دعوى الصورية
المطلب الأول
(النظرية العامة في الصورية)

يحكم النظرية العامة في الصورية المادتين 244 ، 245 من القانون المدني والآتي نصهما :-

الماده (244) من القانون المدني تنص :-
(إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين والخلف الخاص ، متى كانوا حسني النية ، أن يتمسكوا بالعقد الصوري ، كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع اللوسائل صورية العقد الذي أضر بهم وإذا تعارضت مصالح ذوي الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر كانت الأفضلية للأولين) .

الماده 245 من القانون المدني تنص على :-
(إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي)
ونتناول في هذا الصدد التعريف بالصورية بأنواعها في فرع أول ثم شروط تحقق الصورية ومجالها في فرع ثان :-

الفرع الأول
(تعريف الصورية وأنواعها)
تعريف الصورية :– تصوير أمر قانوني على غير حقيقتة أو أصطناع مظهر كاذب يخالف حقيقة الواقع في تكوين تصرف قانوني .

فتوجد الصورية كلما وجد تصرف قانوني ظاهر ينتج أثاراً معينة وتصرف آخر خفي يلغي أو يعدل هذه الأثار وهذا التصرف الأخير هو المقصود من الطرفين .
(أنواع الصورية) الصورية نوعان :-
· صورية مطلقة
· صورية نسبية

· الصورية المطلقة :- وهي تلك التي تتناول التصرف في ذات وجوده فتصور وجود تصرف قانوني معين في حين أنه لا يوجد أي تصرف على الأطلاق (أي أن التصرف الظاهر لا وجود له في الحقيقة) .

كما أن الأتفاق المستتر لا يتضمن تصرفاً آخر يختلف عن التصرف الظاهر بل يقتصر الاتفاق المستتر (ورقة الضد) على إثبات أن التصرف الظاهر تصرف صوري لا وجود له في الحقيقة .
وقد قضت محكمة النقض بأن :- (الصورية المطلقة هي التي تتضمن وجود العقد ذاتة فيكون العقد الظاهر لا وجود له في الحقيقة) .

[نقض مدني 25/5/1978 مجموعة أحكام النقض س 29 ص 1337 ]
مثال :- أن يريد المدين إبعاد مال من أمواله عن متناول دائنية حتى يتقي تنفيذهم عليه فيبيع هذا المال إلى زوجتة أو إلى أحد أقاربة بيعاً صورياً ثم يأخذ منه على سبيل الأحتياط ورقة ضد تبقى خفية – تثبت أن البيع لا حقيقة لاه وأن ملكية المبيع باقية للمدين .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض :- (بأن العقد الصوري صورية مطلقة لا وجود له ومن ثم فلا محل لتوجية طلب الشفعة إلى المشترين في هذا العقد)
[نقض مدني 14/4/1970 مجموعه أحكام النقض س 21 ص 618]
كما قضت (قاعده الأسبقية في التسجيل لا مجال لأعمالها إذا كان أحد العقدين صورياً صورية مطلقة )
[نقض مدني 21/5/1970 نفس المرجع والسنة ص 886 ]
مثال :- أن يكون شخص منتوياً التقدم لشغل منصب العمدية ولكن ليس لدية النصاب من الأطيان المشترط للتقدم لهذا المنصب فيلجأ إلى أحد أصدقائة ويتفق معه على أن يبعه بعض ماله بيعاًَ صوريا ليستكمل به النصاب المطلوب ويستكتبة الصديق البائع إقراراً [ورقة الضد] بأن هذا البيع لا وجود له في الحقيقة .

· الصورية النسبية :-
وهي تلك التي لا تتناول وجود التصرف ذاته ولكن تتناول طبيعته أو موضوعه أو أطرافة .
ففي هذه الصورية يوجد تصرف قانوني بين المتعاقدين ويستخدم التصرف الظاهر (الصوري) لأخفاء جانب منه وهذا الجانب قد يكون طبيعته أو موضوعه (أركانه وشروطة) أو أطرافة (شخصية المتعاقدين) .

وإنطلاقاً من الجانب الذي تنصب عليه هذه الصورية فأنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع :-
صورية بطريق التستر
صورية بطريق المضاده
صورية بطريق التسخير .
· الصورية بطريق التستر :- تلك التي تخفي طبيعة التصرف لا وجوده فيلجأ إليها الطرفان لأخفاء حقيقة التصرف المقصود بينهما لسبب أو لاخر .

والمثال الغالب لهذا النوع من الصورية هو إخفاء الهبة في صورة عقد بيع للهرب من رسمية العقد فيما لو ظهرت الهبة في ثوبها الجديد .

فالهبة لا تقوم في الأصل إلا إذا أبرمت في الشكل الرسمي أو كان الموهوب منقولاً وتم قبضة ولك القانون يستغني عن هذا الشكل ويقر أنعقاد الهبة صحيحة بدونة إذا تمت تحت ستار عقد آخر (488/1) من القانون المدني .

أو بالعكس :- أخفاء البيع في صورية هبه يقصد حرمان الشفيع من طلب الشفعة .
وكذلك أخفاء الوصية في صورة بيع حتى لا يعلق نفاذها فيما يزيد عن ثلث التركة على إقرار الورثة .

· الصورية بطريق المضاده :- تلك التي لا تخفي طبيعه التصرف بل موضوعه أي أركانه وشروطة .

ومثالها الغالب :– أن يحرر عقد بيع ويذكر فيه ثمن صوري يخالف الثمن الحقيقي والأختلاف قد يكون بالزياده أو النقصان .
فيكون بالزياده إعاقة الشفيع على التمسك بالشفعة ويكون بالنقصان تخففا من رسوم التسجيل .

وقد تنصب الصورية على سبب العقد ومثال ذلك (أن يبرم عقد هبه ويذكر فيه أن سببه هو سبق تقديم الموهوب له خدمة مشروعه للواهب حين أن السبب الحقيقي هو قيام الموهوب له بعمل غير مشروع لحساب الواهب) .

كما قد تقتصر على تاريخ العقد ومثالها (أن يبرم عقد بيع في مرض الموت ويذكر فيه تاريخاً سابقا على فترة هذا المرض حتى لا يأخذ البيع حكم الوصية ) .

وقد قضت محكمة النقض بأن :- (صورية تاريخ العقد صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته فإذا كان الحكم قد أقام قضاءة بصحة ونفاذ العقد على أسبقية تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى على تاريخ تسجيل عقد الطاعن ولم يعول على تاريخ عقد المدعي فأن صورية تاريخ هذا العقد لا أثر لها في الدعوى) .

[نقض مدني 24/3/1966 مجموعه أحكام النقض س 17 ص 723] .
· الصورية بطريق التسخير :- ويقصد بالصورية بطريق التسخير تلك التي تخفي أحد طرفي التصرف فيتم التصرف هنا لحساب شخص آخر غير الشخص الذي ظهر فيه .
وغالباً ما يكون الغرض من هذه الصورية التغلب على مانع قانوني يحول دون تمام التصرف لشخص معين .

مثال :– ما نصت عليه الماده 471) من القانون المدني من أنه (لا يجوز للقضاه ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحكمة ولا للمحضرين أن يشتروا لا بأسمائهمك ولا بأسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضة إذا كان النظر في النزاع يدخل في أختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها وإلا كان البيع باطلاً )

وإذا أراد أحد من هؤلاء المذكورين في النص أن يشتري حقاً متنازعاً فيه مما يدخل في أختصاص المحكمة التي يباشر عمله فيها لجاً إلى شخص آخر واتفق معه على أن يظهر مشترياً للحق المذكور وهو في الحقيقة يشترية لحسابة هو لتفادي الحظر الذي يفرضة القانون عليه في هذه الحاله .

ففي هذه الصورية يلجأ المتعاقدان تحايلا على القانون إلى أخفاء شخصية المشتري تحت ستار شخص آخر يتم تسخيرة لأتمام الصفقة .

مثال آخر :- ما ورد في الماده (472) من القانون المدني (لا يجوز للمحامين أن يتعاملوا مع موكليهم في الحقوق المتنازع فيها إذا كانوا هم الذين يتولون الدفاع عنها سواء أكان التعامل بأسمائهم أمم بأسم مستعار وإلا كان العقد باطلاًَ) .

وأيضا ما ورد في الماده (479) من أنه (لا يجوز لمن ينوب عن غيره بمقتضى أتفاق أو نص أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسة مباشرة أو بأسم مستعار ولو بطريق المزاد العلني ما نيط به ببيعه بموجب هذه النيابة ما لم يكن ذلك بأذن القضاء ومع عدم الأخلال بما يكون منصوص عليه في قوانين أخرى) .

وأيضا ما ورد في الماده (480) من القانون المدني (لا يجوز للسماسرة ولا للخبراء أن يشتروا الأموال المعهود إليهم ببيعها أو في تقدير قيمتها سواء كان الشراء بأسمائهم أو بأسم مستعار) .
وقد قضت محكمة النقض بأن (التسخير غير قاصر على التصرفات القانونية وحدها بل يجوز في الخصومة والإجراءات القضائية أيضاً إلا إذا قصد به التحايل على القانون فيكون غير مشروع)
[نقض مدني 21/1/1987 طعن رقم 1473 لسنة 55 ق]