تزوير المحررات

تعريف التزوير:
التزوير هو تغيير الحقيقة في بيان جوهري في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها القانونن بشكل يحتمل أن يسبب ضررا مع نية استعمال المحرر فيما زور من أجله.

من التعريف السابق يتضح أن التزوير كجريمة يتوافر بالشروط التالية:

(أ‌) شرط المحرر
(ب‌) شرط البيان الجوهري

(أ‌)تغيير الحقيقة
(ب‌)بإحدى الطرق التي نص عليها القانون
(ت‌)احتمال الضرر

(أ‌) قصد جنائي عام
(ب‌)قصد جنائي خاص

الشرطان المفترضان في جريمة التزوير

شرط المحرر

يتعين أن يرد التزوير على محرر، فإذا لم يكن المستند محل التغيير محررا فإن جريمة التزوير لا تتوافر.

تعريف المحرر:
المحرر هو مجموعة من الكلمات والأرقام أو الكلمات فقط يترتب عليها أثر قانوني. فلا يصحح أن يكون المحرر مكونا من أرقام فقط، كما هو الحال بالنسبة لعدادات الكهرباء أو السيارات مثلا. كما أن أرقام شاسيهات السيارات.

ولا يعد من قبيل المحررات شرائط الكاسيت أو شرائط الفيديو أو اسطوانات الكمبيوتر، فهي ليست محررات ولا تسري عليها أحكام عليها التزوير، ولكن تغيير الحقيقية فيما يكتب عليها من بيانات يمكن أن تسري عليها أحكام حق المؤلف وليس جريمة التزوير.

ولا تعتبر الكتب والمؤلفات محررات وبالتالي فإن من يغير اسم صاحب المؤلف ويكتب اسمه مكانه لا يرتكب جريمة التزوير بل يخالف حق المؤلف الذي تعاقب عليه بعض التشريعات.

على العكس من ذلك يعتبر وصل الأمانة والكمبيالة والشيك من المحررات العرفية لأنها لا تصدر من موظف عام. أما شهادات التخرج في الجامعة وشهادة الراتب الصادرة من جهة عامة من المحررات الرسمية. كما تعتبر جوازات السفر وتأشيرات الإقامة من المحررات الرسمية.

شرط البيان الجوهري

لا تقع جريمة التزوير إذا ورد التغيير على بيان ثانوي في المحرر؛ فيجب أن يكون التزوير واقعا على بيان جوهري حتى تقع جريمة التزوير. فليس كل تغيير في المحرر تزويرا.

المقصود بالبيان الجوهري:

لا يقع التزوير إذا ورد التغيير على بيان ثانوي؛ لذا يجب أن يرد التزوير على بيان جوهري. فما هو البيان الجوهري؟

يعتبر البيان جوهريا في حالة توافر أي من المعايير التالية:

المعيار الأول: معيار الإثبات
إذا كان المحرر معدا لإثبات بيان معين، فإن هذا البيان يعتبر جوهريا؛ فجواز السفر معدد لإثبات الاسم والجنسية والسن، وكذلك البطاقة الشخصية. وشهادة الميلاد معدة لإثبات واقعة ميلاد طفل أو طفلة باسم معين من أب وأم معينين في مكان معين وفي تاريخ معين. وشهادة الجنسية كذلك معدة لإثبات اسم معين له جنسية معينة. وشهادة الراتب معدة لإثبات أن شخصا معينا يتقاضى راتبا معينا من جهة معينة وليست معدة لإثبات الجنسية.

وقد اتسع هذا المعيار لكي لا يقتصر على البيانات التي أعد المحرر عند إنشائه لكي يثبت بيان معين بل امتد ليشمل غيره من البيانات التي يمكن التمسك بالمحرر لإثباتها. فالخطاب العاطفي ليس معدا لإثبات مشاعر معينة ولكنه يمكن أن يتم التمسك به في إثبات علاقة معينة بين اثنين؛ لذا فإن كتابة خطاب عاطفي باسم غير صحيح وإرساله من شخص إلى فتاة يعتبر تزوير في بيان اسم الراسل.

وعلى العكس من ذلك فإن بيان فصيلة الدم في البطاقة الشخصية هو لم يعد المحرر لإثباته، وبالتالي فإنه بيان ثانوي لا يقع التزوير بالتغيير فيه.

المعيار الثاني: توليد عقيدة مخالفة
إذا كان البيان من شأنه أن يولد عقيدة مخالفة للواقع عند من يطلع عليه،فإنه يعتبر جوهريا.. من ذلك أن من يطلع على البيانات السابقة في البطاقة الشخصية أو جواز السفر يصدق تلك البيانات حتى وإن كانت مخالفة للواقع لأنها مزورة. فمن يطلع على محرر عقد الزواج يصدق أن اسم رجل معين متزوج من امرأة معينة في تاريخ معين ويصدق أن المرِأة خالية من الموانع الشرعية. فإذا اتضح أن المرأة لا تزال في عصمة رجل آخر أو أنها كانت مطلقة في عدة زوجها ولم تنقض تلك العدة، فإن العقد يعتبر مزورا. ومن يطلع على بطاقة شخص أو جواز سفرة يصدق بيان أنه “مسلم” أو “مسيحي” كما هو مدون فيه، فإذا اتضح أنه غير ذلك فإنه يعتبر مزورا في خصوص هذا البيان.

أما بيان أن الزوجة “بكر” فإن المطلع على عقد الزواج لا يصدق بالضرورة أنها بكر، لأن الشخص العادي لا يصدق بالضرورة مثل هذا البيان في العقد.
كذلك فإن البيان الخاص بمهنة الزوج والمدون في عقد الزواج لا يعتبر بيانا جوهريا، بل هوو بيان ثانوي لا يقع بالكذب فيه التزوير.

المعيار الثالث: معيار الأثر القانوني

إذا كان النظام يرتب أثرا معينا على بيان معين، فإن هذا البيان يعد جوهريا. ففي عقد الزواج البيان الخاص بمؤخر الصداق يولد التزام معين على الزوج، وحقوق معينة للزوجة، وبالتالي فإنه يعد جوهريا يقع بالكذب فيه التزوير كما لو كان الاتفاق بين الزوج والولي على أن يكون مؤخر الصداق مبلغا معينا ولكن الولي اتفق مع المأذون على كتابة رقم أكبر عن المتفق عليه.

الركن المادي في جريمة تزوير المحررات

يتكون الركن المادي في تزوير المحررات من نشاط ؛ فهي جريمة نشاط، أي جريمة خطر، فلا يلزم لوقوعها تحقق ضرر معين.
ويتشكل هذا النشاط في التزوير من العناصر التالية:

تغيير الحقيقة
– بإحدى الطرق التي نص عليها القانون: تزوير مادي أو تزوير معنوي
– احتمال الضرر، فلا يشترط أن يتحقق الضرر، بل يكفي أن يكون تحقق الضرر محتملا.

تغيير الحقيقة

المقصود بتغيير الحقيقة:

لا تقع جريمة التزوير بدون تغيير الحقيقة. فإذا قام شخص بتصحيح اسم تمت كتابته خطأ فإن هذا التصحيح لا يعتبر تزويرا وإن كان هذا يجعل المحرر غير موثوق به. فليس كل تغيير في المحرر تزويرا.

والحقيقة قد تكون مطلقة وقد تكون اتفاقية. ويقصد بالحقيقة المطلقة الحقيقة على أرض الواقع، وتجب أن تعبر المحررات الرسمية عن الحقيقة المطلقة. فإذا صدرت شهادة بكالوريس بتقدير معين فإن كل البيانات يجب أن تكون دقيقة من اسم صاحبها وتقديره.

على خلاف ذلك فإن الحقيقة الاتفاقية هي تلك التي اتفق عليها الطرفان. فإذا اتفق والد العروس مع الزوج عند عقد القران أن يكون مؤخر الصداق مبلغ معين، فإن المأذون يجب أن يكتب هذا المبلغ كما تم الاتفاق عليه. ويرجع السبب في الاختلاف بين الحقيقة المطلقة والحقيقة الاتفاقية أن هذا النوع الأخير من الحقيقة متروك لاتفاق الطرفين.

الصورية ليست تزويرا:

يقصد بالصورية أن يتفق طرفان في العقد على كتابة بيانات مخالفة للحقيقة بقصد الإضرار بطرف ثالث. من ذلك أن يكتب أب لابنته عقدا ببيع أملاك له مع أنها لم تدفع الثمن، وهو بذلك يقصد حرمان أخيه من الميراث لأنه لم ينجب ابنا. ومن ذلك أيضا أن يكتب الطرفان في عقد بيع ثمن للعقار يزيد عن ثمنه الحقيقي حتى يمنعا الجار من المطالبة بالشفعة، لأن هذا الجار لا بد أن يكون مستعدا لدفع مبلغ كبير حتى يطالب بحقه في الشفعة.أن

لا تعتبر الصورية من قبيل التزوير من قبيل التزوير لأنها تنتمي إلى ما الجوانب الاتفاقية. ومع ذلك فإن للغير أن يطعن في هذه التصرفات من الوجهة المدنية بغرض إبطالها فلا تسري عليه. عندئذ يمكن للمحكمة أن تعتبر البيع للبنت هدية وليست بيعا.

الكذب في الإقرارات الفردية ليس تزوير:

يقصد الإقرارات الفردية ما يقدمه الأفراد من طلبات يوقعون عليها ويكتبون فيها معلومات خاصة بهم. فمن يتقدم من الطالبات بطلب إلى الجامعة تكتب فيه – على غير الحقيقة- أن والدها توفاه الله وأن ظروفها المادية صعبة لا ترتكب جريمة التزوير ، لأن هذا الطلب يعتبر إقرارا فرديا. ولا يعتبر الكذب في الإقرار الفردي تزويرا لأن الإقرار الفردي خاضع للمراجعة والتمحيص أي أن من يقدم إليه الطلب عليه أن يطلب من مقدم الطلب ما يفيد صحة ما يقدمه من معلومات. ولكن هذا الكذب لا يعفي الطالبة من المسئولية التأديبية لأن سلوكها يخالف مقتضيات السلوك القويم التي يجب أن تتحلى به الطالبة.

غير أن الكذب في الإقرار الفردي يسري عليه وصف التزوير في الحالات التالية:

1- إذا وقع عليه شاهد أو أكثر، لأن توقيع الشاهد يفيد صحة البيانات التي دونها المقر، فالأمر إذن تجاوز وصف الإقرار الفردي حيث لم يعد الأمر مقتصرا على كلام من شخصص يتحدث عن نفسه بل من شاهد يتحدث عن شخص آخر.

2- إذا قُدم الإقرار الفردي الكاذب إلى موظف عام فاعتمد هذا الإقرار أي أشر عليه بما يفيد الموافقة على الطلب وتقديم العون اللازم للطالبة التي قدمت طلبا للمساعدة. ويرجعع السبب في ذلك إلى أن توقيع الموظف بالموافقة هو اعتماد للإقرار بما يفيد صحته وبالتالي يصبح محررا رسميا مزورا. فالتزوير إذن في هذه الحالة هو تزوير في محرر رسمي. أما الموظف الذي قصر في عمله واعتمد الإقرار ، فإنه لا يسأل جنائيا لأن جريمة التزوير جريمة عمدية تشترط توافر القصد الجنائي المكون من العلم والإرادة، ولكنه يمكن أن يسأل مسئولية تأديبية في عمله بسب إهماله في أداء عمله الوظيفي.