بحث قانوني هام عن المميزات القانونية للتحقيق الابتدائي في التشريع الجزائري

يمتاز التحقيق الابتدائي في بلادنا بثلاثة خصائص :

أولا: تدوين وكتابة الإجراءات

فكل الإجراء ات لابد أن تدون في المحاضر (محضر استجواب، محضر سماع الشهادة، محضر معيان ة…) وكذا الأوامر لا تكون شفهية (المادة 68 فقرة 02 ق ا ج).

ثانيا: سرية الإجراءات
تنص المادة 11 من ق ا ج “تكون إجراءات التقاضي والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ودون إضرار بحقوق الدفاع.
كل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السر المهني بالشروط المبينة في قانون العقوبات…”.
س: ما المقصود بكل شخص ساهم ؟ وما المقصود بالكتمان السر المهني ؟ :
أولا نشير إلى انه أصبح من حق المتهم اختيار محامي ويحق لهذا الأخير الإطلاع على الملف ويحضر الاستجواب والمواجهة.
للإجابة عن هذا السؤال تكون بالقول أن هذا النص يكون بالدرجة الأولى قضاة التحقيق والنيابة العامة وكذا مساعديه المباشري ن: كتابة الضبط، الشرطة القضائية في حالة الندب، المحضرون، المترجمو ن. في حين أن سرية التحقيق لا تلزم المتهم والمدعي الم دني والشهود وكذا المحامي فهو غير ملزم بنص المادة 11 غير أنه يخضع لأحكام المادة 301 التي تجرم إفشاء السر المهني وتعاقب عليه بعقوبة جنحية.

ثالثا: سيادة جهة التحقيق
لابد أن تكون سلطة التحقيق مستقلة ومحايدة تماما عن جهة الاتهام (النيابة العامة) وكذا المتهم وا لمدعي المدني، فالمشرع الجزائري أخذ بالفصل التام بين سلطة التحقيق والفصل التام على عكس التشريعات الأخرى كالمشرع المصري والليبي التي جمعت بين السلطتين.

المبحث الثاني: الجهة المكلفة بالتحقيق (قاضي التحقيق)

المطلب الأول: التعريف بقاضي التحقيق

الفرع الأول: تعريف قاضي التحقيق

يمكن أن نعرف قاضي التحقيق بأنه أحد رجال القضاء المعينين بموجب مرسوم رئاسي والخاضعون للقانون الأساسي للقضاء الصادر بموجب رقم 04 -11 الصادر في 2004 جملة الاختصاصات المتعلقة بالتحقيق الابتدائي.
وقد كان قاضي التحقيق إلى غاية صدور قانون 26 – 06 – 2001 يعين بمقتضى قرار من وزير العدل لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد وتنتهي مهامه طبقا لنفس الأوضاع وإثر تعديل المادة 39 بموجب هذا القانون أصبح يعين بموجب مرسوم رئاسي غير أن قانون 06 – 22 ألغى هذه المادة وأعاد تعيين قاضي التحقيق إلى الوضع السابق.

الفرع الثاني: خصائص قاضي التحقيق

1 – استقلالية قاضي التحقيق اتجاه النيابة العامة: فلا تم لك النيابة العامة سوى تقديم الطلب الافتتاحي للتحقيق وكذا الطلبات الإضافية وإذا كانت المادة 71 قبل تعديل 2001 تجيز لوكيل الجمهورية تنحيته عن الدعوى لصالح قاضي آخر بقرار غير قابل للطعن أصبحت هذه الصلاحية لصالح غرفة الاتهام
ملاحظة: نشير إلى أن المشرع الفرنسي أناط مهمة تعيين واختيار قاضي التحقيق في حلة تعددهم إلى رئيس المحكمة كما أناط لهم مهمة تنحيته.

2 – قابلية قضاة التحقيق للرد: على عكس النيابة العامة تجيز المادة 71 تقديم طلب لتنحية قاضي التحقيق من طرف النيابة العامة أو من المتهم أو من المدعي المدني.

3 – عدم جواز مسائلة قاضي التحقيق: أي عدم جواز مسائلته مسائلة مدنية أو جنائية عن الأعمال التي يقومون بها أو الأوامر التي يصدرونها ما لم يكن فيها تجاوز للحدود القانونية.

4 – عدم خضوع قاضي التحقيق للتبعية التدرجية: فبمجرد استلام قاضي التحقيق الطلب الافتتاحي المكتوب يباشر إجراءات التحقيق ولا يخضع لأية جهة.
يجوز لوكيل الجمهورية تقديم طلبات إضافية لقاضي التحقيق يطلب منه القيام بإجراء أو بعض الإجراءات، فقاضي التحقيق ليس ملزما بالقيام بذلك الإجراء وعليه أن يصدر أمرا مسببا بالرفض، وفي هذه الحالة يستأنف وكيل الجمهورية هذا الأمر أمام غرفة الاتهام أي أن قاضي التحقيق يخضع فقط لما يمليه عليه ضميره والقانون

5 – عدم جواز الجمع بين سلطتي التحقيق والحكم: تنص المادة 38 فقرة 1 ” تناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث والتحري ولا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق وإلا كان ذلك الحكم باطلا”.

المطلب الثاني: القواعد والحكام المتعلقة بممارسة قاضي التحقيق لاختصاصاته

الفرع الأول: كيفية اتصال قاضي التحقيق في الدعوى وانفصاله عنها 1

فقرة 01 : إخطار قاضي التحقيق
لا يجوز لقاضي التحقيق في الدعوى من تلقاء نفسه بل لابد من إخطاره وإخطار يكون بإحدى الطريقتين التاليتين:
أولا: عن طريق طلب افتتاحي من طرف وكيل الجمهوري: وهي الطريقة المعتادة لرفع الدعوى إلى غاية التحقيق في إطار ما يسمى بخاصية الملائمة في الدعوى العمومية في التشريع الجزائي.
تجدر أن الإخطار عن طريق وكيل الجمهورية يكون إلزامي في حالة الجناية واختياري في الجنح و استثنائي في المخالفات (المادة 66 من ق ا ج) .
ثانيا: عن طريق الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني طبقا للمادة 72 من ق ا ج ( يمكنك العودة إلى محاضرة تحريك الدعوى العمومية).

الفقرة 02 : خروج الدعوى من يد قاضي التحقيق

أولا: تخلي قاضي التحقيق عن الدعوى لفائدة قاضي تحقيق آخر
ويحصل هذا عندما يقتسم قاضيين أو أكثر الاختصاص الإقليمي للتحقيق في قضية ما مثلا “رفعت قضية إلى قاضي تحقيق أ بسبب كان ارتكاب الجرم، ورفعت نفس القضية إلى قاضي تحقيق ب بسبب محل إقامة المتهم في هذه الحالة تقدم النيابة العامة طلبات لأحدهما من أجل التخلي عن التحقيق لصالح آخر ويكون التخلي بإصدار أمر، وقد أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر من الغرفة الجزائية رقم 01 بتاريخ 17 – 04 – 1979 على وجوب حصول اتفاق بينهما”.

ثانيا: تنحية قاضي التحقيق عن الدعوى
قد يسحب ملف التحقيق في الدعوى من قاضي التحقيق في حالتين:
– الحالة الأولى: نصت عليها المادة 71 ” حيث يجوز تنحية قاضي التحقيق بقرار من غرفة الاتهام”.
– الحالة الثانية: نصت عليها المادة 191 “حيث يجوز تنحية قاضي التحقيق بقرار من غرفة الاتهام”.

الفرع الثاني: اختصاص قاضي التحقيق

الفقرة 01 :الاختصاص النوعي
نصت المادة 66 من ق ا ج على الاختصاص النوعي لقاضي التحقيق بقولها “التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات، أما في مواد الجنح فيكون اختياريا ما لم يكن ثمة نصوص، كما يجو ز إجراؤه في مواد المخالفات إذا طلبه وكيل الجمهورية”.
الفقرة 02 : الاختصاص الإقليمي (المحلي)
تنص المادة 40 من ق ا ج ” يتحدد اختصاص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في ممارستهم في اقترافها أو بمحل القبض على أحد هؤلاء الأ شخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر”
وتجيز الفقرة الثانية من هذه المادة المعدلة بموجب قانون 10 – 11 – 2004 تبديل الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى عن طريق التنظيم في الجرائم الآتية:
– جرائم المخدرات؛ – الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية؛ – الجرائم الماسة بأنظمة ممارسة المعالجة المالية للمعطيات؛ – جرائم تبييض الأموال؛ – جرائم الموصوفة بأفعال الإرهاب أو التخريب؛ – الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.

فقرة 03 : الاختصاص الاستثنائي

أولا: بسبب صفة المتهم
-1 المتهم صغير السن (الحدث) : هنا الهيأة المكلفة بالتحقيق هيأة خاصة هي قاضي الأحداث؛
-2 الأشخاص اللذين يتمتعون بحصانة (الدبلوماسيون وأعضاء الغرفتين) : هنا لابد من وجوب رفع الحصانة؛
-3 رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة (حاليا الوزير الأول) طبقا للمادة 158 من الدستور؛
-4 أعضاء الحكومة وقضاة المحكمة العليا والولاة ورؤساء االمجالس والنواب العامون لدى اامجالس القضائية: يتولى قضاة التحقيق على مستوى المحكمة العليا التحقيق في الجرائم المرتكبة من طرفهم؛
-5 قضاة المجالس ورؤساء المحاكم ووكلاء الجمهورية: قاضي التحقيق خارج المجلس الذي يعمل فيه هؤلاء القضاة؛
-6 قضاة المحاكم وضباط الشرطة القضائية: قاضي التحقيق للمجلس القضائي الذي يعمل ضمن دائرة اختصاصه هؤلاء؛
-7 العسكري: يحاكم أمام المحاكم العسكرية ويخضع لإجراءات التحقيق على مستوى المحاكم.

ثانيا: بسبب طبيعة الجريمة
هناك فئة من الجرائم خصها المشرع بقواعد اختصاص مميزة هي:
– الجرائم العسكرية يكون النظر فيها أمام المحاكم العسكرية؛ – الجرائم ضد أمن الدولة يكون النظر فيها أمام المحاكم العسكرية؛
– الجرائم الموسومة بأفعال إرهابية أو تخريبية قبل صدور الأمر 25 – 10 المؤرخ في 25 – 02 -1995 ويخضع اختصاص الأمر فيها فيما يسمى بالمجالس القضائية الخاصة بعدها أصبح من اختصاص المحاكم ( بعد سنة 1995 ) .

المطلب الثالث: سلطات قاضي التحقيق

الفرع الأول: مسألة التمييز بين سلطات قاضي التحقيق القضائية وسلطاته كمحقق

يتمتع قاضي التحقيق بسلطات واسعة مما جعل نابليون الأول يقول عنه بأنه أقوى رجل في دائرة اختصاصه في حين قال عنه الكاتب بالزاك أنه أقوى رجل في فرنسا.
ولعل مظاهر القوة هذه مردها إلى اجتماع صفتي المحقق والقاضي له فلقد خصصه المشرع بنوعين من السلطات:
– سلطات البحث والتحري: التي يتصرف فيها بناءا على أوامر إدارية؛
– سلطات قضائية: يتصرف فيها بناءا على أوامر قضائية.
ولابد من الإشارة أو أن التمييز بين الأوامر الإدارية والقضائية له أهمية عملية تتمثل في أن الثانية هي وحدها التي تبلغ لمحامي المتهم والمدعي المدني (المادة 118 فقرة ) وكذا جواز استئنافها أمام غرفة الاتهام ولقد اعتبر القضاء الفرنسي الأوامر التالية أوامر إدارية:
– الأمر بالانتقال؛ – أمر التفتيش والحجز؛ – أمر بتعيين خبراء؛ – الأمر بإصدار الإنابة القضائية؛ – الأمر بضبط الإجراءات أو فصلها من بعضها البعض؛- الأمر بالاسترداد.

وبالمقابل اعتبر الأوامر التالي بيانها أوامر قضائية:

– أوامر الاختصاص التي بيت فيها قاضي التحقيق اختصاصه؛ – الأوامر المتعلقة بالأفراد وحرية المتهم؛ – أوامر التصرف عند انتهاء التحقيق؛ – الأوامر المخالفة لطلبات الأطراف الرامية إلى اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق كالأمر برفض إصدار أمر بالإيداع.
ومع ذلك تبقى أوامر محل خلاف كالأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق في حالة فصل في إجراء خيرة كالأمر برفض طلب المتهم أو المدعي المدني كإجراء خبرة أو تعيين خبير أو إجراء خبرة مضادة أو تكميلية.
وعلى كل أجاب المشرع الجزائري في المادة 172 المعدل بموجب قانون 2001 على جوانب استئناف هذه الأوامر.

الفرع الثاني: سلطات قاضي التحقيق في البحث والتحري

الفقرة 01 : سماع الأشخاص
لقاضي التحقيق سماع بعض الأشخاص وهم: المتهم، المدعي المدني، والشهود، الأول يكون في محضر استجواب والثاني والثالث يكون في محضر سماع.

أولا: استجواب المتهم
يتم استجواب المتهم على مرحلتين :
أ- استجواب المتهم عند المثول الأول نصت عليه المادة 100 من ق ا ج :”ويعتبر هذا الإجراء في واقع الأمر سؤال للمتهم وليس استجوابًا لأن قاضي التحقيق يكتفي هذه المرحلة لأن:
– سؤال المتهم عن هويته ويعلِمه صراحة بكل واقعة منسوبة إليه ولا بأس أن يعلم قاضي التحقيق بالوصف القانوني للوقائع المنسوبة إليه حسب ورودها في طلب الافتتاح لإجراء التحقيق.
– تنبيه المتهم بحقه في عدم الإدلاء بالتصريح ويعد هذا التنبيه إجراءا جوهريا يترتب عدم مراعاته بطلان الاستجواب.
– تنبيه المتهم بحقه بالاستعانة بمحامي إذا لم يختر محاميا وطلب من قاضي التحقيق تعيين محامي له غين له قاضي التحقيق ذلك، وهنا يجب على قاضي التحقيق عدم استجواب المتهم إلا في حضور محامي أما إذا اختار التنازل صراحة عن المحامي جاز لقاضي التحقيق بعد إثبات ذلك التنازل في محضر الشروع في استجواب المتهم ومواجهته بالأدلة.
– تنبيه المتهم بوجوب إخبار التحقيق عن تغيير عنوانه وهذا حتى يكون هنا ضمانا لمثول المتهم أمام قاضي التحقيق عند طلبه ووصول التبليغات لديه.
وإذا كانت القاعدة هي عدم استجواب ولا مواجهة عند المثول الأول فقد نصت المادة 101 على أنه يجوز لقاضي التحقيق استجواب المتهم ومواجهته وهم:
– وجود شاهد في حالة خطر موت أو وجود آثار أو دلائل على وجه الاختفاء؛
– الاستجوابات اللاحقة: يصبح دور القاضي هنا أكثر إيجابية سيما عن المثول الثاني والثالث…
حيث يقوم القاضي باستفسار المتهم عن الوقائع المنسوبة إليه ويوجه إليه الأسئلة التي يراها ضرورية لكشف الحقيقة، حيث يواجه المتهم بأدلة الاتهام ليقول كلمته فيها بالتسليم بها أو نفيها وهو إجراء ضروري ولو لمرة واحدة.
غير أنه يمكن الاستغناء عن الاستجواب في الحالات التالية:
– إذا أدلى المتهم عند الحضور الأول بتصريحات من تلقاء نفسه وكانت هذه التصريحات كافية لإظهار الحقيقة؛ – إذا كان المتهم في حالة فرار؛ – إذا أصدر القاضي بأن لا وجه للمتابعة.
مرحلة التحقيق الابتدائي

المبحث الأول: ماهية التحقيق الابتدائي

هو نظام قضائي أجنبي عن التشريع ونظام القانوني الجزائي الأمر الذي يتطلب منا البحث عن نشأة وتطور هذا النظام في بيئة الأصلية ثم التعريف به ثم التكلم عن الجهة المكلفة به.

المطلب الأول: نشأة وتطور نظام التحقيق القضائي

الفرع الأول: ولادة نظام التحقيق في فرنسا

نظام ال تحقيق الابتدائي أو التحضيري كما يسمى في فرنسا ولد في فرنسا في القرن 17 بصدور أمر ملكي لسنة 1610 عندما أوكلت مهمة التحقيق إلى ما يسمى بالملازم الجنائي، ثم تم المجيء بقاضي التحقيق إثر صدور قانون التحقيق الجنائي لسنة 1808 الذي ضل ساري المفعول إلى غاية صدور قانون الإجراءات الجزائية بموجب قانون 23 – 12 – 57 وقد كان قاضي التحقيق في ظل قانون 1808 ضابط سامي للشرطة القضائية يخضع لسلطة النائب العام مهمة البحث والتحري ولم يتم الإقرار له بدور قضائي إلا بموجب قانون 17 -70- 1856 ولم تكتمل صورة قاضي التحقيق في شكلها الحالي إلا بصدور قانون إجراءات الجزائية بموجب قانون 1957 .
والملاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع الأصوات التي تنادي بالعدول عن تطبيق نظام التحقيق في فرنسا وخارجها ، (ألمانيا وإيطاليا) فهاته البلدان تخلت نهائيا من نظام التحقيق الابتدائي القضائي الأول في 1975 والثانية في 1970 وسنة 1990 تم إنشاء لجنة وهي لجنة العدالة الجنائية وحقوق الإنسان التي تعرف بلجنة دِيماس، وتم اعتماد توصياتها التي من أهمها قانون 15 -06- 2000 إيجاد قاضي الحريات والحبس المختص بالفصل بالمساءلة ذات الصلة بحرية الأفراد والذي يعمل جنبا مع جنب مع قاضي التحقيق.

الفرع الثاني: التحقيق الابتدائي في الجزائر

يعتبر التحقيق القضائي في الجزائر من الأنظمة والتشريعات الموروثة عن الاستعمار الفرنسي حيث تم العمل بنظام لتحقيق السائد في التشريع الفرنسي إلى غاية تاريخ 08 – 06 – 1966 وهو تاريخ صدور الأمر المتضمن ق ا ج
والملاحظ أن هذا النظام في الجزائر قد مس من خلال التعديلات التي لحقت ب ق ا ج سِمَا تعديلات سنوات 1986 ،1990 2001، 2004 .
حيث عزز تعديل 2001 مركز قاضي التحقيق وأدخل إصلاحات على مستوى : – تغيير المستوى، الإفراج المؤقت ، كما تم تقليص مدة الحبس المؤقت وإضافة مدد أخرى – أقر مبدأ التعويض عن الحبس المؤقت المفرط فيه.
أما تعديل سنة 2004 وسع من نطاق الاختصاص الإقليمي لقاضي التحقيق في الجرائم .06

المطلب الثاني: تعريف بالتحقيق الابتدائي

يمتاز التحقيق الابتدائي في بلادنا بثلاثة خصائص :

أولا: تدوين وكتابة الإجراءات

فكل الإجراء ات لابد أن تدون في المحاضر (محضر استجواب، محضر سماع الشهادة، محضر معيان ة…) وكذا الأوامر لا تكون شفهية (المادة 68 فقرة 02 ق ا ج).

ثانيا: سرية الإجراءات
تنص المادة 11 من ق ا ج “تكون إجراءات التقاضي والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ودون إضرار بحقوق الدفاع.
كل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السر المهني بالشروط المبينة في قانون العقوبات…”.
س: ما المقصود بكل شخص ساهم ؟ وما المقصود بالكتمان السر المهني ؟ :
أولا نشير إلى انه أصبح من حق المتهم اختيار محامي ويحق لهذا الأخير الإطلاع على الملف ويحضر الاستجواب والمواجهة.
للإجابة عن هذا السؤال تكون بالقول أن هذا النص يكون بالدرجة الأولى قضاة التحقيق والنيابة العامة وكذا مساعديه المباشري ن: كتابة الضبط، الشرطة القضائية في حالة الندب، المحضرون، المترجمو ن. في حين أن سرية التحقيق لا تلزم المتهم والمدعي الم دني والشهود وكذا المحامي فهو غير ملزم بنص المادة 11 غير أنه يخضع لأحكام المادة 301 التي تجرم إفشاء السر المهني وتعاقب عليه بعقوبة جنحية.

ثالثا: سيادة جهة التحقيق
لابد أن تكون سلطة التحقيق مستقلة ومحايدة تماما عن جهة الاتهام (النيابة العامة) وكذا المتهم وا لمدعي المدني، فالمشرع الجزائري أخذ بالفصل التام بين سلطة التحقيق والفصل التام على عكس التشريعات الأخرى كالمشرع المصري والليبي التي جمعت بين السلطتين.

المبحث الثاني: الجهة المكلفة بالتحقيق (قاضي التحقيق)

المطلب الأول: التعريف بقاضي التحقيق

الفرع الأول: تعريف قاضي التحقيق

يمكن أن نعرف قاضي التحقيق بأنه أحد رجال القضاء المعينين بموجب مرسوم رئاسي والخاضعون للقانون الأساسي للقضاء الصادر بموجب رقم 04 -11 الصادر في 2004 جملة الاختصاصات المتعلقة بالتحقيق الابتدائي.
وقد كان قاضي التحقيق إلى غاية صدور قانون 26 – 06 – 2001 يعين بمقتضى قرار من وزير العدل لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد وتنتهي مهامه طبقا لنفس الأوضاع وإثر تعديل المادة 39 بموجب هذا القانون أصبح يعين بموجب مرسوم رئاسي غير أن قانون 06 – 22 ألغى هذه المادة وأعاد تعيين قاضي التحقيق إلى الوضع السابق.