بحث قانوني مشوق حول إشكالية تحديد مفهوم الإرهاب

رغم تعدد الاتفاقيات و المعاهدات المكافحة للإرهاب، لم يتم الاتفــاق علــى تحديــد المفهوم القانوني للإرهاب، و بسبب المظاهر المختلفة للأعمال الإرهابية من جهة وتضارب المصالح من جهة أخرى فقد تعددت تعريفات الإرهاب فحسب أستاذ القانون الجنائي سادانا: أعتبر الإرهاب في مفهومه العام كل جنحة سياسية أو اجتماعية، يؤدي ارتكابها أو الإعلان عنها إلى إحداث ذعر عام يخلق بطبيعته خطرا عاما.

مفهــوم الإرهــاب فــي الاتفاقية العربيــة:

لقد نصت المادة الأولى من الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في بندها الأول على تعريف الإرهاب بأنه

“كل فعل من أعمال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه و أغراضه، يقع تنفيذا لشروع إجرامي فردي أو جماعي، و يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بـإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الإستيلاء عليها و تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر.”

و عرف بندها الثالث الجريمة الإرهابية

“بأنها أي جريمة أو مشروع يرتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من الدول المتعاقدة أو على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها يعاقب عليها قانونها الداخلي “

كما نصت المادة الثانية على أن الجرائم الإرهابية و لو ارتكبت بدافع سياسي لا تعد من الجرائم السياسية و بالتالي يجوز تسليم مرتكبها و هذا متفق عليه مع اتفاقية تسليم المجرمين العربية لسنة 1952

اركان الجريمة الارهابية

الركن المادي :

نصت المادة 87 مكرر على أنه يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا , في مفهوم هذا الأمر كل فعل يستهدف أمن الدولة و الوحدة الوطنية و السلامة الترابية و إستقرار المؤسسات و سيرها العادي عن طريق أعمال و تصرفات يمكن تقسيمها إلى تصرفات تستهدف الأموال , أو تستهدف الأشخاص , أو تهديدات مختلفة , و يتكون الركن المادي من :

أ / السلوك الإجرامي : و قد يتمثل في

· إعتداءات على الأموال .

· تدمير المحلات العامة , البنوك , المخازن …..

· الحرائق العمدية في أماكن معينة .

· المتفجرات في الطرق العامة , مقاهي , محلات كبرى , دور سينما …

· تدمير وسائل و طرق المواصلات .

· أعمال السرقة , النهب و التخريب .

· إعتداءات على الأشخاص .

· تصرفات ضد حرية الأشخاص : خطف , إحتجاز رهائن لدفع فدية أو تنفيذ عمل .

· تصرفات ضد السلامة الجسدية للأشخاص و هذه قد تكون :

إما بمناسبة تنفيذ إعتداءات على الأموال مباشرة ضد أشخاص معينين ( كإغتيال شخصية معينة ) .

· أخذ الرهائن : و الذي قد يكون جماعي ( طائرة , قطار , حافلة أو محل ) أو فردي ( سفارة أو مكان عام ) .

و قد يتمثل السلوك الإجرامي في حالة تهديدات مختلفة من إستعمال ( البكتيريا و نشر الأوبئة , و التهديدات النووية بنسف المراكز النووية ) .

الركن المعنوي :

يتمثل الركن المعنوي في الإرادة و العلم .

1/ العلم : أي أن الجاني عالم أن صحاياه أبرياء لا علاقة لهم يالأشخاص الذين يستهدفهم قراره فهو بتصرفه ينوي الضغط على جماعة ثانية و هذا قصد جنائي خاص .

2/ الإرادة : أي إتجاه إرادة الجاني إلى إثارة الفزع و الهلع في نفوس الأفراد مع تعمده إحداص ذلك .

غير أن السؤال المطروح هو إن الجريمة الإرهابيى تتطلب لقيامها توافر قصدو خاص . إن القصد الخاص في الجرائم الإرهابية يختلف عن القصد في جرائم القانون العام .

غير أن الجرائم الإرهابية تتميز بكون المشرع و خروجا عن القاعدة التي تقتضي عدم الإعتداء بالدافع من إرتكاب الجريمة .أجذ به , و لكن الإعتداء بالدافع يكون من أجل تمديد العقوبة .

و الدافع في الجرائم الإرهابية هو إما

دافع سياسي : يتعلق يالنظام السياسي و يوجه ضد الدولة أو مؤسساتها أو ممثليها أو تنظيماتها السياسية أو شكلها الدستوري .

أو دافع إجتماعي : يستهدف تحقيق إيدولوجية أو مذهب إجتماعي أو إقتصادي يتعلق يالتنظيم الإجتماعي و الإقتصادي

جراءات متابعة الحريمة الارهابية في التشريع الحزائري

الفرع الأول :من حيث السلطات الممنوحة للضبطية القضائية .

يعتبر البحث و التحري عن الجرائم و ضبط مرتكبيها أهم دور منوط بعناصر الضبطية القضائية الذين يعتمدون في مجال الجرائم الإرهابية من أجل مكافحتها و القضاء عليها على أساليب و وسائل خاصة في التعامل مع المشتبه فيه كإستخدام قوة الذاكرة و الصبر و الذكاء و تحليل الأقوال و المعلومات التي تصل إليهم بالإضافة إلى تنسيق العمل على المستوى الوطني من أجل الحصول على المعلومات الكافية حول مختلف الجماعات المسلحة لا سيما من حيث تحديد نقاط تحريكها و أماكن الاتصال فيما بينها و طرق الإنخراط فيها و كذلك الطرق المستعملة للحصول على وثائق ضرورية لإثبات هوية عناصرها لتسهيل إفلاتهم من المتابعة , بالإضافة إلى إعتماد أساليب حديثة في التحري و التحقيق و كذا إنشاء فرق خاصة بمكافحة الإرهاب تتلقى في هذا الصدد تكوينا خاصا يسمح لها بالقيام بهذا العمل .

و تحفيفا للغرض المنشود و المتمثل في القضاء على ظاهرة الجرائم الإرهابية نص المرسوم 92/03 في المادة 19 منه عند التطرق إلى التحقيق الإبتدائي على فكرة تمديد إختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل التراب الوطني في إطار البحث و التحري و معاينة المخالفات المنصوص عليها في الفصل الأول و التي يقصد بها المخالفات التي تستهدف أمن الدولة و السلامة الترابية و إستقرار المؤسسات و سيرها العادي

كما أنه تجدر الإشارة إلى أن المادة المذكورة أعلاه تنص على أن ضباط الشرطة القضائية و عناصر الضبطية القضائية بصفة عامة يعملون تحت رقابة النائب العام لدى المجلس القضائي المختص إقليميا و الذي يخطر وكيل الجمهورية المختص في جميع الحالات .
و تسهيلا لضباط الشرطة القضائية للقيام بالدور المنوط به في مجال الجرائم الإرهابية على الوجه المطلوب مكنهم المرسوم 92/03 و ذلك بعد الحصول على رخصة من النائب العام لدى المجلس القضائي المختص أن يطلبوا من كل عنوان أو لسان حال أو سند إعلامي نشر إشعارات أو أوصاف أو صور تخص أشخاص يجري البحث عنهم أو مطاردتهم .
و نظرا لحضور الجرائم الإرهابية فقد إستثنى المشرع في المرسوم 92/03 بموجب المادة 21 منه تطبيق بعض الأحكام الإجرائية المتعلقة بجرائم القانون العام على الجرائم الإرهابية و ذلك في إطار القيام بعمليات التفتيش إذ أنه لا تطبق الأحكام المتعلقة بأوقات و شروط القيام بالتفتيش و المنوه عنها بالمواد 47,45من قانون الإجراءات الجزائية على هذا النوع من الجرائم و فضلا عن ذلك فقد نصت المادة 22 من نفس المرسوم على تمديد مدة الحجز تحت النظر المبينة بالمادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية إلى أن تصل إلى غاية 12 يوم في مجال الجرائم الموصوفة على أنها أعمال إرهابية ,إلا أن الملاحظ أن هذه المدة تعتبر طويلة و مبالغ فيها كما أنها تتعارض مع مقتضيات المادة 09 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية و التي تنص على : (أن أي شخص يقبض عليه يجب أن يمثل سريعا أمام السلطات القضائية ).

الفرع الثاني : الإستثناءات الخاصة بالتحقيق .

بعد إنتهاء عناصر الضبطية القضائية من إجراءات البحث و التحري الأولية اللازمة يكونون ملفا يضم مختلف المحاضر التي تم تحريرها أثناء قيامهم بمهامهم و لا سيما محضر المعاينة , محاضر سماع الشهود و المتهمين والضحايا , محاضر ضبط أدلة الإقناع , ثم يقدم الملف المذكور إلى وكيل الجمهورية الذي هو على إتصال مسبق بالوقائع موضوع البحث و التحري الأولي ليقوم بتحريك الدعوى العمومية و مباشرتها سواء كان ذلك ضد مجهول أو ضد شخص مسمى أو عدة أشخاص عملا بسلطة الملاءمة المخولة له قانونا و في هذا الإطار يحرر مطلبا إفتتاحيا للتحقيق , يحال الملف بموجبه إلى قاضي التحقيق المختص لمباشرة إجراءات التحقيق الذي يعتبر وجوبيا في مثل هذه الأحوال عملا بمقتضيات المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية

و نظرا لخصوصية الأفعال الموصوفة على أنها أعمال إرهابية فقد إنعقد الإختصاص للنظر في الدعاوى العمومية المتعلقة بها إلى مجالس قضائية خاصة وذلك عملا بالمرسوم التشريعي 92/03 الذي نص في المادة 11 على أنه : (تحدث ثلاث جهات قضائية تدعى مجالس قضائية خاصة للإطلاع على المخالفات المنصوص عليها في الفصل الأول أعلاه ) .

كما أنه أوكل الإختصاص للتحقيق في مثل هذه الجرائم لجهات تحقيق خاصة و ذلك في المادة 34 منه و التي أنشئت لدى كل مجلس قضائي خاص عرفه الأكثر للتحقيق على أن يعين قضاة التحقيق من بين قضاة الحكم كما هو الشأن في مجال جرائم القانون العام , هذا و يمارس قاضي التحقيق المعين في المجلس القضائي الخاص فضلا عن الصلاحيات و السلطات المخولة له بموجب قانون الإجراءات الجزائية سلطات إستثنائية تم النص عليها في القسم الثاني من الفصل الثالث من المرسوم 92/03 في المواد 23 إلى29 منه و تتمثل في سلطة التفتيش و الحجز ليلا و نهارا في أي مكان على إمتداد التراب الوطني بالإضافة إلى إمكانية الأمر بذلك لضباط الشرطة القضائية المختصين كما خولت المادة 23 من المرسوم في فقرته الثانية لقاضي التحقيق إتخاد تدابير أخرى أو الأمر بأي تدابير تحفظية إما بقوة القانون , أو بناء على طلب من النيابة العامة أو إلتماس من ضابط الشرطة القضائية

*مراقبة التحقيق :

يختص بمراقبة التحقيق على مستوى المجالس الخاصة غرفة المراقبة ة التي تتكون من رئيس و مساعدين إثنين , و يمارس مهام المدعي العام قاضي من قضاة النيابة العامة و لغرفة مراقبة التحقيق نفس إختصاصات غرفة الإتهام , و يتعلن عليها حسب المادة 27 من المرسوم إصدار قرارها بالإحالة خلال شهر واحد إبتداء من إخطارها , و تعتبر قراراتها غير قابلة للطعن .

الفرع الثالث : قواعد إختصاص القضاء الجزائي الجزائري عن الجرائم الإرهابية المرتكبة في الخارج .

الأصل أن ينعقد الإختصاص القضائي للجهات القضائية الجزائرية إذا إرتكبت الجريمة الإرهابية أو أحد العناصر المكونة لها في إقليم الجمهورية ,و هو ما يعرف بمبدأ الإقليمية , كما ينعقد الإختصاص أيضا للقضاء الجزائري إذا كان مرتكب الجريمة الإرهابية جزائري الجنسية و هو ما يسمى بمبدأ الشخصية , و إذا كانت الجريمة الإرهابية مرتكبة في الخارج يهدف المساس بأمن الدولة الجزائرية , فينعقد الإختصاص للقضاء الجزائري أيضا تطبيقا لمبدأ العينية , و بالإضافة إلى هذه المبائ المقررة في قانون الإجراءات الجزائية , هناك مبدأ آخر لم يأخد به هذا القانون و لكن جاءت به مختلف الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر و المتعلقة بمكافحة الجريمة الإرهابية و هو مبدأ الإختصاص العالمي .

1 ) مبدأ الإقليمية : ينعقد الإختصاص للقضاء الجزائي الجزائري في متابعة و محاكمة مرتكب الجريمة الإرهابية ,سواء كان جزائريا أو أجنبيا متى إرتكبت على إقليم الجمهورية . و تعد الجريمة الإرهابية جريمة مرتكبة في الإقليم الجزائري إذا كان عملا من الأعمال المميزة لأحد أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر طبقا للمادة 586 من قانون الإجراءات الجزائية .

كما ينعقد الإختصاص للفضاء الجزائري على الجرائم الإرهابية المرتكبة على ظهر السفن أو على متن الطائرات .

أ _ الجرائم المرتكبة على ظهر السفن : تكون الجهات القضائية الجزائرية مختصة بالنظر في الجرائم الإرهابية المرتكبة على ظهر السفن التي تحمل الراية الجزائرية و مهما كانت جنسية مرتكبيها إذا إرتكبت في عرض البحر , و كذلك تختص بالجرائم الإرهابية المرتكبة على ظهر سفينة تجارية أجنبية متواجدة في بناء جزائري (1) , و من ثمة لا ينعقد الإختصاص لقضاء الجزائري بالجنسية للجرائم العادية المرتكبة على ظهر سفينة عسكرية أجنبية متواجدة في ميناء جزائري و ذلك تطبيقا لمبدأ السيادة . من هذا المنطلق نطرح السؤال التالي : هل نطبق نفس القاعدة على الجرائم الإرهابية ؟

بالرجوع إلى مختلف الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر و من بينها الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب و إتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب نجدها قد نصت على أن الدولة الطرف في الإتفاقية تلتزم إما بتسليم المجرم المرتكب للجريمة الإرهابية ة تقرير ولايتها القضائية , و من ثم إذا تم القبض في الجزائر على مرتكب الجريمة الإرهابية التي تمت على ظهر سفينة عسكرية تحمل الراية الأجنبية , تمكن للجزائر أن تسلمه للدولة التي تطلبه و إذا رفضت التسليم تلتزم بمتابعته و محاكمته وفقا لنصوص الإتفاقيات .

ب _ الجرائم المرتكبة على متن الطائرات : ينعقد الإختصاص للقضاء الجزائري للنظر في الجرائم الإرهابية المرتكبة على متن طائرات جزائرية مهما كانت جنسية مرتكبها كما تختص أيضا بالنسبة للجرائم الإرهابية المرتكبة على متن طائرات أجنبية إذا كان الجاني أو المجني عليه جزائري الجنسية , أو إذا هبطت الطائرة في الجزائر بعد وقوعها (2) .

2 )مبدأ الشخصية : طبقا للمادة 582 من قانون الإجراءات الجزائية تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجرائم الإرهابية المرتكبة في الخارج من طرف جزائريين , و ذلك بشروط :

أ- أن يعاقب القانون الجزائري على الجريمة الإرهابية ( جناية ) .

ب_ أن يكون مرتكبها جزائري الجنسية سواء إكتسبها قبل إرتكاب الجريمة أو بعدها (1) .

ج_ أن يعود الجاني إلى الجزائر .

د_ أن لا يكون قد حكم عليه نهائيا في الخارج و أن لا يكون في حالة الحكم بالإدانة قد قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو .

التدابير المقررة في ظل قانون تدابير الرحمة

بتأزم الوضع خاصة في سنة 1993، 1994، فكر المشرع في ايجاد حلول أكثر ليونة من النصوص العقابية المشددة ، و ذلك بوضع تدابير مخففة نوعا ما للعقوبات و انساقها نحو اطار الرحمة التي تمس الارهابيين التائبين الذين وضعوا حدا لنشاطهم الارهابي، و هذه التدابير جاءت في شكل أمر رقم 95-12 المؤرخ في 25/02/1995 المتضمن تدابير الرحمة بناءا على الدستور من خلال المواد 74 ،8، 115 وفقا لأحكام المادتين :

52، 92 من قانون العقوبات .

و لهذا الأمر خاصية عدم المتابعة ضد من سلم نفسه تلقائيا للسلطات المختصة ( القضائية، الادارية، المدنية، العسكرية ) و هنا المشرع لم يذكرها بدقة و لم يحدد هذه السلطات و قيامه باشعارها عن توقفه عن أداء كل نشاط ارهابي أو تخريبي ، و هو ما جاء به نص المادة الأولى من الأمر 95-12، و تضمن هذا الأخير 12 مادة ، 3 فصول مقسمة الى فصل متعلق بتدابير الرحمة و الفصل الثاني خصه بالاجراءات و الثالث شمل أحكام خاصة .

و من خلال تدابير الرحمة التي اعتمدها المشرع نجد أنها تتعلق بعدم متابعة من انتمى الى احدى المنظمات أو الجماعات…. التي يكون غرضها بث الرعب في أوساط السكان، عرقلة المرور ، الاعتداء على رموز الأمة .

و على وسائل المواصلات، تدنيس القبور….. ( المادة 87 مكرر من قانون العقوبات ).

و كذا عدم متابعة من كان حائزا للأسلحة أو المتفجرات و سلمها الى السلطات .

و اشترط في التائب قصد عدم متابعته، ان لا يكون قد ارتكب جريمة قتل أو اصابة شخص بعجز دائم الى عقوبات مخففة ( المادة 4 من الأمر 95-12 ) .

و من الاجراءات التي تتخذها السلطات القضائية، الادارية … تجاه المنتمين الى الجماعات الارهابية و الذين سلموا أنفسهم تلقائيا ولم يرتكبوا جرائم القتل، العجز الدائم لشخص ما، و الحائزين الأسلحة، المتفجرات و التي سلموها تلقائيا الى الجهات المختصة ، و عليها تسليمهم فورا وصل يسمى بوصل الحضور، و خلال أجل لا يتجاوز 30 يوما تسلم له وثيقة تتضمن عبارة مستفيد من تدابير الرحمة، اضافة الى اتخاذها لتدابير تحميه جسديا عند الضرورة .

و بالنسبة لمرتكبي جرائم القتل أو اصابتهم لشخص بعجز دائم و الذين تقدموا تلقائيا أمام السلطات ، فانهم حسب المادة 7 من نفس الأمر يحولون فورا الى المحاكم المختصة ليقدموا أمام وكيل الجمهورية، الذي يتعين عليه فورا تحرير محضر معاينة وتحريك ضدهم الدعوى العمومية .

اعتماد قانون الوئام المدني كحل سياسي قصد القضاء على الجريمة الارهابية

رغم أن الأمر 95-12 المتعلق بتدابير الرحمة قدم توصيات مهمة من عفو و تخفيف للعقوبات المفروضة على المذنبين الذين أوقفوا نشاطهم الارهابي ، وتوصله لوضع هدنة كالتي سعت اليها الجبهة الاسلامية للانقاذ في أكتوبر 1997 من دون قيد ولا شرط بوقفها للتقتيل لمعرفة و تحديد الجهة المرتكبة للمجازر الجماعية و التي بقيت تنشط بالرغم من هذه الهدنة و ارتكبت جرائم عديدة أبشعها المذابح الجماعية التي حدثت سنة 1997 خاصة منها ما عرفته منطقة غليزان كمذبحة مما أكد وجود جماعات أخرى تنشط الى جانب الجبهة. وبالتالي فشلت هذه التدابيرفي استعادة الطمأنينة و الأمن بين الناس ، وهو ما دفع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بعد انتخابه سنة 1999 الى طرح مشروع تضمن محاولة اعادة روح التسامح بين المواطنين وضعه في اطار قانوني سمي بقانون استعادة الوئام المدني مؤرخ في 13/07/1999 تحت رقم 99-08 و الذي طرح للاستفتاء الشعبي في 16/09/1999 ولقي تجاوبا مع مسعاه ، و هو ما ادى الى الغاء الأمر 95-12 المتعلق بتدابير الرحمة طبقا للمادة 42 من قانون 99-08 .

والهدف من هذا القانون حسب الخطاب الذي القاه رئيس الجمهورية في اليوم الموالي للاستفتاء هو اعطاء حلول ملائمة للمتورطين في التنظيمات الارهابية و منحهم فرصة الاندماج في المجتمع من جديد ، ووضع حد لاراقة الدماء و انتهاك الأعراض و تخريب المؤسسات والممتلكات ، اضافة الى أن هذا القانون لم يأت لمخاطبة العامة انما جاء موجها لفئة المتورطين في ارتكاب جرائم ارهابية و الذين أرادو توقيف نشاطهم الارهابي بكل اقتناع .

وفضلا عما جاء به قانون الوئام المدني من سكينة و طمأنينة و أمن بين المواطنين، الا انه باعتبارنا كقضاة متربصين و نحن كقانونيين ندرس التشريع وكقضاة نطبق أحكامه ارتأينا دراسة ومناقشة قانون الوئام المدني من الناحية القانونية و طرح اشكالات تطبيقه قصد التعمق في تحديد معالمه و النقائص التي ظهر بها ، اضافة الى اعتماد الأطروحات و التطبيقات التي جاءت بها المراسيم التنفيذية المطبقة له.

طرح قانون الوئام المدني أولا قاعدة عامة خاصة بالمستفيدين منه و التي تقضي بأن كل متورط بأعمال ارهابية

أو تخريبية يتقدم تلقائيا و يشعر السلطات المختصة بتوقفه عن كل نشاط ارهابي له أن يستفيد من أحد التدابير التي اقترحها المشرع في الفصول الثلاث : الثاني، الثالث و الرابع و هي :

– الاعفاء من المتابعة .

– الاستفادة من رهن الارجاء .

– تخفيف العقوبات.

و قد أتبع كل تدبير من هذه التدابير الثلاثة بشروط يجب توفرها لتطبيقه استنادا الى اجراءاتها .

الخاتمة

– من الحلول المقترحة لحل هذه الأزمة ما يلي :

أولا : تشديد عقوبة هذه الجرائم واعتبارها في أبسط صورها جنايات غير قابلة للتقادم .

-احاطتها باجراءات متابعة خاصة من خلال توسيع صلاحيات السلطات المختصة بمتابعته.

وتجسيدا للنصوص الإتفاقية تلتزم الدول بتقرير صلاحية اجهزتها االقضائية لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم أو تسليمهم الى الدولة التي يتقرر اختصاصها فضلا عن تبادل المساعدة في المجالين الأمني والقضائي.

ثانيا – سن تشريعات لتشجيع وتحفيز هؤلاء المجرمين ومكافئتهم على التخلي عن نشاطاتهم الإجرامية والتعاون مع السلطات من خلال قواعد قانونية تقرر تخفيف العقاب أو الإعفاء منه.

غير أنه من خلال دراستنا لهذا الموضوع اتضح لناانه ورغم تعدد الوسائل القانونية الموجهة للقضاء على الجريمة الإرهاتبية على الصعيدين الدولي والداخلي لم يتحقق النجاح في القضاء على هذه الظاهرة. كما أنه وفي اطار التعاون الدوليتبقى التزامات الدول منعدمة المصداقية والجديةحيث تبقى بنود الإتفاقيات حبرا على ورق لاسيما في ميدان الإنابة القضائية وتسليم المجرمين الذي يتم بشروط مشددة تعيق ملاحقة مرتكبي الجرائم الإرهابية وهذا نظرا لتمسك الدولة بمبدأ السيادة من جهة والخلط المتعمد من طرف الدول بين الجريمة الإرهابية والجريمة السياسية وهو مايجعلنا نتساءل عن جدوى ابرام هذه الإتفاقياتان لم تلتزم الدول بتنفيذها .ولماذا لاتطبق قواعد المسؤولية على الدول التي تخل بالتزاماتها الدولية في شأن مكافحة الجريمة الإرهابية وتطبيق بنود الإتفاقيات .