بحث قانوني مميز عن الحضانة في ظل قانون الاسرة الجزائري

المقدمـــة :

عرفت الجزائر في الفترة الممتدة ما بين 1962م و 1984 م فراغا قانونيا في مجال الأحوال الشخصية وذلك لعدم وجود تقنين ينظم حالة الأشخاص وشؤون الأسرة، وكانت الأحكام الصادرة عن القضاة متضاربة ومتناقضة سواء تعلق الأمر بالزواج أو الطلاق أو أثارهمـا، فكان كل قاضي يستند إلى مصدر مختلف يستمد منه المبادئ التي يطبقها على القضية المطروحة عليه .
وعلى هذا الأساس وبهدف توحيد المصادر المستعملة لتسهيل العمل القضائي ، أصدر المشرع الجزائري بموجب القانون 84-11 الصادر في 09 جوان 1984 قانون الأسرة الجزائري .
وقد عالج هذا القانون مختلف المواضيع المتعلقة بالأحوال الشخصية بما فيها الحضانة، التي تعتبر من أهم الآثار المترتبة عن فك الرابطة الزوجية لتعلقها بمصير الأولاد الناجمين عنها من حيث تربيتهم، رعايتهم وحفظهم ، وبالرجوع إلى المواد المتضمنة هذا الموضوع يتجلى لنا أن المشرع الجزائري حاول من خلالها ضبط كل الجوانب المنظمة له وقد ساير في ذلك الاتجاه الدولي الذي يسير نحو الإهتمام أكثر فأكثر بالطفولة ، وهذا ماتبينه مختلف المواثيق الدولية التي تقر بالمصلحة الفضلى للطفل ، ويعتبر الأولاد الناجميين عن فك الرابطة الزوجية أكثر شرائح المجتمع المستحقة للاهتمام والعناية نظرا للمأساة التي يعيشونها أثناء وبعد إنفصال الوالدين ، وهذا مايجعل من موضوع الحضانة موضوعا ذوأهمية بالغة يستحق دراسة دقيقة ومعمقة .
وموضوع الحضانة يطرح عدة تساؤلات فماذا نعني بالحضانة ؟ وماهي الشروط الواجب توفرها في الشخص الحاضن وإلى أي طرف ستؤول إليه مهمة رعاية الأطفال ؟ وهل إسناد الحضانة لشخص غير الأب يعني إعفاءه من إلتزاماته ؟
إضافة إلى كل هذا جاء المشرع الجزائري بمبدأ مراعـاة مصلحة المحضون ” فما المقصود بذلك ؟ وهل القاضي مقيد بهذا المبدأ ؟
للإجابة على كل هذه التساؤلات ، سنعالج الموضوع وفق فصلين أولاهما يتناول مفهوم الحضانة وسنقسمه بدوره إلى ثلاثة مباحث فالأول سنخصصه لتعريف الحضانة وذكر خصائصها ، أما في المبحث الثاني فسنتناول الشروط الواجب توفرها في الشخص الحاضن وفي المبحث الثالث سنحدد من خلاله مكان ممارسة هذه الحضانة وكذا حق الزيارة .
أما الفصل الثاني فسنتناول من خلاله أحكام الحضانة وسنقسمه بدوره إلى أربعة مباحث فالمبحث الأول سنحدد من خلاله مستحقي هذه الحضانة ثم في مبحث ثاني مدتها وإنقضائها ثم تمديدها وفق تطبيق مصلحة المحضون .
أما في المبحث الثالث فسنتطرق إلى سقوط حق الحضانة حسب الأسباب الواردة في قانون أسرة جزائري وأخيرا في المبحث الرابع إلى نفقة المحضون وأجرة الرضاع .
الخــطـــــــة

الفصل الأول : مفهوم الحضانة.
المبحث الأول : تعريف الحضانة و خصائصها.
المطلب الأول : تعريف الحضانة.
المطلب الثاني : خصائص الحضانة.
المبحث الثاني : شروط ممارسة الحضانة.
المطلب الأول : الشروط الوارد ذكرها في قانون الأسرة الجزائري.
المطلب الثاني : الشروط المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية.
المبحث الثالث : مكان ممارسة الحضانة.
المطلب الأول : مقر الحضانة.
المطلب الثاني : حق الزيارة.
المطلب الثالث : مدى ارتباط حق الزيارة بالسلطة الأبوية.
الفصل الثاني : أحكام الحضانة.
المبحث الأول : أصحاب الحق في الحضانة.
المطلب الأول : الأم و من يليها من أقاربها.
المطلب الثاني : الأب و من يليه من أقاربه.
المطلب الثالث : الأقربون درجة.
المطلب الرابع : من يراه القاضي أصلح للمحضون.
المبحث الثاني : انقضاء مدة الحضانة و تمديدها مع مراعاة مصلحة المحضون.
المطلب الأول : انقضاء مدة الحضانة.
المطلب الثاني : تمديد مدة الحضانة.
المطلب الثالث : مراعاة قاعدة مصلحة المحضون.
المبحث الثالث : سقوط الحق في الحضانة و عودتها.
المطلب الأول : أسباب سقوط الحق في الحضانة .
المطلب الثاني : عودة الحضانة إلى مستحقيها.
المطلب الثالث : دعوى سقوط الحق في الحضانة.
المبحث الرابع : نفقة المحضون و أجرة الرضاع.
المطلب الأول : شروط استحقاق النفقة.
المطلب الثاني : تقدير النفقة.
المطلب الثالث : مدة النفقة و سقوطها.
المطلب الرابع : أجرة الرضاع.
الخاتمـــــة

الفصل الأول : مفهوم الحضانة

من بين الآثار المترتبة عن فك الرابطة الزوجية ، والتي تطرح بكثرة على مستوى محاكمنا ، نجد الحضانة التي لا تقل أهمية عن باقي الآثار الأخرى ، بل نستطيع القول أنها من أهم تلك الآثار خصوصا بالنظر إلى العواقب المترتبة عن إسنادها لطرف دون الأخر وذلك لأنها تتعلق بمصير الأولاد الناجميين عن رابطة الزواج وبتربيتهم ورعايتهم ، وبالنظر إلى أهمية هذا الموضوع سنحاول من خلال هذا الفصل ضبط تعريف للحضانة مع تحديد خصائصها ومن تم تبيان الشروط الواجب توفرها في الشخص الذي تسند إليه و مكان ممارستها .

المبحث الأول : تعريف الحضانة وخصائصها

المطلب الأول : تعريف الحضانة .

الحضانة بفتح الحاء يعني ضم الشيء إلى الحضن وهو جانب الشيء فنقول مثلا حضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه وعند الإنسان تطلق على عملية الحنو التي تظهر في ضم الأم إبنها إلى صدرها وهي تعنقه وتلتصق به ، فتعـطي هذه الكــلمة معنا في ضــم الشيء وحفظه (1)

الفرع الأول : الحضانة فقها
يرى السيد سابق (2) أن الحضانة هي القيام بحفظ الصغير أو الصغيرة أو المعتوه الذي لا يميز ولا يستقل بأموره ، وتعده بما يصلحه ، ووقايته مما يؤذيه ويضره ، وترتبيته جسميا وعقليا ونفسيا كي يقوى على النهوض بتبيعات الحياة والإضطلاع بمسؤولياتها .
أما الأستاذ مروك نصر الدين (3) فيرى أن من واجبات الحاضن إتجاه المحضون رعايته وتعليمه والقيام

(1) راجع المنجد في اللغة والإعلام ص 139 العمود الثالث .
(2) أنظر السيد سابق فقه السنة ، مجلد ثاني ،دار الفكر 1977 ، الطبعة الأولى ، ص 288 .
(3) الاستاذ مروك نصر الدين ، قانون الأسرة بين النظرية والتطبيق ، دار الهلال للخدمات الإجتماعية ص 36
بمتطلباته وتربيته وحفظ صحته ولذلك يجب على من تسند له الحضانة أن يعلم بهذه الواجبات وأن يقوم بها كاملة غير منقوصة .
ويرى الشيخ أبو زهرة (1) أنه تثبت للطفل منذ ولادته ثلاث ولايات الأولى ولاية التربية والولاية الثانية هي ولاية على النفس والولاية الثالثة هي الولاية على ماله إذا كان له مال .
أما الولاية الأولى وهي ولاية التربية فالدور الأول يكون فيها للنساء وهي مايسمى بالحضانة ، فالحضانة هي تربية الولد في المدة التي لايستغني فيها عن النساء ففي هذه المدة الحرجة في حياته لايمكن له الاستغناء عن وجود النساء إلى جانبه .
وعموما فإن فقهاء الشريعة الإسلامية يتفقون على أن الحضانة هي تربية الطفل وحفظه في كل مايحيط بحياته والقيام على مصالحه ، فإضافة إلى الطفل الصغير نجد كل شخص لايستقل بأموره حتى وإن كان كبيرا كالمجنون أو المعتوه وفئة المتخلفين عقليا فحتى وإن كانوا متقدمين في السن فإن عمرهم العقلي لايتعدى السبع سنوات أو أقل .

الفرع الثاني : تعريف الحضانة في قانون الأسرة الجزائري
خلافا لبعض القوانين العربية ، عرف المشرع الجزائري الحضانة في قانون الأسرة إنطلاقا من أهدافها في نص المادة 62 من هذا القانون ” الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك ”
وحسب الأستاذ سعد عبد العزيز (2) فإن التعريف الوارد في المادة 62 يعتبر أحسن تعريف على الرغم من إحتوائه على أهداف الحضانة وأسبابها وذلك لشموليته على أفكار لم يشملها غيره من القوانين العربية حيث أنه تعريف جمع في عمومياته كل ما يتعلق بحاجيات الطفل الدينية والصحية والخلقية والتربوية والمادية .
(1) أنظر الإمام محمد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، دار الفكر العربي ، طبعة 1950 ، ص 404
(2) أنظر عبد العزيز سعد ، الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، طبعة ثالثة ، دار هومة ، ص 293 .
فمن خلال التعريف المعطى في المادة 62 من قانون الأسرة للحضانة يمكن إستخراج أهدافها والتي تتمثل في تعليم الولد والمقصود بذلك أن ينال قدرا من التعليم حسب استطاعته وإمكانيته الذهنية وقدرته العقلية واستعداده الفطري والنفسي مادام التعليم مجانيا ، أما المقصود بتربية الولد على دين أبيه هو أن يربي الولد على مبادئ وقيم الدين الإسلامي ، ولما كان زواج المسلم بغير المسلمة جائز فإن القاضي يمنح الحق الحضانة للأم غير المسلمة ولا ينكره عليها أبدا فهي كالمسلمة (1)
ونجد كذلك أنه من واجبات الحاضنة السهر على حماية المحضون فلابد أن تتخذ هذه الحماية كل أشكالها وكذا حفظ الطفل من الناحية الخلقية أي تهذيبه إعداده لأن يكون فردا صالحا وكذا الحفاظ على صحته .
والجدير بالملاحظة أن كلمة ” حضانة ” لاتقبل كلمة Garde بالفرنسية رغم أنها متداولة كثيرا ، فقد درج قانون الأسرة في النص الفرنسي على استعمال كلمة Garde مكان HADANA في كل المواد المتعلقة بالحضانة ماعدا في المادة 62 حيث وضعت كلمة HADANA بين مزدوجين بعد كلمة Garde فالحراسة « Garde » في القانون الفرنسي هي تكفل مادي بالطفل وهي عنصر من عناصر السلطة الأبوية التي تنتقل مع إنتقال الطفل للطرف المتحصل على الحراسة (2)

المطلب الثاني : خصائص الحضانة

بعد تناولنا للتعريف الذي أعطاه المشرع الجزائري للحضانة في نص المادة 62 قانون أسرة وإعطاء شرح موجز عنه ، وجب علينا وكنتيجة حتمية التطرق إلى خصائص الحضانة ، فهل هي من النظام العام ؟ بمعنى هل للأم الحق في التنازل عن دورها هذا أم هي ملزمة بذلك ؟ فكل هذه المسائل سنحاول الإجابة عنها وفق مايلي :

(1) أنظر المحكمة العليا ، ملف رقم 11029 ، قرار بتاريخ 29/05/1974 .
( 2) Dictionnaire Petit Larousse illustré 1984 . P 447

الفرع الأول : الحضانة من النظام العام
الحضانة من النظام العام فليس للأبوين الحق في تغيير أو تحريف قواعدها ، فإذا إتفقت الأم مع والد الطفل على التخلي عن حضانة الولد لأي سبب من الأسباب فإن الحضانة لاتسقط عنها مادامت قد استوفت كل الشروط وكانت أهلا لممارستها وقد تجبر على حضانتها إذا تنازلت عنها حتى إن لم تتوفر فيها الشروط كاملة (1) ماعدا تلك التي لها علاقة بأخلاقها .
وقد يكـون تنازل الأم على حضانة طفلها مقابل خلع نفسها والخلع إتفاق تكون الزوجة فيه هي البادئة بالعرض (2) ، ومقابل الخلع قد يكون قيميا أو مثليا أو منفعة مقدرة بمال فكل ماصح أن يكون مهر صح أن يكون بدل خلع ، إذا خلعت المرأة نفسها مقابل تنازلها عن حضانة طفلها فإن لخلع يظل صحيحا وتبقى حضانتها مستمرة لأنها ليست حقا خالصا للأم بل هي حق للطفل فيبطل الشرط ويبقى الإتفاق قائم .
وحتى وإن كان مقابل التنازل عن الحضانة صلح وليس خلعا ، كأن تتصالح الزوجة مع زوجها على أن تترك له الطفل فإن هذا لايصــح لأن الصلح يكون على ماتمنحه والحضانة حق غيرها (3)، أي هو حق خالص للطفل .

الفرع الثاني : الحضانة لا تلزم الحاضنة

مقابل ذلك ، هناك رأي يرى أن الحضانة حق للحاضنة لها أن تتنازل عنه في أي وقت شأت وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق به مالم تنكحي ” دليل على أن الحضانة حق للأم فلها أن تتنازل عن هذا الحق متى شأت ذلك. (4)
وقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الرأي في المادة 66 قانون الأسرة حيث اعتبر أن للحاضنة الحق في
(1) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 295 .
(2) المحكمة العليا ، قرار رقم 35 ، ملف رقم 26709 ، نشرة القضاء ، عدد خاص ، سنة 1982 ، ص 260 .
(3) المحكمة العليا ، قرار رقم 17 ، ملف رقم 26549 ، نشرة القضاء ، عدد خاص ، سنة 1982 ص 243 .
(4) أنظر الإمام محمد أبو زهرة ، المرجع السابق ، ص 408 .
التنازل عن حضانتها لكنه قيد ممارسة هذا الحق مع مراعاة مصلحة المحضون أي أنه إذا كان هذا التنازل يضر بمصلحة المحضون فلا يحق لها أن تتنازل عنها ، والتنازل هذا يكون باللفظ الصريح بمعنى أن يعلن الطرف الذي له الحق في الحضانة صراحة عن عدم رغبته في ممارسة هذا الحق ، وقد يكون التنازل ضمنيا وذلك بعدم المطالبة بحق الحضانة مدة سنة كاملة بعد تحقيق سبب السقوط أو موت الحاضنة ، ومن قبيل التنازل أيضا إهمال الطفل عند باب المحكمة بعد صدور الحكم بالطلاق أو ترك الطفل في المستشفى بعد ولادته (1) والإعتداد بالسقوط لا يكون إلا إذا حل دور الحاضن في الحضانة . (2)
وما يجب ذكره هو أن الشخص المتنازل عن الحضانة لايمكنه استرجعها لأن التنازل من الأسباب الاختيارية للسقوط .(3)

الفرع الثالث : الحضانة حق مشترك
الحضانة حق مشترك أي أنها في نفس الوقت حق للصغير الذي يحتاج إلى من يرعاه ومن يحفظه ويقوم على شؤونه ويتولى تربيته ، وكذا لأمه حق الاحتفاظ به واحتضانه لقوله صلى الله عليه وسلم
” أنت أحق به مالم تنكحي ” أي أن للأم الحق كذلك في التخلي عن حضانة طفلها إذا لم يضر ذلك بمصلحته .
وهكذا إذا تخلت الأم عن حضانة طفلها فإن ذلك لايسقط إلا حقها ويبقى حق الطفل قائما ، ومنه فإنها تجبر عن حضانته إن كانت أصلح للطفل ولم يكن هناك من يحضن الطفل غيرها وتنازلها هذا لا يكون مقبول وتعامل معاملة نقيض قصدها . (4)

(1) المحكمة العليا ، قرار رقم 26545 ، نشرة القضاء ، عدد خاص ، سنة 1982 ، ص 243 .
(2) محكمة عليا ، قرار رقم 25662 بتاريخ 29/06/1981 م
(3) محكمة عليا ، قرار رقم 58812 بتاريخ 05/02/1990 م
(4) محكمة عليا ، ملف رقم 51894 بتاريخ 19/12/1988 م

المبحث الثاني : شروط ممارسة الحضانة

بالرجوع إلى المواد الواردة في قانون الأسرة الجزائري والمنظمة لموضوع الحضانة يمكن إستخلاص شرطين أوردهما المشرع الجزائري بصفة ضمنية وذلك في المادتين 66 و69 من نفس القانون واللذان حسب رأينا يمكن إعتبارهما قيدان على حق الحاضنة في إستحقاق الحضانة .
ومن جهة أخرى نجد أن المشرع ذكر في نص المادة 62 قانون الأسرة ” ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك ” بمعنى انه ترك الأمر لتقدير القاضي فيما يخص بقية الشروط ، وعلى هذا الأساس سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق في المطلب الأول إلى الشروط الوارد ذكرها في قانون الأسرة وفي المطلب الثاني إلى الشروط التي لم ينص عليها المشرع الجزائري والتي نرى أنه من الواجب توفره في الشخص التي ستسند إليه الحضانة وذلك باللجوء إلى نص المادة 222 قانون الأسرة التي تحيلنا إلى قواعد الشريعة الإسلامية وفق مايلي :

المطلب الأول : الشروط الوارد ذكرها في قانون الأسرة الجزائري .

من خلال دراستنا للمواد المتضمنة موضوع الحضانة نلاحظ أن المشرع وضع شرطين أساسيين وجب توفرهما في الشخص الذي قد تسند إليه الحضانة وهذه الشروط الواردة في قانون الأسرة حتى وإن لم يحددها المشرع صراحة إلا أننا نعتقد أنها مهمة ووجب الأخذ بها كشرط من الشروط الواجب توفرها في الشخص الحاضن وإلا سقطت الحضانة عنه رغم توفره على بقية الشروط الأخرى وهذا ماسنوضحه وفق مايلي :

الفرع الأول : عدم زواج الحاضنة بغير قريب محرم للمحضون
إذا تزوجت الحاضنة بغير قريب محرم للمحضون فلا حضانة لها وهذا ماجاء في نص المادة 66 من قانون الأسرة الجزائري الذي جاء فيها ” يسقط حق الحاضنة بتزوج بغير قريب محرم … ” ، هذا يعني أن المشرع الجزائري قد أورد شرطا لإستحقاق أم الطفل للحضانة .
وقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في هذه المسألة بالذات بين من يرى أن الحضانة لاتسقط مطلقا عن الحاضنة بسبب زواجها بأجنبي أو بقريب للمحضون كالإمامان الحسن البصري وأبي أحمد بن حزم .
وذلك على عكس الإمام الشافعي الذي يرى أن زواج الحاضنة مسقط لحضانتها مطلقا سواء كان الزوج قريب للطفل أو غريب عنه .
أما المالكية والحنفية فيرون أن الحضانة تسقط عن الحاضنة إذا تزوجت ، إلا إذا كان زوجها قريبا محرما للولد كأن تتزوج بعم الولد مثلا وهذا هو موقف المشرع الجزائري في نص المادة المذكورة أعلاه .
والجدير بالذكر أن المشرع قد خص هذه المادة بأم الطفل دون سواه أي أن هذا الشرط متعلق بها فقط .

الفرع الثاني : عدم الإستيطان بالمحضون في بلد أجنبي
ورد في نص المادة 69 قانون الأسرة الجزائري ” إذا أراد الشخص الموكل له حق الحضانة أن يستوطن في بلد أجنبي رجع الأمر للقاضي في إثبات الحضانة له أو إسقاطها عنه … ” فالمشرع لم يجعل الحضانة تسقط بمجرد سفر الحاضن بالمحضون إلى بلد أجنبي بل إشترط نية الإستيطان به في بلد أجنبي وهذا مايعني الإقامة الدائمة أو لمدة غير محددة .
فإن كان الإمام مالك يرى أنه ليس للحاضنة أن تنتقل بالمحضون سواء كانت أمه أو غيرهما إلا إذا توفرت شروط وهي أن لاتكون المسافة الفاصلة بين مكان الإنتقال وإقامة الأب أو الولي تفوق مائة وعشرون كيلومتر وأن يكون سفرها للتجارة وليس للإقامة ، في حين أن اغلب الفقهاء يرون أن التنقل بالمحضون لمسافة تزيد عن ستة (6) برد أي مايـعادل 120 كلم مسقط للحضانة. (1)
والسبب في إسقاط الحضانة عن الشخص الموكلة له بموجب حكم قضائي لاتكمن في الإستيطان به في بلد أجنبي بل في إبعاد المحضون عن وليه الشرعي ، فإن كان أبويه يقيمان في نفس البلد الأجنبي فإن ذلك لن يضر بمصلحته ولن يسقط حق الحاضن وذلك لوجود أم وأب المحضون في نفس المكان مما يسهل حتما

(1) قرار المحكمة العليا ، ملف رقم 43594 بتاريخ 22/09/1986 ، نشرة القضاء ، العدد 44

التكفل به على أحسن وجه ومراعاة حقوقه ، وقد جاء في إجتهاد المحكمة العليا أنه متى كان من المقرر قانونا وشرعا أن الحضانة تسند لأحد الأبوين الذي يسكن بالجزائر سواء كان أما أو أبا فإن سكن الوالدين معا في بلد أجنبي يستلزم تطبيق القواعد الشرعية المعروفة في الحضانة (1)

المطلب الثاني : الشروط المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية .

إن المشرع الجزائري لم يفرد فصلا محددا أو مادة معينة للحديث بشكل واضح عن كل الشروط الواجب توفرها في الشخص الذي تسند إليه حضانة الطفل عند الحكم بالطلاق مما يؤدي بنا مباشرة إلى الإستنجاد بالإجتهادات التي جاء بها الأئمة والفقهاء المسلمين وذلك عملا بأحكام المادة 222 قانون أسرة التي تحيلنا على أحكام الشريعة الإسلامية في كل مالم يرد عليه نص ، وبالتالي فإنه يمكننا أن نقول أنه يشترط في الشخص الذي تسند إليه الحضانة ذكرا كان أو أنثى إضافة إلى الشروط السالفة الذكر ماسيأتي ذكره فيما يلي :

الفرع الأول : البلوغ والعقل
فلا حضانة لمعتوه أو مجنون فكلاهما لايستطيع القيام بتدبير شؤونه ، فلا نفوض له أمر تدبير شؤون غيره لأن ” فاقد الشئ لايعطيه ” والجنون المتقطع يقوم مقام الجنون المتصل مخافة إيقاع الضرر بالمحضون ، فلا يمكن شرعا ولا قانونا إسناد الحضانة إلى مجنون أو معتوه ولو كان ممن يستحقونها ويطلبونها بالإضافة إلى التمتع بالقوى العقلية والبدنية ، يجب أن تكون الحاضنة بالغة أي راشدة وسن الرشد تسعة عشرة سنة كاملة (1) لأن الصغير ولو كان مميزا في حاجة إلى من يتولى أمره ويحفظه فلا يتولى هو أمر غيره .

(1) أنظر المحكمة العليا، قرار رقم 56597 بتاريخ 25/12/1989، المجلة القضائية عدد 3 سنة 1991.
(2) انظر المادة 40 من الأمر رقم 75 -58 المؤرخ في 20 رمضان 1395 الموافق لـ 26 سبتمبر 1975 المتضمن قانون المدني الجزائري .

الفرع الثاني : القدرة والأمانة
القدرة هي إمكانية القيام بشؤون المحضون ، وعليه فلا حضانة لكفيفة أو ضعيفة البصر ولا لمريضة مرضا معديا أو مرضا يعجزها عن القيام بشؤونه ولا لمتقدمة في السن تقدما يحوجها إلى رعاية الغير لها ولا لمهملة لشؤون بيتها كثيرة المغادرة له بحيث يخشى من هذا الإهمال ضياع الطفل وإلحاق الضرر به ، أو للقاطنة مع مريض مرضا معديا أو مع من يبغض الطفل ولو كان قريبا له ، بحيث لاتتوفر له الرعاية الكافية ولا الجو الصالح . (1)
فمن المقرر في الفقه الإسلامي وجوب توافر شروط الحضانة ومن بينها القدرة على حفظ المحضون ومن ثم فإن القضاء بتقرير حق ممارسة الحضانة دون توافر هذا الشرط يعد خرقا لقواعد الفقه الإسلامي (2)
أما الأمانة فنعني بذلك أن يكون الحاضن أمينا على خلق المحضون ، أي أمينا في خلقه وفي سلوكه مع المحضون وأمينا في الإهتمام به ورعاية مصالحه لأن الحاضن الذي يغيب عن المحضون طول النهار وطرفا من الليل ، أو لايهتم به ولايرعاه ويتركه يخالط أصحاب السوء لايكون أمينا ولاقادرا على الحضانة .
وكذا الحاضنة الفاسقة أوالعاهرة أو شاربة خمر لاتعتبر أمينة على المحضون وقد تشدد المشرع والقضاء في ذلك لأن الأمر يتعلق بمصلحة الطفل والإحتفاظ به صحيا وعقليا .

الفرع الثالث : إتحاد الدين
جاء في المادة 62 قانون أسرة أن الطفل يربى على دين أبيه ولا فرق بين المسلمة وغير المسلمة في مسألة الحضانة ، حيث يرى الإمام مالك أن الإسلام ليس شرطا في الحضانة وغير المسلمة كالمسلمة في ولدها وهي أحق به .

(1) انظر المحكمة العليا ، قرار رقم 33921 ، بتاريخ 09/07/1984 ، المجلة القضائية ، سنة 1989 ، العدد 04 ص 76 .
(2) المحكمة العليا ، نفس المرجع .
أما الإمام أحمد فيرى أن لاحضانة للكافرة وذلك لأن الله لم يجعل ولاية للكافر على المؤمن ، قال الله تعالى ” ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ” (1) ولأنه يخشى على دينه من الحاضنة لحرصها أن تنشئه على دينها وتربيته على هذا الدين ويصعب عليه بعد ذلك أن يتحول عنه وهذا أعظم ضرر يلحق بالطفل فعن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو ينجسانه ” وعلى كل فإن القضاء الجزائري تمسك بموقف الإمام مالك وسوى بين الأم المسلمة وغير المسلمة في استحقاق الحضانة (2)
وقد يسقط القضاء حضانة الأم الغير مسلمة إذا رأى أن تصرفاتها قد تؤدي إلى الأضرار بالطفل المحضون .

المبحث الثالث : مكان ممارسة الحضانة

سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى مكان ممارسة الحضانة أي المقر الذي تتم فيه رعاية الطفل المحضون ، وكل الجوانب المتعلقة بها أي حق الزيارة للوالد أم كان أو أب الذي لم تسند إليه هذه الحضانة ، أو كلاهما معا إذا أسندت لطرف أخر غيرهما ، ثم سنتطرق إلى مدى إرتباط حق الزيارة بالسلطة الأبوية أي كيفية ممارسة الأب لسلطته على طفله المحضون إذا لم تسند إليه حق حضانته ووجوده عند غيره ومدى إرتباط هذه السلطة بحق الزيارة وفق مايلي :

المطلب الأول : مقر الحضانة

لقد نصت المادة 72 من قانون الأسرة على أنه ” نفقة المحضون وسكناه من ماله إذا كان له مال وإلا فعلى والده أن يهيئ له مسكنا ، وأن تعذر فعليه أجرته ” .

(1) سورة النساء ، الآية 149
(2) المحكمة العليا ، ملف رقم 11029 ، قرار بتاريخ 29/05/1974 .
يستشف من نص المادة 72 المذكورة أعلاه ، أنه إذا كان للمحضون مال فأجرة السكن من ماله الخاص ، وأن لم يكن له مال فيجب على الأب أن يوفر له مسكنا ، أما إذا لم يكن قادرا على توفير المسكن للطفل المحضون كما هو الحال في وقتنا هذا نتيجة لأزمة السكن فوجب عليه أن يدفع أجرة السكن .
وأوضحت المادة 52 فقرة 2 من قانون الأسرة أنه ” إذا كانت حاضنة ولم يكن ولي يقبل إيواءها يضمن حقها في السكن مع محضونيتها حسب وسع الزوج ، ويستثنى من القرار بالمسكن مسكن الزوجية إذا كان وحيدا ” ، إن المواد السالفة الذكر لم تنكر حق الحاضنة في مسكن يأويها مع أطفالها ، لكنه قيد هذا الحق بشروط معينة وهي كالأتي :
1) أن تكون الأم حاضنة أي أنه قد صدر في حقها حكما نهائيا يسند إليها حضانة الأطفال .
2) أن لايكون للحاضنة ولي يقبل إيواءها مع أطفالها فإن كان لها أب أو أخ …….. إلخ يقبل إستقبالها في بيته فإن زوجها يصبح غير ملزم بتأمين المسكن .(1)
3) أن يكون للزوج السابق أكثر من مسكن ، أما إذا كان وحيدا فالمسكن الذي سبق للحاضنة ( الزوجة ) أن أقامت به على إعتبار أنه بيت الزوجية لايمكن أن يكون محل نزاع بين الأب والحاضنة ( الأم ) إذا كان الزوج لايملك غيره ، أو إذا كان محل سكناه الوحيد (2) وإذا ثبت أن للزوج أكثر من سكن حكم القاضي بأحده للحاضنة .
فإذا توفرت كل هذه الشروط السالفة الذكر فإن الزوج مجبرا على أن يوفر للأم الحاضنة على الأقل أجرة السكن إن لم يكن في وسعه توفير مسكن للطفل ، فيقوم بإيجار سكن خاص للحاضنة لممارسة الحضانة فيه على نفقته وذلك كله في مصلحة الطفل المحضون .

(1) أنظر المحكمة العليا ، ملف رقم 105366 ، قرار بتاريخ 27/04/1993 ، مجلة قضائية سنة 1994 ، عدد02 ،ص 88
(2) أنظر المحكمة العليا ، ملف رقم 73949 ، قرار بتاريخ 23/04/ ،1991 المجلة القضائية سنة 1994 عدد 01 ، ص 49

المطلب الثاني : حق الزيارة

لقد نصت المادة 74 من قانون الأسرة في فقرتها الثانية ” على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة ” وعليه فإن القاضي عندما يحكم بالطلاق فإنه يتوجب عليه إذا حكم يإسناد حق الحضانة إلى الأم أو غيرها أن يحكم تلقائيا للأب بحق زيارة المحضون وذلك في أوقات وأماكن محددة ، وإذا حكم بإسناد الحضانة للأب أو غيره يجب عليه بالمقابل أن يحكم للأم بحق الزيارة المحضون لمرات معينة وفي أوقات وأماكن محددة ، فما يمكن ملاحظة هو أنه على القاضي عندما يقضي بالطلاق وإسناد الحضانة إلى أحد الوالدين أو إلى غيرهما أن يقضي حتما لأحد الوالدين أو لهما معا بحق الزيارة . (1)
ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن الزيارة هي رؤية المحضون والإطلاع على أحواله المعيشية والتربوية والتعليمية والصحية بين يدي حاضنته وليس للزائر أن يأخذ المحضون ويتجول به من حي لأخر (2)
إلا أن الزيارة ليست رؤية المحضون فحسب بل هي متابعة شؤونه والوقوف على أموره ، إذ لابد من توطيد علاقة الزائر بالمحضون وتمتينها خاصة إذا كان الزائر هو الأب نفسه أو الأم إذا كانت الحضانة لغيرها ، والزيارة ليست قائمة على هوى الحاضنة والزائر ، وإنما هي أمر منظم يضبطها القاضي عند النطق بإسناد الحضانة لطرف أو لأخر مراعيا في ذلك مصلحة المحضون (3) وإذا إتفق الطرفان على مواعيد الزيارة وكيفية ممارستها ورأى القاضي في ذلك مصلحة المحضون قام بإحترام موقفهما .
وعلى القاضي أن يراعى عند حكمه بزيارة المحضون سنة وظروفه الصحية والنفسية (4) والملاحظ هو أن المشرع أوجب على القاضي عند إسناده للحضانة لطرف أو لأخر أن يقضي حتما لأحد الوالدين أو لهما

(1) أنظر عبد العزيز سعد الزواج والطلاق في ق أسرة جزائري ص 296 ، دار هومة ، طبعة ثالثة
(2) عبد العزيز سعد ، نفس المرجع ، ص 297 .
(3) المحكمة العليا ، ملف رقم 59784 قرار بتاريخ 16/04/1990 م
(4) المحكمة العليا ، ملف رقم 71727 ، قرار بتاريخ 23/04/1991 م
معا في حالة إسناده حضانة الطفل للغير بحق زيارة المحضون من تلقاء نفسه حتى ولو لم يطلب منه أحدهما ذلك ، والقانون بموقفه هذا يكون قد أخرج القاضي من دائرة القاعدة القانونية التي مفادها أنه
” لايجوز للقاضي أن يحكم بمالم يطلبه الخصوم ” .
ورغم أهمية الزيارة والمتمثلة في رؤية المحضون والإطلاع على أحواله المعيشية والتربوية والتعليمية والصحية والخلقية ، فإنه من الأباء من لا يمنحها الإهتمام اللازم فيتخلون عنها أحيانا ويطالبون بها أحيانا أخرى وقد يتخلون عنها نهائيا متجاهلين مايمكن أن يتركه ذلك من شرخ في نفسية الطفل ، ومن جهة أخرى قد تمتنع الحاضنة عن تسليم المحضون وتقف دون ممارسة الأب أو الولي حقه في زيارة للطفل ، وقد يمتنع الزائر عن إعادة الطفل إلى حاضنته بعد انتهاء مدة الزيارة ويعرض نفسه للعقوبة المنصوص عليها في المادة 328 من قانون العقوبات والمتعلقة بتحويل المحضون وإبعاده عن مكان حضانته .
ومادام الأمر هكذا كان على المشرع عندما ألزم القاضي أن يحكم بحق الزيارة أن يحدد معنى الزيارة وأن يحدد الحالات التي يمكن للقاضي إن توفرت أن يقضي بسقوطها ، إضافة إلى ذلك فإن المشرع الجزائري عندما ألزم القاضي أن يحكم بحق الزيارة دون طلب ودون رقابة مسبقة منه ، يمكن أن تنتج عنه عواقب سيئة ومضرة بالمحضون ، وذلك عندما يتجاوز الوالد المحكوم له بحق الزيارة حدود اللياقة ويصر على اخذ المحضون معه و اصطحابه إلى أماكن غير لائقة (1) مثلا فحسب رأينا كان من الأجدر على المشرع عندما ألزم القاضي بمنح حق الزيارة تلقائيا إلى أحد الوالدين أن يضع ضوابط لذلك وأن يحدد الحالات التي تسقط بموجبها هذا الحق ولأنه وجب أن يراعي أولا وأبدا مصلحة المحضون .
(1) أنظر عبد العزيز سعد ، نفس المرجع ، ص 296 .

المطلب الثالث : مدى إرتباط حق الزيارة بالسلطة الأبوية

نصت المادة 134من قانون المدني الجزائري على أنه ” كل من يجب عليه قانونا أو إتفاقا رقابة شخص في حاجة إلى الوقاية بسبب حالته العقلية أو الجسمية يكون ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه ذلك الشخص للغير بفعله الضار ، ويترتب هذا الإلتزام ولوكان من وقع منه العمل الضار غير مميز ” وتحدد المادة 135 من نفس القانون في فقرتها الأولى الأشخاص الذين يتولون رقابة الفئات المذكورة أعلاه بنصها ” يكون الأب وبعد وفاته الأم مسؤولا عن الضرر الذي يسببه أولادهما القاصرون الساكنون معهما …. ”
المادة 135 المذكورة أعلاه تجعل الأب المسؤول الوحيد عن الأفعال التي يتسبب فيها إبنه إضرار بالغير وذلك مادامه يسكن معه ، لكن الطلاق هو فك الرابطة الزوجية وبالتالي فإن أسندت الحضانة للأم وبالتالي إنتقل الطفل للعيش معها فإنه في هذه الحالة يسقط شرط المساكنة ، وبالتالي تسقط مسؤولية الأب لإنعدام الشرط وإن كان ذلك يتحقق مع الأم إلا أن الأب مازال على قيد الحياة(1) ، وبالتالي فمن من ا الوالدين يسأل في هذه الحالة إذا تسبب الطفل في الأضرار بالغير ؟
يرى الأستاذ عبد العزيز سعد ” أن المحكوم له بالحضانة سواء كان الأب أو الأم أو غيرهما سيكون مسؤولا مسؤولية مدنية عن تعويض كل ضرر سيلحقه هذا المحضون بالغير مدة وجود لديه وإذا جاء أحد الوالدين المحكوم له بحق الزيارة وأخذ المحضون معه إلى أماكن أخرى ، ونتج أن تصرف المحضون تصرفا غير شرعي ألحق ضرار بالغير فإن المسؤول عن تعويض مثل هذا الضرر سوف لايكون هو الحاضن بالضرورة وإنما المسؤول هو الشخص الذي إستعمل الحق في الزيارة المحكوم له بها ، والذي وقع الضرر وقت أن كان المحضون تحت سلطته ورقابته ونعتقد أن مثل هذا يمكن إعتباره سببا من أسباب سقوط حق الزيارة ” (2)

(1) أنظر حسينة عزيزة، الحضانة في قانون الأسرة، قضاء الأحوال الشخصية و الفقه الإسلامي، مذكرة ماجستر سنة 2000
(2) عبد العزيز سعد ، نفس المرجع ، ص 297 ، 298 .
الأستاذ عبد العزيز سعد ، قسم المسؤولية عن الأفعال الضارة للمحضون حسب ما إذا كان عند من أسندت له الحضانة أو ما إذا كان وقت إلحاقه ضرر بالغير رفقة أحد الوالدين الذي له حق الزيارة ، فبهذا الطرح يكون الأستاذ قد خالف حسب رأينا نص المادة 135 من القانون المدني وذلك بإعفاء الأب جزئيا من مسؤوليته عن أفعال إبنه المحضون وذلك إذا كان على قيد الحياة ، فإذا أسندت حضانة الطفل لأمه ومنح حق الزيارة للأب فإن هذا الأخير حسب الأستاذ عبد العزيز سعد مسؤول إلا عن الأفعال الضارة التي يلحقها إبنه المحضون رفقته أي متى كان معه، وهذا حسب رأينا قد جانب الصواب لأن نص المادة 135من القانون المدني جاءت واضحة ولاتقبل أي تفسير لأن التفسير يكون في حالة غموض النص فمدام الأب على قيد الحياة ورغم إنتفاء شرط المساكنة فإنه مسؤولا من الأفعال الضارة التي يلحقها إبنه المحضون بالغير ، ولاتنتقل هذه المسؤولية للأم الحاضنة إلا بعد وفاة الأب ، فإذا كانت الحضانة موكلة لشخص أخر غير الأب فإنه لايمكن إعتبار ذلك مانع لممارسته لولايته على طفله وبالتالي مراقبته ، والمسافة الفاصلة بين محل سكن المحضون ومحل إقامة وليه لايجب أن تتجاوز المسافة المقررة شرعا وفي هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 1986.09.22 (1) مفاده ” من المستقر فقها وقضاء أن بعد المسافة بين الحاضنة وصاحب الزيارة والرقابة على الأطفال المحضونين لايكون أكثر من ستة برود ” ، ومايؤكد على أن إسناد الحضانة لغير الأب أي الأم المحضون مثلا ومنح حق الزيارة للأب لايعتبر إعفاء هذا الأخير من مسؤوليته عن الأفعال الضارة التي يمكن أن يقوم بها إبنه المحضون قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 1995.11.21والذي نص على أنه ” أن الإقامة بالخارج سبب من أسباب سقوط الحضانة عنها وإسنادها للأب لأنه يتعذر على الأب الإشراف على أبنائه المقيمين مع الحاضنة بالخارج وكذا حق الزيارة لبعد المسافة ” (2)

(1) قرار المحكمة العليا بتاريخ 22/09/1986 ، ملف رقم 430594 ، نشرة القضاة ، العدد 44 .
(2) قرار المحكمة العيا بتاريخ 21/11/1995 ، ملف رقم 111048 ، نشرة القضاة ، العدد 52 .
إن قضاء الأحوال الشخصية عندما اعتبر الرقابة حق خالص للأب قد تأثر بفقهاء الشريعة الإسلامية عندما جعلوا ولاية الأب مستمرة رغم انتقال الطفل للعيش مع أمه بموجب حضانتها له ، وأقروا حق الأب أو الولي في الإطلاع الدائم والمستمر على حالة الطفل دون أي عانق أو حاجز .
حسب رأينا إن هذا الطرح صحيح لكن عندما لا تكون المسافة الفاصلة بين مكان إقامة الطفل المحضون وإقامة الأب كبيرة لتمكينه من الإطلاع على شؤونه وحالته ولو خارج أوقات الزيارة ، فهذه المهام هي مضمون السلطة الأبوية التي لايمكن للأب بأي حال من الأحوال أن يتنصل منها مادام على قيد الحياة وكامل الأهلية .

الفصل الثاني : أحكام الحضانة

بعد تطرقنا في الفصل الأول لمفهوم الحضانة والشروط الواجب توفرها في الشخص الذي ستسند إليه مهمة رعاية الطفل المحضون وتعرضنا لمكان ممارسة هذه الحضانة ، ومدى ارتباط الزيارة بالسلطة الأبوية ، سنتناول في هذا الفصل وكنتيجة حتمية لدراستنا إلى الأشخاص التي نص القانون على استحقاقهم لحق الحضانة ومدتها و إنتهائها و تمديـدها مع مـحاولة تحديد مفهوم ” مصلحة الطفل المحضون ”
و حالات سقوطها ومدى علاقتها بالنفقة .

المبحث الأول : أصحاب الحق في الحضانة

لقد جاء في نص المادة 64 من قانون الأسرة ” الأم أولى بحضانة ولدها ثم أمها ثم الخالة ثم الأب ، ثم أم الأب ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في كل ذلك وعلى القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة ” .
يلاحظ من خلال نص هذه المادة أن أصحاب الحق في الحضانة وفقا للقانون عديدو ن ولهم مراتب ودرجات محددة في الشريعة والقانون أيضا ، غير أن القانون ذكر بعضهم ورتبهم درجة فدرجة ثم ترك البعض الآخر دون ذكر صفاتهم ، ودون تحديد درجة قرابتهم من المحضون ، ولهذا سنحاول من خلال هذا المبحث وإستنادا إلى القانون وقواعد الشريعة الإسلامية أن نعطي توضيح شاملا لمستحقي الحضانة وذلك مع إحترام الترتيب الوارد في نص المادة 64 قانون أسرة ، بدءا بالأم ومن يليها ثم الإنتقال إلى جهة الأب ومن يليه ثم الأقربون درجة وأخيرا من يراه القاضي أصلح وذلك وفق مايلي :

المطلب الأول : الأم ومن يليها من أقاربها

لقد نص المشرع الجزائري على أن الأم هي صاحبة الحق في الحضانة في المادة 64من قانون الأسرة بقوله ” الأم أولى بحضانة ولدها …..… ” وهو النص الذي يستند إلى الحديث النبوي الشريف ، لما رواه عبد الله بن عمروا حيث جاءت إمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكي فعل زوجها الذي حرمها من حضانة إبنها فقالت ” يارسول الله إن إبني هذا كان بطني له وعاء وحجري هواء وثدي له سقاء وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني فقال صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق به مالم تنكحي ” (1)
وكذلك ماروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين فصل في النزاع الذي رفع إليه بين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومطلقته ، إذ كان عاص في حضانتها ولكن عمر أراد حرمانها منه فذهب إليها ومسك الغلام وأخذ يجذبه بين يدي أمه التي راحت تلتصق به هي الأخرى فتجاذباه حتى بكى فرفعا أمرهما إلى أبى بكر الذي قال في جمع من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب عمر بن الخطاب ” ريحها ومسها ومسحها خير له من الشهد والعسل عندك ياعمر ” (2)
فالأم لايسقط حقها إلا لأحد الأسباب القانونية فهي حقيقة أحب الناس إلى الطفل وأرحم من غيرها ولولا ذلك ماورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ” الجنة تحت أقدام الأمهات ” .
وروى في حديث أخر : ” سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ فقال ” أمك ” قال ثم من ” أمك ” قال ثم من قال ” أمك ” فقال ثم من ؟ فقال ” أبوك ” . وعليه فلا حق في حرمان المحضون من أقر بالناس إليه إلا بعد أن يتعذر ضمان ذلك الحق .
وقد توقفنا كثيرا عند الأم نظرا للأهمية ذلك من جهة ومن جهة أخرى فإن أغلب النزاعات المطروحة على العدالة تكون الأم فيها خصما في طلب الحضانة .
ثم تأتي النسوة التي هي قريبات الأم من بعدها لأنهن أرحم إلى المحضون ، فإذا سقطت الحضانة عن الأم لزواجها بأجنبي أو لأي سبب من الأسباب السقوط أو حتى لوفاتها ، تلتها في المرتبة من تدلي إليها بقرابة مباشرة ، وهي أمها لأنها أقرب وأكثر شفقة على المحضون من غيرها (3) وإذا كان المشرع في المادة 64

(1) أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم صححه .
(2) أفاده إين القيم .
(3) أنظر أحمد فراج حسين ، أحكام الأسرة في الإسلام ، الطلاق وحقوق الأولاد ونفقة الأقارب ، الإسكندرية ، منشأة المعارف 1997 ، ص 224 .
قد توقف عند أم الأم فحسب فإن فقهاء الشريعة الإسلامية ومنه بعض القوانين العربية (1) لم تتوقف عندها بل تتعداه إلى جدة الأم وجدة أمها تطبيقا للقاعدة ” أم الأم وإن علت ” .
والملاحظ هو أن نفس الشروط الواجب توفرها في الأم هي نفس الشروط الواجب توفرها في أم الأم بالإضافة إلى عدم إقامتها مع أم المحضون المتزوجة بأجنبي، وانتقال حضانة الطفل إلى جدته يكون بقرار من القاضي (2) ، بعد الجدة تأتي أخت الأم الشقيقة أما أم الأب تأتي مرتبتها في إستحقاق الحضانة بعد مرتبة أم الأم مباشرة وقد أخذ بذلك في نص المادة 64 من قانون الأسرة ، لأنه من المفروض أن تكون شفقة الخالة على الصبي من شفقة أمه وفي ذلك روى البراء بن عازب ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في إبنة حمزة لخالتها وقال ” الخالة أم ” وقد كان ذلك عندما إختصم علي وجعفر وزيد بن حارثة – رضي الله عنهم – في أيهم يحضن إبنة حمزة – رضي الله عنه – فأسلمها رسول الله لخالتها وهي زوجة جعفر .
وماتجدر الإشارة إليه هو أن الخالة الشقيقة تقدم على التي الأم والتي الأم على التي لأب فجانب الأمومة مفضل دائما على أن تتوفر في الخالة الشروط المحددة أنفا .

المطلب الثاني : الأب ومن يليه من أقاربه

لقد رتبت المادة 64 دائما أب المحضون بعد الخالة مباشرة وأن كانت أم الأب أسبق من الأب في إستحقاق الحضانة عند الإمامين مالك وأبو حنيفة ، وإن كانت الحضانة من حق الأب بعد الأم وقريبتها فعلى الأب أن يوفر للطفل من ترعاه من النساء كالخادمة أو أي إمرأة تكون أمينة عليه وتتولى رعايته خاصة إن كان الولد فطيما . (3)

(1) أنظر المادة 139 من القانون الكويتي .
(2) قرار المحكمة العليا ، ملف رقم 31997 بتاريخ 09/01/1984.
(3) قرار المحكمة العليا ، ملف رقم 50011 بتاريخ 20/06/1988 .
ثم تأتي مرتبة الجدة لأب بعد الأب حسب ترتيب قانون الأسرة ويبدوا أن المشرع تأثر بالمذهبين الحنبلي والشافعي اللذان يقدمان أم الأب على الأب خلافا للمذهبين المالكي والحنفي اللذان يقدمان أم الأب على الأب نفسه .
وكما تكون الحضانة لأم الأب ، تكون لأمها وجدتها عملا بقاعدة ” الأم وإن علت ” إذا توافرت فيهن الشروط ورغم المادة 64 توقفت عند الأم فحسب .

المطلب الثالث : الأقربون درجة

ما نلاحظه هو أن المادة 64 من قانون الأسرة جاءت بفئة ثالثة من مستحقي الحضانة وذلك بقولها ” … ثم الأقربون درجة…” دون ذكرهم أو تحديدهم ومن ثم نلجأ إلى نص المادة 222 من قانون الأسرة التي تحيلنا إلى قواعد الشريعة الإسلامية وذلك في حالة غموض أو غياب نص ما في أمر محدد وبالرجوع إلى كتب الفقه نجد الآراء تختلف في تحديد هؤلاء الأشخاص ، لكنهم متفقون على التصنيف التالي :

الفرع الأول : القريبات من المحارم
لقد إختلف المذاهب الأربعة في ترتيب هذه القريبات فالمذهب المالكي يرتب القريبات من المحارم إبتداء من الأخت وتقدم الشقيقة التي لأم وهذه الأخيرة على التي لأب ثم عمته أخت أبيه ثم عمه أبيه أخت جده ثم خالة أبيه ثم بنت الأخ الشقيق ثم الذي لأم وبعدها الذي لأب ثم بنت الأخت الشقيقة ثم التي لأم وتليها التي لأب (1) وإذا إجتمع هؤلاء يقدم منهن الأصلح للحضانة وبعضهم رجح بنات الأخ على بنات الأخت .(2)

(1) أنظر عبد الرحمان الصابوني ، شرح قانون أحوال الشخصية السوري ، الجزء الثاني ، المطبعة الجديدة ، دمشق،
ص 218 .
(2) أنظر الإمام محمد أبو زهرة ، المرجع السابق ، ص 406 .
أما المذهب الحنفي ، فيرتب القريبات الحاضنات بداية بأخوات المحضون ثم بنات الأخوات ثم الخالات على خلاف المذهب المالكي الذي يرتب الخالة بعد الأم ، ثم بنات الإخوة ، ثم عمات المحضون فخالات الأم ، ثم خالات الأب ثم عمات الأم فعمات الأب وتقدم دوما الشقيقة على التي لأم والتي لأم على الأخت لأب . (1)
أما المذهب الحنبلي فقد قدم الأم وأمهاتها والأب وأمهاته فالجد وأمهاتها ثم الأخوات بدءا بالشقيقة فالخالة فالعمة ثم خالات أمه ثم خالات أبيه ثم عمات أبيه ثم بنات أخواته ثم بنات إخوته ثم بنات أعمامه ثم بنات عماته ثم بنات أخواته ثم بنات أعمامه ثم بنات أعمام أمه ثم بنات أعمام أبيه (2) وأخيرا المذهب الشافعي الذي وكما هو متعارف عليه الأم أولى بحضانة إبنها ثم أم الأم وإن علت بشرط أن تكون وارثة ، أما عن القريبات من المحارم فهن الأخت ثم بنت العمة ثم بنت العم ثم بنت العم ثم بنت الخال وتقدم الشقيقات على غيرهن والتي لأب على التي لأم . (3)

الفرع الثاني : العصبات من المحارم من الرجال .
العاصب هو من يستحق التركة كلها عند إنفراده أو مابقي منها بعد أخذ أصحاب الفروض حقوقهم ، والعاصب إذا كان رجلا فلا يكون إلا عاصبا بنفسه وهذا حسب المادة 152 من قانون الأسرة التي نصت ” … كل ذكر ينتمي إلى الهالك بواسطة ذكر ” وقياسا على الميراث فإن حضانة الولد تعود لهؤلاء في حالة إستغراق كل الأشخاص السالف ذكرهم ، وقد حددت المادة 153 من قانون الأسرة هذا الصنف حسب أربع جهات أولها جهة البنوة ثم جهة الأبوة ثم جهة الأخوة وأخيرا جهة العمومة .
(1) أنظر الإمام أبو زهرة ، المرجع السابق ، ص 474 .
(2) أنظر الصابوني ، مرجع سابق ، ص 218 و219 .
(3) أنظر صابوني ، المرجع السابق ، ص 220 .
وبناء على ما تقدم فإن ترتيب هذه الفئة يكون بناء على ماجاءت به الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالميراث وولاية النكاح (1) .

الفرع الثالث : المحارم من الرجال غير العصبة
إذا لم يوجد من يقوم بحضانة المحضون من محارم أو العصبات من المحارم من الرجال أو لم يكن أهلا للقيام بممارسة الحضانة إنتقل هذا الحق إلى محارم المحضون من غير العصبة وهم على النحو الأتي الجد لأم ثم الأخ لأم ثم إبن الأخ لأم ثم العم لأم ثم الخال الشقيق فالخال لأب فالخال لأم (2) .

المطلب الرابع : من يراه القاضي أصلح للمحضون

إذا لم يوجد من يقوم بحضانة الطفل من الفئات التي سبق ذكرها ، وذلك لوجود مانع مادي كعدم قدرتهم على التكفل بالطفل المحضون أو لم يكونوا أهلا لذلك ، نص المشرع في المادة 64 من القانون الأسرة على أن للقاضي أن يختار من يراه أصلح لرعايــة المحضون ولو كان من الأقارب الذين ليست لهم حـق الحضانة مثل إبن العم (3)، فعلى القاضي في غموض نص المادة السالفة الذكر التي إكتفت بالنص على أن القاضي يختار من يراه أصلح لرعاية المحضون دون تحديدهم ولا ذكر مراتب إستحقاقهم أن يرجع إلى نص المادة 222 من قانون الأسرة والتي تحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية و أن يبحث في الكتب الفقهية وعلى إختلاف أنواعها في ترتيب الأشخاص المستحقين للحضانة من غير المذكورين في قانون الأسرة ، وذلك على إختلافهم ، وهذا ماسيؤدي حتما إلى تضارب الأحكام في هذا الشأن لعدم وجود ترتيب لهؤلاء المستحقين ولكن ذلك لن يكون له تأثير لأن القاضي سيراعي في كل الأحوال مصلحة الطفل العليا .

(1) أنظر أحمد فراج حسين ، المرجع السابق ، ص 219 .
(2) أنظر السيد سابق ، مرجع سابق ، ص 353 .
(3) أنظر الصابوني ، المرجع السابق ، ص 223 .

المبحث الثاني : انقضاء مدة الحضانة وتمديدها مع مراعاة مصلحة المحضون .

بعد تطرقنا في المبحث السابق إلى ترتيب مستحقي الحق في الحضانة حسب ما ورد في نص المادة 64 من قانون الأسرة الجزائري ، إرتئينا أن نتطرق في هذه المبحث إلى إنقضاء مدة هذه الحضانة، بالنسبة للمحضون سواء كان ذكر أم أنثى وذلك حسب ما ورد في نص المادة 65 من قانون الأسرة جزائري وإمكانية تمديدها للطفل المحضون وذلك في حالة ما إذا كان التمديد في صالحه ، إذ على القاضي عند الحكم بتمديد هذه الحضانة أن يراعى في كل الأحوال المصلحة العليا للطفل المحضون وفق ماسنوضحه بتطرقنا أولا إلى حالة إنقضاء مدة الحضانة ثم حالة تمديدها وأخيرا ربط حالة التمديد بمراعاة قاعدة مصلحة المحضون وفق مايلي :

المطلب الأول: إنقضاء مدة الحضانة

جاء نص المادة 65 من قانون الأسرة : ” تنقضي مدة الحضانة للذكر ببلوغه 10 سنوات والأنثى ببلوغها سن الزواج … ” .
من خلال نص المادة المذكورة أعلاه ، نلاحظ أن المشرع الجزائري قد حدد سن إنقضاء مدة الحضانة للذكر ببلوغه العشر سنوات ، ويفهم من ذلك أنه يحق لأحد الوالدين عند الحكم بطلاقهما أن يطالب بحضانة ولدهما إلا في حالة ماإذا كان سنه يقل عن العشر سنوات أما بالنسبة للأنثى فنصت المادة على أنه تنقضي حضانتها ببلوغها سن الزواج ، وبالرجوع إلى نص المادة 07 من قانون الأسرة فقد حدد المشرع الجزائري سن زواج المرأة بـ 18 سنة .
أما بالنسبة لفقهاء الشريعة الإسلامية فقد إختلفوا في تحديد مدة إنتهاء حضانة المحضون سواء كان ذكر أو أنثى ، فالإمام مالك يرى بأن حضانة الذكر تنتهي ببلوغه أما حضانة الأنثى فتنتهي بالدخول أي حتى إقترانها وليس ببلوغها سن الزواج كما هو منصوص عليه في قانون الأسرة جزائري، أما في الفقه الحنفي فقد حدد انقضاء حضانة الذكر ببلوغه سن السبع أو ثمانية سنوات أما بالنسبة للأنثى فتنقضي حضانتها ببلوغها سن التسع سنوات وهو حسب رأينا غير متطابق مع الواقع إذ أنه سواء كان الأمر يتعلق بالذكر أم بالأنثى فالسن المحدد بالنسبة لإنقضاء حضانتهما لا يتماشى مع حاجيتهما الماسة لمن يحضنهما ويتولى شؤونهما .
أما بالنسبة للفقه الحنبلي فيرى أن إنقضاء مدة الحضانة للصبي أي سواء كان ذكر أم أنثى هو نفسه وقد حدده بسن السبع سنوات أما الفقه الشافعي فيرى أنه إذا بلغ الصبي ذكر أم أنثى سن التمييز بينهما فتنقضي حضانتهما .
مايلاحظ من خلال ماسبق ذكره هو إختلاف المذاهب الأربعة في تحديد إنقضاء مدة الحضانة بالنسبة للمحضون سواء كان ذكر أم أنثى ، وبالرجوع إلى نص المادة 65من قانون الأسرة الجزائري ، نرى أن المشرع قدخالف المذاهب الأربعة في تحديده سن إنقضاء الحضانة بالنسبة للذكر أم الأنثى وذلك في سبيل مراعاة مصلحتهم العليا ، فالمشرع إجتهد في هذا المجال وذلك تماشيا مع الظروف التي يعيشها مجتمعنا وصعوبة الوضع الإجتماعي وحسب رأينا فإن ماذهب إليه المشرع الجزائري في هذه المادة هو الأقرب للصواب إذا ما أخذنا بعين الإعتبار إختلاف الزمان وتطور الظروف المعيشية وقساوة الحياة ، فمن غير المعقول أن تنقضي حضانة الطفل ببلوغه السبع سنوات سواء كان ذكر أم أنثى ، وخصوصا في حالة هذه الأخيرة أين تكون بأمس الحاجة إلى مصاحبة النساء ومعاشرتهن.

تمديد مدة الحضانة

جاء في الشطر الثاني من نص المادة 65 من قانون الأسرة ” … وللقاضي أن يمدد الحضانة بالنسبة للذكر إلى 16 سنة إذا كانت الحاضنة أما لم تتزوج ثانية ”
من خلال تحليلنا لنص هذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري أورد إستثناءا عن القاعدة التي تقضي بانتهاء مدة حضانة الذكر ببلوغه العشر سنوات ، إذ نص على أنه يجوز للقاضي أن يقضي بتمديد مدة حضانته من سن العشر سنوات إلى غاية بلوغه السادسة عشر سنة وذلك في حالة ما إنتهت المدة القانونية لحضانته وطلب الحاضن من هيئة المحكمة تمديد ها له وذلك في حالة توفر شرطين وهما :
الشرط الأول: أن يكون الحاضن طالب التمديد هو الأم نفسها .
الشرط الثاني : أن لا تكون الأم متزوجة ثانية مع رجل آخر ليس بمحرم للمحضون معنى ذلك أنه إذا قضت المحكمة حين فصلها في موضوع الطلاق بإسناد حضانة الطفل المحضون لأمه ، وكان سنه لا يتجاوز مثلا السبع سنوات ثم بلغ سن العشر (10) سنوات وبالتالي انتهت المدة القانونية المنصوص عليها في المادة 65 من قانون الأسرة ، جاز لها أن تطلب من هيئة المحكمة تمديد مدة هذه الحضانة وإبقاؤه عندها إلى أن يبلغ سن السادسة عشر من عمره ، أما في حالة عدم مطالبتها بتمديد مدة الحضانة فإنها تسقط منها كما سنوضحه حين تطرقنا إلى أسباب سقوط الحضانة .
والملاحظ من خلال نص المادة 65 من قانون الأسرة هو أن المشرع الجزائري قد أعطى الحق في المطالبة بتمديد مدة الحضانة إلا في حالة ما إذا كانت الحضانة قد أسندت لأم المحضون فقط وهذا حينما نص على أن “… إذا كانت الحاضنة لم تتزوج ثانية ” ولكن اشترط عليها في هذه الحالة عدم زواجها ثانية برجل ليس ذي محرم للمحضون .
كما يستخلص بمفهوم المخالفة من نص المادة 65المذكورة أعلاه أنه لا يجوز لا للأم ولا لغيرها طلب تمديد أجل حضانة الأنثى مطلقا .
وما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو أن السبب الذي خفض من أجله سن حضانة الذكر إلى أقل من الأنثى هو أن الذكر يفضل عدم عشرة النساء ويستغنى عن خدماتهن ابتداءا من سن الاحتلام ( المراهقة ) لأنه يأخذ في الركون إلى تقليد الرجال وتظهر عليه علامات الرجولة بينما الفتات على خلاف ذلك فكلما ازداد سنها كلما ازدادت حاجتها إلى عشرة النساء .
ما يلاحظ كذلك هو أن المشرع الجزائري أغفل عند ضبطه لموضوع الحضانة أن يتحدث عن وضعية المحضون بعد انقضاء مدة الحضانة وعموما بالرجوع إلى نص المادة 222 ق أسرة التي تحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية نجد أن أراء الفقهاء المسلمين جاءت مختلفة فمنهم من يقول بعودة المحضون إلى الأب بحكم الشرع وليس للمحضون حق الخيار بين أن يرجع إلى الأب أو إلى الأم ومنهم من يقول بأن المحضون مخير وله الحق في أن يلجأ إلى أي الوالد يستأنس إليه .

المطلب الثالث : مراعاة قاعدة مصلحة المحضون

إن مصلحة المحضون أو الطفل قاعدة فقهية يصعب إفراغها في مادة قانونية ، فهي قاعدة متعارف عليها رغم عدم تحديد محتواها ، والمشرع أخذ بها دون أن يحدد لها معنا عاما ومجردا .
فقاعدة مصلحة المحضون قاعدة ذاتية أي أنها تتعلق بكل طفل على حدى ، فالقاضي ينظر إلى الظروف الخاصة بكل طفل من حيث السن والحاجيات والمحيط الذي يترعرع فيه ، كما يجب أن ننظر إلى هذه القاعدة من حيث الزمان فتطور الحياة أدى إلى تطور متطلباتها وإلى تعقيدها أيضا .
وما يمكن قوله هو أن قاعدة مصلحة الطفل قاعدة مرنة ومطاطة تتأقلم مع الظروف الزمانية ، فهي تختلف من زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر وخاصة من طفل إلى آخر .
ويظهر أن المشرع الجزائري قد تأثر إلى حد بقاعدة مصلحة المحضون شأنه شأن القوانين الحديثةإلا انه لم يفتح الباب على مصرعيه كما فعلت بعض التشريعات العربية ، بل جعل القاعدة أداة يرجع إليها القاضي كلما رأى في ذلك ضررا للطفل ، ولذلك نص في المادة 65 من قانون الأسرة على الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المحضون في قبول أو عدم قبول طلب تمديد حضانة المحضون إذا كان ذكرا ، فالقاضي بذلك يعتبر الحامي الأول للطفل المحضون فإذا رأى انه بقبوله لطلب الحاضنة بتمديد حضانة طفلها ضررا له رفض ذلك الطلب ولكن وجب عليه أن يعلل سبب رفضه . (1)
فقاعدة مصلحة المحضون كما سبق وان ذكرنا هي قاعدة في نفس الوقت ذاتية تتعلق بكل طفل على حدى وهي كذلك قاعدة مرنة ومطاطة وبما أن المشرع لم يعطي تعريفا دقيقا لهذه القاعدة فهذا يفتح المجال لكل
قاضي أن يعبر عن هذه القاعدة حسب قناعته الفكرية وطريقته في التربية وحسب رأينا هذا ما سهل

(1) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ص 299 .
وسيسهل حتما عمل القضاة ، فبعدم تقيدهم بتعريف دقيق منحهم المشرع الجزائري حرية تقدير ظروف كل طفل على حدى وبحسب طريقة المعيشة وحسب المحيط الذي يمارسون فيه عملهم ، فمثلا حاجيات طفل في الصحراء تختلف عنها في المناطق الشمالية ، فقاعدة مصلحة المحضون تختلف من مكان إلى آخر ومن زمان إلى آخر .

المبحث الثالث : سقوط الحق في الحضانة وعودتها

لقد نص المشرع الجزائري في قانون الأسرة على أسباب سقوط الحضانة ونظمها في خمس مواد من المادة 66 إلى غاية المادة 70 منه ، ونص في المادة 71 عن عودة الحضانة بعد زوال سبب سقوطها ولهذا إرتأينا أن نتطرق لهذا الموضوع وفق ثلاث مطالب أساسية ففي المطلب الأول نتطرق إلى أسباب سقوط الحضانة ثم ننتقل في المطلب الثاني إلى عودة الحضانة وذلك في حالة زوال سبب سقوطها وفي المطلب الثالث إلى كيفية ممارسة دعوة إسقاط الحق في الحضانة وفق مايلي :

المطلب الأول : أسباب سقوط الحق في الحضانة

حق الحضانة لا يثبت بصفة مؤبدة لصاحبه وإنما هو أداء أو جبه القانون ، فإن قام به الحاضن كما نص عليه المشرع وإلتزم بشروطه بقي له هذا الحق إلى أن يبلغ المحضون السن القانوني المنصوص عليه في المادة 65من قانون الأسرة وإن أخل بالإلتزام من الإلتزامات المرمية على عاتقه أو فقد شرطا من شروط أهلية الحضانة وجب إسقاطها منه فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو ماهي أسباب سقوط الحق في الحضانة ؟
وإنطلاقا من ذلك فإن حق الحضانة يسقط بسبب من الأسباب التالية :

الفرع الأول : سقوط حق الحضانة بالتزويج بغير قريب محرم
لقد نصت المادة 66 من قانون الأسرة الجزائري ” يسقط حق الحضانة بالتزويج بغير قريب محرم. ويعني هذا أن كل زوجة وقع طلاقها من زوجها بحكم قضائي وأسندت لها حضانة أولادها منه يسقط حقها في هذه الحضانة وذلك بقوة القانون وهذا بمجرد زواجها أثناء قيام حق الحضانة مع شخص ليس له علاقة قرابة مع المحضون ، فإذا قام الأب ، أو غيره ممن لهم حق الحضانة المحضون من الأشخاص الذين ورد ذكرهم في المادة 64 من قانون الأسرة ، برفع دعوى أمام المحكمة لطلب إسقاط حق حضانة الأم فإن المحكمة ستستجيب حتما لطلبهم هذا وتقضي بإسقاط حقها في الحضانة وتمنحها إلى غيرها سواء الأب أو غيره ممن لهم الحق في ذلك وقام بطلبها .

الفرع الثاني : سقوط حق الحضانة بالتنازل
نصت المادة 66 من قانون الأسرة السالفة الذكر عن سبب أخر من أسباب سقوط الحق في الحضانة وذلك بنصها على أنه ” …. بالتنازل مالم يضر بذلك بمصلحة المحضون ” فقد أقر المشرع في نص هذه المادة على أن للحاضنة الحق في التنازل عن الحضانة لكن قيد هذا الحق بشرط أساسي وهو أن لا يضر ذلك التنازل بمصلحة المحضون فإذا كان ذلك التنازل في غير صالح المحضون رفض القاضي طلبها هذا مادامت تتوفر فيها الشروط القانونية والشرعية للحضانة ومادامت مصلحة المحضون متعلقة بها (1) وقد جاء في هذا الصدد عن المحكمة العليا ” أن تنازل الأم عن الحضانة لايعتبر نهائي لأن حضانة الأولاد من المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص التي يمكن الرجوع فيها إعتبارا لمصلحة المحضون … ” (2)
ففي حالة إسناد الحضانة إلي الأم أو الخالة أو الأب أو غيرهم ممن لهم الحق فيها ، وأثناء قترة قيام الحضانة جاء الحاضن أو الحاضنة أمام القاضي وطلب إسقاط حقه في تلك الحضانة فإن القاضي عند إصدار حكمه في القضية وجب أن يضع صوب عينيه دائما وأبدا مصلحة المحضون وان كان ذلك التنازل سيضر بمصلحته أم لا .

(1) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 298 .
(2) المحكمة العليا ، ملف رقم 235456 ، قرار بتاريخ 22/02/2000 .

الفرع الثالث : سقوط حق الحضانة بانتفاء أحد الشروط الواجب توفرها في الحاضن
لقد أورد المشرع في نص المادة 67 من قانون الأسرة على أنه ” تسقط الحضانة باختلال أحد الشروط المرعية شرعا في المادة 62أعلاه ، غير أنه يجب مراعاة مصلحة المحضون في الحكم المتعلق بالفقرة أعلاه “.
يستشف من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري أضاف حالة أخرى إذا توفرت سقط حق الحاضن أو الحاضنة في ممارسة حقها في رعاية المحضون ، وهذه الحالة المذكورة في نص المادة 67 السابقة الذكر تتعلق بتخلف أحد الشروط الواجب توفرها في الحاضن ليكون أهلا لممارسة حقه ، ومعنى هذا أن هذه الشروط كانت متوفرة فيه إذ أسندت له حضانة الطفل بموجب حكم قضائي، وبالتالي فالقاضي عند إسناد الحضانة لذلك الشخص قد رعى توفر كل الشروط الواجبة وأنه في نفس الوقت أخذ بعين الاعتبار مصلحة المحضون ، ولكن ثبت فيما بعد أن هذا الشخص قد عجز أو أهمل واجبه نحو المحضون بحيث يكون قد تركه دون رعاية ولا حماية ولا تعليم ولا تربية ، وفي هذا الصدد أقرت المحكمة العليا على وجوب توفر كل شروط الحضانة وتخلف أحدها يؤدي إلى إسقاط هذا الحق كتخلف شرط القدرة (1)
والجدير بالذكر أن طلب إسقاط حق الحاضن في الحضانة وجب أن يرد من طرف أحد مستحقيها من أصحاب الدرجات الأخرى ، فإذا قضت المحكمة بإسقاط حق الحضانة وجب أن تسندها إلي الشخص الذي رفع دعوى إسقاط الحضانة ، ولكن وجب في كل الأحوال على القاضي عند النطق بالحكم أن يراعي في كل الأحوال مصلحة المحضون .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو حالة ما إذا أسندت الحضانة لأم المحضون وكانت هذه الأخيرة عاملة أو موظفة، فما هو موقف القانون في هذه المسألة ؟ أي كيف يمكن لها أن تقوم بعملها وبرعاية المحضون في نفس الوقت ؟ إن قانون الأسرة قد أغفل أن يتحدث على هذه الحالة لكن هناك من

(1) المحكمة العليا ، ملف رقم 33921 ، قرار بتاريخ 09/07/1984 .
تطرق إلى هذه المسألة ومن بينهم الأستاذ عبد العزيز سعد الذي يرى ” أن الحاضنة العاملة أو الموظفة يجب أن تكون قادرة على أن توفر للمحضون كل عناصر الرعاية والتربية والحماية المنصوص عليها في المادة 62 من قانون الأسرة سواء بعملها المباشر أو بواسطة الغير ، و إذا عجزت عن ذلك فسوف تفقد حقها في الحضانة حتى ولو كانت لا تمارس أي وظيفة أو أي عمل مأجور ” .
وحسب رأينا فإن ما جاء به الأستاذ عبد العزيز سعد هو الأقرب إلي الصواب ، فصعوبة الحياة اليومية والظروف الإجتماعية القاسية قد تؤدي بالحاضنة إلى الخروج للعمل للحصول على مكسب رزق يمكنها من توفير ظروف معيشية أفضل للمحضون ، وقد تلجأ إلى تركه في دور من دور الحضانة لقضاء يوم كامل ولكن وجب عليها أن تحرس على أن يتم التكفل به على أحسن وجه وتوفير له الرعاية اللازمة إضافة إلى حراسته والتأكد من سلامته .

الفرع الرابع : سقوط حق الحضانة بالتقادم
جاء في نص المادة 68 من قانون الأسرة الجزائري أنه ” إذا لم يطلب الحضانة مستحقها لمدة تزيد عن سنة بدون عذر سقط حقه فيها ” ، ما يعاب على نص هذه المادة أنه لم يبين صفة مستحق الحضانة إذ وكما سبق ذكره والتطرق إليه في الميحث الأول من هذا الفصل فإن أصحاب الحق في الحضانة رتبهم المشرع الجزائري حسب درجة إستحقاقهم وذلك لتعددهم وهذا ما يضفي نوع من الغموض على هذا النص ، وحسب الأستاذ عبد العزيز سعد (1) فإنه في حالة ما إذا تخلى مستحق الحضانة بالأسبقية عنها ضمنيا ولم يطلبها في الوقت المناسب حتى مضى على ذلك مدة من الزمن تفوق السنة كاملة فإن حقه فيها سيسقط بقوة القانون ولا يطلب من القضاء إذا قدمت الدعوى إلى القضاء إلا أن يقر هذا السقوط بموجب حكم تصدره المحكمة المختصة ”

(1) عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 301 .
معنى ذلك إذا وقع طلاق بين الزوجين وبقي الأولاد عند والدهم دون أن تطلب أمهم أو من يليها كالخالة مثلا حضانتهم في مدة تزيد عن السنة فإنه لم يعد من حق الأم ولا من حق من يليها أن يطالبوا بحقهم في الحضانة أمام المحكمة ، وهذا ما ورد في الشريعة الإسلامية أي أنه من لم يطلب حقه في الحضانة لمدة تزيد عن عام بدون عذر سقط حقه فيها ، ويبقى الطفل المحضون عند أبيه وذلك حتى بلوغه السن القانوني لإنقضاء الحضانة ، أو سقوط الحضانة من الأب بسبب الوفاة مثلا أو سبب شرعي أخر .
كذلك إذا بلغ المحضون سن العاشرة يعتبر قد وصل إلى مرحلة تسمح للأب أو لغيره طلب إسقاط الحضانة ، مالم تتمسك بها الأم خلال سنة من تاريخ نهاية العشر سنوات فإذا إنتهت السنة الحادية عشر سقط حق الحاضن في الإحتفاظ بالمحضون وذلك لعدم مطالبته بتمديد مدة الحضانة كما سبق وأن تطرقنا
إليه في المبحث الثاني .

الفرع الخامس : سقوط حق الحضانة بالمساكنة
جاء في نص المادة 70 من قانون الأسرة : ” تسقط حضانة الجدة أو الخالة إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم ” .
من خلال تحليلنا لنص المادة 70 المذكورة أعلاه ، نستنتج أن هناك عدة عناصر وجب توفرها لتطبيق هذه المادة وللتقرير بسقوط حق الحضانة ، فأول هذه العناصر يتمثل في الأشخاص الموكل لهم بموجب حكم قضائي حضانة الطفل المحضون ويتعلق الأمر بكل من الجدة الأم والخالة أخت أم المحضون فإذا تخلف هذا العنصر أي صفة الحاضن لايمكن تطبيق هذه المادة ، أما العنصر الثاني فيتمثل في أن تأتي هذه الخالة أو الجدة إلى منزل الأم ومعها المحضون فتقيم معها في نفس المسكن إقامة مستمرة ودائمة ، لأنه لو جاءت زائرة أو لتقيم إقامة مؤقتة كقضاء عطلة الصيف مثلا ” أو كانت تسكن بجوار أم المحضون لما أمكن الإدعاء بسقوط حضانتها ، أما العنصر الثالث فمفاده أن تكون أم المحضون متزوجة وأن يكون زوجها شخص أجنبي عن المحضون أي لاعلاقة له به ولاتربطه به أي قرابة محرمية .فإذا توفرت كل هذه العناصر المذكورة أعلاه في نفس الوقت أي أن تكون الحاضنة الجدة أو الخالة وأن تنتقل للعيش مع أم المحضون وأن تكون هذه الأخيرة متزوجة بغير قريب محرم للمحضون فإن حق الخالة أو الجدة يسقط بقوة القانون، ويحق لمن تتوفر فيه الشروط الشرعية والقانونية من غيرهما أن يطلب من المحكمة الحكم بسقوط الحضانة على أية واحدة منهما وإسنادها إليه .
وحسب الأستاذ عبد العزيز سعد فإن المشرع الجزائري لم يبين قصده من حصر سقوط الحضانة بالمساكنة مع أم المحضون في الخالة أو الجدة لأم دون غيرهما ، ثم أنه سكت عن جعل هذا السبب نفسه كسبب من أسباب السقوط في الحالة العكسية وهي الحالة التي تكون فيها أم المحضون مطلقة من زوج ثاني أو متوفي عنها زوجها وتنتقل لسبب من الأسباب الإقتصادية أو الإجتماعية فتسكن مع أختها أو أمها التي تقوم بحضانة إبنها هي ، كما أن المشرع سكت عن الحالة التي يقضي فيها بالحضانة إلى أم الأب وتكون تسـكن في مسكن الأب نفسه سكنا دائما قبل الحكم بالحضانة وبعده (1)
ونحن نشاطر الأستاذ عبد العزيز سعد في هذا الطرح لأن المشرع بسكوته هذا أضحى نوع من الغموض على الأسباب والدوافع التي أخذ بها الحصر هذه المادة على الجدة والخالة لأم .

المطلب الثاني : عودة الحضانة إلى مستحقيها

لقد نصت المادة 71 من قانون الأسرة على أن ” يعود الحق في الحضانة إذا زال سبب سقوطه غير الإختياري ” ومع ذلك فإنه إذا كان لشخص الحق في الحضانة وسلب منه هذا الحق أو يسقط عنه لسبب من الأسباب القانونية كأن يكون غير قادر على ضمان تربية المحضون على دين أبيه أو غير قادر على رعايته وضمان حمايته ، والعناية بصحته وخلقه وتعليمه ، فإن حق الحضانة سيعود إليه إذا توفر لديه السبب الذي كان ينقصه والذي سلب منه حق الحضانة من أجله (2) .
من ذلك وجب علينا أن نميز بين حالتين ، الأولى تتمثل في سقوط حق الحضانة بسبب تطبيق قاعدة قانونية وليس لطالب الحضانة أي دور في سقوطها أي أن هذا السقوط سببه غير إختياري ، وهي الحالة

(1) و (2) أنظر عبد العزيز سعد ، نفس المرجع ، ص 302 و303 .
التي إذا زال فيها سبب سقوط الحضانة تمكن الحاضن من إسترجاع حقه في الحضانة ، أما الحالة الثانية للسقوط هي الحالة التي تسبب فيها مستحق الحضانة بتصرفه في ذلك ويعتبر تصرف إختياري ، وسنوضح هاتين الحالتين وفق مايلي :

الفرع الأول : سقوط حق الحضانة الغير إختياري .
والمقصود في هذه الحالة بالسقوط الغير الإختياري هو توفر أحد أسباب سقوط الحضانة المنصوص عليها في المواد 66 و ما يليها من قانون أسرة جزائري والتي أدت إلى إسقاط حق الحضانة ممن كانت موكلة له بموجب حكم قضائي ، وعليه فإذا كان حق الأم في حضانة ولدها يسقط عنها بسبب زواجها بشخص أجنبي عن المحضون فإن هذا الحق سيعود إليها حتما إذا هي طلقت أو توفي زوجها ولم تتزوج من شخص عن المحضون ، أو حالة ما إذا كانت الحضانة موكلة للخالة أو الجدة الأم وسكنت مع المحضون في السكن الذي تقطن به أم المحضون وكانت هذه الأخيرة متزوجة مع أجنبي عنه فإنها تكون بذلك قد خالفت قاعدة قانونية منصوص عليها في نص المادة 70 من قانون الأسرة الجزائري ، وتسقط منها الحضانة بموجب حكم قضائي ولن تعود إليها أي إما الجدة لأم أو الخالة إلا إذا إنتقلت مع المحضون إلى سكن مستقل عن أم المحضون وبعيدا عنها نوع ما ، منه يمكن القول أنه إذا كان السقوط غير إختياري فإنه يحق للحاضن إسترجاع حقه إذا زال سبب السقوط ، وفي هذا الصدد جاء في قرار المحكمة العليا أنه ” أن القضاء بسقوط الحضانة عن الطاعنة رغم زوال سبب السقوط ودون الود على الدفع المثار من طرفها فيما يخص طلاقها من غير قريب محرم رغم أن لها حق العــودة في المطالبة بالحضانة طبقا للمادة 71 من قانون أسرة مخالفة للقانون وقصور في التسبيب (1) ، وكذلك في قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 05/02/1990 جاء فيه ” من المقرر قانونا أنه يعود الحق في الحضانة إذا زال سبب سقوطها غير الإختياري ومن ثم فإن القضاة بما يخالف المبدأ يعد المخالفة للقانون ” (2).
(1) المحكمة العليا ، قرار رقم 252308 بتاريخ 21/11/2000 .
(2) المحكمة العليا ، قرار رقم 58812 بتاريخ 05/02/1990 .

الفرع الثاني : سقوط حق الحضانة بسبب تصرف مستحق الحضانة
في هذه الحالة سبب سقوط الحضانة كما سبق ذكره ناتج عن تصرف مستحق الحضانة وبناء على رغبته واختياره ، فإن حق الحضانة لن يعود إليه أبدا بعد سقوطه إذا كان مثل هذا السقوط مترتبا عن تنازله الصريح أو إهماله وذلك بعدم مطالبته بحقه في الحضانة ، ويعتبر ذلك تنازلا وفق المادة 68 من قانون الأسرة ، وعليه فإن الأم أو الخالة أو الأب أو غيرهم من مستحقي حق الحضانة لايمكن لأحدهم أن يستفيد من أحكام المادة 71 من قانون الأسرة أي عودة حقهم في الحضانة بعد زوال سبب السقوط إذا كان حقهم هذا قد سقط بسبب تنازلهم أو بسبب عدم المطالبة بذلك خلال المهلة القانونية المحددة بسنة ، باستثناء حالة إذا كان عدم المطالبة بحق الحضانة له مبرر شرعي ، وبالتالي فإنه لا يجوز لأحد بأي حال من الأحوال أن يطلب من المحكمة أن تعيد له حقه في الحضانة إذا كان قد قرر التراجع عن التنازل أو قرر أن يطلبها بعد منحها لغيره ، وفي هذا الصدد جاء في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 25/06/1984 أنه ” عدم الرد على الدفوع قصور في الأسباب متى كان من المقرر شرعا أن الحضانة تسقط على من كانت تجب له بمرور سنة كاملة دون المطالبة بها وكان من المقرر قانونا كذلك أن القرار الذي لا تكون أسبابه كافية لمواجهة من قدم من أدلة وأبدى من طلبات و دفوع في الدعوى فإن هذا القرار يكون مشوبا بالقصور في التسبيب ومخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية في مقتضياته إذا كان الثابت في قضية الحال أن الجدة لأم طالبت يإسناد الحضانة لها بعد مضي سنة كاملة من سبق إسنادها للأب مما يترتب عنه سقوط حقها في الحضانة فضلا عن كونها تسكن مع إبنتها أم البنت المحضونة فإن قضاة الموضوع بعدم ردهم على الدفوع التي تمسك بها الطاعن وخاصة فيما يتعلق بتاريخ القيام القضائي جرى على أنه لايقبل الطلب الذي يقدم بعد عام من تاريخ الفصل في الحضانة وبعد ردهم أيضا على دفع الأب الطاعن المتعلق بسكن الجدة مع إبنتها أم البنت المحضونة يشكل قصورا واضحا في التعليل ومتى كان ذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه تأسيسا على الوجه المثار في الطعن في هذا الشأن ” (1).
(1) قرار المحكمة العليا ، ملف رقم 33636 ، بتاريخ 25/06/1984 ، المجلة القضائية سنة1989، العدد 3
وتجدر الإشارة أنه مهما يكن من أمر فإن عودة حق الحضانة إلى من كان أهلا لها لا تكون إلا بموجب حكم من المحكمة .

المطلب الثالث : دعوى سقوط حق الحضانة

لقد تطرق المشرع الجزائري قي المادة 62 من قانون الأسرة إلى تعريف الحضانة وذلك عن طريق ذكر أهدافها ثم أضاف واشترط في الحاضن أن يكون أهلا لذلك ، أي أن يكون الحاضن سواء رجل أو إمرأة عاقلا ، راشدا و أمينا على خلق المحضون وسلوكه وتربيته على دين أبيه وأن يكون الحاضن قادرا على تأمين حاجيات المحضون المادية والمعنوية خاصة منها المتعلقة برعايته والحفاظ على سلامته والوقوف على مصالحه وقد سبق لنا أن تطرقنا إلى ذلك في الفصل الأول ، ثم إنتقل المشرع في نص المادة 66 من قانون أسرة وما يليها إلى التطرق إلى أسباب سقوط الحق الشخص الموكل له الحق في الحضانة بموجب حكم قضائي وقد سبق وأن اشرنا إلى ذلك في المطلب الأول من هذا المبحث .
وهذا ما يؤدي بنا إلى القول أن دعوى سقوط حق الحضانة عمن كانت قد أسندت إليه بموجب حكم قضائي يمكن رفعها من طرف أي شخص تتوفر فيه الشروط القانونية والشرعية لرفع هذه الدعوى، وترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها مكان ممارسة الحضانة ويكفي للشخص الذي يطالب بإسقاط حق الحضانة أن يستند إلى أحد الأسباب المذكورة في المادة 66 وما يليها من قانون الأسرة كزواج الحاضنة بأجنبي غير محرم للمحضون أو الاستيطان بالمحضون في بلد أجنبي أو كانت الحاضنة جدة أو خالة وسكنت مع أم المحضون المتزوجة بأجنبي إلى غير ذلك من الأسباب المحددة بموجب القانون ، أو يسند إلى انتفاء أحد الشروط الواجب توفرها في الحاضن كانحراف الحاضن أو فقد أهليته أو عدم القدرة على تكفل الحاضن بالمحضون وقد جاء في هذا الصدد في قرار المحكمة العليا على أنه ” من المقرر في الفقه الإسلامي وجوب توفر شروط الحضانة ومن بينها القدرة على حفظ المحضون ومن ثم فإن القضاء بتقرير ممارسة حق الحضانة دون توافر هذا الشرط يعد خرقا لقواعد الفقه الإسلامي ، ولما كان ثابت في قضية الحال أن الحاضنة فاقدة البصر وهي بذلك عاجزة عن القيام بشؤون أبنائها ومن ثم فإن قضاة الإستئناف بإسنادهم حضانة الأولاد لهما وهي على هذا الحالة حادوا على الصــواب وخالفوا القواعد الفقهية ” (1) .
ويشترط في طالب إسقاط حق الحضانة أن يطالب في نفس الوقت إسنادها إليه هو نفسه بعد أن يكون قد قدم للمحكمة أسباب سقوط الحضانة على غيره وشروط إسنادها إليه شخصيا حيث لا يجوز لأحد أن يطلب للمحكمة إسقاط الحضانة على الغير من أجل طلب الحكم بإسنادها إلى الغير (2) وذلك لأنه لا يحق له أن يعبر عن إرادة غيره أو يجبر غيره على ممارسة حق شخصي خالص ، ويجب على القاضي في كل الأحوال أن يراعى المصلحة الفضلى للطفل .

المبحث الرابع : نفقة المحضون وأجرة الرضاع

إن نفقة الولد واجبة على الأب كمبدأ عام ، ولا تسقط عنه إلا إذا أثبت أن لهذا الولد مالا يمكن أن ينفق منه على نفسه وذلك بقطع النظر عن كون الوالد موسرا أو معسرا طبقا لنص المادة 75 من قانون الأسرة التي تنص على أنه ” يجب نفقة الولد على الأب مالم يكن له مال ” ونجد نفس الحكم كذلك في نص المادة 72 من نفس القانون التي تنص على أن ” نفقة المحضون وسكناه من ماله إذا كان له مال وإلا فعلى والده ” ، وفي حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة ، وذلك وفق نص المادة 76 من نفس القانون التي نصت على انه ” في حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة على ذلك ” ويستشف من نص هذه المادة انه إذا كان الأب عاجز على الكسب وكان فقيرا فإنه يعتبر في حكم المعدوم وحينئذ يؤمر بها من تجب عليه نفقة الصغير بعد الأب وهي الأم ولها أن تعود على الأب أن ظهر يسره لأنه يعتبر مدينا لها بها . (3)

(1) المحكمة العليا ، ملف رقم 33921 ، قرار بتاريخ 09/07/1984 .
(2) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع سابق ، ص 370 .
(3) أنظر عبد العزيز سعد ، مرجع سابق ، ص 225
بعد أن وضحنا مدى أهمية النفقة وأحقية الصغير لها وجب علينا أن نتطرق أولا إلى شروط استحقاقها ثم إلى كيفية تقديرها وأخيرا مدة وجوبها وسقوطها وفق مايلي :

المطلب الأول : شروط إستحقاق النفقة

الطلاق يحدث نظاما جديدا تتحدد فيه علاقة الطفل بوالديه وتتضح فيه واجبات كل من الطرفين ، فإن كان للأم حضانة الطفل و ما يتعلق من إلتزامات معنوية ، فإن على الأب واجبات كذلك ومن بين هذه الواجبات النفقة على الطفل المحضون ، ولكن لإستحقاق هذه النفقة يشترط في المنفق والمنفق عليه شروط إرتئينا أن نوضحها فيما يلي :

الفرع الأول: أن يكون المحضون محتاجا
نصت المادة 72 من قانون الأسرة علي أن ” نفقة المحضون وسكناه من ماله إذا كان له مال ، وإلا فعلى والده أن يهيئ له سكنا وأن تعذر فعليه أجرته ” .
من خلال تحليلنا لنص المادة 72 السالفة الذكر نلاحظ أن المشرع قيد مسألة إنفاق الأب عن إبنه المحضون بعدم إمكانية هذا الأخير القيام بنفسه ماديا ، بمعنى عدم توفر لدى المحضون أموال تمكنه من التكفل بإحتياجاته ، فإذا كان لديه مال أعفي الأب من الإنفاق على إبنه (1) وهذا ماذهب إليه المشرع في نص المادة 75 من قانون الأسرة بقوله ” تجب نفقة الولد على الأب مالم يكن له مال ……. ”
فالشرط الأول إذن لإستحقاق النفقة هو عدم وجود لدى المحضون مال يمكنه من إقتناء حاجيته المادية وتوفير سكن له .

الفرع الثاني : أن يكون المنفق ميسورا
بمعنى أن يكون للأب مال يمكنه من التكفل باحتياجات المحضون اليومية وبمفهوم المخالفة ، إذا تعذر على الأب الإنفاق على المحضون وكان معسرا فهنا في هذه الحالة يعفى من هذا الإلتزام وينتقل إلى
(1) أنظر أحمد فراج حسين ، مرجع السابق ، ص 263
من تجب عليه نفقة الأولاد في حالة عجز الأب وهي الأم وذلك وفق ما نص عليه المشرع في نص المادة 76 من قانون الأسرة بقوله ” في حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة على ذلك” .
فإذا كان الأب عاجزا على الكسب وكان فقيرا فإنه يعتبر في حكم المعدوم وحينئذ يؤمر بها من تجب عليه نفقة الصغير من بعده وهي الأم ، ولكن لها أن تعود عليه إن ظهر يسره لأنه يعتبر مدنيا لها بها وذلك لأن مسؤولية الإنفاق على الأولاد تعود إليه بالدرجة الأولى . (1)

الفرع الثالث : أن يكون المنفق عليه غير قادر على الكسب .
نصت المادة 75 من قانون الأسرة ” تجب نفقة الولد على الأب مالم يكن له مال ، فبالنسبة للذكر إلى سن الرشد والإناث إلى الدخول وتستمر في حالة ما إذا كان الولد عاجزا لآفة عقلية أو بدنية أو مزاولا للدراسة وتسقط بالإستغناء عنها بالكسب .
يستشف من نص هذه المادة أن الوالد ملزما على الإنفاق على المحضون إذا كان ذكرا إلى غاية بلوغه سن الرشد وبالرجوع إلى نص المادة 40 من قانون المدني فإن سن الرشد محدد بـ 19 سنة ، وتستمر في حالة الذكر حتى إنهاء دراسته إذا كان يزاول دراسات عليا وذلك لعدم إمكانية مزاولة الدراسة والعمل لكسب القوت من جهة أخرى ، وتستمر أيضا في حالة ما إذا كان الولد عاجز لآفة عقلية وهنا يأخذ حكم عديم الأهلية أو ناقص الأهلية ، أو آفة بدنية وهنا يأخذ حكم المعوق ووجب التكفل به لعدم إمكانيته على القيام بشؤونه المادية .
أما بالنسبة للفتاة ، فقد نصت المادة المذكورة أعلاه على أنها تستحق النفقة إلى أن تتزوج ويدخل بها ، فإذا كانت حضانة الفتاة تسقط ببلوغها سن الزواج فإن نفقتها لا تسقط إلا إذا تزوجت ودخل بها ، فهذه الحالة الوحيدة التي تسقط فيها نفقتها وذلك لأن ذلك الإلتزام ينتقل من عاتق أبوها إلى زوجها ويلتزم بها هذا الأخير .
(1) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 225 .
أما إذا رجعنا إلى الفقه الإسلامي فنلاحظ أن المشرع الجزائري أخذ بما جاء به الإمام مالك وكذا الإمام أبو حنيفة ، إذا يرى الإمام مالك أن نفقة الطفل واجبة على الأب بالنسبة للذكر حتى يبلغ عاقلا قادرا على الكسب وبالنسبة للأنثى حتى يدخل بها زوجها .
أما الإمام الشافعي فيرى على أنه ” ينفق الأب على ولده حتى يبلغ المحيض والحلم ، ثم لا نفقة له عليه ويستوى في ذلك الذكر والأنثى ” .
أما في الفقه الحنبلي فإنه لم ينص على مدة معينة ، وإنما اقتصر على ذلك ” بقوله إن الولد الضعيف يلزم أباه الغني أن ينفق عليه ”

المطلب الثاني : تقدير النفقة

نصت المادة 79من قانون الأسرة: ” يراعي القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين وظروف المعاش ولا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم ” .
معنى ذلك أن المشرع قد منح القاضي سلطة تقديرية واسعة في مجال تقدير المبلغ المطلوب كأجر للنفقة ولم يقيده المشرع أو يلزمه بشيء إلا مراعاة حال كل واحد من الطرفين ، وقد ذهبت المحكمة العليا في هذا السياق حينما نصت على أنه ” من المقرر شرعا وقانونا أن تقدير النفقة يكون حسب وسع الزوج ” (1)
أي أن القاضي عندما يقدر النفقة يقدرها بحسب حال الزوج عند الحكم ، فإن كان فقيرا تكون النفقة تتماشى وظروفه المعيشية وإذا كان غنيا كانت النفقة حسب قدرته المعيشية كذلك (2) وللقاضي عنصرين أساسين لتقدير قيمة النفقة إذا أخذ بهما كانت مهمته سهلة فالعنصر الأول هو حال الزوج أثناء الحكم بالنفقة أما العنصر الثاني فهو الظروف المعيشية وعلى كل فإن النفقة الذي يحكم بها القاضي ويمنحها لطالبها لايقبل منه مراجعتها إلا بعد مرور سنة كاملة ابتداء من تاريخ تقريرها والحكم بها وهذا ما جاءت به المادة المذكورة أعلاه.
(1) المحكمة العليا ، قرار رقم 51715 الصادر بتاريخ 16/01/1989 ، المجلة القضائية ، سنة 1992 عدد 2 ص 55
(2) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 227 .

المطلب الثالث : تاريخ إستحقاق النفقة وسقوطها

من خلال هذا المطلب سوف نتطرق إلى تاريخ إستحقاق النفقة أي بداية سريانها ثم تنتقل إلى دراسة أسباب سقوطها سواء بقوة القانون أو لسبب أخر وفق ما يلي :

الفرع الأول : تاريخ إستحقاق النفقة
نصت المادة 80 من قانون الأسرة الجزائري على أنه ” تستحق النفقة من تاريخ رفع الدعوى وللقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رفع الدعوى ” .
يتبين من خلال دراسة نص هذه المادة أن قانون الأسرة قد وضع حدا لكل التعجيزات التي كانت تطرأ بشأن تاريخ بداية إستحقاق النفقة المطلوب الحكم بها ، فاليوم أصبح من الواجب على القاضي كقاعدة عامة ألا بحكم للزوجة بكل ولا بعض ما تستحقه وتطلبه من نفقة متراكمة عن مدة سابقة بل يجب عليه أن يحكم لها بما تستحقه هي أو أولادها الذين أخذتهم معها دون إرادة زوجها في حدود ما بعد رفع الدعوى، و ابتداءا من تاريخ تسجيلها في كتابة ضبط المحكمة إلى تاريخ صدور الحكم ، ولا يجوز للقاضي أن يحكم بنفقة لما قبل رفع الدعوى ولا لما بعد صدور الحكم إلا في حالة التي يتضمن فيها الحكم القاضي بالطلاق وإسناد حق الحضانة إلى المطلقة حيث يجوز في مثل هذا الحال الحكم بنفقة مستقبلية للأولاد كما يجوز للمحكمة أن تحكم بنفقة مؤقتة للزوجة أو للأولاد بموجب حكم تمهيدي أثناء إجراءات المرافعة والمحاكمة ثم تفصل فيها بصفة نهائية مع الفصل في موضوع النزاع .
لكن إستثناءا من هذه القاعدة العامة التي لا تسمح بإستحقاق النفقة إلا من تاريخ طلبها تبعا لرفع الدعوى بشأنها أمام القضاء ، فإن المادة 80 المذكورة أعلاه التي أقامت هذه القاعدة سمحت للقاضي بأن يحكم بالنفقة المتراكمة لعدة شهور سابقة إذا طلبتها الزوجة وإستحقتها شرعا ، وذلك عن مدة سنة واحدة فقط ترجع إلى ما قبل رفع الدعوى من أجل طلب النفقة وليس من أجل سبب أخر ، ولا يجوز للقاضي أن يحكم بالنفقة لمدة تتجاوز السنة وإلا اعتبر حكمه مخالف للقانون (1)
(1) أنظر عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 229

الفرع الثاني : سقوط حق النفقة .
لقد نصت المادة75 من قانون الأسرة على أنه ” تجب نفقة الولد على أبيه مالم يكن له مال” ومعنى هذا النص هو أنه إذا أصبح للولد سواء ذكر أو أنثى مال عن طريق هبة أو غيرها ، وكانت هذه الأموال كافية وحدها لتوفير حاجياته ومتطلباته فإن حقه في النفقة من مال أبيه يسقط ، ويصبح من واجبه هو أن ينفق على نفسه من المال الذي دخل في ذمته ، ولقد جاء كذلك في نص نفس المادة 75 قانون الأسرة على وجوب إستمرار حق النفقة إلى غاية بلوغ الذكر سن الرشد وبلوغ الفتاة سن الزواج والدخول بها ، بإعتبار أن حق الأولاد في النفقة من مال أبائهم لايمكن أن يستمر إلى مالا نهاية له ، بل يجب أن يقف هذا الحق عند حد معين من عمر الولد .
وتطبيقا لنص هذه المادة فإن الولد الذي يبلغ سن الرشد وهو 19 سنة ، ويكون قادرا على الكسب وغير مريض ولا مزاول للتعليم يسقط حقه في النفقة من مال أبيه ، وكذلك الحال بالنسبة إلى البنت التي تتزوج حيث يسقط حقها في النفقة من مال أبيها وينتقل إلى مال زوجها من يوم زفافها والدخول بها إلى بيت الزوجية .
وإذا ظل الأب ينفق على أولاده بعد بلوغهم سن الرشد ، أو بعد تزوج البنات منهم رغم إنقضاء حقهم فيها فإن ذلك يعتبر تبرأ منه ، ولا يجوز له الرجوع عليهم بما كان قد انفقه وتبرع به .

المطلب الرابع : أجرة الرضاع

بتفحصنا لقانون الأسرة الجزائري نجد أنه لم ينص على أجرة الرضاع ، وعليه وطبقا لنص المادة 222 من قانون الأسرة التي تنص على أنه” كل مالم يرد النص عليه في النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية ” ، وفي هذا الصدد نجد قوله سبحانه وتعالى ” والوالدات يرضعن أولادهن حوليــن كاملين ” (1) وقال أيضا ” فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن …. ” (2)
(1) الآية 223 من سورة البقرة .
(2) الآية 6 من سورة الطلاق .
وعليه واستناد إلى ما جاءت به هاتين الآتيتين الكريمتين إذا ما حدث وطلبت الأم بأجرة الرضاع فإن القاضي عليه أن يستجيب لطلبها هذا ا حتى وإن لم ينص المشرع صراحتا في قانون الأسرة على ذلك ويستند في ذلك إلى نص المادة 222 من قانون الأسرة ، وعند الحكم لها بأجرة الرضاع يكون ذلك لمدة سنتين فقط وذلك طبقا للآية الكريمة ، أما بعد تجاوز الطفل الحولين فإن أجرة الرضاع تسقط .
وحسب رأينا وبالقياس على النفقة فإن أجرة الرضاع تكون من مال الصبي إذا كان له مال ، وإلا فمن مال الأب إذا كان موسرا أما إذا كان معسرا فيجب على الأم إرضاعه مجانا .

الخاتمــــــة :

في ختام دراستنا لموضوع الحضانة ومحاولة الإلمام بكل جوانبه، يتضح لنا جليا انه رغم المجهودات المبذولة من طرف المشرع الجزائري لضبط كل الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع الحساس وجود بعض الثغرات ، فالمشرع الجزائري لم يضبط تعريف للحضانة واكتفى بذكر أهدافها وهذا ماأدى بنا إلى اللجوء إلى التعاريف الواردة في الكتب الفقهية ، أضف إلى ذلك أن المشرع لم ينص على خصائص الحضانة و لا على الشروط الواجب توفرها في الشخص الذي ستسند إليه حضانة الأولاد مكتفيا بالنص في المادة 62 فقرة 02 من قانون الأسرة على ” …. ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا لذلك ” . فحسب رأينا كان من الأجدر عليه أن يخصص مادة لتناول تلك الشروط خاصة وأنه كما سبق ذكره أن الموضوع يتعلق بمصير أطفال قد لا يتعدى أعمارهم بضعة سنوات .
كذلك قيد المشرع تطبيق تقريبا كل المواد المتعلقة بالحضانة بمبدأ مصلحة الطفل ولكنه لم يعطي مفهوما لهذا المبدأ وترك ذلك لتقدير القاضي الفاصل في النزاع ، وهذا ما قد يؤدي إلى وجود عدة تأويلات فكل قاضي له مفهومه الخاص ، فكان من الأجدر عليه ضبط مفهوم لهذا المبدأ وذلك لتفادي التطبيق الخطأ له والناجم عن التفسير الشخصي ، خصوصا وأن القاضي مقيد به .
و ما لفت إنتباهنا كذلك هو أن سن إنقضاء الحضانة بالنسبة للذكر والمحدد بـ 10 سنوات غير كافي حتى وأن منح المشرع حق تمديد هذا هذا السن إلى 16 سنة في حالة ما إذا كان الحاضن هو أم المحضون ولم تتزوج ثانية ، فالسن غير كاف وأضف إلى ذلك قيد هذا الحق بأم المحضون فقط ، فما هو الحال إذا أسندت الحضانة إلى غير أم المحضون ؟
فحسب رأينا على المشرع الرفع من السن الإنقضاء أو أن لا يقيد حق التمديد بأم المحضون فقط وذلك لتفادي الأضرار بالطفل الذي يكون قد تعود على العيش مع الحاضن .
و ما يلاحظ كذلك بالنسبة إلى هذه المسألة هو أن المشرع لم ينضم الحالة التي تنقضي فيها حضانة الذكر ، فما مصير هذا الطفل بعد بلوغه سن 10 سنوات أو 16 سنة إذا كانت الأم هي الحاضنة وطلب الأب مثلا أخذ الطفل للعيش معه ، فما هي الإجراءات الواجب إتباعها في هذه الحالة ؟ وهل يبقى الطفل مع الحاضن أو ينتقل للعيش مع أبيه أو أمه في حالة ما إذا كانت الحضانة مسندة لغير الأم ؟ .
فمن الواجب على المشرع تدارك هذا الفراغ ، إما بضبط قواعد لهذه المسألة أو تمديد سن الحضانة للذكر إلى حين بلوغه سن 19 سنة أي سن الرشد المدني وذلك هو الأجدر حسب رأينا .
أما فيما يتعلق بمسألة مسكن الطفل المحضون أي المكان الذي تمارس فيه الحضانة إذا كان الأمر يتعلق بأم المحضون نرى أن ما جاءت به المادة 52 من قانون الأسرة في فقرتها الثانية حين نصت على أنه ” …….. وإذا كانت حاضنة ولم يكن لها ولي يقبل إيوائها يضمن حقها في السكن مع محضونيها حسب وسع الزوج ” مجحف في حق الأم الحاضنة وذلك لأنه يستشف من نص هذه المادة أنه لو تعلق الأمر بمحضون واحد سقط حق الحاضنة في الإستفادة من مسكن ، وهذا يعد غير منطقي ، فمن جهة المشرع يقيد المواد المتعلقة بالحضانة بمبدأ مصلحة المحضون ومن جهة أخرى يعرض هذا الطفل المحضون إذا كان وحيدا إلى التشرد وذلك بالنص على لفظ ” محضونيها ” مما يدل على ” أكثر من واحد ” وهذا ما ذهبت إليه القرارات الصادرة عن المحكمة العليا أي إستحقاق الأم الحاضنة لسكن الزوجية أو أجرة مسكن لممارسة الحضانة إلا إذا كان لديها أكثر من محضون ، هذا مايؤدي بنا إلى إقتراح تغيير المصطلح الوارد في نص المادة 52 فقرة 02من قانون الأسرة ” محضونيها ” والدال على التعدد إلى مصطلح ” محضونها ” وذلك لتفادي تعرض صبي قد لايتعدى البضعة أشهر مع أمه إلى التشرد وذلك تطبيقا لمبدأ مصلحة المحضون ومراعاة لها .
وأخيرا ، ومن خلال دراستنا هذه نلاحظ أنه على المشرع إعطاء أكبر أهمية لموضوع الحضانة وذلك إما بإعادة النظر في المواد المنظمة له وتدارك الثغرات الموجودة فيه ، وإما بتخصيص مواد إضافية لضبط النقائص المتواجدة في هذا الباب وتحديد التزامات الحاضنة وأب المحضون بدقة وهذا ما يعني إعطاء أكبر أهمية وعناية لهذه المسألة الحساسة .

الفهرس
المقدمة:…………………………………………………………………………………..01
الفصل الأول : مفهوم الحضانة …………………….…………………………03
المبحث الأول : تعريف الحضانة وخصائصها …………………..……………….03
المطلب الأول : تعريف الحضانة……………………………………………….03
الفرع الأول : فقها ………………….……………………………………….03
الفرع الثاني : في قانون الأسرة …………………………………….………..04
المطلب الثاني : خصائص الحضانة ……………………………………………05
الفرع الأول : الحضانة من نظام العام…………………………………….…… 06
الفرع الثاني : الحضانة لا تلزم الحاضنة…………………….………………… 06
الفرع الثالث : الحضانة حق مشترك……………………………………………07
المبحث الثاني : شروط ممارسة الحضانة…..…….…………………….………08
المطلب الأول : الشروط الوارد ذكرها في قانون الأسرة الجزائري ……………….…08
الفرع الأول : عدم زواج الحاضنة بغير قريب محرم للمحضون ……………………08
الفرع الثاني : عدم الإستيطان بالمحضون في بلد أجنبي ………………………….09
المطلب الثاني : الشروط المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية……..……….. …..10
الفرع الأول : البلوغ والعقل ………………………………………………….10
الفرع الثاني : القدرة والأمانة ………………………………………………..11
الفرع الثالث : إتحاد الدين ………………………………………………..….11
المبحث الثالث : مكان ممارسة الحضانة …………………………………….…12
المطلب الأول : مقر الحضانة …………………………………………………12
المطلب الثاني : حق الزيارة …………………………..………….………….14
المطلب الثالث : مدى إرتباط حق الزيارة بالسلطة الأبوية ………….……………..16
الفصل الثاني : أحكام الحضانة ………………………………………………..19
المبحث الأول : أصحاب الحق في الحضانة ………………………..……………19
المطلب الأول : الأم ومن يليها من قريبتها ……………………………………..19
المطلب الثاني : الأب ومن يليه من أقاربه …………………………………..….21
المطلب الثالث : الأقربون درجة ………………………………………..……..22
الفرع الأول : القربات من المحارم……………………………………………….22
الفرع الثاني: العصبات من المحارم من الرجال…………………………………….23
الفرع الثالث : المحارم من الرجال غير العصبة …………………………………..24
المطلب الرابع : من يراه القاضي أصلح للمحضون ………………………………24
المبحث الثاني : إنقضاء مدة الحضانة وتمديدها مع مراعاة مصلحة المحضون ………25
المطلب الأول : إنقضاء مدة الحضانة ………………………………………….25
المطلب الثاني : تمديد مدة الحضانة ………………………………..…………26
المطلب الثالث : مراعاة قاعدة مصلحة المحضون ……………………..………..28
المبحث الثالث : سقوط الحق في الحضانة وعودتها ……………………….……29
المطلب الأول : أسباب سقوط الحق في الحضانة ………………………………..29
الفرع الأول : سقوط حق الحضانة بالتزويج بغير قريب محرم ……………….….29
الفرع الثانى : سقوط حق الحضانة بالتنازل …………………………………….30
الفرع الثالث : سقوط حق الحضانة بإنتفاء أحد الشروط الواجب توفرها في الحاضن …31
الفرع الرابع : سقوط حق الحضانة بالتقادم ………………………….…………32
الفرع الخامس : سقوط حق الحضانة بالمساكنة ………………………..………33
المطلب الثاني : عودة الحضانة إلى مستحقيها …………………………………..34
الفرع الأول: سفوط حق الحضانة الغير إختياري………………………………….35
الفرع الثاني : سقوط حق الحضانة بسبب تصرف مستحق الحضانة…………………36
المطلب الثالث : دعوى سقوط حق في الحضانة …………………….…………..37
المبحث الرابع : نفقة المحضون وأجرة الرضاع …………………………………38
المطلب الأول : شروط إستحقاق النفقة ………………………………………..39
الفرع الأول : أن يكون المحضون محتاجا ………………………………….…..39
الفرع الثاني : أن يكون المنفق ميسورا ………………………………..………39
الفرع الثالث : أن يكون المنفوق عليه غير قادر على الكسب …………………..…40
المطلب الثاني : تقدير النفقة ………..……………………………………….41
المطلب الثالث : مدة النفقة وسقوطها ……………………………………..…..42
الفرع الأول : تاريخ إستحقاق النفقة……………………………………………..42
الفرع الثاني: سقوط حق النفقة …………………………………………………43
المطلب الرابع : أجرة الرضاع ………………………………………………..43
الخاتمة .…………………………………………………………………..45

قائمة المراجع

المؤلفات:
 الشيخ محمد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، دار الفكر العربي ، طبعة 1950 .
 الصابوني عبد الرحمان ، شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ، الجزء الثاني ، الطبعة الخامسة، المطبعة الجديدة ، دمشق .
 العربي بلحاج ، مبادئ الإجتهاد القضائي وفقا لقرارات المحكمة العليا ، ديوان المطبوعات الجامعية.
 العربي بلحاج ، الوجيز في قانون الأسرة الجزائري، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر 1994
 أحمد فراج حسين ، أحكام الأسرة في الإسلام ، الطلاق وحقوق الأولاد ونفقة الأقارب، الإسكندرية، منشأة المعارف 1997 .
 السيد سابق ، فقه السنة ، مجلد ثاني ، دار الفكر 1977 ( الطبعة الأولى ) .
 عبد العزيز سعد ، الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، طبعة ثالثة ، دار هومة .
 الدكتور مروك نصر الدين ، قانون الأسرة بين النظرية والتطبيق ، دار الهلال للخدمات الإجتماعية

المذكرات
 حسيني عزيزة، الحضانة في قانون الأسرة، قضاء الأحوال الشخصية و الفقه الإسلامي، مذكرة ماجستير، جامعة الجزائر سنة 2000م

المجلات القضائية
 المجلة القضائية عدد 03 سنة 1993
 نشرة القضاء العدد 44 .
 المجلة القضائية العدد 03 سنة 1989
 المجلة القضائية العدد 02 سنة 1997
 نشرة القضاء العدد 52
 المجلة القضائية العدد 03 السنة 1991 م

القوانين
 أمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان 1395 الموافق لـ 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني .
 قانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 رمضان 1404 الموافق لـ 09 يوليو 1984 المتضمن قانون الأسرة.
قائمة الملاحق

 حكم رقم 362/2003 صادر عن محكمة سكيكدة، يتعلق برفع مبلغ النفقة المقررة للأطفال المحضونين
 حكم رقم 137/2003 صادر عن محكمة سكيكدة، يتعلق بإسقاط حق الحضانة عن الأب وإسنادها إلى أم المحضون .
 حكم رقم 128/2003 صادر عن محكمة سكيكدة، يتعلق بمنح مسكن الزوجية للأم الحاضنة لممارسة الحضانة قانونا وإلزام الأب بدفع بدل إيجار المسكن المخصص لممارسة الحضانة .
 حكم رقم 232/2002 صادر عن محكمة سكيكدة، يتعلق بتحديد أوقات حق الزيارة الممنوحة أم البنت المحضون مع إسناد الحضانة للأب .
 حكم رقم 213/2002 صادر عن محكمة سكيكدة، يتعلق بمنح حق الزيارة وتحديد أوقاتها لأب البنت المحضونة .
 رخصة خروج من التراب الوطني صادر عن رئيس محكمة بئر مراد رايس ممنوحة للبنت المحضونة للسماح لها بالخروج من التراب الوطني .
 حكم رقم 1095/2003 صادر عن محكمة بئر مراد رايس، يتضمن إسقاط حق الحضانة عن الأم الحاضنة وإسنادها إلى الأب المحضون .
 حكم رقم 374/2003 صادر عن محكمة بئر مراد رايس، يتضمن منح حق الحضانة لأم و منح حق الزيارة للأب مع تحديد أوقاتها.