1 تعريف قانون العقوبات
2 تقسيمات قانون العقوبات

2.1 قانون العقوبات- القسم العام
2.2 قانون العقوبات- القسم الخاص
2.3 قانون العقوبات الأساسي (الأصلي)
2.4 قانون العقوبات التكميلي

3 مصادر قانون العقوبات
4 سريان (نطاق) قانون العقوبات من حيث الزمان

4.1 تمهيد وتقسيم
4.2 قاعده عدم رجعيه نصوص قانون العقوبات الأشد
4.2.1 تعريف القاعده ونطاق تطبيقها
4.2.2 كيفيه تطبيق قاعده عدم الرجعيه
4.2.2.1 أولا: تحديد وقت العمل بالقانون الجديد :
4.2.2.2 ثانيا : تحديد تاريخ ارتكاب الجريمة :
4.3 رجعيه القوانين الأصلح للمتهم
4.3.1 تمهيد وتقسيم
4.3.2 ماهيه القاعده ودعائمها
4.3.3 شروط تطبيق القاعدة
4.3.3.1 الفرع الأول: صدور النص الجديد قبل الحكم نهائيا علي المتهم :
4.3.3.2 الفرع الثاني: اعتبار النص الجديد أصلح للمتهم :
4.4 القيد التشريعي علي رجعية النصوص الأصلح

تعريف قانون العقوبات
قانون العقوبات هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم حق الدولة في العقاب على الأفعال التي تنال من المصالح الجوهرية الجديرة بالحماية القانونية،و هي قواعد معينة وُضِعت لسلوك الأفراد،بحيث يترتب على أي مخالفة لهذه القواعد جزاءً قانونيا، يتمثل في العقوبة. ولذلك يتضمن قانون العقوبات القواعد التي تأمر وتنهي، والأثر القانوني المترتب على مخالفة هذه القواعد.

بمعنى ان قانون العقوبات يتضمن الأفعال التي تعتبر جرائم، وكذلك العقوبات المقررة لها كأثر قانوني لارتكاب هذه الجرائم.ويعتبر كل من هذين الشقين مكملا للآخر، فلا جريمة بلا عقوبة، ولاعقوبة بغير جريمة. (1)

تقسيمات قانون العقوبات
تقسيمات قانون العقوبات هي تصانيف إبتدعها الفقه الجنائي، ووضعها فقهاؤه لدراسة قانون العقوبات، وتنظيم أبحاثه ودراساته وفقا لنوع القواعد التي تتم دراستها، وحسب موضوعها وهي عدة تقسيمات أهمها مايلي:

قانون العقوبات- القسم العام
تحتاج هذه النقطة للكتابة رجاء أزل هذا الإخطار عقب الانتهاء من كتابة هذا القسم

قانون العقوبات- القسم الخاص
تحتاج هذه النقطة للكتابة رجاء أزل هذا الإخطار عقب الانتهاء من كتابة هذا القسم

قانون العقوبات الأساسي (الأصلي)
تحتاج هذه النقطة للكتابة رجاء أزل هذا الإخطار عقب الانتهاء من كتابة هذا القسم

قانون العقوبات التكميلي
قانون العقوبات التكميلي، هو الذي يمتد إلى كافة التشريعات الجنائية التي تصدر لتكملة النقص في قانون العقوبات أو تعديل بعض أحكامه بالنظر إلى أنها تقع إعتداءً على مصالح متغيرة أو طارئة،مما يجدر معه وضعها في مجموعة قانون العقوبات حتى لا يتغير أو لا يتبدل.

وهذه التشريعات الخاصة تخضع للمباديء العامة الواردة في القسم العام ما لم ينص التشريع الخاص على عكس ذلك. وهو مانص عليه في المادة الثامنة من قانون العقوبات، إذ نصت على أن «تراعى أحكام الكتاب الأول من هذا القانون(القسم العام) في الجرائم المنصوص عليها في القوانين واللوائح الخصوصية إلا إذا وجد نص يخالف ذلك».

ومن هذه التشريعات

قانون المخدرات
قانون الأسلحة والذخائر
قانون التشرد والاشتباه
قانون التدليس والغش
قانون تهريب النقد
مصادر قانون العقوبات
تحتاج هذه النقطة للكتابة رجاء أزل هذا الإخطار عقب الانتهاء من كتابة هذا القسم

سريان (نطاق) قانون العقوبات من حيث الزمان
تمهيد وتقسيم

النتيجة الطبيعيه لمبدأ شرعيه الجرائم والعقوبات أن نصوص العقوبات لا تسري ال علي الوقائع آلتي تقع من يوم العمل بها، حيث أن حكمها لا يتناول الوقائع السابقة في التاريخ علي هذا اليوم ن ويعبر عن ذللك بمبدأ النفاذ الفوري لنصوص العقوبات علي ما يتلو العمل بها ، وعدم رجعيتها ألي الماضي. ولكن مبدأ رجعيه نصوص العقوبات ليس مطلقا، تثور مشكله تحديد نطاق سريان قانون العقوبات من حيث الزمان حينما تقع جريمه في ظل قاعده جنائيه معينه،وقبل أن يغلق باب الدعوي بحكم بات ، تصدر قاعده جديده مغايره للقاعده الأولي التي وقعت الجريمه في ظلها.فحينئذ يثور التساؤل عن القاعده واجبه التطبيق علي المتهم .

هل هي القاعده الأولي، أم القاعده الجديده؟ وبعباره اخري هل تسري القاعده الجديده بأثر رجعي علي الجرائم التي وقعت فبل العمل بها،أم تظل الجريمه محكومه بالقاعده التي وقعت في ظلها ويقتصر نطاق القاعده الجديده علي ما يقع في ظلها من جرائم؟ تحديد المبادئ العامه في قانون العقوبات نوبعض النصوص الدستوريه ونصوص قانون العقوبات، القواعد التي تحكم قانون العقوبات من حيث الزمان .يمكن اجمال تللك القواعد في اثنتين:الأولي: عدم رجعيه النصوص الجديده الأشد. والثانيه:رجعيه النصوص الجديده الاصلح للمتهم، وذللك كله علي التفصيل التالي :

قاعده عدم رجعيه نصوص قانون العقوبات الأشد
من بين أبرز المبادئ و أهمها على الإطلاق مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية لكن ما المقصود بهذا المبدأ و ما هي الاستثناءات الواردة عليه؟

تعريف القاعده ونطاق تطبيقها
تعني هذه القاعده أن نصوص العقوبات الأشد من النصوص السابقه عليها ، سواء تعلقت بالتجريم أم العقاب، لا تسري علي الماضي ،أي لا تطبق بأثر رجعي،وانما تسري بأثر مباشر وفقا للأصل العام، أي تطبق فحسب علي مايقع من جرائم منذ بدايه العمل بها.أما ما وقع من جرائم في ظل قاعده قديمه أخف فيظل محكوما بتلك القاعده ، فاذا جاء نص جديد يجرم فعلا كان مباحا وقت اتيانه، ظل الفعل علي اباحته وفقا للقاعده القديمه، ولايسري الا علي الفعل الذي يقع منذ العمل به .

واذا جاء النص الجديد بعقوبه أشد جسامه من العقوبه المقرره في القاعده القديمه، امتنع تطبيق العقوبه الاشد علي من ارتكب جريمه في ظل القاعده الاولي ،ويخضع لها فحسب من يرتكب الجريمه منذ لحظه العمل بالقاعده الجديده. وعلي هذا النحو يقتصر سريان كل قاعده علي مايقع في ظلها من جرائم.

وتكتسب هذه القاعده قيمه دستوريه، حيث كرستها الماده 66 من الدستور المصري بقولها “لا عقاب الا علي الأفعال اللاحقه لتاريخ نفاذ القانون” وتحظر الماده 187 من ذات الدستور سن تشريعات بأثر راجعي في المواد الجنائيه. و قد نص الدستور المصري في مادته 188 على انه تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها و يعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذالك ميعادا آخر.كما قرر بالمادة 187 انه “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها و لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها.

وكذللك تنص الماده الخامسه من تقنين العقوبات علي “يعاقب علي الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها” فهذه القاعده نتيجه حتميه وامتداد طبيعي لمبدأ شرعيه الجرائم والعقوبات الذي يشكل ضمانه هامه لحمايه الحريه الفرديه للأنسان والذي يقضي منطوقه بأنه لا جريمه ولا عقوبه بغير نص، .فان لم يوجد هذا النص اعتبر السلوك مباحا.

ومن جهة أخرى، فالدستور الأردني و قانون العقوبات حددا متى ينفذ القانون الجديد بعد نشره في الجريدة الرسمية و المدة هي ثلاثين يوما من تاريخ نشره و اليوم الأول لا يحتسب.

و العبرة هي بوقت العمل بالقانون الجديد لا بتاريخ إصداره. و ينص الفصل الرابع من القانون الجنائي المغربي على انه لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن يعتبر جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه.

و يشير الفصل الخامس إلى انه لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لم يعد يعتبر جريمة بمقتضى قانون صدر بعد ارتكابه. فإن كان قد صدر حكم بالإدانة، فإن العقوبات المحكوم بها، أصلية كانت أو إضافية، يجعل حد لتنفيذها.

ومؤدي ماتقدم أن اشتراط أن تكون الافعال محل العقاب لاحقه للقانون الذي يعاقب عليها،و أنه لا يجوز أن يحكم علي شخص ارتكب جريمه بعقوبه أشد من التي كانت موضوعه لها وقت ارتكابها ،وان فعل القاضي غير ذلك عد هذا منه اهدار لقاعده عدم الرجعيه،ومن ثم مخالفه منه لمبدأ شرعيه الجرائم والعقوبات. نطاق تطبيق القاعد يتحدد نطاق تطبيق القاعده محل البحث بشرط اساسيين :

أولهما- أن يكون النص الجديد أشد من ألنص ألقديم ألذي وقعت الجريمه في ظله.

وثانيهما- ألا تكون معتبره من الناحيه القانونيه واقعه في ظل النص الجديد الأشد.

فمن ناحيه، تحديد نطاق تطبيق القاعده بطبيعه النص الجديد : فيتحدد بالنصوص المتعلقه بنصوص التجريم الأسوأ للمتهم، ويدخل في ذلك النصوص التي تنشئ الجرائم أوتعريفها، والتي تقرر العقوبات وتحددها، أو التي تشدد العقوبات القائمه، سواء بالنص علي عقوبه جديده أشد لذات الجريمه أو بالنص علي ظرف مشدد للعقاب يستمده المشرع من الظروف الماديه للجريمه نفسها،أو من ظروف ألجاني وحالته، وبصفه عامه كل ما شأنه أن يسئ الي مركز المتهم من ناحيه التجريم أو من ناحيه العقاب علي وجه من الوجوه،حتي ولو كان ذلك في صوره الغاء مانع من العقاب كان مقررا من قبل، أو تقيد مثل هذا المانع بقيود أو بشروط لم تكن موجوده من قبل.

وعلي ذلك لا تسري قاعده عدم الرجعيه علي النصوص الجنائيه الأصلح للمتهم،ولا علي النصوص الجديده التفسريه والتي لا تستهدف في الحقيقه غير مجرد توضيح نصوص سابقه، اذا تعتبر جزءا لا يتجزأ من القاعده الأصليه التي صدرت القاعده الجديده لتفسيرها في الحالات التي يكون فيها حكم هذه القاعده غامضان، أو موضوعا لتخبط المحاكم في تطبيقه بين تفسيرات متعدده ولا يحول دون ذللك كون النصوص التفسريه تقرير تفسيرا أشد علي المتهم مما كان يذهب اليه القضاء، ذللك لأن سريان التفسير الجديد علي الوقائع السابقه علي صدوره لا يعتبر خروجا علي مبدأ عدم الرجعيه لأن النص الذي يطبق هو في الواقع النص القديم الذي كان يحكم الواقعه حين ارتكبت والذي كان دور النص الجديد مجرد تفسيره.

فهو لا يضيف قواعد تجريم ولا يشدد العقاب الذي كانت تقرره القاعده السابقه، ويلاحظ أن العبره في وصف القانون بأنه تفسيري هو طبيعته وحقيقته بصرف النظر عن وصف المشرع له. ومن ثم اذا وصف المشرع قانونا بأنه تفسيري وتبين للقاضي أنه في حقيقته ليس كذللك، تعين عليه أن يخضعه لقاعده عدم الرجعيه، تأسيسا علي أنه ليس للمشرع ان يخالف هذه القاعده لا في صوره صريحه ولا مستتره باصدار قانون تفسيري يتضمن حكما جديدا أشد بوصف أنه تفسير لنص قديم .

ومن ناحيه ثانيه : ألا تكون الجريمه من الناحيه القانونيه مرتكبه في ظل القانون الجديد : فان كانت قد وقعت من الناحيه الزمانيه بعد العمل بذلك النص،سري عليها هذا الأخير، ولا يقال حينئذ ان في سريانه أثرا راجعيا محظورا .وبعباره أخري شرط تطبيق قاعده عدم رجعيه النص الأشد هو أن تكون الجريمه قد وقعت من الناحيه القانونيه في ظل القاعده القاديمه، فحينئذ تظل محكومه بتلك القاعده ،ولا تسري عليها القاعده الأشد بأثر رجعي.

يثير تطبيق هذه الشروط بعض الصعوبات نظرا لطبيعه الجريمه والتردد حول تحديد اللحظه الزمنيه التي تعتبر الجريمه وقعت فيها. ونبحث ذلك في مطلب مستقل.

كيفيه تطبيق قاعده عدم الرجعيه
لتطبيق قاعده عدم الرجعيه لا بد من التحقق من أمرين : أولهما: تحديد وقت العمل بالقانون الجديد. وثانيهما: تحديد تاريخ ارتكاب الجريمه .

أولا: تحديد وقت العمل بالقانون الجديد :
لتطبيق قاعده عدم الرجعيه بصفه عامه لابد من التحقق من تاريخ العمل بالقانون الجديد، اذ أن هذا التاريخ هو الفيصل في تحديد مجاله الزمني فما كان سابقا من الوقائع علي هذا التاريخ يخرج عن نطاق سلطانه، بعكس مايجئ فيه لا حقا. وتحديد وقت العلم بالقانون لا يثير صعوبه، اذاالمرجع فيهالي القواعد التي يقررها الدستور ، وفي ذللك ينص الستور المصري في الماده 188 علي “تنشر القوانين في الجريده الرسميه خلال اسبوعين من يوم اصدارها ويعمل بها من اليوم التالي لتاريخ نشرها الا اذا حددت لذللك ميعاد أخر”

ولكن ينبغي ان يلاحظ في هذا المقام أنه لا يعتبر قانونا جديدا القانون التفسيري لأنه لا يهدف الي تعديل التشريع القائم بل يقتصر علي تفسيره وايضاح معناه في ناحيه مختلف عليها، ومادام الامر كذللك فان القانون التفسيري يندمج مع القانون الاصلي ويصبح له نفس المجال الزمني ، وينبني علي ذللك أن القانون التفسيري ينطبق علي الوقائع السابقه علي تاريخ صدوره ابتداء من تاريخ نفاذ القانون الاصلي دون أن يكون في هذا اهدار لقاعده عدم الرجعيه،

وذللك بشرط الا يتضمن القانون التفسيري أحكاما جديده لا يتضمنها القانون الاصلي، والا فانه يتحد مع القانون الأخير، ويستقل بنطاقه الزمني الذي يبدأ من تاريخ نفاذه هو، أي يعامل القانون التفسيري في هذه الحاله معامله القانون الجديد ولا يجوز سريانه بأثر رجعي.

ثانيا : تحديد تاريخ ارتكاب الجريمة :
هناك بعض الجرائم التي لا يثير تحديد وقت ارتكابها أدنى صعوبة لأنها ترتكب و تتم في لحظة واحدة من الزمان. فمن يطلق النار على غريمه فيخر على الفور صريعا، لا يتردد أحد في تحديد وقت ارتكاب الجريمة لأنها تبدأ و تتم في لحظة زمني فتحديد وقت ارتكاب الجريمة خلال سريان النص الجنائي لا يثير صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية،

فالفعل يبدأ و ينتهي خلال فترة زمنية وجيزة  واحدة، فالصعوبة تظهر في تلك الجرائم التي يتراخى أمدها في التنفيذ، تلك الجرائم التي استقر العرف على تسميتها بالجرائم الزمنية لانطوائها على عنصر زمني يباعد بين الفعل و النتيجة في أغلب الأحوال و هي ما يعرف بالجرائم المستمرة كإخفاء الأشياء المسروقة، و الحبس بدون وجه حق ووضع جرعات من السم على فترات زمنية متباعدة، الهدف منها قتل الشخص أو المريض بعد مدة ما…الخ.

و هناك ملاحظة هامة مؤداها أن الاتفاق الجنائي على الجرائم المستمرة أو المتتابعة يطبق عليه القانون الجديد و لو كان أشد على المتهم، طالما أن الجريمة المستمرة قد وقعت بعد العمل به من جهة أخرى ظهرت ثلاث نظريات بخصوص تحديد وقت ارتكاب الجريمة :

نظرية السلوك:طبقا لهده النظرية تكون العبرة في تحديد وقت الجريمة بوقت إتيان السلوك.

نظرية النتيجة: طبقا لها تكون العبرة بوقت وقوع النتيجة، والجريمة تعتبر مرتكبة فقط في ذلك الحين.

نظرية مختلطة: لا تعتد بالفعل أو النتيجة أيهما فقط، بل تعتد بهما معا، ارتكاب الفعل و أحيانا أخرى بوقت وقوع النتيجه
و هناك نوع آخر من الجرائم تسمى الجرائم الاعتياد، أي التي يتكون ركنها المادي من وقوع الفعل المعاقب عليه أكثر من مره واحده، بحيث اذا وقع مره واحده فانها لا تقوم ، مثل جريمه الاعتياد علي الربا الفاحش ، ويري الاستاذ الدكتورحسن ربيع: بأن الصحيح هو وجوب أن تتكرر الأفعال المعاقب عليها في ظل القانون الجديد الأسوأ للمتهم حتي يمكن أن تدخل في الاعتبار عند القول بتوافر ركن الاعتياد المطلوب، فلا يكفي وقوع الفعل مره واحده في ظله ، حتي ولو كان قد تكرر علي النمط الذي يريده المشرع في ظل القانون الجديد.

لأن وصف التجريم لا ينطبق الا علي مجموع الافعال التي بها يتكون معني الاعتياد.

وحين يصدر قانون جديد يعتبر المجرم عائدا الي الاجرام بناء علي جرائم ارتكبها قبل صدور هذا القانون، ولم تكن من قبل صالحه لاعتبارها عنصرا في العود،فا الراجح في هذه الحاله خضوع المتهم العائد لهذا القانون الجديد دون أن يكون في ذلك خروج علي قاعده عدم رجعيه قانون العقوبات، لأن الجاني كان علما بالنتائج المشدده التي ستحيق به اذا هو ارتكب جريمه جديده بالاضافه الي جرائمه السابقه، ويصدق ذللك أيضا علي حاله تعدد الجرائم اذا تقرر حكم جديد لهذا التعدد ووقت جريمه من الجرائم المتعدده بعد العمل بهذا القانون.

ويلاحظ أن تحديد تاريخ الواقعه مسأله موضوعيه تتوقف علي أدلتها، ولا رقابه فيه لمحكمه النقض علي محكمه الموضوع بشرط ان تبني هذه الأخيره رأيها علي ما قد تشير به ظروف الدعوي ووقائعها،أما اذا بني هذا التاريخ علي اعتبارات قانونيه أو افتراضيه الي دائره الأمور القانونيه التي لمحكمه النقض حق الرقابه عليها.

رجعيه القوانين الأصلح للمتهم
تمهيد وتقسيم
المبدأ بالنسبة لقواعد القانون الجنائي هو عدم رجعية القوانين و هو يعد من النتائج المباشرة لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات الذي يشكل ضمانة هامة لحماية الحرية الفردية للمواطن و الذي يقضي منطوقه بسريان القانون الذي يحكم الجرم وقت ارتكابه، لكنه بالنظر إلى أن هذه القاعدة قد تقررت فقط لمصلحة الفرد و صيانة لحريته فان المنطقي هو جواز سريان النص الجديد بأثر رجعي إذا كان هذا النص أصلح للمتهم.

فقد نص المشرع في الفقره الأولي من الماده (5)من قانون العقوبات علي أن ” يعاقب علي الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها ” ومع هذا اذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره ” ومؤدي هذا النص أنه اذا كان القانون اصلح للمتهم فانه يسري بأثر رجعي، أي ينطبق علي الوقائع التي ارتكبت قبل نفاذه علي الرغم من أن الأصل ، وفقا لقاعده عدم الرجعيه كان يستلزم تطبيق القانون الذي كان نافذا وقت ارتكابها، بمعني أنه اذا كان القانون الجديد يوجد من حيث التجريم أو العقاب، مركزا أو وضعا أصلح للمتهم علي وجه من الوجوه، فانه هو الذي يطبق في هذه الحاله ومن ثم يستبعد النص الذي كان نافذا وقت ارتكابه للجريمه ، أي يكون للقانون الأصلح للمتهم سلطان ممتد الي وقت لم يكن ساريا فيه ،اذا يرتد في أثره الي وقت ارتكاب المتهم لجريمته .

بالنسبة للتشريع الجزائري بعد أن نصت المادة الثانية من قانون العقوبات على قاعدة عدم رجعية قوانين العقوبات، استثنت فيما بعد القوانين التي تكون أقل شدة بالمتهم بمعنى أن قانون العقوبات إذا كان أصلح للمتهم، فانه ينطبق على أفعال وقعت قبل نفاذه و يستبعد بالتالي القانون الذي كان ساريا وقت وقوع الفعل الجنائي.

و نص المادة الرابعة من القانون الجنائي السوداني فإنه في حالة الجرائم التي لم يصدر فيها حكم نهائي تطبق أحكام هذا القانون إذا كان هو الأصلح للمتهم. في التشريع المغربي و في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول، بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها، يتعين تطبيق القانون الأصلح للمتهم .

وقد اشترطت الفقره الأولي من الماده (5) من قانون العقوبات المصري “لتطبيق القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي أن يصدر هذا القانون قبل الفصل في الواقعه بحكم نهائي أي البات .

كما تناوات الفقره الثانيه من نفس الماده المذكوره حاله صدور هذا القانون بعد الحكم النهائى فنصت علي أنه ” واذا صدر قانون بعد الحكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم علي المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي أثاره الجنائيه ”

و بناءا على هذا فان نص الماده (5) يحدد لنا حالتين لتطبيق القانون الأصلح علي المتهم

الأولي : حاله صدور حكم اصلح للمتهم قبل الحكم النهائي .

والثانيه : حاله صدور حكم اصلح بعد صدور حكم نهائي . تتطلب معالجه هذه القاعده استعراض ماهيتها ودعائمها من ناحيه ، وشروط تطبيقها من ناحيه ثانيه ، والقيد التشريعي علي تطبيقها من ناحيه ثالثه، وذلك كله علي التفصيل الأتي :

ماهيه القاعده ودعائمها
مؤدي القاعده هو أن النص الجديد المتعلق بالتجريم والعقاب يسري،ليس فقط علي مايقع في ظله من جرائم وفقا للأصل العام ،وانما كذلك علي الجرائم التي وقعت قبل بدايه العمل به،طالما لم يفصل في الدعاوي الناجمه عنها بحكم بات ، وطلما كان النص الجديد يفيد المتهم أكثر من النص القديم،أو يضعه في مركز أفضل مما لو طبق عليه النص القديم .

وقد نصت علي هذا صراحه الفقره الثانيه من الماده الخامسه من قانون العقوبات. فبعد أن قررت الفقره الأولي مبدأ العقاب علي الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها- أي عدم تطبيق النصوص الجديده عليها بأثر رجعي- أردفت قائله ” ومع هذا،اذا صدر وقوع الفعل ، وقبل الحكم فيه نهائيا، قانون أصلح للمتهم ،فهو الذي يتبع دون غيره “.

وتبرير هذه القاعده ، يرجع الي اعتبارات متعلقه بالعداله واعتبارات متعلقه بمصلحه كل من المجتمع والفرد. فالعداله تقضي افاده المتهم من النص الجديد الأصلح، حتي لا يحدث خلل بميزان العقاب حينما يظل الجاني خاضعا للنص القديم الأشد ، بينما يخضع مرتكب ذات الفعل بعد العمل بالقانون الجديد الأصلح لهذا القانون الجديد، فيتفاوت بذللك مصير كل منهما ،رغم تطابق فعليهما .

ومصلحه المجتمع تقتضي تنفيذ السياسه الجديده في التجريم والعقاب- بما تعكسه من تغير في القيم كما يعبر عنها النص الجديد – ليس فقط علي مرتكبي الجرائم الجديده ، وانما كذلك علي من لم تنته بعد محاكماتهم عن جرائم ارتكبت في ظل النص القديم . وللفرد مصلحه مؤكده في تطبيق النص الجديد الأصلح بأثر رجعي عليه ولا خطر من ذلك علي حريته الفرديه ،لأن عله حظر الأثر الرجعي لا تقوم اذا كان النص الجديد أصلح .

ولأعمال حكم القاعده التي تقرر سريان القانون الجديد علي الماضي اذا كان هذا القانون أصلح للمتهم،فانه ينبغي التحقق من أفضليه القانون الجديد للمتهم. ويتسني تحقيق ذللك عن طريق المقارنه بين حكم القانون القديم وحكم القانون الجديد،وهي مسأله موضوعيه تدخل ضمن السلطه التقدريه لقاضي محكمه الموضوع حيث يقدر ذللك مسترشدا بمعايير معينه .

شروط تطبيق القاعدة
يبين نص الفقره الثانيه من الماده الخامسه من قانون العقوبات أن المشرع تطلب شرطين لتطبيق قاعده رجعيه النص الجديد الأصلح للمتهم :الأول- يتعلق بصدور النص الجديد قبل صدور الحكم نهائيا علي المتهم ، والثاني – يتعلق بطبيعه النص الجديد وهو أن يكون اصلح للمتهم .

الفرع الأول: صدور النص الجديد قبل الحكم نهائيا علي المتهم :
ينطوي هذا الشرط علي شقين ،يتعلق أولهما بصدور النص – وثانيهما بتوقيت صدوره . فمن ناحيه : لا يسري النص الجديد بأثر رجعي الا اذا كان قد مر بالفعل بمرحله الاصدار ، وفقا اللأجراءات المتبعه في اصدار التشريع كما يحددها الدستور، أي يكفي أن يكون رئيس الدوله قد أصدر النص الجديد تمهيدا للعمل به.

ويكتفي المشرع في هذا الصدد بمحض الاصدار : فلا يلزم لرجعيه النص الجديد الاصلح للمتهم أن يكون قد تم نشره في الجريده الرسميه، ولا حتي أن يكون قد بدأ العمل به وفقا لقواعد نفاذ القوانين . ولهذا التعجيل بافاده المتهم من النص الأصلح بمجرد اصداره ما يبرره، اذ لا مصلحه في ارجاء ذلك .

من ناحيه ثانيه : يلزم أن يكون صدور النص الأصلح في تاريخ سابق علي صيروره الحكم في مواجهته نهائيا. ومن المستقر عليه أن المقصود في هذا الصدد هو الحكم البات وليس مجرد الحكم النهائي – فهذا الأخير هو الذي استنفذ طرق الطعن العاديه ، وان ظل قابلا للطعن فيه بالطرق غير العادي وهو النقض. أما الحكم البات فهو الذي استنفذ طرق الطعن العاديه والنقض معا ،وبذلك يصبح غير قابل للألغاء.

مؤدي ذلك انه يكفي ويلزم ان يصدر النص الجديد في أي لحظه قبل أن يصبح الحكم باتا ، فقد يصدر في مرحله التحقيق أو في مرحله المحاكمه قبل صدور حكم في الموضوع ، وأثناء الميعاد أو ثناء نظر الطعن أمام المحكمه المختصه ، حتي لو كانت هذه الأخيره هي محكمه النقض . فطالما لم يصبح الحكم باتا بانقضاء مده الطعن أو الفصل فيه بالفعل يستفيد المتهم من النص الجديد الأخف، ويتعين علي محكمه النقض ذاتها انزال هذا النص علي الواقعه المعروضه أمامها.

ومع ذلك ، فان المشرع بعد أن وضع هذا الشرط المتعلق بتوقيت النص الجديد ، عاد ليضع في الفقره الثانيه من الماده الخامسه استثناء عليه والتي تنص علي أنه “واذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم علي المجرم من أجله غير معاقب عليه ، ويوقف تنفيذ الحكم وتنتهي أثاره الجنائيه “.

ومؤدي ذلك أن المتهم يستفيد من تطبيق النص الجديد الأصلح ولو كان صدوره لاحقا علي الحكم البات في حاله وحيده وهي عندما يكون النص الجديد قد جعل الفعل غير معاقب عليه ، أي قرر سندا قانونيا يترتب علي تطبيقه علي الجاني افلاته من العقاب،وليس مجرد خفيضه عليه .

ويختلف تأثير النص الأخف بالمعني السابق علي مصير المحكوم عليه بحكم بات تبعا لما اذا كان قد بدئ في تنفيذ عقوبته أم لا : فاذا لم يكن التنفيذ قد بدأ ،أصبح من غير الممكن اتخاذ أي اجراء من اجراءات التنفيذ ، كما لو كان المحكوم عليه بالحبس لم يودع السجن أو المحكوم عليه بالغرامه لم يدفع أي جزء منها. واذا كان التنفيذ قد بدأ بالفعل ، بسلب الحريه أو بتحصيل الغرامه مثلا ، يوقف التنفيذ فورا ، ويخلي سبيل المحبوس او يوقف تحصيل الغرامه.

واذا كان الحكم ينتج أثرا قانونيا محددا ، كاعتباره سابقه في العود، أو أساسا للحرمان من حق أو ميزه معينه ، تنتهي هذه الأثار فورا ، وهكذا.

الفرع الثاني: اعتبار النص الجديد أصلح للمتهم :
لا يسري النص الجديد علي جريمه وقعت قبل العمل به الا اذا كان ذلك النص أصلح للمتهم ، وهو ما يثير مشكله تقدير ما اذا كان النص الجديد أصلح أم أسوأ في مواجهة المتهم. وقد اكتفي المشرع بتقرير سريان النص الأصلح بأثر رجعي ولم يضع معايير مباشره ىلتقدير ما اذا كان النص أصلح أم لا. وثمه عده ضوابط استخلصها الفقه والقضاء في هذا الصدد ، يتوقف تطبيقها علي ما اذا كانت المقارنه تجري بين نصين أحدهما بكامله أشد والأخر بكامله أخف ،أو كان النص الجديد يتضمن أحكاما فرعيه بعضها أخف والأخر أشد ،أو كانت هناك عده نصوص متعاقبه منذ لحظه وقوع الجريمه ،وذلك كله علي التفصيل الأتي :

1- التميز بين نصين أحدهما أشد والأخر أخف :

النص الجديد يكون أخف أو أصلح للمتهم،ومن ثم يطبق عليه بأثر رجعي ،اذا كان ينشئ له وضعا أفضل، مما كان يضعه فيه النص القديم،أو كان يبعد عنه مخاطر ذلك النص، أو يضيق من دائره تلك المخاطر. وفي مقابل ذلك،يكون النص الجديد أشد أو أسوأ للمتهم ومن ثم يمتنع تطبيقه بأثر رجعي ، اذا كان يضع المتهم في موقف أسوأ أو يعرضه لمخاطر أشد.

وهكذا يتطلب التعرف علي ما اذا النص الجديد أصلح للمتهم أم لا قيام القاضي باجراء موازنه بينه وبين النص القديم الذي وقعت الجريمه في ظله ، ومن البديهي أن تلك الموازنه عمل قضائي لا شأن للمتهم به . ومن البديهي كذلك أن الموازنه تجري بالنظر الي الأثار الجنائيه التي يرتبها قانون العقوبات دون غيره من فروع القانون: فالنص الأصلح هو الذي يضع المتهم ، تطبيقا لأحكام قانون العقوبات ، في مركز،أفضل،ولو كانت هناك أثار مدنييه أو اداريه أو تأديبيه شديده الوطأه عليه .

تطبيقات

لمعرفه اذا كان وضع المتهم أفضل أو أسوأ في ظل النص الجديد يحسن التميز بين مجالي التجريم والعقاب.

في مجال التجريم

1- اذا الغي النص القديم ، أو ابقي عليه وقرر سبب أباحه الفعل الذي ارتكبه المتهم بعد تجريمه .

2- اذا قرر سبب من أسباب الاباحه ، أو مانعا جديدا من موانع المسئوليه، أو العقاب لم يكن مقرر من قبل . مثلا اعتبار القتل دفاعا عن المال دفاعا مشروعا بعد ما كان يعتبر جريمة. أو مثلا حيازة سلاح بدون ترخيص يصبح عملا غير مجرم في ظل القانون الجديد في حين انه مجرما في ظل القانون القديم.

3- اذا ترتب عليه تخفيف وصف التجريم، كأن يجعل الفعل المسند ألي المتهم مجرد جنحه ويرفع عنه وصف الجنايه الذي كان يسبغه عليه القانون القديم .

4-اذا أضاف الي الجريمه ركنا أو عنصرا جوهريا لاتقوم الا به ، اذا يترتب علي تطبيق القانون الجديد تبرئه المتهم باعتبار أن جريمته لم تتوافر لها جميع شرائطها القانونيه .

في مجال العقاب

اذا كانت القوانين التي تلغي الجرائم أو التي توجد لها وجها للأعفاء علي النحو السابق بيانه لا تثير صعوبه في تحديد القانون الأصلح للمتهم ، الا في الأمر علي خلاف ذلك بالنسبه للقوانين التي يقتصر أثرها علي تخفيف العقاب عما كان مقررا في قانون سابق، اذ يتعين عندئذ معرفه ما اذا كان القانون الجديد هو حقيقه يقرر للسلوك نفسه عقابا اخف علي المتهم من القانون القديم، لأنه اذا كان كذلك فهو دون شك أصلح للمتهم من ذلك القانون القديم .

ويمكن المقارنه بين العقوبه الوارده في القانون القديم وتلك التي أتي بها القانون الجديد وفقا للقواعد الأتيه :

1-ينظر أولا الي مدي اختلاف العقوبتين من حيث النوع : عقوبات الجنايات أشد من عقوبات الجنح ، وعقوبات الجنح أشد من عقوبات المخلفات . ويمكن معرفه مدي شده العقوبات وفقا لهذا الضابط بالرجوع الي سلم العقوبات علي النحو الذي رتبها به القانون في المواد 10و11و12 من قانون العقوبات وعلي ذلك فيلزم في العقوبه لا عتبارها أخف أن تكون من حيث النوع تاليه في سلم العقوبات لتلك التي كانت مقرره في القانون السابق كأن يجعلها من عقوبات الجنح بعد أن كانت من قبل من عقوبات الجنايات ، أو أن يجعلها من عقوبات المخالفات بعد أن كانت من عقوبات الجنح ، مع ملاحظه أن العبره في تحديد العقوبه الأخف ليست بالمده التي قد تصل اليها، وانما العبره في ذلك بنوعها .

2- عند اتحاد العقوبتين في النوع، تكون العقوبه أخف أو أشد تبعا للمرتبه التي وضعها فيها المشرع بالقانون، الأمر الذي يكون موضوع المواد 10 و11 من قانون العقوبات .

فالماده (10) ذكرت عقوبات الجنايات مرتبه اياها ترتيبا تنازليا من اعقوبه الأشد الي الأخف، فنصت علي عقوبات الاعدام ،فالأشغال اشاقه المؤبده ،فالأشغال الشاقه المؤقته ، فالسجن . والماده (11) فعلت المثل بعقوبات الجنح فذكرت الحبس ثم الغرامه التي يزيد مقدارها علي مائه جنيه .

وعلي ذلك، فمثلا لو كان القانون القديم يقرر للجريمه عقوبه الاعدام ثم جاء القانون الجديد مقررا لها عقوبه الأشغال الشاقه المؤبده فانه يكون بلا شك اصلح للمتهم من القانون القديم رغم أن العقوبتين من العقوبات المقرره لنوع واحد من الجرائم وهو الجنايات .

3-اذا اتحدت العقوبتان في النوع والدرجه ،كما لو كانتا سجنا مشددا او سجنا أو حبسا أو غرامه في النصين محل المقارنه، فأشدهما هو ما يتضمن قدرا أكبر من الايلام العقابي ، أي مده أطول من سلب الحريه ،أو مبلغا أكبر من الغرامه . فمن البديهي أن الحبس لثلاث سنوات كحد أقصي أخف من الحبس الذي لا يزيد عن ست سنوات .

4- اذا اتحدت العقوبتان في النوع والتدرج والحكم ، يلجأ الي الاعتبارات الاضافيه التي استحدثها أو حذفها النص الجديد : فاذا أتي النص الجديد بعقوبه تبعيه أو تكميليه لم يكن يأخذ بها النص القديم ، كمصادره أو عزل من الوظيفه أو حرمان من حق ، كان بداهة بصا أشد. وفي مقابل ذلك، اذا حذف مثل هذا النص الايلام العقابي الاضافي الذي كان معمولا به في ظل النص القديم اعتبر نصا أخف .

ومن البديهي كذلك أن النص الذي يضيف الي عقوبه الحبس _كما كان يأخذ بها النص القديم- عقوبه الغرامه، يعد نصا أشد.

5-يكون القانون الجديد أصلح للمتهم اذا كان يقرر للفعل تدبيرا احترازيا بدلا من العقوبه، وذلك سواء تعلقت هذه التدابير بالأحداث او بالبالغين، فالارسال ألي دار رعايه الأحداث أصلح بلا شك للحدث من الحبس بغض النظر عن المده في كل منهما ، وأيداع المجرم البالغ في احدي منشأت الدفاع الاجتماعي ، أصلح له من الايداع في أحد السجون العاديه وفاء للعقوبه السالبه للحريه كالسجن أو الحبس،ذلك لأن المفروض في تدبير الدفاع الاجتماعي أنها مقرره لمصلحه المجرم والمجتمع معا .

2- شمول النص الجديد أحكاما أشد وأخري أخف .

قد يأتي النص الجديد بتعديل مزدوج فيكون في شق معين أشد،وفي شق أخر أخف . فكيف تجري الموازنه بينه وبين النص القديم؟ للأجابه يتعين التميز بين ما اذا كانت تللك الأحكام قابله للفصل بينهما أم لا .

أولا : حاله قابليه الأحكام للفصل بينها :

إذا كانت الأحكام الأشد والأخري الأخف في النص الجديد قابله للفصل بينها،أي يمكن تطبيق كل منها استقلالا عن لأخري ، فان كلا منها يخضع للقاعده الخاصه به : فالحكم الأشد لا يسري بأثر رجعي،وانما يطبق فحسب بأثر فوري علي ما يقع بعد العمل به ، والحكم الأخف يسري بأثر رجعي علي الماضي .

وتطبيقا لذلك ، اذا تضمن النص الجديد تشديد العقوبه علي المتهم العائد الي الأجرام وسمح في ذات الوقت بايقاف التنفيذ أو هبط بحدها الأقصي في مواجهة المتهم المبتدئ، طبق الشق الأخير بأثر رجعي وامتنع تطبيق الحكم الأول علي من اعتبروا عائدين وفقا للنص القديم .

ثانيا : حاله عدم قابليه الأحكام للفصل بينهما :

يدق الأمر في اجراء الموازنة بين النصين ، اذا كان النص الجديد يجمع بين التشديد والتخفيف علي نحو يتعذر معه الفصل بين الشقين : فهو من زاويه أشد ولكنه من زاوية أخري أخف.

ومن أمثله ذلك أن يرتفع النص الجديد بالحد الأقصي للعقوبه ولكنه يهبط في ذات الوقت بحدها الأدني. فعلي سبيل المثال ، قد تكون العقوبه في النص القديم السجن من ثلاث الي خمس عشرة سنه ، وتصبح في القانون الجديد من خمس الي عشره فقط .

فالقانون الجديد في هذا الفرض أخف من زاوية هبوطه بالحد الأقصي ولكنه في ذات الوقت أشد من زاويه ارتفاعه بالحد الأدني. فكيف تجري الموازنه بين النصين في هذا الصدد ؟

اللأجابه علي هذا التساؤل، فذهب جانب من الفقه الي القول بأن العبره تكون بتخفيف الحد الأقصي دائما، لأنه يمثل أخر ما قد يهدد المتهم من تشديد العقاب الذي يخشي أن يوقع عليه – فالقانون الذي يتضمن حدا أقصي أقل من غيره يكون هو الأصلح للمتهم ولو كان يقرر لها حد أدني أعلي .

والراجح في الفقه،لا ينظر الي شق التخفيف وحده ،ولا ينظر الي شق التشديد وحده،انما يلجأ الي طريقه التقدير الواقعي .

وبعباره أخري ينظر الي انطباق النص علي الحاله الواقعيه، وعلي المتهم بلذات ويستبعد التقدير المجرد الذي يتناول النص من الناحيه النظريه .

فاذا كان من شأن تطبيق النص الجديد المركب علي المتهم بالذات ،مع الأخذ في الاعتبار ظروفه دون غيره ، أن يوضع ذلك المتهم في موضع أفضل، أو أن يستفيد من تساهل لم يكن يسمح به النص القديم ، فان ذلك النص يعد أصلح في مواجهة ذلك المتهم.

وفي مقابل ذلك، اذا كان من شأن النص الجديد، واقعا علي متهم أخر بالذات،أن يصبح في موضع أسوأ، فذلك النص أشد بالنسبه له ويمتنع سريانه بأثر رجعي،ولو اعتبر ذات النص أخف في مواجهة متهم أخر.

ثالثا: تعاقب عده قوانين منذ لحظه وقوع الجريمه:
حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.
إذا صدر تشريعا لتفسير فقط بعض العبارات أو النصوص في القانون القديم فإن ذلك التشريع الجديد يسري بأثر رجعي يمتد لتاريخ صدور القانون القديم، وذلك لأن التشريع التفسيري ليس إلا موضحا للنصوص القديم فهو مكمل لها وكأنه جزء منهن، فالتفسير التشريعي هو التفسير الذي يصدر عن المشرع نفسه، حيث يتدخل لتفسير المقصود من قاعدة قانونية معينة سبق أن أصدرها. فالنص المفسر جزء لا يتجزأ من النص الذي تم تفسيره و يشكلان تكليفا واحدا.

لا يعتبر إصدار القوانين أو النصوص التفسيرية إصدارا لقانون جديد لأنها تتحد مع القانون الأصيل في نفس النطاق الزمني و بهذا ينسحب العمل بها إلى تاريخ ذاك القانون الأصيل الذي صدرت تفسيرا له.

و هكذا لا يجب أن يعتبر تطبيق القانون التفسيري على وقائع سابقة خروجا على مبدأ – عدم الرجعية- طالما أن القانون التفسيري في انسحابه على الماضي لم يتجاوز وقت نفاذ القانون الأصيل الذي صدر تفسيرا له.

فالقاضي إذا وجد أن القانون التفسيري تضمن أحكاما جديدة لم يأت بها قانون سابق تعين عليه أن يخضعه لقاعدة عدم الرجعية .