امتياز النفط بين الحقوق والواجبات (قانون الموارد البحرية اللبناني)

Oil Privilege Between Rights and Duties (Lebanese Marine Resources Act)

د. زينب محمد جميل الضناوي، كلية الحقوق، جامعة الملك فيصل، المملكة العربية السعودية

Dr. Zeinab Mohammad Jamil Al Dinnawe, King Faisal University, Kingdom of Saudi Arabia

Abstract:

Oil is an important strategic asset, and this wealth requires a lot of care and work in order to make it a success and to provide it properly. It is the responsibility of governments in the first place to carry out this work through their laws in order to attract foreign investments seeking to achieve oil profits. The importance of oil is not an area of ​​debate. Oil is an economic and a life force that belongs primarily to the people who own this wealth. Oil is the main source, if not the only, of the national income of the producing countries, where oil revenues are the first pillar of various economic and social aspects. Lebanon is one of the countries most in need of this kind of income to achieve economic balance and to try to get out of the tunnel of external debt and to promote in various economic aspects, which are so far one of the most difficult economic conditions faced by the Lebanese state. Integrated and serious work in the field of investment of this natural wealth may make the near future of Lebanon prosperous in many areas. The Lebanese government should carry out tireless studies and benefit from past experiences of different countries and strive towards balancing internal interests and attract foreign capital, all with the aim of national development and economic development.

ملخص:

يعد النفط من الثروات الاستراتيجية الهامة، وتتطلب هذه الثروة الكثير من العناية والعمل في سبيل إنجاح الوصول اليها وتقديمها بالشكل الصحيح. ويقع على عاتق الحكومات في المقام الأول تسير هذا العمل من خلال قوانينها المرعية الاجراء في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية الساعية لتحقيق الأرباح النفطية. وأهمية النفط ليست مجال للنقاش، فالنفط قوة اقتصادية وحياتية تعود بالمقام الأول على الشعوب المالكة لهذه الثروة. فالنفط يعد المصدر الأساسي إن لم يكن الوحيد للدخل القومي للدول المنتجة له، حيث تعتبر العوائد النفطية الركيزة الأولى لمختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية. ولبنان من أكثر الدول التي تعد بحاجة إلى هذا النوع من المداخيل لحقيق التوازن الاقتصادي ولمحاولة الخروج من نفق الديون الخارجية والنهوض في مختلف النواحي الاقتصادية، التي تعد إلى الان من أشد الظروف الاقتصادية صعوبة التي تواجهها الدولة اللبنانية. فالعمل المتكامل والجاد في مجال استثمار هذه الثروة الطبيعية قد يجعل المستقبل القريب للبنان مزدهر في العديد من المجالات. فعلى الحكومة اللبنانية القيام بالدراسات الدؤوبة والاستفادة من التجارب السابقة للدول المختلفة والسعي نحو تحقيق التوازن بين المصالح الداخلية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية كل ذلك بهدف التنمية القومية والتطور الاقتصادي.

مقدمة:

يُعَدُّ النفط من الثروات القومية التي لا يمكن الاستهانة بها أو تركها بدون إطار قانوني محدد وواضح، فلا يخفى على أحد انعكاساته الإيجابية على الساحتين الاقتصادية والاجتماعية. فهو يُعدُّ للدول المنتجة الدخل الرئيس ولا نظير لاقتصادها القومي غيره. فغالبية الدول النفطية تعتمد عليه بنسبة تتراوح بين 95 و98 بالمائة.

تعتمد الدول المنتجة-بسبب ضخامة مشاريع النفط-على رؤوس الاموال الأجنبية الساعية إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح. والناظر في عقود النفط عبر التاريخ البعيد يلحظ أنها اثارت صعوبات عديدة للطبيعة العقدية لهذا النوع من المشاريع التي تحمل في طياتها علاقة قائمة بين دولة كشخص من أشخاص القانون الدولي العام، والشركات المستثمرة كشخص من أشخاص القانون الخاص في الغالب، ويكون التفاوت بين هذين الطرفين جليٌّ وواضحٌ. ففي سبيل اكتشاف وتطوير مواردها الطبيعية تتعمد الحكومات على الشركات النفطية الدولية. ودائماً تسبق هذه الاتفاقيات مفاوضات يدخل فيها كلا الطرفين للحصول على أكبر المنافع الاقتصادية[1].

فالنفط لم يعد مصدراً منفرداً لهدفً محدد، بل نجده في عصرنا الحالي قد دخل في جميع الاستخدامات الحياتية والمعيشية، انطلاقاً من قيمته المرافقة للتقدم العلميّ في شتى المجالات. فأصبح واقعاً وليس خياراً، يُعتمد عليه من قبل الدول النامية والدول المتطورة والمتقدمة.

بدأ الاهتمام بالنفط منذ زمن في لبنان، بداية مع وجود الانتداب الفرنسي وصولاً إلى العهد القريب، وقد بدأ موضوع العقود النفطية يأخذ الحيز القانوني في العديد من المجالات.

أهمية الدراسة:

هذه الدراسة تسلط الضوء على العديد من النقاط القانونية الواجب تداركها فيما يتعلق ألا وهي النّفط والاستثمار الناتج عنه. فالاستثمار في هذا المجال ليس كغيره من الاستثمارات؛ لأنه يمر بالعديد من المراحل السابقة وصولاً إلى مرحلة الإنتاج، فالبحث والتنقيب والاستكشاف يسبق عمليات الإنتاج النفطي، وهذا بدوره يحتاج إلى العديد من الخبرات والتقنيات في هذا المجال، فهو يحتاج إلى رؤوس أموال تتناسب وضخامة المشاريع المزمع تنفيذها.

إشكالية الدراسة:

كان للتجارب السابقة المتعددة لمختلف الدول المجاورة، فائدتُها للقيادات في لبنان من حيث الاطلاع والدراسة والتمحيص في العديد من الثغرات وتجنبها، والتركيز على نقاط القوة واعتمادها. فهذه التجارب تُعَدُ ميزة تستطيع الحكومة اللبنانية الاعتماد عليها عند إبرامها للعقود النفطية. فلبنان لن يمر بتجربة السبعين سنة كمدة زمنية للعقود المنشأة بين الشركات الأجنبية والدول النفطية، ولن يخضع لمبدأ الأرض المفتوحة التي اعتمدت من قبل الشركات المستثمرة في الدول المضيفة. فحبذا لو استطاع تجاوز هذه المراحل وطبق العقود النفطية بكل ثبات وقوة.

أهداف الدراسة:

لقد سعيت في هذه الدراسة تقديم عقد الامتياز وطبيعته، وتوضيح مختلف جوانبه وذلك في الفصل الأول، مع الإشارة الى تكيفه القانوني وفقاً لمختلف النظريات في هذا المجال. ثم تطرقت في الفصل الثاني إلى الحقوق والواجبات المتبادلة بين أطراف هذه العقود لما لها من أهمية عملية على الساحة التنفيذية في الاستثمارات النفطية، مسلطة الضوء على العلاقة الواجب اعتمادها بين الطرفين والالتزامات الواقعة عليهما، وذلك بهدف التركيز على وجوب توفر علاقة متوازنة بين الطرفين يعتمد كلٌّ منهما على تحقيق الربح من الطرف الآخر. وقد اعتمدت الباحثة على الأسلوب التحليلي وذلك من خلال تقديم وتحليل طبيعة عقود امتياز النفط من جهة، والدخول إلى النصوص القانونية للواقع اللبناني من باب “قانون الموارد البحرية اللبناني” من جهة ثانية.

الفصل الأول

الامتياز والتكييف القانوني

مقدمة عامة:

إن لامتيازات النفط أهمية واسعة تنبع من مكانتها المهمة على الصعيد الاقتصادي للدول؛ لما تعود عليهم من قوة مالية إنْ تم بشكله الصحيح والقويم. كما أن التجارة تُعَدُ المحرك الأساسي للتطور الاقتصادي، نجد بأن النفط يعتبر أهم العناصر التجارية في العالم[2] وعليه تظهر الأهمية التابعة لهذا النوع من العقود من خلال نقطتين، الأولى تتجلى من فكرة العائد المالي الذي توافره هذه العقود، والنقطة الثانية وهي النتيجة الطبيعية المتجلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للدول الهادفة إلى النهوض بمجتمعاتها[3].

المبحث الأول

الامتياز بين التعريف والتكييف

انطلاقاً من الأهمية المذكورة أعلاه، سنتناول في المطلب الأول مختلف التعريفات التي تناولت فكرة عقود الامتياز، ونحاول في المطلب الثاني الوقوف على الطبيعة القانونية لهذه العقود.

المطلب الأول: ماهية عقود الامتياز؟

يعد النفط من المعادن المهمة؛ لذلك نجد العديد من جميع الدول-إن لم يكن جميعها- تحاول دائماً ترتيب سياستها الاستثمارية بما يتناسب مع سبل تحقيق المنفعة والغاية الرئيسة لهذه العقود، ولا يخفى تزايد هذه الأهمية يوماً بعد يوم[4]. كما أن عقود النفط تعتبر فن العقود الحديثة بالنسبة لغيرها من العقود المدنية والتجارية، فقد ظهرت تقريباً في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين[5].

وانطلاقاً مما سبق يمكن تعريفه بأنه:” منح الانتفاع أو الإجارة أو التمليك أو الهبة أو الاحتكار أو الحق الخاص لشركة وطنية أو أجنبية من قبل الدولة ضمن منطقة محددة من أراضيها لأجل مسمى[6]“. بينما نجد بأن القانون الفرنسي عرف عقد الامتياز بأنه:” عقد تمنح بموجبه الدولة مرفق عام أو مؤسسة لها صفة النفع العام[7]“. كما تم تعريفه على أنه:” الشكل الحديث للاتفاقيات التي تمنح الامتياز للشركات من حيث الحق الحصري في استكشاف وتطوير وبيع وتصدير النفط والمعادن المستخرجة من منطقة محددة لفترة زمنية محددة[8]“.

ونجد القانون المدني المصري عرفه في المادة 668 بأنه:” عقد الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية، ويكون هذا العقد بين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذا المرفق وبين فرد أو شركة يعهد اليها استغلال المرفق فترة معينة من الزمن[9]“. وفي السياق نفسه فقد ذكر قانون الموارد البترولية في المياه البحرية في المادة التاسعة عشر الفقرة الخامسة:” تمنح اتفاقية الاستكشاف والإنتاج أصحاب الحقوق الحق الحصري المشترك بالقيام بالأنشطة البترولية وفقاً لأحكام القوانين المرعية الاجراء ولاتفاقية الاستكشاف والانتاج[10]“.

نلحظ من التعريفات جميعها أنها تتجه نحو سياق واحد، وهو محاولة لشرح الإطار القانوني للعلاقة الناتجة عن هذا النوع من العقود، وكيف أن الدول تسعى من خلالها الوصول إلى الأهداف الاقتصادية المرادة مع الحفاظ على مبدأ السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية، كما تم التأكيد عليه في المجتمع الدولي وفي اجتماعات الأمم المتحدة عبر السنوات الماضية. ولكن هذه العقود بتغير ظروفها أدت إلى تغير العديد من عقودها تبعاً للظروف الجديدة. فلقد ظهرت هذه العقود في مطلع القرن الحالي بين الدول المنتجة للنفط والشركات الأجنبية العاملة في هذا المجال، ومع بداية فكرة هذه العقود كانت الشركات الأجنبية هي الجهة الأقوى والمستفيد الأكبر من هذه الاتفاقيات. وبعد أن تغيرت الظروف الخاصة بالدول النفطية وقدرتها على استيعاب والعمل على تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي مما جعلها تسعى وبقوة إلى تعديل العديد من الشروط المدرجة في هذه العقود استناداً إلى مبدأ تغير الظروف الجوهرية، وجعل العقود تتناسب مع واقع الظروف الجديدة[11].

بالرغم من اختلاف العقود من حيث ما تضمنه من شروط سواء كانت هذه الشروط قانونية أو مالية أو غيرها، إلا أنها استحوذت على العديد من السمات المشتركة وهي التالية:

في البداية منحت عقود امتياز النفط الشركات الأجنبية الحق الكامل في التنقيب واستخراج النفط في مناطق الامتياز، بالإضافة إلى نقل وتكرير وتصدير كامل للإنتاج النفطي[12]، فالمتابع يجد أن الحق في البحث عن النفط وغيره من الحقوق كانت تمتد لما يقارب ستون عاماً[13]، وهي مدة تُعَدُ بطبيعة الحال طويلة وطويلة جداً. وهناك العديد من الأمثلة في هذا السياق، ولعل أبرزها عقد الامتياز المبرم بين السعودية وشركة أويل كاليفورنيا عام 1933، وبين شركة أمينويل مع حكومة الكويت المبرم عام 1948، كما أن هناك عقوداً امتدت لخمسة وسبعين عاماً كما حصل مع شركة نفط قطر مع شيخ قطر في 27 أيار 1925[14]. بالإضافة إلى أنَّ غالبية هذه العقود إنْ لم تكن جميعها قابلة للتمديد. وفي السياق نفسه نجد بأن عقود الامتياز التي تم إبرامها من قبل الحكومة المصرية والشركات الأجنبية امتازت بقصر مدتها بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط المجاورة[15].

كانت عقود الامتياز تعطى على مساحات شاسعة إن لم تكن كاملة للدولة المنتجة، وفي كثير من الأحيان كانت تدخل ضمن العقد نفسه المياه الإقليمية للدولة، وبالتالي كانت الشركات صاحبة الامتياز تمتد بامتيازها على كافة الأراضي التابعة للدولة المنتجة وكل الأمثلة السابق ذكرها تصب في هذا السياق، بل أكثر من ذلك كانت الشركات تملك محض الاختيار بين التخلي أو عدمه عن المساحات الغير مدرجة ضمن اعمال التنقيب، بمعنى آخر تبقى هي صاحبة القرار بإبقائها ضمن ما يعرف بمنطقة امتياز أو بالتخلي عنها[16]. ومن أهم الأمثلة ما جاء في المادة التاسعة من العقد المبرم بين الحكومة السعودية وشركة ستاندرد أويل إذ نصت على أن:”……تتخلى الشركة للحكومة عن بقع من المنطقة المشمولة ويكون قد تقرر لديها إذ ذاك عدم المثابرة على ارتيادها أو عدم استعمالها بشكل آخر له علاقة بهذا المشروع، وكذلك تتخلى الشركة للحكومة من آن لآخر عن بقع أخرى من المنطقة المشمولة التي قد تكون قررت الشركة عدم المضي في استكشافها أو تنقيبها او عدم استعمالها[17].

لم تكن الامتيازات مقصورة على ما تم ذكره سابقاً، بل كانت الشركة تحصن بشكل كامل تجاه أي رسوم أو تراخيص او حتى ضرائب تحت أي مسمى[18]، فلقد كانت تتمتع بالإعفاء الكامل. وقد اقتصرت المدفوعات المالية للدول المنتجة على الإتاوة أو الريع وفي حالات أخرى على الإيجار، وقد كان يختلف من دولة منتجة إلى أخرى من حيث تاريخ بدايته وتوقفه عن السريان ونجد بأن معظم عقود الامتياز التي كانت تبرمها مصر كانت تنص على سريان الإيجار طوال مدة العقد[19]. والشكل الأخير للمدفوعات المستحقة على الشركات النفطية هي مكافأة التوقيع التي كانت تصبح سارية من تاريخ إبرام العقد[20].

انطلاقاً مما تم تفصيله نجد بأن الدول المنتجة للنفط كانت تحصل من خلال عقود الامتياز التي تنشئها مع الشركات الأجنبية، على القليل من الأرباح بالمقارنة لما كانت الأخيرة تحققه من هذه العقود. واستمرّ هذا الوضع لسنوات طويلة حتى تمكنت الدول صاحبة الموارد الطبيعية من إعادة السيطرة التدرجية على هذه العقود ووضعها ضمن إطارها الصحيح، ولا يخفى بأن هذا الأمر لم يكن وليد الساعة، بل مر بالعديد من المراحل المختلفة التي أدت بطبيعة الحال إلي ظهور العقود النفطية بشكلها الحالي.

المطلب الثاني: كيف تطورت العلاقة بين الدول المنتجة للنفط والشركات الأجنبية؟

كانت الحرب العالمية الثانية هي نقطة التحول في طبيعة العلاقة النفطية بين أطراف عقود الامتياز. وكانت الفترة التي اقتنعت فيها الأقطار المتطورة بضرورة حماية مصالحها في استثمار المصادر الطبيعية الاجنبية[21]، مما أدى إلى تزايد الطلب على النفط وبالتالي إلى ارتفاع أسعاره، وبطبيعة الحال النفط الخاص بدول الشرق الأوسط صاحبة القدرة النفطية المتميزة، فما كان إلا أن تبدأ التوجهات الجديدة نحو إدخال مفاهيم ومفردات جديدة لم تكن متوفرة وموجودة في العقود السابقة[22].

أصبح من المعلوم أنَّ، عقود الامتياز التقليدية كانت مفعمة بالمصالح الفردية للشركات الأجنبية، فلقد كانت عبارة عن عقد احتكار يعطي الحق المطلق للمستثمر في البحث والتنقيب في غالبية أراضي الدولة الإقليمية، مقابل فقط رسوم مالية على شكل أتاوة أو مبالغ رمزية بسيطة فقط[23]. وكما ذكرنا سابقاً أن عقد الامتياز هو عقد بموجبه تمنح الدولة لشخص طبيعي أو معنوي حق البحث عن البترول[24]، واستمرّ هذا الوضع إلى غاية النصف الأول من القرن الماضي، حتى ظهور التطورات السياسية والاقتصادية التي غيرت نظرة العالم آنذاك وتم إدخال التعديلات الجديدة على هذه العقود[25]، ولعل أبرزها تمثل في الآتي:

اولاً: ظهور عقود المشاركة

ظهرت هذه العقود بعد الحرب العالمية الثانية، وقد عرفها البعض بأنها:” العقود التي تكون فيها للدولة الحق في مشاركة رأسمال الشركة الأجنبية وفي تسييرها في آن واحد[26]، أي أنه عبارة عن اتفاق بين الدولة المنتجة والشركة الأجنبية، يهدف إلى إنشاء مشروع مشترك يطلق عليه اسم شركة التشغيل للعمليات النفطية ضمن مساحة ومدة محددة[27]، مقابل حصول الشركة الأجنبية على نسب مشاركة في النفط الاحتياطي والمنتج[28].

وبالفعل فلقد تبنت منظمة الدول المصدرة للنفط هذه السياسة، وعمدت إلى تعديل عقود الامتياز القائمة، وتم العمل للوصول إلى مشاركة الدول المنتجة لتكتسب قدراً وافياً من ثرواتها النفطية[29]، وذلك بصورة واسعة وتقريباً في جميع أنحاء العالم، وأصبحت هذه العقود من أكثر العقود تفضيلاً لدى العديد من الدول المنتجة للنفط، وهو تحديداً ما قامت به بعض الدول بالتراضي مع الشركات الأجنبية مثل السعودية والكويت التي وصلت بنسبة الأسهم الى 60%[30]وكانت قد سبقتها في هذا المجال كلٌّ من اندونيسيا ومصر[31]. وترى الباحثة بأن هذا النوع من العقود يعدُ الإنجاز الأهم في سياق هذه العلاقة التي تجمع بين عنصرين أساسيين يتمثلان بالدولة من جهة والشركات المستثمرة الأجنبية غالباً من جهة ثانية.

ثانياً: اعتماد عقود اقتسام الإنتاج

يمكن تعريف هذا النوع من العقود بأنه:” تلك الشراكة القائمة بين الدولة أو الشركة الوطنية التي تمثلها من جهة، وشركة أو مجموعة من الشركات البترولية من جهة أخرى، وبموجبه يرخص للمجمع البترولي الشروع في استعمال الحقوق المحمية[32]“.

وعليه فإن عقود اقتسام الإنتاج تتمثل بعقد بين الشركة الوطنية في البلد المنتج للنفط والشركة الأجنبية، ينص على أن تتولى الأخيرة القيام بعمليات البحث والتنقيب مقابل الحصول على حصة من الإنتاج بدون أي ضريبة عليه وبأسعار مخفضة نسبياً[33]. لذلك تهدف هذه العقود وبشكل أساسي ومباشر إلى تحمل الشركة المستثمرة كافة النفقات والمخاطر، دون أنْ يتحمل الطرف الوطني أي مخاطر، وللشركة المستثمرة حينها أنْ تسترد جميع ما أنفقت في عمليات التنقيب وغيره من خلال استقطاب كميات من النفط المنتج وعلى شكل دفعات، فالشركات النفطية تعمل على توقع أسعار النفط وتقلباته، وذلك لان لهذه التقلبات أهمية كبيرة. فقياس التقلبات في أسعار النفط المستقبلية بدقة، عنصر مؤثر في إرتباط هذه الأسعار بين الأسواق الفروية والعقود الآجلة التي تمت بين الشركات المنتجة والدولة المضيفة[34].

وفي حال لم يتم التوصل أو اكتشاف النفط بالكميات المتوقعة تتحمل الشركة المتعاقدة كافة النفقات التي انفقتها دون أنْ ترجع على الطرف الوطني[35]. ويمكن ملاحظة أنَّ مثل هذه تحمل في طياتها العديد من الدول التي لم يكن وجود النفط لديها مؤكد في المراحل الأولى؛ لأن مثل هذا النوع من العقود يتضمن عنصر مخاطرة من خلال تحمل النفقات[36]. ويتميز هذا النوع من العقود بالعديد من السمات لعل أهمها:

يتحمل الطرف الأجنبي في حالة عدم الاكتشاف وحده مصاريف البحث والتنقيب وغيرها، وفي حال تم اكتشاف البترول بالكميات المتوقعة يكون للشركة الأجنبية استرداد كافة التكاليف والمصاريف وذلك في شكل نسبة متفق عليها في العقد، بالإضافة إلى عدم التزام الشركات بأداء أي ضرائب او رسوم[37]، أي أنَّ الشركة الأجنبية لا تلتزم تجاه الدولة المضيفة بأداء أي ايجارات أو عوائد معينة[38].
قصر مدة هذا النوع من العقود، حيث تتراوح ما بين خمس وثماني سنوات للبحث والتنقيب، وبالتالي أصبحت الشركات النفطية تعتمد على فكرة الوقت بين الاكتشاف والإنتاج يجب أن تكون بمعدل وسطي يتراوح بين أربع وست سنوات[39]. ولا تتجاوز مدة الاستغلال خمساً وعشرون عاماً. بالإضافة إلى محدودية المساحات مقارنة بعقود الامتياز السابقة والتي كانت تشمل كل إقليم الدولة[40].
عند اكتشاف البترول لا يحتفظ المقاول إلا بالمناطق المنتجة أي الواقع عليها العمل، على أنْ يرد كامل ما تبقى من مساحة التنقيب الاصلية، وعندها تستطيع الدولة صاحبة الأرض أنْ تعطي للشركة نفسها أو غيرها رخصاً جديدة في المساحات المردودة وفق عقود جديدة[41]، وهذه من الأمور التي استحدثت في العلاقات النفطية بعد أنْ كانت للشركات الأجنبية كامل الحرية على مساحات شاسعة في الأقاليم التابعة للدولة المضيفة.
ثالثاً: الاخذ بنظام الخدمات البترولية (عقود المقاولة)

هي عقود تتعهد بموجبها دولة منتجة إلى شركة أجنبية تعمل لحساب شركة وطنية القيام بعمليات البحث والاستقلال على مساحة محددة[42]، وبمعنى آخر هي عقد يلتزم بموجبه أحد الأشخاص بتنفيذ عمل معين خلال فترة محددة، ولقاء أجر وبانتهاء العمل وحصول المقاول على أجره تنتهي صلة المقاول بالمشروع[43]. وكما هو ظاهر فإن الشركة الأجنبية أصبحت مجرد مقاول يعمل لحساب الشركة الوطنية المتعاقدة، وبالتالي فإنّ أرباح الشركة الأجنبية أو أجرها هو مقابل ما تقدمه من خدمات على سبيل تنفيذ المقاولة الموكلة اليها[44].

كما يُعَدُّ هذا النوع من العقود الوسيلة الأفضل للدولة المنتجة للنفط برقابة ثرواتها الطبيعية، انطلاقاً من مبدأ السيادة الوطنية، وذلك من خلال الشروع بالبحث عن حقول النفط لقاء نسب محددة ومرتبطة بنجاح المشروع نفسه[45].

ولا يعد هذه النوع من العقود حديث النشأة، فقد ظهر عام ١٩٥٠ في المكسيك، عندما أممت الأخيرة صناعتها البترولية عام ١٩٣٨، وذلك انطلاقاً من الحاجة الماسة الى الإمكانيات التي تتمتع بها الشركات البترولية الكبرى مما دفعها -أيضاً- إلى الاستعانة بالشركات الأميركية في إطار عقود المقاولة، ثم عمدت العديد من الدول السير بالاتجاه نفسه ومن هذه الدول فنزويلا، الأرجنتين، اندونيسيا، وإيران التي عرفت هذا النوع من العقود عام ١٩٦٦ بين الشركة الوطنية للبترول وشركة إيراب الفرنسية[46].

وعليه فإن الشركة الأجنبية لا تُعَّدُّ شريكاً وعليه لا تمتلك أي امتيازات كما كان عليه الوضع سابقاً، إنما نحصر دورها كمقاول يعمل لدى الشركة الوطنية للدول المنتجة للنفط التي تبقى مسيطرة على التحكم بثرواتها الطبيعية، وتبقى الشركة الأجنبية مجرد ممول للخدمات الفنية والمالية والتجارية وكل ذلك لقاء اجر محدد[47].

وانطلاقاً مما تم تفصيله سابقاً يمكننا ملاحظة الخصائص التالية:

هذا النوع من العقود يحيط الدولة بالملكية الخاصة للبترول، وليس للشركة الأجنبية أي حقَّ على الإنتاج، وتكون الدولة المنتجة هي القادرة على بيع الكميات التي تراها متناسبة مع أهدافها الاقتصادية وبسعر محدد من قبلها بشكل كامل، فليس هناك أي صلة قانونية وإلزامية بين الشركة الأجنبية وبين ما هو في باطن الارض[48]، وهذه صورة جديدة لطبيعة العلاقة التي أصبحت قائمة بين الدولة المضيفة والشركات الأجنبية.
على الشركة الأجنبية تسويق جزء من النفط المنتج في حال طلبت الشركة الوطنية ذلك مقابل تعويض عن نفقات التسويق[49]، كذلك تتميز هذه العقود بقصر مدتها مقارنة بعقود المشاركة وعقود الامتياز التي كانت مدتها بشكل عام تتراوح بين خمسة وعشرون إلى أربعين سنة[50].
لا تُعَدُّ الشركة الأجنبية ملتزمة بدفع أي نوع من أنواع الإيجارات، العوائد، ضرائب أو رسوم، بل تلتزم بها الشركة الوطنية باعتبارها المالك الوحيد للنفط[51]. ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذا النوع في العقود كان قد استند إلى نظام التحكيم كوسيلة قضائية لحل النزاعات التي قد تظهر بين الطرفين في المستقبل.
بالخلاصة نجد بأن مفهوم العقود النفطية قد تطور وتفاعل مع البيئة الجديدة التي بدأت من خلال فرض الدول صاحبة الثروات الطبيعية لشروطها الجديدة التي لم تكن من ضمن أولوياتها، بل كانت في مرحلة البنيان الداخلي. وعندما شعرت هذه الدول بالقليل من القدرة والقوة عمدت إلى الإضافات الجوهرية على العقود النفطية.

المبحث الثاني

الطبيعة القانونية لعقود امتياز النفط

تُعَدُّ عقود النفط من العقود المهمة وأكثرها دقة على وجه الخصوص؛ وذلك أنّ طرفي العقد ينطلقان من نظام قانوني مختلف تماماً. فلأول كما هو معلوم الدولة صاحبة السيادة والسلطة المطلقة، والثاني شركة أجنبية تسعى في المقام الأول لتحقيق الربح والفوز المادي. ولكن لتحديد طبيعة هذه العقود ليس بالأمر اليسير، بل تقاذفته العديد من الآراء الفقهية الداعمة لما تدعي ومقدمة ما يثبت وجهة نظرها.

لذلك سوف نعرض للطبيعة الإدارية وما قدمته في مطلب أول، وسنحاول في المطلب الثاني الوقوف على الفكرة الدولية لهذه العقود.

المطلب الأوّل: هل تنطبق الطبيعة الإدارية على عقود النفط؟

إن العقود الإدارية وفقاً لمن نادى بالطبيعة الإدارية لعقود النفط، لم يستند فقط لكون الإدارة طرفاً في هذا العقد، بل استناداً إلى موضوع العقد نفسه، أي أنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد إدارة مرفق عام[52]. وكما هو معلوم فالمرفق العام هو كل مشروع يسعى لتحقيق النفع العام عن طريق الإدارة العامة، إما بنفسها مباشرة أو بالاستعانة بالطراف آخرين ولكن يعملون تحت إدارتها[53]، ولا شك بأن الثروة النفطية تدخل ضمن هذا المسمى فمن خلال هذه الثروة تستطيع الدولة تحقيق أهم الموارد اللازمة لسد حاجات شعوبها والعمل على تأمين اساسيات الحياة للكافة. وهذا مما يؤكد أن معنى المرفق العام يقترن بطبيعة الحال باستغلال الثروة الطبيعية ومنها النفطية ويتأكد ذلك من خلال الدلائل التي تستمد من عقد الامتياز نفسه[54]. وقد أكمل هذا الفريق توجهه بالقول أنَّ العقود النفطية تختلف عن العقود التي تخضع للقانون الخاص، وذلك مرده الى أن العقود الإدارية تتميز بتغليب المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة، وضرورة حكمها لقواعد القانون العام، وعليه توجه النزاعات في هذا المجال نحو القاضي الاداري[55].

يتصف العقد الذي تبرمه الإدارة بالصفة الإدارية بعدّةَ خصائص أهمها:

موافقة الدولة وسماحها للشركات الأجنبية بالعمل على الثروة النفطية الوطنية[56].
سلطة الإدارة المالية والفنية من خلال المراقبة الدائمة والتدخل المباشر بحسب مقتضيات الحاجة[57].
للدولة الحق في التفتيش وزيارة المواقع النفطية.
قدرة الدولة بفرض جزاء على الشركة النفطية عند التقصير وعلى سبيل المثال فرض غرامات، حق طلب الفسخ وإلغاء العقد وغيرها[58].
ولعل أبرزها وهي من الحالات أو الصور الحديثة نسبياً في عقود الامتياز النفطي، سلطة الإدارة في تعديل العقد ومن ثَمَّ تعديل الالتزامات التي قد تزيد من أعباء الشركة أو تنقصها كلُّ على حسب ما تقتديه المصلحة العامة. والدولة في هذا المجال تأخذ بفكرة تغير الظروف للعقد كما هو الحال في القانون الفرنسي وغيره وكما هو الحال في القانون الدولي العام الذي يصرف مبدأ مراجعة المعاهدات نتيجة تغير الظروف[59].
وجهة الإدارة هي أشخاص القانون العام، فالعقد الذي يكون فيه جهة الإدارة لا بد أن يكون من قبيل العقود الإدارية، التي تسعى في المقام الأول كجهة إدارية نحو تحقيق الصالح العام.

وما جعل أصحاب هذا التوجه يقتنعون بفكرة العقود الإدارية للعقود النفطية هي اختيار المتعاقدين لوسائل القانون العام، وذلك من خلال تضمن العقود لشروط استثنائية لا نجدها في مجال القانون الخاص في العقود المدنية أو التجارية. ومنها على سبيل المثال تلك التي تمنح المتعاقد مع الإدارة الحق في ممارسة مظاهر السلطة المناطة عادة بالإدارة العامة مثل الحق في نزع الملكية واستخدامها لفترات طويلة جداً، والإعفاءات من بعض أنواع الضريبة المهمة بالإضافة إلى شرط التحكيم والسعي الدائم نحو شرط الثبات التشريعي.

وفي الجهة الأخرى تسعى الإدارة نحو تمتعها بسلطة مطلقة في المجالات الرقابيّة ومنها استخدام الأجانب من خلال تيسير دخولهم وخروجهم للدولة المضيفة، وتنظيم العمل بما يتناسب مع القانون الداخلي[60]. وبالتالي أصبحت الصبغة العامة على عقود الدولة ظاهرة عالمية يمكن مشاهدتها في مختلف النظم القانونية[61].

ويخلص أنصار هذا الاتجاه إلى أنّ عقود الدولة في مجال النفط هي عقود إدارية داخلية ونتيجة لهذا التكييف أنْ تخضع النزاعات بين الدولة المضيفة والشركة الأجنبية للقضاء الداخلي[62].

المطلب الثاني: ما مدى توفر العنصر الدولي في العقود النفطية؟

لا شك أنّ عقود النفط من أهم العقود التي تقوم الدولة بالدخول فيها، ويختلف التكييف القانوني لطبيعة هذه العقود نظراً لأنّ طرفي العقد مختلفين تمام الاختلاف. وقد دره العديد من الفقهاء إلى القانون الدولي العام، مستندين إلى العديد من النظريات والأسانيد.

وقد اهتمَّ القانون الفرنسي بهذا الموضوع، وقد توصل الفقه إلى أنّ هذه العقود تعد دولية كونها تشبه الاتفاقيات الدولية[63]، مما دعا العديد إلى تدويل عقود البترول لأنه يُعَدُّ القانون الصالح للنظر في طبيعة هذه العلاقة، التي تجعل الدولة النفطية رافضة الخضوع للقانون الأجنبي التابعة له الشركة وكون الطرف نفسه رافضاً الخضوع لقانون الدولة المتعاقدة[64].وعليه فإنّ إرادة الدولة في علاقتها مع الطرف الأجنبي تلتزم بها انطلاقاً من القانون الدولي، وهي الأساس الحقيقي لتدويل العقد، وهذه الإرادة قد تكون صريحة أو ضمنية ولكنها بكلتا الحالتين تشير إلى القانون الدولي وتستبعد القانون الوطني للدولة نفسها[65].

ويرى الفقيه (فردروس Verdross) أنّ اتفاقيات النفط كيان خاص، وبالتالي يستبعد المبادئ القانونية الداخلية للدولة، واختيار المبادئ والقواعد القانونية التي في الغالب يختارها الطرفان[66]، كما أنه يعطيها التصنيف ضمن العقود الشبه دولية[67]. كما أن الفقيه البريطاني “LordMcnair” أيد وجود أحكام تحكم هذا النوع من الاتفاقيات وأطلق عليها “اتفاقيات التنمية الاقتصادية”، وقد استند إلى جملة من الأسانيد التي دعم فيه توجهه ومنها:

إنّ أحد طرفي العلاقة هو الدولة
طبيعة العلاقة طويلة الأمد بما يستدعي إقامة المنشآت
غالباً ما تحتوي العقود على حقوق تشبه حقوق الملكية مثل امتياز جزء من إقليم الدولة الواقعة ضمن عمليات البحث والتنقيب
حصول الأجنبي على بعض الامتيازات مثل الإعفاء من الضرائب التي لا نجدها عادة في العقود الإدارية العادية.
تحكم العلاقات بالقانون العام تارة وبالقانون الخاص تارة أخرى.
اختلاف جذري للنظم القانونية الداخلية للدولة مع القانون الأم للشركة المستثمرة.
عادة ما تحل النزاعات القضائية بين الطرفين بطريق التحكيم[68]. وبالتالي فإنه نادى بتطبيق القانون الدولي العام على هذا النوع من الاتفاقيات.
كما أنّ توجهاً آخر ينصب في نفس السياق دعا إلى تدويل اتفاقيات التنمية الاقتصادية التي تبرم بين الدول والشركة[69]. إنّ هذه العقود لا تختلف كثيراً عن المعاهدات سواء من حيث الطبيعة او الموضوع، أذ ان القانون الدولي هو نفسه الذي يحكم هذا النوع من العلاقات، كون القانون الدولي ينطبق على المعاهدات التجارية، فإنه من باب أولى ان ينطبق على العقود التي تبرمها الدولة مع الشركات الأجنبية، والسبب في ذلك وفقاً لأصحاب هذه النظرية يعود الى التماثل في الموضوع[70] من جهة ومن جهة ثانية الى الأهمية المدرجة في سياق هذا النوع من العقود.

كما لا يخفى على أحد أنَّ الجهة القضائية التي تنظر عبر التاريخ في العقود النفطية كانت دائماً جهات قضائية تحكيمية تسعى إلى حل النزاعات غالباً إنْ لم تكن دائماً وفقاً للقانون الدولي العام أو المبادئ العامة للقانون، كون في المقام الأول النزاع القائم هو بين دولة وشركة أجنبية تتمتع بشخصية دولية محددة مدعومة من قبل دولتها صاحبة جنسيتها بشكل كامل. كل ما تم ذكره يذهب في اتجاه واحد وهو القانون الدولي العام.

ختاماً، يمكننا القول بأن العقد الإداري يختلف تماماً عن الواقع الحقيقي للعقود النفطية. وكما قيل سابقاً فإنّ الدولة تعفي الشركة الأجنبية من العديد من الرسوم وتلزم نفسها بعدم جواز تعديل الاتفاق وفقاً لإرادتها المنفردة، وتكون العقود بين الطرفين على قدراً كبير من المساواة، ونجد بأنَّ الطرف الأجنبي المتمثل بالشركة لديه مقدرات اقتصادية وتكنولوجية قد تفوق أحياناً قدرة الدولة نفسها كما هو الحال في لبنان على سبيل المثال مما يجعل هذه الشركات في مركز قانوني أقوى على كافة المجالات، ويبعد احتمال أن تكون الدولة نفسها هي صاحبة المركز المتقدم. بل يلاحظ بأن الدولة صاحبة الثروات النفطية تحاول بكافة الوسائل الحصول على قدر معين من المساواة في علاقتها مع الشركة المستثمرة وليس خروجها المستفيد الأول. وعليه نجد بأن مفهوم العقد الإداري صفة أبعد ما تكون منطقية وعملية في العلاقات النفطية المتمثلة في عقود الامتياز.

الفصل الثاني

الواجبات والحقوق النفطية

للعقود النفطية كغيرها من الاتفاقيات العقدية آثار تتجلى في موجبات وحقوق تترتب تلقائياً بمجرد الوصول إلى طبيعة توافقية بين الأطراف المعنية. ولتوضيح هذه الفكرة بصورة أكثر فسوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين، يتضمن المبحث الأول الواجبات الواقعة على الشركات النفطية، وفي المبحث الثاني الحقوق الواجب توافرها لهذه الشركات من قبل الدولة المضيفة.

المبحث الأول

ما هي صور الواجبات المترتبة على الشركة النفطية؟

للإجابة على هذا السؤال كان لابد من التطرق إلى الواجبات المتأتية من النصوص القانونية وذلك ضمن مطلب أول، والواجبات الاتفاقية عبر شرحها في مطلب ثاني.

المطلب الأول: الواجبات بالنصوص القانونية

تنشئ عقود الامتياز النفطية على عاتق الشركات الأجنبية المستثمرة واجبات وتعهدات أياً كان نوعها وطبيعتها[71]، ونذكر أهمها على سبيل المثال وليس الحصر، واجب الالتزام بالقوانين والأنظمة، المحافظة على الثروة الهيدروكربونية والمحافظة على البيئة الوطنية. وعليه سوف نتناول هذه النقاط بشيء من التفصيل.

أولاً – واجب الالتزام بالقوانين والأنظمة المحلية

يقع على عاتق الشركات الأجنبية مراعاة القوانين المعمول بها في الدول صاحبة الثروات الطبيعية، وهذا الأمر يسري على الشركة نفسها أو مع المتعاقدين معها، ويقع على الشركات إبلاغ المتعاقدين معها بهذا الواجب. وهذه الواجبات أو الالتزامات تضمن جميع التشريعات، سواء الداخلية مثل قانون العمل أو قانون الإقامة بالإضافة الى الاتفاقيات الدولية كالاتفاقية المتعلقة بالأمور البيئية او التجارية او النقل، فالالتزام واجب في جميع الحالات المذكورة[72]، وغيرها من الحالات التي تدخل في نفس السياق.

كما يمكن القول إنّ العديد من الحكومات تسعى دائماً إلى التخفيف من حدة أنظمتها وذلك لكي تتلاءم مع كافة التوجهات الجاذبة للمستثمرين وهذا ما تطلبه في الغالب الاعمال التجارية والاقتصادية عموماً. وقد ذكر قانون الموارد البترولية في المياه البحرية في مادته الخامسة ما يلي: ” … كما تخضع للقوانين اللبنانية الأنشطة العائدة لأي شركة أجنبية تنفذ أو تشارك في عمليات متعلقة بالأنشطة البترولية”.

ثانياً- واجب المحافظة على الثروة الهيدروكربونية وحماية البيئة

إنّ الثروة الهيدروكربونية تُعَدُّ من الثروات الطبيعية التي تعتمد عليها الدول بشكل مباشر كما تم ذكره. فهي مصدر الطاقة للتدفئة، للكهرباء، وللمحركات على اختلاف أنواعها، مما يزيد من أهميتها ويدفع جميع الدول للسعي نحو المحافظة عليها[73]. ولذلك تولي الحكومات الاهتمام الخاص لهذه الثروة لما تضمه من مختلف العناصر كالنفط والغاز الطبيعي، وتسعى جاهدة لتطويره وتنظيمه والمحافظة عليه. ويتم ذلك عبر الخطط الاقتصادية او بواسطة التشريعات القانونية التي تهدف في المقام الأول إلى تنظيم هذه الثروة والمحافظة عليها. ونجد العراق من أوائل الدول التي استجابت لقرار منظمة الأوبك عام 1968 المتضمن دعوة جميع الدول المنتجة للنفط للحفاظ على هذه الثروة النفطية.

وفي الجانب الآخر نجد بأن لبنان قد سعى من خلال إصداره قانون الموارد البترولية في المياه البحرية لعام ٢٠١٠ وتحديداً في نص المادة السابعة والعشرون ما يفيد المعنى نفسه، إذ نجد بأنّ المادة قد تحدثت عن الإنتاج الرشيد وقد تضمنت أنْ يتم الإنتاج وفقاً لأفضل المعايير وبطريقة تتفادى هدر البترول قدر الإمكان، وفي هذا إشارة الى ضرورة المحافظة على هذه الثروة والعمل على تحسينها واتخاذ كافة التدابير اللازمة لتحسين النتائج[74]. وبمعنى آخر يتعين على الشركات المستثمرة اتخاذ كافة الإجراءات لضمان أفضل الاستخدامات للثروة النفطية[75].

وهناك توجه دائمٌ من قبل الدول للشركات النفطية أن تلتزم باستخدام الكميات المناسبة من النفط والتنسيق الدائم مع الطرف الوطني، والبعد كل البعد عن الهدر والإسراف غير المبرر، بل أكثر من ذلك إلى اعتماد أفضل السبل في تنفيذ عمليات الإنتاج والتنقيب، كي لا يؤدي ذلك لأي نوع من فقدان مكامن النفط، وقد يحصل ذلك في خلال أخطاء قد تقع أثناء عملية الحفر والتنقيب تؤدي إلى حركة للصخور بشكل خاطئ يؤدي بدوره إلى غلق البئر النفطي، ولا يخفى قدر الخسائر التي قد تلحق الدول النفطية في حال حصول امر كهذا[76]. مع الإشارة الى ان للطرف الوطني لجان خاصة تقوم بتقدير الكميات التي تمثل هدراً في الطاقة الهيدروكربونية.

ثالثاً- التقيد بضريبة الدخل

إن التشريعات القديمة والحديثة على حدًّ سواء صدقت ووافقت بحق الدول في فرض الضرائب بكافة أشكالها وصورها. وتناولت كمادة ضريبية المواطنين والمقيمين على حداً سواء، أي من هم في غير جنسية الدولة صاحبة الأرض، وذلك انطلاقاً من مبدأ السيادة الكاملة على كافة اراضيها[77].

وقد أكدت التشريعات الداخلية أنّ الدولة تتحمل أعباء كبيرة تجاه تأمين الخدمات بكافة أنواعها للمقيم والموطن مما يستدعي وبشكل مباشر ان يلتزموا بدفع الضريبة، مع الأخذ بعين الاعتبار قدرة كل شخص ومقدار يدخل في ذمته المالية، وما يستهلكه من خدمات عامة مختلفة، وهي القاعدة التي يتم اعتمادها من قبل كافة الدول حتى تحصل للضريبة سنداً قانونياً محقاً في سبيل تحصيلها للضريبة وهو المنهج الذي تم اعتماده من قبل العديد من الدول لفرض الضريبة في الآونة الاخيرة[78].

وانطلاقاً مما تم سرده أعلاه، نستخلص قاعدة تفيد بأنَّ الشركات النفطية مطالبة وبوجه عادل بدفع الضريبة بعد أنْ كانت معفاة تماماً منها في البدايات النفطية كونها هي صاحبة الامتياز المطلق، ولكن مع تطور العلاقة بين الدولة صاحبة النفط والشركات النفطية، من خلال المفهوم الحديث المنطلق من فكرة السيادة، فرضت على هذه الشركات الالتزام بالمفهوم الضريبي والعمل على تأدية المتوجبات المطلوبة منها كونها شركات مستثمرة تجارية تعمل على تحقيق أهداف مالية بالمقام الأول داخل الدولة المضيفة مما يوجب عليها الالتزام بالقوانين والأنظمة الضريبية المرعية الاجراء داخل الدولة نفسها.

أما في لبنان فنجد بأن قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، تطرق إلى هذا الموضوع في المادة الخامسة والاربعين حيث نصت المادة:” تُعَدّ جميع الأنشطة البترولية والحقوق البترولية الواردة في هذا القانون التي تجري مزاولتها في لبنان ومياهها البحرية خاضعة للقوانين والأنظمة الضريبية المرعية الاجراء[79]“. وكان الأولى بواضعي المادة المذكورة التطرق إلى الضريبة نفسها وتحديد نسبتها من حيث الحد الأدنى والحد الأقصى، كما هو معمول به في جميع الدول المنتجة للنفط، حتى تكون هذه النسب واضحة وليست متروكة للمناقشات والتداولات بين الدولة المضيفة والشركات النفطية وذلك تداركاً لعدم الوقوع بالثغرات القانونية التي تم استغلالها في العديد من الدول العربية المنتجة للنفط من قبل الشركات النفطية صاحبة الخبرة والتمرس في هذا المجال والعراق خير مثال في هذا المجال.

المطلب الثاني: الواجبات التعاقدية

لتفسير هذا المطلب سوف نتطرق إلى العديد من النقاط ولعل أهمها:

أولاً- التزام الإدارة المشتركة والقيام بالأعمال المتفق عليها

يتم الاتفاق في العقود النفطية عادة على الشكل العام لإدارة المشروع وبطبيعة الحال يختلف من دولة الى أخرى، ولكن يبقى المشترك بينهم جميعاً الهدف المراد تحقيقه ألا وهو السير في العملية النفطية، لما تحققه من منافع للكوادر الوطنية وتطويرها حتى تتصدر العمل بشكل وسيلق وطني كامل[80].

ومن الضروري وضع خطة مسبقة بين الأطراف المتعاقدة تشرح وبوضوح طريقة الإدارة والصلاحيات الموزعة والهيكلية الإدارية لإتمام المشروعات. وفي القانون اللبناني ذكرت اتفاقية الاستكشاف والإنتاج في المادة 19، وتطرقت إلى بعض صور للالتزامات التعاقدية بين الطرفين دون ذكر وبشكل مباشر وواضح الهيكلية الإدارية المراد إنشأها عند إتمام الاتفاقيات والاكتفاء بتوضيح بعض الواجبات[81]. وقد تم سردها تحديداً في الفقرة السابعة من المادة المذكورة. فالمادة العاشرة قد أشارت إلى وجوب إنشأ “هيئة إدارة قطاع البترول” وأسندت إليها العديد من الوظائف وأعطيت استقلال مالي وإداري وارتبطت بشكل مباشر بالوزير المختص. وبطبيعة الحال أسند إليها العديد من الصلاحيات منها رفع تقرير، إعداد مشاريع، معاونة الوزير بالتفاوض ولعل أهمها ما ورد في الفقرة “ه” وما بعدها كونها تتعلق بالإدارة والمتابعة، تقويم خطط تطوير الحقول، إدارة بيانات الأنشطة ومسك وإدارة السجل البترولي.

إن عقود الإنتاج النفطي توجب على الشركات النفطية تنفيذ كافة الاعمال المتفق عليها، كإعداد خطة لتطوير الحقول، واجراء دراسات ومسح ثلاثي الأبعاد، حفر الآبار وبناء منشأة جديدة في الحقول النفطية وغيرها من الأعمال المرافقة للأعمال. على أن يتم التقيد بأفضل الأساليب المعتمدة عالمياً، وهي الأعمال التي يكون لديها قبول لدى قطاع النفط العالمي لأنها تأخذ بعين الاعتبار الشروط الآمنة والملائمة للبيئة كون المحافظة عليها من الأساسيات التي تسعى كافة الدول والشركات الى تحقيقها، وقد أشارت المادة الثانية والثلاثون من القانون اللبناني على أن يقع على عاتق المشغل بالنيابة عن صاحب الحق تقديم تقرير مفصل للأثر البيئي بالاستناد إلى موافقة الوزير، كما نجد أنّ المادة التاسعة والخمسين قد أوضحت ضرورة تقديم الخطط والمستندات المتعلقة بالصحة والسلامة إلى الهيئة وإلى السلطات والإدارة المختصة وذلك بعد مراعاة كافة الأنظمة المعتمدة. وأضافت المادة الستون بأن وزارة البيئة اللبنانية تقوم وبالتنسيق مع الوزير بالإشراف والرقابة على المسائل البيئية المتعلقة بالأنشطة البترولية، وتعمل على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الضرورية للحد من أي آثار سلبية قد تلحق أو تصيب البيئة المحلية[82].

ثانياً- تمويل الإنفاق والالتزام بالتخلي

تحتاج الاستثمارات النفطية إلى رؤوس أموال ضخمة يوازي ضخامة المشروع نفسه، وفي غالب الأحيان هذا هو السبب الأول والمباشر الذي يدفع الدول إلى الاعتماد على شركات أجنبية تكون قادرة على التكاليف المتوقعة، في المرحلة الأولى وصولاً إلى مراحل الإنتاج والتصدير. فنجد أن السبب وراء قبول شركة دون غيرها هو مدى إمكانيات هذه الشركة في القيام بكافة الالتزامات المادية، وفي كثير من الأحيان تتعاون شركتان أو أكثر في سبيل تقديم للطرف الوطني القدرة القوية لديها كي تتمكن من الفوز بجولات التراخيص النفطية مقابل الشركات المنافسة الأخرى، وقد ذكرت المادة الرابعة عشر هذا الأمر بوضوح عند ذكرها الطلبات الجماعية.

وعليه فإن الالتزام بالتمويل أي الانفاق من العناصر المهمة جدا للطرف الوطني، ونجد بأن جميع العقود تعطي هذا الالتزام مساحة خاصة نظراً لأهميته، وعادة يتم تحديد هذا الانفاق والاتفاق عليه ويوضع له جدول زمني مقسم في الغالب على مراحل تنفيذ المشروع، وقد استخدمت العديد من الدول النفطية في هذا السياق وضع حد للإنفاق يتفق عليه بين الأطراف وفي حال تم انفاق مبلغ اقل فإن الجزء المتبقي يتم تسليمه للطرف الوطني[83]، وعلى الحكومة اللبنانية الاستفادة من الخيرات الموجودة لدى دول الجوار ومحاولة تعميمها في التجربة اللبنانية.

وإننا نجد بأن جميع العقود النفطية التي تمت من خلال العديد من الحكومات العربية مع شركات نفطية أجنبية كانت متقدمة وواضحة، محاولة في جميع المراحل إظهار الجانب المادي الذي هو بطبيعة الحال الهدف الأساسي لقيام هذه العلاقة التعاقدية.

وبالعودة إلى القانون اللبناني، نجد في سياق المادة الثامنة والستين بأنها أتت على ذكر الضمانات المالية من خلال قولها:” على الوزير عند منح الحق البترولي أو بعده أن يطلب من صاحب الحق تقديم الضمانات المالية…”، ويأخذ على هذه المادة ذكرها ” أو بعد المنح أن يطلب الوزير الضمان المالي، فبالسياق الطبيعي للأمور ان يطلب الضمان قبل وليس بعد المنح، ومن جهة ثانية عدم وضوحها حول مقدار هذه الضمانات وأنواعها، ولعل المشرع أراد ترك الامر لظروف العقد نفسه.

ويقع من الجهة الثانية على الشركات النفطية الأجنبية التزام يسمى بالتخلي. والمقصود به تنازل الشركة عن منطقة نفطية لصالح الطرف الوطني، وغالباً ما تكون هذه المناطق التي لم تنجح في استثمارها، فيتركها للطرف الوطني للتصرف فيها بشكل مختلف وفقاً لما يراه مناسباً، وفي الغالب يكون التخلي وفقاً لنوعين، إما تخلي إجباري او اختياري. ونجد في العديد من العقود التي تمت في دول كثيرة كانت تشمل النوعين، أي التخلي وفقاً لإلزام الشركة المستثمرة بترك المناطق غير المستغلة وفق نسبة يحددها العقد وخلال مدة زمنية محددة من تاريخ النفاذ[84]، والتخلي الاختياري كما هو ظاهر أن تترك الشركة مكامن نفطية باختيارها متى ما قررت أن العمل في هذه المنطقة غير مجدٍ.

وبالعودة إلى القانون اللبناني وتحديداً المادة الرابعة والعشرون يستطيع المطلع أن يستنتج بأن المشرع تطرق فقط الى نوعاً واحد من أنواع التخلي الا وهو التخلي الاجباري، وذلك من خلال العبارات التي صيغت فيها النصوص القانونية، فقد ذكرت المادة عبارة بخفض مساحة المنطقة مما يفهم منها بأنها تخفيض تلقائي، وفي الفقرة الثانية ذكرت عبارة حكماً مما يفيد الالزام التام.

وعليه فإن التخلي في القانون اللبناني يعتمد بشكله الاجباري فقط، وهو ما يشكل الزاماً يقع على عاتق المستثمر الأجنبي، وبالتالي يوجب عليه العمل به والتقيد بقواعده وذلك بهدف تمكين الدولة المضيفة من إبقاء سيطرتها على المكامن النفطية بشكل كامل إلى حد ما.

ثالثاً- التزام التوظيف والتدريب وتقديم التقارير

تتضمن العقود النفطية غالباً التزاماً بالتدريب والتوظيف للكوادر الوطنية[85]، وذلك استعداداً لتسليم القيادة النفطية كاملة في المستقبل، سعياً للاستفادة بأعلى درجة من الشركات المستثمرة لما تستطيع خلقه من فرص عمل ورفع مستوى العمالة للدولة المضيفة، فمن خلال هذا الالتزام تستطيع الدولة أن تأمن فرص عمل لعدد كبير من مواطنيها مما يعود بشكل أساسي بالنفع في الوسط ليس الاقتصادي فحسب بل أيضاً في المجال الاجتماعي. وقد ورد في المادة الثامنة والعشرين الفقرة “أ” من عقد الاستثمار النفطي المبرم بين الحكومة الكويتية وشركة الزيت العربية (اليابان) على أن:” تساهم الشركة بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية في إصلاح أحوال الشعب الكويتي بتقديم الخدمات التعليمية والطبية والصحية وغيرها مما تتفق عليه مع الحكومة”، والجدير بالذكر أن شركة الزيت العربية (اليابان) لا زالت في مرحلة مفاوضات حالية مع الحكومة الكويتية للاتفاق على قيام عقد نفطي جديد بين الطرفين منفصل عن العقد القديم ويحمل في طياته العديد من المنافع الاقتصادية التي تسعى الحكومة الكويتية إلى تحقيقها.

فقد أصبحت الدول المنتجة للنفط أكثر قوة مما كانت عليه سابقاً، وذلك بعد أن استطاعت تحقيق العديد من المنافع ومن ضمنها وجود الكوادر الوطنية القادرة على القيام بالاستثمار فمنذ مراحله الأولى وصولاً الى الخواتيم. وليس أكثر وضوحاً ما نجده من تطور كبير حاصل في القطاع النفطي السعودي وكيف كانت البدايات تعتمد على العنصر الأجنبي بشكل كامل، إلى أن أصبحت شركة أرامكو وهي من أهم الشركات النفطية في المملكة العربية السعودية مملوكة ومدارة من قبل الكوادر السعودية المتخصصة. ولا بد من الإشارة الى ان مصر كانت من أوائل الدول العربية التي قامت بتحديد نسبة الكوادر الوطنية في العقود النفطية سنة ١٩٣٨[86].

أما المادة الخامسة والسبعون في قانون الموارد البحرية اللبناني فقد ذكرت أنّ للوزير الحقَّ بأن يفرض على أصحاب الحقوق تنظيم وتمويل دورات تدريبيّة لموظفي القطاع العام الذين ترتبط طبيعة عملهم بالأنشطة البترولية، وكان الأفضل توسيع المادة بأكثر من دروات تدريبية بل كان يفضل إلزام الشركات بنسبة معينة من الكوادر الوطنية الواجب إدخالها ضمن المشروع أسوة بما قامت به مصر في العقد السابق ذكره، حيث لم تكتف فقط بالتدريب بل ألزمت بأن تكون نسبة الكوادر الوطنية ٩٥٪ و١٥٪ فقط من الكوادر الأجنبية[87]. ويفضل في المستقبل عند إجراء العقود النفطية مع الشركات الأجنبية ضرورة السعي لتوظيف أكبر نسبة ممكنة مع واجب التدريب على حدًّ سواء.

تتضمن عقود النفط حقاً للدولة يتمثل بالرقابة على سير العملية الاستكشافية[88]، وتلتزم الشركات الأجنبية بتقديم كل ما يوضح سير العمل[89]، كما أنه يقع على عاتقها المحافظة على المعلومات والبيانات التي يتم الحصول عليها أثناء عمليات البحث والتنقيب، بالإضافة إلى التزام بتقديم التقارير إلى الطرف الوطني كلما استدعت الحاجة، فنجد العديد من العقود تفرض على الشركات إما تقارير شهرية أو سنوية أو تقارير تقدم عند طلب الطرف الوطني لها، وهناك عقود تكون جامعة لكل هذه الأنواع. وتُعَدُّ هذه التقارير من الأمور الجد هامة بالنسبة للدولة المضيفة وذلك حتى تكون على دراية كاملة ووافية بما يتم تحقيقه بشكل أو بآخر ضمن المشروع.

وفي السياق نفسه نجدد بأن الشركات ملزمة بتقديم شهادات توثيق لما يتم استكشافه باطن الأرض أثناء عمليات الحفر والتنقيب، من طبقات جيولوجية، فيزيائية، كيميائية، أو حتى من معادن أو غيرها من الثروات الطبيعية التي تشكل ثروة علمية ذات قيمة عالية وتعد من المعلومات التي لا تبتعد عن الثروة الوطنية بأكملها.

وقد أشارت المادة السادسة والعشرون إلى ما يفيد واجب الإبلاغ عن كافة الدراسات والمخططات من قبل صاحب الحق إلى الجهة الحكومية المتمثلة بالوزير، وأضافت المادة الثامنة والعشرون الفقرة الأولى ما يفيد إلزام القائم بالمشروع إلى الجهات الحكومية تقارير تفيد عن سير العمل وما توصلت إليه الدراسات، وذلك خلال مدة ستة أشهر من تاريخ الاكتشاف كحد أقصى، كي تبقى الجهات الحكومية مطلعة ومتابعة لكافة المراحل المرافقة للمشروع، وخصوصاً إذا ما أخذنا بالاعتبار خبرة هذه الشركات في مجال العمل، مقابل الدولة المضيفة التي غالباً ما تكون محدودة الخبرة العلمية والعملية.

المبحث الثاني

الحقوق الواجب توافرها للشركات الأجنبية من قبل الدولة المضيفة

للمستثمر الأجنبي الحق في أنّ تقدم الدولة المضيفة له كافة التسهيلات الممكنة، التي تساعده على تقديم مهامه على أفضل حال وفقاً لما تم الاتفاق عليه في بنود العقد[90].

ولتوضيح هذا المبحث بشكل أفضل سوف نقوم بتقسيمه إلى مطلبين، الأول فيه نتناول الحقوق الواقعة على الطرف الوطني، والثاني حق التصرف بالعقد.

المطلب الأوّل: ما هي الحقوق الواقعة على الطرف الوطني؟

للإجابة على هذا التساؤل لا بد من التطرق لنقاط عديدة أساسية متمثلة بالحقوق التي تُعَدُّ أساسية بالنسبة للشركات الأجنبية وتسعى في مختلف العقود النفطية نحو تحصيلها.

اولاً- حق الاستيراد

تتضمن معظم العقود النفطية نصوصاً تسمح للشركات الأجنبية باستيراد كافة التجهيزات اللازمة لإتمام العملية النفطية، فلا يخفى بأن هذه المشاريع تتميز بضخامة موضوعها المتمثل في الثروات الطبيعية، وهو ما يستدعي استخدام معدات وآلات عادة ما تكون خارج قدرة الدولة، وغير قادرة على تأمينها وخصوصاً في المراحل الإنتاجية الأولى. أمَّا الشركات فتكون مالكة أو مستأجرة للعديد من المركبات، المواد والتجهيزات وغيرها من الممتلكات التي تؤدي في نهاية الامر إلى تحقيق الهدف الاقتصادي المراد تحقيقه.

ويجب الإشارة إلى أنّ هذا الحق يُعطى للمقاول وهو المسؤول المباشر على تنفيذ العقد. ويأتي بعده المشغل الذي يتم التعاقد معه من قبل المقاول وأخيراً المقاول الثانوي، ونجد في بعض العقود قد تم استكمال التعداد بإضافة كل من ارتبط بالعمليات النفطية وبالمستخدمين منهم ايضاً. وقد وردت هذه الإضافة في عقد التطوير والإنتاج العراقي.

وكما سبق وذكرنا فالمعدات الثقيلة وكل ما يلزم من تجهيزات تكون خاضعة لحق الاستيراد، ويكون الهدف بالدرجة الأولى هو تيسير العمليات النفطية من بحث وتنقيب وغيرها من الأمور التي تستلزم مَنْح مساحة معينة للشركة حتى تكون قادرة على العمل ضمن بيئة طبيعية.

ثانياً- الحق باستخدام الأجانب

من الأمور البديهية والقابلة للمنطق أن يسمح للشركات الأجنبية استخدام الأجانب داخل الدولة المضيفة والعاملين والتابعين للشركة الأجنبية، لأنّ هذه الكوادر تكون تابعة وتحت إدارة وإشراف الشركات وتملك من الخبرات ما يسهل العمل المرتقب.

ونستطيع القول إجمالاً إن غالب الكوادر الوطنية لا تملك من العناصر المتخصصة في هذا المجال وهي واحدة من الأسباب التي تدفع الدول إلى التعاقد مع هذه الشركات أمّا عند توفر هذه العناصر فإن الدولة تكون قادرة على القيام بالعمل بطبيعة الحال وقادرة الى حدًّ كبير الاستغناء عن هذه الشركات.

ولكن واقع الحال يختلف تماماً ونجد بأن الدولة تعطي الشركات الأجنبية غالباً مساحة أكبر حتى تكون قادرة على استقطاب القدر الكافي من المستخدمين لإتمام الأعمال.

ولكن هذا الحق لا يعطى بشكله الواسع، بل تكون له العديد من الضوابط المطلوب من الشركات عدم تجاوزها انطلاقاً من فكرة وجود هذه الكوادر الأجنبية تُعد من الأمور التي تدخل ضمن النواحي القانونية والسياسية للدولة المضيفة.

وعليه إذا أرادت هذه الشركات- ودائماً ما تكون راغبة- من استقطاب كوادرها، أن تراعي كافة الأنظمة والقوانين والعمل ضمن التشريعات المرعية الإجراء[91]. فلابد أن يتم هذا التنظيم من جانب الحكومة للدولة صاحبة السيادة والمختصة في هذا الشأن. والمطلع على العقود النفطية يجد أنّ بنود هذه العقود المتعلقة بدخول الأجانب التابعين للشركة الأجنبية للقيام بالعمليات التنفيذية للمشروع أن يكون لهم هذا الحق ولكن ضمن الإطار القانوني الداخلي للدولة المضيفة المالكة وحدها لحق تنظيم هذا الدخول والخروج كونها صاحبة السيادة المطلقة في هذا الشأن، فالمستثمر غالباً ما يحمل الجنسية الأجنبية، مما يتطلب ذلك حصوله والكادر الذي معه على الموافقات والتأشيرات اللازمة والتصاريح الجمركية الخاصة بالاستيراد مما يجعله يسعى دائماً للحصول على الموافقة الرسمية في الدولة المضيفة مما يؤدي في النهاية إلى تلافي التعقيدات في العمل[92].

ثالثاً: الإعفاءات

تجتهد الشركات النفطية دائماً في الحصول على أكبر قدر ممكن من الإعفاءات الصادرة عن الدولة المضيفة، خاصة المتعلقة بالإعفاءات الجمركية أو الضريبية. وتسعى دائماً الى محاولة الحصول على معاملة خاصة ضمن إطار عقد الامتياز النفطي، لِمَا تحويه هذه العقود من خاصية مهمة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية على حدًّ سواء. فالشركات الأجنبية تطالب الدولة المضيفة باعتماد سياسة الإعفاءات على أكبر قدر من الموضوعات أو المواد التي تكون غالباً وفي الإطار العام وعاء ضريبي منهك. وبما أنَّ العقود النفطية تتميز بخاصية الامتياز، فإنَّ الدول تسعى جاهدة إلى تقديم وتسير تطبيق الاعمال بشكل عملي وسريع وسلس. فإننا نجد بعض الدول تُنشئ هيئات يكون جوهر عملها تسهيل حصول الشركات على الكثير من الالتزامات القانونية، فمن الطبيعي أن تعطي الدولة المضيفة هذه الشركات بعض من الإعفاءات المالية. ولكننا لا نجد بأن الإعفاءات لم ترد بشكل مطلق بل انحصرت في مجالات محددة من قبل الدول وكان الهدف منها في المقام الأول كما سبق وذكرنا التسهيل قدر الاستطاعة على هذه الشركات ومنها على سبيل المثال اعفاء الشركات من الضريبة الجمركية فيما يتعلق بالمعدات والآلات الخاصة بالمشاريع، وايضاً بعض الإعفاءات المتعلقة بالمستخدمين القادمين مع الشركات نفسها. أما أجور الخدمات والتطبيقات المختلفة التي تؤديها المؤسسات فيجب على الشركات دفعها كاملة.

المطلب الثاني: ما مدى حق الشركة الأجنبية بالتصرف بالعقد؟

هذا الحق المعطى للشركات الأجنبية، سوف نتطرق له من خلال الحقوق التالية وهي، حق إنهاء العقد، حق التنازل، وحق الرهن.

اولاً- حق انهاء العقد

لا تختلف عقود النفط في شكلها العام عن العقود الأخرى. لذلك نجد بأن طرائق انهائها تتم بطريقتين. الطريقة الأولى من خلال تحقق هدفها أو إنتهاء المدة المتفق عليها[93]. والطريقة الثانية تتم عندما يتفق الطرفان على إنهاء العقد بإرادة مشتركة أو بدون اتفاق ويكون بإرادة منفردة[94].

ولكن السؤال الذي يطرح، من هي الجهة صاحبة الصلاحية بإنهاء العقد بإرادة منفردة؟ وما هو الإجراء الملزم المتبع في هذه الحالة؟

بالعودة إلى القانون اللبناني، فيما يتعلق بموضوعنا، نجد بأن المادة السادسة والاربعين قد نصت في الفصل المعنون” الوقف الدائم للتشغيل” بأن على:” صاحب الحق ومن دون تأخير إبلاغ الوزير عن الوقت المتوقع لإنتهاء استعمال المنشأة بشكل نهائي، قبل التوقف الدائم عن التشغيل”، ويتضح من المادة أنها أتت على ذكر التبليغ الواجب القيام به من قبل صاحب الحق للوزير المختص من دون تحديد لمدة زمنية واجبة الالتزام بها كما فعلت معظم القوانين الأخرى. ولكنّ المادة السابعة والاربعين أشارت إلى إنتهاء العقد وفقاً لحالات يمكن تعدادها على الشكل التالي:

انقضاء مدة الاتفاقية أو إنتهاء رخصة البترول وهي الحالات الطبيعية التنازل، الفسخ، الإلغاء واخيراً التوقف النهائي لاستعمال المنشأة.
الفقرة “ج” من المادة المذكورة أضافت واجباً على صاحب الحق بضرورة تقديم خطة لوقف الأنشطة البترولية، وذلك ضمن مدة ثلاث سنوات كحد أقصى وسنة كحد أدنى قبل انقضاء مدة الاتفاقية…في حال إلغاء الحق البترولي يجب إعداد وتقديم خطة لوقف الأنشطة البترولية ووقف التشغيل بالسرعة الممكنة. ويأخذ على الفقرة استخدام عبارة بالسرعة الممكنة التي تُعَدُّ بطبيعة الحال عبارة فضفاضة خاضعة لسلطة تقديرية لذوي الشأن، وعليه فإن أي وقت يناسبهم هو معيار السرعة الممكنة.
أعطى الوزير صلاحية طلب تعديل الخطة المتعلقة بوقف التشغيل بما يتوافق مع القوانين المرعية الاجراء، ويفهم من الفقرة الرابعة ان الوزير يملك صلاحية طلب التعديل وكأنها إشارة إلى ضرورة حصول الموافقة المسبقة قبل الوصول إلى مرحلة وقف التشغيل.
ويستحسن عند القيام من قبل الحكومة اللبنانية بإجراء العقود النفطية التدقيق والتمحيص في هذه الجزئية المتعلقة بوقف التنفيذ، والسعي دائماً نحو تحديد الجهة صاحبة الصلاحية أولاً والقيام بإجراءات محددة ملزمة للطرف المستثمر من ناحية المدة والطريقة القانونية لإلغاء العقد ووقف التنفيذ.

ثانياً- حق التنازل

إن المراقب والمطلع على العقود النفطية يجد التنازل حقاً موجوداً فيها جميعها، لا سيما وأنه وارد الحصول مع طبيعة هذه العقود التي تتميز عن غيرها بالمدة الزمنية الطويلة نسبياً، ولضخامة المشروع نفسه من حيث التكاليف المادية المصاحبة لتنفيذه من ناحية أخرى.

وسعت جميع الدول المنتجة للنفط بوضع إطار قانوني واضح في هذا المجال من أجل تحقيق أكبر قدرة ممكنة للسيطرة على طبيعة العقد، وإبقاء العلاقة العقدية مستقرة إلى حدًّ كبير.

وقد ورد الحق في التنازل عن الاتفاقية في المادة الخامسة والعشرين حيث أعطي صاحب الحق حصراً التنازل للدولة عن الاتفاقية ولكن ضمن شروط وهي التالية:

أن يكون قد نفذ الحد الأدنى من موجبات العقد أو النفقات الاستثمارية.
أن يكون قد سدد كامل ما عليه من التزامات مالية للدولة بما فيها الضرائب المستحقة[95].
في حين نجد بأن المادة السبعين قد أكملت في السياق نفسه عندما تحدثت عن موضوع التنازل أو التحويل، حيث تناولت في فقراتها الأولى التنازل أو التحويل ووضعت له شروط تتمثل بما يلي:

لا يمكن التنازل أو التحويل لحق بترولي بشكل كلي أو جزئي إلا:

لشركة مؤهلة وفقاً لأحكام القانون.
الحصول على موافقة مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المستند إلى رأي الهيئة.
كما هو واضح أصبح التنازل أو التحويل الكلي أو الجزئي والشروط المذكورة أعلاه ليس بسهولة توافرها وخصوصاً الشرط الخاص بالحصول على موافقة مجلس الوزراء.

أما في الفقرة الثانية من نفس المادة فقد أضافت حالة للتنازل مختلفة عن الفقرة الأولى وهي التنازل المباشر مع إبقائها على الشروط نفسها. وأضافت حالة التفرغ عن ملكية الحق أو حق استخدام منشأة دون الحصول على موافقة مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير المستند ايضاً لرأي الهيئة.

وبالخلاصة فقد أعطت المادة السبعون الصور التي أقرها القانون اللبناني للتنازل والشروط الواجب توافرها حتى يُعَدُّ صحيحاً ومنتجاً لكافة مفاعيله.

ثالثاً- حق الرهن

الرهن من الحقوق المصاحبة للعديد من العقود. فهو قد يكون في كثير من الحالات حلاً لبعض الأزمات التي من الممكن أن يمرّ بها أطراف العقد.

وبالعودة إلى العقود موضوع دراستنا، نلحظ أن الرهن موجود وتطالب به جميع الشركات المستثمرة النفطية والتوسع في الصلاحيات المتعلقة به. وقد أقر القانون اللبناني في المادة الخمسين موضوع الرهن وحدد طبيعته، وذلك عندما ذكر بداية إنّ تحديد قواعد الرهن تتم بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح الوزير عادةً بالاستناد إلى رأي الهيئة. وبعد التدقيق في المادة المذكورة نستطيع الوصول إلى النقاط التالية:

يحق لصاحب الحق أن يرهن حصته فقط بهدف تمويل الأنشطة البترولية المرتبطة بهذا الحق، ولكن بشرط الحصول على الموافقة من الوزير.
لا يجوز رهن المنشآت والتجهيزات الأساسية التابعة لمنشأة رئيسة منفصلة.
إن رهن أي حصة يشمل الحقوق التي تتبع هذا الحق البترولي في أي وقت.
وأخيراً يمكننا القول إنّ حق الرهن أعطي ولكن ليس بصورة مطلقة بل وضع له بعض المعايير الواجب توافرها ومنها كما ذكرنا أعلاه، أن يكون الهدف من الرهن تمويل الأنشطة النفطية فقط، والحصول على موافقة الوزير المختص، بالإضافة إلى أنّ الحقوق المصاحبة للحق البترولي تبقى سارية في أي وقت، وهذه تعتبر نقطة جد أساسية في طبيعة العلاقة القائمة بين الأطراف المتعاقدة، وفي السياق نفسه تعطي الشركات المستثمرة مساحة من الحرية التجارية للتحرك في سبيل تحقيق التوازن المالي المطلوب للوصول إلى الأهداف الاقتصادية المادية المرجوة من العقود النفطية نفسها مما يجعلها قادرة كشركة مستثمرة العمل ضمن الإطار التجاري السليم.

الخاتمة:

إن الطبيعة القانونية التي تحكم العلاقة التعاقدية بين الدول المنتجة للنفط أي صاحبة الثروة الطبيعية، تُعَدُّ من الموضوعات التي تمس السيادة الوطنية بالمقام الأول. ورأينا كيف تطورات هذه العلاقة ومرت بالعديد من المراحل.

فمع بداية الاكتشافات النفطية وتحديداً الحرب العالمية الثانية، كانت الشركات المستثمرة صاحبة الامتياز المطلق. وكانت الدول المنتجة للنفط على جانب بسيط من الدراية والمتابعة والصلاحية. ولكن مع وصولنا الى ما بعد سنة ١٩٥٢م، اختلفت الصورة وبدأت الدول ذات السيادة والاستقلال بالمطالبة من المستثمر الأجنبي المدعوم بشكل مباشر من دولته، التوسع في العقود ومنح الدول مزيداً من السلطة على ما هو في الأساس ملك عام.

تدخلت الأمم المتحدة، بقصد أو بدون قصد، نحو إصدار القرار رقم (٥٤٥ لسنة ١٩٥٢)، المتعلق بحق الشعوب بتقرير المصير، وبطبيعة الحال تقرير المصير بكل الجوانب المتعلقة بالدولة نفس، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية وذلك لترابط العنصرين نحو تحقيق المنفعة العامة التي تعود بالخير على مواطني الشعوب كافة.

فسعت هذه الدول نحو الاستقلال لتحقيق بوادر الاستقلال الاقتصادي، فحققت على نحو كبير هذه الغاية، كلٌّ بالشكل الذي يراه مناسباً مع السياسة العامة للدولة وقوانينها المرعية الاجراء.

وليس من المقبول التفكير بأن الدول النفطية أصبحت بمنأى تام عن المستثمرين الغربين، ولكنها أصبحت الى حدًّ كبير تتعامل معه معاملة الند بالند. فنراها تسعى نحو الكوادر الوطنية، والسيطرة الإدارية، والارباح المالية المتساوية الى حدًّ معقول. وخير مثال ما يحصل الآن في الكويت من مباحثات مع الشركات الأجنبية التي تحاول القيام بعقود شبيهة بالعقود القديمة، إلا أنّ مجلس الأمة الكويتي يسعى جاهداً نحو تحقيق أكبر مكاسب اقتصادية في هذا المجال. بالإضافة الى العديد من الدول التي سارت وحققت العديد من الصفقات التي تعتبر جديدة على الشركات المستثمرة.

لقد حاولت جاهدة وضع إطار معين، وسعيت أن يكون الإطار القانوني واضحاً خاصة لبنان التي تواجه حقبة اقتصادية جديدة، يمكن أن يكون السبيل الوحيد نحو اقتصاد متين قائم على ثروات طبيعية إذا ما استغلت في شكلها الصحيح فإنها ستكون بداية لمستقبل الأجيال القادمة من الازدهار والتطوير على مستوى كل لبنان.

وفي ختام بحثنا الذي خصصناه لمحاولة تسليط الضوء على أهمية ما نحن مقدمين عليه، أعرض لأهم النتائج، بالإضافة إلى بعض التوصيات.

اولاً: أهم النتائج فهي:

تقوم العقود النفطية بين طرفين إحداهما جهة ذات سيادة متمثلة بالدولة، وشركة أجنبية مستثمرة.
عقود الامتياز النفطي من العقود التي تدخل ضمن المشاريع الضخمة التي توضع ضمن إطار خاص بها.
اختلفت الآراء الفقهية حول تحديد طبيعة هذه العقود، مع الإشارة إلى ميل الباحثة نحو الرأي الفقهي المنادي بدولية هذه العقود.
العقود النفطية مرت بالعديد من التغيرات الجذرية منذ بدايتها وصولاً إلى يومنا هذا.
استطاعت الدول المنتجة للنفط من السيطرة وإن كان بشكل جزئي على العقود النفطية.

ثانياً: أهم التوصيات تتمثل بالآتي:

أن تسعى الدول المنتجة للنفط ومنها لبنان، والتي بطبيعة الحال تفتقر الى الإمكانيات المادية، من تطويع قوانينها الداخلية في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية، مع إبقاء المصالح الوطنية في المقام الأول.
أن يكون الفريق المحاور في موضوع إنشاء هذا النوع من العقود على دراية ومعرفة كبيرة بكافة الأنماط العقدية المتعلقة بهذا الموضوع، حتى يستطيع تحقيق المصلحة الوطنية بكافة اشكالها.
أن تكون هذه العقود هي الأساس للمنفعة المادية الوطنية المرافقة لتحقيق أكبر قدر من فرص العمل للكوادر الوطنية.
أن تعمل الحكومة اللبنانية وبجدية نحو خلق هذا النوع من العقود لما تعود به من منافع اقتصادية فلبنان بأمس الحاجة اليها في الوقت الراهن.
على الحكومة اللبنانية العمل بشفافية مع الشركات المستثمرة، والقيام بالإعلان لكافة الشركات العالمية وذلك لجذب أفضل العروض للساعين لتحقيق منافع مادية في لبنان.
مطالبة جميع المعنين بالعمل لتحقيق هذا النوع من الاستثمارات بالسرعة القصوى دون أي مماطلة، فالثروات البترولية في لبنان السنوات الطويلة الماضية لم تُستغل ما يجعلها لا تحتمل أي تأخير، فالأجيال القادمة يجب أن تستفيد في هذه الثروات.
المراجع:

اولاً: المصادر العربية

الكتب القانونية:
د. أحمد عبد الرازق السعيدان، القانون والسيادة وامتيازات النفط، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت، ١٩٩٧.
د. محمد شوقي شاهين، الشركات المشتركة طبيعتها وأحكامها في القانون المصري والمقارن، ١٩٨٩.
د. حمدي عكاشة، موسوعة العقود الإدارية والدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٩٨.
أحمد عشوش واخرون، النظام القانوني لإتفاقيات البترول في مجلس التعاون العربي، مؤتمر الشباب الجامعي، الإسكندرية، ١٩٩٩.
د. محمد عبد العزيز علي بكر، فكرة العقد الإداري عبر الحدود، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٤.
د. حفيظة الحداد، العقود المبرمة بين الدولة والأشخاص الأجنبية، دار الفكر العربي، القاهرة، ٢٠٠١.
د. محمد طلعت الغنيمي، الأحكام العامة في قانون الأمم، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٧٠.
شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، منشأة المعارف، القاهرة، ١٩٦٨.
د. سعد علام، موسوعة التشريعات البترولية للدول العربية، منظمة الخليج العربي، الدوحة، ١٩٧٨.
د. غسان رباح، العقد التجاري الدولي، مطبعة دار الفكر اللبناني، الطبعة الأولى، ١٩٨٨.
ـــــــــــــــــــــ، الوجيز في العقد التجاري الدولي، نموذج العقد النفطي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ٢٠٠٨.
د. محمد فؤاد عبد الباسط، أعمال السلطة الإدارية، مكتبة الهداية، الإسكندرية، ١٩٨٨.
د. عبد الباري أحمد عبد الباري، النظام القانوني لعمليات البترول، الطبعة الأولى، ١٤٠٨ه.
د. أحمد عبد الحميد عشوش، النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في البلاد العربية، دار النهضة العربية، ١٩٧٥.
د. محمد لبيب شقير وأخرون، اتفاقيات وعقود البترول في البلاد العربية، الجزء الأول، المطبعة العالمية، الطبعة الثانية، ١٩٦٩.
د. محمد يوسف علوان، النظام القانوني لاستغلال النفط في الأقطار العربية، دراسة في العقود الاقتصادية الدولية، الطبعة الأولى، الكويت، كلية الحقوق.
سراج حسين أبو زيد، التحكيم في عقود البترول، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٠.
بيار تريزيان، الأسعار والعائدات والعقود النفطية في الأقطار العربية وإيران، ترجمة فكتور سحاب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت، ١٩٩٢.
البحوث والمقالات:

حذيفة عادل عبد الكريم منصور، إنهاء العقد الإداري بالإرادة المنفردة، جامعة الشرق الأوسط، ٢٠١٥.
خالد محمد الجمعة، انهاء الدولة المضيفة للاستثمار، اتفاقية الاستثمار مع المستثمر الأجنبي، مجلة الحقوق، الكويت المجلد ٢٣، العدد ٣، ١٩٩٩.
د. أحمد بريهي، الجوانب المالية في عقود الخدمة النفطية إدارة العمليات، بغداد، ٢٠١١.
د. عبد الباري أحمد عبد الباري، اتفاقيات امتياز البترول بين القانون الدولي والقوانين الداخلية، مجلة الإدارة والاقتصاد، العدد السادس، جامعة عبد العزيز، ١٩٧٨.
د. فياض حمزة رملي، عقود الامتيازات النفطية بين الشركات صاحبة الامتياز والدولة المضيفة، وكالة انباء المال والاعمال، ٢٠١٧.
د. محمد طلعت الغنيمي، شرط التحكيم في اتفاقيات البترول، مجلة الحقوق، كلية الحقوق، الإسكندرية، السنة العاشرة، العدد الأول والثاني، ١٩٦١.
د. محمد عبد الله المؤيد، التكييف القانوني لعقود الاستثمار النفطي في اليمن بالنظر إلى أطرافها وذاتيتها، كلية الشريعة والقانون، جامعة صنعاء، العدد السادس عشر، ٢٠٠٣.
د. محمد يوسف علوان، الاتجاهات الحديثة في العقود الاقتصادية الدولية، مجلة الحقوقي، العددان الثالث والرابع، السنة الثامنة، ١٩٧٦.
د. محمد يوسف علوان، القانون الدولي للعقود، مجلة الحقوق والشريعة، الكويت، العدد الثاني، السنة الرابعة، ١٩٨٠.
د. محمد يونس الصائغ، أنماط عقود الاستثمارات النفطية في ظل القانون الدولي المالي، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد ١٢، العدد ٤٦، ٢٠١٠.
د. نبيل أحمد سعيد، الطبيعة القانونية لعقد الامتياز البترولي كعقد اداري، مؤتمر البترول العربي، القاهرة، الجزء الأول، ١٩٦٥.
علي حسن عبد الأمير، عقد المشاركة بالإنتاج النفطي-النموذج العراقي- مجلة كلية القانون، جامعة المستنصرية،
ج- الرسائل الجامعية:

إقبال علي شعيب، الإنهاء الإرادي للعقد الإداري، رسالة ماجستير مقدمة لجامعة بيروت العربية، ٢٠٠٠.

بادية عرار، النفط العربي في العلاقات لاقتصادية والقانونية الدولية، رسالة ماجستير مقدمة لجامعة بيروت العربية، كلية الحقوق، ٢٠١١.
بن شعلان الحميد، الآليات القانونية للسياسة التقوية في الجزائر، رسالة ماجستير، مقدمة لجامعة الجزائر، كلية الحقوق، ٢٠٠٩.
عامري محمد حبيب، منازعات الغاز والبترول في الجزائر، رسالة ماجستير مقدمة لمعهد البحوث والدراسات الغربية، القاهرة، ٢٠٠٩.
عبد الرحيم سعيد، النظام القانوني لعقود البترول، رسالة لنيل رسالة الدكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، ١٩٨٠.
عبد الرحيم محمد سعيد، النظام القانوني لعقود البترول، اطروحة دكتوراه مقدمة لجامعة القاهرة، كلية الحقوق، ٢٠٠٠.
كنده جمال عبد الساتر، التحكيم في عقود البترول، دراسة مقارنة، رسالة دبلوم مقدمة للجامعة اللبنانية، كلية الحقوق، ٢٠١٧.
محمد يونس الصائغ، المركز القانوني للاستثمارات الأجنبية الخاصة بالدول النامية في ظل القانون الدولي المالي، اطروحة دكتوراه، مقدمة لكلية القانون جامعة الموصل، ٢٠٠٥.
نساخ سفيان، التحكيم في نزاعات عقود استغلال النفط في القانون الجزائري، رسالة ماجستير مقدمة لجامعة عبد الرحمن مبرة، كلية الحقوق، ٢٠١٤.
واتيكي شريفة، النظام القانوني للعقود الصناعية الدولية في قطاع المحروقات، رسالة ماجستير مقدمة لجامعة مولود معمري، كلية الحقوق، ٢٠٠٧.
ياسر عامر حسان، الآثار القانونية لعقد الخدمة النفطي بالنسبة للشركات الأجنبية المستثمرة، رسالة ماجستير مقدمة لجامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، ٢٠١٧.
د- القوانين:

١-قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبناني، الصادر في ٢-٩- ٢٠١٠.

ثانياً: المراجع الاجنبية

1-Jenik Random, The ABCs of Petroleum Contracts: License-Concession Agreement, Joint Ventures, and Production – Sharing Agreements.

2-Ali Ahmed Attiga, Interdependence on Oil Brider: Risks and Opportunities, Bath Avon, Book Craft Ltd,1988. www.gmec-ee.com

3-Thai-Ha Le, Youngho Chang, Elsevier, Oil Price Shocks and

Trade Imbalances, vol. 36, march, 2013.

4-Salih, M.S, Salih, S.S, International Journal of Business and Social Science, Strategy of Oil Contract Negotiation, vol 6, No.9; September, 2015.

5-Kang, S.H, Yoon, S.M, Modelling and Forecasting the Volatility of Petroleum Futures Prices, vol. 36, march, 2012.

6-Eneh, O.K, Journal of Applied Sciences, A Review on Petroleum: Source, uses, Processing, Products and the Environment, vol. 11, January, 2011.

7-Arezki, R. Ramey, V. Sheng, L. Nber Working Paper Series, News Shocks in Open Economics, JEL no. E00, F32, F41, Cambridge, January, 2015.

[1] Salih, M.S, Salih, S.S, Strategy of Oil Contract Negotiation, International Journal of Business and Social Science, vol 6, No.9; September,2015, P:2.

[2] Thai-Ha Le, Youngho Chang, Elsevier, Oil Price Shocks and Trade Imbalances, vol. 36, march, 2013, P:78.

[3] د. عالية يونس الدباغ، د. وسن مقداد، مقال بعنوان: عقد الاستثمار، مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد 16، العدد 2، شباط، 2009.

[4] د. محمد يونس الصايغ، مقال بعنوان: أنماط عقود الاستثمارات النفطية في ظل القانون الدولي المالي، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 12، العدد 46، 2010.

[5] نساخ سفيان، التحكيم في نزاعات عقود استغلال النفط في القانون الجزائري، رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، جامعة عبد الرحمن مبرة، كلية الحقوق، 2014، ص 7.

[6] د. أحمد عبد الرزاق السعيدان، القانون والسيادة وامتيازات النفط، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997، ص 27.

[7] د. غسان رباح، العقد التجاري الدولي، مطبعة دار الفكر اللبناني، الطبعة الأولى، 1988، ص 42.

[8] Article: The ABCs, of Petroleum contracts: License-Concession Agreements, Joint Ventures, and Production- Sharing Agreements, Jenik Random, P:63. www.gmec-ee.com.

[9]د. محمد فؤاد عبد الباسط، أعمال السلطة الادارية، مكتبة الهداية، الإسكندرية، 1988، ص 118.

[10] قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، الصادر تاريخ 2-9-2010.

[11] د. محمد يونس الصايغ، المرجع السابق، ص 238.

[12] انظر: د. عبد الباري أحمد عبد الباري، النظام العام القانوني لعمليات البترول، الطبعة الأولى، 1408ه، ص12.

[13] د. محمد يونس الصايغ، المرجع السابق، ص 240.

[14] أنظر: د. سعد علام، موسوعة التشريعات البترولية للدول العربية، منظمة الخليج العربي، الدوحة، 1978، ص 439.

[15] د. عبد الباري احمد عبد الباري، المرجع السابق، ص 14.

[16] د. أحمد عبد الحميد عشوش، النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في البلاد العربية، دار النهضة العربية، 1975، ص 56.

[17] د. محمد يونس الصايغ، المرجع السابق، الهامش رقم 2، ص 245.

[18] د. محمد لبيب شقير، ود. صاحب الذهب، اتفاقيات وعقود البترول في البلاد العربية، الجزء الأول، المطبعة العالمية، الطبعة الثانية، 1969، ص 31.

[19] د. محمد يونس الصائغ، المرجع السابق، ص 247.

[20] د. محمد لبيب شقير، المرجع السابق، ص 59.

[21] Ali Ahmed Attiga, Interdependence on Oil Brider: Risks and Opportunities Bath Avon: Book Craft Ltd, 1988, P: 56-58.

[22] د. احمد عبد الرازق خليفة السعيدان، المرجع السابق، ص 30.

[23] ياسر عامر حسان، الآثار القانونية لعقد الخدمة النفطي بالنسبة للشركة الأجنبية المستثمرة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، كانون الثاني، 2017، ص 22.

[24] د. غسان رباح، الوجيز في العقد التجاري الدولي، نموذج العقد النفطي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2008، ص 21.

[25] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص 19.

[26] أحمد المفتي، مجلة العلوم القانونية الاقتصادية، مطبعة جامعة الإسكندرية، ص46.

[27] د. محمد يوسف علوان، النظام القانوني لاستغلال النفط في الأقطار العربية، دراسة في العقود الاقتصادية الدولية، الطبعة الأولى، جامعة الكويت، كلية الحقوق، ص 137.

[28] ياسر عامر حسان، المرجع السابق، ص 24.

[29] د. محمد يونس الصائغ، المرجع السابق، ص 260.

[30] سراج حسين أبو زيد، التحكيم في عقود البترول، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص 63.

[31] د. فياض حمزة رملي، مقال بعنوان: عقود الامتيازات النفطية بين الشركة صاحبة الامتياز والدولة المضيفة، وكالة انباء المال والاعمال، 13-11-2017.

[32] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص ٢٨.

[33] انظر: بيار تريزيان، الأسعار والعائدات والعقود النفطية في الأقطار الغربية وإيران، ترجمة فكتور سحاب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، بيروت، ١٩٩٢، ص ٢٢٢.

[34] Kang, S.H, Yoon, S.M, Modelling and Forecasting the Volatility of Petroleum Futures Prices, vol. 36, march, 2012, P:354.

[35] ياسر عامر حسان، المرجع السابق، ص ٢٧.

[36] علي حسن عبد الأمير، عقد المشاركة بالإنتاج النفطي- النموذج العراقي- بحث منشور في مجلة كلية القانون، جامعة المستنصرية، ص ٤.

[37] كنده جمال عبد الساتر، التحكيم في عقود البترول، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم، الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق، ٢٠١٧، ص٢٤.

[38] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص ٢٨.

[39] Arezki, R. Ramey, V. Sheng, L. Nber Working Paper Series, News Shocks in Open Economics, JEL no. E00, F32, F41, Cambridge, January, 2015, P:2.

[40] سراج حسين أبو زيد، المرجع السابق، ص ٨٦.

[41] بادية عرار، النفط العربي في العلاقات الاقتصادية والقانونية الدولية، رسالة لنيل الماجستير، جامعة بيروت العربية، كلية الحقوق، بيروت، ٢٠١١، ص ١٥٧.

[42] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص ٢٦.

[43] د. عبد الرازق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، ص ٥.

[44] د. فياض حمزة رملي، المرجع السابق، ص ٦.

[45] بن شعلان الحميد، الآليات القانونية للسياسة التقوية في الجزائر، رسالة لنيل الماجستير، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، ٢٠٠٩، ص ١٠٧.

[46] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص ٢٦. د. محمد يونس الصائغ، المرجع السابق، ص ٢٧٩. د. عبد الباري احمد عبد الباري، المرجع السابق، ص ٥٠.

[47] واتيكي شريفة، النظام القانوني للعقود الصناعية الدولية في قطاع المحروقات، رسالة لنيل الماجستير، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق، ٢٠٠٧، ص ٢٤.

[48] بيار تريزيان، المرجع السابق، ص ٢٤٩.

[49] سراج حسين أبو زيد، المرجع السابق، ص ٨٠. بادية عرار، المرجع السابق، ص ١٥٨.

[50] عبد الرحيم محمد سعيد، النظام القانوني لعقود البترول، رسالة لنيل الدكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، ص ١٥٢.

[51] د. محمد يونس الصائغ، المرجع السابق، ص ٢٨٢.

[52] د. نبيل أحمد سعيد، الطبعة القانونية لعقد الامتياز البترولي كعقد اداري، بحث مقدم الى مؤتمر البترول العربي، القاهرة، بحث رقم ١، الجزء الأول، ١٩٦٥، ص ٢٠٠.

[53] د. محمد طلعت الغنيمي، شرط التحكيم في اتفاقيات البترول، مجلة الحقوق، كلية الحقوق، الإسكندرية، السنة العاشرة، العدد الأول والثاني، ١٩٦١، ص ٥٦.

[54] د. محمد عبد الله المؤيد، التكييف القانوني لعقود الاستثمار النفطي في اليمن بالنظر الى أطرافها وذاتيتها، مجلة الدراسات الاجتماعية، كلية الشريعة والقانون، جامعة صنعاء، العدد السادس عشر، ديسمبر ٢٠٠٣، ص ١٦٢.

[55] نساخ سفيان، المرجع السابق، ص ١٠.

[56] د. غسان رباح، الوجيز في العقد التجاري الدولي، نموذج العقد النفطي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ٢٠٠٧، ص ١٧٣.

[57] د. محمد شوقي شاهين، الشركات المشتركة، طبيعتها واحكامها في القانون المصري والمقارن، ١٩٨٩، ص ٣٧٣.

[58] د. محمد عبد الله المؤيد، المرجع السابق، ص ١٦٣.

[59] د. حمدي عكاشة، موسوعة العقود الإدارية والدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٩، ص ٢٠٥.

[60] احمد عشوش وعمر أبو بكر باخشب، النظام القانوني لاتفاقيات البترول في دول مجلس التعاون العربي، مؤتمر الشباب الجامعي، الإسكندرية، ١٩٩٩، ص ٥٣وما بعدها.

[61] د. محمد عبد العزيز علي بكر، فكرة العقد الإداري عبر الحدود، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٠، ص ٣٩.

[62] د. حفيظة الحداد، العقود المبرمة بين الدولة والأشخاص والأجنبية، دار الفكر العربي، القاهرة، ٢٠٠١، ص ٣٢٥.

[63]د. محمد يوسف علوان، القانون الدولي للعقود، مجلة الحقوق والشريعة، الكويت، العدد الثاني، السنة الرابعة، ابريل ١٩٨٠، ص ٩٠.

[64] عامري محمد حبيب، منازعات الغاز والبترول في الجزائر، رسالة لنيل الماجستير في القانون، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، ٢٠٠٩، ص ١٦.

[65] د. حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص 584.

[66] انظر: عبد الباري احمد عبد الباري، اتفاقيات الامتياز البترولي بين القانون الدولي والقوانين الداخلية، مجلة الإدارة والاقتصاد، العدد السادس، جامعة الملك عبد العزيز، 1986، ص 159.

[67] انظر: محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الأمم، منشأة المعارف الإسكندرية، 1970، ص 330.

[68] د. محمد طلعت الغنيمي، المرجع السابق، ص 231-132.

[69] د. محمد يوسف علوان، المرجع السابق، ص 130.

[70] انظر: د. محمد يوسف علوان، الاتجاهات الحديثة في العقود الاقتصادية الدولية، مجلة الحقوقي، العددان 3-4، السنة الثامنة، 1976، ص 68.

[71] د. محمد عبد العزيز بكر، فكرة العقد الإداري عبر الحدود، دراسة في النظام القانوني للعقود المبرمة بين الدول والشركات الأجنبية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004، ص 185.

[72] د. أحمد عبد الحميد عشوش، المرجع السابق، ص 48.

[73] Eneh, O.K, Journal of Applied Sciences, A Review on Petroleum: Source, uses, Processing, Products and the Environment, vol. 11, January, 2011, P: 6.

[74] للتفصيل أكثر يمكن العودة الى قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، الصادر عن مجلس النواب اللبناني في ٢٥-٩-٢٠١٠ المادة ٢٧.

[75] د. احمد عبد الحميد العشوش، المصدر السابق، ص ٥١. ود. فائق الشماع، المرجع السابق، ص ١٥١.

[76] د. فائق الشماع، المرجع السابق، الهامش رقم ٤، ص ١٥٢.

[77] احمد عبد الحميد العشوش، المصدر السابق، ص ٢٤٨.

[78] شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، منشأة المعارف، القاهرة، ١٩٦٨، ص ٤٠١.

[79] للتفصيل يرجى العودة الى: قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، في فصله السادس.

[80] انظر: د. احمد بريهي علي، بحث بعنوان: الجوانب المالية في عقود الخدمة النفطية وإدارة العمليات، بغداد، 2011، ص 4.

[81] للتفصيل يرجى العودة الى المادة 19 من القانون اللبناني للموارد البحرية.

[82] المادة 59-60 من قانون الموارد اللبناني.

[83] تصريح صادر عن وكيل وزير النفط العراقي، في احدى المقابلات التلفزيونية، سنة ٢٠١٦.

[84]عبد الرحيم محمد سعيد، النظام القانوني لعقود البترول، رسالة لنيل شهادة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، ١٩٨٠، ص ١٨٢ .

[85] د. عالية يونس الدباغ، مرجع سابق، ص ٣٧٧.

[86] للتفصيل راجع الاتفاقية النفطية التي ابرمتها مصر مع شركة البترول الانجلو مصرية، وراجع د. احمد عبد الحميد العشوش، النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في الدول العربية، مرجع سابق، ص ١١، هامش رقم ١.

[87] د. فائق الشماع، المرجع السابق، ص ١٢٨، الهامش رقم ١.

[88] في قانون الموارد البترولية البحرية اللبناني ذكرت في المادة ٧٤.

[89] د. عالية يونس دباغ، المرجع السابق، ص ٣٧٩.

[90] د. محمد عبد العزيز بكر، فكرة العقد الإداري عبر الحدود، دراسة في النظام القانوني للعقود المبرمة بين الدول والشركات الأجنبية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٤، ص ٥٦.

[91] د. سراج حسين أبو زيد، المرجع السابق، ص ٩١.

[92] د. محمد يونس الصائغ، المركز القانوني للاستثمارات الأجنبية الخاصة في الدول النامية في ظل القانون الدولي المالي، أطروحة دكتوراه، مقدمة الى كلية القانون، جامعة الموصل، ٢٠٠٥، ص ٦٣.

[93] انظر: اقبال علي شعيب، الانهاء الإرادي للعقد الإداري، رسالة ماجستير، جامعة بيروت العربية، ٢٠٠٠، ص ٢٢.

[94] انظر: حذيفة عادل عبد الكريم منصور، انهاء العقد الإداري بالإرادة المنفردة، جامعة الشرق الأوسط، ٢٠١٥، وخالد محمد جمعة، انهاء الدولة المضيفة للاستثمار الأجنبي، مجلة الحقوق، الكويت، المجلد ٢٣، العدد٣، ١٩٩٩، ص ٧٥ وما بعدها.

[95] انظر في قانون الموارد البترولية في المياه البحرية اللبناني.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت