بحث قانوني هام عن إجراءات رفع الدعوى

يترتب على استعما ل المواطن لحقه في ر فع الدعوى التي ذكرنا اا تعتبر الوسيلة التي بواسطتها يتص ل  ا

المواطن مرفق القضاء قصد الحصول على الحماية القضائي ة إنشاء مركز قانوني جديد تترتب عليه أثار قانونية

هامة، و قد نظم المشرع الجزائري كيفية استعمال هذا الحق و كذا المراحل التي يمر ا أمام القضاء و هذا ما

سنستعرضه بالتفصيل فيما يلي :

المطلب الأول : قيد العريضة الافتتاحية للدعوى

الفرع1 :تعريف العريضة الافتتاحية:

يقصد بالعريضة الافتتاحية الورقة التي يحررها المدعي بنفسه أو عن طريق و كيله قصد عرض وقائع قضيته و

تحديد طلباته للمحكمة .

و قد نصت الماد ة 12 من ق إ م على انه : ” ترفع الدعوى الى المحكمة إما بإيداع عريضته مكتوبة من المدعي

أو وكيله مؤرخة و موقعة منه لدى مكتب الضبط ، و إما بحضور المدعي أمام المحكمة ، و في هذه الحالة

الأخيرة يتولى كاتب الضبط أو احد أعوان الضبط تحرير محضر بتصريح المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر فيه

انه لا يمكنه التوقيع و تقييد الدعاوى المرفوعة الى المحكمة حالا في سجل خاص تبعا لترتيب ورودها مع بيان

أسماء

وتجسيدا لأحكام هذه المادة من الناحية العملية فان المتقاضي يحرر عريضة مكتوبة إما بنفسه مع

توقيعها و إما عن طريق محامي و وكيل عنه بموجب وكالة توثيقية خاصة و يتم إيداعها لدى كتابة ضبط

المحكمة الخاصة بقيد الدعاوى و يتم التأشير عليها بتاريخ أول جلسة تعرض فيها الدعوى و رقم قضيتها

وذلك بعد ان يتم سداد الرسوم القضائية المقررة لكل دعوى حسب طبيعتها و المحددة بقانون التسجيل، ويعتبر

هذا القيد أول إجراء من إجراءات رفع الد عوى اذ تتم جدولتها ووضع التاريخ محدد لتعرض فيه على القاض ي،

مع ضرورة تسجيل ذلك في سجل خاص بورود القضايا .

و تجدر الإشارة في هذا الصدد ان الطريقة الثانية لرفع الدعوى الواردة في صلب المادة المذكورة اعلاه و التي

تتمثل في حضور المدعي أمام المحكمة ليدلي بتصر يحه أمام الكاتب الذي يقوم بتحرير محضر بذلك لم يعد يعمل

ا لدى المحاكم رغم جواز اللجوء إليها لكون ق إ م بعد تعديلاته لم يلغها .

الفرع 2 : البيانات الخاصة بالعريضة

و يشترط القان ون في العريضة الافتتاحية للدعوى ان تشمل بيانات خاصة تتمثل أساسا في بيان ا لمحكمة

المقامة أمامها الدعوى و تحديد هوية الأطراف تحديد كافيا شاملا و نافيا للجهالة و موضوع الدعوى يشرح و

قائع التراع و تحديد الطلبات بدقة و كذا تاريخ الجلسة أي يوم و الساعة الواجب حضور الخصوم فيهما ، مع

ان هذه الأخيرة ليست شروط مقيدة للمدعي لكون كاتب الضب ط هو الذي يؤشر بتاريخ الجلسة و اما

ساعة الجلسة فإا تحدد من طرف رئاسة المحكمة حسب التوزيع الداخلي للمهام على مختلف فروع المحكمة

الوجيز في الاجراءات المدنية – الاستاذ عمار بلغيث – دار العلوم للنشر و التوزيع – طبعة 2002

و حاليا و نظرا لكون القائم بالتبليغ هو المحضر القضائي فان هذه البيانات تشترط أيضا في محضر التكليف

بالحضور للخصم لتمكينه من الحضور في اليوم المحدد و تقديم دفاعه

و يترتب عن تخلف أو خطأ في إحدى البيانات التي تؤدي الى التجهيل بالمحكمة أو تاريخ الجلسة أو

موضوع الطلب و هوية احد الأطراف الى الحكم وجوبا ببطلان إجراءات رفع الدعوى ، و اما غيرها من

البيانات فيمكن تصحيحها تلقائيا من الأطراف أو بأمر عن المحكمة .

المطلب الثاني : إجراءات سير الخصومة القضائية

الفرع 1: إجراءات التبليغ

ان قيد العريضة الافتتاحية تعتبر أول اجراء في سير الخصومة القضائية التي تعد مجموعة الإجراءات التي تتبع لمباشرة

الدعوى و تحدد مركز الخصوم و حقوقهم و واجبام فعلى ا لمدعي تبليغ خصمه او خصومهم بنسخة من العريضة

الافتتاحية و نسخ من الوثائق المرفقة ا، و تكون عدد النسخ بعدد خصومه ، و في السابق كان التبليغ يتم عن طريق كتابة

ضبط المحكمة ، و أما حاليا بعد صور قانون المحضر القضائي عام 1991 تم تكليف المحضر القضائي الذي يعد ضا بطا

عموميا بعملية التبليغ .

وقد أوجبت المادة 13 من ق.إ.م ان يتضمن كل تكليف بالحضور الى المحكمة بيانات جوهرية تتمثل

فيما يلي:

– اسم و لقب مقدم العريضة و مهنته و موطنه .

– تاريخ تسليم التكليف بالحضور و رقم الموظف القائم بالتبليغ و توقيعه .

– اسم المرسل إليه و محل إقامته و ذكر الشخص الذي سلمت له نسخة من التكليف بالحضور .

– ذكر المحكمة المختصة بالطلب و اليوم و الساعة المحددين للمثول أمامها .

– ملخص الموضوع و مستندات الطلب .

و اذا كانت الدعوى مقامة من شركة فيجب ان تشمل العريضة أ و ا لصريح على بيان عنوان الشركة

التجاري و نوعها و مركزها الرئيسي دون المساس بأحكام الاختصاص المحلي الو اردة بالمادتين 08 و 09 من

ق.إ.م، و يتم تسليم التكليف بالحضور الى موطن المدعى عليه او المدعى عليهم ، أو الى محل إقامته المعتاد و ان

لم يكن المحل معروفا فيعلق على لوحة الإعلانات ب المحكمة المرفوع أمامها الطلب و تسلم نسخة ثانية منه الى

النيابة التي تؤشر على الأصل بالاستلام ، و لا يعتبر التكليف بالحضور صحيحا الا اذا استوفى البيانات الشكلية

المقررة بالمادة 13 من ق.إ.م و ان تحترم إجراءات التبليغ المقررة بالمواد 23,24 و 26 من ق.إ.م ، يحرر

المحضر القضائي محضر التكليف بالحضور على نسختين أو بحسب عدد الأطراف و تسلم للمدعي نسخة أصلية

منه ليقدمها الى المحكمة كدليل على وقوع التبليغ للخصم .

الفرع 2 : في عقد الجلسة

بعد استكمال إجراءات التكليف بالحضور تنعقد الخصومة القضائية بين طرفيها المدعي و المدعى عليه

او المدعى عليهم و يلزم هؤلاء بالحضور للجلسة المحددة لهم لنظر عدواهم و التي تنعقد علانية بمقرر المحكمة

المختصة إقليميا تحت رئاسة قاضي فرد بمساعدة كاتب الذي يمسك سجلا خاصا بالجلسات يسجل فيه عدد

القضايا ادولة و اسم و لقب الأطراف و يدون فيه ما يدور خلال الجلسة و منطوق الحكم و يقوم بمناداة

الأطراف و في حالة عدم حضور المدعي في اليوم المحدد يقضي القاضي بشطب الدعوى لحالتها ، و اما في

حالة عدم حضور المدعى عليه فاننا نفرق هنا بين حالتين :

الحالة الأولى : عندما يكون التكليف بالحضور قد سلم لشخص م ن الأشخاص المؤهلين قانونا

2 من ق.إ.م يقضي في غيبته أي يصدر ضده حكم غيابي و اما / لاستلامه طبقا للمادة 35

الحالة الثاني ة : عندما يتسلم المدعى عليه التكليف بالحضور شخصيا فطبقا للمادة 98 من ق.إ.م تتم

مواجهته بحكم حضوري.

وفي حالة تعدد المدعى عليهم و حضر البع ض دون البعض الآخر فانه لا يحوز الحكم في الدعوى الا بعد

أمر المحكمة بإعادة تبليغ الأطراف المتغيبة و اذا لم يحضر هؤلاء في اليوم المحدد يصدر الحكم حضوريا بالنسبة

للجميع طبقا للمادة 37 من ق.إ.م و هذا تفاديا لصدور أحكام متناقضة في دعوى واحدة، و بعد ان تصبح

الدعوى مهيأة للفصل يضعها القاضي في المداولة قصد إصدار الحكم فيها و ي تم النطق بالح كم في جلسة

علنية كذلك

ب – آثار الحكم بوقف الخصومة : يترتب على الحكم به ما يلي :

– عدم السير في الدعوى : فلا يجوز اتخاذ أي إجراء أثناء الوقف .

– الوقف لا يؤثر على أي ميعاد ضمني يكون القانون قد حدده لأي إجراء .

– الخصومة الموقوفة تبقى قائمة .

الفرع 3 : انقطاع الخصومة

-1 تعريفه: انقطاع الخصومة القضائية هو وقف السير فيها بحكم القانون سبب وفاة احد الخصوم

أو فقدان أهليته أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عنه .

و أسباب الانقطاع واردة في المواد 84 إلى 89 و 225 و 253 من ق.إ.م و تتمثل في :

-1 وفاة احد الخصوم . 2- فقد أهلية احد الخصوم -زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه

من النائبين كزوال صفة الوصي و الولي لبلوغ القاصر و زوال صفة القيم و حضور الغائب .

و يترتب على الانقطاع اثران هما : بطلان جميع الإجراءات التي تتخذ في الخصومة اثناء الانقطاع ، و وقف

جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم الذين خص الانقطاع بسبب يتعلق م .

و تجدر الاشارة في هذا الص دد ان الإ نقطاع لا يترتب اثره الا بالنسبة الشخص الذي شرع الانقطاع لمصلحته

اما باقي الاطراف فلا يستفدون من هذه الآثار .

وفي كل الاحوال لا يترتب الانقطاع ولو توافرت شروطه او اسبابه اذا كانت القضية مهيأة للفصل فيها.

– و يزول الانقطاع باستئناف السير في الدعوى بالطريق الذي رسمه القانون و يتم بالتكليف بالحضور الى من

يقوم الخصم الذي توفي او فقد اهلية الخصومة او زالت صفته بناء على طلب الطرف الآخر ، و قد تتصل

الخصومة بغير حاجة لتكليف بالحضور اذا حصل الانقطاع أثناء تأجيل الجلسة و حضر في الجلسة المحد دة

لنظرها وارث الط رف المتوفي او من يمثل فاقد الأهلية و باشر الدعوى ، و متى استأنفت الدعوى فإا تعود الى

( الحالة التي كانت عليها عند انقطاعها و هذا لان الانقطاع لا يؤثر فيما اتخذ من إجراءات قبل حصوله .( 4

ويختلف الوقف عن الانقطاع في كون هذا الأخير يتم دائما بموجب القانون اما الوقف فيمكن ان يتم بحكم المحكمة

المطلب الثاني : سقوط الخصومة القضائية و تركها.

الفرع 1: سقوط الخصومة

أ- تعريفه: يقصد بسقوط الخصومة زوالها و إلغاء إجراءاا بسبب عدم

السير فيها بفعل المدعي أو امتناعه لمدة عامين.

و تحسب هذه المدة من تاريخ آخر إجر اء صحيح من إجراءات التقاضي ، و نص المشرع على أحكام سقوط

الخصومة في المواد من 220 الى 224 ق.إ.م و قد شرع السقوط كجزاء للمدعي على إهماله للسير في دعواه

و كذا للتخلص من القضايا التي يهمل الخصوم السير فيها تفاديا لتراكم الدعاوى أ م ام

القضاء .

و يمكن التمسك بسقوط الخصومة اما عن طريق الدفع و ذلك بعد اعادة السير في الدعوى من طرف المدعي

بعد مرور اكثر من عامين على عدم السير فيها ، فهنا يمكن للمدعى عليه تقديمه ع لى شكل دفع شكلي ، و اما

ان يقوم المدعى عليه برفع دعوى يطالب الحكم فيها بسقوط الخصومة القضائية و هي ترفع وفقا للقواعد العامة

لرفع الدعاوى .

ب – آثاره : يترتب على سقوط الخصومة القضائية زوالها و إلغاء إجراءاا لكن ذلك لا يؤثر في الحق المدعى

به فيجوز ان يطالب به عن طريق الإجراءات العادية لرفع الدعوى .

و يترتب على ذلك ان سقوط الخصومة لا يلغي :

-1 الأحكام القطعية التي صدرت في الدعوى او الإجراءات السابقة عليها اما الأحكام غير القطعية المتعلقة بالإثبات فتسقط .

-2 الإقرارات الصادرة من الخصوم و الأيمان التي حلفوها بحيث يجوز للخصوم ان يتمسكوا ا .

– و اما إذا ترتب السقوط أمام هيئة الاستئناف بالإ ضافة إلى الآثار المذكورة أعلاه فانه يصبح الحكم الابتدائي

ائي طبقا للمادة 224 من ق.إ.م .

الفرع 2: ترك الخصومة القضائية

تعريفه: يقصد بترك الخصومة القضائية ت نازل المدعى عن

الخصومة القضائية مع احتفاظه بأصل الحق المدعى به اذ يجوز له تجديد المطالبة به بموجب دعوى جديدة . و

ذلك باعتبار المدعي هو صاحب المصلحة الاولى في بقاء الدعوى و الحكم في موضوعها و ان تخليه عنها قد

يقوم على أسباب جدية تخدم مصلحته كأن يكتش ف بان الادلة المحتج ا ناقصة مما قد يؤدي الى رفض دعواه ،

و قد نص المشرع على ترك الخصومة القضائية في المادة 97 من ق.إ.م فيما يخص المحاكم و المواد من 261

الى 263 بالنسبة للمحكمة العليا .

و قد اختلفت آراء رجال القانون حول ما اذا كان طلب ترك الخصومة القضائية يكفي ان يقدمه المدعي

باعتباره صاحب المصلحة في رفع الدعوى و ابقائها ام اا تتطلب موافقة المدعى عليه على هذا الترك و قد

استقر الراي على طلب ترك الخصومة بشرط موافقة المدعى عليه متى بلغ بالدعوى و علم ا فقد تكون له

مصلحة في الفصل فيها لكي لا يبقى مهددا في رفع دعوى جديدة ،و ما يؤكد هذا التوجه ما نصت عليه المادة

. ( 262 من ق.إ.م ( 5

و يترتب على ترك الخصومة القضائية انقضاء الدعوى المطروحة امام المحكمة ، و لكن لا يؤثر على الحق المدعى

به الذي يظل قائما يمكن المطالبة به مجددا بموجب دعوى قضائية جديدة.

*الخاتمة:

ما يمكن استنتاجه من خلال العرض الوجيز لمحاضرتنا ان المشرع الجزائري على غرار باقي

التشريعات العالمية قد أولى أهمية كبيرة لممارسة المواطن حقه في الدعوى فنظم إجراءاته بدقة و رتب

عن كل إ جراء أثرا معين بشكل جعل البعض من رجال الفقه يعتبرون ذلك تقييدا لحق المواطن

في اللجوء إلى القضاء ، لكنه في الحقيقة فان المشرع أراد من خلال ذلك ضبط هذا الحق بشكل

يخدم مصلحة جميع الأطراف إذ كرس هذا المبدأ لضمان حماية حقوق الأفراد من كل أنواع التعسف

و التعد ي، و بالمقابل ضبط هذا الحق بشكل يحد من جعله هو بذاته وسيلة للتعسف و التعدي

وذلك بتفادي الدعاوى الكيدية و هذا لكون مرفق القضاء هو مرفق عام مهمته تحقيق الصالح العام