بحث قانوني شامل عن السنــد لأمــر فـي ظــل القانـون التجـاري الجزائـري

الفصل الأول
التعريف بالسند لأمر وكيفية إنشاءه

المبحث الأول / التعريف بالسند لأمر

يمكن تعريف السند لأمر بأنه صك محرر و فق شكل معين حدده القانون تضمن تعهد بأن يدفع في مكان محدد مبلغا معينا من “Sou–SS–eur شخص يسمى ” المحرر
النقود في تاريخ معين أو قابل للتعيين أو بمجرد الإطلاع ، لأمر شخص أخر اسمه ” المستفيد” .
ويحرر السند لأمر عادة على الشكل التالي :

سند لأمر
4000 د.ج
بموجب هذا السند ولدى مرور ستة أشهر من تاريخه ندفع في الجزائر العاصمة لأمر السيد
بن بركة ميلود المبلغ المرقم أعلاه وقدره أربعة آلاف دينار جزائري لا غير.
السنوسي أحمد
حي أولاد احمد –الوادي-
الوادي في : 15 /03/ 2008

يتضح من ذلك أن السند لأمر يلتقي مع السفتجة في كونه محرر شكلي يتضمن التزاما بدفع مبلغ معين من النقود ، كما أن سحبه و تظهيره ، على غرار سحب السفتجة و تظهيرها ، لا يؤديان إلى انقضاء الإلتزام الأصلي بين أطرافه ، بل يبقى هذا الإلتزام قائما إلى جانب الالتزام الصرفي الناشئ عن التوقيع على أي من السندين المذكورين ، ويصدق هذا القول في حالة سقوط حق الرجوع الصرفي لعلة الإهمال أو التقادم ، فإن ذلك لا يحول دون التجاء الدائن إلى دعوى العقد الأصلي السابق على سحب السند أو تظهيره .
لكن السند لأمر يختلف عن السفتجة في كونه يرد بصيغة التعهد بالوفاء لا الأمر بالدفع كما انه يتضمن إنشاء علاقة بين شخصين فقط هما محرر السند ( الساحب) وهو المدين الأصلي به شأن في ذلك شأن القابل في السفتجة ، أي أن محرر السند لأمر يجمع في شخصه بعضا من صفات المسحوب عليه القابل و بعضا من صفات الساحب في السفتجة و المستفيد وهو الدائن في الالتزام ، و يتفرع عن ذلك أنه لا مجال للقبول في السند لأمر لأن محرره هو الذي يلتزم بوفائه ، ولا وجود لمقابل الوفاء الذي يشكل دين الساحب حيال المسحوب عليه. 1

المبحث الثاني/ إنشاء السند لأمر

يخضع إنشاء السند لأمر لتوافر نوعين من الشروط : شروط موضوعية و شروط شكلية .

المطلب الأول/ الشروط الموضوعية .

إصدار السند لأمر تصرف قانوني بإرادة منفردة ، وبوصفه كذلك ، يتعين لانعقاد هذا التصرف صحيحا أن تتوافر له الشروط الموضوعية اللازمة لصحة إبرام التصرفات القانونية العامة و هي الأهلية و الرضاء و المحل والسبب.

الفرع الأول : الأهلية:

تعرف الأهلية بأنها الصلاحية للقيام بالأعمال و التصرفات القانونية التي يترتب عليها كسب الحقوق أو التحمل بالالتزام .
وحيث أن الالتزام الصرفي الناشئ عن التوقيع على السند لأمر يعتبر عملا تجاريا من حيث الشكل ، لذلك يجب أن تتوافر في الموقع على هذا السند الأهلية التجارية ، و لما كانت التجارة من أعمال التصرف ، فإن الأهلية اللازمة لمزاولتها هي أهلية الأداء ، و تتوافر هذه الأهلية لكل جزائري ، ذكرا أم أنثى ، أتم تسعة عشرة سنة دون أن يعتريه عارض من عوارض الأهلية كالجنون و العته و السفه والغفلة ، و يستفاد هذا الحكم من تحديد القانون المدني ( المادة 40 ) لسن الرشد بتسعة عشرة سنة كاملة دون تفريق بين المواد المدنية و المواد التجارية.
لكن المشرع التجاري ، سعيا منه وراء مساعدة الشخص القاصر بالتدرب على أعمال التجارة التي يعد نفسه للاشتغال بها بعد بلوغه سن الرشد ، قد أجاز للمذكور مزاولة التجارة في بعض الحالات ، وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة من القانون التجاري بقولها :”لا يجوز للقاصر المرشد ذكرا أم انثى ، البالغ من العمر ثمانية عشرة سنة كاملة و الذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في العمليات التجارية ، كما لا يمكن إعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يمكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه من المحكمة ، فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت عنه سلطته الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة انعدام الأب أو الأم.”
يستفاد من هذا النص أن القاصر ذكرا أم أنثى لا يستطيع مزاولة التجارة إلا بشرطين هما :
أولا – أن يكون قد أتم الثامنة عشرة من عمره .
ثانيا – أن يكون قد حصل مسبقا على إذن من والده أو من أمه إذا كان الولد متوفى أو غائبا أو استحال عليه مباشر?ا كما لو كان سجينا ، وفي حالة وفاة الأب أو الأم يكون الإذن بقرار من مجلس العائلة مصدق عليه رئيس المحكمة.
و الحكمة التي ابتغاها المشرع من توفر الشرط الثاني ترجع إلى أن التجارة تعرض من يزاولها لمخاطر كثيرة وتستتبع مسؤوليات ضخمة يخشى فيها على أموال القاصر كلها ، فعلق مباشرتها على هذا الإذن . 2

الفرع الثاني : الرضا:

عرف البزدري الرضا على أنه :” امتلاء الاختيار و بلوغه نهايته ‘ بحيث يفضي أثره إلى الظاهر من ظهور البشاشة في الوجه “.
إن الالتزام الصرفي بالسند لأمر و بكل سند تجاري ، و المترتب على إنشائها أو قبولها أو ضمانها أو تظهيرها ، يشكل عملا قانونيا يستلزم أن تتجه إرادة صاحبه إلى قيامه ، و إذا كان الالتزام الصرفي يعتبر التزاما شكليا ، فإن هذه الشكلية لا يمكنها أن تحجب دور هذه الإرادة في نشؤ هذا الالتزام ، و التعبير عن إرادة الملتزم بالسند التجاري يتخذ مظهرا ماديا هو التوقيع عليه ، لكن الساحب أو المظهر يلتزم بالسند لأمر لأنه ارتضى أن يلتزم به ، و لكي يكون رضا الملتزم بالسند لأمر منتجا لأثره من الوجهة القانونية ، يجب أن يكون صادرا عن إرادة حرة أي يجب أن تكون خالية من العيوب القانونية كالغلط والإكراه والتدليس ، فالساحب الذي يلزم بتحرير السند لأمر وهو مكره يجوز أن يتمسك ببطلان التزامه تجاه المستفيد إذا كان هذا الأخير هو من صدر عنه الإكراه أو كان على علم به ،أما إذا تم تداول السند لأمر و انتقل على حامل بالتظهير فعندئذ لا يستطيع الساحب التمسك بالبطلان تجاه هذا الحامل إلا إذا كان سيء النية ، أي يعلم بالعيب الذي شاب إرادة الساحب ، أما الحامل الحسن النية الذي لا يعلم بالإكراه الذي حصل للساحب ، فلا يجوز الاحتجاج إزاءه هذا العيب عملا بمبدأ تطهير الدفوع ، فالتظهير الذي وقع لصالح هذا الحامل ترتب عليه تطهير الالتزام السابق من العيب الذي أفسده .

الفرع الثالث : المحل والسبب:

المحل في السند لأمر ينحصر دائما بأداء مبلغ معين من النقود ، ولهذا فإن المحل لن يكون مستحيلا و لا مخالفا للنظام العامة أو الآداب العامة ، بل ممكن و مشروع طالما أنه ينصب على مبلغ نقدي ، ولا أهمية للقيمة بالسند لأمر فقد تكون مبلغا كبيرا أو صغيرا.
أما سبب الالتزام في السند لأمر فيشترط أن يكون موجودا ومشروعا ، فوجود سبب الالتزام بالسند لأمر يتمثل في العلاقة القانونية الأصلية التي تربط بين الساحب و المستفيد ، فالساحب يلتزم صرفيا لأنه أصبح بمقتضى العلاقة القانونية مدينا للمستفيد ، ومن أجل إبراء ذمته من هذا الدين حرر السند لأمر لصالح الأخير و إنعدام وجود السبب في هذه العلاقة يستتبع زوال سبب التزام الساحب بالسند لأمر ، فلو أن الساحب حرر سند لأمر لصالح المستفيد بثمن البضاعة التي اشتراها منه ثم إنقسخ عقد البيع لهلاك البضاعة قبل تسليمها نتيجة قوة قاهرة ، فله الحق أن يدفع ببطلان إلتزامه الصرفي لعلة إنعدام سبب هذا الالتزام ، ولم يشترط القانون ذكر سبب الالتزام بالسند لأمر ، لذلك يعتبر من البيانات الاختيارية التي يمكن أن ترد في السند لأمر ثم إذا إختلف سبب الالتزام المذكور في السن لأمر عن الحقيقة فإن ذلك لا يجعل من هذا السند باطلا متى كان هناك سبب حقيقي مشروع.أما مشروعية سبب الالتزام بالسند لأمر فتتمثل بالباعث الدافع للساحب على تحري هذا السند إلى المستفيد ، فلو سحب شخص سند لأمر لصالح شخص آخر وفاء لثمن بيع مترل للدعارة أو وفاء لدين قمار ، لبطل إلتزام الساحب لعدم مشروعيته ، لكن إذا كان المبدأ أنه لا يشترط لصحة السند لأمر ذكر سبب الالتزام بها ، فإن ذكر مثل هذا السبب يقتضي التحقق من مشروعيته.

المطلب الثاني/ الشروط الشكلية.

السند لأمر محرر مكتوب وهو في العادة سند عادي ، لكن ليس هناك ما يمنع من أن يتم تحريره لدى الموثق فيصبح سندا رسميا ، و إن كان ذلك نادرا عملا نظرا لما يتطلبه تنظيم السند بهذه الصورة من وقت و نفقات .
و قد اوجب القانون أن يفرغ السند لأمر في محرر مكتوب يتضمن مجموعة من البيانات الإلزامية يترتب على تخلف بعضها بطلان الصك المحرر كسند لأمر ، إلا أنه إلى جانب البيانات الإلزامية قد يتضمن السند لأمر بيانات أخرى يتفق الموقعين عليها تسمى البيانات الاختيارية .

الفرع الأول : شرط الكتابة :

إن شرط الكتابة لم يتقرر صراحة في النصوص القانونية ، لكن أحدا لا يشك بأن المشرع قد جعل من هذه الكتابة شرطا إلزاميا لصحة السند لأمر ، فضرورة احتواء السند لأمر على عدة بيانات قضى القانون بلزوم توافرها ?ا تحت طائلة البطلان وطريقة تداول هذا السند و انتقاله ، و مسألة التثبت من إرادة الملتزمين صرفيا ، أمور كلها تستدعي الحاجة لوجود أداة مادية تستطيع تحقيق هذه الأغراض و لاشيء خير من الصك المحرر للقيام بهذه المهمة ، و الكتابة هنا ليست شرطا لصحة انعقاد السند لأمر فقط بل أنها شرط لإثباها أيضا ( 3 ) ، بمعنى أنه لا يجوز إثبات السند لأمر بالبينة ( شهادة الشهود) أو اليمين أو القرائن .
و إذا كان الأصل أن يحرر السند لأمر في صك و بنسخة واحدة ، فإن القانون أجازة أن يحرر في عدة نسخ و نظائر.

أولا/ تحرير الصك :

الغالب أن يدرج السند لأمر في مخطوطة عادية ، وليس بالضرورة أن يحرر بكامله بيد الساحب ، فقد يكتبها المستفيد أو أي شخص آخر شريطة أن يذيل بتوقيع الساحب ذاته كما يجوز إصدار السند لأمر في محرر رسمي لدى الموثق غير انه من النادر إستعمال هذا الأسلوب ومع ذلك قد يكون الشكل الرسمي ضروريا في بعض الأحيان ، كما لو تضمن السند إنشاء رهن رسمي لضمان الحق الثابت بها 4
و لكي يستطيع السند لأمر تحقيق وظائفه كأداة ائتمان يسهل تداوله دون قيد أو شرط لابد من أن يتضمن الصك الذي يفرغ فيه جميع البيانات الكافية بذاتها لتحديد الالتزام الثابت بها ، واشتراط الكفاية الذاتية في محرر السند لأمر يستتبع ضرورة ورود جميع التصرفات التي تلحق به من قبول و تظهير على ذات المحرر أما بالنسبة للضمان الاحتياطي فالأصل أن يثبت في ذات السند أو في ورقة متصلة به .

ثانيا/تعدد النظائر و النسخ :
أ – تعدد النظائر : الأصل أن يحرر السند بنظير واحد ، لكن القانون التجاري الجزائري أخذ بمبدأ سحب السند في عدة نظائر يطابق بعضها البعض ، ويجب أن
تكون هذه النظائر معينة بالأرقام في نفس النص و إلا أعتبر كل واحد منها سندا مستقل. تتجلى أهمية سحب السند على عدة نظائر في حالة كون السند معد
للإرسال إلى الخارج لوفائه .
ب- نسخ السند لأمر : إن حامل السند بدلا من أن يعود إلى المظهرين بالتسلسل حتى الوصول إلى الساحب ليحرر له نظير أو عدة نظائر ، فإن القانون أجاز له أن يحرر منه نسخة أو عدة نسخ عند الضرورة ، ومن هنا يطهر الفرق الأول بين نظائر السند و نسخه أو صوره ، فالنظائر لاتصدر إلا من قبل الساحب عند إنشاء السند أو بعد إنشائه بطلب من الحامل ، بينما النسخ أو الصور تصدر من الحامل نفسه و ليس من الساحب إلا في حال سحب السند لأمره أو ظهرت لصالحه أثناء فترة تداولها ، أما الفرق الثاني بين النظائر و نسخها فيتجلى بأن كل نظير من نظائر السند يتضمن تواقيع الملتزمين بها بذاتهم ، لذلك يعتبر كل واحد منها كالأصل ، أما النسخ فهي أن كانت تحتوي على جميع البيانات المذكورة في السند و أسماء الملتزمين بها ، فإنه يفقد توقيع هؤلاء بالذات.

الفرع الثاني : البيانات الإلزامية في السند لأمر:

لا يكفي أن يرد السند في صك مكتوب ، فقد اوجب القانون أن يتضمن هذا الصك بيانات معينة يطلق عليها اصطلاحا ” البيانات الإلزامية ” تمييزا لها عن بيانات أخرى
قد يتضمنه السند دون أن يفرضها القانون و التي يطلق عليها ” البيانات الاختيارية ” هذا وقد عددت المادة 465 ق.ت البيانات الإلزامية بقولها :”يحتوي السند لأمر على :
1 -شرط الأمر أو تسمية ” السند لأمر ” مكتوبة في نفس الصك و باللغة المستعملة لتحريره
-2 الوعد بلا قيد أو شرط بأداء مبلغ معين من النقود.
-3 تعيين تاريخ الاستحقاق .
-4 تعيين المكان الذي يجب فيه الأداء .
-5 اسم الشخص الذي يجب أن يتم الأداء له أو لأمره .
-6 تعيين المكان و التاريخ اللذين حرر فيهما السند .
-7 توقيع من حرر السند .”

أولا/شرط الأمر أو عبارة ” سند لأمر ” :
يتعين أن يتضمن السند لأمر ” شرط الأمر ” أو تسميته ” سند لأمر ” في نص السند نفسه و باللغة التي كتب بها وذلك بغية تنبيه محرر السند وسائر الموقعين إلى طبيعة السند و النتائج المترتبة عليه وعلى هذا يجوز تحرير السند لأمر بالشكل التالي :”بموجب السند لأمر هذا أتعهد بأن أدفع للسيد فلان مبلغ …الخ ” أو ” نتعهد بأن ندفع لأمر السيد فلان مبلغ…الخ ” .
ثانيا/التعهد بلا قيد أو شرط بدفع معين من النقود :
يجب أن يتضمن السند لأمر تعهد محرره بدفع مبلغ محدد من النقود للمستفيد أو لأمره ، في حين أن محرر السفتجة يأمر شخصا آخر بدفع مبلغها إلى المستفيد ، هذا و يجب أن يكون التعهد غير معلق على شرط واقف أو فاسخ ، كما يجب أن يحدد المبلغ الذي التزم المحرر بدفعه بكل دقة ووضوح ، فلا يجوز الاكتفاء مثلا بالإشارة إلى ثمن البضاعة الذي سيترتب لصاحبها وفقا لسعرها في يوم الاستحقاق ، كما تشترط وحدة مبلغ السند لأمر ، ولذلك لا يتخذ هذا الوصف السند الذي يتضمن تعهد محرره بأداء عدة ديون أو متى كان المبلغ مقسطا دفعه على آجال متعاقبة.

ثالثا/ميعاد الاستحقاق :
إن تحديد ميعاد الوفاء في السفتجة المحررة لتدفع بعد مضي مدة معينة من الإطلاع عليها يتوقف على تقديمها فعلا للمسحوب عليه لقبولها كي تسري مهلة الاستحقاق ، وبما أن السند لأمر لا يتضمن مسحوبا عليه بل تجتمع في شخص المحرر صفة الساحب و المسحوب عليه أقابل بحيث لا يكون هناك محل لتقديم السند لأمر للقبول ، لذلك أوجب القانون ( مادة 471 ق.ت ) أن يعرض السند المحدد استحقاقه ?ذه الطريقة على المحرر خلال مدة سنة من إنشائه للتأشير عليها بما يفيد الاطلاع ويجب أن يكون هذا التأشير مؤرخا و موقعا منه ، وتبدأ مدة الاطلاع من تاريخ التأشير ، أما إذا أمتنع المحرر عن وضع التأشيرة ، وجب إثبات امتناعه بورقة احتجاج ، ويعتبر تاريخ الاحتجاج في هذه الحالة بداية لسريان مدة الاطلاع.

رابعا/مكان الوفاء :
يفيد تحديد مكان وفاء السند الحامل كي يعرف أين يتوجه للمطالبة به ، كما أنه ضروري للقيام بالإجراءات القانونية عند الإستحقاق في حالة عدم الدفع .
و قد أشارت المادة ( 467 ق.ت ) بأنه تسري على السند لأمر الأحكام المتعلقة بالسفتجة المستحقة الدفع في منطقة غير المنطقة التي يوجد فيها موطن المسحوب عليه ، و بالرجوع إلى أحكام المادة ( 406 ق.ت) التي عالجت حكم هذه الحالة نرى أن المشرع قد أجاز للمسحوب عليه عند عرض السفتجة عليه للقبول أن يعين الشخص الذي يجب الوفاء عنده في هذه المنطقة أن كان الساحب قد أغفل ذلك . و بما أن السند لأمر لا يوجد فيه مسحوب عليه و لا يحتاج لعرضه على المحرر للقبول لذلك إذا كان المحرر قد حدد مكانا آخر غير موطنه لوفاء السند دون أن يعين الشخص الذي سيوفي عنده فإن هذا المحرر يستطيع تعيين الشخص المذكور في حالة واحدة فقط عندما يكون السند مستحق الوفاء بعد مدة من الإطلاع عليه ، إذ في هذا النوع من السندات يتعين عرض . السند عليه مرة ثانية للتأشير عليه بما يفيد الإطلاع 5

خامسا/ اسم من يجب الوفاء له أو لأمره :
يجب أن يعين في السند لأمر الشخص المستفيد منه ، و يمكن أن يعين عدة مستفيدين ، لكن لا يجوز أن ينظم هذا السند لحامله ، كما لا يصح أن ينصب محرر السند نفسه مستفيدا منه كما هو الحال بالنسبة للسفتجة ، فمن جهة أولى لم تشر المادة 467 ق.ت حين عددت بعض أحكام السفتجة وقضت بسريا?ا على السند لأمر ، إلى موضوع سحب السفتجة لأمر الساحب نفسه ، ولذلك لا مجال للخروج عن هذا النص ، ثم إن الهدف الذي ينشده ساحب السفتجة من تحريرها لأمره و الذي يتمثل بالحصول على قبول المسحوب عليه للسفتجة كي يسهل تداولها ، غير متحقق بالنسبة للسند لأمر فمحرر السند لأمر بتوقيعه على السند يتخذ صفة المسحوب عليه القابل بالسفتجة .

سادسا/ تاريخ إنشاء السند و مكانه :
يفيد تعيين تاريخ إنشاء السند في معرفة ما إذا كان المحرر كان كامل الأهلية وقت التحرير أو في حالة توقف عن الدفع أو في حالة إفلاس ‘ وفي تحديد تاريخ إستحقاق السند إذا كان محررا ليستحق الدفع بعد مدة من تاريخه ، أما ذكر مكان الإنشاء فضروري لمعرفة القانون الواجب التطبيق من حيث شكل السند في حال تداوله على نطاق دولي .
ولذكر تاريخ تحرير السند أهمية تتجلى في الأمور التالية /
1- يسمح تاريخ إنشاء السند المدون في متنه بالتحقق مما إذا كان الساحب عند تحرير السند متمتعا بالأهلية القانونية اللازمة لهذا التصرف أم لا ، فلو كان ناقص الأهلية في هذا التاريخ جاز له أن يحتج ببطلان تصرفه حتى في مواجهة الحامل الحسن النية ، لكن دون أن يخل ذلك بصحة إلتزام الموقعين الآخرين على السند عملا بمبدأ استقلال التواقيع.
2- يفيد ذكر التاريخ في معرفة ما إذا كان الساحب قد حرر السند قبل شهر إفلاسه فيعتبر عندئذ صحيح أما إذا حررت بعد شهر إفلاسه فلا تعتبر نافذة تجاه دائنيه .
3- يساعد ذكر تاريخ تحرير السند على تعين تاريخ إستحقاقه إذا كانت سحبت لتدفع بعد مدة معينة من سحبه.
4- و يبدو أيضا ذكر تاريخ تحرير السند في حساب المواعيد التي يجب على الحامل خلاله تقديم السند للوفاء فيما إذا كان السند يستحق الوفاء بعد مدة من الإطلاع عليه.
5- يفيد ذكر تاريخ إنشاء السند في حسم التراع الذي قد يثور عند تزاحم عدة حاملين لسند مسحوب على وفاء واحد لا تكفي قيمته لوفائه كله فيكون أفضلية الوفاء في هذه الحالة لحامل السند الأسبق في تاريخ السحب .

سابعا/ توقيع المحرر :
يعتبر توقيع المحرر من أهم بيانات إنشاء السند بحيث يترتب على فقدان التوقيع انتفاء كل أثر قانوني للسند ، و إذا كان النص قد ورد بصيغة الفرد ” توقيع المحرر ” فإن الرأي على جواز تعدد محرري السند لأمر ، و لذلك يجب أن يتضمن السند لأمر تواقيع المذكورين جميعا بحيث يعتبرون عندئذ متضامنين بالوفاء فيما بينهم إزاء الحامل .
و يتم التوقيع بوضع الساحب إمضاءه بخط يده على السند ، ويجب أن يكون هذا التوقيع دالا على شخصية الساحب بوضوح دون أي لبس أو غموض ، و إذا كانت تصعب قراءته فمن الضروري أن يذكر الساحب إسمه إلى جانب توقيعه ، أما إذا كان الساحب أميا فيجوز له التوقيع بوضع بصمة إصبعه ، لكن يلزم إضافة الاسم.
لم يحدد القانون أي مكان يتم فيه التوقيع ، لكن العادة جرت على أن يرد التوقيع في أسفل السند اعترافا بموافقة الساحب على جميع محتويا?ا ومع ذلك فإنه لا يتضمن من صحة التوقيع أن كان قد وضع في أي مكان آخر طالما يبرز بوضوح انصراف إرادة الساحب للالتزام بالسند لأمر .
و إذا كان على الساحب أن يوقع بنفسه ، فإنه يجوز له أن يوكل إلى غيره سحب السند لحسابه ، وفي هذه الحالة يقوم الوكيل بتوقيع السند ويلتزم بأن يبين صفته كوكيل عن الساحب كأن يكتب ” بالنيابة عن فلان ” و إلا ألتزم شخصيا بمضمونها.

الفرع الثالث : الآثار المترتبة على عيب شكلي في السند لأمر :

يقع السند لأمر باطلا من حيث المبدأ بصفته كسند تجاري متى خلا من ذكر أحد البيانات الإلزامية فقد نصت على ذلك المادة 466 ق.ت بقوله :” إذا خلا السند من أحد البيانات المبينة في المادة السابقة فلا يعتبر سندا لأمر إلا في الأحوال المنصوص عليها في الفقرات التالية:
1 -إن السند لأمر الذي لم يعين فيه تاريخ الاستحقاق يعد واجب الدفع عند الإطلاع عليه.
2- إذا لم يكن بالسند تعيين خاص فيعد مكان إنشائه هو مكان الدفع وهو نفسه المكان الذي به مقر الملزم.
3- إن السند لأمر الذي لم يذكر به مكان إنشائه يعتبر محررا بالمكان المعين بجانب الملزم.”
و أساس هذه الاستثناءات يقوم على أن البيانات المتروكة غير جدية ولا تؤثر على جوهر السند لأمر كما أنه بالإمكان الاستعاضة عن هذه البيانات المتروكة ببيانات أخرى مذكورة في السند ذاته يفترض اتجاه قصد الموقعين إلى الأخذ بها ، و الاستثناءات المذكورة هي :
1- السند لأمر الخالي من بيان تاريخ الاستحقاق يكون مستحق الأداء لدى الإطلاع عليه ، وهذه القرينة القانونية هي قرينة قاطعة ، إذ لا يجوز الاعتداد بدليل يخالفها خاصة إذا كان هذا الدليل خارجا عن نطاق الصك ذاته عملا بمبدأ الكفاية الذاتية للسند التجاري بشكل عام ، وهذا الاستثناء لا ينطبق إلا إذا كان السند لأمر خالي مطلقا من ذكر ميعاد الاستحقاق ، أما إذا ذكر هذا الميعاد بطريق أخرى غير قانونية كأن يكتب في السند مواعيد متعددة للاستحقاق ، أو أن يشار إلى مواعد الاستحقاق بتاريخ سابق على تاريخ الإنشاء أو غير ذلك ، ففي هذه الحالات يكون السند لأمر باطلا عملا بالقاعدة القائلة إن الاستثناء لا يتوسع في تفسيره ، و أن ما جاء على خلاف
القياس فغيره لا يقاس عليه.
2- السند الخالي من بيان مكان الدفع ، يعتبر المكان المبين بجانب اسم الساحب مكانا لوفائها ، لكن إذا أغفل الساحب عن ذكر هذا المكان ، فللحامل مطالبة الساحب في موطنه المبين في السند لأمر .
3- السند الخالي من ذكر مكان إنشائه يعتبر كأنه منشأ في المكان المبين بجانب اسم الساحب ، جرى التعامل على أن يضع الساحب عنوانه في السند لأمر بجوار إسمه ، و لقد أراد المشرع الاستفادة من هذا الوضع فأفترض أن السند قد أنشأ في هذا المكان إن لم يحدد فيها مكان آخر ، أما إذا تعدد ساحبو السند ، و لم يجد فيها مكان إنشائها ، بل ذكر مكان بجانب إسم كل ساحب ، فلا يعتبر أي مكان من هذه الأماكن مكانا لإنشائها ، و يفقد السند بذالك صفته التجارية ، وكذلك الأمر إذا لم يعين في السند محل إنشائه و لم يرد ذكر المحل بجانب اسم الساحب ، فإن السند يصبح معيب و يفقد صفته كسند تجاري.

الفرع الرابع : البيانات الاختيارية في السند لأمر:

بعد أن يستوفي السند لأمر جميع البيانات الإلزامية الضرورية ، ليس هناك ما يمنع أن يتضمن بيانات أخرى اختيارية ، ومن هذه البيانات التي يمكن إدراجها في السند :

أولا/ شرط الرجوع بدون مصاريف :
يتوجب على الحامل حفظا لحقه بالرجوع على الملتزمين بالسند لأمر ، أن ينظم احتجاجا لعدم القبول أو لعدم الوفاء إذا كان قد قدم السند لساحب ولم يفي به ، و القصد من تضمين السند شرط الرجوع بدون مصاريف أو بدون احتجاج ، هو إعفاء الحامل من إعداد هذا الاحتجاج حين ممارسة حقه المذكور .
نلاحظ أن لشرط الرجوع بدون مصاريف فوائد متعددة ، فمن جهة يعمل هذا الشرط على تجنيب الملتزمين بالسند تحمل نفقات تحرير الإحتجاج ، ومن جهة ثانية أن هذا الشرط يعفي الحامل من تنظيم الاحتجاج لعدم القبول أو لعدم الوفاء وبذلك يصونه من خطر سقوط حقه بالرجوع على الملتزمين بالسند فيما لو أهمل مراعاة تنظيم الاحتجاج في مواعيده القانونية .
أما الذين يحق لهم تضمين السند لأمر شرط الرجوع بدون مصاريف هم : الساحب عند إنشاء السند و أي مظهر أو أي ضامن احتياطي عند تطهيره أو ضمانه خلال فترة التداول.

ثانيا/شرط الدفع في محل مختار:
يجوز أن يختار أي شخص يتمتع بالأهلية اللازمة للوفاء ، سواء أكان شخصا طبيعيا أم اعتباريا وسواء كان أجنبيا عن السند أو أحد موقعيه ليكون موطنه محلا مختارا لوفاء السند لأمر ، إن توطين السند لأمر يوجب على الحامل تقديمه للوفاء في محل الدفع المختار، ويعتبر هذا المحل هو الذي يجب أن يوجه إليه الوفاء فيما لو تخلف من وطنت السند لديه عن وفاء قيمته.

ثالثا/شرط عدم الضمان.
و الضمان المقصود هنا ضمان الوفاء وليس ضمان القبول ،إذ لا محل للقبول في السند لأمر ، ومن يحق له أن يشترط عدم الضمان هو المطهر دون المحرر الذي لا يحق له ، كالساحب في السفتجة غير المعدة للقبول ، اشتراط عدم ضمان الوفاء باعتباره المدين الأصلي في الوفاء ، و للمطهر أيضا كي يبرأ من ضمان الوفاء تجاه حملة السند اللاحقين أن يشترط عدم تظهير السند من جديد.
يلاحظ من جهة أخرى أن هناك بعض البيانات الاختيارية التي يمكن إدراجها في السفتجة دون أن يجوز ذلك في السند لأمر ، لأ?ا تتعارض مع طبيعته ومن هذه البيانات :
-1 شرط التقديم للقبول أو عدم التقديم لانتفاء القبول في السند لأمر.
-2 شرط الإخطار المسبق ، لأن محرر السند لأمر يعلم منذ البداية موعد إستحقاق السند فلا مجال لكي يأخذ بعنصر المفاجأة.
-3 شرط تعين المسحوب عليه الإحتياطي (المفوض)، وشرط عدم الضمان في الوفاء ، فهذا الشرطان يحظر على محرر السند لأمر إدراجهما فيه ، فهو المدين الأصلي
بالسند ولا يحق له كالمسحوب عليه في السفتجة أن يتهرب من أداء قيمته ، كذلك لا يجوز للمحرر أن يشترط حظر تظهير السند بتضمنه مثلا شرط ليس لأمر لأن ذلك يتعارض مع وظيفة وطبيعة السند ذاته.

السنــد لأمــر فـي ظــل القانـون التجـاري الجزائـري

المبحث الثالث/ طرق تداول السند لأمر

يتداول السند للأمر بطريق التظهير و يخضع في ذلك لقواعد السفتجة المتعلقة بالتظهير فيجوز أن يكون التظهير ناقلا للملكية أو توكيليا أو تأمينيا .

المطلب الأول / التظهير الناقل للحق

التظهير الناقل للحق، و يطلق عليه” التظهير التام” كما يسميه البعض ” التظهير الناقل للملكية” و هو التظهير اّلذي يهدف إلى نقل الحق الثابت من المظهر إلى المظهر له. و هو أكثر أنواع التظهير شيوعا .

الفرع الأول: الشروط الموضوعية

يمكن تشبيه تظهير السند لأمر بعملية سحبه ، وكأن المظهر يعيد سحب سند لأمر على نفس الساحب الأصلي فالمظهر المذكور ،وهو المستفيد أو الحامل،يلعب دور الساحب ،والمظهر له يلعب دور المستفيد .ولما كان التظهير تصرفا قانونيا يرتب التزاما صرفيا في ذمة المظهر إذ يضمن للمظهر له وللحملة اللاحقين قبول السند ووفاءه من الساحب الأصلي ،فانه لابد من أن تتوافر في التزامه هذا الشروط الموضوعية التي تتطلبها القواعد العامة لنشؤ كل التزام .أي يجب أن يكون المظهر أهلا للالتزام الصرفي ،وأن يكون رضاه سليما خاليا من العيوب ،وأن يستند التظهير إلى سبب حقيقي ومشروع .وهذه الشروط هي نفس شروط الموضوعية اللازمة لإنشاء السند ، وبالإضافة إلى الشروط المذكورة يجب أن تتوافر في التظهير الشروط التالية :
1_يجب أن يحصل التظهير من قبل الحامل الشرعي للسند لأمر أو نائبه:
يشترط لانعقاد التظهير صحيحا أن يحصل من شخص حامل للسند بصورة مشروعة.ويعتبر حاملا شرعيا للسند كل حائز لها متى أثبت أنه صاحب الحق فيها بسلسلة
غير منقطعة من التظهيرات ولو كان آخرها تظهيرا على بياض .وتكون التظهيرات متسلسلة قانونا عندما يتم كل تظهير من قبل من ظهرت إليه السند لأمر سابقا . فلو أن السند لأمر كان قد حرر لصالح “زيد”ووجد على ظهرها التظاهرات

ففي هذه الحالة أن السيد “حسن”هو الحامل الشرعي للسند لأنه وصل إليه بتظهيرات متسلسلة نظامية “فزيد”المستفيد من السند قد ظهرها إلى “أحمد”، وأحمد ظهرها إلى
“عمرو”، و”عمرو ” ظهرها إلى “حسن”. وإذا كنا نشاهد أن تظهيرا كان موجودا بين التظهير الأول والتظهير الثاني ثم شطب فأنه تسلسل التظهيرات يعتبر متواترا ولا يعتد بالتظهير المشطوب قانونا ، والسيد”حسن” الحامل الأخير، إذا أراد أن يظهر السند فهو أما أن يذكر اسم المظهر له صراحة كأن يكتب “تدفع إلى مصطفى “وفي هذه الحالة كسابقها يكون “مصطفى”الحامل الشرعي للسند ،وأما أن يظهرها للحامل أو على بياض ،وهنا يعتبر من بيده السند عند استحقاقه هو صاحب الحق فيها .أما إذا رغب من ظهر إليه السند على بياض تظهيره من جديد ، فبتوقيعه على التظهير الأخير يعتبر هو الذي آل إليه الحق بالسند لأمر في التظهير السابق على بياض
(مادة 399 / 1ق.م).
وكما يقع التظهير من حامل السند لأمر الشرعي فأنه يقع أيضا من وكيله أو نائبه القانوني لكن يشترط في هذه الحالة أَلا يتجاوز الوكيل أو النائب الحدود المرسومة له .كما يشترط أن يبين الصفة التي يوقع بها كأن يكتب “بالوكالة عن فلان”أو”مدير الشركة الوطنية للتوزيع والنشر “.
يحق كذلك لمصفي الشركة تظهير السندات التجارية التي تحملها طالما أنه يترتب عليه تحصيل الحقوق العائدة لها لدى الغير .
أما بالنسبة للتاجر الذي شهر إفلاسه ، فقد قضت المادة ( 261 /2 ق.ت)بما يلي:”
يستخرج القاضي المنتدب للتفليسة من الحفظ تحت الأختام أوراق الحافظ التجارية التي حان أجل استحقاقها أو المحتملة القبول أو التي يستدعي الحال اتخاذ إجراءات تحفظية بالنسبة لها ، ويصفها ويسلمها لوكيل التفليسة بعد بيان أوصافها ،للقيام بتحصيلها “والواضح من النص المذكور ،أن لوكيل التفليسة بعد أن يستلم من القاضي المنتدب السندات التجارية التي وجدت في حافظة التاجر المفلس ، تظهير هذه السندات بغرض خصمها واستيفاء قيمتها .
2_أن يقع التظهير على كامل مبلغ السند لأمر لا على جزء منه :
قضت المادة ( 396 /6) ببطلان التظهير الجزئي وسبب هذا البطلان يعود إلى أن الساحب الأصلي لا يؤدى قيمة السند لأمر إلى المظهر له إلا إذا استلمه منه ،وقد يصعب على المظهر تسليم السند إلى المظهر له طالما أنه لم يتناول له عن مبلغها بأكمله ، فهو لا يزال نفسه دائنا للسحاب الأصلي بالجزء الباقي .فدفعا لكل هذه التعقيدات ،أعتبر قانون جنيف الموحد (المادة 12 )، و من بعده القانون التجاري الجزائري التظهير الجزئي باطلا.
3_يجب أن يكون التظهير باتا غير معلق على شرط :
أن من طبيعة الالتزام الصرفي أن يكون منجزا و محددا على وجه اليقين .فتعلق نقل الحق الثابت بالسند لأمر على أمر خارجي غير محقق الوقوع يجعل الحامل عندئذ لا يطمئن إلى استيفاء هذا الحق و يعتذر عليه بالتالي أن يتصرف إلى غيره في هذا السند مادام حقه هو عليه غير مؤكد ، الأمر الذي يعرقل تداوله ويحول دون تأدية وظائف كأداة للوفاء والائتمان . ولهذا قضى القانون التجاري الجزائري ، على غرار قانون جنيف الموحد ، بأنه يكون التظهير بدون قيد أو شرط ، و كل شرط يعلق عليه التظهير يعد كأن لم يكن (المادة 396 / 4). من هنا يظهر الفرق بين التظهير الجزئي و التظهير المعلق على شرط فالأول يعتبر باطلا كله ، أما الثاني فإنه لا يقع باطلا ،و إنما ببطل الشرط وحده ويبقى التظهير . وبذلك يكون المشرع التجاري قد راعى مصلحة المظهر له دون الالتفات إلى إرادة المظهر التي عبر عنها بموجب الشرط .
4_يجب أن لا يكون السند لأمر قد تضمنت شرطا يحظر تظهيرها : أن الأداة العادية لنقل الحقوق الثابتة في السند لأمر هي التظهير . وسبق أن ذكرنا أن السند لأمر تقبل التظهير حكما و أن لم ترد فيها عبارة “لأمر” . لكن القانون أجاز للساحب أن يمنع تظهير هذا السند عن طريق إيراد شرط “ليست لأمر” وهو من البيانات الاختيارية كما رأينا . و بإيراد هذا الشرط من قبل الساحب تصبح السند لأمر غير قابل للتظهير مطلقا . فحاملها أما أن ينتظر موعد استحقاقها ليطالب بوفائها ، وأما أن يلجأ إلى نقلها عن طريق حوالة الحق المدنية .
كذلك يجوز للمظهر أن يمنع تظهير السند لأمر بإيراد شرط “ليست لأمر” أو أية عبارة مماثلة و لو أن السند لأمر لم يتضمن هذا الشرط من قبل .لكن في هذه الحالة يبقى السند لأمر قابل للتداول بطريق التظهير ، غير أن المظهر الذي حظر تظهيرها لا يكون ملزما بوفائها إزاء من تؤول إليهم بتظهيرات لاحقة (المادة 398 / 2ق،ت) .
5_لا يشترط في التظهير أن يكون قد حصل لمصلحة شخص أجنبي عن السند لأمر أي غير ملتزم به. فالقانون أجاز التظهير للساحب الأصلي سواء كان قابلا السند لأمر أم غير قابل له ، كما أجاز التظهير للحامل ولأي ملزم آخر . وأجاز لهؤلاء جميعا تظهير السند لأمر من جديد ( المادة 396 / 3ق.ت)

الفرع الثاني: الشروط الشكلية

-1 كتابة التظهير و التوقيع :
يشترط في التظهير ككل إلتزام صرفي أن يتم بالكتابة ، فالتظهير الشفوي لا يعتد به ، ويجب أن تقع هذه الكتابة على السند نفسه ، فلا يصح أن يرد التظهير على ورقة مستقلة نظرا لأنه يجعل السند يعتمد على أوراق خارج عن نطاقه في سبيل تحديد التصرفات التي تطرأ عليه وهذا ما يخالف مبدأ الكفاية الذاتية الذي يسود السندات التجارية ، ولذلك إذا ورد التظهير على ورقة مستقلة يعتبر باطلا وإن كان يصح هذا التصرف بوصفه حوالة حق تخضع لأحكام القواعد العامة متى أستوفى شروطها 6
لكن إذا ما تم تداول السند لأمر مرات عديدة بحيث يكون فراغات صك السند قد امتلأت ببياناتها و بتوقيع المظهرين ، فالقانون أجاز أن يقع على ورقة متصلة بالسند تسمى لكن يتعين في هذه الحالة أن تلصق بصك السند بشكل جيد يحول “Allonge “وصلة دون فصلها إلا بالتمزيق ، او بما يكشف عن إنفصالها.

-2 أشكال التظهير :
حين تناول القانون التجاري الكلام عن صيغة التظهير فإنه لم يشترط إلا ذكر بيان واحد وهو توقيع المظهر ، فإذا تقدم هذا التوقيع بيان اسم المظهر له قيل بأن التطهير إسمي ، أما إذا أقتصر المطهر على وضع توقيعه دون أي بيان أخر فيقال أن التطهير على بياض وقد أجاز القانون أيضا التطهير للحامل ، هذه هي أنواع التطهير الثلاثة من حيث الشكل والذي ينتقل السند بموجب إتباع أحدها من الحامل السابق إلى الحامل اللاحق ، وعلى هذا فإن تسليم السند لأمر العادي من حامله المذكور إسمه في متنها إلى أي شخص آخر دون إتباع أحد الأشكال الثلاثة المذكورة لا يعتبر تظهيرا صحيحا ينتج أثاره القانونية.

-3 تاريخ التظهير:
لم يعتبر القانون ذكر تاريخ التطهير من البيانات الإلزامية التي تتوقف عليها صحة التظهير ، ومع ذلك جرت العادة على بيان التاريخ في التطهير لفوائده المتعددة ، فعلى أساسه تتحدد أهلية المطهر أو نقصانها حين حدوث التظهير ، ومن ذكر التاريخ يمكن التحقق عما إذا كان التظهير قد تم قبل إعلان إفلاس المطهر أو خلال فترة الريبة التي تسبق الإفلاس فيصبح التطهير باطلا ، ويفيد تاريخ التطهير أيضا للتأكد من تسلسل التظهيرات و تلاحقها لمعرفة الحامل الشرعي للسند لأمر.

المطلب الثاني / التظهير التوكيلي

الفرع الأول : ماهية التظهير التوكيلي :

التظهير التوكيلي هو التظهير الذي لا يقصد منه المظهر نقل مليكه السند لأمر ونقل الحقوق الثابتة به إلى المظهر له ، و إنما توكيل الأخير بإتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمة السند عند الإستحقاق بتعبير أدق هو التطهير الذي يخول المظهر له الحق باستلام مبلغ . السند لأمر لصالحه 7

الفرع الثاني : شروط التظهير التوكيلي:

ينعقد التظهير التوكيلي متى توافرت له الشروط الموضوعية العامة ، من حيث الرضاء و المحل و السبب ، وبالنسبة للأهلية لا يشترط في المظهر أن يكون أهلا للعمل التجاري لأنه لا ينقل إلى المظهر له الوكيل الحقوق الثابتة في السند لأمر ، و على هذا يحق للقاصر المأذون له بإدارة أمواله أن يظهر السند تظهيرا توكيليا.
أما من حيث الشروط الشكلية فيجب أن يقع التظهير على نفس السند لأمر أو على ورقة متصلة بها. مع ذلك فأنه لا يوجد ما يمنع من أن يقع التوكيل في تحصيل السندات بورقة مستقلة يستطيع الوكيل إبرازها عند اللزوم ، لكن يجب في هذه الحالة أن تذكر في الورقة بوضوح سلطات الوكيل كأن تحدد مهمته بتحصيل بعض أو جميع السندات التي تعود للموكل.
لقد أفادت المادة ( 401 / 1ق.ت) علما آن التظهير لا يكون توكيليا إلا إذا جاء فيه صراحة ما يفيد معنى قبض السند لأمر بالوكالة . كأن يكتب المظهر ” وعنا دفع المبلغ لأمر فلان وللقيمة بالوكالة أو أي عبارة أخرى مماثلة تفيد التوكيل ثم يوقع المظهر تحت العبارة المستعملة .
أما التوقيع الذي لا يحتوي سوى توقيع المظهر على بياض ، فالمفترض أنه تظهير ناقل للحق لأنه الأصل في التظهير هو نقل ملكية السند و ملكية الحقوق الثابتة به من المظهر إلى المظهر له.

المطلب الثالث/ التظهير التأميني

الفرع الأول : ماهية التظهير التأميني :

هو التظهير الذي يقصد به رهن الحق الثابت بالسند لأمر ضمانا لوفاء دين للمظهر له بذمة المظهر أو بذمة شخص آخر . فالمراد ?ذا التطهير إذا ليس نقل الحق الثابت بالسند لأمر إلى شخص آخر ، ولا التوكيل بتحصيل قيمتها بل رهنها لضمان دين آخر ، مدنيا كان أم تجاريا غير الدين الصرفي الذي يمثله هذا السند. ولقد نصت عليه المادة( 401 / 02 ق.ت) على أحكام التظهير التأميني بقولها :” إذا كان التظهير يحتوي على عبارة ” القيمة موضوعة ضمانا ” أو ” القيمة موضوعة رهنا” أو غير ذلك من العبارات التي تفيد الرهن الحيازي ، فيمكن للحامل أن يمارس جميع الحقوق المترتبة على السفتجة ، و لكنه إذا حصل منه تظهير فلا يعد تطهيره إلا على سبيل الوكالة.
و لامكن الملتزمين أن يتمسكوا ضد الحامل بالدفوع المبينة على علاقا?م الشخصية بالمظهر إلا إذا تعمد الحامل عند تسلمه السفتجة الأضرار بالمدين.”

الفرع الثاني : شروط التظهير التأميني :

الشروط الموضوعية التي يشترطها التظهير التأميني هي نفس الشروط اللازمة لصحة التطهير الناقل للحق بإعتباره من قبيل أعمال التصرف و ليس من أعمال الإدارة.
أما الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون لصحة التطهير التأميني فتقتصر على ضرورة اشتمال صيغة التظهير على تعبير يدل بوضوح على أن المقصود من التظهير هو رهن الحق الثابت بالسند لأمر و ليس نقله أو التوكيل بقبضه كأن يذكر ” وعني دفع المبلغ لأمر فلان و القيمة الضمان ” أو غير ذلك من العبارات التي تفيد الرهن ويلي ذلك توقيع المظهر ، إلا أنه ليس من الضروري ذكر مقدار المبلغ المضمون بالسند لأمر .

الفصل الثاني
ضمانات الوفاء بالسند لأمر وطرق إثباته

المبحث الأول : الوفاء بالسند للأمر

المطلب الأول : ضمانات الوفاء بالسند للأمر:

ذكرنا فيما تقدم انه لا محل في السند للأمر لمقابل الوفاء و لا للقبول إذ أنها تتعارض مع ماهيته لعدم وجود مسحوب عليه و ليس لحامل السند للأمر من ضمان إلا تضامن الموقعين في الوفاء و الضمان الاحتياطي إن وجد . 8

الفرع الأول : تضامن الموقعين:

يعتبر جميع الموقعين على السند للأمر ملتزمين بالتضامن تجاه الحامل عن الوفاء ،كما أنهم يلتزمون بالتضامن في علاقاتهم بعضهم بالبعض الآخر،و جدير بالذكر أن المحرر هو المدين الأصلي في السند للأمر،و يكون ملزما كالمسحوب عليه القابل في السفتجة،أما المظهرون فبمثابة كفلاء متضامنين .
ومن أحكام قانون الصرف الأخرى أن أحكام التضامن في السندات التجارية تختلف عن الأحكام العامة المتعلقة بالتضامن العادي في النقاط التالية :

أ – التزام الضامن في السند التجاري التزام تبعي :
فبينما نجد أن الدائن يستطيع وفقا للقواعد العامة 9 اختيار المدين المتضامن الذي يبدأه بالمطالبة دون أن يكون مقيدا بمطالبة واحد منهم قبل الأخر نرى أن قانون الصرف قد ألزم حامل السند بمطالبة المحرر أولا لوفائه سواء كان قابلا له أم لا لأنه هو المدين الأصلي به فإن لم يف المحرر و أثبت الحامل هذا التمنع عن الوفاء في احتجاج رسمي ، فعند ذلك يحق للأخير توجيه المطالبة إلى الملتزمين الآخرين فيخاصم جميعا بدعوى واحدة أو يداعي كل موقع منهم على إنفراده و لا يجبر الحامل أيضا عندئذ مطالبة هؤلاء الموقعين أن رجع عليهم بالترتيب حسب تسلسل تواقيعهم ، بل له أن يختار من يشاء و يطالبه بأداء قيمة السند بأكمله.

ب-رجوع الضامن الموفي في السند التجاري بكامل ما وفاه :
تقضي المادة 234 ق.م بأن :” إذا وفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين ، فلا يرجع على أي من الباقين إلا بقد حصته في الدين …ويقسم الدين بالتساوي بين المدينين ما لم يكن هناك إتفاق أو نص يقضي بغير ذلك “. وهكذا نرى أن القواعد العامة تقضي بانقسام الدين فيما بين المدينين المتضامنين الآخرين إلا بجزء من الدين يقدر بقدر حصته فيه.
أما في التضامن الصرفي فمن حق الملتزم الذي أوفى مبلغ السند لأمر للحامل مطالبة المتضامنين الآخرين الملتزمين حياله ، مجتمعين أو منفردين ، بما دفعه كاملا ، ذلك أن كل ملتزم من هؤلاء المتضامنين عندما وقع على السند فإن التزامه كان ينصب من حيث المبدأ على وفاء مبلغه بأكمله .

ج- اختلاف مصدر الدين بالنسبة للمدينين في التضامن الصرفي : يفترض التضامن المدني قيام علاقة قانونية واحدة ينشأ عنها إلتزام في ذمة عدد من المدينين يعرفون بعضهم البعض أما التضامن الصرفي فينشأ بين مدينين لا يعرف غالبا بعضهم البعض ، و مصدر إلتزام كل منهم يختلف عن مصدر التزام الآخرين ، فالساحب ينشأ السند وفاء لثمن بضاعة أشتراها من الأخير ، أما المستفيد فقد يظهر هذا السند إلى شخص آخر وفاء لثمن قطعة أرض إشتراها منه.

د- انتفاء النيابة التبادلية في التضامن الصرفي: 10
يترتب على التضامن المدني قيام نيابة تبادلية بين المدينين المتضامنين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم ، فهو تجدد الدين بين الدائن و أحد المدينين المتضامنين ، ينقضي الالتزام التضامني بالتجديد و تبرأ ذمة باقي المدينين المتضامنين إلا إذا أحتفظ الدائن بحقه إزاءهم (مادة 224 ق.م) و إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن يستفيد باقي المدينين من هذا الأعذار ( مادة 231 /2 ق.م) كما إذا وجه الدائن اليمين إلى أحد المدينين المتضامنين وحلفها فإن هذا الحلف من شأنه أن يفيد باقي المدينين و يستطيع هؤلاء أن يتمسكوا به ولو لم يكونوا هم يكونوا هم الذين حلفوا (مادة 232/ 3 ق.م).
أما في التضامن الصرفي فتنتفي النيابة التبادلية بين الموقعين على السند لتضارب أحكامها مع مبدأ ضرفي هام هو مبدأ استقلال التواقيع.
ومع أن تضامن الموقعين يعتبر من الضمانات الصرفية الهامة التي خص بها المشرع حامل السند ، فإن هذا التضامن لا يتعلق بالنظام العام 11 و لذلك يجوز إستبعاده بشرط صريح على ذات السند ، أما إذا أشترط عدم التضامن في ورقة مستقلة فإنه لا يحتج به إزاء من علم به أو ارتضاه.

الفرع الثاني : الضمان الاحتياطي:

يجوز ضمان الوفاء بقيمة السند للأمر من ضمان احتياطي يقدم عن المحرر أو عن احد المظهرين ،وقد يرد هذا الضمان في السند للأمر ذاته أو على ورقة مستقلة عنه و يجب على الضمان الاحتياطي أن يعين الملتزم المضمون ،فإذا اغفل ذلك فان الضمان يعد حاصلا لمصلحة المحرر،ويترتب على الضمان الاحتياطي في السند للأمر نفس الآثار تترتب عليه في السفتجة.
ويرتب على الضمان الاحتياطي في السند للأمر بذمة الضامن التزاما صرفيا ذا طبيعة تجارية موضوعه التعهد بوفاء قيمة السند التجاري على وجه التضامن مع باقي الموقعين عليه ، ولذلك يجب أن تتوافر في الضامن الأهلية القانونية اللازمة للقيام بأعمال تجارية ، فإن كان قاصرا يبطل ضمانه كما يتعين أن تكون إرادته خالية من عيوب الرضا ، ويفترض أيضا وجود سبب مشروع لالتزامه المذكور.
وتلحق بالشروط العامة المذكورة شروط موضوعية خاصة تتعلق ب:

-1 من يجوز له أن يكون ضامنا احتياطيا :يجوز أن يكون الضامن من الغير أو حتى من أحد الموقعين على السند إذا كان الأصل أن يكون الضامن الاحتياطي شخا أجنبيا عن السند ، كي يشكل التزامه هذا ضمانه جديدة تضاف إلى ضمانات وفائها السابقة ، فإن القانون أجاز صراحة أن يصدر الضمان الاحتياطي من أحد موقعي السند، و طبيعي أن الضمان الذي يقدمه أحد الموقعين لا فائدة فيه إلا إذا كان تعهده بصفته ضامنا احتياطيا ، وعليه لا تفيد كفالة ساحب السند لأن الساحب يكفل الوفاء بحكم القانون تجاه كل شخص ينتقل إليه السند فهو المدين الأصلي به ، لكن تفيد كفالة أحد المطهرين للمحرر القابل الذي لم يوصل مقابل الوفاء لأن الحامل المهمل الذي يسقط حقه بالرجوع على المظهرين السابقين يحتفظ هذا الحق إزاء الساحب القابل ، وحيث أن مركز الضامن يتكيف وفقا لمركز المضمون فإن لهذا الحامل الذي سقط حقه بالرجوع على المظهر بصفته هذه أن يرجع عليه بصفته ضامنا إحتياطيا للساحب كذلك إذا قام أحد المظهرين.

-2 عمن يقع الضمان : يجوز أن يقدم الضمان الاحتياطي لمصلحة أي ملتزم بالسند ، فقد يكون المضمون هو الساحب أو أحد المظهرين شريطة ألا يكون ضمن السند شرط عدم الضمان فهو في هذه الحالة غير ملتزم صرفيا فلا يلتزم بذلك كفيله ، كما يجوز أن يعطي الضمان الاحتياطي لمصلحة ضامن احتياطي آخر ( 12 ) حيث تسمح القواعد العامة بكفالة الكفيل (مادة 669 ق.م).

-3 زمن وقوع الضمان : يعطى الضمان الاحتياطي عادة في الفترة الممتدة بين تاريخ إصدار السند و تاريخ إستحقاقه ويجوز أن يقع الضمان أيضا بعد تاريخ الاستحقاق قياسا على جواز وقوع التظهير بعد هذا التاريخ ، أما الضمان الحاصل بعد تقديم الاحتجاج أو بعد انتهاء فترة تقديمه فلا ينتج سوى آثار الكفالة العادية أما إذا كان الضمان ثابتا في ورقة مستقلة عن السند ففي هذه الحالة يمكن أن يقع تاريخ سابق لتاريخ إنشاء السند .
إضافة إلى الشروط الموضوعية التي يتطلبها في الضامن الاحتياطي فقد أضافه القانون شروط شكلية إذ يجب أن يكتب الضمان الاحتياطي على نفس السند أو الورقة المتصلة به أو بسند يبين فيه مكان صدوره.
ويعبر عن كلمات كهذه ” مقبول كضمان احتياطي ” أو بما في مؤداها ثم يوقع عليها الضامن الاحتياطي بإمضائه.
ويعتبر الضمان الاحتياطي حاصلا بمجرد توقيع ضامن الوفاء على وجه السند إلا إذا كان صاحب التوقيع الساحب.

المطلب الثاني : أحكام الوفاء بالسند للأمر:

تطبق قواعد السفتجة الخاصة بالاستحقاق و الوفاء و الوفاء بطريق التدخل و حساب المدد و حظر المهلة القضائية على السند للأمر .

الفرع الأول :زمن ومكان الوفاء:

أ-زمن الوفاء :

1 – الوفاء في موعد الاستحقاق:
يجب أن يوفي السند في التاريخ المحدد لاستحقاقها و أهم ما يتميز به وفاء السند في هذا الشأن هو أن حصول الوفاء في يوم الاستحقاق يعتبر التزام على عاتق كل من الحامل و المحرر ، فالحمل ملزم بأن يطالب المحرر بوفاء السند لأمر في تاريخ إستحقاقه أو في أحد يومي العمل التاليين لهذا التاريخ إن المحرر وهو المدين الصرفي بالسند لأمر ، فإن القواعد العانة تلزمه بالوفاء في ميعاد الاستحقاق لدائنه الذي يهمه أن يحصل على مبلغ الدين الذي قد يلحظه هو أيضا للوفاء بالديون المترتبة عليه لا بل أن قانون الصرف قد شدد عليه في هذا الالتزام ، إذا حظر على القاضي أن يمنحه من حيث المبدأ أية مهلة للوفاء استثناء من السلطة التي تخولها القواعد العامة للقاضي في هذا الشأن .

2 – الوفاء المسبق :
يعتبر الأجل المحدد في السند لأمر لوفائه مشروطا لمصلحة كل من الحامل ( الدائن) و المحرر (المدين) على السواء.
و على هذا ليس للحامل أن يطالب المحرر بوفاء قيمة السند قبل أجل استحقاقه كي لا يحرمه من هذا الأجل ، ومع ذلك ليس هناك ما يمنع من أن يتم الاتفاق بين حامل السند و المحرر لتعجيل الوفاء به كذلك ليس للمحرر عليه بدور ، وهذا استثناء فمن المقرر في القواعد العامة بأن الأجل مشروط لمصلحة المدين فيكون له إجبار الدائن على قبول الوفاء قبل حلول الأجل، أن يجبر الحامل على قبول الوفاء، قبل تاريخ الإستحقاق و ذلك منطقي لأن الأجل المفروض في السند ملحوظ لمصلحة كل من المدين و الدائن و لا يجوز لأحدهما إجبار الآخر على الترول عنه. وهنا أيضا يمكن أن يرد على هذه القاعدة بعض الاستثناءات فقد يقبل الحامل استفاء قيمة السند قبل موعد استحقاقه، أو قد يكون السند تضمن عند إنشاءه نصا صريحا في متنه يجيز للمدين به وفاء قيمته قبل الإستحقاق مقابل خصم نسبة معينة من مبلغه نظير تعجيل الوفاء.

3 – تمديد أجل الإستحقاق:
يمد أجل الوفاء إما باتفاق المحرر مع الحامل، أو بحكم القانون أو بأمر قضائي.

أ-التمديد الإتفاقي:
قد يحل موعد استحقاق السند و المحرر في حالة إعسار مالي. فإذ كان الحامل على معرفة بالمذكور أو على ثقة بائتمانه، فإنه قد يقبل أن يمنحه مهلة جديدة للوفاء.ويتخذ هذا الإمهال أما صورة إنشاء سند جديدة للإستحقاق على نفس السند. و في الحالتين يسقط حق الحامل بالرجوع على ضامني السند من الموقعين السابقين إذا لم يعبر المذكورون عن رضاهم بالموعد اللاحق الجديد.
فلا يبقى، و في هذه الحالة ، أمام الحامل إلا الرجوع على المحرر و ضمانه الاحتياطي.

ب-التمديد القانوني:
يؤجل موعد استحقاق السند قانونا في الحالات التالية:
– وقوع الاستحقاق في يوم عطلة رسمية إن السند لأمر الذي يقع ميعاد استحقاقه في يوم عطلة رسمية، يمدد أجله إلى أول يوم عمل يلي هذه العطلة.
– حدوث قوة قاهرة إذا حدثت ظروف استثنائية ، كالفيضانات و الزلازل و الحروب و كذلك صدور أحكام قانونية بتأجيل الديون ومنها ديون السند ، لم يكن في إمكان الحامل توقعه أو تجنبه وحال دون تقديم السند للوفاء، فإن أجل الوفاء يمتد حكما.

ج-التمديد القضائي :
إن مظاهر القسوة في تنفيذ الالتزام الصرفي هو ذلك الضغط الذي أوقعه المشرع على المدين بهذا الالتزام