الاجتهاد القضائي في القضايا الاجتماعية وفق التشريع المغربي

مقدمـة : تقوم الطبقة العاملة في العصر الحاضر بدور بارز وأساسي في النهوض ب الحياة اﻻقتصادية للمجتمع وتنمية موارده الطبيعية وتطويرها وخلق رواج اقتصادي وتبادل تجاري على الصعيدين ال داخلي والخارجي، وذلك داخل مجتمع يخيم عليه اﻻستقرار السياسي ضمن إطار ديموقراطي تسوده عدالة اجتماعية متوازنة تراعي فيه حقوق جميع اﻷطراف .
وحتى تؤدي هذه الطبقة دورها المنوط بها كامﻼ، ﻻبد من أن يتوفر ل ها جو العمل وأن تطمئن على مستقبلها ومستقبل أبنائها المادي والمعنوي .
ولن يتحقق ذلك إﻻ بتدخل الدولة وسن قوانين وأنظمة عادلة تضمن المصا لح المشتركة للعامل وللمشغل، مع ترك الحرية في التعاقد والتعامل على أساس تلك القواعد واﻷنظمة .
فإذا كان كل طرف يعرف ماله من حقوق وما عليه من واجبات تجاه الطرف ا ﻵخر وتجاه المجتمع الذي يعيش بين أحضانه، فﻼشك أن حياة رتيبة بنظامها وانتظامها ونشيطة متحركة من أفراد الم جتمع ككل ستسود بينهم، ويعم اﻻستقرار السياسي واﻻطمئنان اﻻجتماعي الذي تنشده وترغب فيه كل أمة متحضرة .
على أنه كيفما كانت تلك القواعد القانونية ومهما كانت أهميتها فلن ت عطي المرغوب فيه إذا لم تطبق التطبيق السليم من طرف اﻷجهزة الساهرة على ذلك، خصوصا من مؤسسة القضاء التي تلعب دورا بارزا وأساسيا في تثبيت أسسها وتطويرها .
ومن المؤكد أن ميدان الشغل وسوق التشغيل تتداخله المنافع الخاصة ﻷطراف العقد كل يريد تفسير القانون لمصلحته، فيأتي القضاء ليحسم الموقف طبقا للقانون شكﻼ ومضمونا واعتم ادا على قواعد العدل واﻹنصاف .
مفهوم اﻻجتهاد القضائي : اﻻجتهاد : مصدر مأخوذ من فعل : اجتهد الشخص، يجتهد إذا جد وبذل جهدا للوصول إلى الهدف والمبتغ ى، أما اﻻجتهاد في اصطﻼح الفقهاء فهو، عملية استنباط اﻷحكام الشرعية من أدلتها ا لتفصيلية في الشريعة، وهي القرآن والسنة وإجماع علماء اﻷمة اﻹسﻼمية والقياس .
وبالنسبة لﻼجتهاد القضائي فيكفي لتوضيحه تسجيل ما عبر عنه أستاذنا ا لجليل الدكتور موسى عبود في محاضرة ألقاها بدعوة من اتحاد المحامين الشباب بالدار البيضاء تحت عنوان، اﻻجتهاد القضائي ودوره في النظام القضائي المغربي ) 1 .(
” يتبين من خﻼل التعريفات التي نجدها في مختلف كتب القانون أن اﻻجته اد القضائي هو مجموع الحلول القانونية التي تستنبطها المحاكم بمناسبة فصلها في المنازعات المعروضة عليها، فهي تف سر القانون متى كان غامضا وتكمله متى كان ﻧﺎﻗﺻﺎ .”
وانطﻼقا من هذا التعريف، نشير إلى القرار الصادر عن المحكمة اﻻبت دائية بالدار البيضاء بتاريخ 10 / 6 / 1982 ، تحت رقم 1223 ) 2 ( ، الذي اعتبر أن تغيب اﻷجير ﻻستقبال والديه بالمطار وهما عائدان بعد أداء فريضة الحج، رغم عدم قبول المشغل حدثا هاما يدخل ضمن اﻷسباب الواردة في الفصل ) 12 ( من النظام النموذجي المؤرخ في 23 / 10 / 1948 وليس تغيبه خطأ جسيما يبرر الطرد . ـــــــــــــــــــــ
) 1 ( مجلة المحاماة عدد : 3 يوليوز 1969 ﺻﻔﺣﺔ 15 . ) 2 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 2 ﺳﻧﺔ 86 ﺻﻔﺣﺔ 120 . ـــــــــــــــــــــ
وسوف نعود إلى هذا القرار عند الحديث عن اﻻجتهاد القضائي وإنهاء عقد الشغل . وفي الحديث الشريف “: من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد .” واﻻجتهاد المأجور ” أجر ﷲ وثوابه ” هو ما صدر عن حسن نية وقصد شريف لتحقيق العدل وإنصاف المظلوم . وللفقه دور بارز في تطوير اﻻجتهاد القضائي إلى ما هو أفضل، خصوصا إ ذا كان هناك تعاون إن على المستوى المحلي
بين الباحثين من أساتذة الكليات والقضاة والمحامين، أو على المستوى الوطني بين المهتمين بالتطور القضائي في أعلى هرم منه وهو المجلس اﻷعلى، ويتجلى ذلك في إعداد الندوات وعقد المن اظرات لبحث ودراسة الجوانب النظرية للقواعد القانونية ومدى مﻼئمة القرارات القضائية لها .
وليس رجال الدفاع الذين يعايشون المسيرة القضائية في جميع مراحلها وبمختلف درجاتها بمنأى عن مسيرة اﻻجتهاد القضائي بما يقدمونه من مرافعات مكتوبة ومسموعة، وما يعدونه من أبحاث ودراسات في كل مجاﻻت المعرفة القانونية .
إن اﻻجتهاد القضائي كلمة عامة ﻻ يقصد بها ما تقرره محكمة أدنى أو أ على أو ما يصدره المجلس اﻷعلى بصفته يسهر على تطبيق القانون التطبيق السليم، وإنما المراد كل ما يصدر عن تلك ا لجهات جميعها من قرارات يتأكد منها أنها طبقت القواعد القانونية تطبيقا سليما فوضحت معالمها وفق مراميها وغاياتها التي قصدها المشرع يوم وضعها خصوصا إذا كان ذلك صادرا عن أعلى هيئة وهي المجلس اﻷعلى .
وتلك لعمري هي أسمى الغايات التي يهدف القضاء وصولها ويسعى المتقاضو ن إلى بلوغها في تقاضيهم . وآفة اﻵفات أن تصدر عن تلك الجهات قرارات متنافرة متناقضة ﻻ تناسق بين درجتي التقاضي فيما بينها، أو بينها وبين المجلس اﻷعلى .
وليس معنى هذا أﻻ يحدث الخﻼف، وأن يطبع قراراتها التوافق دائما بل في إثارة النقاش واحترام اﻵراء في إطار موضوعي فقهي إثراء وإغناء للقضاء وقراراته .
ولم يكن لﻼجتهاد أهمية، لو لم تكن القواعد القانونية عامة في أحكام ها، تحتاج إلى إبراز مراميها، وتطبيقها على النوازل .
واﻻجتهاد ليس معناه سن قواعد قانونية جديدة، لكنه تفسير سليم لها و نظرة تطويرية إلى ما هو أفضل كقاعدة قانونية ارتقت إلى زمانها وحققت العدل واﻹنصاف، فهو أحد مصادر القاعدة القانونية .
إن القوانين ليست إﻻ أدوات للعمل تقتصر على وضع قواعد عامة تاركة ل لقضاء المجال مفتوحا لتطبيقها على الحاﻻت الخاصة ” من خطاب السيد الرئيس اﻷول للمجلس اﻷعلى للقضاء بمناسبة اﻻحتفال ب الذكرى الثﻼثين لتأسيس المجلس اﻷعلى .”
ويرى اﻷستاذ محمد اﻹدريسي القيطوني رئيس محكمة اﻻستئناف بالرباط س ابقا أن العمل القضائي ﻻ يبلغ مداه وﻻ يصل إلى مرماه وﻻ يبرز اﻷثر المتوخى منه إﻻ إذا تم اﻻطﻼع على أحكامه وق راراته ومعرفة فحوى قواعده ومبادئه التي تبلور بكل جﻼء ووضوح ما يهدف إليه القانون من دقة المﻼحظة وسعة المعرفة وسﻼم ة في التأويل وصواب ف التفسير وفهم سليم لروح النص واستنباط سليم ومﻼئم للمعنى عند التطبيق ) 3 .(
ومن خﻼل استقراء بعض القرارات التي تعتبر اجتهادا قضائيا يمكن تحديد بعض المعايير التي يتعين توفرها في اﻻجتهاد القضائي وطبعا في المجتهد :
1 ( اﻹلمام بالقواعد القانونية وإدراك معانيها ومراميها . 2 ( تحديد وقائع النازلة وحصر جزئياتها . 3 ( تحديد القواعد القانونية المﻼئمة لوقائع القضية . 4 ( تناسق منطوق الحكم مع حيثياته . 5 ( عدم صدور قرارات متناقضة في قضايا متشابهة في مبناها ومعناها . وإذا كان مجال القضاء واسعا، وما ينظر فيه يطال ميادين متعددة ومتنوع ة، ففي هذا العرض الوجيز نتطرق إلى القضاء واجتهاداته في ميدان واحد هو التشغيل، وفي ثﻼث جوانب منه فقط هي : 1 ( حوادث الشغل واﻷمراض المهنية . 2 ( اﻷجر كعنصر من عناصر عقد الشغل . 3 ( إنهاء عقد الشغل، سواء من طرف المؤاجر وهو اﻷكثر، أو من طرف اﻷجير في بعض اﻷحيان . ـــــــــــــــــــــ
) 3 ( دليل القاضي في العمل القضائي ذ . عمر بوحموش صفحة 4 . ـــــــــــــــــــــ
ثانيا : اﻻجتهاد القضائي واﻷجر . اﻷجر مأخوذ من فعل : أجر، يؤجر ” بضم الجيم وكسرها ” الرجل على كذا، كافأه وأثابه عليه .
وفي القرآن الكريم “: قالت إحداهما يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي اﻷمين .” وأيضا “: من آمن با واليوم اﻵخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم وﻻ خوف عليهم وﻻ هم يحزنون .” وفي الحديث الشريف ما مؤداه : أعطوا اﻷجير أجره قبل أن يجف عرقه .
ويطول بنا الحديث إن تعرضنا لمكونات اﻷجر وعناصره التي تدخل في تركي به إذ يختلف ذلك باختﻼف اﻷداء المراد حسابه كما عبر عن ذلك اﻷستاذ محمد سعيد بناني بقوله : فحساب اﻷجر عن العطلة المؤدى عنها أو اﻷجر بالنسبة لﻼقتطاعات الت ي تفرض لمصلحة الضرائب ليس هو اﻷجر الذي يحسب في مكافأة اﻷقدمية مثﻼ )”… 4 .( ـــــــــــــــــــــ
) 4 ( قانون الشغل بالمغرب، صفحة 280 . ـــــــــــــــــــــ
وأيضا بالنسبة لحوادث الشغل كما جاء في الفصل ) 66 ( من ظهير 6 / 2 / 1963 . إن اﻷجرة اليومية المعتبرة في تقدير التعويض اليومي تشتمل من جهة عل ى اﻷجرة اليومية نفسها ومن جهة أخرى على المبلغ اليومي للمنافع اﻹضافية العينية مثل السكنى والغذاء إلى آخره أو النقدية مثل التعويضات عن غﻼء المعيشة واﻹقامة والغربة والمنحة عن اﻷقدمية .”…
لذلك ننطلق من لفظه العام على أساس أنه تكامل، دون الدخول في جزئيات التركيب، ﻷن ذلك يدعونا إلى طرق مواضيع ليس من مشموﻻت البحث، واﻷجر عنصر أساسي في عﻼقة الشغل وهو التز ام من المشغل تجاه العامل مقابل ما يؤديه هذا اﻷخير من خدمات لﻸول كما جاء في الفصل ) 723 ( من قانون اﻻلتزامات والعقود ” إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم لﻶخر خدماته الشخصية ﻷجل محدد أو من أ جل أداء عمل في نظير أجر يلتزم هذا اﻷخير بدفعه له ” ، وقد يتقاضى اﻷجير أجره أو جزءا منه ولو لم يقم بعمل، وذلك بالنسب ة لمن وقعت له حادثة شغل وتوقف عن العمل للعﻼج، أو من يتقاضى أجره شهريا حيث يستريح يوما في اﻷسبوع أ و في اﻻتفاقيات الجماعية التي يتضمن أحد بنوده أن اﻷجير يتقاضى أجره في حالة المرض، على أنه ﻻ يكفي أداء اﻷجر لو جود عﻼقة العمل كما أقر ذلك القرار الصادر عن محكمة اﻻستئناف بدولة البحرين في الملف عدد : 2518 / 84 ، الصادر بتاريخ : 19 / 2 / 1985 ) 5 .( والذي جاء في مضمونه :
” ﻻ يكتفي بتكوين عﻼقة العمل أن يعمل الشخص لحساب آخر مقابل أجرة، بل يجب أن تتوفر لهذه العﻼقة عنصر التبعية التي تميز عقد العمل عن غيره من العقود، وﻻ يكفي لتوافرها ممارسة ال عامل عمله تحت إشراف صاحب العمل من الناحية الفنية بل يجب أن يكون خاضعا ﻹشرافه التنظيمي واﻹداري .”
وﻻبد أن يكون اﻷجر محددا أو قابﻼ للتحديد، كما يكون حصة محددة من المكاسب أو الحاصﻼت أو نسبة على اﻷعمال التي يجريها المؤاجر على يد اﻷجير ” الفصل 730 من ق . ل . ع .” ـــــــــــــــــــــ
) 5 ( المجلة المغربية للفقه والقضاء التي تصدرها اﻷمانة العامة لمجلس وزر اء العدل العرب العدد : 3 ﺳﻧﺔ 1986 ـ ﺻﻔﺣﺔ 227 . ـــــــــــــــــــــ
واﻷجر المحدد أو المقابل للتحديد كما سبق القول، كأن يحدد مبلغه ب اتفاق الطرفين، لكن بدا أن ترك مفتوحا ﻹرادة الطرفين في تحديد مبلغه بكامل الحرية، فيه غبن وحيف تجاه الطرف الضعيف الذي ه و العامل طبعا، لذلك تدخل المشرع فحدد مبلغه اﻷدنى كإجراء لصالح اﻷجير .
وﻻ تخفى أهمية تحديد اﻷجر ونتائجه اﻹيجابية حتى ﻻ يطغى الجانب ال قوي على الجانب الضعيف في أداء أدنى مبلغ فتتدهور الحالة اﻻجتماعية لﻸجراء إلى حد ﻻ يمكن التكهن بعواقبه، و لﻸجر صفة معيشية إذ بدونه ﻻ يستطيع اﻷجير سد حاجياته اﻷساسية، ومن هذا المبدأ سن اﻹيراد السنوي للمصاب إذا كانت نسبة عجزه تزيد عن : 10 % استنادا إلى أن هذا اﻹيراد هو مورده عيشه، على عكس ما إذا كان العجز أقل من 10 % حيث يمكنه اﻻستمرار في العمل إذا ما تسلم المبلغ اﻹجمالي المستحق .
ورغم مراقبة الدولة بواسطة أجهزتها المختصة في المعامل والمصانع فإنه كثيرا ما تقع خروقات حيث يستغل المشغل حالة اﻷجير وحاجته للعمل فيقبل ما هو أدنى من مبلغ اﻷجر آمﻼ في تحسن وض عيته بعد مرور فترة يعتبرها قصيرة فإذا بالوضع
يستمر وعندما يطالب بحقه المشروع يحتدم النزاع مع مشغله فيقع الطرد، فﻼ يجد العامل المطرود أمامه إﻻ القضاء ليتجه إليه قصد إنصافه .
وعند نشوب نزاع بين أجير ومؤاجره واختﻼفهما حول مبلغ اﻷجر دون إثبا ت، فإن المحاكم تأخذ بالحد اﻷدنى لﻸجور كما أقر ذلك المجلس اﻷعلى في عدة قرارات، منها على سبيل المثال القرار ر قم : 955 ـ الصادر بتاريخ : 6 / 2 / 1982 ) 6 .(
وعلى المؤاجر أن يدلي بﻼئحة اﻷجور التي تثبت أجرة العامل اﻷساسية، قرار المجلس اﻷعلى رقم 30 الصادر بتاريخ 10 / 2 / 1986 ) 7 .( ـــــــــــــــــــــ
) 6 ( المرجع : قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 32 ﺻﻔﺣﺔ 86 . ) 7 ( المرجع : مجلة القضاء والقانون عدد : 137 ﺻﻔﺣﺔ 195 . ـــــــــــــــــــــ
غير أن القرار رقم 1758 ـ الصادر في 16 أكتوبر 1989 ، أكد على القواعد القانونية لظهير 24 يناير 1953 ، حيث جاء فيه :
بمقتضى الفصلين ) : 10 ( و ) 11 ( من ظهير 24 / 1 / 53 المتعلق بشأن حساب اﻷجور ودفعها للمستخدمين المعدل بظهير : 31 / 1 / 1961 ، فإن المشغل هو المكلف بمسك دفتر اﻷجور وتهيئ بطاقة اﻷداء لمستخدم يه ومن تم فهو الذي يتوفر على دفاتر اﻷداء وهو الذي عليه اﻹدﻻء بﻼئحة اﻷجور السنوية ﻹثبات أن اﻷجر الذي يتقاضاه اﻷجير هو خﻼف ما صرح به هذا اﻷجير، وﻻ موجب لتطبيق الحد اﻷدنى من اﻷجور مادام المشغل ومؤ منته لما ينازعا في اﻷجرة المصرح بها ولم يقدما وثيقة تخالفها ” وفق الطلب )” 8 .(
لكن يبقى من حقنا أن نتساءل : بماذا يأخذ القضاء في حالة ما إذا لم يقر المشغل بما صرح به العامل م ن مبلغ معين كأجر، هو بالحد اﻷدنى أم على المشغل إثبات أن اﻷجر هو مبلغ كذا اعتمادا على دفتر اﻷداء الممسوك بطريقة قانونية وإﻻ أخذ بأجر مثيل لذلك العامل في مؤسسة أخرى؟
إن اﻷخذ بالحد اﻷدنى لﻸجر فيه إجحاف بحق العامل لذلك يؤخذ في حالة الخﻼف وعدم اﻹثبات بالرأي اﻷخير؟ وقد حدد الحد اﻷدنى لﻸجر بالمغرب في الميادين التجارية والصناعية و المهن الحرة في أربع فرنكات في اليوم بمقتضى ظهير 18 يونيو 1936 ، تبعه قرار : 26 / 10 / 1937 قسم المغرب إلى ثﻼث مناطق لكل منطقة حدها اﻷدنى ) 9 .(
وقد صدر مرسوم أصبح ساري المفعول منذ فاتح أكتوبر 1954 عم الحد اﻷدنى لﻸجور في الميدان الفﻼحي أيضا ) 10 .(
أما اﻵن فإن الحد اﻷدنى لﻸجر في الميادين الصناعية والتجارية والم هن الحرة هو : 6 دراهم للساعة وفي الميدان الفﻼحي هو 31,8 درهم لليوم ) 11 .(
وكما سبق القول فالذي يهمنا هو اﻷجر الذي على ضوئه يحصل المصاب في ح ادثة شغل أو ذوي حقوقه على اﻹيراد القانوني وهو الذي يؤخذ بعين اﻻعتبار عندما ينشأ نزاع بين اﻷجير وم ؤاجره . ـــــــــــــــــــــ
) 8 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد 45 ، صفحة 122 . ) 9 ( ذ . سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، صفحة 285 . ) 10 ( ذ . سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، صفحة 286 . ) 11 ( قرار رقم 2.21.33 ج ر عدد : 4082 ص 99 ، مع مﻼحظة ما جاء في خطاب وزير الشغل بمناسبة فاتح ماي 1992 من رفع الحد اﻷدنى بـ : 10 .% ـــــــــــــــــــــ
ﻻ تدخل التعويضات العائلية في الحساب لتحديد اﻷجرة اﻷساسية المعتب رة في تعيين اﻹيرادات تطبيقا للفصل ) 131 ( من ظهير 6 / 2 / 1963 ) قرار رقم ـ 221 الصادر بتاريخ : 21 / 5 / 1980 )( 12 .( ونفس المبدأ أقره القرار رقم 161 الصادر بتاريخ 6 / 2 / 1989 ) 13 .(
أما التعويضات عن اﻷقدمية فإنها تعتبر من مشموﻻت اﻷجر تطبيقا للف صل ) 66 ( من ظهير 6 / 2 / 1963 ، وللفصل الثامن من قرار 23 / 10 / 1948 .
إن القرار المؤرخ في 23 / 10 / 48 المتخذ تطبيقا للظهير الشريف المؤرخ في نفس التاريخ ينص في فصله الث امن على أن التعويضات عن اﻷقدمية تضاف لﻸجر، وأن ظهير 24 يناير 1953 إنما جاء ليؤكد تلك المقتضيات ويوضح بعضها ) قرار عدد 336 الصادر بتاريخ 2 / 7 / 1969 )( 14 .(
ويبقى للمحكمة كامل الصﻼحية وفي نطاق سلطتها التقديرية عندما يثبت ل ها أن العامل طرد من عمله بصفة تعسفية أن تقرر إرجاعه إلى عمله مع منحه أجرته ابتداء من تاريخ توقفه عن العمل إلى غ اية استئنافه له أو منحه تعويضا ) قرار رقم 300 الصادر بتاريخ 19 / 4 / 1982 )( 15 .(
وكذلك القرار رقم 720 ـ الصادر بتاريخ 24 / 4 / 1989 الذي علل استحقاق اﻷجير ﻷجره بما يلي ” : إذا كان الفصل من جانب المشغل وكان فصله غير قانوني فإنه يكون ملزما بأداء أجر العامل ﻷن هذا اﻷخير يكون جاعﻼ خدماته رهن إشارة مشغله في انتظار حكم المحكمة )” 16 .( ـــــــــــــــــــــ
) 12 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 27 ، صفحة 138 . ) 13 ( مجلة اﻹشعاع، اعدد اﻷول، صفحة 70 . ) 14 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 11 ، صفحة 36 . ) 15 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 31 ، صفحة 101 . ) 16 ( اﻹشعاع، العدد الثاني، صفحة 97 . ـــــــــــــــــــــ
إن ما ورد بالقرارين المذكورين يعتبر في نظرنا منسجما مع المقتضيات ا لقانونية ومع منطق الحق والعدل . لكن ما هو موقفنا جميعا من القرار رقم 259 الصادر بتاريخ 11 مارس 1985 الذي جاء فيه :
” ومن جهة ثانية فإن الحكم قد خرق مقتضيات الفصل ) 723 ( من قانون العقود واﻻلتزامات حينما قضى على الطاعنة بأدائها للمطلوب أجره عن مدة التوقف عن العمل ﻷن اﻷجرة حسب الفصل المذكور ﻻ تكون إﻻ في مقابل العمل، ومادام ليس هناك عمل فﻼ موجب ﻷداء اﻷجر )” 17 .(
وقد صدر القرار بعد أن قضت المحكمة بإرجاع العامل إلى عمله ورفض المش غل مما أدى باﻷول إلى إقامة دعوى التمس بمقتضاها الحكم له باﻷجر مع تعويضات أخرى وفعﻼ صدر الحكم وفق الطلب بعد أن لم يحضر المشغل .
وفي نظرنا فإن ما اعتمده قرار المجلس اﻷعلى من حيثيات ﻻ تنسجم مع م قتضيات الفصل ) 723 ( من قانون العقود واﻻلتزامات إذ أن اﻷجير ﻻ يستحق أجرا إﻻ إذا عمل، ولكن عندما يكو ن المشغل هو السبب في توقف هذا العمل، فإن العامل يستحق أجره عندما تحكم المحكمة برجوعه إلى عمله ويقبل مشغله تنفيذ ه ذا الحكم .
وتطبيقا لمقتضيات الفصل ) 285 ( من قانون المسطرة المدنية، فإن قضايا عقود الشغل والتدريب المهني يكو ن الحكم الصادر بشأنها مشموﻻ بالنفاذ المعجل بقوة القانون، دون التعويض عن الطرد ال تعسفي قرار رقم 547 الصادر بتاريخ 17 / 12 / 1979 ) 18 .(
تقادم اﻷجر : نعلم أن التقادم يسقط الحق : وبالنسبة لﻸجر فإن أجله قصير إذ مدته سنة واحدة الفصل ) 288 ( من قانون العقود واﻻلتزامات . إن التقادم ذا سنة المشار له في الفصل ) 388 ( من ق . ل . ع يتعلق باﻷجور والمصروفات واﻷداءات المستحقة بمقتضى عقد الشغل وﻻ يمكن الدفع به في دعوى رامية إلى الحصول على تعويضات الطرد التعسفي التي تخضع للتقادم العادي وللدعاوي الناشئة عن اﻻلتزام ) 19 ( ، ثم قرار آخر رقم 684 وتاريخ 2 / 12 / 1985 ) 20 .( واختلفت اﻵراء حول هذه التفرقة التي رأى البعض منها أنه ﻻ معنى له ﺎ . ـــــــــــــــــــــ
) 17 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 5 ﺳﻧﺔ 86 ، صفحة 273 . ) 18 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 28 ، صفحة 126 قرار المجلس اﻷعلى رقم 212 وتاريخ : 11 / 04 / 1988 . ) 19 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 19 ـ ﺻﻔﺣﺔ 260 .
ـــــــــــــــــــــ
ﺛﺎﻟﺛﺎ : إنهاء عقد العمل . إن كلمة ” إنهاء ” مصدر فعل أنهى الشيء ينهيه إذا وضع له حدا ونهاية . واختيار كلمة إنهاء عقد الشغل من طرف المنظمين للندوة نابع من شمولية الكلمة ﻹرادة أحد طرفي العقد وحصرها في اﻹنهاء اﻹرادي ﻻ اﻹنهاء العفوي أو العابر .
وإنهاء عقد الشغل إما أن يقع : على العقد المحدد المدة وذلك قبل إبانه وموعده أو على العقد الغير ال محدد المدة . كما أن العقد قد يتوقف لمدة محدودة في كﻼ النوعين وﻻ ينتهي وذلك كم رض اﻷجير أو أخذ رخصة الوﻻدة أو العطلة السنوية أو غيابه ﻹجراء تمارين رياضية والمشاركة في مباريات أو لقضا ء الخدمة العسكرية أو إغﻼق المؤسسة للقيام بإصﻼحات فيها أو تسريح بعض العمال بسبب انخفاض في اﻹنتاج ﻷسباب مت عددة وذلك بصفة مؤقتة ريثما تعود الحركة ويدب النشاط من جديد .
مع اﻹشارة إلى أن عقد العمل قد ينتهي ﻷسباب ﻻ يد فيها لطرفي العقد كموت اﻷجير أو حدوث حريق أدى إلى تدمير آليات ومكان العمل أو …
وبالمناسبة نشير إلى أنه قد يتعاقد الطرفان على الحق في إنهاء العقد من طرف المشغل ولو بدون مبرر مقابل جزاء يتمثل في تعويض جزافي كما أكد على ذلك المجلس اﻷعلى في قراره عدد 485 الصادر بتاريخ : 5 أكتوبر 1987 ، إذ جاء فيه “: ﻛﻣﺎ يعد صحيحا عقد العمل المتضمن ﻻتفاق الطرفين على ممارسة حق إنهاء ال عقد من طرف المشغل ولو بدون مبرر مقابل جزاء يتمثل في تعويض جزافي يتفق مع أحكام الفصل 754 من ق . ع . ل .” ـــــــــــــــــــــ
) 20 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 11 ﺻﻔﺣﺔ 51 . ـــــــــــــــــــــ
” المحكمة خرقت القانون عندما لم تعتد بشروط العقد واعتبرت إنهاء العق د بدون مبرر فسخا تعسفيا )” 21 .( تعرض الفصل اﻷول من النظام النموذجي المحدد للعﻼقة بين المؤاجرين و اﻷجراء في القطاعات الصناعية والتجارية والمهن الحرة المؤرخ في 23 / 10 / 1948 ، والفصل الثالث من ظهير 24 أبريل 1973 المتعلق باﻷجراء في الميدان الفﻼحي إلى التفرقة بين العمال المؤقتين والعمال القارين .
فالعامل المؤقت هو من عوض عامﻼ آخر، أو أدى عمﻼ موسميا أو عمل لمدة محدودة، أو عمل مؤقتا لمدة تقل عن 6 أشهر في الميدان الفﻼحي وإثنى عشر شهرا في الميادين الصناعية والتجارية و الحرة .
وكمثال على ذلك ما أقره القرار 67 بتاريخ 24 فبراير 1985 ، في الملف عدد : 6135 الذي برر عدم توجيه إنذار ﻷجير بكون عمله موسميا ” كان على المحكمة أن تبحث هل العامل موسمي فﻼ يحتاج إلى إنذار أم قار ، فيحتاج إليه تطبيقا للفصل ) 7 ( من قرار 23 أكتوبر 1948 ) 22 .”(
ويبدو أن عدم وجوب توجيه إنذار للعامل المؤقت يرجع إلى كون الطرفين ي عرفان نهاية للعقد الرابط بينهما فﻼ يحتاج إلى إخبار بانتهاء مدته .
كما تعرض القرار رقم 206 الصادر بتاريخ 25 / 2 / 1985 إلى نفس الموضوع ” لكن حيث إن محكمة الموضوع تكون ـ على حق ـ لما ثبت لديها سواء بمقتضى بطاقة الشغل المستمرة أو من خﻼل كون الطاعنة تؤدي للمطلوب التعويض عن اﻷقدمية والذي ﻻ يستحقه اﻷجير، إﻻ بعد قضائه في العمل مدة ﻻ تقل عن سنتين متواصلتين وعللت قرارها بكون الطاعنة لم تثبت اضطرارها للتوقف عن العمل مستخلصة من كل ذلك ـ في نطاق س لطة التقدير المخولة لها ـ أن المطلوب من ضمن العمال القارين تكون قد طبقت قرار : 23 / 10 / 1949 ، تطبيقا سليما، إذ متى ثبت أن اﻷجير قضى بصفة مستمرة في المؤسسة أكثر من : 12 شهرا فإنه بمقتضى الفصل اﻷول من قرار : 23 / 10 / 1948 المستدل بخرقه يعتبر من العمال القارين وﻻ أثر لﻺغﻼق المؤقت للمؤسسة في فترة ما إﻻ إذا و ﻗﻊ التنصيص في عقد العمل الكتابي على شرط خاص مناف لما ذكر وخﻼفا لما ع ابته الوسيلة من كون الفصل ) 8 ( يعطي الحق في المكافأة عن اﻷقدمية سواء كان العمل متواصﻼ أم ﻻ، ومن هنا ك لم يبق أي مجال لﻼستدﻻل ﻻ بخرق الفصل
) 745 ( من ق . ع . ل، وﻻ الفصل ) 2 ( من قرار : 23 / 10 / 48 ، مادامت المحكمة لم تؤسس قضاءها على مجرد بطاقة الشغل فالوسيلتان دون أساس ) 23 .( ـــــــــــــــــــــ
) 21 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 41 ، صفحة 167 . ) 22 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 29 ، صفحة 147 . ـــــــــــــــــــــ
وسواء كان العقد محدد المدة أم ﻻ، فإنه قد يتم إنهاؤه إما من طرف اﻷ جير أو من طرف المؤاجر ويبقى اﻻختﻼف في كيفية تقدير التعويض بالنسبة للعقد المحدد من غيره، كما أن اﻷسباب التي يع تمدها كل طرف فيما أقدم عليه مختلفة وفي جميع اﻷحوال قد ينذر الذي أقدم على إنهاء العقد الطرف اﻵخر وقد ﻻ يفعل ذلك .
المبحث اﻷول : إنهاء العقد المحدد المدة
تنقضي إجارة الخدمة بانقضاء المدة التي حددها الطرفان . الفصل ) 753 ( من ق . ل . ع . إن إنهاء العقد المحدد المدة قبل أوانه من أحد طرفي العقد يوجب عليه إشعار الطرف اﻵخر بهذا الفسخ الذي يلزم أن تكون مبرراته مقبولة وإﻻ استحق المتضرر تعويضا مناسبا .
هذا ما تضمنه الفصل الخامس من قرار : 23 / 10 / 1948 الذي أوجب اﻹعﻼم بالفسخ ماعدا في حالتين : حالة وقوع الخطأ الجسيم وحالة القوة القاهرة والخطأ الجسيم بالنسبة للمشغل :
1 ( وسائل العنف المباشرة أو ضرب اﻷجير كما عبر بذلك الفصل المشار إليه . 2 ( الحث على الفساد واﻻنحراف إلى كل ما هو مشين . والتعويض المستحق هو مجموع مبلغ اﻷجر الذي كان من الممكن أن يتقاضاه العامل لو بقي في عمله إلى حين حلول أجل العقد مع مراعاة ظروف كل حالة على حدة كما إذا تعذر على اﻷجير إيجاد عمل في وقت قصير ومناسب لسنه ومؤهﻼته، أو صعب على المشغل الحصول على عامل مؤهل لشغل منصب زميله الذي أنهى ا لعقد .
ـــــــــــــــــــــ
) 23 ( مجلة المحاكم المغربية، عدد 39 ، صفحة 167 . ـــــــــــــــــــــ
وهذا ما أكد عليه المجلس اﻷعلى في قراره رقم 667 الصادر بتاريخ 15 / أكتوبر 1984 في الملف عدد : 96191 ” تكون المحكمة قد خرقت القانون لما رفضت طلب العامل الحكم له بمبلغ اﻷجرة المحددة في العقد إلى نهاية مدته بعلة أنه كان يجب أن يقدم في شكل تعويض حسبما يقتضيه نص الفصل ) 754 ( من ق . ل . ع، في حين أن هذا الفصل ﻻ ينص على كيفية تقديم الطلب وإنما على كيفية التعويض، وكان على قضاة الموضوع لما ثبت لهم الطرد التعسفي أن يطبقوا الفقرة اﻷخيرة من الفصل ) 6 ( من القرار : 23 / 10 / 49 )” 24 .(
المبحث الثاني : إنهاء العقد الغير المحدد المدة من طرف العامل
قد يتبادر إلى الذهن أن إنهاء عقد العمل من طرف اﻷجير مستبعد خصوصا إذا كان سوق البطالة مستحكما، صحيح أن مبادرة أجير ﻹنهاء عﻼقته مع مؤاجره نادرة، لكنها موجودة وأسبابها ق د تتجلى في وجود عمل في مكان آخر بامتيازات، حسن التعامل أو اﻷجر المرتفع أو السكن أو …
وفي هذه الحال وانطﻼقا من مقتضيات الفصل ) 754 ( من ق . ل . ع فإن اﻷجير يكون ملزما بتعويض الضرر الذي سببه لمشغله في شغور منصب عمله وتطلب وقتا غير قصير ﻹيجاد من يشغله كما إ ذا كان يدير آلة تحتاج إلى تقني خاص . لكن ما هو مقياس تقدير التعويض في هذه الحالة؟ ـ لم نعثر على أي قرار صادر عن المجلس اﻷعلى .
ـــــــــــــــــــــ
) 24 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 37 – 38 ، صفحة 150 .
ـــــــــــــــــــــ
وكل ما يمكن أن نشير إليه في الموضوع هو قرار استئنافي صادر عن م حكمة اﻻستئناف بمراكش بتاريخ : 23 / 11 / 1988 ، قرار : 2563 / 2564 ملف 169 / 89 ألغى ما أقره الحكم اﻻبتدائي الذي قضى بتعويض لفائدة المشغل ضد اﻷجير وضد مشغله الجديد معتمدة في ذلك على أن اﻷول يعتبر في وضعية من غادر العمل بطريقة تعسفية دون احترام المقتضيات المتعلقة بتشريع الشغل، محدثا ضررا لمشغله خصوصا وأن مهمته بالشركة تكتسي طابع اﻻختصاص، أما الحكم اﻻستئنافي فقد برر ما قضى به أنه لم يثبت أن اﻷجير غادر عمله في وق ت غير ﻻئق ومن غير مبرر مقبول كما أن المشغل لم تلحقه أضرار من ذلك .
المبحث الثالث : إنهاء عقد العمل الغير المحدد المدة من طرف المشغل
تعتبر حاﻻت فسخ عقد العمل من طرف المشغل هي اﻷكثر شيوعا وتداوﻻ ف ي جل المحاكم إن لم نقل كلها ويزداد حجمها بتقلص المبادﻻت التجارية وتفاقم اﻷزمات اﻻقتصادية .
وانطﻼقا مما سبقت اﻹشارة إليه في الفصل الخامس من قرار 1948 ومن الفقرة الثانية من الفصل ) 754 ( من : ق . ع . ل فإن المشغل عندما يبادر إلى إنهاء عقد العمل يتعين عليه أن يعلم بذلك أ جيره إﻻ في حالة ارتكاب هذا اﻷخير خطئا جسيما أو وجود قوة قاهرة ) الفقرة الثانية من الفصل الخامس من قرار : 23 / 10 / 1948 .(
وقد تعرض الفصل السادس من القرار المذكور إلى عدة حاﻻت اعتبرها أخطا ء شنيعة، منها مثﻼ السرقة، ترك الشغل عمدا وبدون مبرر، إفشاء أسرار المؤسسة …
اﻹعﻼم بالفصل من العمل أوجب الفصل السادس من قرار 23 أكتوبر 1948 على المستأجر الذي يريد طرد أحد مستخدميه بسبب خطأ خطير أن يخبره في ظرف 48 ساعة من وقت إثباتها بواسطة رسالة مضمونة الوصول وأن يسلمه بنفسه ن سخة من رسالة الطرد موضحا له أسباب الطرد وتاريخه ومقتضيات الفصل ) 6 ( على أن تسلم حتما نسخة منها إلى مفتش الشغل في ظرف ثمانية أيام ابتداء من تاريخ إثبات الخطأ .
ومن المناسب الوقوف عند مﻼحظة أساسية تتعلق بما هو موجود من تناقض ب ين الفصل الخامس والفقرة الرابعة من الفصل السادس من النظام النموذجي المؤرخ في 23 / 10 / 1948 من جهة وبين الفقرة السادسة من نفس الفصل ) 6 ( من جهة أخرى .
فبعد أن تعرضت الفقرة اﻷولى من الفصل الخامس إلى وجوب توجيه اﻹشعا ر بالفسخ من الطرف الذي بادر إليه استثنت الفقرة الثانية حالة وقوع خطأ جسيم أو وجود قوة قاهرة، ومدة سابق اﻹ عﻼم المتبادلة يجب أن تكون مطابقة لﻸعراف وللنصوص التنظيمية، باستثناء حالة وقوع الخطأ الجسيم أو القوة القاه رة .. كما نصت الفقرة الرابعة من الفصل السادس على أنه : في حالة الخطأ الجسيم يمكن أن يتعرض اﻷجير لﻺعفاء فورا وبدون أجل سابق لﻺعﻼم .
جاءت الفقرة السادسة من الفصل السادس لتؤكد على ما يلي : ” إن المستأجر الذي يريد طرد أحد مستخدميه لسبب خطأ يعتبر خطيرا يجب ع ليه أن يخبره وذلك في 48 ساعة من وقت إثباتها وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول .”
وهذا ما أكد عليه القرار رقم 3126 الصادر في 18 / 12 / 90 “: وحيث إن توجيه اﻹنذار بالفصل حسب مقتضيات المادة السادسة من قرار : 23 / 10 / 1948 ، ﻻ يكون واجبا إﻻ إذا طرد المشغل أجيره من عمله لخطأ ارتكبه )” 25 .( وعكس هذا قرره القرار رقم 105 ـ الصادر بتاريخ 23 / 2 / 87 حيث تضمن أن الخطأ الجسيم يبرر فسخ العقد دون إنذار ودون أي حق في التعويض ) 26 .( ـــــــــــــــــــــ
) 25 ( مجلة القضاء والقانون، عدد : 143 ﺻﻔﺣﺔ 135 . ) 26 ( مجلة القضاء والقانون، عدد : 138 ﺻﻔﺣﺔ 240 . ـــــــــــــــــــــ
أما قانون العمل المصري في المادة 76 فقد نص على أنه “: ﻻ يجوز اتهام عامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من 15 يوما )” 27 .(
لكن هل يجب أن يتضمن اﻹشعار بالطرد الفصل ) 6 ( من قرار : 23 / 10 / 48 ؟ أجاب المجلس اﻷعلى عن هذا التساؤل بمقتضى قراره عدد 417 الصادر بتاريخ 26 / 4 / 1982 . ” ﻻ يكون اﻹشعار بالطرد معيبا شكﻼ إن لم يتضمن اﻹشارة إلى الفصل ال سادس من قرار 23 أكتوبر 1948 مادام المشغل قد ضمنه أسباب الطرد )” 28 .(
فأيهما يمكن اﻷخذ به؟ في نظرنا اﻹعﻼم بالطرد واجب في كل اﻷحوال ارتكب اﻷجير خطئا جسيما أم ﻻ، ماعدا إذا تعذر ذلك لسبب قاهر . كما تعرض اﻷستاذ سعيد بناني في كتابه قانون الشغل بالمغرب، عﻼقات ا لشغل الفردية صفحة 600 إلى ثﻼثة قرارات تتعلق برسالة الطرد الموجهة من طرف المشغل إلى العامل .
القرار اﻷول : اعتبر أن هذه الرسالة ليست إلزامية وهو القرار الصادر بتاريخ : 21 / 12 / 72 ، في الملف عدد : 39529 والذي جاء فيه :
” حيث إن طالب النقض يعترف في جميع مذكراته بأن الشركة منعته من الدخول إلى معاملها، وكان هذا المنع المعترف به يعد فصﻼ وتبليغا لهذا الفصل مادام القانون المغربي ﻻ يشترط أية طري قة خاصة ﻹشعار الطرف اﻵخر بوقوع الفصل .” ـــــــــــــــــــــ
) 27 ( اﻷستاذ محمد عابي، رقابة القضاء على فصل اﻷجير، صفحة 106 . ) 28 ( مجلة المحاكم المغربية، عدد : 26 ـ ﺻﻔﺣﺔ 67 . ـــــــــــــــــــــ
القرار الثاني : صدر بتاريخ 27 / 5 / 74 في الملف 45482 اعتبر الرسالة الموجهة للعامل ضرورية . القرار الثالث : الذي صدر في 7 يوليوز 1975 في الملف 48604 نفس اتجاه القرار الثاني، ” لكن حيث إن المحكمة كانت على صواب حين صرحت أن طرد أي عامل يستوجب اتباع المسطرة الخاصة المضم نة أعﻼه، أشارت إلى وجوب إعﻼم اﻷجير ومفتش الشغل، وأنها في سلطة تقدير الحجج الموكولة إليها اعتبر ت أن ليس من بين وثائق الملف ما يثبت أن الطاعنة طبقت المسطرة المذكورة دون أن تزعم هذه اﻷخيرة تحريف المحكمة للوثائ ق التي أدلت بها .”
وهناك قراران آخران نشير إليهما فيما يلي : ” لكن في غير العمل الموسمي وفي غير العقد المحدد ﻻبد من اﻹنذار حتى ولو غادر اﻷجير عمله من تلقاء نفسه، كما أكد ذلك القرار رقم 707 الصادر بتاريخ 12 نونبر 1984 في الملف اﻻجتماعي عدد 5112 )” 29 .( وأيضا القرار رقم 86 الصادر بتاريخ 17 مارس 1986 في الملف 6206 / 85 . ” يجب على المشغل أن يخطر العامل بالخطأ الجسيم الذي يستوجب طرده عن طريق البريد المضمون ويسلم له نسخة من اﻹخطار يدا بيد .”
” وعند المنازعة في أسباب الطرد، ﻻ يجوز للمحكمة أن تعتبر إﻻ ما ور د منها في اﻹنذار بالطرد .” وأسباب الطرد الواردة في هذه الرسالة هي التي تكون موضوع نقاش أمام المحكمة، كما جاء في القرار السابق الذكر “: ﻻ يمكن للمحكمة أن تناقش إﻻ أسباب الطرد الواردة في رسالة الطرد وبالت الي يعتبر تذرع المشغل بالقرارات التأديبية السابقة مردودا ﻻتخذاها من أجل أخطاء سابقة وانتهى أمرها وﻻ يمكن اتخاذ عقو بات جديدة من أجلها )” 30 .(
إننا مع ما ذهب إليه المجلس اﻷعلى في كون اﻷخطاء السابقة لرسالة اﻹعفاء ﻻ يعتد بها مادام لم يرد لهاذ كر ضمن اﻷسباب الموجبة للطرد .
لكن إذا ارتكب اﻷجير أخطاء بعدها وجه له مشغله رسالة اﻹعفاء وقد يقع هذا ـ فإنه يؤخذ بها أثناء مناقشة اﻷسباب المؤدية للطرد ـ خصوصا إذا تعذر على المشغل أخطار العامل بها ﻷسبا ب مبررة . ـــــــــــــــــــــ
) 29 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 39 ﺻﻔﺣﺔ 137 . ) 30 ( مجلة المحاكم المغربية، عدد : 25 ، صفحة 67 .
ـــــــــــــــــــــ
إذا اﻹشعار بالطرد قاعدة جوهرية، ﻻ إثباتية حسب القرارات اﻷخيرة وقد نقل اﻷستاذ بناني رأي اﻷستاذ محمد فهيم في كتابه قانون العمل الفردي وأحكام القضاء :
” لم يرتب القانون جزاء على عدم اﻹعﻼم بالفسخ كتابة، ومن رأينا أنه يجوز للمحاكم أن تقضي بعدم اﻻختصاص بالفسخ في هذه الحالة وتلزم صاحب العمل بأن يدفع أجر العامل باعتبار أن منع العامل عن العمل بسبب يرجع إلى صاحب العمل وذلك إلى تاريخ تظلمه من قرار الفسخ، كما أن مدة المهلة ﻻ تبدأ إ ﻻ من هذا التاريخ .”
اﻷسباب التي يعتمدها المشغلون كمبررات للطرد ورقابة القضاء : إن اﻷسباب التي يعتمد عليها المشغلون في إصدار قرارات الطرد كثيرة، على أن نكتفي في عرضنا على أهمها، كالتغيب بدون مبرر وارتكاب أفعال مخلة بالعمل ورفض الشغل والمشاركة في اﻹض رابات و … وقد تكون هذه اﻷسباب مختلفة ورقابة القضاء بفعالية هي الضمانة اﻷ ساسية لحقوق الطبقة العاملة من تعسف أرباب العمل .
اﻻستقالة المفروضة بسبب تغيب مبرر دون إذن : تعرض القرار الصادر عن المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء تحت عدد : 1123 والذي سبقت اﻹشارة إليه اعتبارا لما احتوى عليه من نظرة تطورية مسايرة للعصر ولمستجداته إلى عنصرين : أوﻻ : اﻻستقالة تحت الضغط، أو كما سماها القرار نفسه اﻻستقالة المفروض ة معلﻼ ذلك بما يلي : ” وحيث إن العارضة ) أي الشركة ( تنازلت بالفعل عن عزل المدعي بعدما اعترف هذا اﻷخير بأخطائه مقابل ا ستقالته …”
” وكذا يبدو جليا أن المدعي عليها ساومت المدعي فضغطت عليه لكي يقدم اس تقالته من العمل لديها ولوﻻ هذا الضغط لما قدم استقالته .”
ويتأكد هذا الضغط من سرد للوقائع، ومما تضمنته الحيثيات الموالية و التي تتعلق بالحدث الذي برر العامل تغيبه نصف يوم عن العمل بسببه . ثانيا : التغيب لحدث هام وهو استقبال الوالدين بالمطار ليس خطأ جسيما يبرر ال طرد .
وقد برر القرار المشار إليه ذلك بما يلي : ” حيث إن مفهوم الحالة العائلية أو الحادثة العائلية الهامة قد تطور بع د مرور أكثر من : 32 سنة في فهم وتفسير الفصل ) 12 ( وجعله يساير التطور اﻻجتماعي واﻻقتصادي للبﻼد لكي تشمل حاﻻت أخرى غير الحاﻻت السبع المنصوص عليها في الفصل ) 12 ( كاستقبال أحد اﻷبوين عند الرجوع أو الذهاب إلى الحج .”
وبمناسبة صدور هذا القرار فقد علق عليه ببحث قيم تحت عنوان : التغيب بسبب حدث عائلي هام الدكتور هيرفي بارشومينال المحاضر بكلية الحقوق بالدار البيضاء ) 31 .( وأهم ما يمكن اقتطافه منه هو الفقرات التالية : ” فباﻹضافة إلى تعزيز حماية اﻷجراء يكون الحكم الصادر عن المحكمة ا ﻻبتدائية بالدار البيضاء في 10 / 8 / 1982 ﻣﺛﺎﻻ جد نادر للدور الخﻼق والمنشئ للقواعد القانونية للقاضي في الميدان ا ﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .
وفي الفقرة اﻷخرى يثني أيضا على هذا القرار فيقول : ” ولكن القاضي تجاوز التطبيق الحرفي للنص المذكور ” الفصل 12 ” وهو النص القديم ليستشف روح هذا التشريع ويعتبر أن التوجه للحج حدث عائلي هام كالوفاة واﻻزدياد و “…
وهكذا نشهد ميﻼد القاعدة القانونية التي تبرر تغيب اﻷجير وتدين ق رار المشغل . ويخلص الدكتور هيرفي إلى ما هو متفق عليه من طرف الباحثين حول دور المحاكم الدنيا فيما تصدره من اجتهادات فيؤكد على هامش بحثه ما يلي :
” مع ذلك ينبغي أﻻ يغيب عن الذهن أنه من الصعب القول أن الحكم الذي بث في هذه النازلة أنشأ قاعدة قانونية، ويجسم مثاﻻ حيا على قدرة القاضي على خلق القواعد القانونية وذلك بصدور هذا الحكم عن المحكمة اﻻبتدائية .” ـــــــــــــــــــــ
) 31 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 2 ص ، 65 ﺳﻧﺔ 1986 . ـــــــــــــــــــــ
بالفعل فإن المجلس اﻷعلى هو الذي يمكنه أساسا اﻻطﻼع بهذا الدور أوﻻ وهو خلق القواعد القانونية والذي هو بمثابة أداة للتطور الحتمي لكل قاعدة قانونية، ويبقى التساؤل عن موقف المجلس اﻷ على لو أن النزاع أحيل عليه فهل سيقضي بنقض مثل هذا الحكم؟
يبقى السؤال مطروحا . نعم يبقى السؤال مطروحا لﻺجابة عليه من طرف المجلس اﻷعلى لكن في ن ظرنا ما أقره قرار المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء وجبها بالنسبة لموضوع التغيب ﻻستقبال الوالدين بالمطار ) 32 .(
وقد اعتبرت محكمة اﻻستئناف بالدار البيضاء في قرارها عدد 132 الصادر بتاريخ 7 فبراير 1983 أن طلب اﻷجير من مشغله إعفاءه من القيام بالتزاماته العقدية أثناء مهلة اﻹخطار، فاعت بر المشغل الطلب بمثابة استقالة وحرمه من كل الحقوق يعد فصﻼ تعسفيا ) 33 .(
بل إن القضاء الفرنسي اعتبر اﻷجير الذي قدم استقالته تحت تأثير اﻻن فعال وفي حالة عصبية شفويا أو حتى كتابة فتراجع عنها بعد ذك ومنعه المشغل من القيام بأعماله فيعد فصﻼ تعسفيا ) 34 .(
وبالنسبة لﻼستقالة المفروضة فقد صدر قرار المجلس اﻷعلى تحت رقم 103 بتاريخ : 23 / 2 / 1987 جاء فيه : ” إن مجرد منح المشغل لﻸجير تعويضا عن اﻹشعار واﻹعفاء ﻻ يثبت أن ا ستقالة هذا اﻷخير انتزعت تحت الضغط .” إن اﻹكراه يقتضي ثبوت وقائع من شأنها أن تحدث ألما جسيما أو اضطرا با نفسيا أو خوفا من التعرض لخطر كبير وأن تكون السبب الدافع في تقديم اﻻستقالة . ـــــــــــــــــــــ
) 32 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 14 ﺳﻧﺔ 87 ، صفحة 233 . ) 33 ( اﻷستاذ محمد عابي رقابة القضاء على فصل اﻷجير، صفحة 90 . ) 34 ( نفس المرجع والصفحة . ـــــــــــــــــــــ
منافسة رب العمل : من بين اﻷسباب التي يعتمد عليها في إنهاء عﻼقة الشغل منافسة العامل لمشغله . والمجلس اﻷعلى اعتبر هاته المنافسة سببا مبررا للفصل بمقتضى قرار رق م 330 الصادر في 22 / 09 / 1980 . ” إن اﻷجير بتأسيسه شركة منافسة تقوم بنفس النشاط الذي تمارسه الشركة المشغلة، يكون قد أخل بما التزم به بعقد الشغل من عدم إنشاء واستخدام الوسائل والمعلومات واﻷساليب الخاصة المستعم لة من طرف هذه اﻷخيرة ويشكل مخالفته لهذا اﻻلتزام خطأ جسيما يبرر طرده من العمل )” 35 .(
” لما اعتبرت المحكمة أن الطرد التعسفي لعدم إخطار العامل باﻷخطاء ال تي استوجبته لم تكن في حاجة إلى البحث عن اﻷسباب التي تبرره ” الفقرة 5 من الفصل ) 6 ( من قرار 23 / 10 / 1948 .
ويبدو أن هذا القرار غير منسجم مع ما جاء في الفقرة الرابعة من الفص ل السادس من قرار 23 أكتوبر 1948 التي تضمنت :
” ويمكن طرد اﻷجير فورا ودون سابق اﻹنذار في حالة ما إذا ارتكب خطأ شنيعا كالسرقة والسكر و .”… لذلك نجد القرار رقم 105 الصادر بتاريخ 23 فبراير 87 في الملف 8265 – 86 يؤكد أن الخطأ الجسيم يبرر فسخ العقد دون إنذار ودون أي حق في التعويض ) 36 .( ـــــــــــــــــــــ
) 35 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 27 ﺻﻔﺣﺔ 133 . ) 36 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 39 ﺻﻔﺣﺔ 169 .
ـــــــــــــــــــــ
وما نسب لﻸجير في هذه النازلة، هو تسلمه من زبناء الشركة مبالغ ما لية بدون حق يعني رشوة إن صح التعبير، وذلك حتى يسلمهم البضاعة المشتراة قبل غيرهم .
ومما يعتبر خطأ جسيما في نظر محكمة اﻻستئناف بالرباط حادثة سير كان من نتيجتها تحطم الشاحنة التي كان يسوقها اﻷجير، وجاء في قرار المجلس اﻷعلى حول هذه القضية ما يلي :
” اﻷخطاء الجسيمة المشار إليها في الفصل السادس من قرار 23 أكتوبر 1948 ورددت على سبيل المثال .” ” واعتبار المحكمة ما نسب إلى العامل حادثة سير ليس بخطأ جسيم ﻷنه لم يرد ضمن ما ورد في قرار : 23 / 10 / 1948 ) الفصل 6 ( يعد تطبيقا خاطئا، وكان عليها أن تقرر بمالها من سلطة التقدير ما إذ ا كان الفعل يعد خطأ جسيما أم ﻻ .” قرار رقم 46 الصدر بتاريخ 10 / 2 / 1986 ) 37 .(
وقد علق على هذا القرار الدكتور محمد الكشبور أستاذ بكلية الحقوق ب الدار البيضاء تحت عنوان ” تكييف الخطأ الجسيم والطابع الحمائي للقانون اﻻجتماعي )” 38 .(
ومما جاء في هذا التعليق : ” وإذا قبلنا على مضض بأن اﻷخطاء الجسيمة التي عددها المشرع هي مجرد أمثلة فقط يمكن دائما لقاضي الموضوع أن يقيس عليها فإننا ﻻ نقبل إطﻼقا أن تعد حادثة السير المرتكبة من طر ف العامل () سائق وبكيفية عادية بمثابة خطأ جسيم يبرر طرد ذلك العامل، اللهم إﻻ إذا كانت تلك الحادثة مقصودة في ذاتها ح يث يصح القياس .”
وفي نظرنا فإن محكمة اﻻستئناف التي وقع نقض قرارها ربما استنتجت من وقائع النازلة أن ما قام به العامل يشكل خطأ يبرر الطرد لكن كان عليها أن تبرز عناصر الخطأ ليتأتى للمجلس اﻷعل ى الرقابة القانونية .
ومن البديهي أنه انسجاما مع ما جاء في الفقرة الرابعة من الفصل السا دس من قرار 23 أكتوبر 1948 فإنه يعد خطأ جسيما حكم المحكمة باﻹدانة من أجل فعل منسوب لﻸجير .
لكن الحكم بالبراءة يطهر العامل، وطرده بسبب ما نسب إليه من أفعال ب رأته المحكمة منها يعد طردا تعسفيا .
ـــــــــــــــــــــ
) 37 ( مجلة القضاء والقانون، عدد 138 ، صفحة 240 . ) 38 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد 39 ، صفحة 134 . ـــــــــــــــــــــ
” إن الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب حين اعتمد الحكم بالبراءة ” قرار رقم 8 / 5 / 1970 ) 39 . نفس المبدأ أقره القرار رقم 923 الصادر بتاريخ 19 / 11 / 1982 في الملف 93242 : ” تكون المحكمة على صواب حين استخلصت في نطاق سلطتها التقديرية أن ف صل العامل من أجل سرقة لم تثبت في حقه يكتسي صبغة طرد تعسفي ) 40 .(
ولم يكن منسجما مع مقتضيات الفصل السادس من قرار 23 أكتوبر 1948 وﻻ مع القرارين السابقين القرار رقم 702 الصادر بتاريخ 11 / أكتوبر / 1982 الذي تضمن ما يلي : إن صدور قرار ببراءة أجير تم فصله وتوبع جنحيا على إثر ارتكابه أخطا ء جسيمة أثناء ممارسته عمله ﻻ يجرد هذه اﻷفعال من صفة اﻷخطاء الجسيمة وﻻ تضفي البراءة وحدها على الطرد صبغة التعس ف .
إن اﻷخطاء الجسيمة التي تثبت بمقتضى معاينة رجال الدرك والتصريحات ا لتي أدلى بها العامل نفسه لرجال هذه المعاينة تبرر فصله )” 41 .(
وأحيانا يقدم المشغل على طرد العامل متدرعا بأسباب يعتبر المشرع القي ام بها من طرف العامل مشروعة مادامت مبنية على
أسس منطقية، فاﻹضراب حق دستوري، وقيام العامل به في نطاق القانون مش روع وإقدام المشغل على طرد أي عامل بسبب ذلك يعد طردا تعسفيا . ـــــــــــــــــــــ
) 39 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 21 ، صفحة 25 . ) 40 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 32 ﺻﻔﺣﺔ 80 . ) 41 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 1 ﺳﻧﺔ 86 ﺻﻔﺣﺔ 29 . ـــــــــــــــــــــ
من ذلك مثﻼ ما أقره القرار رقم 280 الصادر بتاريخ : 11 / 7 / 1969 . ” لكن حيث أن المحكمة صرحت بأن تاريخ قرار الفصل هو : 7 / 2 / 1964 ، وأنه إذا ما اعتبر أيام اﻹضراب الذي شنه العمال بصفة جماعية ودون أن يكون للمستأنف عليه يد في حدوثه والذي استمر من : 31 يناير إلى 2 فبراير 1964 يكون الفصل ) 13 ( من قانون المناجم لم يطبق تطبيقا سليما من طرف الشركة إذ أن الفصل ال مذكور يشرط لصحة الطرد أن تكون الغيبة قد استمرت خمسة أيام كاملة متتالية أي دون تقطيع بينها لسبب من اﻷس باب المشروعة مما يجعل المحكمة قد قدرت بما لها من كامل السلطة دون أن ينعى عليها أي تحريف للوثائق، أن تغيب العامل لم يستمر 5 أيام متصلة ومن تم لم يرتكب ما نسب إليه من مخالفات الفصل ) 13 ( السالف الذكر )” 42 .(
ومن ذلك أيضا القرار رقم 29 الصادر بتاريخ 6 يناير 1984 ، عن المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء : ” عندما يتم تكوين نقابة داخل المؤسسة ويتعرض ممثل النقابة الذي قدم بط ريقة مشروعة مطالب مادية ومهنية، إلى الطرد بسبب هذا النشاط يكون لﻺضراب التضامني الذي يشنه بقية العمال لﻼحتج اج على هذا الطرد طابعا مشروعا ويكون المشغل بالتالي مسؤوﻻ عن فسخ عقد الشغل في هذه الظروف ويجب عليه أن يتحمل ع واقب هذا الفسخ التعسفي )” 43 .(
وقد يبرر المشغل إعفاء عامل أو أكثر من العمل وذلك لداع أساسي وهو ت خفيض اﻹنتاج لسبب أو ﻵخر كقلة الطلب على المنتوج أو …
فهل يحق له ذلك؟ نعم : يجوز له ذلك بعد الحصول على إذن السلطة المحلية تطبيقا لمرسوم 14 غشت 1967 ، وإﻻ فإن العامل المعفي يستحق تعويضا .
ومن القرارات التي تعرضت لهذا الموضوع : 1 ( القرار رقم 124 الصادر بتاريخ 9 مارس 1987 في الملف عدد : 8589 : ” ﻻ يجوز لرب العمل إغﻼق المعمل إﻻ بموافقة السلطة المحلية )” 44 .( 2 ( القرار رقم 201 الصادر بتاريخ 16 / 6 / 1971 يعتبر فصل العمال بسبب
ـــــــــــــــــــــ
) 42 ( مجلة القضاء والقانون، عدد : 102 ﺻﻔﺣﺔ 48 . ) 43 ( المجلة المغربية للقانون، عدد : 3 ﺳﻧﺔ 1986 ﺻﻔﺣﺔ 178 . ) 44 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 40 ﺻﻔﺣﺔ 191 . ـــــــــــــــــــــ
تخفيض اﻹنتاج دون استئذان السلطة اﻹدارية والحصول على اﻹذن فصﻼ تعسفيا )” 45 .( وقد يتخذ المشغل إجراء يتمثل في نقل اﻷجير من عمل ﻵخر فيرفض هذا اﻷ خير ذلك وتكون النتيجة هي الطرد فما هو موقف المشرع والقضاء؟
صدر قرار عن محكمة اﻻستئناف بالدار البيضاء تحت عدد : 311 بتاريخ 7 مارس 1982 في الملف عدد : 231 / 82 تضمن “: من القواعد العامة استخدام اﻷجير في العمل المتفق عليه وأنه ﻻ يمكن للمشغل إجباره على عمل مخالف خصوصا إذا كان الفرق واضحا بين العملين )” 46 .(
والواقعة تتمثل في كون اﻷجير كان سائق سيارة فنقل لكي يصبح سائق در اجة نارية . كما أن اﻹعفاء من العمل دون ضمان نفس اﻻمتيازات يعتبر طردا وهذا ما أكد عليه القرار عدد 90 الصادر بتاريخ 22 يناير 1969 “: حيث أن عقد العمل نص على اشتغال الطالب وكيﻼ تجاريا بالدار البيضاء للشركة المدعى عليها وأن هذه اﻷخيرة ألزمته بالذهاب إلى مكناس دون أن تضمن له نفس اﻻمتيازات وإﻻ اعتبرته مقدما إعفاءه، ففي ذلك من العلل ما يكفي لتبرير ما قضت به المحكمة من تعويضات عن الفسخ التعسفي )” 47 .(
وبالنسبة للقانون فإن العقد شريعة المتعاقدين ومادام اﻻتفاق قد حصل على أن يكون اﻷجير سائق السيارة فعﻼ فﻼ يمكن إجباره على أن يصير سائق دراجة نارية لما في ذلك من اﻷخطار . ـــــــــــــــــــــ
) 45 ( قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 33 ـ 34 ﺻﻔﺣﺔ 86 . ) 46 ( رابطة القضاة سنة 20 عدد 8 ـ 9 مارس 84 ﺻﻔﺣﺔ 126 . ) 47 ( قضاة المجلس اﻷعلى، عدد : 8 ﺻﻔﺣﺔ 4 . ـــــــــــــــــــــ
كما أنه قد يلجأ إلى تخفيض ساعات العمل القانونية وفي هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء تحت عدد : 3569 بتاريخ 30 / 9 / 1987 معتبرا أن عدم اﻻتفاق مع العامل ودون سلوك المسطرة المنصوص عليها ف ي مرسوم 14 / 8 / 1967 يجعل المشغل يتحمل مسؤولية اﻹنهاء التعسفي لعﻼقة العمل ولو أن ا ﻷجير هو الذي رفض القيام بالعمل مادام تخفيض ساعات العمل قد مس باﻷجر المتفق عليه أو بالحد اﻷدنى لﻸجر ) 48 .(
وقد تنتقل المؤسسة من يد إلى أخرى، فما هو مصير العمال؟ تطبيقا للفقرة السابعة من الفصل ) 754 ( من قانون اﻻلتزامات والعقود التي تتضمن أن التغيير الطارئ في المرك ز القانوني لرب العمل بسبب اﻹرث وتحويل المشروع أو … فإن عقود العمل الجارية تستمر، وأن سحب رخصة النقل بمقتضى مقرر إداري من مؤسسة إلى أخرى يؤدي إلى تحويل عقود العمل إلى المؤسسة الج ديدة تطبيقا للفصل ) 754 ( من ق . ل . ع وليس منح العمال تعويضا عن اﻹعفاء تطبيقا لمرسوم 14 غشت 1967 ، ” قرار رقم 110 الصادر بتاريخ : 21 / 2 / 1983 )” 49 .(
التعويض عن الطرد التعسفي : عندما يطرد اﻷجير يمكنه أن يرفع قضيته إلى المحكمة مدعما طلبه برسا لة الطرد وذلك في شهر واحد ابتداء من يوم توصله بها وليس هذا اﻷجل أجل سقوط كما أكد ذلك القرار رقم 655 الصادر بتاريخ 25 / 11 / 1981 : إن الفصل السادس من قرار : 23 / 10 / 1948 يجيز لﻸجير تقديم دعواه في أجل شهر من تاريخ توصله برسالة الطرد، و ﻻ يوجب عليه ذلك كما أنه ﻻ ينص على جزاء يترتب على تقديم الدعوى بعد أجل شهر، وأيضا القرار رقم 353 الصادر في : 29 / 9 / 1986 .
ـــــــــــــــــــــ
) 48 ( مجلة المحاكم المغربية عدد : 53 ﺻﻔﺣﺔ 137 . ) 49 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 33 ـ 34 ﺻﻔﺣﺔ 92 . ـــــــــــــــــــــ
عندما يثبت للمحكمة أن العامل طرد، من عمله بصفة تعسفية فلها وفي ن طاق سلطتها التقديرية أن تقرر إما إرجاعه إلى عمله مع منحه أجرته ابتداء من تاريخ توقفه عن العمل إلى غاية استئ نافه له أو منحه تعويضا مراعية في تحديده العرف وطبيعة العمل واﻷقدمية وكل العوامل اﻷخرى التي تجسم الضرر المستحق عند التعويض كما سبق القول في حديثنا عن اﻷجر قرار رقم 300 ﻓﻲ : 19 / 4 / 1982 ) 50 .( ثم قرار عدد 720 ﻓﻲ : 24 / 4 / 1989 ) 51 .(
وتنص الفقرة اﻷخيرة من الفصل السادس من قرار : 23 أكتوبر 1948 على ما يلي :
” وإذا طرد اﻷجير بغير حق فيجوز للمحكمة أن تحكم إما بإعادة اﻷجير إ لى منصبه مع إجراء العمل بالرجوع إلى منصبه ابتداء من تاريخ الطرد وإما بالحكم على المؤاجر بأن يدفع تعويضا حسب الظروف المعتبرة في هذه القضية، وحسب الضرر الﻼحق بالعامل من جراء ذلك الطرد المذكور .”
إن لنا رأيا خاصا في هذا المقتضى القانوني نوضحه كما يلي : 1 ( أن الحكم برجوع العامل إلى عمله من طرف المحكمة فيه تجاوز على اﻹراد ة الحرة لﻸطراف وتسلط عليها ومخالفة لمقتضيات الفصل ) 19 ( من قانون اﻻلتزامات والعقود وللقاعدة المعروفة ) العقد شريعة المتعاقدين ( فإرغام العامل على الرجوع إلى العمل مع مشغله الذي ساءت عﻼقته به وإلزام المؤاجر بهذا أيضا، يجعل العقد غير رضائي مشوبا باﻹكراه وغير صادر عن إرادة حرة، واقتراحنا هو أن يستدعى الطرفان ﻹجراء صل ح بينهما على أساس استئناف عقد العمل، فإن لم يقع صلح عندئذ تقضي المحكمة بالتعويض للعامل إن كان يستحق ذلك .
2 ( وحتى ﻻ تطول إجراءات التقاضي في قضية واحدة فإنه من اﻷفضل للعامل أن يضمن مقاله إجراء محاولة التصالح مع أجره المستحق أو التعويض عن الطرد التعسفي .
وفي انتظار هذا التعديل التشريعي في نظرنا أن يقدم المقال مشتمﻼ على طلب الرجوع إلى العمل مع اﻷجر المستحق، وفي حالة رفض المشغل إرجاع العامل لعمله الحكم عليه بالتعويض المستحق، ﻷ ن في هذا تقليﻼ لعرض القضايا على المحاكم وربحا للوقت أيضا . ـــــــــــــــــــــ
) 50 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : ﺻﻔﺣﺔ 101 . ) 51 ( مجلة اﻹشعاع عدد : الثاني صفحة 97 . ـــــــــــــــــــــ
لكن إذا رفض المشغل الرضوخ لقرار المحكمة وأبى أن يرجع العامل إلى عم له عندئذ يحق لهذا اﻷجير مطالبته بالتعويض عن الطرد التعسفي ” قرار 275 بتاريخ : 28 / 7 / 1986 )” 52 .( ثم القرار الصادر بتاريخ : 20 / 2 / 1989 في الملف 499 ـ 1989 ) 53 .(
وقد ينشأ خﻼف في موضوع الطرد، المشغل يقول بأن العامل غادر العمل م ن تلقاء نفسه بينما العامل يقول العكس، فعلى من يقع عبء اﻹثبات؟ ” لم تدل الطاعنة بما يثبت أن اﻷجير هو الذي غادر عمله من تلقاء نفسه ﻷن عبء اﻹثبات يقع على كاهلها مما يبقى معه الطرد تعسفيا .”
قرار رقم 151 الصادر بتاريخ : 6 / 2 / 1989 ) 54 .( ثم قرار رقم 124 الصادر بتاريخ : 9 مارس 1987 ) 55 .( أما القرار رقم 417 الصادر في 26 / 4 / 1983 فقد اعتبر أن إنذار، العامل من طرف المشغل بالرجوع إلى العمل دون أن يفعل فإن فصله يعد مبررا ) 56 .(
رابعا : اﻻجتهاد القضائي في حوادث الشغل واﻷمراض المهنية ومن يطالهم ظهير حوادث الشغل . لسنا في حاجة إلى التأكيد على أن مسؤولية المؤاجر مفترضة وذلك حماية لﻸجير من مخاطر الحوادث التي قد تقع له أثناء العمل أو بمناسبته .
وأيضا وللتأكيد فقد فإن ظهير 6 / 2 / 63 شمل عدة أصناف من اﻷجراء حتى ولو كان العقد الرابط بينهم وبين مؤاج ريهم باطﻼ أو قابﻼ لﻺبطال ” الفصل 4 .” ـــــــــــــــــــــ
) 52 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 138 ﺻﻔﺣﺔ 227 . ) 53 ( اﻹشعاع العدد اﻷول صفحة 84 .
) 54 ( اﻹشعاع العدد اﻷول صفحة 68 . ) 55 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 40 ﺻﻔﺣﺔ 191 . ) 56 ( مجلة المحاكم المغربية عدد : 26 ﺻﻔﺣﺔ 67 . ـــــــــــــــــــــ
بل وحتى لو كانت ﻻ تربطهم عﻼقة شغل كما هو الشأن بالنسبة للمعتقل ين ” قرار : 5 / 3 / 1952 .” لكن رغم كل هذه الشمولية فهناك بعض اﻻستثناءات، وأبرز مثال على ذل ك هو : خدمة المنزل فهي تقوم بعمل مقابل أجر، ومع ذلك ﻻ يرعاها قانون الشغل كما برر ذلك القرار رقم 648 الصادر عن المحكمة اﻻبتدائية بالدار البيضاء بتاريخ : 31 / 12 / 1986 .
حيث إن الخادمة المنزلية تعمل في منزل وليس في مؤسسة تجارية أو صناع ية أو مهنة حرة، ومن ثم فطبيعة البيت أو حرمة المنزل تتنافى مع بعض قانون العمل التي تقتضي زيارة مفتش الشغل لمزاولة كيفية وظروف تنفيذ العمل كما يجري به العمل في المؤسسات اﻷخرى ) 57 .(
وهذا ما أكد عليه قرار المجلس اﻷعلى عدد : 34 ـ الصادر في : 10 فبراير 1986 مذكرا بالمبادئ القانونية في هذا الموضوع بكون خادمات المنزل اللواتي يمارسن عملهن في البيوت لسن عام ﻼت بمؤسسة بالمفهوم الذي يقصده الفصل اﻷول من النظام النموذجي المؤرخ في : 23 أكتوبر 1948 ، وﻻ تنطبق عليهن مقتضيات الفصلين ) 723 ( ، ) 754 ( من قانون العقود واﻻلتزامات ) 58 .(
لكن اﻷستاذ هيرفي بارشومينال المحاضر بكلية الحقوق بالدار البيضاء ل ه رأي مغاير لرأي القضاء، ويؤخذ ذلك من بحث تحت عنوان عدم قابلية تطبيق التشريع اﻻجتماعي على خادمات المنازل ) 59 .(
وفي نظرنا فإنه باﻹضافة إلى ما برر به القضاء رفضه تطبيق قانون ال شغل على خادمات المنازل، هناك اعتبار آخر يتجلى في أن رب المنزل غالبا هو المشغل للخادمة دون أن تكون له الرقابة ﻷ سباب يطول شرحها، وإنما زوجته هي المشرفة على عمل الخادمة دون أن تكون لها هي نفسها أية تبعية لزوجها المشغل، ول ذلك يمكن إحداث إطار قانوني خاص لخادمات المنازل يراعى فيه ما علل به القضاء رأيه وما يمكن أن يبرزه الفقه و التشريع . ـــــــــــــــــــــ
) 57 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 12 ﺳﻧﺔ 1987 ﺻﻔﺣﺔ 129 . ) 58 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 12 ﺻﻔﺣﺔ 129 . ) 59 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 12 ﺻﻔﺣﺔ 129 . ـــــــــــــــــــــ
الحوادث المشمولة بالحماية : انطﻼقا من الفصل الثالث من ظهير 6 / 2 / 1963 الذي جاء فيه “: تعتبر بمثابة حادثة للشغل، الحادثة كيفما كان سببها التي تصيب من جراء الشغل عند القيام به كل شخص سواء كان أجيرا أو يعمل بأي ة صفة كانت وفي أي محل كان، إما لحساب مؤاجر واحد أو عدة مؤاجرين وإما لحساب رؤساء المقاوﻻت المبينة بعده ، ولو كان المؤاجر يزاول مهنة تدر عليه ربحا، وذلك حتى لو كانت هذه الحادثة ناجمة عن قوة قاهرة أو كانت أحوال الش غل قد تسبب في مفعول القوة الطبيعية أو زادت في خطورته؛ اللهم إﻻ إذا برهن المؤاجر أو المؤمن على أن المصاب بالح ادثة عرضة سهلة لﻸمراض .” فإن القضاء تطرق إلى عدة حاﻻت عرضت عليه وهو بصدد تطبيق المقتضيات ا ﻟﺳﺎﻟﻔﺔ .
من ذلك القرار رقم 464 الصادر بتاريخ : 28 / 6 / 1982 . ” إن كل ضرر يحصل من جراء حادثة تقع بسبب الشغل أو بمناسبة القيام به يجب اعتباره ناتجا عن حادثة الشغل، إﻻ إذا أقيم الدليل على عكس ذلك )” 60 .(
القرار رقم 124 الصادر بتاريخ : 23 فبراير 1982 الذي اعتبر مصاحبة اﻷجير لمؤاجره في مهمة حادثة شغل ) 61 .(
القرار رقم 283 الصادر في : 11 / 9 / 1969 .
” إن الجروح التي أصيب بها حارس الليل لفندق في أكادير لدى وقوع اله زة اﻷرضية وفي مكان العمل وبمناسبته تشكل حادثة شغل رغم كونها ناتجة عن قوة قاهرة )” 62 .(
القرار رقم 161 الصادر بتاريخ : 18 مارس 1970 ” إن العامل الذي توفي من جراء سقوط الفندق الذي يقيم به في مهمته لمشغله تعتبر حادثة شغل )” 63 .(
لقد توسع المشرع في اعتبار حادثة الشغل تلك التي تقع لﻸجير أثنا ء الذهاب من العمل واﻹياب إليه مادام المرور لم ينقطع أو ينحرف لسبب فرضته مصلحة العامل الشخصية عن الحاجيات الجوهري ة للحياة العادية والخارجة عن العمل . ـــــــــــــــــــــ
) 60 ( مجلة المحاكم المغربية عدد : 28 ـ ﺻﻔﺣﺔ ـ 58 . ) 61 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 33 ـ 34 ﺻﻔﺣﺔ 111 . ) 62 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 10 ﺻﻔﺣﺔ 36 . ) 63 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 16 ﺻﻔﺣﺔ 53 . ـــــــــــــــــــــ
وهكذا اعتبر المجلس اﻷعلى في قراره عدد : 754 بتاريخ : 15 / 12 / 1976 ، الحادثة التي وقعت لعاملة اعتادت استعمال شاحنة المشغل في تنقلها، لكن تعذر على المشغل ذات يوم استعمال تلك ا لشاحنة مما دفع باﻷجيرة إلى استعمال قارب لنقلها إلى منزلها كبقية سكان دوارها، فغرقت، معلﻼ ذلك بقوله :
” ﻻ يعتبر تغيير الطريق، ووسيلة التنقل التي اعتادها العامل خطأ بالمع نى المنصوص عليه في الفصل ) 311 ( من قانون حوادث الشغل مادام قد ثبت أنه كان مضطرا إلى ذلك تحت تأثير الظروف ال محيطة به )” 64 .(
” لكن إذا انحرف اﻷجير عن الطريق المعتاد ووقعت له حادثة فإن ذلك يخر ج عن نطاق الفصل السادس المشار إليه .” ” ﻻ تعتبر مماثلة لحادثة الشغل، الحادثة الطارئة على عامل في مسافة ال ذهاب واﻹياب، بين مكان إقامته ومكان عمله إذا انقطع أو انحراف المرور لسبب فرضته المصلحة اﻷجنبية عن الحاجيات الج وهرية للحياة العادية أو الخارجة عن العمل .”
” وأن محكمة اﻻستئناف ركزت إذا قرارها على أساس قانوني لما رفضت أن ين تفع بتشريع حوادث الشغل عامل الشركة المصاب من جراء حادثة سير بين مكان عمله ومكان إقامته بعدما ﻻحظت أن الضحية انحرفت عن المرور لنقل أكياس من الدقيق معدة لمخبزة تستغلها زوجته )” 65 .(
وفي موضوع المرض المهني نشير إلى القرار رقم 99 الصادر بتاريخ : 13 / 4 / 1966 . ” تصادف المحكمة الصواب إذا اعتبرت أن مقتضيات الفصل الثالث من ظهير : 31 ماي 1943 المغير بظهير 18 ماي 1957 الخاصة بوجوب اعتبار تاريخ الشهادة الطبية هو تاريخ مشاهدة المرض ، تمنع من البحث عن التاريخ الحقيقي لﻺصابة إذا كانت هناك عناصر دقيقة تمكن من تحديد هذا التاريخ )” 66 .( ـــــــــــــــــــــ
) 64 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 130 ﺻﻔﺣﺔ 116 . ) 65 ( مجموعة القرارات لمدنية لمجلس اﻷعلى سنوات 57 ـ 1962 . ) 66 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 54 ﺻﻔﺣﺔ 185 . ـــــــــــــــــــــ
كما يعتبر يوم المشاهدة الطبية اﻷولى للمرض المهني تاريخ ابتداء لزوم المشغل بالتعويض ” قرار رقم 80 الصادر في 27 يناير 1959 )” 67 .(
وﻻبد من عرض المصاب بالمرض المهني على ثﻼثة أطباء اختصاصيين ﻹثبا ت العجز الدائم متى كان النزاع بين الطرفين على نسبته تطبيقا لمقتضيات الفصل ) 11 ( من قرار وزير الشغل الصادر في 20 ماي 1967 ، ) قرار 219 ﻓﻲ 25 / 2 / 1985 ، ثم قرار رقم 562 ﻓﻲ : 6 / 4 / 1984 )( 68 .(
هل التصريح بالحادثة إجراء إلزامي ينتج عن عدم القيام به عدم قبول ا لطلب؟ تنص الفقرة اﻷولى من الفصل ) 347 ( من ظهير 6 فبراير 1963 على ما يلي : ” تكتسي مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا صبغة عمومية، وتلغى بحكم القانون كل اتفاقية مخالفة لها .” وأكد على هذا المبدأ القرار الصادر عن المجلس اﻷعلى تحت عدد 461 بتاريخ : 18 / 6 / 1988 . ” لما كانت مقتضيات ظهير 6 / 2 / 1963 تعد من النظام العام ) الفصل 347 ( فإنه يجب أن يبلغ ملف القضية إلى النيابة العامة تطبيقا للفصل ) 9 ( من قانون المسطرة المدنية )” 69 .(
وإذا كان اﻷمر كذلك فهل ﻻبد من التصريح بالحادثة وفق ما جاء في ا لفصل ) 14 ( وما بعده من الظهير؟ أم يمكن اﻻستغناء عن ذلك واستبداله بتسجيل الدعوى كأي مقال؟
وفي نظرنا فإن الهدف هو حفظ حقوق المصاب أو ذوي حقوقه كان ذلك بالتصر يح أم بالمقال، وقد صدرت عدة قرارات عن المحكمة اﻻبتدائية بمراكش ) ملف : 12 / 87 ، حكم : 29 / 9 / 87 ( وملف ) : 466 / 88 ، حكم :
ـــــــــــــــــــــ ) 67 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 24 ﺻﻔﺣﺔ 340 . ) 68 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 37 / 38 ﺻﻔﺣﺔ 148 ) . 12 م المحاكم لمغربية عدد : 35 ﺻﻔﺣﺔ 86 .( ) 69 ( قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 42 ـ 43 ﺻﻔﺣﺔ 187 . ـــــــــــــــــــــ
16 / 1 / 1989 ( وأيدته محكمة اﻻستئناف بمراكش بتاريخ : 15 / 11 / 1989 في الملف ) 1090 / 89 ( كما يفهم من قرار المجلس اﻷعلى رقم 1758 الصادر بتاريخ 16 / 10 / 1989 وهو ينظر في قضية أمامه أنها رفعت بمقال، إذ جاء ضمن تحليله للوقائع قوله “: فتقدم ورثة ـ المصاب ـ بمقال يعرضون فيه أن موروثهم توفي من جراء الحادثة .”… …” وأكدوا ذلك في مقالهم اﻻفتتاحي للدعوى وأجابت الطاعنة عن المقال )”… 70 .(
حساب اﻹيراد : اعتبارا من أن قواعد ظهير : 6 / 2 / 63 من النظام العام فإن المحكمة ملزمة بتطبيق القانون ولو لم يطلب منها اﻹيراد المستحق وفق ما يجب قانونا كما إذا كانت العملية الحسابية ناتجة عن طلبات خاط ئة أو اعتقد المستحق لﻺيراد أن ما التمس الحكم له به هو الصواب وقد أكد على هذا المبدأ قرار المجلس اﻷعلى عدد : 164 الصادر بتاريخ 11 / 2 / 1985 بقوله “: ﻻ يضار أحد باستئنافه ” قاعدة تطبق إذا تعارضت مع مقتضيات النظام العام .
وأن المحكمة اﻻستئناف أن تقضي من تلقاء نفسها باﻹيراد العمري المست حق للمصاب طبق الكيفية الحسابية المنصوص عليها في القانون كقاعدة آمرة ولو لم يطلبه المصاب، وﻻ يعاب عليها الحكم برف ع مبلغ اﻹيراد المذكور بالرغم من عدم استئناف المصاب مادامت لم تخرج في قضائها عما هو وارد في نص قانوني يكتسي صبغة النظا م العام ) 71 .( وحماية لﻸجير أو ذوي حقوقه أقر القراران رقمي 30 ) 10 / 7 / 86 )( 72 ( ، ثم 431 ) 17 / 6 / 85 )( 73 ( المبدأين التاليين وهما : ﻻ يجوز لمؤمن المؤاجر أن يتعرض بسقوط أي حق على المصابين بحوادث الش غل . ـــــــــــــــــــــ (70) قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 45 ﺻﻔﺣﺔ 122 . ) 71 ( مجلة المحاكم المغربية عدد : 35 ﺻﻔﺣﺔ 82 . ) 72 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 37 ﺻﻔﺣﺔ 195 . ) 73 ( مجلة المحاكم المغربية عدد : 40 ﺻﻔﺣﺔ 72 .
ـــــــــــــــــــــ
ذوي حقوقهم ) الفصل 341 من ظهير 6 / 2 / 63 ( ثم إن الفصل ) 344 ( من نفس الظهير يتضمن أنه يلغى كل بند في عقد التأمين ينص على تعويض ممنوح للمصاب أو ذوي حقوقه على أساس أجرة تقل عن أجرة المصاب الحقيقية .
اﻹيراد التكميلي : إن البت في طلب اﻹيراد التكميلي متوقف على البت في دعوى إيراد ح ادثة الشغل ) الفصل 174 من ظهير : 6 / 2 / 63 ( ثم قرار المجلس اﻷعلى عدد : 474 الصادر في : 21 / 10 / 76 ) 74 .( ويمكن الحكم باﻹيراد التكميلي إن كان مستحقا ” الفصل ـ 178 ” وكما أكد على ذلك قرار محكمة اﻻستئناف بمراكش تحت عدد : 6254 الصادر بتاريخ : 9 / 10 / 1990 : ” إن غطى اﻹيراد اﻷساسي في حادثة شغل كل التعويض المستحق، فﻼ يحكم بأي إيراد تكميلي )” 75 .(
التقادم : التقادم خﻼل المدة التي يحددها القانون يسقط الحق في الدعوى الناش ئة عن اﻻلتزام ) الفصل 371 من : ق . ع . ل .( سوف ﻻ نتعرض للتقادم كمبدأ قانوني وإلى مدده التي لها أجل معلوم إﻻ بقدر ما يمكن للقضاء أن يعالجه بمناسبة عرض قضايا مختلفة عليه ويكفينا تسجيل بعض الحيثيات التي اعتمدتها تلك القرارات لنستخلص منها القواعد القانونية . ـــــــــــــــــــــــــــــــ (74) قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 29 ﺻﻔﺣﺔ 177 . ) 75 ( مجلة المحامي عدد : 18 ﺻﻔﺣﺔ 95 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد أقر المجلس اﻷعلى في قراره عدد : 171 الصادر بتاريخ 7 / 7 / 75 ، بعض القواعد التي تتعلق بالتقادم وانقطاعه : ” حيث أنه بعد التصريح بالحادثة يتحتم على السلطات المختصة إحالة الملف على المحكمة التي تقوم بالبحث بمجرد توصلها بالملف، وأن عدم قيام المحكمة بالبحث ضمن اﻵجال المقررة قانونا ﻻ يؤدي إلى سريان التقادم من تاريخ التصريح بالحادثة، ﻷن ذلك التصريح يعتبر بمثابة تحريك لدعوى الحصول على اﻹيرادات وا ﻹعانات المنصوص عليها في ظهير : 6 / 2 / 1963 وتعتبر الدعوى قبل إتمام البحث خاضعة لﻺجراءات القضائية التي تؤدي إلى انقطاع التقادم حيث ﻻ يبدأ سريانه من جديد إﻻ من تاريخ صدور أمر بحفظ الملف في حالة عدم توصل المصاب أو ذوي حقوق ه باﻻستدعاء للبحث أو لمحاولة الصلح ) 76 .(
وصدر قرار تحت عدد 120 بتاريخ : 28 / 4 / 86 في الملف اﻻجتماعي عدد : 227 / 85 جاء فيه : ” إن المدعي انقطع عن العمل باعترافه بتاريخ 6 / 7 / 72 بعد إنجاز شهادة طبية تثبت مرضه، وأحيل على الصندوق الوطني للضمان اﻻجتماعي حيث كان يتقاضى منه التعويضات المخولة له إلى حدود : 15 / 7 / 74 ، ومن هذا التاريخ لم يحرك ساكنا إلى : 4 / 3 / 1980 حيث أقام هذه الدعوى .”
” حقا إن محكمة اﻻستئناف لم تبرز العناصر التي أدت إلى وقف أو قطع ال تقادم وأخطأت في تعليلها حين اعتبرت استمرار المدعي في عﻼج مرضه يوقف التقادم رغم أنه لم يكن يتوصل بالتعويضات ا ليومية طيلة مدة العﻼج حسب مقتضيات الفصل ) 3 ( مكرر من ظهير : 31 / 5 / 1943 المتعلق باﻷمراض المهنية وهكذا يكون القرار منعدم التعليل ” مجلة المحامي عدد : 12 ـ ﺻﻔﺣﺔ ـ 137 .
أما القرار عدد : 519 الصادر بتاريخ 5 / 10 / 1987 في الملف اﻻجتماعي عدد 6006 / 85 فقد أكد على أن عدم قيام المحكمة بالبحث المنصوص عليه في الفصل ) 30 ( من ظهير : 6 / 2 / 1963 ، ﻻ يؤدي إلى سريان التقادم ” إن التصريح بحادثة شغل داخل اﻷجل القانوني يجعل المحكمة ملزمة بإجراء البحث في الدعوى في ظرف خم سة أيام الموالية لتاريخ استﻼم الملف من طرف المحكمة .”
” إن عدم قيام المحكمة بالبحث المذكور أعﻼه ﻻ يؤدي إلى سريان التقاد م ﻷن مجرد التصريح بحادثة شغل، يجعل دعوى اﻹيرادات واﻹعانات المنصوص عليها في ظهير : 6 / 2 / 1963 قائمة أي أن إحالة الدعوى على المحكمة يجعلها تخضع
لﻺجراءات القضائية التي تؤدي إلى انقطاع التقادم .”
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (76) مجلة القضاء والقانون عدد : 130 ﺻﻔﺣﺔ 113 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ
إن التقادم المومأ إليه في الفقرة السابقة ﻻ يبتدئ سريانه من جديد إﻻ من تاريخ صدور أمر بالحفظ في حالة عدم توصل المصاب أو ذوي حقوقه باﻻستدعاء للبحث أو لمحاولة التصالح ) المرجع : مجلة المحاكم المغربية عدد : 55 ﺻﻔﺣﺔ 98 .( ويتوقف التقادم وﻻ يسري بالنسبة للقاصرين إﻻ ابتداء من تاريخ رشدهم أو ترشيدهم، ما لم يكن لهم نائب قانوني ” ف 379 ـ ف . ع . ل .”
ويتوقف بالنسبة للزوجين كما ينص على ذلك الفصل ) 3789 من قانون العقود واﻻلتزامات . كما أن الدعوى ضد الغير ﻻ تقطع تقادم دعوى حادثة الشغل كما أقر ذلك المجلس اﻷعلى في قراره عدد : 13 الصادر عنه بتاريخ : 8 / 11 / 1971 .
” إن دعوى ضحية حادثة الشغل ضد الغير المسؤول عن الحادثة مستقلة عن دعو ى حادثة الشغل ضد هذا اﻷخير، وﻻ قطع إجراءات الدعوى اﻷولى أمد تقادم الدعوى الثانية )” 77 .(
على أن القرار رقم 1655 الصادر عن المجلس اﻷعلى بتاريخ 2 أكتوبر 1989 اعتبر أن كل قرار صادر في نطاق مراجعة ﻹيرادات حوادث اﻷمراض المهنية قاطعا للتقادم ) 78 .(
إذا كان القانون ) الفصل 17 من قرار 23 ـ 1960 ( قد نص على أنه يتقادم الحق في مراجعة إيراد حوادث اﻷمراض المهنية ﺑـ 15 سنة تبتدئ من تاريخ أمر قاضي الصلح المحدد لﻺيراد فإن هذا ﻻ يفيد أن ما يعنيه القانون هو فقط اﻷمر اﻷول المانح لﻺيراد، ولهذا فإن كل حكم قضى بتحديد جديد لﻺيراد يكون هو المنطلق لﻸمد الجديد للتقادم . نص الفصل ) 1749 من ظهير : 6 / 2 / 1963 على أنه : يجب أن تقام دعوى المسؤولية عن الجنحة لكي تكون مقبولة في غضون الخ مس سنوات الموالية لوقوع الحادثة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (77) مجلة القضاء والقانون عدد : 130 ﺻﻔﺣﺔ 110 . ) 78 ( مجلة القضاء والقانون عدد : 142 ﺻﻔﺣﺔ 127 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كما نص الفصل ) 171 ( على ما يلي : ” يحتفظ المصاب أو ذوو حقوقه بصرف النظر عن الدعوى المترتبة عن ظهيرنا الشريف هذا بالحق في مطالبة مرتكبي الحادثة طبقا لقواعد الحق العام بتعويض الضرر الﻼحق .”
فبالنظر إلى الفصل ) 174 ( يجب إقامة الدعوى المنصوص عليها في الفصل ) 171 ( خﻼل أجل خمس سنوات وإﻻ كانت غير مقبولة، فهل أجل خمس سنوات أجل تقادم أم أجل سقوط ؟
إن المجلس اﻷعلى في قرار له صدر تحت عدد : 254 بتاريخ 20 / 4 / 1982 في الملف 93673 اعتبره أجل سقوط حين قال :
” يجب أن تقام الدعوى ضد الغير المسؤول عن الحادث خﻼل أجل خمس سنوات من تاريخ وقوع الحادثة كما هو وارد في الفصل ) 174 ( من ظهير : 6 / 2 / 1963 ويعتبر اﻷجل المنصوص عليه في الفصل المذكور أجل سقوط ﻻ أمد تقادم يسري عليه ما يسري على أمد التقادم من انقطاع )” 79 .(
ونفس هذا أكده القرار رقم 275 الصادر بتاريخ 25 / 4 / 88 الذي جاء في حيثياته “: وحيث أن المطلوب لم يقدم دعوى طلب اﻹيراد التكميلي صحيحة الشكل إﻻ بتاريخ : 26 / 6 / 1980 وبعد فوات اﻷجل المنصوص عليه في الفصل ) 174 ( من ظهير : 6 / 2 / 63 وهو خمس سنوات، واﻷجل المنصوص عليه في الفصل المذكور يعتبر أجل سق وط ﻻ أجل تقادم .” ” وحيث أن مقتضيات الظهير المشار إليه يكتسي صبغة عمومية كما وقع الت نصيص عليه في الفصل ) 347 ( من نفس الظهير، وبذلك فالخروق التي تتعرض لها مقتضياته تقبل إثارتها ولو ﻷول مرة أ مام المجلس اﻷعلى )” 80 .(
كما صدر قرار آخر في نفس المعنى تحت عدد : 205 بتاريخ : 14 / 7 / 1986 تضمن عدة جوانب لها عﻼقة بالموضوع ننشرها قصد اﻻستفادة منها :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (79) قضاء المجلس اﻷعلى، عدد : 30 ﺻﻔﺣﺔ 111 . ) 80 ( المجلة المغربية للقانون عدد : 19 ﺻﻔﺣﺔ 262 ﺳﻧﺔ 1988 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ
” إن الدعوى المقامة من طرف المؤمن القانوني للمشغل على الغير المسؤول عن الحادثة هي دعوى شخصية تستهدف استرجاع مبالغ اﻹيرادات والمصاريف التي أداها للضحية نيابة عن المشغل في نطا ق حادثة الشغل .”
” إن دعوى الضحية على الغير المذكور تستهدف المطالبة بأداء إيراد تكمي لي في نطاق مسؤوليته عن حادثة السير عمﻼ بمقتضيات القانون العام، وﻻ يوقف سريان أجل سقوط الحق إﻻ إقامة الدعوى من طرف الضحية داخل أجل خمس سنوات عمﻼ بمقتضيات الفصل ) 174 ( من ظهير : 6 / 2 / 1963 ، وﻻ تستفيد الضحية من دعوى الغير لوقف أجل السقوط لصراحة النص المذكور )”… 81 .(
وقد سبق للمجلس اﻷعلى أن أصدر قرارا تحت عدد : 22 بتاريخ 2 / 11 / 1966 ، أقر بمقتضاه أن الدعوى المتعلقة بالجراية التكميلية تخضع للقواعد العامة فيما يتعلق بالتقادم إذ جاء فيه :
” لكن حيث أن المحكمة صرحت أن الدعوى اﻷولى المقدمة من أجل الحصول على التعويض عن خسارة السيارة أفصح السيد … بدون نزاع عن نيته في الحصول على جميع حقوقه إزاء شركة الزيوت … تبعا لحادثة 8 / 3 / 57 ، ومن أجل التعويض عن جميع اﻷضرار التي لحقته وأنه وقع هكذا قطع تقادم الدعوى المقدمة من أجل خسارة السيارة .”
وهكذا فيما أن التعويض الجسماني ﻻ يمكن أن يحصل عليه السيد … إﻻ بناء على الفصل السابع من ظهير : 25 / 6 / 27 فإن الدعوى المبنية على هذا الفصل المتعلقة بجراية تكميلية تخضع للقواعد العامة فيما يتعلق بالتقادم، فإن الدعوى اﻷولى قطعت سريان تقادم الدعوى الثانية .
وفي نظرنا، فإن القرار عدد : 22 المشار إليه ينسجم مع الفصول 171 ـ 172 ـ 174 من ظهير : 6 / 2 / 1963 ، والتي تعطي للمصاب أو ذوي الحقوق الحق في مطالبة مرتكب الحادثة طبقا لقواعد ال حق العام، ومعنى ذلك أنها تخضع لقواعد اﻹثبات المدني فتطبق عليها مقتضيات الفصول ) 78 ـ 88 ـ 381 ( من قانون العقود واﻻلتزامات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (81) المجلة المغربية للقانون عدد : 12 ﺻﻔﺣﺔ 117 ﺳﻧﺔ 1987 . ـــــــــــــــــــــــــــــــ
واﻷجل يسري حتى بالنسبة للقاصرين وناقصي اﻷهلية كما أكد ذلك الم جلس اﻷعلى في قراره : 9125 الصادر بتاريخ : 15 / 11 / 88 في الملف الجنحي عدد : 12344 إذ جاء فيه :
” إن اﻷجل المنصوص عليه في الفصل 174 من ظهير 6 / 2 / 63 ، هو أجل سقوط ﻻ يوقف وﻻ ينقطع، ويسري حتى في حق
القاصرين وناقصي اﻷهلية .”
” المرجع : قضاء المجلس اﻷعلى عدد : 42 ـ 43 ﺻﻔﺣﺔ 255 .” وفي نظرنا فإن سريان اﻷجل حتى بالنسبة للقاصرين الذين ﻻ وجود لممثل هم القانوني يبقى محل تساؤل . وقد اعتبرت محكمة اﻻستئناف بمراكش في قرارها عدد : 72 الصادر بتاريخ 13 / 1 / 1988 في الملف المدني عدد : 2940 ـ 87 أجل خمس سنوات المنصوص عليه في الفصل ) 174 ( من ظهير : 6 / 2 / 1963 كامﻼ، إذ جاء في إحدى حيثيات القرار “: وحيث التمس المدعى عليهما إصدار قرار بعدم قبول الدعوى لتقادمها، وبم ا أن أجل خمس سنوات المنصوص عليها قانونا للتقادم يحسب كامﻼ بعدم احتساب اليوم اﻷول واليوم اﻷخير فإن دعوى المدعى قد سجلت داخل اﻷجل المذكور .”

اعادة نشر بواسطة محاماة نت