول أبية في الجنسية الكويتية فإنه يستفيد من هذا النص ويحصل على الجنسية الكويتية بمقتضاه .
ومن اللافت للنظر أن الهامش الوارد في الصفحة الثالثة من الكراس الخاص بقانون الجنسية الكويتية – مطبوع وزارة الداخلية – الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر- قد جاء فيه أن ‘ هذه المواد الثلاث – الأولى والثانية والثالثة – خاصة بالكويتيين بصفة أصلية بالتأسيس ‘ .
ولا ندري المراد – على وجه التحديد – بهذا التعبير وخصوصا فيما يتعلق بموضوع بحثنا الخاص بالمادة الثانية ، فهل هذا يعني أن تطبيق هذه النصوص خاص بالكويتيين الأصليين وقاصر عليهم ، فإن من دخل الجنسية الكويتية بالتأسيس يستفيد من النص ويدخل الجنسية بمقتضاه ، أما ابن من دخل الجنسية بسبب آخر غير التأسيس كالتجنس فلا يشمله هذا النص ولا يدخل الجنسية بمقتضاه .
وهذا التفسير غير مقبول للأسباب التالية :
أ – نص المادة الثانية مطلق ، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد نص قانوني يقيده ، ولم يرد في القانون قيد يحد من شمول وعموم نص المادة الثانية من القانون .
ب – يترتب على حصر تطبيق هذا النص على أبناء أولئك الذين دخلوا الجنسية بالتأسيس حرمان أولاد المتجنسين من الدخول في الجنسية الكويتية ذلك لأن المادة السابقة خاصة بأولاد المتجنسين المولودين قبل تجنسه ، فهولاء أدخلتهم المادة السابعة في الجنسية الكويتية تبعا لتجنس أبيهم ، أما بعد التجنس فلم يعد هذا الشخص أجنبيا بل أصبح وطنيا وابنه ولد من أب وطني .
ج – لا يمكن القول بأن جميع من حصلوا على الجنسية الكويتية بمقتضى الحالات الوارد ذكرها في المواد الثلاث جنسيتهم أصلية بالتأسيس ، فالفقرة الثانية من المادة الثالثة (الخاصة بالمولود في الكويت من أبوين مجهولين) فمن توفرت فيه شروط هذا النص لا يعتبر من الكويتيين بالتأسيس .
ولهذا فان هذا الهامش لا يعني حصر تطبيق النصوص الثلاثة بالكويتيين الأصليين (بالتأسيس) ولكن قد يعني أن جنسيتهم أصلية ومع ذلك فليست بالنسبة إليهم جميعا بالتأسيس .
ونؤكد القول بأن نص المادة الثانية مطلق ويكفى للاستفادة منه أن يولد الولد من أب كويتي بصرف النظر عن سبب دخول الأب في الجنسية الكويتية ، فبمجرد ثبوت نسبه إليه فهو كويتي منذ ولادته وبقوة القانون ولا حاجة لإجراء آخر ، والجنسية المكتسبة في هذه الحالة جنسية أصلية حتى ولو كان الأب قد دخل الجنسية عن طريق التجنس (1) .
ومما يؤسف له أنه بموجب المادة الأولى من المرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1981م الخاص بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية والمعدل بالقانون رقم (61) لسنة 1982م ، فإنه لا يحق للأفراد الطعن في القرارات الصادرة في شأن الجنسية أو طلب إلغائها أمام القضاء ولهذا الأمر نتيجتان هامتان هما :

* الأولى عملية : وهى حرمان الأفراد من طلب إلغاء القرارات الصادرة في مسائل الجنسية بحقهم وخاصة قرارات رفض منح الجنسية وبالتالي عدم تمكين الأفراد من اللجوء إلى القضاء وطلب رفع الظلم الواقع عليهم في مسائل الجنسية ، والنتيجة هى منع السلطة القضائية من تقويم اعوجاج السلطة التنفيذية وانحرافها عند تطبيقها لقانون الجنسية .

* الثانية نظرية : وهى عدم تمكين القضاء من تفسير مواد قانون الجنسية وذلك لأنه – كما قلنا سابقا – ممنوع من النظر في طلبات إلغاء القرارات الصادرة في مسائل الجنسية ، ولا شك أن للتفسير القضائي لنصوص القانون – أي قانون – أهمية كبيرة .
وأمام عدم وجود تفسيرات قضائية لنصوص قانون الجنسية لم أجد بدا من اللجوء إلى إدارة الفتوى والتشريع – وهى بمثابة الجهة المخولة بتقديم الفتاوى القانونية للحكومة وأجهزتها المختلفة فكانت المحصلة هى حالتان واقعيتان نعرضهماعلى سبيل المثال :

الحالة الأولى :
تتلخص الوقائع في أن السيد – …. من مواليد البادية ، وأنه التحق بمدارس الكويت عام …. حيث كان يدرس قبل ذلك في المملكة العربية السعودية ، وقد سجلت جنسيته في تلك المدارس (سعودى) ، بينما يدعى أنه لا يحمل تلك الجنسية وإنما كان يتردد بين الكويت والمملكة العربية السعودية عن طريق البر وبصورة غير مشروعة ، كما أنه لم يضف بملف جنسية والده إلا في …. .
ومن حيث أن المادة الثانية من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959م تنص على أنه ‘ يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي ‘ .
ومن هنا يتضح لنا أن قانون الجنسية الكويتي يأخذ بفكرة حق الدم في اكتساب الجنسية الكويتية إذ الأبوة هى الأساس في اكتساب الجنسية الكويتية حيث يكتسب الابن جنسية أبيه سواء ولد في الكويت أو في الخارج . ولا يشترط لذلك سوى تحقق الصفة الوطنية للأب عند ولادة الابن وثبوت النسب .
ويتضح من خلال التحقيق الذي أجري في هذا الشأن أن الإبن لا يحمل الجنسية السعودية رغم دراسته في مدارسها .
ومن حيث أن والد الطالب يحمل الجنسية الكويتية وفقا للمادة الأولى أى أنه يعتبر كويتيا وقت ميلاد إبنه ، فإنه وفقا للمادة الثانية من القانون رقم (15) لسنة 1959م يعتبر الابن كويتي الجنسية (2) .

الحالة الثانية :
مجمل الوقائع أن السيد – …. تقدم بطلب للحصول على الجنسية إستنادا إلى جنسية والده …. الكويتي الجنسية بصفة أصلية .

وقد تبين لإدارة الجنسية أنه من مواليد إيران سنة 1948م ، ولديه جواز سفر إيراني ، ودخل الكويت لأول مرة في سنة 1978م ، وأنه لا يتكلم اللغة العربية على الإطلاق ، وقد اتضح من الاطلاع على ملف جنسية والده أنه تقدم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية تضمن أن والده دخل الكويت سنة 1908م بناء على استدعاء من المغفور له سمو الشيخ مبارك الصباح ليعمل كطبيب أسنان في الكويت ، واستمر مقيما في الكويت إلى أن توفي سنة 1943م وأضاف المذكور إلى ذلك أنه ولد بالكويت سنة 1922م ، ودرس في المدرسة المباركية ، وغادرها سنة 1944م حيث سافر إلى إيران لإتمام دراسته ، وكانت مغادرته بجواز سفر كويتي حصل عليه سنة 1942م من صاحب السمو المغفور له الشيخ أحمد الجابر ، وفي إيران حصل على الجنسية الإيرانية ، وبعد إكمال دراسته اشتغل بالأعمال الحرة متنقلا بين السعودية والكويت وإيران ، وانتهى المذكور من ذلك إلى طلب الجنسية الكويتية وإلغاء جنسيته الإيرانية .
وفي …. رفع طلب المذكور إلى اللجنة العليا للجنسية بكتاب إدارة الجنسية الذي تضمن أن اللجنة اقتنعت بأقواله وقررت رفع توصيتها للموافقة على منحه الجنسية الكويتية بموجب المادة الأولى ، ومن كتاب إدارة الجنسية إلى إدارة المرور تبين أن المذكور حصل على شهادة الجنسية الكويتية بالتأسيس بعد أن تنازل عن جنسيته الإيرانية ، كذلك اتضح من الأوراق …. أن الطالب يطلب منحه الجنسية الكويتية استنادا إلى جنسية والده .
ومن حيث أن المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتية تنص على أن يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي .
وعلى ذلك فقد اعتبر والد الطالب كويتي بالتأسيس فإن ابنه يعتبر كويتيا كذلك بحكم رابطة الدم وذلك بغض النظر عن مكان ميلاده أو مكان إقامته أو تاريخ عودته للكويت .
لذلك نرى إجابة الطالب إلى طلبه (3) .

المطلب الثاني
المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي في الواقع العملي

يبرز لنا – عند النظر إلى الجانب التطبيقي والواقع العملي للمادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي – خطآن : الأول يتمثل في أن ابن الكويتي بالتأسيس يكتسب الجنسية الكويتية بالتأسيس ، والثاني يتمثل في أن ابن الكويتي المتجنس يمنح الجنسية الكويتية بالتجنس : –

الخطأ الأول :
اكتساب ابن الكويتي بالتأسيس الجنسية الكويتية بالتأسيس : دأبت إدارة الجنسية على منح الجنسية الكويتية بالتأسيس لكل من يولد لأب كويتي بالتأسيس فقط ، وفي هذا التوجه مخالفة لنصوص قانون الجنسية ، ذلك أن من يولد لأب كويتي بالتأسيس يعتبر كويتيا بصفة أصلية طبقا للمادة الثانية ، وذلك لأن المادة الأولى – الخاصة بجنسية التأسيس – وضعت لتنطبق على من كان موجودا حينما سن قانون الجنسية سنة 1959م ، وهى مادة انتقالية وضعت لمجابهة الظروف الخاصة الناتجة عن عدم وجود معيار قانوني لتعريف الكويتي قبل أن يسن قانون الجنسية الكويتي سنة 1959م ، فالهدف من وضع المادة الأولى إذن هو تحديد الكويتيين الأوائل ، فمتى ما تم ذلك لم يعد للمادة تلك من وظيفة تؤديها ، ولذلك يقال أن المادة الأولى مادة انتقالية يجب أن تلغى أو على الأقل يوقف العمل بها بعد أن تؤدى مهمتها بتعريف ‘ الكويتي ‘ وهذا ما فعله المشرع بالمرسوم بالقانون رقم (100) لسنة 1980م حينما أعطى مهلة سنة واحدة لاتسمع بعدها دعاوى إثبات الجنسية طبقا للمادة الأولى لمن لم يتقدم بطلبه لإثبات جنسيته الكويتية بالتأسيس .
ومما يدعم ما نذهب إليه هو أن تطبيق المادة الأولى على أبناء الكويتيين بالتأسيس قد يخلف نتائج غير منطقية ومتعارضة ، فمن يريد إثبات تمتعه بالجنسية بالتأسيس عليه أن يثبت أمام لجان تحقيق الجنسية أنه أو أحد أصوله قد توطن الكويت قبل سنة 1920م طبقا لنص المادة الأولى ، وذلك بالطرق المقررة في المادة (21) من القانون ، ولهذه اللجان مطلق الحرية في قبول الأدلة التي يقدمها لإثبات جنسيته الكويتية مما يعني احتمال عدم اقتناعها بالأدلة التي يقدمها على الرغم من أن والده يحمل الجنسية الكويتية بالتأسيس ، أما إذا أراد أن يثبت أنه كويتي بصفة أصلية طبقا للمادة الثانية فعليه أن يثبت أنه ابن شرعي لمواطن كويتي.

الخطأ الثاني :
منح ابن الكويتي المتجنس الجنسية الكويتية بالتجنس : هناك خطأ آخر يقابل الخطأ الأول – سالف الذكر – ولا يقل عنه جسامة ، وهو أن من يولد لأب كويتي بالتجنس يمنح الجنسية الكويتية طبقا للمادة السابعة من قانون الجنسية الكويتي ، واعتباره متجنسا كذلك أسوة بإخوته المولودين في وقت سابق على تجنس والدهم ، في حين أن – من المفروض وفق قانون الجنسية – أن أولاد المتجنس الذين يولدون بعد تجنس والدهم يستحقون الجنسية الكويتية بصفة أصلية طبقا للمادة الثانية .
ويمكن الاستدلال على هذا الخطأ في التطبيق من خلال مجموعة من الأدلة القانونية :

أولا : إن المادة السابعة من قانون الجنسية الكويتي تنطبق على الأولاد القصر للأجنبي الذي يتجنس بالجنسية الكويتية – والقاصر هو كل شخص لم يتم الحادية والعشرين من العمر – وبذلك ، فالمادة السابقة لا تنطبق على أولاد المتجنس الذين يولودن بعد تجنسه ، فهؤلاء لم يكونوا موجودين أصلا أثناء تجنس والدهم .
ثانيا : يعود الخطأ في التطبيق كذلك إلى وضوح نص المادة الثانية والتي تتكلم عن ولد الكويتي ، ومصطلح ‘ الكويتي ‘ هنا جاء بصفة مطلقة ، والمطلق يؤخذ على إطلاقه ، وقد سار المشرع الكويتي في قانون الجنسية على هذا النهج ، فإذا أراد أن يخص المتجنسين ببعض النصوص أشار صراحة إلى ذلك ، أما إذا أراد أن يتكلم عن كل من يحمل صفة كويتي سواء كان أصليا أم متجنسا ذكر مصطلح ‘ كويتي ‘ فقط دون تحديد . والأمثلة على ذلك كثيرة ، ففي المادة السادسة – من قانون الجنسية – ورد ذكر الأجنبي الذي كسب الجنسية الكويتية كتخصيص لمن تنطبق عليهم هذه المادة ، وعندما عدلت المادة بعد ذلك حدد المشرع من يخضع لشروطها صراحة (وهم الحاصلون على الجنسية الكويتية طبقا للمواد 3،4،5،7،8 من قانون الجنسية) .
كذلك عندما أراد المشرع أن يخص المتجنسين بقواعد تتعلق بطريقة فقدهم للجنسية الكويتية نص في المادة (13) من قانون الجنسية على أنها تخص الكويتي المتجنس ، وعندما عدلت بعد ذلك حدد المشرع من يخضع لهذه المادة (وهم الحاصلون على الجنسية الكويتية بالتطبيق لأحكام المواد 3،4،5،7،8 من قانون الجنسية) .
وفي المقابل ، ورد ذكر كلمة كويتي فقط وبصفة مطلقة في المادة (8) ، والمعروف أن المادة (8) تنظم جنسية المرأة الأجنبية التي تتزوج من كويتي ، سواء كان بصفة أصلية أم بالتجنس ، كذلك يقال نفس الكلام عن نص المادتين (10) و (12) ، اما نص المادة (11) فيؤكد ما نذهب إليه بصورة قاطعة ، إذ تنص المادة (11) في الجزء المرتبط بموضوعنا – على ما يلي : ‘ يفقد الكويتي الجنسية إذا تجنس مختارا بجنسية أجنبية …. ‘ ، ومن غير المعقول أن تطبق المادة (11) على الكويتيين بصفة أصلية فقط ، وإنما يخضع لها كل من يتمتع بالجنسية الكويتية سواء كان بصفة أصلية أو بالتجنس .
ثالثا : جاءت المذكرة التفسيرية لقانون الجنسية أكثر وضوحا في شرحها للمادة الثانية إذ تقول : ‘ ومذ تحدد الكويتي بجنسية التأسيس على النحو المتقدم أصبح من اليسير وضع قاعدة من القواعد الجوهرية في مسائل الجنسية ، وهى القاعدة التي تقضى بأن الجنسية تكسب بالدم أي بتسلسل الولد عن أبيه ، فقضت المادة الثانية من القانون بأن كل من يولد لأب كويتي – وقد عرف الآن من هو الكويتي – يكون كويتيا ، والعبرة هنا بالدم كما سبق القول لا بالإقليم ، فقد يولد الشخص لأب كويتي في الكويت نفسها أو في خارج الكويت ، فما دام أبوه كويتيا فهو كويتي ، والعبرة كذلك بجنسية الأب وقت الميلاد ، فلو كان الأب أجنبيا وقت الحمل ثم تجنس بالجنسية الكويتية قبل الميلاد فإن الابن يولد كويتيا …. ‘
فوق كل ذلك ، فقد بارك الدستور الكويتي توجه المشرع الكويتي سالف الذكر ، وذلك حينما نص في المادة (82) منه على الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الأمة التي من أهمها شرط الجنسية : ‘ ويشترط في عضو مجلس الأمة : (أ) أن يكون كويتي الجنسية بصفة أصلية طبقا للقانون …. ‘ .

وقد فسرت المذكرة التفسيرية للدستور المقصود ‘ بالكويتي بصفة أصلية ‘ بأنه كل شخص اعتبره قانون الجنسية كويتيا بصفة أصلية ، وبذلك تكون قد أحالت إلى قانون الجنسية لتحديد الكويتي بصفة أصلية ، الذي اعتبر – في المادة الثانية – ابن المتجنس المولود بعد اكتساب والده الجنسية الكويتية مواطنا بصفة أصلية ، وأكدت المذكرة التفسيرية للدستور كذلك هذه الفكرة حينما نصت على أنه ‘ يكون الترشيح حقا لأبناء هذا المتجنس إذا ما أدخلهم قانون الجنسية ضمن حالات الجنسية بصفة أصلية وهو الحكم الصحيح المعمول به في الدول المختلفة ‘ .
يتضح مما تقدم أن التطبيق الخاطئ للقانون ترك المادة الثانية من القانون معطلة ، فلا هى مطبقة على أولاد المؤسسين ولا هى مطبقة على أولاد المتجنسين ، على الرغم من أنها الأساس الذي تبنى عليه الجنسية الأصلية بالميلاد ، وهى الوسيلة الأساسية لخلق شعب كويتي متجانس يتكون في جله من كويتيين بصفة أصلية مولودين لآباء كويتيين (سواء بالتأسيس أو بالتجنس) ، ونسبة بسيطة من المتجنسين طبقا لنصوص المواد (4 و 5 و7 و8) ، أما بناء على التفسير الخاطئ للجنسية فإنه لايمكن القول بأن الجنسية الكويتية مبنية على النسب أو ما يسمى قانونا ‘حق الدم’ .
وفي 17 يوليو 1994م صدر في الجريدة الرسمية القانون رقم (44) لسنة 1994م باضافة فقرة جديدة إلى المادة (7) من قانون الجنسية تحت رقم فقرة (3) تنص على ما يلي : ‘ أما أولاد المتجنس الذين يولدون بعد كسبه الجنسية الكويتية فيعتبرون كويتيين بصفة أصلية ويسرى هذا الحكم على المولودين منهم قبل العمل بهذا القانون ‘ .
وقد جاء هذا التعديل بناء على اقتراح حكومي وافق عليه مجلس الأمة ، وإن كان هذا التعديل قد منح هذه الفئة حقوقها السياسية التي حرمت منها دون وجه حق ، إلا أنه مازال بعيدا عن طموحات الشعب الكويتي بإزالة التمييز بين فئاته ، كذلك مما يؤخذ على هذا التعديل أنه أخضع هذه الفئة من الكويتيين بصفة أصلية للمبادئ الواردة في المادة (13) مما يتعارض وفكرة سحب الجنسية الواردة في تلك المادة ، حيث أن سحب الجنسية – كقاعدة عامة – لا يرد إلا على حالات اكتساب الجنسية بالتجنس بالاضافة إلى ذلك ، فإن هذا التعديل لا يقلل من دور المادة الثانية ، والتي يجب أن تطبق على أبناء الكويتيين جميعا دون تمييز بين ابن كويتي مؤسس وابن كويتي متجنس (4) .

** هوامش المبحث الثاني
__________________________________________________________________________________
(1) الدكتور حسن الهداوى – الجنسية ومركز الأجانب واحكامهما في القانون الكويتي – الطبعة الأولى 1973م – ص 95 – ص 98 .
(2) فتوى رقم 2-2828 في 11-5-1978م .
(3) فتوى رقم 2-3240 في 15-8-1979م .
(4) الدكتور رشيد العنزي – مرجع سبق ذكره – ص 78 – ص 81 .

خاتمة

مما لا شك فيه أن القصور التشريعي يسبب اختلالا في المجتمع وإرباكا للبناء القانوني في الدولة ، ولكن الأمر يزيد صعوبة أمام وجود قانون لا يطبق ، قانون فاقد لقيمته ، عار عن هيبته ، وما المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي – محور بحثنا هذا – إلا مثال صارخ لعدم احترام القانون . ومن الغريب أن نرى نصا قانونيا – أيا كان هذا النص – لا يعرف طريقه إلى التطبيق ، فما بالك إذا كان هذا النص في قانون مهم وحيوي كقانون الجنسية ، وما بالك إذا كان هذا النص يمثل الآلية القانونية لتوحيد الجنسية الكويتية بين أفراد الشعب الكويتي وفئاته وله دور فاعل في تحقيق العدالة والمساواة في مجال الجنسية مما يؤدي إلى تمازج الشعب وتماسك أركانه . ومن الأغرب أن نرى المادة الأولى من المرسوم بالقانون – رقم (20) لسنة 1981م – الخاص بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية والمعدل بالقانون رقم (61) لسنة 1982م – قد منعت الأفراد من الطعن في القرارات الصادرة في مسائل الجنسية ، وكفت يد السلطة القضائية عن بسط رقابتها على قرارات السلطة التنفيذية في هذا المجال والتحقق من اتفاقها مع مبدأ المشروعية . حقيقة ، لا يفوتنا في ختام بحثنا هذا إلا أن نؤكد على أمرين : أولا : الحرص على تطبيق القانون ، وحفظ هيبته ، وخاصة نص المادة الثانية من قانون الجنسية الكويتي . ثانيا : تعديل المرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1981م والخاص بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية والمعدل بالقانون رقم (61) لسنة 1982م ، وذلك بالغاء الاستثناءات الواردة في (خامسا) من المادة الأولى ، وخاصة المسائل المتعلقة بالجنسية ، حتى تخضع جميع قرارات السلطة التنفيذية لرقابة القضاء ، الذي سيتحقق من مشروعيتها ويعطي كل ذي حق حقه . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين –

المراجع

1 – د. أحمد عبدالحميد عشوش و د. عمر أبوبكر باخشب ‘ أحكام الجنسية ومركز الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي’ – دراسة مقارنة- الطبعة الأولى 1990م .
2 – د. حسن الهداوي ‘ الجنسية ومركز الأجانب وأحكامهما في القانون الكويتي ‘ ، الطبعة الأولى 1973م .
3 – د. رشيد العنزي ‘ الجنسية الكويتية ‘ – دراسة للنظرية العامة للجنسية وللمرسوم الأميري- رقم 15 لسنة 1959م بشأن الجنسية الكويتية وتعديلاته ، الطبعة الأولى 1995م .
4 – د. شمس الدين الوكيل ‘ الجنسية ومركز الأجانب ‘ ، الطبعة الثانية 1960م -1961م .
5 – د. فؤاد عبدالمنعم رياض ‘ أصول الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن’ – الطبعة الأولى 1995م .
6 – د. هشام على صادق ‘ الجنسية والمواطن ومركز الأجانب ‘ ، المجلد الأول – الطبعة الأولى 1977م .