تحديد سن الزواج في الشريعة الإسلامية
وقانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2010م

– دراسة فقهية مقارنة-

د. ماهر معروف النداف*                                د. رائد علي الكـردي**

ملخص
تناولت هذه الدراسة موضوع تحديد سن الزواج في الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الأردني دراسة فقهية مقارنة، حيث نص قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لعام 2010م على أن سن الزواج هو الثامنة عشرة سنة شمسية للرجل والمرأة بحيث لا يستطيع أي منهما الزواج قبل هذا السن إلا لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية وبإجازة القاضي وموافقة قاضي القضاة؛ لذا كان لا بد من بحث هذه المسألة من الناحية الفقهية لمعرفة إن كان هذا الأمر يتفق مع مبادئ شريعتنا الإسلامية وأصولها. وقد تناولت الدراسة تعريف الزواج وحكمه، ورأي الفقهاء المسلمين في مسألة تحديد سن معينة للزواج، وبينت الدراسة موقف قانون الأحوال الشخصية الأردني من ذلك. وخلصت الدراسة بعد مناقشة أقوال الفقهاء وأدلتهم إلى أنه يجوز شرعا تزويج الصغار ولكن ضمن ضوابط وشروط وضعها العلماء، وخلصت كذلك إلى القول بعدم جواز تحديد سن للزواج، وأن المصلحة تقتضي عدم التحديد، ولذا يوصي الباحثان بإعادة النظر في التعديل الذي طرأ على سن الزواج، وخفض هذه السن.
Abstract
This research makes a comparative Jurisprudence study about determining the age of marriage in the Islamic Shari’a and the Jordanian Personal Status Law. In fact, the Jordanian Personal Status Law/article No. (36) for the year 2010, stated that both male and female should have completed eighteen years of age to get married, unless a judge allows the marriage. Thus, it was important to study this issue from Fiqh perspective to know if this law agrees with our Islamic Shari’a.

Moreover, the study defines marriage and its aims. It mentions some Jurists’ opinions on determining the age of marriage. After discussing the jurists’ opinions and their proofs, the study concludes that in Shari’a, it is permitted to let young people get married but within some conditions and rules the scholars state. It, also, reveals that not determining the age of marriage is a must for the community benefits. So, the researchers recommend reconsidering the alteration in the age of marriage.

مقدمة:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ونصلي ونسلم ونبارك على أشرف الخلق والمرسلين محمدٍ بن عبدالله النبي الأمين والمبعوث رحمةً للعالمين، وبعد: فيقول ربنا تبارك وتعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [يوسف: 40]، ويقول تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً[النساء: 65]، فالمشرع، والمحلل والمحرم هو الله تعالى، ونحن في حياتنا الدنيا مأمورون بتطبيق
* أستاذ مساعد، كلية العلوم التربوية والآداب الجامعية.
** أستاذ مساعد، جامعة البلقاء التطبيقية.

شرع الله في كل مجال من مجالات الحياة، وتطبيق الشرع يحتاج إلى علماء مسلمين ثقات عدول إن أصابوا فمن الله، وإن أخطأوا فمن أنفسهم، وواجب على المسلم أن يعاونهم في ذلك تطبيقاً لقوله : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: 2] لذا وتطبيقاً لهذه الآية الكريمة فإنه من الواجب بحث مسألة تحديد سن الزواج التي نص عليها قانون الأحوال الشخصية الأردني من حيث كونها موافقة لأحكام الفقه الإسلامي أو غير موافقة، خاصة وأن هذه المسألة أثارت ضجة إعلامية بين مؤيد ومعارض.

مشكلة الدراسة:
تتمثل مشكلة الدراسة في قيام دائرة قاضي القضاة بإجراء بعض التعديلات على قانون الأحوال الشخصية الأردني، ومن ضمن هذه التعديلات النص على أن سن الزواج هو الثامنة عشرة للفتى والفتاة، ولا يجوز إجراء عقد الزواج قبل هذا السن إلا لمن أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية، وقد احتج كثير من العلماء على هذا التعديل، ومع أن المشرع الأردني قد أجاز للقاضي التزويج قبل هذا السن إلا أن هذا الاستثناء قد يوجِد بعض المشاكل، فقد يصبح هذا الاستثناء أصلاً، ومن الممكن أن يخضع هذه الاستثناء إلى تقدير خطأ من قبل بعض القضاة، فجاءت الدراسة لتبين الرأي الراجح في هذه المسألة من الناحية الفقهية، ولتبين إن كان هناك مصالح من التحديد، وبخاصة التحديد بهذا السن.

أهمية الدراسة وأهدافها:
تظهر أهمية الدراسة من خلال الأهداف التي تسعى الدراسة إلى تحقيقها، وهذه الأهداف هي:
أولاَ: بحث مشروعية تحديد سن الزواج في الفقه الإسلامي، من خلال بيان أقوال الفقهاء في هذه المسألة، وبالتالي تأصيل هذه المسألة تأصيلاً فقهياً.
ثانياً: مقارنة ما جاء في أقوال الفقهاء مع قانون الأحوال الشخصية الأردني.
ثالثاً: محاولة الوصول إلى الرأي الراجح في مسألة تحديد سن الزواج، والتوصية بالأخذ به في القانون.

منهج الدراسة:
تقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفي والاستقرائي والمقارن بين أقوال الفقهاء والقانون، حيث سيقوم الباحثان بتتبع المادة من المصادر الفقهية القديمة، والحديثة، ومن قانون الأحوال الشخصية الأردني، كما سيقوم الباحثان بالمقارنة بين أقوال الفقهاء وذكر أدلتهم والترجيح بين هذه الأقوال، وكذلك المقارنة بين الفقه والقانون.

الدراسات السابقة:
– بحث التبكير في الزواج والآثار المترتبة عليه، دراسة فقهية قانونية مقارنة – رؤية معاصرة – مصطفى القضاة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية مجلد 26-عدد2010م، وقد تحدثت هذه الدراسة عن أقوال الفقهاء في الزواج المبكر الذي يكون قبل البلوغ، وذكرت أدلتهم، ولكنها لم تفصل في أقوال الفقهاء في مسألة الزواج بعد البلوغ وقبل سن الثامنة عشرة التي نص عليها قانون الأحوال الشخصية الأردني، فهي لم تتطرق إلى مسألة تحديـد سن للزواج، والبحث هنا يسعى إلى الوصول إلى الحكم الشرعي في هذه المسألة مقارناً بقانون الأحوال الشخصية الأردني.
خطة البحث:
جاءت هذه الدراسة وفق الخطة التالية:
المبحث الأول: تعريف الزواج وحُكمه والأهلية وحكم زواج الصغار، وقسم إلى المطالب الآتية:
المطلب الأول: تعريف الزواج.
المطلب الثاني: حُكم الزواج
المطلب الثالث: أهلية النكاح.
المطلب الرابع: تعريف الأهلية.
المطلب الخامس: حكم زواج الصغير والصغيرة.
المبحث الثاني: تحديد سن الزواج، وقسم إلى المطالب الآتية:
المطلب الأول: تحديد سن الزواج عند الفقهاء.
المطلب الثاني: مناقشة الأدلة والترجيح.
المطب الثالث: سن الزواج في قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2010م.

المبحث الأول
تعريف الزواج وحكمه والأهلية وحكم زواج الصغار

المطلب الأول: تعريف الزواج:
أولاً: في اللغة: الزواج هو: النكاحُ، يقال: زوجتُ فلاناً امرأةً بمعنى: أنكحته امرأة، والزواج مأخوذ من الفعل زَوَج، وزوج المرأة: بعلها، وزوج الرجل: امرأته، والرجل زوج المرأة، وهي زوجه وزوجته، وزوّج الشيءَ بالشيءِ، وزوّجه إليه: قرنه، وفي التنزيل: وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ[الدخان: 54] أي: قرنّاهم، وقال تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً[الشورى: 50] أي يقرنهم، وكل شيئين اقترن أحدهما بالأخر فهما زوجان( ).

ثانياً: في الاصطلاح:
أ- في الفقه الإسلامي: الزواج هو: “عقد يفيد حل استمتاع الرجل بامرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي”( ).
فالزواج عقد كباقي العقود يقوم على الاتفاق والإلزام، ويترتب عليه حكمه حسب وضعه الشرعي، فيترتب عليه حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر، وطرفا هذا العقد هما الرجل والمرأة، فيخرج بذلك الخنثى المشكل، فالمراد المرأة المتحققة أنوثتها، والقول لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، ليخرج بذلك كل امرأة لا يجوز الزواج منها، مثل الأم، والأخت، والمعقود عليها وغير ذلك( ).
ب- في القانون: عرف قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة الخامسة منه الزواج بأنه: “عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً، لتكوين أسرة، وإيجاد نسل”( ).
وتعريف القانون للزواج لا يختلف عن تعريف الفقهاء له، فالزواج كما ورد تعريفه في القانون هو عقد كباقي العقود يقوم على الاتفاق والإلزام، وطرفا العقد هما الرجل والمرأة، والمرأة التي يجوز الزواج منها حسب القانون هي المرأة التي أحل الشارع الكريم زواجها، وبالتالي لا يجوز الزواج من المرأة التي حرم الشارع الكريم الزواج منها، كالأم، والعمة, والمعقود عليها وغير ذلك، وبين القانون أن الغاية من الزواج هي تكوين أسرة وإيجاد النسل.

وتظهر العلاقة بين هذا التعريف وموضوع البحث بقدرة العاقدين على تحقيق مقصد الزواج شرعاً من تكوين أسرة وإيجاد نسل بينهما.

المطلب الثاني: حُكم الزواج:
ذهب الفقهاء إلى أن الزواج تجري عليه الأحكام الشرعية التكليفية، وهي: الوجوب، والاستحباب، والإباحـة، والكراهة، والحرمة.
وهذه الأحكام تكون بحسب حال من يريد الزواج، وبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: يكون الزواج واجباً على من كانت نفسه ترغب في الزواج، ويخشى على نفسه من الوقوع في الزنا إذا لم يتزوج، ويمتلك المقدرة على الزواج، ويقصد بالمقدرة: المقدرة المالية، والجسمية، والجنسية، وبالتالي من لم يتزوج في هذه الحالة فهو أثم( ).
ثانياً: يكون الزواج مندوباً في حق من كانت نفسه ترغب في الزواج ويمتلك المقدرة على الزواج، ولكنه لا يخشى على نفسه من الوقوع في الزنا إن لم يتزوج( ).
وعند الحنابلة يُسن الزواج في هذه الحالة ولو كان فقيراً، وقال بعضهم يقترض ويتزوج( ).
ثالثاً: يكون الزواج مباحا في حق من لا شهوة له( )، ففي هذه الحالة إذا أخبر الرجل من يريد الزواج منها بحاله ووافقت فالزواج في حقه مباح، وعند المالكية يندب في حقه الزواج إن كان يرجو من زواجه خيراً من نفقة على فقيرة، أو إذا كان يرجو نسلاً( )، وهذا الذي ذكره المالكية ليس على سبيل الحصر، فأي خير يمكن رجاؤه من الزواج فيسن للرجل الزواج وإن كان لا شهوة له، فمقاصد الدين من تشريع الزواج كثيرة ولا تنحصر فقط في توفير النفقة على الزوجة، أو إيجاد النسل.

رابعاً: يكون الزواج مكروها في حق من له شهوة، وكان الزواج يؤدي به إلى قطع مندوب( )، كانشغاله عن طلب العلم، أو التعليم، وعند الشافعية يكره الزواج في حق من لا رغبة له في الزواج ولا يملك المقدرة على الزواج أو كان به مرض، أو عجز عنه، أو كبر( )، ويكره كذلك الزواج عند الشافعية في حق من كان يقيم في دار الحرب، وعلة ذلك الخوف على الأولاد من الكفر والاسترقاق، كذلك يكره في حق من لا يمتلك القدرة على الزواج لقوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ[النور: 33]( ).
خامساً: يكون الزواج محرما في حق من كان زواجه يؤدي إلى محرم، كأن يضر بزوجته لعدم قدرته على الوطء، أو النفقة( ).

المطلب الثالث: أهلية النكاح:
يشترط قانون الأحوال الشخصية الأردني لإجراء عقد الزواج أن يكون كل من الزوج والزوجة أهلاً للزواج، وحصر الأهلية بالعقل، وبلوغ سناً معينة هي الثامنة عشرة في الرجل والمرأة، جاء في المادة العاشرة منه: “يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وأن يتم كل منهما ثمانية عشرة سنة شمسية من عمره”.

المطلب الرابع: تعريف الأهلية:
أولاً في اللغة: الأَهْليَّة: الصلاحيَّة، وأَهْلُ الرجلِ وأهْلُ الدارِ، وأهْلُ الأمرِ: ولاتُهُ، وأهْلُ البيت سُكانُه، وأهْلُ الرجُلِ أخصُّ الناس به، والأَهْليُّ:هو الإنسيّ، وأَهَّله لذلك الأمر تأهيلاً وآهَلَه: رآه له أَهْلاً، ويُقال استَأْهلَ بمعنى: استحقَّ( ).
في الاصطلاح: الأهلية هي: “صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه”( )، ولا تثبت الأهلية إلا بعد وجود ذمة صالحة للوجوب له وعليه، ويقصد بالذمة العهد الذي أخذه الله على الناس قبل خلقهم بقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ[الأعراف: 172]، وكل إنسان يولد وله ذمة صالحة لوجوب له أو عليه( ).

المطلب الخامس: حكم زواج الصغير والصغيرة:
يلاحظ من خلال تتبع أقوال الفقهاء في هذه المسألة أن هناك بعض الفقهاء السابقين منعوا تزويج الصغير والصغيرة، وقالوا ببطلان عقد الزواج إذا تم قبل بلوغ أحدهما، وقد ذهب إلى هذا القول كثير من الفقهاء المعاصرين، ولذلك من المعقول جداً تصوير المسألة على أنها مسألة خلافية، لا متفق عليها، وقد اختلف الفقهاء في جواز تزويج الصغير والصغيرة إلى ثلاثة أقوال، هي:

القول الأول: جواز تزويج الصغير والصغيرة، وينبني على هذا القول أنه لا يشترط البلوغ لجواز التزويج، وممن ذهب إلى هذا القول أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة وأتباعهم( ).
وقد استدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
● قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ[الطلاق: 4]، ووجه الاستدلال أن الآية الكريمة جعلت للتي لم تحض عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح، أو فسخ، فدل على أنها تُزوج ثم تطلق( ).
● قوله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ[النور: 32]، والأيامى: جمع أيمَّ، والأيمّ: كل امرأة لا زوج لها كبيرة كانت أو صغيرة، ويقال كذلك للرجل الذي لا زوجة له أيمّ، سواء كان قد تزوج ثم فارق، أو لم يتزوج من قبل( )، وووجه الاستدلال من هذه الآية الكريمة أنها لم تعلق جواز التزويج على البلوغ، بل أجازته للصغير والكبير( ).
● زواجه  من السيدة عائشة وهي صغيرة، حيث قالت عائشة رضي الله عنها: ” تزوجني النبي  وأنا ابنة ستّ، وبنى بي وأنا ابنة تسع”( ).
● واستدلوا بآثار كثيرة رويت عن صحابة رسول الله تدل على جواز تزويج الصغير والصغيرة، ومن هذه الآثار:
– روى هشام بن عروة عن أبيه قال: دخل الزبير بن العوام على قدامة بن مظعون فبُشر زبير بجارية وهو عنده، فقال له قدامة: زوجنيها، فقال الزبير بن العوام: ما تصنع بجارية صغيرة وأنت على هذا الحال؟ قال: بلى إن عشت فابنة الزبير، وإن مت فأحب من ورثني، قال: فزوجه إياها( ).
– وما روي أن علياً  ابنته أم كلثوم وهي صغيرة عمر بن الخطاب( ) .
– ووهب رجل ابنته الصغيرة من عبدالله بن الحسن( ) فأجاز( ).
– وزوجت امرأة ابن مسعود بنتا لها صغيرة ابنا للمسّيب بن نجبة( ) فأجاز عبدالله ذلك( ).
● ومن أدلتهم أن النكاح من جملة المصالح وضعاً في حق الذكور والإناث، وهو يشتمل على أغراض ومقاصد، ولا يتوفر ذلك إلا بين الاكفاء، والكفء لا يوجد في كل وقت فكانت الحاجة ماسة في إجازة تزويج الولي للصغيرة، لأنه لو انتظر بلوغها لفات ذلك الكفء ولا يوجد مثله( ).
القول الثاني: عدم جواز تزويج الصغير والصغيرة قبل بلوغهما، وذهب إلى هذا القول ابن شبرمة( )، وأبو بكر الأصم( )، وعثمان( ) بن البتي( ).
واستدلوا – رحمهم الله – بالأدلة الآتية:
● قوله تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ[النساء: 6]، ووجه الاستدلال أنه لو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذه الغاية فائدة، فقد جعلت الآية بلوغ سن النكاح علامة انتهاء الصغر( ).
● أن الدين الإسلامي أثبت الولاية على الصغير والصغيرة لحاجة المولى عليه وهما الصغير والصغيرة، وما لا حاجة للمولى عليه فيه لا تثبت الولاية فيه كالتبرعات، والصغير ليس في حاجة إلى النكاح لأن مقصود النكاح طبعا هو قضاء الشهوة، وشرعاً النسل، والصغر ينافيهما.
وردوا على من استدل على جواز تزويج الصغير والصغيرة بتزويج الرسول  من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة، بأن ذلك من خصوصيات الرسول ، ولا ينكر اختصاص النبي  ببعض الأحكام( ).
القول الثالث: جواز تزويج الصغيرة فقط قبل البلوغ، وعدم جواز تزويج الصغير قبل بلوغه، وإن زوّج الأب ابنه الصغير قبل بلوغه فعقد الزواج مفسوخ. وممن ذهب إلى هذا القول ابن حزم -رحمه الله تعالى-، وحجته في هذا القول أن النصوص إنما أجازت تزويج الصغيرة فقط قبل البلوغ، وأما الصغير فلا يوجد نص في جواز تزويجه قبل البلوغ، ولا يجوز قياسه على الصغيرة، لأن القياس كله عند ابن حزم باطل، وقال: ” لو جاز قياس تزويج الصغير على تزويج الصغيرة قبل البلوغ لكان القياس يقتضي أيضاً أن الأنثى إذا بلغت جاز لها أن تتزوج بنفسها أو بدون إذن وليها قياساً على الذكر الذي يجوز له بالإجماع أن يتزوج بنفسه وبدون إذن وليه، ولكن لا أحد من العلماء يقول بهذا القياس الباطل، وكذلك لا يُقاس الصغير على الصغيرة في مسألة جواز تزويجها”( )، وهذا الذي ذهب إليه ابن حزم غير دقيق؛ لأن الحنفية جوّزوا تزويج المرأة نفسها بدون إذن الولي( ).

سبب الخلاف: الذي يظهر من تتبع أٌقوال الفقهاء وأدلتهم أن السبب في خلافهم في مسألة تزويج الصغار هو السن الذي تطيق فيه الفتاة الوطء، وهل زواج الرسول  من السيدة عائشة رضي الله عنها خاص به عليه الصلاة والسلام أم هو تشريع عام، وهل يعتد بموافقة الصغيرة في زواجها في هذا السن أم لا يعتد بموافقتها لأنها ليست أهلا للاختيار، وبذلك تلزم الصغيرة بأحكام الزواج بعد بلوغها مع أن زواجها قبل بلوغها( ).

الرأي الراجح:
يرى الباحثان أن الرأي الراجح -والله تعالى أعلم- هو جواز تزويج الصغير والصغيرة قبل بلوغهمـا، لأن النصوص الدالة على هذا الرأي واضحة الدلالة ولا دليل للفقهاء المعارضين في تأويل دلالتها على جواز تزويج الصغير والصغيرة.

أما الآية الكريمة التي استدل بها المعارضون لجواز تزويج الصغير والصغيرة فلا تدل على أن صحة الزواج متوقفة على بلوغ من يريد الزواج، فإن الآية الكريمة تخبرنا عن الوقت الذي ندفع فيه المال إلى اليتيم وهو بلوغه النكاح أي الاحتلام، نعم بالاحتلام يبلغ المرء ولكن ليس في الآية دليل على عدم جواز النكاح قبل البلوغ( )، وبالتالي لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة يمنع من تزويج الصغيرين، فالنص الوحيد الذي استدل به المعارضون هو الآية الكريمة السالفة الذكر، وهذه الآية لا تدل على منع تزويج الصغيرين كما تبين.

وأما القول بأن زواجه  من السيدة عائشة رضي الله عنها خاص به عليه الصلاة والسلام، فلا دليل على التخصيص بدليل أن الصحابة الكرام من بعد رسول الله زوجوا بناتهم وهن صغيرات، فلو كان الأمر خاصا بالرسول  لما فعله الصحابة الكرام من بعده.

والقول بجواز تزويج الصغير والصغيرة لا يؤخذ على إطلاقه، بل إنما يكون ضمن ضوابط وشروط وضعها أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة( )، وهذه الضوابط ترد على الأدلة العقلية التي استدل به المانعون من تزويج الصغيرين، ومن هذه الضوابط:
‌أ- أن لا يُزوج الصغير أو الصغيرة إلا إذا كان لهما مصلحة في هذا الزواج، وأن تكون المصلحة خاصة بمن نريد تزويجه لا بالولي، كما يفعل ذلك للأسف كثير من الأولياء في بلادنا العربية والإسلامية، إذ يلجأون إلى تزويج الصغيرة لتحقيق مكاسب مادية تعود على الولي دون التفكير في مصلحة الصغيرة.
‌ب- أن يكون الولي في تزويج الصغير والصغيرة هو الأب أو الجد فقط؛ لأن غيرهما قاصر الشفقة على من هو تحت ولايته، أما الأب أو الجد فالأصل أنهما لا يزوجان الابن أو البنت الصغيرة إلا لمصلحة تعود على هذين الصغيرين، وقد ذهب المالكية( )، والحنابلة( ) إلا أنه ليس لغير الأب تزويج الصغار، وأضاف الشافعية إلى الأب الجد، وإذا زوج الصغيرة غير الأب أو الجد فالتزويج مفسوخ( )، وبناءً على ذلك ففي حال عدم وجود الأب والجد يرى الباحثان أنه لا يجوز تزويج الصغيرة قبل بلوغها من قبل الولي.
‌ج- صلاحية الصغير والصغيرة للزواج، وهذا إذا حدث دخول بعد عقد الزواج، أما مجرد الاقتصار على العقد وحده فلا مشكلة فيه( ).
‌د- أن يكون الزوج كفئاً، لأن العلماء الذين قالوا بجواز تزويج الصغار عللوا ذلك بكون الزوج كفئاً، فحتى لا يفوت الكفء ولأنه لا يتوفر في كل زمان فيجوز التزويج، واشتراط الكفء لتحقيق المصلحة، أما غيره فلا مصلحة في الزواج منه( ).

المبحث الثاني

تحديد سن الزواج

المطلب الأول: تحديد سن الزواج عند الفقهاء:
إن المتتبع لأقوال الفقهاء يجد أنهم اختلفوا في مسألة تحديد سن الزواج إلى قولين:

القول الأول: يجوز تحديد سن الزواج وهذا من صلاحيات الإمام، وهذا قول العلماء المعاصرين فقط، لأن تحديد سن للزواج من الأمور المستجدة ولم يقل به السابقون؛ لأن الفقهاء السابقين اختلفوا فقط في مسألة تزويج الصغيرين قبل البلوغ، أما تحديد سن للزواج بعد البلوغ فهذا لم يقل به أحد من السابقين.

ومن الذين قالوا بجواز تحديد سن الزواج:
– محمد الأحمدي أبو النور حيث قال إنه يحق للحاكم أن يقيد المباح الذي لم يرد فيه نص قطعي، وهذا ما ينطبق على زواج الصغيرات، ولذلك من حق الحاكم سن تشريع بتحديد سن الزواج حسبما يرى فيه المصلحة العامة، مع مراعاة مصلحة الصغيرة.

– محمد النجيمي عضو المجتمع الفقهي الإسلامي في السعودية، ولجنة تعديل القانون الأردني المشار لها سابقا( ).

وأصحاب هذا القول أطلقوا على الزواج قبل السن المحدد في القانون الزواج المبكر، فعندهم الزواج المبكر يعني الزواج قبل البلوغ، وبعده إذا كان قبل السن المحدد في القانون.
وقد استدلوا بالأدلة الآتية:
– قوله تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً[النساء: 6] ووجه الاستدلال أنه لو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذه الغاية فائدة، فقد جعلت الآية بلوغ سن النكاح علامة انتهاء الصغر( )، فالزواج المبكر لا يحقق الغايات من الزواج التي نصت عليه الشريعة الإسلامية من العفة، والتحصين، والحفاظ على المجتمع، وبناء أسرة، واستقرار، وسكينة( ).

– منع تسلط الأولياء بتزويج الصغيرات، وهروب الأهل من مسؤولية البنت مبكراً وهذا ما يشهده الواقع عند بعض البلدان العربية والإسلامية( )، حيث يلجأ الأهل في كثير من الحالات إلى تزويج بناتهن الصغيرات من أجل التخلص من النفقة عليهن بسبب ظروف المعيشة الصعبة، أو طمعاً في الحصول على مكاسب مادية من الزوج كما يدعي القائلون بجواز تحديد سن الزواج.

– دلت الإحصاءات أن الزواج المبكر في بعض الحالات يكون مصيره الفشل والطلاق، والطلاق ينافي مقصود الشريعة من بناء الأسرة والحفاظ عليها حيث يترتب عليه مفاسد كبيرة لا تخفى على ذي لب( ).

– أن تحديد المباح من صلاحيات الإمام، فسن الزواج من المباح الذي يجوز للإمام تحديده إذا كان لهذا التحديد مصلحة، ولا تخفى المصلحة في تحديد سن الزواج من منع تسلط الأولياء، والتخفيف من حالات الطلاق التي تقع بسبب الزواج المبكر( )، كما أنه يحفظ للفتاة حقها في اختيار الزوج المناسب، مما يساعد في ديمومة عقد الزواج.

– ما يترتب على الزواج المبكر من ضرر على صحة الزوجة والأولاد، وهذا ما أكده الطب الحديث، ومن هذه الآثار:
أ- اضطرابات الدورة الشهرية وتأخر الحمل.
‌ب- تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له من آثار الجماع.
‌ج- ازدياد نسبة الإصابة بمرض هشاشة العظام وبسن مبكرة نتيجة الحمل، وحدوث القيء المستمر عند حدوث الحمل لدى الصغيرات.
‌د- فقر الدم، وازدياد معدلات الإجهاض، والولادات المبكرة.
‌ه- ارتفاع نسبة العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادة في العمر المبكر.
‌و- اختناق الجنين في بطن الأم نتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية المغذية للجنين، وغير ذلك من الأمراض الكثيرة التي لا يتسع المجال لذكرها.

ويضاف إلى هذه الأمراض الآثار النفسية التي ستقع على الزوجة بشكل خاص مثل: الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من معيشة الطفولة، والاضطرابات في العلاقات الجنسية، وآثار الصدمة بعد (ليلة الدخول) وهي مجموعة من الأعراض النفسية المتمثلة بالاكتئاب والقلق، وغير ذلك من الاعراض التي تضر بالزوجة( ).

– زواج الفتاة قبل سن الثامنة عشرة يؤدي إلى حرمانها من حقها في التعليم وهذا حق منصوص عليه في كل الشريعة الغراء( )، فقد أصبح التعليم في زماننا حاجة ملحة للشاب والفتاة، بل قد يرتقي إلى درجة الضرورة، حيث أن أكثر الأعمال أصبحت تتطلب الشهادة والمؤهل العلمي، فأصبح التعليم مرتبطاً بالكسب، ويعتبر الزواج المبكر عائقاً أمام التعليم والحصول على المؤهل العلمي، ولا يقل هذا الأمر في زماننا أهمية للفتاة عن الشاب، كما أصبح كثير من الشباب يفضل الزوجة العاملة على غير العاملة لصعوبة الحياة وكثرة مطالبها.

– الزواج للفتى قبل سن الثامنة عشرة يجعله عالة على أهله؛ لأن الفتى في هذا السن في الغالب لا يعمل، وهذا يؤدي إلى معيشة الزوجين مع أهل الزوج وخضوعهم لإشراف الأهل، مما يؤدي إلى فشل الحياة الزوجية والمشاكل بين الزوجين بسبب تدخل الأهل عادة، ومما يؤدي إلى ضعف شخصية الزوج أمام الزوجة وبالتالي إلى ضعف قيادة الأسرة في المستقبل( ).
– الزواج المبكر يؤدي إلى كثرة الإنجاب، وهذا فيه ضرر على الأسرة والدولة، أما الضرر على الأسرة فيتمثل في أن كثرة الإنجاب فيه زيادة نفقات وتكاليف مادية، كما أن فيه صعوبة بالغة على الأسرة في مجال تربية الأولاد والعناية بهم في حال كان عددهم كثيراً، كما أن فيه ضرراً على الدولة من خلال زيادة عدد السكان( ).

القول الثاني: عدم جواز تحديد سن للزواج، وممن قال بذلك مصطفى السباعي، وابن عثيمين، وابن باز، وعمر الأشقر، وعبدالمجيد الزنداني( ).

واستدل أصحاب هذا القول على عدم جواز تحديد سن للزواج بالآيات والأحاديث والآثار التي أجازت زواج الصغار، وجواز زواج الصغار يتعارض مع القول بتحديد سن للزواج، كما استدلوا بأدلة عقلية أخرى تؤيد قولهم، وأدلتهم هي:
– قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ[الطلاق: 4]، ووجه الاستدلال أن الآية الكريمة نصت على أن عدة المطلقة التي لم تصل سن الحيض ثلاثة شهور، والطلاق لا يكون إلا بعد زواج، فدل على جواز زواج الصغيرة، حتى قبل سن البلوغ ومن باب أولى بعده( ).
– زواج النبي  من السيدة عائشة بنت الصديق أبي بكر – رضي الله عنهما- حيث قالت عائشة – رضي الله عنها-: “تزوجني النبي  وأنا ابنة ستّ، وبنى بي وأنا ابنة تسع”، وهذا دليل واضح على جواز زواج الصغيرة”( ).
– قول النبي  “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن الصوم له وجاء”( )، ووجه الاستدلال أن الحديث فيه حث وترغيب على الزواج، لما فيه من عفة، وعصمة للشباب، ولم يأمر بتأخير إلى سن معينة.
– واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام: “يا علي ثلاثة لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً”( )، ووجه الاستدلال أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام “والأيم إذا وجدت كفؤاً” والأيم كما تقدم هي المرأة التي ليس لها زوج كبيرة كانت أم صغيرة، فالحديث نص في عدم جواز تأخير الزواج متى تقدم للفتاة الكفؤ، وتحديد سن الزواج ينافي ذلك؛ لأن عليها أن تنتظر بلوغ السن الذي حدده القانون فيفوت الكفؤ.

– الإلتزام بحديث النبي  الداعي إلى الزواج والتناسب والتكاثر لما فيه من تقوية للمجتمع المسلم لقوله  “تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة”( )، ووجه الاستدلال أن الحديث رغّب في تكثير النسل، وتحديد سن للزواج فيه تأخير للزواج، وبالتالي في تقليل النسل، وهذا ينافي ما رغّب فيه الحديث.

– عمل أصحاب النبي ، ومن أمثلة ذلك:
‌أ. ما روي عن علي  أنه زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب  وهي صغيرة لم تبلغ وهذا دليل على فهم الصحابة وعلمهم بجواز زواج الصغيرة( ).
‌ب. ما روى هشام بن عروة عن أبيه قال: دخل الزبير بن العوام على قدامة بن مظعون فبُشر زبير بجارية وهو عنده، فقال له قدامة: زوجنيها، فقال الزبير بن العوام: ما تصنع بجارية صغيرة وأنت على هذا الحال؟ قال: بلى إن عشت فابنة الزبير، وإن مت فأحب من ورثني، قال: فزوجه إياها( ).
– أن الزواج المبكر فيه العفة والعصمة من الوقوع في الزنا والمحرمات في عصر كثرت فيه الفتن، والمؤثرات الجنسية التي تثير وتؤجج الشهوة في نفوس الشباب والفتيات( ).
– أن الشريعة الإسلامية أباحت الزواج متى انتفت موانعه، وتوافرت أركانه، وشروطه، وليس منها بلوغ الزوجين سنّا معينة.
– أن تحديد سن للزواج فيه تحريم لما أحل الله تعالى وتشريع بما لم يأذن بالله تعالى، وقد نهينا عن ذلك كله( ).
– أن هذا يخالف الواقع من حيث طبيعة الناس، حيث أن سن البلوغ والرشد بين إنسان وآخر مختلف وبدرجات متفاوتة، وبذلك لا يجوز التعميم فإن لكل حالة حكمها المستقل بها.
– التبكير في الزواج يقلل الفارق في السن بين الآباء والأبناء، وهذا يسهل على الآباء رعاية أبنائهم وهم أقوياء( ).

المطلب الثاني: مناقشة الأدلة والترجيح:

مناقشة أدلة القائلين بجواز التحديد:
– إن الآية الكريمة التي استدل بها المعارضون لجواز تزويج الصغير والصغيرة لا تدل على أن صحة الزواج متوقفة على بلوغ من يريد الزواج، فإن الآية الكريمة تخبرنا عن الوقت الذي ندفع فيه المال إلى اليتيم وهو بلوغه النكاح أي الاحتلام، وغاية ما يمكن أن يستدل به منها كما قال ابن شبرمة والبتي والأصم هو عدم جواز النكاح قبل البلوغ، وليس في الآية دلالة على تحديد سن الزواج بعد البلوغ كالثامنة عشرة مثلا، حيث أن الغالب أن سن البلوغ دون الخامسة عشرة، بل إن البلوغ الحكمي اعتبر من بلغ الخامسة عشرة بالغا حكما وإن لم يبلغ حقيقة( ).

– إن تسلط الأولياء بالزواج قد يقع على الفتاة سواء كانت في سن البلوغ أو أكبر، وهذا لا يعمم على سائر الأولياء، بل الأصل في الولي البحث عن مصلحة الفتاة وما يحقق لها السكينة والاستقرار والعفة، ومعلوم ما للمسلم من أجر على تربية البنات والإحسان إليهن.

– إن دليلهم بأن الزواج المبكر لا يحقق مقاصد الشريعة من الزواج من الحاجة إلى التحصن والعفة والسكن النفسي، فإن هذا قد يكون في الزواج قبل سن البلوغ، أما عند البلوغ وما بعده فالمسلم أو المسلمة بحاجة إلى كل هذه المقاصد، وعنده القدرة النفسية والجنسية وغيرها، فإذا كان مكلف بالشريعة الإسلامية العظيمة في هذا السن فمن باب أولى أن يكون قادراً على تحمل مسؤولية الزواج.

  • أما قولهم بأن الزواج المبكر يؤدي إلى رفع نسبة الطلاق في المجتمع فهذا قول لا دليل عليه، بل إن الإحصائيات تدل على خلاف ذلك، فمثلا في عام 2009 في المملكة الأردنية الهاشمية بلغت حالات الطلاق الخاصة بالزوجة 12815 والجدول التالي يبين نسبة كل عمر من الطلاق([i]):

العمرعدد حالات الزواجحالة طلاقنسبة الطلاق
أقل من 18(5349)8186.34%
(18-20)(11474)175813.72%
(21-25)(23392)338626.42%
(26-29)(14907)287622.44%
(30-40)(7446)259220.23%
40 فما فوق(2170)139110.85%
المجموع:12815

أما ما يخص الزوج فالجدول التالي يبين نسبة كل عمر من الطلاق:

الأعمارعدد حالات الزواجعدد حالات الطلاقنسبة الطلاق
أقل من 1818062%
(18-20)3371913.1%
(21-25)1561061320.86%
(26-29)2375597833.28%
(30-40)1626384128.62%
40 فما فوق555941013.95%
-المجموع:2939

وتدل هذه الإحصاءات الدقيقة من دائرة قاضي القضاة البعيدة عن الفرضيات والنظريات غير المدعومة بالواقع والإحصائيات أن الزواج المبكر كغيره من الزواج، بل إن نسبة الطلاق فيه في الأحوال الأربعة الآنفة الذكر بالجداول المتقدمة كانت أقل من غيرها كما ظهر في قراءة الإحصائية وبالتالي لا صحة للقول بأن الزواج المبكر يزيد من نسبة الطلاق في المجتمع.

إحصائية عام 2010:

عدد حالات الطلاق الخاصة بالزوج([ii]):

الأعمارعدد حالات الزواجعدد حالات الطلاقنسبة الطلاق
أقل من 18152350.072%
(18-20)22881422.19%
(102-25)17876119024.37%
(26-29)19673142429.16%
(30-40)16231149030.51%
40فما فوق555160212.33%
– المجموع:4883

 

– عدد حالات الطلاق الخاصة بالزوجة:

الأعمارعدد حالات الزواجعدد حالات الطلاقنسبة الطلاق
أقل من 1880429956.33%
(18-20)13240231714.75%
(102-25)24744446728.44%
(26-29)8182278417.72%
(30-40)6115360722.96%
40فما فوق144715379.79%
– المجموع:15707
  • وأما القول بأن تحديد سن الزواج من صلاحيات الإمام إذا رأى مصلحة في ذلك، فيجاب عليه أن المصلحة من تحديد سن الزواج مصلحة وهمية تقوم على الظن والافتراض لا على القطع واليقين، والإحصاءات المتقدمة بينت خطأ هذا الافتراض، والشريعة الإسلامية لا تعتمد على الفرض والظن كما أن النصوص التي استدل بها الفريق الثاني تؤكد حرص الإسلام على الزواج بكل مراحله.

([i]) إحصائيات دائرة قاضي القضاة، المملكة الأردنية الهاشمية، العدد الرابع عشر لعام 2009.

([ii]) المرجع السابق، العدد الخامس عشر لعام 2010.

– أما الناحية الصحية التي ركزوا عليها كثيراً من الزواج المبكر، وصوروا الأمر بأنه الموت المنتظر لهذه الفتاة المتزوجة زواجا مبكراً، مما فيه أضرار صحية عضوية وأضرار نفسية. فيجاب عليها بما يلي:
أ. إن صحت هذه الأضرار كفقر الدم، وازدياد معدلات الإجهاض، والولادات المبكرة، وازدياد نسبة العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادة في العمر المبكرة، وغيرها من أضرار، فإن المتتبع لما قاله الأطباء عن هذه الأضرار يتبين له أن ما ذكروه من أضرار إنما هو قبل البلوغ، وليس بعد البلوغ، وللأسف فإن المؤيدين لتحديد سن الزواج يعممون هذه الأضرار على ما بعد البلوغ واكتمال نمو جسم المرأة.
‌ب. إن هذه الأضرار التي ذكروا مأخوذة عن أطباء غربيين من خلال دراسات أجروها على مجتمعاتهم الغربية وعلى العلاقة الجنسية لغير البالغين وغير الشرعية، والتي لا تكون ضمن أسرة، وليس للمرأة فيها حقوق الرعاية الصحية، والنفسية، والحماية الاجتماعية، وهذا كله لا يوجد في مجتمعنا الإسلامي إلا عند من يقلد الغرب، ولا علاقة لهذا بمجتمعنا الذي يقوم على الإسلام وعلى أساس العلاقة الشرعية بين الزوجين، وما يترتب عليه من حقوق للمرأة من ضمنها الرعاية الصحية، فضلاً عما تجده المرأة في بيت الزوجية الإسلامي من رعاية نفسية واجتماعية فلا سبيل لهذه المقارنة لاختلاف عيّنة الدراسة.
‌ج. إن هذه الأضرار التي ذكرت مختلفٌ فيها بين أصحاب الاختصاص من الأطباء، والدليل على ذلك أن هناك مِن الأطباء َمن يدعو إلى الزواج المبكر وأنه في مصلحة المرأة، ونقصد به الزواج بعد البلوغ:

– يقول الطبيب فيكتور بوجو: “أن إنجاب الأطفال شيء مهم جداً في حياة المرأة من كل ناحية ولم يقرر أحد المختصين أن تعب البنية من كثرة الولادة قاض عليه، ويضيف قائلاً: ولست أميل إلى القول بأن المرأة تتعرض لتقصير في حياتها بإفراطها في إنجاب الذرية”( ).
– الدعوى بأن الزواج المبكر يسبب أمراض خطيرة للمرأة كفقر الدم، وأمراض الجهاز التناسلي، وتسمم الحمل وفقدان المناعة يٌرد من خلال الدراسات الطبية التي أثبتت أن الشذوذ والممارسات الجنسية بين الرجال والنساء هي التي تسبب هذا النوع من الأمراض، بالإضافة إلى عادة التدخين عند المرأة الحامل وشرب الخمور التي تؤدي إلى ولادة أطفال مصابين بالتشوه الخلقي، وأكدت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية على الدعوة إلى الزواج المبكر لحماية المجتمع من الأمراض التي يسببها الانحراف الجنسي، ودعت إلى إزالة العقبات التي تسبب تأخير الزواج لما له خطر على المجتمع وشارك في هذا المؤتمر المنعقد في 8 ديسمبر 1993 ما يزيد على 130 شخصية من الأطبـاء والعلماء من 23 دولة منهم يوسف القرضاوي، والطبيب حسان حتحوت أستاذ الطب من أمريكا، وعدد كبير من أعلام الطب والفقه في العالم( ).
– إن القول بأن الزواج المبكر يحرم المرأة من حقها في التعليم، فيرد عليه أن للمرأة أن تشترط في عقد زواجها أن تتعلم، والزوج ملزم بهذا الشرط، كما أن الفتاة البالغة العاقلة إن اختارت الزواج بدلا من العلم فما المانع، ثم كما قال مصطفى السباعي “إن تأخر الشباب والشابات وبخاصة الطلاب والطالبات في الزواج إلى الوقت الذي يضمنون فيه مستقبلهم بعد تخرجهم ظاهرة خطيرة جداً أدت إلى مساوئ اجتماعية لا عداد لها. إن الزواج إذا يسرت وسائله وقضي على التقاليد السيئة فيه يصبح أمراً عادياً، فالطالب الذي ينفق عليه أبوه يستطيع أن يضم زوجته في نفس الغرفة التي يسكن فيها دون أن يرهق والده”( )، وفي الواقع أن جامعاتنا مملوءة بطالبات يعشن مع أزواجهن ويكملن دراستهن حتى أن بعضهن يكملن دراستهن العليا.
– وأما القول أن الزواج قبل سن الثامنة عشرة سنة يجعل الزوج وزوجته عالة على أهل الزوج لأن الزوج في الغالب لا يعمل وينتج عن هذا مشاكل كبيرة، نقول:
أولاً: إن كان هذا الكلام دقيقاً فيجب اشتراط سن الثامنة عشرة سنة للزوج فقط، لأنه لا علاقة لعمر الزوجة بهذا الذي يدعونه؛ لأن الزوج هو المكلف بالإنفاق على الزوجة.
ثانياً: ثم إن ما استدلوا به غير دقيق؛ لأنه في حالات كثيرة يكون الشاب المقبل على الزواج غنياً أو يعمل، وأما إن كان لا يعمل فالأصل أن نوجه كلمة نصح للآباء والأمهات بعدم التدخل في شؤون أبنائهم إلا بما يرضي الله  لا أن نمنع الزواج من أصله.
– وأما القول بأنه يؤدي إلى كثرة الإنجاب وزيادة الأعداد فيرد عليه بما يلي:
أ‌- أن الإكثار من النسل مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية ” تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يـوم القيامة”( ).
ب‌- في عصرنا الحالي نستطيع استعمال وسائل طبية من شأنها تنظيم النسل والمباعدة بين الأحمال( ).

وبالتالي يظهر رجحان القول الثاني بعدم جواز تحديد سن للزواج بعد البلوغ لما استدل به أصحاب هذا القول من آيات صريحة، وأحاديث صحيحة صريحة أيضا تأمر بالزواج، والعفة، وتحض على الزواج المبكر، وتأمر بتزويج المرأة متى تقدم لزواجها الكفؤ، فكيف يتم تأخير زواج المرأة بعد توفر الرغبة بالزواج وتقدم الكفؤ إلى وقت السماح لها بالزواج حسب السن الذي حدده القانون، وفي الحديث الصحيح كما تقدم أن رسول الله تزوج السيدة عائشة وهي ابنة ست، ودخل بها وهي ابنة تسع، والدعوى بأن زواج الرسول  من السيدة عائشة من خصوصياته فلا دليل عليه لأن الصحابة فعلوا ذلك من بعده فلو كان ذلك من خصوصياته  لما تزوج عمر بن الخطاب من أم كلثوم وهي صغيرة، وغيره من أصحابه فعل ذلك.
ويضاف إلى هذه الأدلة النقلية الأدلة العقلية التي استدلوا بها في هذه المسألة وليس لها من معارض، فيظهر بذلك رجحان القول بعدم تحديد سن للزواج بعد البلوغ.

المطلب الثالث: سن الزواج في قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2010م:
قامت دائرة قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية الأردني، وقد احتوى هذا التعديل على مجموعة كبيرة من القضايا، وقد قامت بهذه المهمة لجنة من العلماء والفقهاء والقضاة الأفاضل الذين نثق بدينهم وعلمهم، وجاء في هذا التعديل في المادة العاشرة ما نصه:
أ. يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وأ يتم كل منهما السنة الثامنة عشرة من عمره.
‌ب. على الرغم مما ورد في الفقرة أ من هذه المادة يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل الخامسة عشرة وفقا لتعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة ويكتسب من تزوج وفق ذلك أهلية التقاضي في كل ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما”.
والتعديل الطارئ في قانون الأحوال الشخصية الجديد في موضوع سن الزواج يتمثل في أمرين، هما:
الأمر الأول: أن سن الزواج في القانون القديم لعام 2001م كان ثمانية عشرة سنة شمسية للخاطبين، ويجوز تزويج الفتى إذا أكمل ستة عشرة سنة قمرية، والفتاة إذا أكملت خمسة عشرة سنة قمرية، أما التعديل في القانون الجديد فرفع سن الزواج للفتاة في حال الاستثناء من خمسة عشرة سنة قمرية إلى خمسة عشرة سنة شمسية، فيكون بذلك رفع سن الزواج للفتاة ستة أشهر، وأنزلها للفتى ستة أشهر.
الأمر الثاني: أن التعديل في القانون الجديد اشترط أن يكون الإذن بإجازة القاضي وبموافقة قاضي القضاة لمن أراد يتزوج ولم يكمل الثامنة عشرة ولكنه أكمل الخامسة عشرة من عمره، بينما كان القانون القديم يشترط موافقة القاضي فقط وفق تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية.

وقد لجأت دائرة قاضي القضاة إلى هذا التعديل لدفع مفاسد، وتحقيق مصالح تتعلـق بالزوجين وأهلهما وبالمجتمع بشكل عام.
ويلاحظ أن القانون الأردني وإن نص على أن سن الزواج هو سن الثامنـة عشرة إلا أنه أجاز الزواج لمن هو دون هذه السن بشرط إكماله سن الخامسة عشرة, ولكنه جعل الموافقة في هذه الحالة متوقفة على موافقة القاضي وسماحة قاضي القضاة، ويرى الباحثان أن المشرع الأردني وإن أبقى على سن الزواج مرتفعة وهي الثامنة عشرة إلا أنه أصاب في هذا الاستثناء، ويظهر توفيقه في ذلك من خلال الأسباب التي ذكرها والتي تجيز للقاضي الاستثناء، ولكن مع ذلك كله هل يجوز أن يتوقف تزويج الفتى والفتاة على قناعة القاضي فقط؟ أليس لقناعة الأهل دور في تزويجهما؟ ثم ما دام القانون قد جعل سن الزواج هو الثامنة عشرة ووضع استثناءً على ذلك، أليس من الممكن أن يتحول هذا الاستثناء إلى قاعدة؟

سن الزواج في قوانين الدول الغربية:
من خلال الاطلاع على قوانين الأحوال الشخصية في كثير من دول العالم، وخاصة الدول الغربية يتبين أن كثيراً من هذه الدول تسمح بالزواج الشرعي قبل هذا السن الذي حدده كثير من الدول الإسلامية:
– ففي فرنسا لا يجوز زواج الرجل قبل تمام الثامنة عشرة ولا زواج المرأة قبل بلوغها خمس عشرة سنة كاملة.
– وفي ألمانيا لا يجوز زواج الرجل قبل بلوغه ولا الأنثى قبل وصولها إلى السادسة عشرة من عمرها( ).
– وفي يوغوسلافيا فإن سن الزواج للرجل هو الخامسة عشرة وللمرأة الثالثة عشرة.
– وفي كل من رومانيا، وبلجيكا، واليابان، وولاية أريجون، و ميسوري، وأوكلاهوما فإن سن الزواج للمرأة هو سن الخامسة عشرة.
– وفي ايطاليا، وولاية ألاباما، وجورجيا، ونيويورك، وكارولينا الجنوبية، وأيودا، وكولومبيا، وتكساس، وأوتسا، وغيرها من الولايات والدول فإن سن الزواج للمرأة هو سن الرابعة عشرة.
– بل وفي دول مثل بريطانيا، والأرجنتين، وإسبانيا، وولاية ميرلاند، وإيداهو، ولويزيانيا، وميسسبي، ونيوجرسي، ونيتيس، وفلوريدا، وفرجينا فإن سن الزواج للفتيات هو سن الثانية عشرة؟؟؟ وفي هذه الدول والولايات الأمريكية فإن سن الزواج للرجال هو سن الرابعة عشرة.
وحتى في الشرائع السماوية والقوانين القديمة فإن سن الزواج منخفض أيضاً، ففي الشريعة اليهودية بلغ سن الزواج هو الثالثة عشرة للرجل والثانية عشرة للمرأة، كما يرى القانون الروماني أن الرجل يبلغ في سن الرابعة عشرة، وأما المرأة فبلوغها في سن الثانية عشرة( ).
وبناء على هذا كيف يرفع سن الزواج عند المسلمين إلى هذا الحد مع أن الإسلام أكثر الديانات والشرائع حفظاً للأعراض، وصيانةً للأنساب؟؟
وصلّ اللهم على نبينا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
الخاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البرية، وهادي البشرية محمد بن عبد الله، وعلى من سار على نهجه وهداه إلى يوم الدين وبعد:
فقد بحثت هذه الدراسة موضوع تحديد سن الزواج في ضوء الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية الأردني رقم36 لعام 2010، وقد خرجت الدراسة بأهم النتائج والتوصيات الآتية:
1- إن مسألة جواز تزويج الصغير أو الصغيرة مسألة مختلف فيها بين الفقهاء المسلمين وغير مجمع عليها عندهم.
2- إن الرأي الراجح – والله تعالى أعلم – في المسألة الآنفة الذكر هو جواز تزويج الصغير أو الصغيرة، ولكن ضمن ضوابط وشروط معينة
3- إن تحديد سن الزواج الذي ذهب إليه قانون الأحوال الشخصية الأردني وإن كان فيه بعض المصالح، إلا أن مصالح عدم التحديد أعظم وأكثر.
4- وما ذكر كثيراً عن المضار الصحية التي ستقع على الزوجة إذا هي تزوجت قبل السن المحددة في القانون وهي سن الثامنة عشرة ليس دقيقاً؛ لأن هذه المضار الصحية تقع على المرأة قبل البلوغ وليس بعده، والبلوغ عادة يكون في سن قبل السن التي حددها القانون.
5- وكذلك القول بأن الزواج المبكر مصيره الطلاق فإن هذا القول غير دقيق؛ لأن الإحصائيات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة تؤكد أن نسبة الطلاق في الزواج المبكر كغيرها من النسب في الأعمار الأخرى، بل إنها أقل.
6- وبالتالي فإن القول الراجح – والله تعالى أعلم– هو عدم جواز تحديد سن للزواج لعدم وجود حاجة لهذا التحديد؛ وبخاصة أن السن المحدد في القانون مرتفع جداً.
7- التوصية إلى دائرة قاضي القضاة الموقرة بتعديل المادة الخاصة بسن الزواج، وذلك بتخفيض هذه السن، وإن كان هناك استثناء على هذه المادة.
8- التوصية إلى دائرة قاضي القضاة بأن يتم مشاورة علماء الأمة الإسلامية في تشريع أي قانون، خاصة إذا كان هذا القانون مختلفاً في جوازه من الناحية الفقهية كمسألة تحديد سن الزواج.
والله نسأل أن يتقبل هذا العمل ويجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة، فقد بُذل فيه من الجهد ما استطعنا إليه سبيلاً، ولكن الجهد البشري طبيعته النقص، فما أصبنا فيه فهو توفيق من الله، فهو الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الهوامش:
( ) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، ط2، 1412-1992، نسّقهُ وعلق عليه ووضع فهارسه علي شيري، مجلد 6، ص107- 109، الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر، أساس البلاغة، دار صادره بيروت، 1399 -1979، ص277، الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، المصباح المنير، المطبعة الكبرى الأميرية، 1906،ج1، ص307.
( ) ابن عابدين، محمد أمين بن عمر، رد المحتار على الدر المختار حاشية ابن عابدين، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي معوض، دار عالم الكتب، الرياض، طبعة خاصة 2003، ج4، ص59-60.
( ) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص59-61.
( ) قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لعام 2010م.
( ) الكاساني، أبو بكر بن سعود الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تقديم عبد الرزاق الحلبي، حققها وخرج آياتها محمد عدنان بن ياسين درويش، مؤسسة التاريخ العربي بيروت، ط2، 1998، ج2/ص482-484، الدسوقي، محمد بن أحمد بن عرفة المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، خرج آياته وأحاديثه محمد عبد الله شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1417، ج5، ص3، الخطيب الشربيني، محمد بن محمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، قدم له ورقم كتبه وأبوابه عماد زكريا البارودي، حققه وخرج أحاديثه طه عبد الرؤوف سعد، راجعه محمد عزت، المكتبة التوفيقية، مصر بدون طبعة، ج4/ص214-215، البهوتي، منصور بن يونس الحنبلي، كشاف القناع على متن الاقناع للامام موسى بن أحمد الحجّاوي الصالحي، قدّم له كمال عبد العظيم العناني، حققه أبو عبد الله محمد حسن الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418-199، ج5، ص4-5.
( ) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص482-484، الحطاب، أبو عبد الله محمد بن محمد، مواهب الجليل، خرج آياته وأحاديثه زكريا عميرات، دار عالم الكتب، الرياض، طبعة خاصة 1423-2003، ج5، ص18-20، النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف الدمشقي، روضة الطالبين، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوّض، دار عالم الكتب، الرياض، طبعة خاصة 1423-2003، ج5/ص363-364، المرداوي، أبو الحسن علي بن سليمان الدمشقي الحنبلي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تقديم محمد الرعشلي، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1 1419-1998، ج8، ص8-11.
( ) البهوتي، كشاف القناع، ج5، ص4-5.
( ) الحطاب، مواهب الجليل، ج5، ص18-20، الخطيب الشربيني، مغني المحتاج، ج4/ص216، البهوتي، كشاف القناع، ج5، ص4-5.
( ) الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج5، ص4-5.
( ) الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج5، ص3-4، ابن قدامة، المغني، ج9، ص343.
( ) النووي، روضة الطالبين، ج5، ص363-364.
( ) الشربيني، مغني المحتاج، ج4، ص216.
( ) الدسوقي، حاشية الدسوقي، ج4، ص3-4.
( ) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان اللسان، تهذيب لسان العرب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1993،ج1، ص51، الفيومي، المصباح المنير، ج1، ص38.
( ) النسفي، عبدالله بن أحمد، كشف الأسرار شرح المصنف المنار، بيروت، بدون طبعة، ج2، ص459-460.
( ) النسفي، كشف الأسرار،ج2، ص459-461.
( ) السّرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل الحنفي، المبسوط، تحقيق أبو عبد الله محمد حسن محمد حسن اسماعيل الشافعي، قدّم له كمال عبد العظيم العناني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421-2001، ج4، ص237، مالك، مالك بن أنس الأصبحي، المدونة الكبرى رواية الأمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام عبد الرحمن بن قاسم، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون طبعة،ج2/ص110، النووي، روضة الطالبيين، ج5، ص401، البهوتي، كشاف القناع، ج5، ص126.
( ) ابن قدامة، المغني، ج9، ص398.
( ) ابـن كثير، إسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، دار ابن حزم، دار الوّراق، بيـروت، ط1،
1420 – 2000، ص1331، القرطبي، أبوعبد لله محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن الكريم، دار ابن حزم، بيروت، ط1 1425 – 2004، ج2، ص2189.
( ) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2/ص504.
( ) البخاري، محمد بن اسماعيل، صحيح البخاري، دار الشعب القاهرة، ط1 1987، كتاب بدء الوحي، باب الدعاء النساء، ج5، ص70-71 رقم الحديث 5156، النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، دار الجيل بيروت، كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة، ج4، ص141 رقم الحديث 3545.
( ) ابن منصور، سعيد، سنن سعيد بن منصور، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ص175.
( ) البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي، السنن الكبرى، دار المعارف النظامية، الهند، حيدر أباد، ط1 1344، كتاب النكاح، باب ما جاء في انكاح الآباء الأبكار، ج7، ص114.
( ) هو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو محمد، من أهل المدينة، كان ذا هيبة ولسان وشرف، وكانت له منزلة عند عمر بن عبدالعزيز، ومات سجيناً في الكوفة في عهد العباسيين، الزركلي، خيرالدين، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، ط10 1992، ج4، ص78.
( ) السرخسي، المبسوط، ج4، ص236.
( ) هو المسيب بن نجبة، هو المسيب بن نجبة بن ربيعة الفزاري، تابعي، كان على رأس قومه، شهد القادسية وفتوح العراق، سكن الكوفة، وكان شجاعاً بطلاً، وكان متعبداً ناسكاً، الزركلي، الأعلام، ج7، ص225-226.
( ) السرخي، المبسوط، ج4، ص236.
( ) السرخسي، المبسوط، ج4، ص236.
( ) هو عبدالله بن شبرمة، الإمام العلامة، فقيه العراق، قاضي الكوفة، حدث عن أنس بن مالك، ووثّقه أحمد بن حنبل، وكان من أئمة الفروع، وكان عفيفاً صارماً عاقلاً خيّراً، وكان شاعراً، كريماً يسهر الليل حتى الفجر ليتذاكر مع أصحابه الفقه، الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، سيَر أعلام النبلاء، تحقيق عمر العَمروي، دار الفكر، بيروت، ط1 1996، ج6، ص500-501.
( ) هو عبدالرحمن بن كيسان، فقيه معتزلي، مفسر، قيل أنه كان من أفصح الناس وأفقههم وأورعهم، إلا أنه كان يخطئ علياً في كثير من أفعاله، له تفسير ومقالات، الزركلي، الأعلام، ج3، ص323.
( ) هو عثمان البتي، فقيه البصرة، أبو عمرو، بيّاع البتوت (الأكسية الغليظة) اسم أبيه: مسلم، وقيل: أسلم، وقيل: سليمان، وأصله من الكوفة، حدث عن أنس بن مالك والشعبي، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج6، ص364-365.
( ) الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص504، السرخسي، المبسوط، 4، ص236.
( ) السرخسي، المبسوط، ج4، ص236.
( ) ابن حزم، محمد علي بن أحمد بن سعيد، المحلى، تحقيق لجنة احياء التراث العربي، دار الجيل، دار الاٌفاق الجديد، ج9، ص458-459.
( ) ابن حزم، المحلى، ج9، ص462.
( ) الموصلي، عبدالله بن محمود، الاختيار لتعليل المختار، تحقيق عبداللطيف محمد عبدالرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3 2005، ج3، ص105
( ) السرخسي، المبسوط، ج4، ص236.
( ) انظر شرح الآية الكريمة في القرطبي، الجامع لأحكام القرآن الكريم، ج1، ص803-807.
( ) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص170، مالك، المدونة، ج2، ص110، الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس، الأم مع مختصر المزني، دار الفكر، بيروت، ط1، 1400-1980، ج5، ص21، المرداوي، أبو الحسن علي بن سليمان، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد، دار إحياء الترث العربي، بيروت، ط1 1998، ج8، ص40.
( ) مالك، المدونة، ج2، ص110، الخرشي، محمد عبد الله بن علي، حاشية الخرشي على مختصر سيدي خليل، ضبطه وخرّج آياته وأحاديثه زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1417-1997، ج4، ص143.
( ) المرداوي، الإنصاف، ج8، ص40.
( ) الشافعي، الأم، ج5، ص21.
( ) ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، ج4، ص170.
( ) المرداوي، الإنصاف، ج8، ص45.
( ) موقع المحجة، www.mahaja.comK، نشر في 31/1/2010.
( ) السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، ج1، ص118.
( ) السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، ج1، ص118.
( ) السباعي، مصطفى، المرأة بين الفقه والقانون، المكتب الإسلامي، مؤسسة الرسالة، ط3، ص60.
( ) أبو راس، أحمد يوسف، الزواج المبكر وأثره في الحياة الزوجية، رسالة ماجستير 1998، جامعة دمشق، ص192.
( ) موقع المحجة، www.mahaja.comK، نشر في 31/1/2010.
( ) بدوي، عمار، الزواج المبكر، مركز نون للأبحاث والدراسات القرآنية، فلسطين، 2001، ص86 وما بعدها، القضاة، مصطفى، التبكير في الزواج والآثار المترتبة عليه، بحث منشور في مجلة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، مجلد6، العدد الأول، 2010، ص 457-458.
( ) أبو راس، الزواج المبكر، ص192.
( ) السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، ج1، ص122، خلاف، عبدالوهاب، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، مطبعة النصر، مصر، 1936، ص24.
( ) أبو راس، الزواج المبكر، ص192.
( ) السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، ص60 وما بعدها، الأشقر، الواضح في شرح قانون الأحوال، ص56-57، موقع المحجة، www.mahaja.comK، نشر في 31/1/2010.
( ) الأشقر، الواضح في شرح الأحوال الشخصية، ص55.
( ) سبق تخريجه في هامش 21.
( ) البخاري، صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب قول النبي “من لم يستطع الباءة” ج7، ص3 رقم الحديث 5065، مسلم، صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت إليه نفسه، ج4، ص128 رقم الحديث 3464.
( ) الحاكم، محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا، مع تعليقات الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت كتاب النكاح، ج2، ص176، وقال الذهبي حديث صحيح.
( ) السجستاني، أبو داود سليمان الأشعث، سنن أبي داود، دار الكتاب العربي، بيروت، كتاب النكاح، باب تزويج من يلد من النساء، ج2، ص175، البيهقي، السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب استحباب التزوج بالودود، ج7، ص81، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد بقوله رواه أحمد والطبراني في الأوسط وإسناده حسن، الهيثمي، نورالدين علي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الفكر، بيروت، 1412، ج4، ص474، وأخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه، ابن حبان، محمد، صحيح ابن حبان تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2 1993، ج9، ص363، وقال الأرنؤوط إسناده قوي.
( ) سبق تخريجه في هامش 23.
( ) سبق تخريجه في هامش 22.
( ) الأشقر، الواضح في شرح قانون الأحوال، ص56.
( ) موقع اليمن الجديد newyemen.net.
( ) القضاة، مصطفى، التبكير في الزواج، ص459.
( ) الكاساني، بدائع الصنائع، ج10، ص90-95، القادري، محمد بن حسين بن علي الطوري، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ضبطه وخرج آياته وأحاديثه زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1997، ج8، ص153-154.
( ) إحصائيات دائرة قاضي القضاة، المملكة الأردنية الهاشمية، العدد الرابع عشر لعام 2009.
( ) المرجع السابق، العدد الخامس عشر لعام 2010.
( ) السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، ص60، وبالرجوع تبين أن القول منقول عن كتاب بعنوان “من الجلد إلى الذهن” للطبيب فيكتور بوجو، وهو مترجم إلى العربية بعنوان “عش شاباً طول حياتك”، دار الهلال، 1982.
( ) عمار توفيق، الزواج المبكر، ص86 وما بعدها.
( ) السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، ص61.
( ) سبق تخريجه في هامش 60.
( ) السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، ص62.
( ) يكن، زهدي، الزواج ومقارنته بقوانين العالم، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، ص14 وما بعدها.
( ) الأشقر، الواضح في شرح قانون الأحوال، ص56-57.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت