بحث قانوني و دراسة حول التحريض في القانون الاردني

جامعة مؤتة
عمادة الدراسات العليا
التحريض في قضاء محكمة التمييز الأردنية
إعداد الطالب
أمين اسحق محمد الغنيمات
إشراف
الدكتور عبدالآله النوايسة
استكمالا لمتطلبات مادة قانون العقوبات / القسم العام
جامعة مؤتة، 2011
مبحث تمهيدي
التحرِيض في قضاء محكمة التمييز الأردنية

مــقدمة

المساهمة التبعية أومايسمى “بالإشتراك الجرمي” هي مرحلة سابقة على تنفيذ الجريمة ألا وهي مرحلة التفكير في إرتكاب الجريمة والإعداد لها ، فالإشتراك لايعني القيام بدور رئيسي أو أصلي في تنفيذ الجريمة وإنما يعني القيام بدور ثانوي مثل : تحريض الفاعل الأصلي للجريمة أو مساعدته أو الإتفاق معه .
و تتحقق هذه الأخيرة في الحالة التي فيها لايحسم نشاط المساهم الفعل المادي المكون للجريمة أو عملا من أعمال تنفيذها ،أو عملا يبلغ مرحلة الشروع فيها ، وبها تتضح الصورة التبعية في الإشتراك الجرمي ، حيث يجسم الفاعل الأصلي السلوك النموذجي للجريمة التامة أو الشروع في الجريمة ،في حين أن الشريك يجسم السلوك النموذجي له .
*لقد تطرق المشرع الاردني الى صور الاشتراك الجرمي وذلك بالنص عليها في قانون العقوبات الاردني حيث عرض المشرع الاردني الى صورة خاصة في الاشتراك وهي “المحرض والمتدخل” حيث عرف المشرع الاردني “المحرض” في نص المادة 80/من قانون العقوبات الاردني في فقرتها الاولى :-

1- أ) يعد محرضا من حمل أو حاول ان يحمل شخصا على ارتكاب جريمة باستغلال النفوذ أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة أو بصرف النقود أو بأساءة الاستعمال في حكم الوظيفة .
ب) ان تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض على ارتكاب الجريمة .
والجرائم بتعدد انواعها وصورها الا انها مرآة لصورة واحدة تجسم لنا المسؤولية الجزائية والعقوبة بين من حرض في الجريمة, وان دور من يحرض فيها يختلف عن الشخص الذي يرتكبها .
– وعلى هذا الاساس نطرح الاشكال التالي :
من هو المحرض؟ ما هو نطاق مسؤوليته؟ ومن خلاله نتطرق الى بعض الاشكالات الناتجة عنه ومنها: هل تتساوي مسؤوليته لارتباطها بفعل واحد يعاقب عليه؟ ام تتنوع المسؤولية على اساس اختلاف الادوار التي يقوم بها كل من ساهم في الجريمة ؟
وما هي اهم النقاط والنتائج والعقوبة المترتبة لجريمة التحريض ؟
ونظرا لاهمية الموضوع في حل العديد من الاشكالات القانونية التي اختلف حولها الفقهاء والتي تستدعي منا دراسة هذا الاخير بتمعن في العديد من المسائل.
– ولان دراستنا له تؤدي نوعا ما الى تقريب الفكرة الى الفهم العام وتبسيطها
رأيت ان اتناول هذا الموضوع استنادا الى المنهج التحليلي من اجل تبيان وتحليل وجهة نظر المشرع الأردني لهذه الجريمة.

المبحث الأول
تعريف “التحريض”

ان التحريض هو جريمة نص عليها المشرع الأردني في قانون العقوبات الاردني باعتبارها جريمة قائمة ومستقلة بذاتها،ونصت عليها كافة التشريعات الجنائيةالمقارنة ولذلك فان التحريض يقوم على أركان وعناصر هامة باعتباره جريمة ،مثل أي جريمة كانت ومنهاجريمة القتل والسرقة،ويقوم التحرِض من خلال ايعاز شخص لآخر بارتكاب جريمة من خلال خلق فكرة الجريمة وزرع بذورها لديه وقوية تصميم الفاعل على الاقدام بمباشرة نشاطه الاجرامي وتحقيق النتيجة الاجرامية،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث الى مطلبين :نتناول في المطلب الأول مفهوم التحرِيض بشكل عام ، ونتناول في المطلب الثاني صور التحرِيض.

المطلب الأول
مفهوم التحرِيض بشكل عام

لقد عرَفت العديد من التشريعات المقارنة ومنها التشريع الأردني جريمة التحرِيض حيث ذهب البعض الى تعريفها بأنها جريمة تقوم على زرع فكرة الجريمة وتهيأة ظروفها ودفع شخص آخر (الجاني) الى ارتكابها، وذهب البعض الآخر الى تعريف التحرِيض بأنه هو قيام شخص بالعمل على حمل أو حاول أن يحمل شخصا بأي وسيلة كانت على ارتكاب جريمة، ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع على التوالي :نتناول في الفرع الأول مفهوم التحريض (لغة،اصطلاحا) ، ونتناول في الفرع الثاني مفهوم التحريض وفقا للقوانين العربية ، ونتناول في الفرع الثالث مفهوم التحريض في التشريعات الأجنبية.

الفرع الأول: مفهوم التحريض (لغة،اصطلاحا):

أولا: التحريض (لغة): هو الحث على الشيء والدفع اليه أو القيام به .
تعتبر كلمات الدفع والحث و الاغواء والتحبيذ –مرادفات لكلمة تحريض فلها الدلالة ذاتها والمعنى نفسه ،والتحريض كما يكون مقصودا به الخير فقد يكون مقصودا به الشر أيضا فيمكن ان يحرض شخص آخر على القيام بعمل خير أو على ايتان عمل شرير ، فقد جاء في القرآن الكريم “وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله اشد بأسا ” وأيضا في قوله تعالى “يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال” والمقصود به هو الحفز والتحريك والدفع بأية طريقة وعلى أية وجه1 .
ثانيا: التحريض (اصطلاحا قانونيا):- هو عبارة عن خلق التصميم والعزيمة على ارتكاب وتنفيذ الجريمة ومعنى آخر هو خلق فكرة الجريمة لدى الشخص المحرض بنية دفعه الى ارتكاب الجريمة .

الفرع الثاني: مفهوم التحريض وفقا للقوانين العربية:

حيث عرفت العديد من التشريعات العربية التحريض في نصوصها العقابية ومن أبرزها :

أولا: عرف المشرع الاردني التحريض في معرض المادة 80 /1 :-
* يعد محرضا من حمل أو حاول ان يحمل شخصا على ارتكاب جريمة باستغلال النفوذ أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة أو بصرف النقود أو بأساءة الاستعمال في حكم الوظيفة(2) .
ثانيا: قانون العقوبات المصري حيث عرفت المادة 40 / عقوبات على أنه يعتبر شريكا في جريمة :كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة اذا كان هذا الفعل قد وقع بناءا على هذا التحريض .
والمحرض في التشريع الجنائي المصري هو الذي يوجد التصميم الجنائي عند الفاعل فهو المدبرللجريمة والسبب الاول في وقوعها بل يمكن أن يقال بأنه الفاعل المعنوي الادبي لها.
وأما الشخص المحرَض فلا تمحى مسؤوليته بل يعاقب بصفة فاعل اصلي ،ومع ذلك يمكن تخفيف مسؤوليته(3) .

الفرع الثالث:مفهوم التحريض في التشريعات الأجنبية التي عرفت التحريض وتعرضت له ومنها:

أولا: قانون العقوبات البلجيكي الذي أفرد للتحريض وأعطاه صورة خاصة من صور المساهمة الجنائية والذي يعتبر المحرض هو بمثابة الفاعل الأصلي مسويا بينه وبين الفاعل المادي لها .(4)
ثانيا: والقانون الفرنسي قد صنف التحريض من بين صور الاشتراك وليست جريمة قائمة بذاتها, ولهذا يشترط لقيام التحريض ان تكون هناك فكرة أو إيحاء من طرف المحرض إلى الشخص من الأشخاص بإفتراف الجريمة معينة ،بصورة تؤثر على إرادته، وقد حصر المشرع الفرنسي وسائل التحريض الأشخاص بإقتراف جريمة معينة 60/1 من قانون .ع.الفرنسي وسائل التحريض في الهبة والوعد والتهديد وسوء إستغلال السلطة والتحايل والتدليس.(5)

ثالثا: قانون العقوبات الايطالي :لم يعتبر المشرع الايطالي صورة خاصة من المساهمة الجنائية أو وسيلة للمساهمة التبعية، تطبيقا لمذهبه في المساواة بين المساهمين في الجريمة ،ولكنه اعتبر في حالات معينة التحريض سببا لتشديد العقوبة المادة /112 ،الفقرتان الثالثة والرابعة منه ويعني ذلك أنه ميز التحريض بأحكام خاصة بما يعني الخروج على مبدأ المساواة الذي جعله اساس خطته ، وأضافت الى ذلك المادة 115 في فقرتيها الثالثة والرابعة “أن يطبق تدبير احترازي اذا كان التحريض على جريمة وقبل التحريض ولكن لم ترتكب الجريمة التي كان التحريض عليها، ويجوز تطبيق التدبير الاحترازي اذا كان التحريض على جنحة ولكن لم يقبل التحريض “.(6)

*ولقد توصلت الى التعريف القانوني للتحريض : المحرض هو من حمل او حاول ان يحمل لشخص آخر باية وسيلة كانت على ارتكاب الجريمة , فهو اذن من يوحي الى الفاعل باقتراف الجريمة فهو دفع الجاني لارتكاب جريمته وذلك بتوجيه ارادته الى الفعل المجرم , ومن هذا التعريف فنشاط المحرض نشاط مادي مؤثر على ارادة الفاعل .

المطلب الثاني
صور التحريض

نجد من خلال تعريف جريمة التحرِيض أن المحرِض يمارس نشاطا متمثلا بالحمل أو محاولة الحمل على ارتكاب الجريمة والمساواة بين الحمل ومحاولته تعني أن التحرِيض يعتبر تاما سواء قبله من اتجه اليه أو رفضه ،فالتحرِيض يقوم بنشاط من صدر عنه لا من وجه اليه، ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعين ،في الفرع الأول نتناول التحرِيض الفردي، وفي الفرع الثاني نتناول التحرِيض العمومي.

الفرع الأول: التحريض الفردي “Provocation indiviuelle’

مفهوم التحرِيض الفردي:

التحريض الفردي منصوص عليه في المادة 40/1 ،وهو يقع على شخص أو أشخاص معينين فقد نصت هذه المادة على ما يأتي: كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة اذا كان هذا الفعل قد وقع بناءا على هذا التحريض.
*ينتج عن هذا النص أنه يشترط لوجود الاشتراك بالتحريض شرطان هما:
1)- أن يكون هنالك تحريض على ارتكاب الفعل المكوٍن للجريمة.
2)- أن يكون هذا الفعل قد وقع بناءا على هذا التحريض.

شروطه:-

لنأتي تباعا الى تفصي هذه الشروط على النحو التالي :
الشرط الاول : يشترط أن يكون هنالك تحريض و أن يقع هذا التحريض على الفعل المكون للجريمة اي أن يكون مباشرا :-
أ)- تفترض هذه المادة أن يكون التحريض موجها الى الفاعل الاصلي وهذا الفرض العادي ولكن يجوز وبصفة استثنائية أن يكون موجها الى شريك لدفعه على ارتكاب الفعل المكون للاشتراك ،ومثال على ذلك كأن يغرى خادم بمبلغ من المال على أن يترك باب منزل مخدومه مفتوحا للصوص .
– وعلى ذلك يكون لتحريض ما كان مصحوبا منها بهدية أو وعد أو وعيد أو مخادعة أو دسيسة أو استعمال سلطة أو صولة .(7)
– ولكن موقف المشرع الاردني يتخذ صورا أخرى ومنها :
يعد محرضا من حمل أو حاول ان يحمل شخصا على ارتكاب جريمة باستغلال النفوذ أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة أو بصرف النقود أو بأساءة الاستعمال في حكم الوظيفة.(8)

ب)- يجب أن يكون التحريض مباشرا : –
وبحسب الفقرة الاولى من المادة 40 /العقوبات المصري ، “كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة ” فيشترط لإمكان معاقبة المحرض كشريك أن يكون قد طلب صراحة من الشخص الذي قصد اليه أن يرتكب الجريمة التي أتمها أو شرع فيها ذلك الشخص ،أما اذا أقتصر على ذلك بالتهديد أو بالحيلة والخديعة على ان يلقى في نفس شخص ما شعور البغض والانتقام من عدوُ له ليدفعه الى ارتكاب جريمة ضده فلا يعتبر شريكا في الجريمة التي يرتكبها.(9)
– أمثلة على التحريض المكوّن للاشتراك:
_ قد يقع الاشتراك بالتحريض بطرق الهدية أو الوعد إذا كان المحرّض قد أعطى الفاعل مبلغا من النقود مثلا قبل تنفيذ الجريمة أو وعده بمبلغ يدفع له بعد تنفيذها ، وهذا يسمى بالوكالة الجنائية المؤيدة بالوعد أو الهدية (mandate criminal) . وأما المكافأة التي تمنح للجاني بعد ارتكاب الجريمة مستقلة عن كل وعد سابق فلا تكوّن بالتحريض التحريض.
– وقد يقع التحريض أيضا باستعمال السلطة أو الصولة فيعاقب من ارتكب الجريمة بأمر من ذي السلطة كفاعل أصلي ويعاقب من أصدر الحكم كشريك له بالتحريض متى كانت الجريمة قد وقعت بناء على الأمر المذكور .
والسلطة إما أن تكون شرعية كسلطة الوالدين أو الوصي على الصغار وسلطة الموظفين على مرءوسيهم ، وإما أن تكون فعلية أو أدبية كسلطة السيد على خادمه وسلطة صاحب العمل على عماله . وسواء أكانت السلطة شرعية أو فعلية فللقاضي أن يقدّر ما إذا كان الأمر الذي صدر قد دفع الفاعل لارتكاب الجريمة .

-وأن العمدة له سلطة على أهل بلدة فإذا أمر بضرب شخص فانه بذلك يكون شريكا لهم وكونه تعدى حدود هذه السلطة بإصداره لهم أوامر غير شرعية هو عين ما نص عليه في المادة 68ع من استعمال الصولة ، ولا داعي للبحث فيما اذا كان هؤلاء الأشخاص يمكنهم إطاعته في تنفيذ هذا الأمر أو لا يمكنهم لأن هذا التفريق لا تكون له فائدة إلا في معرفة درجة المسؤولية التي تعود على الآمر لأن هذا الأخير أراد على كل حال أن تطاع أوامره وقد أطيعت فعلا.(10)
وان السيد الذي يأمر خادمه بالضرب يعتبر شريكا لهذا الخادم فإن الشارع لم يفرّق في المادة 68ع في السلطة التي للآمر على المأمور بين السلطة الشرعية والسلطة الفعلية ، فليزم إذن أخذ اللفظ على ظاهر معناه وهو كل تأثير معقول ناشئ من علاقة التابعية بين الآمر والمأمور ، وهذه العلاقة لا شك موجودة بين السيد وخادمه وتتأكد بتنفيذ الخادم أمر السيد فعلا بغير أن تكون له فائدة شخصية ، وليس من العدل وهو الأساس لكل شريعة أن يعفى من كل عقاب من افتكر في الجريمة وكان السبب فيها بأمره بإتيانها وأن يعاقب من لم يكن غير آلة بين يدي الأوّل.
الشرط الثاني : يتكون من الأمور الآتية:
أ)-لا يكفي أن يكون حصل تحريض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة بل يشترط فوق ذلك أن يكون الفعل قد وقع و الا لا تكون هنالك جريمة أصلية .
ب) وأن يكون الفعل قد بناءا على هذا التحريض أي أن يكون الفعل نتيجة التحريض بحيث تكون بينهما علاقة السببية ،فلا يكتفي بتحريض مبهم ليس له بالفعل الا علاقة بعيدة لأنه يجب أن يكون التحريض من الوضوح وقوة التأثير بحيث يثبت لدى القاضي أن الجريمة قد وقعت بناءا عليه .
ج) القاضي له أن يقدر اذا كان هنالك تحريض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة واذا كان هذا الفعل قد وقع بناءا على هذا التحريض .

الفرع الثاني:التحريض العموميProvocation publique ou collective

مفهوم التحريض العمومي :

يقصد بالتحرِيض العمومي هو الذي يوجه الى الجمهور ويمكن أن يؤثر على عدة أشخاص غير معلومين للمحرض ، فهو بسبب علنيته واتساع نطاقه أشد خطرا من التحريض الفردي ولذا افرد له القانون شرطا خاصا.(11)
ولكن لم يأخذ المشرع الاردني بنص التحريض العمومي بشكل محدد ، حيث لا يهم أن يكون التحريض فرديا أو جماعيا (عموميا) ، بمعنى متجها الى فرد بذاته أو مجموعة من الافراد ، ام جماعيا متجها الى جمهور من الناس ، فسواء لدى المشرع الفرد أو مجموع الافراد الذين يتوجه التحريض اليهم .
التحريض العمومي تطرق له المشرع المصري بتعمق ولكن المشرع الاردني أخذ بالمساواة بين التحريض الفردي والجماعي.(12)

المبحث الثاني
القرارات التمييزية الصادرة في جريمتي التحريض والتدخل

استنادا الى نص المادة (80،81)من قانون العقوبات الاردني قم (16) لسنة 1960م وتعديلاته
الصادرة عن محكمة التمييز الاردنية الموقرة
ان المبدأ الأساسي المستقر عليه هو القرارات التمييزية الصادرة عن محكمة التمييز الأردنية باعتبارها محكمة قانون اذ انها اصدرت العديد من القرارات الجزائية بعد مرورها بجميع المراحل القضائية المقررة قانونافي ما يتعلق بجريمتي التحرِيض والتدخل،وسنتطرق في هذا المبحث لبعض الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث الى مطلبين، نتناول في المطلب الأول النصوص القانونية المتعلقة بالتحرِيض،ونتناول في المطلب الثاني عناصر التحرِيض.

المطلب الأول
النصوص القانونية المتعلقة بالتحرِيض

لقد نَصت غالبية التشريعات الجنائية المقارنة في قوانينها العقابية على نصوص قانونية تعالج موضوع جريمة التحرِيض ومنها قانون العقوبات الفرنسي الذي نَص في المادة 60/1 أهم وسائل التحريِض التي يلجأ اليها المحرِض، وكذلك نجد أن المشِرع الايطالي قد نص في قانون العقوبات الايطالي في المادة 112 ،والمادة 115 على جريمة التحرِيض ،وكذلك تطرق المشرع المصري في قانون العقوبات المصري بنص المادة 40 على جريمة التحرِيض،وفي قانونا الأردني نَص قانون العقوبات الأردني على جريمة التحرِيض في نص المادة 80/أ،ب، ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعين : نتناول في الفرع الأول نص التحرِيض في قانون العقوبات الأردني،ونتناول في الفرع الثاني القرارات التمييزية المقررة للتحرِيض.

الفرع الأول: نص التحرِيض في قانون العقوبات الأردني:
لقد نَص المشرع الأردني على جريمة التحرِيض في المادة 80 بفقرتيها أ،ب وتناول فيها المحِرض في المادة 80/أ بقوله:”يعد محرضا من حمل أو حاول ان يحمل شخصا على ارتكاب جريمة باستغلال النفوذ أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة أو بصرف النقود أو بأساءة الاستعمال في حكم الوظيفة.
1- أ- بالاشغال الشاقه المؤقته من خمس عشرة سنة الى عشرين سنة اذا كانت عقوبة الفاعل بالاعدام .
ب- بالاشغال الشاقة المؤقتة من سبع سنوات الى خمس عشرة سنة اذا كانت عقوبة الفاعل الاشغال الشاقه المؤبدة او الاعتقال المؤبدة .
2- في الحالات الاخرى ، يعاقب المحرض و المتدخل بعقوبة الفاعل بعد أن تخفض مدتها من السدس الى الثلث .
3- إذا لم يفض التحريض على ارتكاب جنايه أو جنحة الى نتيجة خفضت العقوبة المبينة في الفقرتين السابقتين من هذه المادة الى ثلثها .(13)

الفرع الثاني: القرارات التمييزية المتعلقة بالتحِريض:
أصدرت محكمة التمييز الأردنية العديد من القرارات القضائية المتعلقة بالتحِريض وذلك باعتبارها أعلى هيئة قضائية ولذا سنقوم نتقسيم هذا المطلب الى فرعين: نتناول في الفرع الأول القرارات المتعلقة بالتحرِيض، ونتناول في الفرع الثاني عناصر التحرِيض.
تمييز جزاء رقم 51/89 صفحة 615 سنة 1991م:
“يعد محرضا من حمل غيره على ارتكاب جريمة باعطائه نقودا أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة أو الدسيسة أو بعرض النقود أو باساءة استعمال في حكم الوظيفة عملا بأحكام المادة 80/أ من قانون العقوبات الأردني”.(14)
تمييز جزاء رقم 50/75 صفحة 1317 لسنة 1975 :
اذا كان المتهمون عالمين بانهم يدخلون باتفاق معقود على ارتكاب جناية وان بعضهم قد تدخلو بها حيث شاركوا بالاتفاق الجنائي وكانوا موجودين في المكان الذي ارتكب فيه الجرم بقصد تقوية الفاعل الاصلي وضمان ارتكاب الجرم المقصود لذلك فالقصد الجنائي متوفر لديهم جميعا .
ان عقوبه المتدخلين و المحرضين معينه في المادة (81) من قانون العقوبات على اساس عقوبة الفاعل ، ذلك لان الاشتراك تابع للفعل الاصلي يستمد منه اجرامه فينقص او يزول تبعا له ما دام ان الجرم قد نشا عن الفعل الذي اقترفه الفاعل الاصلي تنفيذا للاتقاف وبحضور المتدخلين الذين ساعدوه بقصد تقوية تصميمه وضمان ارتكاب الجرم .(15)
“اذا لم يفض التحرِيض الى نتيجة فانه وعملا بأحكام المادة (81/3) من قانون العقوبات الأردني تخفض العقوبة الى ثلثها ، وحيث أن التحريض لم يفض الى نتيجة فان العقوبة تصبح الأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمس سنوات “.(16)
221/2 “اذا كان التحريض على القتل مع سبق الاصرار فبهذه الحالة يعاقب المحرض بالأشغال الشاقة الموقتة من خمسة عشرسنة الى عشرين سنة وبما أن التحريض لم يفض الى نتيجة فتخفض المحكمة ثلثي العقوبة ” .(17)
47/3 “ان القانون لا يحتم لمعاقبة المحرض على ارتكاب جريمة أن يكون الفاعل الذي اقترف الجريمة مقبوضا عليه أو معروفا ويكون من الجائز الحكم على المحرض اذا ثبت أن الجريمة التي حرض على ارتكابها قد وقعت من الشخص الذي جرى تحريضه”.(18)
29/2 ” ان التحريض على القتل والتدخل بالقتل تدخلا تبعيا هي من الجرائم المتفرعة عن جريمة القتل ،وحيث أن الفرع يتبع الأصل فان محكمة الجنايات الكبرى تعتبر مختصة بنظر جريمتي التحريض والتدخل”.(19)

المطلب الثاني
عناصر التحرِيض

يتبين لنا من خلال تعريف التحرِيض أنه يقوم على مجموعة من العناصر التي تؤلف في محتوياتها هذه الجريمة ،لما للتحرِيض من اهمية حيث أنه صورة من صور المساهمة التبعية في الاشتراك الجرمي،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع على التوالي: نتناول في الفرع الأول المحِرض،ونتناول في الفرع الثاني الشخص الموجه اليه التحرِيض،ونتناول في الفرع الثالث محل التحرِيض.

الفرع الأول : المحرض:
المحرض على ما عرفته المادة 80 من قانون العقوبات الاردني :”هو الذي حمل أو حاول أن يحمل شخصا آخر على ارتكاب جريمة باعطائه نقودا أو تقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والخديعة أو بصرف النقود أو باساة الاستعمال في حكم الوظيفة “.(20)
حيث ان تحريض شخص على ارتكاب جريمة ،معناه ايجاد نية اجرامية حاسمة لديه بعد ان لم يكن لهذه النية وجود في نفسه أصلا ، أو مجرد محاولة ايجاد تلك النية.

الفرع الثاني : الشخص الموجه اليه التحريض:
فالتحريض يفترض قيام شخص بخلق فكرة جريمة يتفتق عنها دماغه الآثم لدى شخص آخر ثم تقوية التصميم على ارتكابها لديه .
وقد جعل قانوننا الاردني أسوة بالقانونين اللبناني والسوري تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرَض، فكان من نتيجة ذلك أنه أصبح معاقبا على نشاطه بغض النظر عن التنفيذ ،بل حتى ولو لم يقبله من وجه اليه ، متبنيا بذلك اتجاه القوانين الحديثة كالقانون الالماني في المادة (48) والقانون السويسري في المادة (24) ، ومتخليا عن الخطة التي اتبعها القانون المصري والفرنسي والتي تجعل من المحرض مجرد متدخل فرعي يستعير جريمته من الفاعل الاصلي.(21)
واستنادا الى ذلك كله فانه يعد محرضا على ارتكاب جريمة قبل وقوعها من دفع غيره الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة بأي وسيلة كانت ،متى وقعت هذه الجريمة بناءا على تحريض.(22).
كما أن شد العزيمة باعتباره أحد افعال التدخل لا يعاقب عليه الا اذا وقع الفعل الاصلي أي الجريمة الاصلية بينما التحريض يعاقب عليه استقلالا.(23)

الفرع الثالث: محل التحريض:
وعودا على بدء نقول ، أنه لطالما يقوم التحرض على خلق فكرة الجريمة لدى اي شخص فانه لا يتصور تحريض شخص مصمم على الجريمة من قبل وان امكن اعتباره في هذه الحالة متدخلا لا محرضا اذا اثبت أنه بهذا شدد عزيمة الفاعل أو هيأ وسائل تنفيذ الجريمة التي انتوى هذا الأخير ارتكابها ، ولكن يتصور تحريض شخص عرضت عليه فكرة الجريمة من قبل ولكنه لم يصمم عليها بعد ، اي لم يتخذ قراره بشأنها اذ ما يزال مترددا حتى جاء المحرض وخلق لديه التصميم الاجرامي ،فهو المدبر الاساسي لها والسبب الاول في وقوعها .
ولهذا السبب اعتبرته التشريعات الاجنبية ،كالقانون الانجليزي فاعلا لها وذلك على مقتضى الفصل الاول منه ،اذا كان حاضرا في مكان ارتكابها بغية تقديم المساعدة، وشريكا قبل الواقعة اذا كان غائبا وفقا لما تقدم .(24)
شد العزيمة يتعلق بذهن معبأ سلفا بفكرة الجريمة ولكنه يتردد في الاقدام عليها فيأتي فعل شد العزيمة لكي يحبذ فكرتها ويزيل التردد في تنفيذها ويؤكد التصميم عليها .
وهذا يعني أن المحرض كان قبل تدخل المحرض فارغ الذهن تماما من فكرة الجريمة ،وأن ذهنه أصبح معبأ بفكرة الجريمة بعد فعل المحرض .(25)

المبحث الثالث
أركان التحريض

يتبين من تدقيق نص الفقرة الاولى من المادة 80والمادة 81 من قانون العقوبات الاردني ،أن جريمة التحريض –كأي جريمة – تقوم على أركان هامة باعتبارها مجرمة بنص القانون ، لذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث الى مطلبين نتناول في المطلب الأول خطة المشرع الأردني في تحديد أركان التحريض،ونتناول في المطلب الثاني طرق التحريض في قانون العقوبات الاردني.

المطلب الأول
خطة المشرع الأردني في تحديد أركان التحريض

نجد بأن المشرع الأردني قد تناول جريمة التحريض باعتبارها جريمة قائمة بذاتها ومستقلة عن غيرها من الجرائم وذلك وفقا لما نصت المادة 80 /أ قانون العقوبات الأردني ،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع ، في الفرع الأول نتناول الركن القانوني ،وفي الفرع الثاني نتناول الركن المادي ،وفي الفرع الثالث نتناول الركن المعنوي .

الفرع الأول: الركن القانوني
قوامه :-
يتمثل هذا الركن في خضوع نشاط المحرض لنص التجريم ،وقد جرم نشاط المحرض بموجب نص المادة 81 من قانون العقوبات الاردني .

الفرع الثاني: الركن المادي
قوامه:-
اذا كان الركن المادي لأي جريمة كقاعدة عامة ، يحتوي على ثلاثة اركان وهي :الفعل والنتيجة الاجراميةوعلاقة السببية بينهما ،فهو في جريمة التحريض يمتلك وضعا متميزا اذ يكفي لقيامه النشاط الايجابي الذي يصدر عن المحرض .
فالتحريض يقوم بنشاط من صدر عنه لا من وجه اليه ،ولا شأن اطلاقا للنتيجة التي ارادها المحرض وسعى الى تحقيقها في تقرير مسؤليته ،وان كان لها شأن في تقدير العقوبة فحسب .
وطبيعي أن لا يكون محل لعلاقة السببية في التحريض ،لأن هذه العلاقة لا تتصور الا في الجرائم التي تستلزم وقوع نتيجة جرمية .(26)
ان التحريض يتحقق سواء قبله من وجه اليه أو رفضه وسواء وقعت الجريمة المحرض عليها أم لم تقع ،فنشاط المحرض محل عقاب دائما واستقلالا عن مسؤولية من حرضه .(27)
حيث أن التحريض يجب أن يكون السبب الوحيد في دفع الجاني لارتكاب الجريمة ولا يعتد به اذا وقف عند مجرد تزيين الجريمة أو تحبيذها.
فمثلا :لو أوقع شخص العداوة والكراهية بين شخصين لدرجة أن أحدهما ارتكب جريمة ضد الآخر ،فلا يعد من أوقع بينهما شريكا بالتحريض.(28)
فمناط المسؤولية اذا في التحريض هو النشاط الايجابي والنية الجرمية ،ويتمثل النشاط الايجابي في الفصل المادي الذي يقوم به المحرض ببذرة فكرة الجريمة لدى شخص المحرض واقتناعه باقترافها ودفعه الى تنفيذها ،وذلك باثارة شعوره وشحذ عزيمته وخلق التصميم لديه .
ونرى أن نشاط المحرض يتخذ صورة خلق الدوافع الاجرامية في نفسية الجاني وتقويتها على الموانع منها.(29)
وبدون النشاط الايجابي لا تقوم للتحريض قائمة ،فلا يصلح النشاط السلبي كالعلم بالمشروع الاجرامي وعدم التعرض عليه، لقيام التحريض ايا كانت دلالته المستمدة من الظروف المحيطة به .
اعتمادا على أن جوهر التحريض خلق فكرة الجريمة لدى الفاعل واقناعه بها وكل ذلك يقتضي مجهودا ايجابيا .

اولا: وكذلك يجب أن ينصب النشاط الجرمي على موضوع معين يتمثل في جريمة معينة أو جرائم معينة يعاقب عليها القانون فلو أن شخصا أوقع بين شخصين مما أدى الى وقوع اعتداء من احدهما على الآخر ،فهذا الذي سعى لا يعتبر محرضا لانتفاء التعيين والتحديد في الجريمة .
وكذلك الحكم لو حض آخر على أن يضر بشخص ثالث ،ولا يرد على هذا أن من شأن فعله ممارسة الاجرام طالما أن التحريض لم يكن منصبا على جريمة محددة ،فالتحريض على جرائم غير معينة يختار الفاعل بعد ذلك واحدة منها وبالتالي لا يعد تحريضا بالمعنى القانوني لأنه وان كان يتوقعها فهو لا يعلمها على وجه التحديد ،هل هي سرقة أو قتل أو هتك عرض .(30)
ان نشاط المحرض سابق على البدء في تنفيذ الجريمة أو تنفيذها لأن البدء في التنفيذ يسبقه منطقا التصميم عليه ، والتصميم من عمل المحرض ولهذا يتعين أن يكون نشاطه سابقا على التنفيذ .(31)(1)

ثانيا:
1 )- يجب أن يكون التحريض مباشرا وفقا لما اشارت له خطة المشرع الاردني ،وهي ظاهرة تتسم بها كل التشريعات العقابية وفي مقدمتها القانون الفرنسي في المادة (60)، والقانون المصري في المادة (20) والقانون السوري في المادة (216) والقانون اللبناني في المادة (217) .
ومع أن هذا الشرط قد لا يبدو واضحا في نص الفقرة الاولى من المادة (80) من قانون العقوبات الاردني التي وردت مطلقة على نحو ينطوي معه تحت حكمها كل من يوجه تحريضه الى ارتكاب أية جريمة ،الا أن الواقع هو خلاف ذلك فالتحريض يفترض بطبعيته خلق التصميم على ارتكاب جريمة معينة بذاتها وفقا لما أجمع عليه الفقه .
حيث ان الفقرة /ب من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني قد جاءت موضحة غموض عبارة الفقرة /أمن المادة نفسها بقولها”ان تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض على ارتكاب الجريمة” حيث ان الجريمة هنا معرفة بأل التعريف ،وتصبح الجريمة المقصودة في هذ الفقرة تلك الجريمة التي سعى المحرض الى تحقيقها عن طريق المحرض .

على أن هذا لايعني أن التحريض غير معاقب عليه الا اذا كان مباشرا ،بل كل ما في الأمر أن هذا هو الأصل وأما الاستثناء فيقضي بالعقاب على التحريض غي المباشر في الحالات التي ينص عليها القانون ، ومن أمثلتها نص المادة 118/2 من قانون العقوبات الاردني التي تعاقب كل من أقدم على أعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة فعرض المملكة لخطر أعمال عدائية ،وعرض الاردنيين للأعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم ،والمادة 113/1 من قانون العقوبات الاردني والتي تعاقب كل اردني أقدم بأي وسيلة كانت بقصد شل الدفاع الوطني على الاضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والمركبات ….
وكذلك المادة 130 من قانون العقوبات الاردني والتي تعاقب كل من قام زمن الحرب أو عند نشوبها بدعاية ترمي الى اضعاف الشعور القومي …….(32)
وعلى أية حال فانه ينبغي أن يكون مفهوما أن شرط التحريض المباشر يشمل التحريض سواء كان فرديا أي خاصا بشخص معين أو أكثر من شخص على أن يكونوا معينيين أم عاما موجها الى جماعة غير محددة من الناس بالأضافةالى وقوعه بأحد وسائل العلانية ،ولعل أهم ما يمز التحريض العام عن الخاص أنه لا يقع الا علانية بأحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 73 من قانون العقوبات الاردني .(33)

2)-التحريض غير المباشر : فلا تقع به جريمة التحريض وهو يكون كذلك اذا كان محله فعلا مشروعا حتى ولو أدى الى ارتكاب جريمة بسبب الظروف التي وقع فيها ،فمن يزرع الحقد والعداوة بين شخصين فيقدم أحدهما على قتل الآخر لا يعتبر محرضا لأن التحريض لم ينصب على فعل القتل ،وانما مجرد اثارة الفتن ونوازع الحقد بين شخصين ولا يعد هذا أو ذاك جريمة في نظر القانون.(34)

ثالثا: يجب أن تتخذ الجريمة الوصف الجنائي أو الجنحي ،حيث أنه لا تحريض على المخالفات وفقا لما تقضي به المادة 82 من قانون العقوبات الاردني ،بالأضافة الى وجوب أن يكون التحريض مؤثرا وحاسما في ارتكاب الجريمة ،أما اذا لم يكن كذلك كأن يكون كلمة عابرة أو حركة عرضية أو تمنيات أو عرض وجهة نظر فلا تحريض هنا .(35)
وهذا يعني أن فعل التحريض حر الوسيلة يستخلصه القاضي من أية وسيلة يفرغ فيها المحرض نشاطه ويؤثر بها في نفسية الفاعل ويدفعه الى ارتكاب الجريمة والتصميم عليها .
بمعنى أنه يتوجه نشاط المحرض الى نفسية الفاعل فيزيين له ارتكاب الجريمة فيحبذ فكرتها ويبرر دوافعها وأهميتها ويقلل من شأن العقبات التي تعترض تنفيذها .

ويستوي لدى القانون أن يتخذ تعبير المحرض عن ذلك بالقول أو بالكتابة أو بالأشارة أو الحركة أو الايماءة متى كانت صالحة في الظروف التي صدرت فيها لآداء هذا الدور.(36)
الشروط التي وضعها المشرع العقابي الاردني كقاعدة عامة ومن أهمها:-
1- أن يكون التحريض حاسما وليس مجرد نصيحة أو رأي عابر .(37)
2- أن تتوافر لدى المحرض الآرادة الآثمة والقصد الجنائي .
3- وقوع الجريمة التي جرى التحريض على اقترافها أو وقوع الشروع فيها .
فالمحرض هو الذي يغري الفاعل على ارتكاب الجريمة ،أما الفاعل المعنوي في هذا الدور فهو الذي يسخر غيره كأداة لارتكاب الجريمة ،فالفرق كبير بين اغراء الفاعل المسؤول وتسخير الفاعل الآداة غير المسؤول.(38)
الأصل أن تترتب على نشاط المحرض نتيجة جرمية ،ولكن هذا ليس بشرط فالتحريض يقوم بمجرد المحاولة عملا بنص الفقرة الاولى من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني .
فالتحريض يشكل جريمة قائمة بذاتها مستقلة بغض النظر عن قبول المحرض أو رفضه أو تنفيذ الجريمة أو عن وصول الفاعل الى النتيجة الجرمية أو عدم وصوله اليها ،وهذا واضح من نص الفقرة الاولى من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني بقوله “كل من حمل أو حاول أن يحمل شخصا آخر على ارتكاب الجريمة ………..”.
فالمحاولة تتسع لتشمل حالة قبول المحرض ارتكاب الجريمة المعروض عليه ارتكابها ثم امتناعه عن البدء في تنفيذها ،وكذلك من باب اولى رفض الفكرة من أساسها.

كما أنها تشمل حالة من بدأ في التنفيذ في مرحلة الشروع الناقص ثم عدل طواعية عن تنفيذ واتمام ما بدأه ،اذ لو لم تكن تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض لترتب على ذلك اعفاءه من العقاب أسوة باعفاء الفاعل الذي غدا شروعه منتفيا على مقتضى المادة 69من قانون العقوبات الاردني .(39)
وبناءا على ما تقدم فاننا نقول بأن المشرع الاردني –أسوة بالمشرعين اللبناني والسوري –وبالتالي نجد بأن المشرع الجزائي الاردني وقف من المحرض موقفا مشددا ويتجلى هذا التشدد في مظهرين ،هما :-
أ- التسوية في المسؤولية بين تمام التحريض وبين محاولته .
ب- واقرار استقلال تبعة المحرض عن تبعة المحرض .(40)

رابعا : يجب أن يتوافر لدى المحرض القصد الجنائي :

ذلك أن التحريض جريمة ،ولا جريمة بدون ركن معنوي حيث ان القصد الجنائي لدى المحرض يتكون مثل كل قصد جنائي من عنصرين رئيسيين وهما :العلم والارادة .
العلم بصلاحية نشاطه التحريضي الى دفع المحرض الى ارتكاب الجريمة ،ويعلم أن يتوجه بهذا النشاط الى ذهن شخص خالي تماما من فكرة الجريمة .
وأن تنصرف ارادته الى ايتان نشاط أو فعل التحريض والى خلق فكرة الجريمة في ذهن المحرض بهدف حمله على ارتكابها ،فاذا انتفى العلم أو انتفت الارادة بالمعنى السابق لا يتحقق التحريض .(41)

خامسا: فيجب أن يوجه التحريض الى الفاعل الأصلي وفقا لما نصت به الفقرة الاولى من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني بقولها”يعد من حمل أو حاول أن يحمل شخصا على ارتكاب الجريمة 000″ ومثل هذا الأمر يطرح التساؤل التالي:هل يجوز أن يوجه التحريض الى شخص آخر غير الفاعل ؟ بمعنى هل يعتبر محرضا من حمل شخصا على التدخل في جريمة ما؟ ان النص المذكور يغرى الى للميل بالأجابة نفيا على هذا التساؤل ،اذ أن النص يتطلب صراحة أن يوجه التحريض مباشرة الى مرتكب الجريمة ،ولهذا فان توجيه النشاط الى المساهم ثانوي من أجل المساعدة في ارتكاب جريمة لا يقوم به التحريض هذا من ناحية،ومن ناحية أخرى فان المشرع لو أراد المعاقبة على من يحمل شخصا على المساهمة الثانوية في ارتكاب الجريمة لما توانى عن النص على ذلك صراحة أسوة بما فعل في المعاقبة على التدخل في الفقرة “ه” من البند الثاني من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني ،وبالتالي فانه لا يعد محرضا الشخص الذي يحمل خادما على ترك باب منزل مخدومه مفتوحا بغية تمكين آخرين من سرقته .(42)

الفرع الثالث: الركن المعنوي

لا يكفي لقيام جريمة التحريض ايتان الشخص نشاطا ماديا يكون من شأنه دفع آخر الى ارتكاب جريمة من الجرائم ،وبعبارة أخرى اذا قام شخص بنشاط ما وكان من شأنه تأليب شخص على آخر وقيامه بقتله دون أن يكون قاصدا احداث النتيجة الجرمية ،فلا محل للتحريض .
وانما لابد أن يمارس الشخص نشاطه التحريضي بقصد دفعه الى ارتكاب تلك الجريمة التي ارتكبت ،ولم يشترط القانون صراحة أن يتخذ الركن المعنوي في جريمة التحريض صورة القصد ،الا أن هذا الأمر يفهم ضمنا من عبارة القانون ، حيث يقرر بشأن التحريض “يعد من محرضا من حمل أو حاول أن يحمل شخصا…..” فلجوء المحرض وفقا لما يقرره القانون الفرنسي الى أعمال مادية كالهدايا والوعود واساءة استعمال السلطة أو قيامه بالتهديد كلها جميعا تتضمن اتجاه ارادة الجاني الى تحقيق نتيجته الجرمية .
والقصد في جريمة التحريض كأي جريمة يقوم على عنصريين رئيسيين وهما:العلم والارادة بمعنى علم المحرض بمدلول عباراته وما يمكن أن تحدثه من تأثير على المحرض وتوقعه لأن يقدم المحرض على ارتكاب جريمته ،وكذلك ارادة متجهة الى خلق التصميم الاجرامي لديه واقتناعه بارتكابها ،فانتفاء أي من هذين العنصريين ينفي التحريض .(43)
فيتعين علم المحرض بدلالة عباراته والتأثير المحتمل للوسائل التي يستعملها وتوقعه أن يقدم من حَرضه على ارتكاب الجريمة ،ويتطلب ارادة متجهة الى خلق التصميم الا جرامي وارتكاب الجريمة موضوع التحريض،فاذا لم يدرك المدعى عليه الدلالة الحقيقية لعباراته فلم يكن مريدا بها المعنى الذي فهمه من وجهت اليه ،أو لم يكن متوقعا أن يقدم على الجريمة بل كان معتقدا أن الأمر لا يعدو مجرد التعبير عن الحقد عى المغدور فان القصد الجنائي لا يعتبر متوافرا.(44)

المطلب الثاني
بيان طرق التحريض في قانون العقوبات الاردني

لقد حدد المشرع الاردني الوسائل التي يجب أن يقع التحريض بناءا عليها ليصبح مجرما ومعاقبا عليه، ويلاحظ على هذا الحصر أنه اقتصر على الحالات التي تكون للوسائل فيها تأثير كبير على ارادة الفاعل وحريته .
أما الحالات التي لا يكون فيها للوسائل مثل هذا الأثر ، فقد بقيت مستبعدة من نطاق التحريض في قانونا الاردني ،وذلك خلافا لما ذهبت اليه العديد من التشريعات ومنها المشرع الانجليزي اذ انه اعتبر النصح “Advice or Counsel ” والتفويض والتشجيع من وسائل التحريض أو الاشتراك .
وعلى أية حال فان المشرع الأردني نتناول الوسائل بالنص عليها في الفقرة “أ” من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى أربعة فروع، في الفرع الأول نتناول اعطاء النقود أو هدية، وفي الفرع الثاني نتناول التأثير على الفاعل بالتهديد، وفي الفرع الثالث نتناول التأثير عليه بالحيلة والخداع، وفي الفرع الرابع نتناول اساءة الاستعمال في حكم الوظيفة.

الفرع الأول: اعطاء النقود أو هدية :

ومثل هذا الأمر على درجة من الأهمية والوضوح الى الحد الذي لا يؤثر معه أي أشكال ، ولا فرق بين أن يكون قد أعطاه النقود أو الهدية قبل ارتكاب الجريمة أو وعده فيهما أو باحداهما بعد تمام التنفيذ .(45)
حيث لجأ المشرع الى هذا التعبير لأسلوب معين من وسائل التحريض ،وهو استغلال شخص متنفذ لغيره ودفعه لارتكاب جريمة معينة ،وذلك لما له من تأثير عليه نتيجة سلطته ونفوذه الواسع وسيطرته وسطوته .
كتحريض الأب لأحد أبنائه بضرب رجل آخر أو المساس بجسمه أو بسلامته ،علما بأن النص قد ورد بصيغة “صرف النقود” ولكن بالعودة الى شرح الفقهاء والنص الوارد في القانون العثماني فالصيغة الصحيحة هي صرف النفوذ وليس صرف النقود ،وقضي بأنه اذا حمل شخص شخصا آخر على ارتكاب جريمة التزوير باعطائه نقودا فيعتبر محرضا على جريمة التزوير لا شريكا فيها .(46)

الفرع الثاني: التأثير على الفاعل بالتهديد:

وتعني هذه الوسيلة استخدام التهديد بايقاع أذى يقع عليه أو على ماله أو على غيره أو مال غيره ،ولكنه تهديد ينبغي أن لا يرق الى التهديد الوارد في الاكراه المعنوي ،حيث لا ينتقص من حرية الاختيار ذلك المقدار المميز للاكراه المعنوي والذي لا يجد الرجل العادي معه بدا لو وجد في نفس الظروف من أن يرتكب الجريمة انصياعا لارادة مهدده .
ومثال ذلك أن يتهدد شخص عنده أموال وفيرة بعدم اقراض شخص آخر بحاجة الى مال اذا لم يرتكب جريمة بحق شخص معين ، ونستند في هذه التفرقة الى أمرين :-

أولا: أن المشرع قد استعمل من الألفاظ في الفقرة الاولى من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني ما يدل على هذا المعنى ،فتعبير “التأثير عليه” جاء مطلقا والقاعدة الأصولية في التفسير تقضي أن يجري المطلق على اطلاقه مالم يرد ما يقيده ، فأي قدر من التأثير يكفي في هذا المقام .

ثانيا: أن المشرع الاردني قد بين معنى التهديد وهو أن يكون الشخص ارتكب جريمته تحت تأثير هذا التهديد الذي يقيد حرته واختياره ،وبالتالي اعفاه المشرع من المسؤولية الجزائية وذلك سندا بالمادة 88 من قانون العقوبات الاردني ،وقد اشترط النص أن يكون هذا التهديد على درجة من الجسامة بحيث يتوقع الفاعل أن ينجم عنه موتا عاجلا أو ضررا بالغا يؤدي الى التشويه أو تعطيل عضو من أعضائه بصورة مستديمة .

ولكن “كيف يمكن أن يعفي المشرع من المسؤولية ان ارتكب الشخص جريمته تحت تأثير التهديد استنادا الى النص الأخير ،في حين يوجب هذا المسؤولية أن ارتكب الجريمة تحت تأثير التهديد استنادا الى النص الاول ؟
في الحقيقة لا مجال لتطبيق هذين النصين في وقت واحد دون قيام تعارض بينهما الا عن طريق التنسيق بينهما والتزام التفسير المتقدم اذ هو وحده الذي يوفر لنا الحل المنشود.(47)
حيث أن المشرع شمل مع هذ الطريقة وسيلتين:-

1- وسائل الترغيب :قد يلجأ المحرض الى استغلال حاجة بعض الناس ويحاول عن طريق اغرائهم بالمال والهدايا للتأثير فيهم وحضهم على ارتكاب جريمة معينة، وتقوية العزيمة لديهم لاقترافها.
2- وسائل الترهيب: اذا لم تؤد وسائل الترغيب الى اقناع الفاعل بارتكاب الجريمة، فانه قد يتبع وسائل أكثر تأثيرا على الفاعل، كوسيلة التهديد والترهيب والتخويف، وبالتالي لاعقاب عليه الا في جرائم القتل أو أن يكون الفاعل قد عرض نفسه للتهديد أو لم يستطع الى دفعه سبيلا.(48)

الفرع الثالث: التأثير عليه بالحيلة والخداع:

والخديعة (لغة)”لفظة مشتقة من فعل خدع ” ويقال :خدع فلان سواه ،أظهر له خلاف ما يخفيه والحق به المكروه من حيث لا يعلم وجوهر الحيلة والخداع الكذب .(49)
تتعدد هذه الوسائل بتعدد أساليب الاحتيال والخداع ،وهي من أشد الوسائل خطورة لأنها تزرع الوهم في ذهن ونفس الفاعل وتصور له الوقائع على غير حقيقتها ،وقد تؤدي الى هذه الوسائل الى دفع الفاعل الى ارتكاب الجريمة ،بحيث لو لم يجر التحريض عليها لما كان يفكر بارتكابها أصلا،كمن يصور لأحد الأشخاص بأن المجني عليه يعتدي على عرضه ، بينما هو في الحقيقة مجرد زميل عمل لزوجته أو لأخته ،وأنه على خلق فاضل والدافع لذلك انما لعداوة وكره المحرض له ،فانه يقصد الانتقام منه عن ارادة آثمة بطريق شخص آخر وهو الفاعل الذي صور له الوهم حقيقة ودفعه الى ارتكاب جريمته . (50)
ومن أمثلة الحيلة والخداع في مجال التحريض ، أن يرغب شخص في شراء منزل جاره اشتراه حديثا ،وفي سبيل أن ينفره منه قال له هذا البيت مليء بالشباح والعفاريت والتي تظهر في ساعة متأخرة من الليل ،وفي سبيل تدعيم ذلك اتفق مع صديق له أن يمثل دور العفاريت عن طريق ارتداء الملابس التنكرية، ولما وصل هذا الشخص الى البيت ما كان من صاحب المنزل الا أن عاجله بطلقة نارية فأرداه قتيلا ،فيعتبر الشخص الاول محرضا له والثاني محرَضاويسأل الاول عن جريمة قتل مقصود ،في حين يسأل الثاني عن جريمة قتل غير مقصود اذا ما توافرت شروطها.(51)

الفرع الرابع: اساءة الاستعمال في حكم الوظيفة:

ان السلطات لم تمنح في الاصل للأشخاص الأداريين الا ليمارسوها في غاية معينة ، فاذا ابتعدت هذه السلطات عن هذه الغاية كانت أعمالها مشوبة بأساءة استعمال السلطة ،ويرجع الفقه الاداري أسباب اساءة استعمال السلطة الى سببين رئيسيين وهما:
1- استعمالها لتوخي غاية غريبة عن المصلحة العامة .
2- استعمالها لتوخي غاية ليست غريبة عن المصلحة العامة ولكنها غير الغاية التي أرادها القانون .
وبالتالي تفترض هذه الوسيلة :صدور أمر من رئيس الى مرؤوس لارتكاب جريمة ،فالرئيس محرض والمرؤوس محرض أو فاعل لأنه هو الذي قام بالفعل المادي .
وعلى هذا فان الفرق بين وسيلة اساءة استعمال السلطة وصرف النقود(النفوذ) ،يكمن في أن التعبير الاول ينصرف الى الحالات التي تقع في أثناء وضمن نطاق الوظيفة العامة وينظمها القانون الاداري .
فيما ينصرف التعبير الثاني الى الحالات التي تقع خارج هذا النطاق وتنظمها قوانين أخرى وتنبغي الاشارة الى أن المشرع الاردني لا تهمه الطريقة التي يلجأ اليها المحرض في التعبير عن التحريض ، فقد تكون القول أو الاشارة أو الكتابة أو الرسوم أو حتى الايماءة اذ لها جميعا ذات القيمة القانونية .(52)
يلجأ الكثير من ضعاف النفوس الى اتباع هذه الوسيلة ويسيء استعمال الصلاحيات المخولة له بحكم وظيفته ،فقد يلجأ الموظف الى التحريض على ارتكاب جريمة معينة ويدفع الفاعل الى ارتكابها ،بغاية القبض عليه متلبسا أو بهدف الحصول على ميزة وظيفية أو مكافأة مالية ،أو لأي هدف آخر غير مشروع وجمع الفقهاء على منافاة هذه الوسيلة للقيم الأخلاقية واساءة استعمال السلطة.(53)
وبالتالي فاننا نلاحظ أن الوسائل التي يستخدمها الجاني للتأثير في ارادة المحرض ،منها ماهو مادي أي له مظهر مادي خارجي كالنقود والهدايا ،ومنها ما هو معنوي أي يتم بوسائل نفسية تتدخل بالتأثير في ارادته كالتهديد والمخادعة والحيلة .(54)

المبحث الرابع
المحرض الصوري Agent Provocateur””

يطلق بعض الفقه على مفتعل الجريمة تعبير المحرض الصوري تمييزا له عن المحرض العادي ،في حين أن من الفقه الانجليزي ما يعبر عنه بالتحريض بقصد الايقاع في الكيدة أو الشرك وما يعبر عنه “Instigation for the Purpose of entrapment “، ولذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب،نتناول في المطلب الأول مفهوم المحرِض الصوري بشكل عام،وفي المطلب الثاني موقف التشريعات المقارنة من المحرِض الصوري،ونتناول في المطلب الثالث مسؤولية المحرِض نفسه.

المطلب الأول
مفهوم المحرِض الصوري

أن فكرة المحرِض الصوري مؤداها أن يقوم شخص ويعمل على خلق فكرة الجريمة من خلال دفعه شخص آخر الى ارتكابها مع اتجاهه الى عدم تحقيق النتجة الجرمية بحسب واقع الحال وحتى يتم القاء القبض على مرتكبها وايقاع العقوبة بحقه اذا وجدت لديه نفسية اجرامية قابلة لمباشرة النشاط الاجرامي ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعين ،في الفرع الأول نتناول التعريف بالمحرض الصوري بشكل عام،وفي الفرع الثاني نتناول التعريف بالمحرض الصوري في قضاء محكمة التمييز الاردنية.

الفرع الأول:التعريف بالمحرض الصوري بشكل عام:
ومنهم من يطلق عليه التحريض الرسمي على الجريمة “Official Instigation of Crime ” على اعتبار أن المحَرض على الجريمة من رجال السلطة العامة ،على أنه وان كان الغالب من الأمور أن المحَرض الصوري على الجريمة هو من رجال السلطة العامة.
ولكن هذا ليس بشرط، فقد يقدم عليه شخص يعمل لحسابهم ،ولهذا السبب فاننا نؤثر التعريف الذي قال به الدكتور مسيس بهنام ،على أنه “الشخص الذي يحَرض على ارتكاب الجريمة بغية الايقاع بفاعلها وضبطه متلبسا ليسلمه الى السلطات العامة في حين أن هذا الفاعل كان من الجائز أن لا يرتكب الجريمة تلقائيا لو ترك وشأنه”.
والأمثلة على التحريض الصوري تنبؤ عن كل حصر ووعد ،ومن أمثلتها رجل الجمرك الذي يتنكر لرجل عرف عنه انه يتاجر بالبضاعة المهربة ويعرض عليه شراء قسم من بضاعته الذي ينوي تهريبها ،حتى اذا ما انطلت عليه الحيلة ضبطه فما هو الوضع القانوني لكل من البائع والمشتري؟؟أيسأل الاثنان معا أم يعفيان؟؟ أم يسأل أحدهما ويعفى الآخر ؟؟…….

الفرع الثاني :التعريف بالمحرض الصوري في قضاء محكمة التمييز الاردنية:
وتطبيقا لهذا المعنى قضت محكمة التمييز الاردنية –بحق- بأن قيام الراشي بدفع مبلغ الرشوة بناء على طلب رجال الأمن لأثبات صحة شكواه من أن المرتشي طلب منه هذا المبلغ كرشوة لا يعد مجرما ، وذلك لأن هذه الجريمة قامت قانونا بمجرد الطلب المقابل في نظير العمل الوظيفي وقد تم هذا الطلب فعلا ،وكذلك الحكم اذا انتهى الأمر الى وقوع جرائم جديدة غير التي سعى اليها الشخص (الموظف) الى الكشف عنها ،كما هو الحال بالنسبة لجريمة تهريب المخدرات بعد وقوعها اذ ينبثق عنها جريمة الاتجار بها،فلا تحريض هنا لأن هذه الجرائم كانت واقعة لا محالة حتى ولو لم يبذل الموظف أي جهد فهي أثر حتمي ولازم للجريمة الاولى بمعنى أن علاقة السببية تكون معدومة بين نشاط الموظف والجريمة الجديدة(55).
ويراد بالمحرض الصوري الشخص الذي تتجه ارادته الى القبض على مجرم في حالة الجرم المشهود أو الى اختبار مدى حرص الشخص على الخضوع للقانون فيتظاهر بتشجيعه على ايتان الفعل الجرمي حتى اذا ما بدأ في تنفيذه حال دون تمام نتيجته الجرمية(56).

المطلب الثاني
موقف التشريعات المقارنة من المحرض الصوري

لقد اتجهت العديد من التشريعات الى بيان موقف قوانينها العقابية من مسألة المحرض الصوري وعملت بعض الدول على تضمين مناهجها العقابيةبتعريفها المحرض الصوري وبيان العقوبة المقررة للمحرض الصوري ولأجابة على التساؤولات المطروحة السابقة ينبغي أن نتعرض الى موقف التشريعات المقارنة من خلال استقراء الآراء الفقهية والأحكام القضائية في العديد من الدول ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى أربعة فروع نتناولها على التوالي:موقف الفقه والقضاء الفرنسي من المحرض الصوري في الفرع الأول،ونتناول في الفرع الثاني موقف الفقه والقضاء الانجليزي من المحرض الصوري،ونتناول في الفرع الثالث موقف الفقه والقضاء المصريين من المحرض الصوري ونتناول في الفرع الرابع موقف الفقه والقضاء الأردني من المحرض الصوري.

الفرع الأول: الموقف في فرنسا:
بالنظر لتعدد الآراء والمواقف الفرنسية من هذه المسألة ولغايات الوقوف عليها ،فاننا سنفرق بين مسؤولية رجل السلطة العامة عن التحريض الصوري الذي يقوم به وبين مسؤولية الفاعل .

أولا: مسؤولية رجل السلطة العامة في التحريض الصوري :
أ- هنالك فريق من الفقهاء الفرنسيين يقول بمسؤولية المحرض الصوري بحجة أن جميع أركان التحريض قد توافرت بحقه ، فهو قد قام بنشاط مادي انطبقت عليه أحد الوسائل المنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات الفرنسي ،بالأضافة الى القصد الجنائي .
ولا ينفي قصده هذا أن باعثه كان ضبطه متلبسا ،اذ المعلوم أن الباعث لا ينفي القصد كما يجب أن لا تشفع له صفته الرسمية الا اذا كان ينفذ أمر رئيس وجبت طاعته.
ب- وهنالك فريق آخر تعززه أحكام القضاء الفرنسي يرى عدم مسائلة المحرض الصوري على الجريمة التي حرض عليها ،اذ لم يتوافر بحقه القصد الجنائي فارادته تتجه الى الوقوف بالجريمة عند مرحلة الشروع ،بمعنى أنه لا يريد تحقيق النتيجة الجرمية ،وبما أن ارادة النتيجة هي العنصر الثاني من عناصر القصد الجنائي فبانتفائها ينتفي القصد.

ثانيا: مسؤولية الفاعل في التحريض الصوري :
لم يقرر القضاء الفرنسي اعفاء الفاعل من العقاب طالما أن التحريض لم يبلغ حدا من القوة من شأنه التأثير في ارادته الى حد القضاء نهائيا على كل حرية اختيار لديه في ارتكاب الجريمة(57) .(1)
وتطبيقا لذلك لا يقع التحريض من الشخص الذي يطلق عليه “المحرض الصوري” والذي يقتصر دوره على مجرد استدراج الفاعل بعد ارتكاب جريمته وبقصد الكشف عنها دون تهديد أو اغراء أو ترغيب من جانبه لأن ارادته لم تتجه الى خلق فكرة الجريمة في ذهن خال منها تماما(58).
لا شك في أن من أتى الفعل الجرمي يسأل عنه ،اذ أن التشجيع أو الايعاز ليس من أسباب امتناع المسؤولية أو العقاب ،فما زال مقترف الفعل متحفظا بأهليته ،أما من شجعه عليه أو أوعز به اليه فلا يسأل كمحرض ، اذ لم يتوافر لديه القصد المنصرف الى ارتكاب الجريمة ،فهو لا يريد تحقيق نتيجتها ،بل هو عازم على الحيلولة دون ذلك بايقاف نشاط المجرم بمجرد بدئه في التنفيذ وابقاء الحق الذي يحميه القانون مصانا ،وبانتفاء ارادة تحقيق النتيجة ينتفي القصد المتطلب في التحريض ،فنكون بصدد “تحريض صوري”فحسب(59).
ولذلك قضي بأنه لا تحريض اذا كان المتهم يبيع المادة المخدرة لأي كان وفي مكان عام ومباح للجمهور فتقدم منه المخبر واشترى منه المخدر دون تهديد اغراء أو ترغيب ،كما أنه لا تحريض اذا تظاهر المخبر لتاجر أنه يريد شراء سلعة منه فباعه هذه السلعة بأكثر من السعر المقرر رسميا ،اذ ليس في الأمر أي خلق لفكرة الجريمة الموجودة أصلا في فعل التاجر البائع.
أما اذا تجاوز المحرض هذا المحرض الصوري الحدود السابقة بأن خلق فكرة الجريمة في ذهن خال تماما وكان يعلم ذلك واتجهت ارادته الى النشاط الذي يتحقق به الدفع الى ارتكاب الجريمة فان جريمة التحريض تتوافر بحقه .(60)

الفرع الثاني: موقف الفقه والقضاء الانجيليزين:
أ- مسؤولية رجل السلطة العامة عن التحريض الصوري:يقول الفقه الانجليزي أن رجل البوليس أو أي ضابط أو وكيله يمكن أن يكون له دفاعا عندما يقترف أفعالا مقصودة ترقى به الى مستوى النصح والتحريض على ارتكاب الجريمة ،شريطة أن يكون غرضه الوحيد ايقاع الفاعل الرئيسي في الشرك .
ويقرر القضاء ايضا أنه في الوقت الذي يرتكب فيه “البوليس” خطأ عندما يشجع ارتكاب أية جريمة لا ترتكب بدون هذا التشجيع ، من الممكن أن يشترك رجاله في جريمة موضوعه من قبل وعلى وشك الوقوع وذلك بغية ايقاع الجناة في الشرك.
ب- مسؤولية الفاعل في التحريض الصوري : لا يوجد في القانون الانجليزي خلافا لما هو الحال عليه في القانون الامريكي دفاع مقبول لصالح من يحمل من قبل البوليس لاتكاب جريمة ولكنها على أية حال مسألة يمكن أن تأخذ في الحسبان عند تقرير حكم الادانة وبناءا عليه فقد تقرر أنه حيث يكون هنالك امكانية لعدم وقوع السرقة الا بتحريض البوليس فان الشخص يدان بالأتفاق الجنائي (التواطؤ) على السرقة لا بالسرقة الفعلية .(61)

الفرع الثالث: موقف الفقه والقضاء المصريين :

أولا: موقف الفقه المصري كلقد أخفق الفقه المصري في اتخاذ موقف موحد من هذه المسألة ، فمنهم من ذهب الى القول بمسائلة المحرض على الجريمة وفاعلها على حد سواء ،وقد استند هذا الفريق في تبرير مسائلة المحرض على الجريمة بتوافر اركان التحريض بحقه ،ولا يعفيه كونه من السلطات العامة أو باعثه على التحريض المتمثل في تسليم الفاعل الى السلطات في مرحلة الشروع ،فالباعث لا ينفي القصد ، أما مسؤولية فاعلها فتستند الى أن التحريض على الجريمة من جانب المحرض عليها ليس من شأنها اعدام حرية الاختيار لديه.
ومنهم من اتفق مع الفريق الاول في مسائلة الفاعل على اعتبار أنه رغم التحريض ما زال محتفظا بأهليته ، ولكنه قال باعفاء المحرض الصوري لأنتفاء القصد الجرمي.

ثانيا: موقف القضاء المصري: وقد عرضت محكمة النقض المصرية للتحريض الصوري في العديدمن أحكامها فاتجهت في معظم هذه الأحكام الى التفرقة بين التحريض على الجريمة من جانب رجال السلطة العامة وهو معاقب عليه ،والبحث أو الكشف عن الجريمة ومرتكبيها وهو يقتصر على الاجراءات التي يقررها المشرع ولا يصل الى حد التحريض الذي يخلق فكرة الجريمة في ذهن الفاعل والا اعتبر تحريضا وعوقب المحرض رجل السلطة العامة ،حيث قضت محكمة النقض المصرية أن تكليف مأمور الضبط القضائي لأحد المرشدين بشراء مادة مخدرة من عطار ، ثم القيام بضبط العطار وهو يقدم بارادته المادة الى المرشد ، لا يعد تحريضا من جانب البوليس وانما من الأعمال الجائزة للكشف عن الجريمة.(62)
حيث يرى البعض أن المحرض الصوري يجد تبريرا لفعله في استعماله للسلطة التي تمنحها له قاعدة قانونية أو في القيام بالواجب الذي يمليه عليه أمر صادر اليه من جهة ادارية وجبت عليه طاعتها .
ومن اناحية أخرى ، فان من المشكوك فيه أن يجد فعل المحرض تبريره الذي يبيحه وفي هذا الصدد يقرر “الاستاذ ديلوجو ” أن المحرض في حالتنا هذه يقوم بدور السبب المنشىء للجريمة ولا نعرف أي قاعدة قانونية أو أي أمر شرعي يخول شخصا ما أن يكون سببا منشئا لجريمة من الجرائم أن على رجال الشرطة على العكس من ذلك ، أن يسهروا على الحلولة دون وقوع الجرائم لا أن يكونوا السبب المنشىء لها.(63)

الفرع الرابع: موقف القضاء الأردني :
لقد أتيح للقضاء الاردني فرصة أبداء الرأي حول هذا الموضوع فقررت محكمة التمييز الأردنية بأكثرية أعضائها عدم مؤاخذة مخبر خاص لرجال الأمن العام ،ابتاع كمية من الحشيش لحساب الأمن العام وليس لحسابه الخاص ،كي يتمكن رجال الضابطة القضائية من ضبط المتهم في الجرم المشهود ،وقالت المحكمة تعليلا لقرارها أن كون المميز (المفتعل ) قد دخن أنفاسا من الكمية التي ابتاعها متظاهرا بأنه يجربها فليس في ذلك ما يدعوه للمؤاخذة ،لأن من شرائط الشراء أن يجرب المشتري المادة التي يريد ابتياعها وقد فعل المميز ذلك كي يزيل اي اشتباه بأنه غير جاد في صفقته.
ويلاحظ عل هذا الحكم أننا أمام جريمتين مستقلتيين ،الاولى جريمة الاتجار بالمخدرات ومرتكبها تاجر الحشيش ،والثانية جريمة تدخين الحشيش المحضر خلافا لأحكام الفقرة “د”من المادة 14من قانون العقاقير الخطيرة رقم 10 لسنة 1955 وهذا الحكم منتقد من جانبين هما:
1- ان القول بأن من شروط شراء المادة المخدرة هو تجربتها هذا من قبيل الخلط بين مادة مباح تداولها وتباح تجربتها تبعا لذلك ،ومادة محظورة تداولها وتحظر تجربتها تبعا لذلك فكيف يباح فعل في سبيل تحقيق غاية مشروعة؟؟ .
2- أنه قام بالتدخين كي يزيل أي اشتباه بأنه غير جاد في صفقته ،وعبارة أخرى ارتكب التدخين بباعث ازالة الشبه عنه لأنه من رجال الأمن العام وبهذا تكون المحكمة قد انساقت وراء الفقه الذي يقول بانعدام القصد في مثل هذ الحالات .(64)
يتضح لنا أن أساس عدم مسؤولية المحرض الصوري تجد ما يبررها في تخلف القصد الجنائي لديه ، وذلك لأنه صرف قصده الى الوقوف بالجريمة لدى مرحلة الشروع دون أن يقصد تحقيق النتيجة الكاملة،ويستوي في ذلك أن نكون بصدد جريمة ذات فاعل واحد كما هو الشأن في جريمة السرقة والقتل ، أو أن نكون بصدد جريمة ذات تعدد ضروري للمساهمين مثل جريمة الأضراب عن العمل .(65)

المطلب الثاني
مسؤولية المحرض الصوري نفسه

قد يقوم أحد الأفراد بالأيعاز الى غيره لأرتكاب جريمة حتى اذا اذا ماهم غيره بارتكابها تدخل الأول وحال دون ارتكاب الجريمة وذلك بابلاغ السلطات المختصة عنها قبل تنفيذها ،وقد يكون المحرض الصوري من السلطات المختصة ويقوم بالتحريض من أجل القبض على المجرم متلبسا ،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع نتناول في الفرع الأول مسؤولية السلطات العامة،ونتناول في الفرع الثاني نشاط المحرض الصوري ،ونتناول في الفرع الثالث موضوع الجريمة.

الفرع الأول: مسؤولية الدولة:
أنه اذا كان يقع على عاتق الدولة أن تبذل جهدها ما وسعها البذل للكشف عن الجرائم المرتكبة واماطة اللثام عن مرتكبيها ، فانها على العكس من ذلك تماما لا تملك أي حق في دفع الناس الى الجريمة دفعا أو أن تهيأ لهم فرص الوقوع في الرذيلة عن طريق الاغراء ،فهذا أسلوب يستهجنه الفقه والقضاء على السواء، وبكلمات قالها الدكتور رمسيس بنهام “ان النفس لأمارة بالسوءويشوبها من وجه الضعف ما ييسر وقوعها في الرذيلة ولو تعرضت لأمتحان اهتزت لديها صلابة المقاومة وتهددها السقوط ، وليس من شأن الدولة أن تجري للنفوس امتحانا وحسبها أن تترك الأمتحان لظروف الحياة ذاتها دون أن تنهض به هي نفسها فاذا تمخضت هذه الظروف عن سقوط في الجريمة بل عن خطر ينذر بها تدخلت الدولة ،اما أن تتدخل الدولة في شخص تابع لها لتدفع الى الجريمة دفعا لأمر لا يتسيغه ذو عقل.(66)

الفرع الثاني: نشاط المحرض الصوري:
ان ما يقوم به المحرض الصوري تتوافر فيه أركان جريمة التحريض جميعا ،مادية أو معنوية ،ولا تختلف صورتا التحريض العادي والصوري الا في ناحية واحدة ،وهي أن المحرض الصوري لم يكن يهدف الى ارتكاب الجريمة لذاتها ،وانما للأيقاع بفاعلها وتسليمه الى السلطات العامة والغالب من الأمور أن يتم الضبط والتسليم في مرحلة الشروع ،أما من حيث الهدف وفقا لما أجمع عليه الفقه والقضاء المقارن ، لا يعدو كونه باعثا والباعث لا ينفي القصد .
الفرع الثالث: موضوع الجريمة:
أما من حيث الوقوف بالجريمة عند مرحلة الشروع في الجريمة التي حَرض عليها لو استطاع الى ذلك سبيلا ، فالأمر لا يعفي المحرض الصوري من العقوبة ، لأن المناط في قيام جريمة التحريض والعقاب عليها ، ليس الشروع في الجريمة المَحرض عليها ، وانما في محاولة المحرض نفسه في القيام بالتحريض ، أي في النشاط التحريضي الصادر عنه بغض النظر عن أي أثر آخر طبقا لنص المادة 80 من قانون العقوبات الأردني.(67)

المبحث الخامس
عقوبة التحريض

المبدأ الأساسي أن قيام المحرض بالنشاط الاجرامي والعمل على مباشرة مشروعه الاجرامي وذلك من خلال زرع بذور فكرة الجريمة في ذهن الفاعل واستكمال نشاطه من خلال البدء في المشروع، وتهيأة الأجواء المناسبة للعمل على تحقيق النتيجة الاجرامية للفاعل وسواء قبلها المحرض أم لا ،فان الالقوانين العقابية ومن بينها المشرع الأردني قد كفل تحديد العقوبة اللازمة الواجب ايقاعها على المحرض نتيجة عمله هذا ،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المبحث الى مطلبين: نتناول في المطلب الأول عقوبة التحريض،ونتناول في المطلب الثاني التحريض الذي لا يتضمن القصد الجنائي.

المطلب الأول
عقوبة التحريض

ان عقوبة جريمة التحريض مقررة بنص القانون لما ينشأ عنها من أفعال مجرمة ونتيجة اجرامية سواء تحققت أم لا، وفي هذا المقام عمل المشرع الأردني على التمييز بين ثلاث حالات في تقرير عقوبة التحريض ،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى ثلاثة فروع نتناول في الفرع الأول عقوبة التحريض في حال ارتكاب الجريمة المحرض عليها،ونتناول في الفرع الثاني عقوبة التحريض في حال عدم افضاء التحريض الى نتيجة،ونتناول في الفرع الثالث ومسؤولية المحرض عن الجريمة المغايرة لتحريضه.

الفرع الأول: عقوبة التحريض في حال ارتكاب الجريمة المحرض عليها

مضمونها :
يستنفذ المحرض نشاطه بمجرد محاولته حمل غيره على ارتكاب الجريمة ، وبذلك يستحق العقاب ، ولا تنتفي مسؤوليته بمسلك من اتجه اليه التحريض وان كانت تتأثر مسؤوليته تخفيفا ،فقد نصت الفقرة ب/من المادة 80 من قانون العقوبات الاردني على استقلال تبعة المحرض عن تبعة المحرض،وارتكاب الجريمة يشمل ارتكابها تامة او ناقصة على حد سواء .(68)
ان حض الفاعل وخلق فكرة الجريمة لديه من قبل المحرض لا أثر له اذا كان الجاني مصمما على ارتكاب الجريمة قبل وقوع التحريض ، فلا يسأل المحرض لأن الجريمة وقعت بناءا على تصميم الجاني وليس على التحريض.(69)
قرر المشرع الاردني أن توقع على المحرض عقوبة هذه الجريمة ، لا فرق في ذلك بين أن ترتكب هذه الجريمة تامة أو ناقصة ،بمعنى تامة متحققة لها جميع عناصر ركنها المادي ، أو مشروعا فيها أي موقوفة لم يأت الفاعل فيها جميع أفعالها التنفيذية أو ناقصة أي خائبة أتى المجرم كل أفعالها التنفيذية ولكن لم تتحقق نتيجتها.(70)

الفرع الثاني: عقوبة الجريمة في حال عدم افضاء التحريض الى نتيجة

مضمونها :
نصت الفقرة الثالثة من المادة 81من قانون العقوبات الاردني على أنه :”اذا لم يفض التحريض على ارتكاب جناية أو جنحة الى نتيجة خفضت العقوبة المبينة في الفقرتين السابقتين من هذه المادة الى ثلثها “.
والحقيقة أن تعبير عدم افضاء التحريض الى نتيجة ،يشمل حالة عدم وجود أذن صاغية من قبل من أريد تحريضه ، أي حالة عدم قبوله بالفكرة الجرمية كما يشمل حالة قبوله مبدئيا ولكنه امتنع لسبب أو لآخر عن محاولة ارتكاب الجريمة ،كما يشمل حالة القيام بعمل غير معاقب عليه كالعمل التحضيري أو العدول الاختياري في مرحلة الشروع الناقص لأنتفاء الشروع في هذه الحالة ……(71)
وعبارة ” عدم افضاء التحريض الى نتيجة” تتسع لفروض متعددة ومنها:
1- حالة ما اذا لم يلق التحريض استجابة حيث قلنا أن مجرد محاولة الحمل على الجريمة تعتبر تحريضا تاما .
2- حالة قبول التحريض ثم عدم اقتراف نشاط مادي تنفيذا للجريمة .
3- حالة ايتان من اتجه اليه التحريض نشاطا ماديا لا يعاقب عليه القانون كعمل تحضيري أو بدء في التنفيذ لا عقاب عليه.(72)
والمقصود بالعقوبة التي فرضها المشرع الاردني في المادة 81 من قانون العقوبات الاردني بفقرتها الثالثة هي عقوبة المحرض ذاته بعد أن يطالها التخفيف في المرة الاولى ، اذ لايعقل أن يكون المشرع قد قصد عقوبة الفاعل لتعذر حساب ثلثها عندما تكون اعداما أو أشغالا شاقة مؤبدة أو اعتقال مؤبد .
وما ينبغي ذكره في هذا المقام أن وضع المحرض أشد بكثير من وضع المتدخل والفاعل ،اذ يعاقب المحرض في جميع الحالات سندا لنص الفقرة الثالثة من المادة 81 من قانون العقوبات الاردني في حين لايكون هنالك تدخل اذا اقترف الفاعل الجريمة المتدخل فيها أو شرع فيها شروعا معاقبا عليه في أقل الفروض . كما وأن عدول الفاعل في مرحلة الشروع الناقص يفيده ويفيد المتدخل أيضا حين لا يفيد المحرض ، وليس ذلك الا بسبب استقلال تبعة المحرض ، فلا تأثير لتصرف الفاعل أو الشريك على تبعته.(73)
ويقتصر تطبيق هذه الأحكام على التحريض المتجه الى جناية أو جنحة ، أما اذا كان على مخالفة فلا عقاب على المحرض اذا لم يلق تحريضه قبولا، ويعلل ذلك بتفاهة المخالفات وضآلة خطورة التحريض عليها اذا لم يصادفه استجابة.(74)

الفرع الثالث: عقوبة المحرض في حالة ارتكاب جريمة مغايرة لتحريضه

مضمونها:
ان الشراح مختلفون في تحديد العقوبة الواجب ايقاعها على المحرض في هذه الحالة فيرى البعض أن تقتصر مسؤوليته مطلقا على الجريمة موضوع التحريض بمقولة أن تبعة المحرض مستقلة عن تبعة المحرض ، فالمحرض ينتهي دوره ساعة استكمال التحريض لعناصره ولا علاقة له بعد ذلك بما يقوم به الفاعل ، لا فرق في ذلك بين أن تكون الجريمة المغايرة أشد أو أخف من الجريمة التي حرض عليها .
ويرى البعض الآخر من الشراح أن يصار الى التفريق بين أن تكون الجريمة المغايرة أشد من الجريمة المحرض عليها وبين أن تكون أخف ، فان كانت الجريمة أشد فان المحرض غير مسؤول الا في حدود نيته ، بحجة أن المشرع قد قرر صراحة مسؤوليته عن الجريمة التي أراد أن ترتكب.(75)

ان تقرير المشرع استقلال المحرض في تبعته عن تبعة الفاعل يقتضي عدم تأثره بارتكاب الفاعل جريمة مختلفة عن التي حرض عليها ، فهو يتحق عقوبة الجريمة موضوع التحريض فحسب ، ولا صعوبة في تطبيق هذه القاعدة اذا كانت جريمة الفاعل من نوع مختلف عن الجريمة موضوع التحريض كما لو كان التحريض على سرقة فاغتصب الفاعل امرأة صادفها في مكان السرقة .
ولا صعوبة كذلك في تطبيقها اذا ارتكب الفاعل جريمة أخف مما حرض عليه ، كما لو كان التحريض على قتل فاكتفى الفاعل بضرب المجني عليه ،فالمحرض يتعرض لعقوبة القتل على الرغم من عدم ارتكابه ،اذ هي الجريمة التي حرض عليها وهو لا ينتفع من تخفيف العقاب لأن تحريضه أفضى الى نتيجة ،ويلاحظ الفرق في هذا الوضع بينه وبين المتدخل اذ المتدخل لا يسأل الا عن الجريمة التي ارتكبت بشرط أن يشملها قصده ،وعلة هذا الفرق أن المتدخل يستعير من هذه الجريمة موضوع التحريض.(76)
يذهب رأي في الفقه الى تفسير هذه المسؤولية وفقا للقواعد العامة للمسؤولية وتأسيسا على فكرة القصد الاحتمالي.(77)
ويذهب رأي في الفقه الى تحمل الشريك بالتدخل المسؤولية عن الجريمة المغايرة على أساس المسؤولية الموضوعية أو المفترضة ،وسند هذا الرأي هو أن توافر علاقة السببية بين فعل الأشتراك والنتيجة التي وقعت ،كافيا لقيام المسؤولية.(78)
وعليه فان حرَضه على السرقة وارتكب الفاعل القتل فان المحرٍض لا يسأل عن غير السرقة، أما اذا كانت الجريمة التي حرَضه عليها أخف من الجريمة التي ارتكبها ،فيقوم التعدد المعنوي للجرائم ،تحريض على الجرم الأشد الذي لم يرتكب ، وتدخل فرعي في الجرم الذي ارتكب اذا كان من شأن تحريضه أن يشدد عزيمة الفاعل بأي وسيلة من الوسائل يخضع المتهم لأشدها عقوبة.(79)

المطلب الثاني :التحريض الذي لا يتضمن القصد

لقد بين القانون الجزائي أنه اذا كنا بصدد التحريض القصدي فان المحرض استكمل نشاطه وعمله متجها بارادته الى المشروع الاجرامي، وعالما بتحقيق النتيجة الاجرامية وهنا شدد المشرع الأردني، بايقاع العقوبة بما يحويه المحرض من قصد اجرامي خطير وينم عن خطورة في نفسية المحرض،وفي نفس الوقت بين المشرع الأردني أنه اذا كنا بصدد جريمة تحريض لا تتضمن القصد الجرمي، فان المشرع عمل وفي بعض الأحيان على تخفيف العقوبة، اذا لم يتجه قصد المحرِض الى تحقيق النتيجة الجرامية بكامل محتوياته القانونية، وهنا نظر المشرع الى المحرض على الأعمال التي قام بها ولكن مع تقرير العقوبة اللازمة ،ولذا سنقوم بتقسيم هذا المطلب الى فرعين :نتناول في الفرع الأول التحريض الذي لا يتضمن القصد،ونتناول في الفرع الثاني العقوبات المقررة في قانون العقوبات الأردني لجريمة التحرِض.

الفرع الأول: التحريض الذي لا يتضمن القصد:
أما اذا كان القصد في الجريمة موضوع التحريض لا يتضمن القصد، في الجريمة الأخف ، فانه لغايات التطبيق القانوني الصحيح ، نرى أن لا يسأل المحرِض عن الجريمة الأخف الا اذا توقع حدوثها وقبل بالمخاطرة وفقا لنص المادة 64من قانون العقوبات الاردني ،وتقوم على :تعد الجريمة مقصودة وان تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل قصد الفاعل اذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة” وهذه الصور حينئذ حالة اجتماع الجرائم المعنوي المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة 57 من قانون العقوبات الاردني والتي توجب القضاء عليه بعقوبة الجريمة الأشد وهي في هذا المقام الجريمة التي حرَض عليها.(80)

الفرع الثاني: العقوبات العامة المقررة في قانون العقوبات الاردني لجريمة التحريض والتدخل:
وفقا لما نصت عليه المادة 81 من قانون العقوبات الاردني على أنه يعاقب المحرض والمتدخل:
1- أ بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بالأشغال الشاقة من عشرين سنة الى خمسة وعشرين سنة اذا كانت عقوبة الفاعل الاعدام.
ب- بالعقوبة ذاتها عشرين سنة اذا كانت عقوبة الفاعل الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد.
2- وفي الحالات الأخرى ، يعاقب المحرض والمتدخل بعقوبة الفاعل بعد أن تخفض مدتها من السدس الى الثلث.
3- اذا لم يفض التحريض على ارتكاب جناية أو جنحة الى نتيجة خفِضت العقوبة المبينة في الفقرتين السابقتين من هذه المادة الى ثلثها.(81)

الخاتمة

قلنا بأن القانون قد حصر وسائل الاشتراك الجرمي في المساهمة التبعية في ثلاث صور :التحرِيض ،والاتفاق ،والمساعدة ،(82) وفي حديثنا عن التحرِيض من حيث أنه خلق فكرة الجريمة لدى الغير ودفعه الى ارتكابها وذلك لأن التحرِيض اسم جنس تندرج تحته ثلاث صور وهي:الايعاز ومعناه خلق فكرة الجريمة لدى الغير ،والاثارة ومعناها اضافة بواعث جديدة لدى الغير يكون من شأنها تقوية عوامل اقدامه على ارتكاب الجريمة أو اضعاف عوامل احجامه عن ارتكابها ،بحيث يكون للاثارة طاقة سببية في بلوغ الفاعل مرحلة العزم على ارتكاب الجريمة ،والتعزيز متمثلا في دعم عزم الغير على ارتكاب الجريمة باضافة بواعث جديدة تقوي من عزمه هذا وتدعمه(83) .
كما رأينا بأن التحرِيض يقوم على نوعين ومنها التحرِيض الفردي ويكون موجها الى فرد أو أفراد معينيين بأشخاصهم ،والتحرِيض الجماعي فهو الموجه الى الجمهور والذي يتم بوسائل معيِنة،(84)وكذلك فان التحرِيض لا يظهر في شكل مادي ولهذا فوسيلة اثباته غالبا ماتكون القرائن ،بيد أن هذا لايمنع القاضي من أن يلتمسه من دليل مباشر كشهادة أو اعتراف أو كتابة(85)،نجد بأن القانون قد عاقب على التحرِيض باعتباره جريمة قائمة بذاتها ،ففي هذه الحالة تتم بمجرد مباشرة المحرِض نشاطه ولو لم تقع الجريمة التي يريدها المحِرض (86).
لقد تبين بأن العديد من التشريعات المقارنة بما فيها القانون الفرنسي والقانون الأنجليزي والقانون المصري تناولوا التحريض بأركانه وشروطه ورتبوا له العقوبة المنصوص عليها قانونا بالرغم من التفاوت بين هذه التشريعات في الطريقة والكيفة والعقوبة المقررة للتحريض .

ونجد بأن الفقه والقضاء الأردني اهتموا كثيرا بجريمة التحريض لما لها من أهمية في نظر المشرع ،باعتبارها صورة من صور المساهمة الجنائية،وركنا في تكوين الجريمة وأيا كانت هذه الجريمة فالتحريض يهدف الى قيام جريمة معينة وتحقيق نتيجتها الاجرامية ،وسواء أكانت جريمة قتل ،أو جريمة سرقة أو جريمة اغتصاب وغيرها من الجرائم.
ونجد بأن المشرع الأردني قد أغفل النص في قانون العقوبات الأردني على وسيلة اثبات معينة في نشاط المحرِض وتفاوت في ايقاع العقوبة المقررة للتحريض وذلك بالتميز بين أن كان التحريض يتجه الى تحقيق النتيجة أم لا ،وفقا لنص المادة 81 من قانون العقوبات الأردني ،وعلى المشِرع الأردني سد هذه الثغرة بالتعديل على نصوص القانون،بما يستحق الجاني من عقوبة.
بالنتيجة نقول ان المحرض شديد الخطورة بما يقوم به من نشاط جرمته كافة التشريعات القانونيةفقهية وقضائية يهدف في جريمته اما الأنتقام واما تحقيق رغبته في مصلحة معينة من خلال زرع فكرة الجريمة في شخص آخر.
وبالتالي بشكل أو بآخر لا بد لنا من الحذر والانتباه لما ينطوي عليه عمل المحِرض من مخاطر تهدد المجتمع ،لأنه قد يؤدي في بعض الأحوال الى تفكيك أسرة من خلال التحرِيض على ارتكاب جريمة متعلقة بالشرف ضد فتاة بريئة فيتم قتلها على يد الجاني ولكن بناءا على تحريِض مسبق فهو خطير،وكذلك قد يؤدي الى تفكيك دولة من خلال التحرِيض على أمنها الداخلي أو الخارجي فهذه جريمة ،وبالتالي في نظري يجب أن تشَدد عقوبة المحِرض لأنه المرشد والمجرم في نفس الوقت ،آمل من الله أن ينال هذا البحث المتواضع جدَا الرضا والقبول.

المراجع والمصادر

–الاستاذ جندي عبد الملك: الموسوعة الجنائية،الجزء الأول،لعام 1931.
–الدكتور جلال ثروت،النظَرية العامة لقانون العقوبات.
– الاستاذ الدكتور رمسيس بنهام، قانون العقوبات النظرية العامة ،.
–الدكتور عبود السراج ،قانون العقوبات القسم العام.
– الدكتور علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون العقوبات القسم العام /قسم الجريمة ،.
– الدكتور عبد الفتاح مصطفى الصيفي،قانون العقوبات النظَرية العامة.
– الدكتور كامل السعيد ،شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات الاردني والقانون المقارن الجزء الاول في الاحكام العامة للجريمة والاشتراك الجرمي،,الطبعة الثانية لعام 1983.
– الدكتور محمد نمور ، شرح المساهمة الجنائية ،شرح قانون العقوبات القسم العام.
–الدكتورمحمود نجيب حسني ، المساهة الجنائية.
– الدكتور محمد علي السالم عياد الحلبي ، شرح قانون العقوبات القسم العام، ،الطبعة لعام 1997.
–الدكتور مأمون سلامة،قانون العقوبات /القسم العام،طبعة عام 1979.
-الدكتور محمد عيد الغريب،شرح قانون العقوبات /القسم العام ،الجزء الأول النظِرية العامة للجريمة لعام 1994.
– الدكتور نظام المجالي ، قانون العقوبات القسم العام ، لعام 2005.
– الاستاذة نسرين عبد الحميد نبيه ، المحرض الصوري دراسة حول المساهمة الجنائية بالتحريض الصوري ،طبعة لعام 2008.
– الدكتور هلالي عبد اللاه احمد،شرح قانون العقوبات /القسم العام،الطبعة الأولى لعام 1987.
-مجلة جامعة مؤتة،المجلد(25)العدد(2)لعام 2010:
1) الأستاذ علي البدوي ، الأحكام العامة في القانون الجنائي ، ،دار المعارف ،القاهرة لعام 1938.
2) الدكتور عوض محمد ، الأشتراك في الجريمة .

المصادر:

– قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 /الفصل الثاني ،الاشتراك الجرمي ،المحرِض والمتدخل.
– مجلة نقابة المحامين الاردنيين .
– مركز عدالة.

المراجع

المحتوى الصفحة
مبحث تمهيدي: مقدمة 1
التحريِض صورة خاصة في الأشتراك الجرمي 1
المبحث الأول: تعريف التحرِيض 2
المطلب الأول:مفهوم التحرِيض بشكل عام 2
الفرع الأول: مفهوم التحرِيض(لغة واصطلاحا) 3
الفرع الثاني:مفهوم التحرِيض وفقا للقوانين العربية 3
الفرع الثالث:مفهوم التحرِيض وفقا للتشريعات الأجنبية 4
المطلب الثاني:صور التحرِيض 5
الفرع الأول: التحريِض الفردي 6
الفرع الثاني: التحريِض العمومي 9
المبحث الثاني: القرارات التمييزية الصادرة عن محكمة التمييز الأردنية في جريمة التحرِيض 9
المطلب الأول: النصوص القانونية المتعلقة بالتحرِيض 10
الفرع الأول: نص التحرِيض في قانون العقوبات الأردني 10
الفرع الثاني:القرارات التمييزية المقررة للتحرِيض 11
المطلب الثاني:عناصر التحرِيض 13
الفرع الأول :المحرض 13
الفرع الثاني:الشخص الموجه اليه التحرِيض 13
الفرع الثالث:محل التحرِيض 14
المبحث الثالث : أركان التحرِيض 15
المطلب الأول:خطة المشرِع الاردني في تحديد أركان التحرِيض 15
الفرع الأول:الركن القانوني 16
الفرع الثاني:الركن المادي 16
الفرع الثالث:الركن المعنوي 22
المطلب الثاني:بيان طرق التحرِيض في قانون العقوبات الأردني 23
الفرع الأول:اعطاء النقود أو هدية 24
الفرع الثاني: التأثير على الفاعل بالتهديد 25
الفرع الثالث:التأثير عليه بالحيلة والخداع 26
الفرع الرابع :اساءة الاستعمال في حكم الوظيفة 27
المبحث الرابع: المحِرض الصوري 29
المطلب الأول:مفهوم المحرِض الصوري 29
الفرع الأول:التعريِف بالمحِرض الصوري بشكل عام 29
الفرع الثاني: التعرِيف بالمحرِض الصوري في قضاء محكمة التمييز الأردنية 30
المطلب الثاني:موقف التشريعات المقارنة من المحرِض الصوري 31
الفرع الأول:الموقف في فرنسا 31
الفرع الثاني:موقف الفقه والقضاء الانجليزيين 33
الفرع الثالث:موقف الفقه والقضاء المصريين 34
الفرع الرابع:موقف القضاء الأردني 35
المطلب الثاني:مسؤولية المحرِض الصوِري نفسه 36
الفرع الأول:مسؤولية الدولة 37
الفرع الثاني:نشاط المحرِض الصوِري 37
الفرع الثالث: موضوع الجريمة 38
المبحث الخامس: عقوبة التحرِيض 38
المطلب الأول: عقوبة التحرِيض 38
الفرع الأول: عقوبة التحرِيض في حال ارتكاب الجريمة المحرَض عليها 39
الفرع الثاني: عقوبة الجريمة في حال عدم افضاء التحرِيض الى نتيجة 40
الفرع الثالث: عقوبة المحرِض في حال ارتكاب جريمة مغايرة للتحرِيض 41
المطلب الثاني: التحرِيض الذي لا يتضمن القصد 43
الفرع الأول : التحرِيض الذي لا يتضمن القصد 43
الفرع الثاني: العقوبة العامة المقررة في قانون العقوبات الأردني لجريمة التحرِيض والتدخل 44
الخاتمة 45
المراجع والمصادر 47