بحث قانوني هام حول الجنسية المصرية الأصلية

أ * وليد رمضان

الجنسية الأصلية هي تلك الجنسية التي يكتسبها الفرد لحظة ميلاده ، وحتى لو تأخر تاريخ إثبات تمتعه بهذه الجنسية إلي ما بعد الميلاد ، فإن ذلك لا يقدح في كون هذه الجنسية هي الجنسية الأصلية .
ومن المستقر عليه قانونا أن الجنسية المصرية الأصلية ، بل الجنسية الأصلية بصفة عامة ، تثبت للفرد بناء علي أحد أساسين قانونيين أو كلاهما ، وهما حق الدم وحق الإقليم .
وفي هذا الفصل سوف نوضح هذين الأساسين بشيء من التفصيل ، وبناء علي ذلك فإن هذا الفصل ينقسم لمبحثين علي النحو التالي :
المبحث الأول : حق الدم .
المبحث الثاني : حق الإقليم .

المبحث الأول الجنسية المصرية الأصلية المبنية على حق الدم

يقصد بحق الدم هو تمتع الفرد بجنسية الدولة التي ينتمي إليها آباؤه ، وذلك بمعني أن يكون أساس تمتع الفرد بجنسية الدولة بناء علي نسبه لآبائه الذين يحملون أو كانوا يحملون ذات الجنسية ، ويختلف هذا الأساس باختلاف الثقافات والحضارات ، ففي حالة الاختلاف بين جنسية الأب وجنسية الأم ، نجد أن كثيرا من مشرعي الدول العربية يعول على جنسية الأب ويوليها أهمية كبيرة كأساس لكسب الجنسية بحق الدم ، في حين أن أغلب التشريعات الأوروبية إن لم تكن جميعها تساوي بين جنسية الأب وجنسية الأم في نقل الجنسية لأولادهما بحق الدم ، ويرجع ذلك كما سبق الإشارة إلى اختلاف الثقافة والبيئة ذاتها ، فكثيرا ما عول العرب حتى قبل الإسلام على النسب للأب وكان مثارا للفخر والعزة ، يقول تعالي ” ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله “( ) .
– حق الدم في التشريع المصري :-
بالنظر إلي أحكام الفانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية نجد أنه لم يفرق بين جنسية الأب وجنسية الأم في نقل الجنسية لأولادهما علي أساس حق الدم .
والحقيقة أن المشرع المصري كان في السابق ( قبل صدور القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ) يقيم تفرقة بين جنسية الأب وجنسية الأم في نقل الجنسية المصرية لأبناءهما على أساس حق الدم . ( )

إلا أنه بعد صدور القانون 154 لسنة 2004 زالت هذه التفرقة .
حيث تنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشان الجنسية المصرية بعد تعديلها بموجب القانون رقم 154 لسنة 2004 على أن ” يكون مصرياً :
1 – من ولد لأب مصري ، أو لام مصرية .
2- ….. ” .
وبموجب هذا النص يتمتع بالجنسية المصرية بقوة القانون كل من ولد لأب أو أم مصرية ، ويلاحظ أن المشرع أورد لفظ (أو) بصدر الفقرة الأولي من المادة الثانية ، والتي يستفاد منها المساواة التامة بين الأب والأم المصريين في نقل الجنسية المصرية لأولادهما بحق الدم دون توقف على جنسية أحدهما دون الآخر أو بالنسبة للآخر ، وذلك بمعنى أنه إذا كان الأب مصريا والأم تحمل أي جنسية أخرى ، فيكون الأبناء مصريين بحكم القانون دون توقف على جنسية الأم الأجنبية ، ودون أن تقف جنسيتها الأجنبية هذه عائقا أمام الأولاد في كسب الجنسية المصرية .
والعكس صحيح ، فإذا كان الأب يحمل أي جنسية أجنبية وكانت الأم مصرية ، اكتسب الأولاد الجنسية المصرية منذ الميلاد بقوة القانون ، ودون توقف علي جنسية الأب الأجنبية .

كما لم يعول نص الفقرة الأولي من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية بنوع جنسية الأبوين أو أحدهما ، سواء كانت جنسية أصلية أم مكتسبة ، كما لم يعول النص أيضا على حق الإقليم ، بمعني أن يكتسب الجنسية المصرية بقوة القانون من ولد لأب أو أم مصرية ، سواء كان هذا الميلاد في مصر أم في الخارج ، ومفاد ذلك أن أبناء المصريين المقيمين بالخارج ، تثبت لهم الجنسية المصرية بحكم القانون دون توقف على مكان الميلاد . وحتى لو ظلوا بالخارج طوال عمرهم وانقطعت صلتهم بمصر ، ومن وجهة نظرنا فإن هذا سيؤدى إلي نتائج سلبية مفادها أن يتمتع بالجنسية المصرية من لا يدينون بالولاء لهذا الوطن ، فمثلا لو ثبتت الجنسية المصرية بقوة القانون لأحد أبناء أم أو أب مصريين ومقيمين بالخارج ، فإنه بناء على ذلك سوف تثبت الجنسية المصرية بحكم القانون أيضا لأولاد هذا الابن باعتبارهم أبناء مصري ، فقد يتطور الأمر إلي ميلاد عدد من الأجيال خارج مصر ، فكيف ينموا لدي هذه الأجيال الشعور بالولاء والوطنية لمصر الذي انقطعت صلتهم بها منذ زمن بعيد علي الرغم من تمتعهم بالجنسية المصرية بحكم القانون ؟
والجنسية التي تثبت للابن في هذا الصدد هي جنسية أصلية بحسبانها تلحق به من لحظة الميلاد ولو تراخي إثباتها أو إثبات النسب إلى ما بعد ذلك .

– القواعد القانونية التي يخضع لها إثبات النسب :-

يجب التنويه إلى أنه يجب أن تكون علاقة البنوة أو النسب ثابتة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها القانون المصري واجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية . وبناء على ذلك فإن العبرة والمعول عليه في هذا الصدد هو أن تكون الأبوة أو البنوة ثابتة شرعا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء فإذا لم تكن كذلك ، بأن كان هؤلاء الأولاد غير شرعيين فلا يتمتع هؤلاء الأبناء بالجنسية المصرية تبعا لجنسية الأب أو الأم ، حتى ولو اعترفت قوانين البلاد التي يقيمون بها بهذه العلاقة أو بهؤلاء الأبناء .
فالمعول عليه هنا هو أحكام القانون المصري المتمثل في قواعد الشريعة الإسلامية ، ويثبت النسب في الشريعة الإسلامية بالفراش أو الإقرار أو البينة .

وفي شأن منح الجنسية المصرية لأولاد الأم المصرية بحق الدم ، قضت المحكمة الإدارية العليا بأن ” ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 7392 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 31/5/1999 طالبا الحكم بثبوت تمتعه بالجنسية المصرية ، مع ما يترتب علي ذلك من آثار ، وإلزام جهة الإدارة المصروفات . وذكر شرحا لدعواه ، أنه من مواليد محافظة الشرقية بتاريخ 9/1/1951 لأب مصري وأم مصرية ، ووالده من مواليد قرية سعود البحرية مركز فاقوس في 2/1/1914 وتعلم والده بمصر ، ثم التحق بوظيفة مدرس ، وأن جميع أخوته يتمتعون بالجنسية المصرية ، وبالتالي يتعين الاعتراف له بالجنسية المصرية تبعا لأبويه ، خاصة وأنه استخرج بطاقة شخصية على أنه مصري ، كما درس في مراحل التعليم المختلفة بهذه الصفة ، حتى حصل علي ليسانس آداب – شعبة لغات شرقية من جامعة القاهرة سنة 1979 ، وصدر قرار وزير الحربية باستثنائه من الخدمة العسكرية ، واعتبار مدة أسره في إسرائيل مدة خدمة عسكرية ، واستخرج جواز سفره وتزوج عام 1981 على انه مصري ، ثم فوجىء بتاريخ 25/2/1999 بسحب جواز سفره والتعامل معه على أنه غير ذلك دون سند من الواقع أو القانون .

وبجلسة 14/7/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا علي أن ” والد الطاعن من مواليد 2/1/1914 بقرية سعود البحرية – مركز فاقوس ، واستمرت إقامته بمصر إلى أن أنجب المدعي في 29/1/1951 ، كما تلقي تعليمه بمصر وعين مدرسا وتوفي في مصر ، وخلت أوراق الدعوى مما يفيد عدم إقامته في البلاد في المدة من 5نوفمبر سنة 1914 حتى تاريخ نشر المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 ، كما أن جد المدعي توفي في مصر عن عمر يناهز 110 عاما ومثبت بشهادة الوفاة أنه مصري الجنسية وأن والدته مصرية ، وحصل علي بطاقة شخصية في 7/4/1975…علي أنه مصري الجنسية ، وفي عام 1975 صدر قرار وزير الحربية باعتبار مدة أسره في إسرائيل مدة خدمة عسكرية ، وتم استثناؤه من الخدمة العسكرية ، وبتاريخ 25/11/1981 تزوج من السيدة ………………… الفلسطينية الجنسية والتي منحت الجنسية المصرية لزواجها من المدعي ، كما أن الشهادة الصادرة من قسم الأمن والمعلومات والمخابرات العامة تفيد أن المدعي مصري الجنسية ، كما أن شهادات ميلاد أشقائه وبطاقاتهم تؤكد أنهم مصريون ، وإذ لم تقدم جهة الإدارة ثمة مستندات تطمئن المحكمة إلى تمتع المدعي بالجنسية الفلسطينية أو زوال الجنسية المصرية عنه ، مما تطمئن معه المحكمة إلي تمتع المدعي بالجنسية المصرية ومن أصول مصرية ، وتقضي بثبوت تمتعه بالجنسية المصرية مع ما يترتب علي ذلك من آثار ” .

ومن حيث أن مبني الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ، ذلك أن والد المطعون ضده لم يكن مصريا ، فبعد حصوله علي شهادة العالمية الأزهرية تقدم بطلب إلي إدارة المحاكم الشرعية بوزارة العدل بطلب تعيينه مأذونا شرعيا للمنطقة التي كان يقيم فيها ( قسم ثان بندر فاقوس بمحافظة الشرقية ) وذكر في طلبه المشار إليه أنه فلسطيني من أب مصري ، وأن إقامته في فلسطين كانت علي سبيل التجارة ، وبالتحري عن جنسيته أفادت إدارة الجوازات والجنسية بأنه لم يستدل علي ملف جنسية باسم المذكور أو باسم والده ( جد المطعون ضده ) وأعطيت لصاحب الشأن الاستمارة رقم (1) جنسية لتحريرها وتقديمها إلى المديرية التي يقيم في دائرتها لبحث جنسيته بعد تقديم المستندات المدعمة وسداد الرسوم المقررة ، إلا أن المذكور لم يتقدم بهذا الطلب مما ينفي نهائيا حصول والد المطعون ضده علي الجنسية المصرية ( الأصلية أو المكتسبة ) ، كما أن التحريات التي أجريت بمناسبة فحص جنسية المطعون ضده أفادت بأن جده لوالده من أصل فلسطيني ، كما أن حصول زوجة المطعون ضده علي الجنسية المصرية لزواجها منه لا يعد سندا لتمتع المطعون ضده بهذه الجنسية ، لأن الأخير تقدم للإدارة بمعلومات يغلفها الغش والتدليس ، وبالتالي فليست حجيتها قاطعة في هذا الشأن ، كما أن ما ورد بشأن الجنسية المصرية في شهادات الميلاد والبطاقات الشخصية والعائلية وجوازات السفر ليست دليلا قاطعا لأنها لم تعد أصلا لإثبات الجنسية .

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد اضطرد على أن الطعن أمامها يطرح المنازعة برمتها من جديد ويفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الحالات التي تعيبه ، ومن ثم فللمحكمة أن تنزل حكم القانون في المنازعة علي الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولا علي سيادة القانون .

ومن حيث أنه إبان نظر الطعن الماثل صدر القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ، وقضي في المادة الأولي منه بتعديل المادة (2) من قانون الجنسية المشار إليه ، ليعتبر مصريا من ولد لأب مصري أو لأم مصرية ، كما خول في المادة الثالثة لمن ولد لأم مصرية وأب غير مصري قبل تاريخ العمل بهذا القانون الحق في أن يعلن وزير الداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية ، وقضي بأن يعتبر هذا الشخص مصريا بصدور قرار بذلك من الوزير أو بانقضاء مدة سنة من تاريخ الإعلان دون صدور قرار مسبب منه بالرفض ، كما نص القانون المشار إليه ، علي أن ينشر في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ، وقد نشر هذا القانون في عدد الجريدة الرسمية رقم 28 مكرر (أ) بتاريخ 14/7/2004 .

ومن حيث أن المشرع استهدف بتعديل قانون الجنسية على النحو السالف المساواة بين الأبوين فيما يتعلق باكتساب الجنسية الأصلية بالولادة لأب مصري أو أم مصرية ، بعد أن كان اكتساب هذه الجنسية مقصورا علي الولادة لأب مصري ، وذلك بغية معالجة الآثار والمشاكل القانونية والعملية المترتبة علي زواج المصرية من أجنبي ومعاناتها هي وأبنائها من فقدان الرعوية المصرية .
ومن حيث أنه وأيا كان الرأي في تمتع والد المطعون ضده بالجنسية المصرية من عدمه ، بل ومع افتراض عدم تمتعه بها ، فإن الثابت من الأوراق – مما لم تدحضه الجهة الإدارية وتمسك به المطعون ضده – من أنه ولد لأم مصرية تدعي ………………، وذلك طبقا لما جاء بصورة وثيقة تصادق علي زواج الأم من والده ………………….المقيد بحكمة الحسينية للأحوال الشخصية برقم 446 في 9/8/1962 ، وكذلك من صورة القيد العائلي الصادر من سجل مدني فاقوس بمحافظة الشرقية ، كما أن الثابت من الأوراق أيضا أن الجهة الإدارية الطاعنة ظلت علي مسلكها برفض منح المطعون ضده الجنسية المصرية حتى تاريخ حجز الطعن للحكم ، وذلك رغم صدور القانون رقم 154 لسنة 2004 المشار إليه بتقرير حق التمتع بالجنسية المصرية لمن ولد لأم مصرية ولو لم يكن الأب متمتعا بهذه الجنسية ، ومن ثم ، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن ثمة أسبابا تحول قانونا دون حصول المطعون ضده علي الجنسية المصرية ، فإنه لا مناص والحالة هذه من القضاء للمطعون ضده بثبوت الجنسية المصرية له بالولادة من أم مصرية عملا بأحكام المادة (2) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية المعدلة بالقانون رقم 154 لسنة 2004 .

ولا يغير من هذا النظر ما قد يثار من أن المطعون ضده لم يقدم ما يفيد إعلان وزير الداخلية برغبته في التمتع بالجنسية المصرية بالولادة من أم مصرية بعد صدور القانون رقم 154 لسنة 2004 حسبما تقضي به المادة الثالثة من هذا القانون ، ذلك أن إقامة هذا الطعن من قبل الجهة الإدارية الطاعنة واستمرارها في طلب نظره في ظل العمل بأحكام القانون المذكور ، دون أن تغير موقفها تجاه المطعون ضده يجعل مثل هذا الإعلان – وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة ومن ذلك حكمها في الطعن رقم 3595 لسنة 47 ق عليا بجلسة 24/6/2006- غير مجد ولا طائل من ورائه .

وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلي النتيجة سالفة الذكر ، ولكن استنادا إلي أسباب أخري مغايرة ، فإنه يضحي سليما ولا مطعن عليه ، مما يجعل الطعن الماثل غير قائم علي سند من الواقع أو القانون حريا بالرفض ” .
” الطعن رقم 13703 لسنة 48 ق عليا
جلسة 10/3/2007 “

المبحث الثاني الجنسية المصرية الأصلية المبنية على حق الإقليم

يقصد بحق الإقليم كأحد أسباب كسب الجنسية ، هو ميلاد الفرد علي إقليم الدولة ، وذلك لأن ميلاد الفرد علي ارض الدولة يحمل في طياته قرينة على الارتباط بها .
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية والمستبدلة بالقانون رقم 154 لسنة 2004 على أن ” يكون مصريا :1- ………2- من ولد في مصر من أبوين مجهولين ، ويعتبر اللقيط في مصر مولودا فيها ما لم يثبت العكس … “.
والغاية من تقرير مثل هذا النص تجنب حالات انعدام الجنسية ، فقد يعجز حق الدم كأساس قانوني عن منح الجنسية للفرد ، فاتخذ حق الإقليم كأساس احتياطي لكسب الجنسية المصرية .
ويجب توافر شرطين للحصول على الجنسية المصرية وفقا لحق الإقليم وهما :

أولا :- الميلاد على الإقليم المصري :-

واللقيط هو ” المولود الذي ينبذه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الريبة ” . ( )
فيجب أن يكون ميلاده – أي اللقيط – علي الأراضي المصرية ، ويشمل ذلك إقليم الدولة البحري والبري والجوي وتطبيقا لذلك فإذا وجد طفل بمصر ولم يمكن التعرف علي والديه – علي ما سيأتي – كان ذلك كافيا لكسبه الجنسية المصرية بقوة القانون بناء علي حق الإقليم ، ذلك أن المشرع اعتبر مجرد وجود مثل هذا الطفل علي الأراضي المصرية ، قرينة قانونية علي ميلاده بمصر ، فأسبغ عليه الجنسية المصرية بناء علي ذلك ، ويجب العلم أن قرينة الميلاد بمصر في حالة عدم معرفة الوالدين ، قابلة لإثبات العكس بكافة الطرق القانونية المقررة للإثبات ، وفي حالة ثبوت عكس هذه القرينة ، فإن الجنسية المصرية تزول بأثر رجعي منذ كسبها ، ولكن يجب في هذه الحالة عدم الإضرار بالغير حسني النية والذين تعاملوا مع الشخص ( اللقيط ) علي أنه مصري الجنسية ، وعدم الإخلال بحقوقهم .

وجاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 26 لسنة 1975ما نصه ”
أقام المشرع منذ سنة 1929 قرينة مقتضاها أن اللقيط في إقليم الدولة المصرية يعتبر مولودا فيه ما لم يقم دليل على عكس ذلك أي بميلاده خارج هذا الإقليم .
والحكم في ذلك يطابق حكم المادة 2 من القانون رقم 82 لسنة 1958 في بنودها الأربع . ولم ير النص على سريان حكم هذه المادة ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، ذلك أن الميلاد السابق على العمل بهذا القانون تحكمه قوانين الجنسية السابقة وتغطيه تغطية كاملة تقرها المادة 1 من المشروع نفسه . والحكم يطابق كذلك أحكام المادة 2 من القانون رقم 391 لسنة 1956 مع عدم الحاجة إلى الفقرة الأخيرة منها الخاصة بسريان الأحكام عدا البند الأول على الميلاد السابق على العمل بالقانون . كما يقابل كذلك حكم المادة 2 من القانون رقم 160 لسنة 1950 ، وأخيرا يطابق كذلك الفقرات 1 ، 2 ، 3 من المادة 6 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929″ .

ثانيا :- عدم معرفة الوالدين :-

لا يكفي لكسب الجنسية المصرية بحق الإقليم مجرد قيام قرينة الميلاد بالإقليم المصري ، ولكن هناك شرطا ثانيا تطلبه القانون ، وهو عدم معرفة والدي اللقيط ، ويري فقهاء القانون الدولي الخاص وبحق أن عدم معرفة أم اللقيط أو الوليد هي مجرد جهالة مادية ، بينما عدم معرفة والده هي جهالة قانونية .
وينبغي لإعمال الشرط الذي نحن بصدده أن يكون الوليد مجهول الأبوين ، فإذ أمكن التعرف علي أحدهما فلا ينطبق هذا الشرط ، وتبحث جنسية اللقيط وفقا لجنسية المعروف من والديه .
ولا يشترط أن يكون مجهول الأبوين أبنا غير شرعي ، بل ربما يكون أبنا شرعيا ولكن تعذر إثبات نسبه قانونا ، وعلي ذلك فإذا ثبت هذا النسب قانونا لأب أو لأم أحدهما أو كلاهما مصريا ، ثبتت له الجنسية المصرية بناء على حق الدم .
ويري كثير من الفقهاء أن الجنسية التي تثبت لمجهول الوالدين في هذه الحالة هي جنسية مؤقتة ، فهم يرون أن هذه الجنسية يتحدد مصيرها بثبوت نسبه قانونا لوالديه أو أحدهما ، بينما يري جانب آخر من الفقه نؤيده بأن وصف الجنسية بالتأقيت في غير محله ، ذلك أنه من المتصور بنسبة كبيرة ألا يثبت نسب اللقيط لوالديه طوال حياته أو لا يمكن التعرف عليهما ، ثم تنقل هذه الجنسية لأولاده بحكم القانون ، ولا تكون الجنسية مؤقتة في مثل هذه الأحوال .