يعتبر الاستجواب وسيلة رقابية فعالة، ويقصد به حق البرلمان او السلطة التشريعية محاسبة الحكومة او السلطة التنفيذية عن التهم الموجهة الى وزارة معينة او مجلس الوزراء او احد كبار المسؤولين لن تصرف معين يتعلق بالشؤون العامة. الاستجواب هو من اخطر سلطات البرلمان في مجال رقابته على الحكومة فهو ليس مجرد طلب ايضاح او استفسار عن مسألة معينة بل هو عبارة عن محاسبة الوزارة او احد الوزراء وليس مجرد الاستفهام عن واقعة معينة او امر من الامور بل هو استيضاح يتضمن الاتهام او النقد لأي عمل عام تقوم به الحكومة(1) ومن هذا المنطلق يعتبر الاستجواب احد وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية على الحكومة، لانه ذو طبيعة اتهامية و ذات اثر عقابي اذ يمكن ان تصل الى طرح سحب الثقة عن المسؤول الحكومي.

وقد نصت الفقرة )ج( من البند سابعا من المادة 61 من الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 على الاستجواب كوسيلة رقابية برلمانية(2)، بشرط ان يكون هذا الاستجواب بموافقة 25 عضوا من اعضاء مجلس النواب، ولا تجري المناقشة الا بعد سبعة ايام على الاقل من وقت تقديمه، وفي الفقرة )ه ( من البند ثامنا من المادة 61 نص الدستور العراقي لسنة 2005 على ان )لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقا للاجراءات المتعلقة بالوزراء وله حق اعفائهم بالأغلبية المطلقة(.

واورد مجلس النواب العراقي في نظامه الداخلي وضمن المواد من 56 الى 61 لتنظيم حق الاستجواب بشروطه الشكلية و الموضوعية(3) اما عن استجواب رئيس الجمهورية فلا يوجد اي نص لا في الدستور العراقي النافذ و لا في النظام الداخلي لمجلس النواب، ولهذا نقترح على المشرع الدستوري العراقي اضافة فقرة جديدة الى البند ثامنا من المادة61 من الدستور تتضمن حق استجواب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب عن تصرفاته المتعلقة بالشؤون العامة اذا كانت مخالفة للدستور، و فيما يتعلق بإجراءات سلطات الضبط الاداري في انتهاكهم للحقوق و الحريات الاساسية و المكفولة دستوريا، نقترح اضافة مادة دستورية من قبل المشرع الدستوري العراقي و تتضمن الآتي : في حالة انتهاك الحقوق و الحريات المكفولة في الباب الثاني المواد 14-46 من قبل اية جهة حكومية، لمجلس النواب حق استجواب المسؤولين عن هذا التصرف وفقا للاجراءات المتعلقة بالوزراء، وله حق اعفائهم بالأغلبية البسيطة حتى واحالتهم الى المحكمة ،وذلك لأنه و منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 و مرورا بالعهد السابق و تغيير النظام سنة 2003 وحتى الان حصلت هناك انتهاكات جسيمة وعديدة من قبل السلطات الحكومية بما فيها سلطات الضبط الاداري في كل انحاء العراق .

كذلك ما حدثت في الاونة الاخيرة من احداث شباط 2009 في محافظة السليمانية و الاحداث التي حصلت في الموصل و التي ادت الى قتل المتظاهرين في8/3/2013 غيرها من الاعتداءات الواضحة على المتظاهرين في العراق(4)، وتصريح وزير حقوق الانسان العراقي بوجود 2500 شكوى عن حالات التعذيب من قبل السلطات العراقية و التي وجه انتقاد اليها من قبل منظمة Human Rights Watch و بالأخص الى الحكومة العراقية في اجراءاتها شديدة الجسامة ضد المحتجزين و المتظاهرين و المسجونين(5) فما احوجنا نحن في العراق وفي دستور كوردستان المرتقب الى مادة دستورية لتفعيل الرقابة البرلمانية ومنها الاستجواب بوحفه وسيلة رقابية لمجل النواب على سلطات الضبط الاداري في اجراءاتها لحماية الحقوق و الحريات العامة المكفولة دستوريا ومع ذلك فاننا لم نجد خلل بحثنا في اروقة مجلس النواب العراقي و ارشيف برلمان كوردستان وحتى هذا اليوم عن ما يثبت قيامهما بمحاسبة مسؤول حكومي او سحب ثقة عنه او القرار بتوجيه عقوبة لأحد اعضاء الضبط الاداري عن الانتهاك بحقوق و حريات الافراد، وهذا يؤكد ضعفهما في هذا الجانب اسوة بغيرهما من برلمانات دول العالم.

__________

1- عبدالكريم محمد محمد السردي، الرقابة الشعبية على سلطة رئيس الدولة، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2009 ، ص 308 – و المحامي وسيم حسام الدين الاحمد، الرقابة البرلمانية على اعمال الادارة النظام البرلماني و الرئاسي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010 ، ص 325 – و عبدالعزيز بن حمود اللحيدان، وسائل الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية، رسالة ماجستير مقدمة الى جامعة الملك عبدالعزيز، 1427 ص 120

2- الفقرة )ج( من البند سابعا من المادة 61 تنص على ان ) لعضو مجلس النواب و بموافقة 25 عضوا توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد سبعة ايام في الاقل من تقديمه(.

3- للمزيد حول هذه الشروط انظر المواد (56-61) من النظم الداخلي لمجلس النواب العراقي – ود.دنا عبد الكريم ، مصدر سابق ، ص 255 ومابعدها .

4- للمزيد حول هذه الاحداث انظر القنوات الاعلامية في التواريخ المحددة ومنها جريدة هه ولير اليومية العدد 1577 في 10/3/2013 والعدد 1630 في 23/4/2014 – وجريدة خه بات اليومية العدد 4275 في 10 /3/2013- وقرارات سلطات الضبط الاداري بعد تفجيرات 29/9/ 2013 في اربيل عاصمة اقليم كردستا ن العراق وذلك بمنع التجوال من والى داخل المدينة وضرب الصحفيين منهم الصحفي لقناة روداو الفضائية في 29/9/2013 .

5- انظر الدائرة الاعلامية لوزارة حقوق الانسان في 3/2/2013 – وقنوات التلفزة الفضائية ومنها قناة كوردستان الفضائية وقناة كركوك الفضائية في 3/2/2013 .

المؤلف : عبد الملك يونس محمد – محمد خورشيد توفيق
الكتاب أو المصدر : مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك العدد16 المجلد 5
الجزء والصفحة : ص103-106

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .