بحث و دراسة تحليلية عن الأثر النسبي للعقد في ضوء القانون المدني الفلسطيني

جامعة الأزهر – غزة
كلية الدراسات العليا والبحث العلمي

برنامج الماجستير – قسم القانون الخاص
الأثر النسبي للعقد في ضوء القانون المدني الفلسطيني رقم (4) لسنة 2012
،،دراسة تحليلية ،،

إعداد الطالب
أحمد سليمان كمال العمصي

إشراف الدكتور
سالم حماد الدحدوح
2013 م / 1435هـ

مقدمـــــــــة

يعتبر العقد من التصرفات الشائعة في المجتمعات لما يعود عليه من منفعة على أطرافه .

والعقد هو عبارة عن توافق إرادتين على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله ، وهناك أنواع مختلفة للعقد ، إلا أنها تتفق في ترتيب آثار قانونية تنصرف إلى أطراف العقد دون غيرهم ، والخلف العام باعتبارهم من المتعاقدين لا الغير ، وتنصرف آثار العقد إلى الغير في حالة الاشتراط لمصلحة الغير والتي تعتبر استثناءً حقيقياً على مبدأ نسبية العقد من حيث الأشخاص.

كما أن أطراف العقد لا يلتزمون إلا بما ورد بالعقد من التزامات دون غيرها ، وفي حالة غموض تلك الالتزامات ، يتم اللجوء للقضاء لمعرفة الالتزامات ، ويلتزم القاضي أثناء تفسيره العقد بالقواعد المتعلقة بتفسير العقود سواء كانت غامضة أو وجود شك في التعرف على إرادة الخصوم .

إلا أن هناك حالة تمنع الأطراف من تنفيذ التزاماتهم بصورة تطابق ما ورد في العقد ، وذلك إذا وجدت ظروف طارئة من شأنها التأثير على تنفيذ الالتزامات بصورة طبيعية .

ويهدف هذا البحث إلى تأصيل وتفسير مبدأ نسبية العقد ، والاستثناءات الواردة عليه .

إشكاليات البحث :

1-متى يعتبر الخلف العام من الغير ؟ .

2-هل يعتبر التعهد عن الغير استثناءً على مبدأ نسبية العقد؟.

3-هل يعتبر الاشتراط لمصلحة الغير استثناءً على مبدأ نسبية العقد؟.

4-هل يجوز رجوع المشترط في اشتراطه ؟.

5-هل يعتبر المتعهد كفيلاً عن المتعهد عنه في تنفيذ التزاماته إذا ما قبل التعهد؟.

6-هل القاضي مقيد أثناء تفسيره للعقد ؟.

7-ما تأثير الظروف الطارئة على تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم ؟ .

8-هل توافر الظرف الطارئ يوجب إعمال نظرية الظروف الطارئة؟.

9-هل القاضي دائماً ملزماً بالتفسير لصالح المدين في حال الشك في التعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين ؟ .

10-هل يعتبر الدائن خلفاً للمدين ؟.

أهمية البحث :

إن من شأن تفصيل وتأصيل مبدأ نسبية العقد ، سواء من حيث الأشخاص أو الموضوع ، وبيان الاستثناءات التي ترد عليه ، أهمية في التمييز بين تلك التصرفات والتي تعود ببيان الحقوق التي يجوز لأحد طرفي العقد التمسك بها قبل الغير ، إذا ما رتب حقوقاً للغير إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وأيضا بيان الدور الرقابي المعمول على القاضي في تفسيره للعقد وتطبيقه لنظرية الظروف الطارئة .

منهج البحث :

اعتمدنا في هذا البحث على المنهج التحليلي في تفسير وتحليل نصوص القانون المدني الفلسطيني رقم (4) لسنة (2012) ، مع التدليل والاهتداء لأراء الفقهاء في بعض المواضع .

خطة البحث :

ينقسم البحث إلى فصلين وهم :

الفصل الأول : نسبية العقد من حيث الأشخاص .

المبحث الأول : أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين .

المبحث الثاني : أثر العقد بالنسبة للغير .

الفصل الثاني : نسبية العقد من حيث الموضوع .

المبحث الأول : تفسير العقد .

المبحث الثاني : نطاق العقد .

المبحث الثالث : القوة الملزمة للعقد .

آثار العقد

إذا نشأ العقد صحيحاً فإنه يكتسب القوة الإلزامية ويرتب آثاره ، وآثار العقد لا تنصرف إلا للمتعاقدين دون غيرهم بالأصل[1]، ووجب عليهم تنفيذ ما يتضمنه من التزامات ، و يعرف هذا بنسبية العقد من حيث الأشخاص ، ويُلزم طرفي العقد بما تضمنه من التزامات دون غيرها ، ويعرف هذا بنسبية العقد من حيث الموضوع .

لذا سنقسم دراستنا إلى فصلين :

الفصل الأول: نسبية العقد من حيث الأشخاص ، وهو عبارة عن مبحثيين:

المبحث الأول : أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين .

المبحث الثاني : أثر العقد بالنسبة للغير .
الفصل الثاني : نسبية العقد من حيث الموضوع ، وهو عبارة عن :

المبحث الأول : تفسير العقد .

المبحث الثاني : نطاق العقد .

المبحث الثالث : القوة الملزمة للعقد .

الفصل الأول
نسبية العقد من حيث الأشخاص

تنصرف آثار العقد بالأصل للمتعاقدين دون غيرهم ، ولا تتجاوز آثاره إلى الغير إلا في حالة الاشتراط لمصلحة الغير والذي يعتبر استثناءاَ حقيقياً على قاعدة نسبية العقد ، وسنفصل ذلك مبحثين ، أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين في مبحث أول ، وأثر العقد بالنسبة للغير في مبحث ثانٍ.

المبحث الأول
أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين

تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين ، ويقصد بالمتعاقدين هما أطراف العقد وخلفهم العام وخلفهم الخاص ، إلا في حالات معينة لا ينصرف فيها آثار العقد إلى الخلف ، ولا يعتبر الخلف العام أو الخاص من الغير .

والخلف العام هو من يخلف الشخص في ذمته المالية أو جزء منها باعتبارها مال ، كالوارث والموصى له بحصة من التركة .

أما الخلف الخاص فهو من يخلف الشخص في عين معينة بالذات أو حق عيني عليها ، كالمشتري يخلف البائع في العين المبيع ، والموصى له بعين يخلف الموصي فيها ، والمنتفع يخلف المالك في حق الانتفاع .

وقد يخلف الشخص في حق عيني وارد على حق شخصي مثل الدائن المرتهن لدين ، فهو يتلقى حق عيني وهو الرهن ، ومحله حق شخصي وهو الدين المرهون ، وقد يخلف الشخص في حق شخصي وارد على حق عيني كالخلافة في الحق المحال به[2].

ولا يعتبر الدائن خلفاً للمدين ، إلا أنه يتأثر بالعقد من حيث زيادة الضمان العام ونقصانه ، ولا تنصرف إليه آثار العقد كما تنصرف إلى الخلف ، ويتأثر باعتبار التصرف واقعة مادية على عكس الخلف الذي يتأثر بالعقد باعتباره تصرف قانوني[3].

المطلب الأول
الخلف العام

تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين وخلفهم العام ، مع مراعاة القواعد المتعلقة بالميراث[4]، ويترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام ، أنه يسري في حق الخلف ما يسري في حق السلف بشأن العقد ، فلا يشترط ثبوت التاريخ حتى يكون حجة له أو عليه ، ويسري في حقه العقد الحقيقي لا العقد الصوري[5].

وتنتقل الحقوق من المورث إلى الوارث كاملة ، أما فيما يتعلق بالالتزامات فإنها لا تنقل ولا يُسأل عليها الوارث إلا في حدود ما آل إليه ، وذلك إعمالاً لقاعدة الميراث لا تركة إلا بعد سداد الديون ، و تبقى الالتزامات معلقة بذمة المورث أي تركته ، وما تبقى من حقوق فإنها توزع على الورثة ، فإذا مات البائع انتقل الحق في المطالبة بالثمن إلى الوارث ، ولم ينتقل الالتزام بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ، بل يبقى في التركة[6].

وذلك على عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي ، الذي يعتبر شخصية الوارث امتداد لشخصية المورث ، وعليه تنصرف آثار العقد الذي أبرمه المورث من حقوق والتزامات إلى الوارث دون تحديد لمسئوليته ، ويُسال عنها الوارث حتى وإن جاوزت ما آل إليه من مورثه ، إلا إذا اشترط خلاف ذلك قبل قبول التركة ، وهو ما يعرف بقول التركة بشرط الجرد ، فتتحدد مسئوليته بقدر ما آل إليه من حقوق[7].

ورغم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام ،إلا أنه في حالات معينة لا تنصرف فيها آثاره إليهم وهي :

أولا : يعتبر العقد شريعة المتعاقدين ، وعليه يجوز للأطراف الاتفاق على اقتصار آثار العقد عليهم بشرط ألا يخالف ذلك القانون والنظام العام والآداب العامة ، ومثال ذلك أن يتفقا على منح المشتري أجلاً لسداد الثمن دون أن ينتقل هذا الحق إلى الوارث ، أو الاتفاق على تقسيط الثمن دون أن ينتقل هذا الحق للورثة ، أما إذا اتفقا على شرط يخالف القانون أو النظام العام أو الآداب العامة فإنه يقع باطلاً وينصرف أثر العقد إلى الخلف العام .

ثانيا : إذا كانت طبيعة الحق لا تسمح بانتقاله إلى الخلف العام ، مثل حق الانتفاع الذي ينتهي بموت المنتفع ، و الإيراد في المرتب مدى الحياة الذي ينتهي بوفاة صاحبه ، أو شخصية أحد الأطراف كانت محل اعتبار مثل الطبيب والمهندس والمحامي فيما يتعلق بأعمال مهنهم ، فلا يستطيع الوارث تنفيذ التزامه .

ثالثا : إذا كان هناك نص في القانون يقضي بعدم انتقال حق إلى الوارث، كالشركة تنتهي بوفاة أحد الشركاء ، والوكالة تنتهي بوفاة الوكيل أو الموكل ، وعقد المزارعة الذي ينقضي بوفاة المزارع .

رابعا : يعتبر الخلف العام من الغير بالنسبة لسلفه ، إذا صدر تصرف من المورث باعتباره وصية ، كالايصاء لأحد الأشخاص أو كان التصرف صادراً في مرض الموت دون معاوضة ، فلا ينصرف أثر العقد إلى الخلف العام إذا كانت وصية لأحد الورثة ولم يجيزوه ، ولا ينصرف إليه فيما جاوز ثلث التركة إذا كانت وصية لأجنبي إلا إذا أجازوه .

المطلب الثاني
الخلف الخاص

إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء ثم انتقل بعد ذلك إلى الخلف الخاص، فان هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء ، إذا كانت من مستلزماته ، وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه[8].

و الخلف الخاص هو من يخلف سلفه في ملكية شيء ،أو في حق معين سواء كان الحق الذي تلقاه الخلف حقاً عينياً أم كان حقاً شخصياً[9]، كالمشتري الذي يعتبر خلفاً خاصاً للبائع في ملكية العين المعينة المباعة ، والمحال له يعتبر خلفاً خاصاً للدائن المحيل في الحق المحال ، وهو استخلاف في حق شخصي ، وصاحب حق الانتفاع خلفاً خاصاً لمن تلقى عنه هذا الحق ، وهو استخلاف في حق عيني وارد على عين معينة ، وأما من يترتب له في البداية حق شخصي قبل آخر فإنه لا يعتبر خلفاً ، كالمستأجر قبل المؤجر ، يعتبر التزامه بدفع الأجرة دائناً وليس خلفاً للمؤجر[10].

ويشترط لانصراف أثر العقد إلى الخلف الخاصثلاثة شروط :

1-أن يكون العقد أبرم بشأن الشيء المستخلف فيه : وهذا يعني أن أثر العقد لا ينصرف إلى الخلف الخاص إلا إذا تعلق الحق أو الالتزام بشأن الشيء المستخلف فيه ، أما إذا كان الحق أو الالتزام غير متعلق بالشيء المستخلف فيه ، فإنه لا ينصرف إلى الخلف ، كأن يبرم السلف عقد قرض لبناء هذه العين ، فلا ينتقل أثر العقد إلى المشتري لأن الأثر لا يتعلق بشأن الشيء المستخلف فيه وإن كان ضماناً عاماً له، وأيضا إذا استأجر السلف كراج لوضع سيارته فيه ، ثم باع السيارة فلا ينتقل أثر عقد الإيجار إلى المشتري أي الخلف الخاص لأنه لا يتعلق بشأن الشيء المستخلف فيه .

2-أن يكون العقد أبرم قبل انتقال الشيء المستخلف فيه إلى الخلف الخاص : وهذا يعني أن العقود التي يبرمها السلف بعد انتقال الشيء المستخلف فيه إلى الخلف الخاص وإن تعلقت بشأن الشيء المستخلف فيه لا تنصرف آثاره إليه ، لذلك وجب أن يكون تاريخ العقد ثابتاً وسابقاً على انتقال الشيء المستخلف فيه ، فإذا أبرم البائع عقد إيجار للشقة التي باعها بعد البيع ، فلا ينفذ هذا العقد في مواجهة المشتري .

3-أن تكون الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد من مستلزمات الشيء:وتكون من مستلزمات الشيء إذا كانت حقوق مكملة للشيء أو التزامات محددة للشيء

أ‌-الحقوق المكملة للشيء ، وهي أما حقوق عينية رُتبت لمصلحة الشيء كحقوق الارتفاق لمصلحة العقار المباع فإنها تنتقل إلى المشتري باعتباره خلفاً خاصاً للبائع، وإما حقوق شخصية تهدف إلى درء الضرر عن الشيء المستخلف فيه كالتأمين ضد الحريق على المنزل، حيث ينتقل الحق في التعويض في حالة الحريق للخلف الخاص ، وإما حقوق تأمينية للشيء المستخلف فيه ، كتحويل الدائن لحقه فإنه ينتقل للمحال إليه بتأميناته الرهن والكفالة .

ب‌-الالتزامات المحددة للشيء ، وهي إما ارتفاقات عينية تثقل الشيء المستخلف فيه ، فإنها تتنقل مع الشيء المستخلف فيه ، فإذا أبرم البائع عقد ارتفاق لمصلحة عقار مجاور ، يجعل منه التزام ينتقل إلى المشتري ويلتزم به قبل العقار المخدوم ، وإما تكون التزامات شخصية تقيد من استعمال الشيء المستخلف فيه ، فإذا التزم البائع بعدم تحويل المنزل السكني إلى مطعم أو التزام بأن لا يبني أكثر من أربعة طبقات ، فإن هذه الالتزامات تنتقل إلى المشتري ويتقيد بها باعتباره خلفاً خاصاً للبائع.

أما الالتزامات التي لا تعتبر من مستلزمات الشيء المستخلف فيه ، لا تتنقل إلى الخلف الخاص ، فإذا أبرم البائع عقد إيجار لكراج ليضع سيارته فيه ، فإنه لا ينقل الالتزام بدفع أجرة الكراج إلى مشتري السيارة ولا ينقل حقه في وضع السيارة في الكراج ، وأيضاً إذا التزم البائع قبل المقاول بأن يقوم ببناء الأرض فإنه لا ينتقل هذا الالتزام إلى مشتري الأرض .
4- وجوب علم الخلف الخاص بالحقوق والالتزامات حتى تتنقل إليه : وبجب أن نفرق بين العلم بالالتزام والعلم بالحق ، فالعلم بالالتزام يجب أن يكون علما يقينيا وليس إمكانية العلم فقط ، إلا أن التصرفات التي يوجب القانون شهرها أو تسجيلها أو قيدها تغني عن العلم اليقيني لأن العلم الحقيقي مفترض ، وبالتالي لا يستطيع الخلف الإدعاء بعدم العلم بهذا الالتزام للتهرب منه ، أما الحقوق فالعلم كافي لانتقالها إلى الخلف وحتى إن كان متأخراً عن وقت انتقال الشيء المستخلف فيه ، وإن تمسك الخلف بالحقوق جاز للمتعاقد أن يطالبه بالالتزامات المتقابلة[11].

المبحث الثاني
أثر العقد بالنسبة للغير

تنصرف آثار العقد إلى للمتعاقدين ولا تنصرف إلى الغير، ذلك أن الأصل أن العقود لا تضر ولا تنفع إلا عاقديها ، إلا أن القانون أجاز أن ترتب حقا للغير ، ولم يجز أن تنشئ التزاما في ذمة الغير[12]، إلا أنه قد ينشئ التزاما في ذمة الغير كما في العقود التي تبرمها الأغلبية فإنها تلزم الأقلية ، كما في تصالح جماعة الدائنين مع التاجر المفلس[13].

والغير إما يكون من الخلف العام كما في التصرفات التي تصدر في مرض الموت ، حيث أنها تعتبر وصية ويعتبر الخلف العام من الغير فيما جاوز ثلث التركة إذا لم يجيزها الورثة ، وإما يكون من الخلف الخاص إن لم يتعلق بالشيء المستخلف فيه أو كان متعلقا به ولكنه لاحقاً لاستخلافه فيه ، وإما يكون من الغير الأجنبي عن العقد أصلاً .

وسندرس في هذا المبحث ، التعهد عن الغير في مطلب أول ، والاشتراط لمصلحة الغير في مطلب ثانٍ .

المطلب الأول
التعهد عن الغير

لا يعتبر التعهد عن الغير استثناءً على نسبية أثر العقد من حيث الأشخاص ، بل هو تطبيقاً للنظرية نسبية العقد ، حيث أن تعهده وهو القيام بإلزام وحمل شخص آخر على قبول الدخول في علاقة ما هو إلا تنفيذاً للعقد بين المتعهد والمتعهد له .

والتعهد عن الغير هو التزام شخص قبل شخص آخر بأن يحمل شخص آخر على القيام بعمل ما[14]، ومثاله التزام الشركاء بحمل الشريك الغائب على قبوله الدخول في عقد ما أو بيع الشركة أو تصرف آخر .

وسنفصل التعهد عن الغير ، من خلال بيان شروط التعهد عن الغير في فرع أول ، وأحكام التعهد عن الغير في فرع ثانٍ.

الفرع الأول
شروط التعهد عن الغير

يشترط القانون المدني الفلسطيني لصحة اتفاق التعهد عن الغير ثلاثةشروط وهي :

أولاً : يجب أن يتعاقد المتعهد باسمه لا بسم المتعهد عنه ، وذلك ما يميزه عن الوكيل ، في أن الوكيل يتعاقد باسم الأصيل لا باسمه ، وعن الفضولي في أنه يتعاقد باسم رب العمل لا باسمه[15]، وبالتالي تنصرف آثار العقد في التعهد عن الغير إلى المتعهد ، فيلتزم باتفاقه ويكتسب الحقوق الواردة في الاتفاق ، أما في الفضالة والوكالة فتنصرف آثار العقد إلى الأصيل ، ويلتزم الأصيل بما تضمنه العقد من التزامات ويكتسب ما تضمنه من حقوق .

ثانياً : يجب أن يلزم المتعهد نفسه لا المتعهد عنه ، وذلك إعمالاً لنظرية نسبية العقد ، في أنه يُلزم الغير بالتزام تضمنه عقد لم يكن طرفاً فيه ، وإن جاز أن يكسبه حقاً .

وإن قبل المتعهد عنه التعهد فإنه يلتزم بما تضمنه العقد الجديد بينه وبين المتعهد له ، لا بما تضمنه العقد بين المتعهد والمتعهد له .

ثالثاً : أن يكون محل الالتزام هو حمل الغير على قبول التعهد ،ومحل عمله هو القيام بعمل وليس بذل عناية[16]، ويتوقف التزام المتعهد عند قبول المتعهد عنه للالتزام ولا يكفل تنفيذه ، وهذا ما يميزه عن الكفيل ، في أن الكفيل يكفل تنفيذ المدين لالتزام ، أما المتعهد فإنه يلتزم فيكفل إيجاد الالتزام في ذمة المتعهد عنه ولا يكفل تنفيذه .

الفرع الثاني
أحكام التعهد عن الغير

تحدثنا سابقاً أن التعهد عن الغير هو التزام المتعهد فبل المتعهد له بحمل المتعهد عنه بقبول التعهد ، ولا يرتب أي التزام في ذمة المتعهد عنه ، فإذا قبل المتعهد عنه التعهد ، انتهى التزام المتعهد ، أما إذا رفض المتعهد عنه التعهد ، يكون المتعهد مخلاُ بالتزامه ، وسنشرح ذلك في غصنين .

الغصن الأول
قبول التعهد

ويكون قبول المتعهد عنه إما صراحة أو ضمناً ، ويكون القبول ضمنياً بتنفيذ المتعهد عنه التعهد ، ولا يُشترط شكل معين في القبول إلا إذا نص القانون على ذلك كما في الرهن الرسمي والهبة ، ويُشترط توافر الأهلية (حسب نوع التصرف ) في المتعهد عنه .

ويعتبر قبول المتعهد عنه قبولاً للإيجاب الذي أصدره المتعهد له ، ويترتب عليه الدخول في عقد جديد ، أطرافه هم المتعهد له والمتعهد عنه ، ويرتب التزامات على كل من المتعهد له والمتعهد عنه ، ويلتزموا بها ولا يعتبر ذلك مخالفاً لقاعدة نسبية العقد ، حيث أنها التزامات رتبت على العقد الجديد لا العقد القديم .

ويسري أثر العقد من وقت صدور الإيجاب ، لا من وقت ( التعهد ) التعاقد بين المتعهد والمتعهد له ، إلا قصد المتعهد صراحة أو ضمنياً ذلك[17]، ويجب ألا يضر القبول بأثر رجعي بمن اكتسب حقاً من الغير قبل تاريخ القبول ، كأن يقبل التعهد وهو بيع عقار سبق أن باعه لشخص آخر[18].

وينتهي التزام المتعهد وتبرأ ذمته بمجرد قبول المتعهد عنه التعهد ، ولا يكفل تنفيذ المتعهد عنه الالتزام ، كما هو في الكفالة .

الغصن الثاني
رفض التعهد

يحق للمتعهد عنه أن يرفض التعهد ، فهو غير مُلزم بقبوله ، ولا يتحمل أية مسئولية إذ رفض التعهد .

لكن يتحمل المتعهد المسئولية في حالة رفض المتعهد عنه التعهد ، ووجب عليه تعويض المتعهد له عن الضرر الذي لحق به نتيجة رفض المتعهد عنه التعهد ، ويقدر التعويض وفق القواعد العامة .

ولا يجوز للمتعهد له أن يجبر المتعهد بتنفيذ التعهد ، ولكن يجوز للمتعهد تنفيذ الالتزام محل التعهد إذا كان تنفيذه ممكناً وكان غير متعلق بشخص المتعهد عنه كالطبيب والمحامي في القيام بأعمالهم ، وذلك لإبراء ذمته من التعويض .

المطلب الثاني
الاشتراط لمصلحة الغير

الاشتراط لمصلحة الغير هو عبارة عن عقد يبرم بين شخص (المشترط) وبين شخص آخر (المتعهد) لمصلحة شخص أجنبي عن العقد (المنتفع) .

ويختلف الاشتراط لمصلحة الغير عن التعهد عن الغير في أن الغير يكتسب حقه من العقد الذي لم يكن طرفاً فيه ، وأنه يوجد عقد واحد لا عقدين كما في التعهد عن الغير ، كما أن الاشتراط لمصلحة الغير يعتبر استثناءً على قاعدة نسبية العقد[19]، وذلك بخلاف التعهد عن الغير الذي يعتبر تطبيقاً حقيقياً لقاعدة نسبية العقد .

ومن أمثلة الاشتراط لمصلحة الغير ، عقد الهبة الذي يشترط فيه الواهب على المواهب إيراد مرتب مدى الحياة ، وعقد التأمين الذي يشترط فيه الأب أن يكون لمصلحة أبنائه ، والعقد الذي يشترط فيه البائع على المشتري أن يبقي العمال في العمل وبمرتب محدد .

والغير يكون شخص أو جهة مستقبلية ، أو شخص أو جهة غير معينين وقت إبرام العقد ولكن بشرط إمكانية تعينهم وقت ترتيب العقد آثاره طبقاً للاشتراط ، فقد يكون الغير ابناً لم يأتي بعد ، أو التأمين لمصلحة المرسل إليه البضاعة الغير معروف .

الفرع الأول
تطور الاشتراط لمصلحة الغير في فرنسا

كان تصور مثل الأمر متعذراُ في ظل القانون الروماني ، حيث سادت فيه روح الشكلية مع إضفاء الطابع الشخصي على رابطة الالتزام ، إذ لا يتصور في ظل هذا الطابع أن ينعقد إلا بين طرفيه وفق قاعدة نسبية أثر العقد على نحو كامل ، والذي لا يجوز معه أن ينشأ حق من العقد لغير عاقديه ، بل وصل الأغراق في الطابع الشخصي إلى حد أنه حتى في فرض إبرام العقد بطريق النيابة ، فان أثر العقد الذي يبرمه النائب إنما ينصرف إلى ذمته ولا ينصرف إلى ذمة الأصيل ، وهو ما يتعارض تماما مع المفهوم الحديث لتقنية النيابة في التعاقد ، غير أن القانون الفرنسي لم يستمر أسيراً للمفهوم الضيق ، فأقر المفهوم الصحيح للنيابة في التعاقد ، وأقر أثرها الذي يؤدي إلى انصراف آثار العقد إلى الأصيل وليس إلى النائب . ثم كان التساؤل حول مدى إمكانية انتفاع الغير بحقوق ناشئة عن عقد لم يكونوا أطرافاً فيه ؟.

أورد الفقيه الفرنسي بوتيه المبدأ الروماني الذي يحظر الاشتراط لمصلحة الغير وبرر ذلك بعدم وجود مصلحة للمشترط ، ولكنه خفف من صرامة هذا المنع بإقرار تخلف التزام طبيعي عن الاشتراط الباطل ، فضلاً عن أنه يصبح نافذاً مدنياً إذا كان الحق الذي يسعى المشترط إلى إنشائه للغير هو شرط للعقد الذي أبرمه المشترط من أجل نفسه , وكذلك الحال لو كان الاشتراط لمصلحة الغير قد جاء في إطار تبرع قدمه المشترط للمتعهد ، ثم انتهى المطاف بإقرار القانون المدني الفرنسي للفكرة ، ولكنه قرر أولاً مبدأ أنه لا يجوز بصفه عامة أن يتعهد شخص أو أن يشترط باسمه إلا لنفسه (1119 مدني فرنسي) ثم جاءت المادة 1121 مدني فرنسي لتضع استثناء في حالتين هما حالة ما إذا كان الاشتراط لمصلحة الغير شرط في تعاقد يبرمه الشخص لنفسه ، والحالة الثانية هي حالة ما إذا كان الاشتراط يمثل التزاماً على عاتق الموهوب له بناءً على اشتراط الواهب ، ولمصلحة الغير.

وفي القرن التاسع عشر ، بعد صدور القانون المدني ، بدأ الفقه يتساهل عن شرط أن يكون المشترط قد اشترط لنفسه ، بل يكفي أن يكون الاشتراط لمصلحة الغير كلياً ، ما دام أن للمشترط مصلحة مالية في ذلك ، كأن يشترط البائع على المشتري سداد كامل الثمن لشخص دائن البائع ، وإذا لم يفي المشتري بهذا الالتزام جاز للبائع التمسك بالفسخ.

وفي مرحلة ثانية امتد شرط المصلحة الخاصة بالمشترط لتشمل المصلحة الأدبية ، كما في بعض الهبات ، أي ألا يقتصر الأمر على المصلحة المادية[20].

الفرع الثاني
الطبيعة القانونية للاشتراط لمصلحة الغير

اختلف الفقهاء في معالجة الطبيعة القانونية للاشتراط لمصلحة الغير ، وتعددت النظريات في هذا الشأن[21].

أولاً : نظرية الإيجاب .

ويرى أصحاب هذه النظرية أن المشترط عندما يكتسب الحق المترتب على عقد الاشتراط يصدر إيجاباً إلى المنتفع بقصد نقل الحق إليه ، فإذا قبله نشأ عقداً جديداً بينه وبين المشترط ، وتنتقد هذه النظرية بأنها تعدم الاشتراط لمصلحة الغير الذي يعتبر استثناءً على قاعدة نسبية العقد ، والتي ترتب حقاً مباشراً للغير دون أن يمر في ذمة المشترط .

ثانياً : نظرية الفضالة .

ويرى أصحاب هذه النظرية أن المشترط يعتبر فضولياً يعمل لمصلحة المنتفع ، فإذا أقر المنتفع عمله ، انقلبت الفضالة إلى وكالة ويصبح المنتفع هو المتعاقد مع المتعهد ، وتنتقد هذه النظرية بأن هناك فروق بين الاشتراط لمصلحة الغير والفضالة ، في أن من شروط الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون للمشترط مصلحة شخصية في اشتراطه ، ولا يمكن تصور ذلك في الفضالة ، وأيضاً يجب على الفضولي الاستمرار بأدائه لعمله وذلك بخلاف المشترط الذي يجوز له الرجوع في اشتراطه وتعين نفسه أو غيره ، بشرط أن يكون ذلك قبل قبول المنتفع .

ثالثاً :نظرية الإرادة المنفردة .

ويرى أصحاب هذه النظرية أن أساس الحق الذي يكتسبه المنتفع هو الإرادة المنفردة للمتعهد ، وتنتقد هذه النظرية في أنها لا تتفق مع أحكام الاشتراط لمصلحة الغير ، والتي تجيز للمشترط دون المتعهد في الرجوع عن اشتراطه قبل قبول المنتفع للاشتراط ، أما في الإرادة المنفردة فإن المتعهد وحده من يستطيع الرجوع في اشتراطه لا المشترط .

رابعاً : نظرية الحق المباشر .

ويذهب أنصار هذا النظرية وبحق إلى أن المنتفع يكتسب حقاً مباشراً عن عقد الاشتراط لمصلحة قبل المتعهد، وما هو إلا خروجاً على قاعدة نسبية العقد ، وأن الحاجات العملية هي التي حملت المشرع على إقراره كنظام مستقل عن العقد .

ويترتب على اعتبار أن المنتفع يكتسب حقاً مباشراً قبل المتعهد ، أن ينتقل الحق إلى ذمة المنتفع دون أن تدخل ذمة المشترط ، وعليه لا يستطيع دائني المشترط مزاحمة المنتفع في حقه ، أما المنتفع فيزاحم الدائنين في الحصول على حقهم ، كما أن المتعهد يستطيع التمسك في مواجهة المنتفع بكافة الدفوع التي يتمسك بها في مواجهة المشترط ، كالتمسك بالفسخ وعدم التنفيذ لعدم تنفيذ المشترط التزامه .

الفرع الثالث
شروط الاشتراط لمصلحة الغير

يعتبر الاشتراط لمصلحة الغير صحيحاً ، إذا توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في القانون وهي :

أولاً : أن يتعاقد المشترط باسمه لا باسم المنتفع ، وذلك ما يميزه عن الوكيل ، في أن الوكيل يتعاقد باسم الأصيل لا باسمه وتنصرف الآثار للأصيل ، أما في المشترط فإنه يتعاقد باسمه لا باسم المنتفع ، ويكتسب الغير حقاً مباشراً رغم أنه ليس طرفاً في العقد ، وذلك يمثل خروجاً عن قاعدة نسبية العقد .

ويختلف المشترط عن الفضولي ، في أن الفضولي يتعاقد باسم رب العمل ، وأن يكون هناك حالة ضرورة توجب عليه القيام بالعمل والاستمرار فيه ، ويجب ألا تتوافر له مصلحة شخصية في أدائه العمل ، أما المشترط فيتعاقد باسمه لا باسم المنتفع ، ويكسب المنتفع حقاً مباشراً ، ويجب أن يتوافر في الاشتراط لمصلحة الغير مصلحة شخصية للمشترط مادية كانت أم أدبية ، ويجوز للمشترط الرجوع في الاشتراط ، أو تعين منتفع آخر أو تعين نفسه ما لم يعلن المنتفع قبوله ، ويحق لأية شخص الاشتراط لمصلحة الغير طالما كانت له مصلحة شخصية .

ثانياً : اشتراط حقاً مباشراً للغير : حيث يجب أن تتجه إرادة المتعاقدين إلى إنشاء حقاً مباشراً للغير مترتباً على عقد الاشتراط لمصلحة الغير ، أما إذا اشتراط المشترط لمصلحته فإنه لا يعتبر اشتراط لمصلحة الغير حتى وإن أكسب الغير حقاً ، كأن يؤمن الشخص على حياته لمصلحته ومن ثم يتوفى ، فيكتسب الغير حقاً في الأموال محل الميراث ، مترتباً على حقه في الميراث لا على عقد الاشتراط[22]، و دخول الثمن في ذمة البائع ومن ثم تحويله إلى الدائن لا يعتبر اشتراط لمصلحة الغير وإنما عقد حوالة.

وقد يفهم الاشتراط لمصلحة الغير ضمنياً ، وهذا لوحظ في بعض الأحكام القضائية الفرنسية ، حيث قضى بمسئولية المركز الطبي الخاص بتوريد الدم للمستشفى قبل المريض الذي تلقى دماً ملوثاً ، وذلك رغم أن المريض ليس طرفاً بالعقد بين المستشفى والمركز الطبي[23].

وفي حكم أخر أخذت المحكمة الفرنسية بمسئولية أمين النقل عن سلامة الركاب ، وعليه يحق للورثة مطالبة أمين النقل بالتعويض استناداً إلى أن عقد النقل يتضمن شرطاً ضمنياً لمصلحة الورثة ، لأن أمين النقل مُلزم بسلامة الركاب ، ورغم ما تعرض هذا الرأي لانتقادات إلا أن القضاء الفرنسي لم يعدل عنه[24].

ثالثاً : أن يكون للمشترط مصلحة شخصية في الاشتراط ، وذلك لأن المشترط يتعاقد باسمه لمصلحة غيره ، وهذا ما يميزه عن الفضولي الذي يجب ألا تتوافر فيه مصلحة شخصية أثناء قيامه بالفضالة .

بيد أنه يجب أن تتوفر في المشترط مصلحة ، سواء كانت المصلحة مادية كأن يشترط البائع على المشتري بأن يدفع الثمن إلى دائنه ، أو مصلحة أدبية كأن يبرم الأب عقد تأمين لمصلحة أولاده ، ويندر انتفاء هذا الشرط في عقود الاشتراط لمصلحة الغير ، وذلك لتوسع الفقه والقضاء في تفسير المصلحة الأدبية .

ولا يُشترط أن يكون للمشترط دور في الاشتراط ، بحيث يرتب له العقد حقوقاً أو التزامات ، كأن تشرط الأم على الأب لمصلحة ابنها بأن يعطيه مرتباً ، دون أن تتحمل أية التزامات ، ومصلحته هنا مصلحة أدبية .

رابعاً : أن يكون المنتفع محدد أو قابلاً للتحديد عند ترتيب العقد لآثاره :ويكون المنتفع إما شخصاً مستقلاً أو جهة مستقلة ، ويجب أن يكون الشخص أو الجهة محددة وقابلة للتعين عند ترتيب العقد لآثاره ، فإن لم يحدد المنتفع أو كان غير قابل للتعيين عند ترتيب العقد لآثاره ، فإن الشرط يبطل ، ولكن يبقى العقد وينتقل إلى المشترط أو الورثة[25].

ومثال ذلك أن يشترط الأب لمصلحة أحد أولاده ، أو لابنه الذي سيرزق به ، أو أن يؤمن صاحب العمل على عماله ، فإن أثر العقد ينصرف إلى العمال المتواجدين وقت إبرام العقد أو من يتواجد عند ترتيب العقد لآثاره .

الفرع الرابع
أحكام الاشتراط لمصلحة الغير

ينشأ عن عقد الاشتراط لمصلحة الغير ثلاث علاقات قانونية وهي : العلاقة بين المتعهد والمنتفع ، والعلاقة بين المتعهد والمشترط ، والعلاقة بين المشترط والمنتفع ، وهذه العلاقات سنبينها في ثلاثة غصون ، وسنبين أخيراً قبول ونقض الاشتراط في غصن رابع .

الغصن الأول
العلاقة بين المشترط والمتعهد

ويحكم العلاقة بين المشترط والمتعهد ، طبيعة العقد الذي تم بينهما ، فإذا كان عقد بيع تحكمها أحكام عقد البيع ، وإذا كان عقد ايجار فإن أحكام عقد الإيجار من تحكمهما .

ويراقب المشترط المتعهد في تنفيذ التزامه قبل المنتفع ويطالبه بتنفيذه إذا لم ينفذه لوجود مصلحة شخصية له في الاشتراط لمصلحة الغير ، ما لم يتبين من طبيعة العقد أن المنتفع وحده من يستطيع مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه ، على أن المشترط وحده من يستطيع مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه في عقود الاحتكار التي تبرمها الحكومة لخدمة الجمهور ، فالحكومة وحدها من يستطيع مطالبة الجهة بتنفيذ الالتزام وليس المنتفع .

ويحق للمشترط مطالبة المتعهد وفق القواعد العامة ، كالمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة عدم تنفيذه لالتزام ، لا عما يلحق المنتفع من ضرر .

ويحق للمشترط أن يطالب بالفسخ أو عدم التنفيذ إذا توافر سبباً لذلك ، ولا يحق للمنتفع التمسك بالبطلان أو الفسخ لأنه ليس طرفاً في العقد .

الغصن الثاني
العلاقة بين المشترط والمنتفع

يحكم العلاقة بين المشترط والمنتفع قصد المشترط ، فإما يكون تبرع أو معاوضة .

كأن يرغب المشترط في التبرع للمنتفع ، فتحكمهم أحكام الهبة الموضوعية دون الشكلية لأنها هبة غير مباشرة ، فيشترط توافر أهلية التبرع في المشترط ، وجواز الطعن في صورية العقد .

أما إذا كان قصد المشترط ليس تبرعاً وإنما معاوضة ، فإن طبيعة العقد هي من تحكمهما ، كأن يكون قصد الإقراض أو سداد الدين ، أو الوديعة ، فتحكمهم أحكام القرض في الأول وأحكام الوفاء في الثانية وأحكام الوديعة في الثالثة[26].

الغصن الثالث
العلاقة بين المتعهد والمنتفع

يكتسب المنتفع حقاً مباشراً قبل المتعهد من عقد الاشتراط لمصلحة الغير من تاريخ عقد الاشتراط لا من تاريخ قبوله الاشتراط ، ويحق له مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه ، ويستفيد من كافة التأمينات التي يقدمها المتعهد ، ويجوز له مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه ما لم يتبين أن المشترط وحده من يحق له مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه .

ولا يحق للمنتفع أن يطالب المتعهد بفسخ العقد أو عدم التنفيذ لأنه ليس طرفاً في العقد ، إلا أنه يجوز للمتعهد أن يتمسك بكافة الدفوع التي يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة المشترط قبل المنتفع ، ويجوز للمنتفع تنفيذ الالتزام الذي يقع على عاتق المشترط لحمل المتعهد على تنفيذ التزامه[27].

الغصن الرابع
قبول الاشتراط ونقضه

سنبين في هذا الغصن من هو صاحب الحق في نقض الاشتراط وقبوله ، وذلك في مقطعين .

المقطع الأول
نقض الاشتراط

يحق للمشترط أن ينقض اشتراطه ، بشرط أن يكون قبل إعلان المنتفع قبوله الاشتراط[28]، ويترتب على ذلك انقضاء التزام المتعهد قبل المشترط ، ويكون النقض إما صراحة أو ضمناً ، وحق النقض هو حق شخصي للمشترط ما لم ينزل عنه ، فلا يجوز لدائني أو ورثة المشترط نقض الاشتراط لمصلحة الغير .

وقد يشترط المتعهد أن لا يستخدم المشترط حقه إلا بإجازة ذلك من قبل المتعهد ، إذ وجد مصلحة له في تنفيذ الاشتراط لمصلحة الغير ، كأن يشترط المشترط أن يفي المتعهد بالثمن لدائن مرتهن على العقار المباع إلى المتعهد ، حتى تنتقل إليه العين المباعة خالية من أية حقوق .

ولا يُشترط شكلاً معيناً في نقض الاشتراط ، وقد يكون الاشتراط صراحة أو ضمناً ، ويوجه إعلان النقض إلى المنتفع أو المتعهد ، ولكن يجب أن يوجه دائماً إلى المتعهد حتى يمتنع عن تنفيذ التزامه[29].

ولا يترتب على نقض المشارطة انتهاء الالتزام بين المشترط والمتعهد ، فقد يعين المشترط نفسه ولا نكون بهذا الصدد أمام اشتراط لمصلحة الغير بل عقداً عادياً ، أو يعين المشترط منتفعاً أخر ، ويكتسب المنتفع حقه من تاريخ الاشتراط لا من تاريخ القبول[30].

المقطع الثاني
قبول المنتفع للاشتراط

يكتسب المنتفع حقاً مباشراً قبل المتعهد من عقد الاشتراط لمصلحة الغير من تاريخ انعقاد العقد وليس من تاريخ قبوله للاشتراط ، إلا أن قبوله للاشتراط يسقط حق المشترط في نقض الاشتراط ، والقبول إما يكون صراحة أو ضمناً ، ولا يشترط شكلاً معيناً في القبول ، أو وقت محدد ما لم يتفقا في عقد الاشتراط أو إعلان لاحق للمنتفع بأن يعلن قبوله خلال فترة محددة ، فإذا لم يعلن يعتبر رافضاً للاشتراط .

وإذا تعاصر القبول والرفض تكون العبرة بالإعلان عن الإرادة وفق القانون الأردني ، والعبرة بعلم المتعهد ، فإذا علم بالقبول لا يحق للمتشرط نقض الاشتراط ، أما إذا عرف بالنقض أولاً ، فلا يجوز للمنتفع إعلان قبوله الاشتراط[31].

يجب إعلان القبول للمتعهد أو المشترط ، على أن يعلن دائماً المتعهد بالقبول حتى ينفذ التزامه .

وحق القبول للاشتراط هو حق مقرر للمنتفع وينتقل لورثته في حالة وفاته ما لم يقصد المتعاقدين صراحة أو ضمناً أن يكون الحق للمنتفع وحده .

ويعتبر رفض المنتفع للاشتراط تصرفاً مفقراً يجيز لدائني المنتفع الطعن فيه بدعوى عدم نفاذ التصرفات المفقرة للضمان العام .

الفصل الثاني
نسبية العقد من حيث الموضوع

وسنتعرف خلال هذا الفصل على القواعد المتبعة في التفسير ، ونطاقه ، والقوة الملزمة للعقد ، وذلك في ثلاثة مباحث .

المبحث الأول
تفسير العقد

يقصد بتفسير العقد كشف ما يعتريه من غموض وإيضاح المراد بخصوصه[32], أي يجب الوصول إلى قصد المتعاقدين في ضوء ما وقع اتفاقهما عليه أي يجب تحديد ما انصرفت إليه النية المشتركة للمتعاقدين.

وينقسم التفسير إلى ثلاثة أنواع حسب الجهة التي تتولى القيام به , تفسير تشريعي وتفسير فقهي وتفسير قضائي[33], وما يهمنا هنا التفسير الذي يقوم به القاضي من أجل تطبيق القانون على العقد الذي ثار الخلاف بين أطرافه حول مضمونه فالتفسير وسيلة يلجأ إليها القاضي لكي يتمكن من فض النزاع فيما بين المتعاقدين[34].

حالات تفسير العقد :

يتوجب قبل القيام بعملية تفسير العقد ,التأكد مما إذا كان العقد صحيحاً فلو كان على خلاف ذلك أي أن يكون باطلاً لا يمكن تنفيذه .

حيث أن عملية تفسير العقد تقتضى البحث في تكوينه وفى صحته وفى تحديد مضمونه لتنفيذه ، ولكي يستطاع تنفيذ العقد فلا بد من معرفة العبارات التي استخدمها المتعاقدان للتعبير عن إرادتيهما فالعبارات المستخدمة هي وسيلة لبيان إرادة كل من المتعاقدين , والتي تظهر للقاضي بعد قيامه بتفسيرها .

والعبارات المستخدمة لن تخرج عن الحالات الثلاث التالية:

أولا: عبارة العقد واضحة.

ثانياً: عبارة العقد غير واضحة.

ثالثاً: قيام الشك في التعرف على إرادة المتعاقدين.

وهذا ما سنفصله في ثلاثة مطالب .

المطلب الأول
عبارة العقد واضحة

قد يرد العقد واضحاً بعباراته من غير أن يكون في فهمه إشكال أو في معناه غموض, فيعمل به كما ورد, ويعتمد في إعماله المعنى الواضح الظاهر من عباراته, فلا محل للخروج عن معناه بتفسير يشوهه أو بتأويل يحيد به عن حقيقته.

فالعبارات الواضحة تفترض اتجاه نية من صاغها إلى مدلولها اللغوي والقانوني الذي تُفصح عنه من غير لبس في معناها .

وفى هذه الحالة لا يجوز للقاضي الانحراف عن هذا المضمون الواضح في ذلك ، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة (165) من القانون المدني الفلسطيني رقم (4 ) لسنة 2012 على “1- إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين “.

ويتضح من ذلك أنه إذا ما كانت عبارة العقد واضحة فهي لا تخضع للتفسير للتعرف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين أو من المفترض اتفاق العبارة الواضحة مع قصد المتعاقدين أو مع قصد الملتزم الحقيقي ، ففي هذه الحالة لا توجد صعوبة في الأمر إذ يطبق العقد كما هو .

فمصدر الالتزامات الناشئة عن العقد إرادة المتعاقدين, وبالرغم من كون الإرادة ذاتية بطبيعتها, إلا أنه لا يمكن معرفتها إلا بوسيلة مادية هي عبارة العقد ذاتها.

فإن كانت عبارة العقد واضحة ، لزم أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة مشتركة للمتعاقدين ، ووجب على قاضى الموضوع ألا ينحرف عن المعنى الظاهر للعبارة إلى معنى آخر, وإذا ما انحرف عن عبارة العقد الواضحة فإن ذلك يعد تحريفاً وتشويهاً لها ، مما يستوجب نقض حكمه, إذ أن وضوح العبارة يمنع القاضي من الاجتهاد في التفسير, إذ عليه أن يلتزم بالإرادة التي دلت عليها العبارة الواضحة ، ومن المفترض أن تتفق العبارة الواضحة مع قصد المتعاقدين ، لذلك فإن القانون لا يجيز الانحراف عن طريق تفسيرها للتعرف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين, وأوجب تطبيق العقد كما هو ولا تثار مسألة التفسير[35].

ولكن قد تكون عبارة العقد واضحة بذاتها ومع ذلك يكتنف الغموض حقيقة دلالتها, بل قد تكون مخالفة للقصد الحقيقي للمتعاقدين , بيد أن في هذه الحالة يكون اللفظ واضحاً لكنه لا يعبر عن الإرادة الحقيقية , بمعنى أنهم أساءا استعمال العبارة الواضحة ، بحيث يقصد الطرفان معنى غير ما ينصرف إليه اللفظ ، كأن يحصل تعارض بين عبارتين واضحتين في العقد الواحد , ولا شك في هذه الحالة أنه ينبغي الاعتداد بالمعنى الحقيقي وإهمال التعبير الوارد في العقد , ولو كان واضحاً محدداً وذلك استناداً إلى نص المادة (159) من القانون المدني ” العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ” .

ولكن ينبغي إثبات ذلك , لأنه إذا كان يفترض في التعبير الواضح المحدد أن يعد انعكاساً للإرادة وبالتالي مطابقاً لها , فإن الافتراض قابل الإثبات بالعكس , ولا يمكن تجنب التعبير الواضح المحدد والأخذ بخلافه إلا إذا ثبت أن هذا العكس هو الذي ينصرف إليه قصد المتعاقدين حقيقة , ولا بد من إثبات ذلك بصورة قاطعة , بحيث يكون من المحقق أن الطرفين قد استعملا الألفاظ الواضحة الواردة في العقد في غير المعنى المقصود حقيقة[36]، ويكون الإثبات عن طريق الأحداث والظروف الخارجة عن التعبير ذاته , وعلى القاضي في هذه الحالة وإذا ما وجد أن العبارة تحمل معنى مغاير لظاهرها ويرى أنها بحاجة إلى تفسير هذه العبارة رغم وضوحها ، وذلك يصح بشرطين:

أولاً : هو أن يفرض بادئ الأمر أن المعنى الواضح من اللفظ هو ذات المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان , فلا ينحرف عنه إلى غيره من المعاني إلا إذا قام أمامه من ظروف الدعوى ما يدل على أن المتعاقدين أساءا استعمال هذا التعبير الواضح ، فقصدا معنى وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم له هذا المعنى بل هو واضح في معنى آخر , ففي هذه الحالة يفسر القاضي اللفظ الواضح وينحرف عن معناه الظاهر إلى المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان.

ثانياً : أن يبين القاضي في حكمه ظروف الدعوى والأسباب التي حملته على الانحراف عن المعنى الواضح , فإن قصر في حكمه في ذلك كان باطلاً لعدم اشتماله على الأسباب الكافية التي يجب قانونا أن يبنى عليها انحرافه عن المعنى الظاهر[37].

المطلب الثاني
عبارة العقد غير واضحة

ويجب هنا على القاضي أن يبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين في تفسيره لعبارة العقد ، مع الاستهداء بعدة عوامل ، وهذا ما سنبينه في فرعين .

الفرع الأول
البحث عن النية المشتركة المتعاقدين

تنص الفقرة الثانية من المادة (165) من القانون المدني الفلسطيني على ما يأتي ” إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ, مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل, وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات “.

فالأصل أن ما يكون محلاً للتفسير هو عبارة العقد غير الواضحة , ويقوم القاضي بتفسيرها من خلال البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون أن يقف عند المعنى الحرفي للألفاظ .

ومن المفترض أن تكون عبارة العقد غير واضحة بحيث تحتمل أكثر من معنى, فهي في حاجة إلى التفسير, وأول ما يستبعد من هذه المعاني المحتملة هو المعنى الحرفي للألفاظ .

فهذا المعنى لا يجوز الوقوف عنده لأنه ليس هو حتماً المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان, ويتوجب على القاضي في هذه الحالة أن يستخلص من ظروف الدعوى هذا المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان معاً , أي الإرادة المشتركة للمتعاقدين , لأن هذه الإرادة المشتركة هي التي إلتقى عندها المتعاقدان وهى التي يتوجب الأخذ بها.

الفرع الثاني
العوامل التي يستهدى بها القاضي للكشف عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين

ويستهدى القاضي للكشف عن هذه الإرادة المشتركة للمتعاقدين بعوامل جاء ذكر بعضها في نص الفقرة الثانية من المادة (165) من القانون المدني الفلسطيني سالفة الذكر, فهو يستهدى “بطبيعة التعامل” , وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين, ووفقاً للعرف الجاري في المعاملات , وهذه العوامل يمكن تقسيمها إلى عوامل داخلية تكون في العقد ذاته , وعوامل خارجية عن في العقد ، وسنبين ذلك في غصنين .

الغصن الأول
العوامل الداخلية

وهذه العوامل ، إما تتعلق بطبيعة التعامل أو الثقة بين المتعاقدين ، أو ما أرشد بها المشرع القاضي الأخذ بها أثناء تفسيره لتلك العبارات .

أولاً : طبيعة التعامل , أي طبيعة العقد وموضوعه , بحيث إذا كانت عبارة العقد تحتمل أكثر من معنى ، فإن القاضي يختار المعنى الذي يتفق مع نوع العقد وطبيعته وموضوعه, كأن يكون هبة أو بيعاً أو رهناً أو إجارة ، فإذا احتملت عبارة العقد معاني متعددة اختار القاضي المعنى الذي تقتضيه طبيعة التصرف القانوني ، فلو اشترط المعير في عارية الاستعمال رد الشيء المستعار أو مثله ، لا يفسر ذلك على أنه عارية استهلاك وإنما قصد المعير عند عدم الرد إلزام المستعير دفع التعويض[38].

ثانياً : أيضا من العوامل الداخلية في العقد ما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ، والأمانة في التعامل تقضى أن على المتعاقد ألا يستغل ما وقع فيه المتعاقد الآخر من إبهام في التعبير.

فتعتبر الأمانة واجب على كل متعاقد, أما الثقة فهي حق لكل متعاقد ، وتطبيق ذلك أنه إذا كان هناك لبس أو غموض في التعبير الصادر من أحد المتعاقدين ولكن المتعاقد الآخر استطاع فهم التعبير على حقيقته , أو كان في استطاعته ذلك فتفسر العبارة على ضوء التعبير الصحيح الحقيقي باعتباره يمثل النية المشتركة للمتعاقدين بناءً على الأمانة المتوافرة بينهما كواجب على عاتق كل طرف , وبالمقابل إذا اطمئن المتعاقد إلى العبارة بحسب ظاهرها , فيجب أن تفسر وفقاً لهذا المعنى الظاهر استناداً إلى الثقة المشروعة التي تسود في العلاقة بين المتعاقدين كحق لكل منهما[39].

ثالثاً : لقد وضع المشرع الفلسطيني عدد من التوجهات يستعين بها القاضي عند تفسيره للعقد وذلك في المادة (159) وما يليها من مواد ويمكن إجمال أهم التوجيهات فيما يلي:

1-العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني , إذ لا يقف القاضي عند المعنى الحرفي للألفاظ المستعملة , حيث يجب عليه ترجيح المعنى الأكثر انطباقاً على روح العقد والغرض المقصود منه.

2-إعمال الكلام أولى من إهماله , فإذا كان أحد المعاني يجعل العبارة ذات أثر والمعنى الآخر لا يجعل لها أثراً في العقد , فيجب ترجيح المعنى الأول .

3-الأخذ ببنود العقد كاملة في التفسير ، حيث تفسر بعضها ببعض , إذ لا بد من النظر إلى العقد بصفته وحدة واحدة , حيث لا يصح تفسير كل بند على حدة بمنأى عن البنود الأخرى.

4-أن تخصيص حالة بالذكر لا يجعلها تتميز بالحكم ، فإذا باع شخص مزرعة ، وكان من توابعها آلة حرث خصت بالذكر في عقد البيع دون التوابع الأخرى من حيوانات ومبانٍ ومخازن , فهذه التوابع تدخل أيضاً ، إذ أن تخصيص آلة الحرث بالذكر يمكن أن يكون خشية قيام الشك في شمول البيع لها وأراد المتعاقدان إزالة الشك .

ويلاحظ أن جميع وسائل التفسير التي وردت في المشروع ليستعين بها القاضي في تفسير للعبارات الغامضة من أجل الوصول إلى الإرادة المشتركة للمتعاقدين ليست ملزمة للقاضي, فله أن يأخذ ببعضها دون البعض الآخر[40].

الغصن الثاني
العوامل الخارجية

ومن العوامل الخارجية في تفسير العقد ، العرف الجاري في التعامل والطريقة التي ينفذ بها المتعاقدان العقد , فهذه العوامل هي الوسائل المؤدية إلى النية المشتركة للطرفين المتعاقدين من مصادر خارج الصيغة التعاقدية ، وهو ما يطلق عليه ظروف الواقع ، وهى الظروف الشخصية والظروف الموضوعية.

أولاً : فإذا كانت عبارات العقد مبهمة وجب تفسيرها في ضوء هذا العرف[41],وإذا ما احتملت العبارة أكثر من معنى ، وجب حملها على المعنى الذي يتفق مع العرف , وفى حالة تنازع عرف عام مع عرف خاص ، وجب تقديم العرف الخاص على العام بشرط ألا يخالف القانون أو النظام العام والآداب العامة.

ثانياً : وأما بالنسبة للطريقة التي ينفذ بها المتعاقدان العقد , فإذا قاما بتنفيذ العقد على نحو معين مدة من الزمن , فسرت إرادتهما المشتركة في ضوء طريقة التنفيذ التي تراضيا عليها , فإذا اعتاد المستأجر مدة من الزمن أن يدفع الأجرة في محل المؤجر , حمل ذلك على أن المتعاقدين أرادا مخالفة القاعدة العامة من أن الأجرة تدفع في محل المستأجر واتفقا على دفعها في محل المؤجر.

ويلاحظ أن هذه العوامل لم ترد على سبيل الحصر, فيجوز للقاضي أن يلجأ إلى غيرها كلما وجد إلى ذلك سبيلاً ، فإذا كان العقد قد بدأ بتنفيذه مثلاً أمكن القاضي أن يستهدى عن النية المشتركة للطرفين بطريقة تنفيذهما إياه. وكثيراً ما يعتد المفسر بدرجة المعرفة عند المتعاقدين , فقد يدعى أحد المتعاقدين أن كلمة التنازل عن الإيجار الواردة في العقد يقصد بها الإيجار من الباطن, ولكن يرفض القاضي هذا الادعاء لأن الذي قام بتحرير العقد قانوني لا يجوز عليه الخلط بين العمليتين.

المطلب الثالث
قيام الشك في التعرف على إرادة المتعاقدين

تنص المادة (166) من القانون المدني الفلسطيني على أن” 1- يفسر الشك في مصلحة المدين , 2- ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن.

يتضح من هذا النص أنه إذا لم يستطع القاضي التوصل إلى النية المشتركة للمتعاقدين لتفسير العقد , فإن هذا يعنى وجود شك في تفسير العقد وتحديدا في مدى التزام المدين بهذا العقد , وفى هذه الحالة تقتضى القاعدة بأن يفسر الشك لمصلحة المدين بحيث يحدد التزامه بأضيق الحدود[42].

فالأصل إذن أن الشك في التعرف على إرادة الطرفين المتعاقدين يفسر في مصلحة المدين ، لأن الأصل براءة الذمة ، والالتزام أو مشغولية الذمة هي الاستثناء , ولأن الدائن هو المكلف بإثبات الالتزام ، فالالتزام يمليه الدائن لا المدين , والاستثناء الوحيد في هذا المجال هو تفسير العقد لمصلحة الطرف الضعيف اقتصادياً ولو كان دائناً كما في عقود الإذعان ، إذ لا يجوز أن تكون العبارات الغامضة ضارة بمصلحة الطرف المذعن .

المبحث الثاني
نطاق العقد

تنص المادة (148) من القانون المدني الفلسطيني على انه ” 1- يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.

2- لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف وطبيعة التصرف ” .
يتضح من هذا النص أن نطاق العقد يتحدد بما ورد واشتمل عليه النص وبما هو من مستلزماته , وتتحدد مستلزمات العقد من خلال الاستعانة بعدة عوامل تتمثل في: القانون, والعرف , وطبيعة التصرف.

1-القانون:

ونقصد بالقانون هنا القواعد القانونية المفسرة والمكملة ، إذ يترك المتعاقدان المسائل التفصيلية دون تحديد في العقد, وعندئذ تكون القوانين المكملة عوناً للقاضي في استنباط هذه المسائل ، ومثال ذلك عقد البيع الذي يتفق فيه على الثمن والمبيع ويترك زمان ومكان تسليم المبيع دون تحديد ، ومثال ذلك أيضاً التزام المستأجر بدفع الأجرة يشمل التزامه استعمال العين المؤجرة وفقا لما أعدت له والتزامه برد العين إلى المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار.

فهنا يستعين القاضي بأحكام القانون لإجراء هذا التحديد.

2-العرف:

إن العرف أيضاً يسهم في تحديد نطاق العقد كما يسهم في تفسير العقد , كما إذا جرى في جهة ما أن يكون ثمن المياه المستهلكة , أو التيار الكهربائي على عاتق المؤجر ، أو بأن يكون لمالك الأرض المؤجرة الحق في أن يرعى فيها عدداً معيناً من مواشيه.

ويعتبر من العرف في هذا الصدد ما يسمى بالشروط المألوفة ، أي التي جرت عادة المتعاقدين على إدراجها في عقود معينة حتى أصبح وجودها في تلك العقود مفروضاً حتى لو لم يتم ذكرها باعتبارها أصبحت عرفاً خاصاً لنوع معين من العقود , ومثال ذلك ما جرى عليه العرف في الفنادق والمطاعم أن تضاف نسبة مئوية معينة مقابل الخدمة ، فيعتبر هذا الشرط موجود حتى ولو لم يقال للزبون أو لم يدرج في الاتفاق , ونبين أنه إذا ما تعارض شرط مألوف مع شرط خاص أدرج في العقد فإن الشرط الخاص هو الذي يعمل به على اعتبار أن إرادة المتعاقدين صريحة في الأخذ بالشرط الخاص واستبعاد الشرط المألوف[43].

3-طبيعة التصرف:

للقاضي أن يسترشد بطبيعة التصرف والالتزام الناشئ عنه لاستكمال نطاق العقد ، فمثلاً من يبيع عيناً فيشمل الالتزام بتسليم العين ملحقات العين وما أعد بصفة دائمة لاستعمالها , فمن يبيع سيارة مثلا, يفترض أنه قد باع معها الأدوات الاحتياطية اللازمة لتسييرها , ومن يبيع عقاراً يلتزم بتسليم مستندات تملك العقار المبيع ومفاتيحه , وعقود التأمين التي عقدت لضمانه , ومن باع شهادة اختراع فإنه يلتزم باطلاع المشترى على أسرار استعماله.

المبحث الثالث
القوة الملزمة للعقد

وسنبين القوة الملزمة خلال هذا المبحث ، من خلال التعرف على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، ونظرية الظروف الطارئة ، في مطلبين .

المطلب الأول
قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ومبدأ حسن النية في تنفيذ العقد

تنص المادة ( 147) من القانون المدني الفلسطيني على أنه ” العقد شريعة المتعاقدين, لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين, أو للأسباب التي يقررها القانون ” .

وكما نصت المادة (148) في فقرتها الأولى على أنه ” يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية “.

يتضح من هذه النصوص أن العقد إذا انعقد صحيحاً بتوافر أركانه وشروطه , بالإضافة إلى شروط الصحة فإن العقد يكتسب ما يعرف بالقوة الملزمة حيث يلتزم الطرفان بآثار العقد , وينبغي تحديد ما يلتزم به كل من المتعاقدين ، وهذا يقتضى تقييد كل منهما في حدود ما اتفق عليه,

فمقتضى هذه القوة أن أحداً من العاقدين لا يملك التنصل مما التزم به في العقد ولا يملك التغيير في العقد أو إجراء أي تعديل فيه بإرادته المنفردة. بل يجب على كل منهما أن ينفذ ما التزم به , ويجب على القاضي أن يحترم اتفاق العاقدين وأن يلتزم بتطبيقه ، ويمتنع عليه أن يغير أو يبدل فيه ما قد يراه هو أنه منافٍ للعدالة , ولكن ليس هناك ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان على نقض العقد أو تعديله فمن يملك الإنشاء يملك الإلغاء.

ولا ينقص من قدر هذه القوة أن القانون قد يعطى أحد المتعاقدين الحق في إنهاء العقد في بعض العقود كالوكالة والوديعة ، إذ تبقى القوة الملزمة ما داموا ملتزمين بها .

ونبين أنه إذا كانت القاعدة العامة لقوة الرابطة العقدية تفرض على المتعاقدين عدم المساس بالعقد مطلقاً واحترام ما جاء به , فان من مقتضيات هذه القاعدة أيضاً وجوب تنفيذ العقد بحسن نية ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 148) سالفة الذكر .

بيد أن مبدأ حسن النية من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها العقد في القوانين الحديثة , ومبدأ حسن النية لا يلزم المدين باحترامه في تنفيذ التزامه فحسب , بل والدائن في استعمال حقه كذلك , فمن مقتضى عقد البيع قيام البائع إذا كان حسن النية بكل ما هو ضروري لنقل ملكية المبيع إلى المشترى , كما أن على المشترى الذي يكشف عن عيب في المبيع أن يبادر إلى إخطار البائع بذلك خلال المدة المعقولة التي تقضى بها ظروف التعاقد أو يجرى بها العرف.

ويمثل لتنفيذ العقد بحسن نية بما إذا تعهد كهربائي بتوصيل أسلاك الكهرباء فيجب عليه أن يقوم بتوصيلها من أقصر طريق ممكن.

إذن فالعقد هو الذي ينظم العلاقة فيما بين المتعاقدين ويبين الالتزامات على كل منهما , وتقوم هذه الاتفاقات التي انعقدت صحيحة مقام القانون بالنسبة لمن عقدوها شريطة ألا تخالف النظام والآداب العامة .

وطالما أن العقد هو القانون الذي ينظم العلاقة التعاقدية فيما بين المتعاقدين فإنه لا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين معاً أو للأسباب التي بينها وحددها القانون .

كما في عقود الوكالة والشركة والإيجار ، يجوز لأحد المتعاقدين أن يلغيها بإرادته المتفردة , ويجيز القانون كذلك للواهب الرجوع في الهبة إذا ما توافرت حالة من الحالات التي بينها القانون لذلك , كما ويجيز القانون رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وفقاً لنظرية الظروف الطارئة , وتعتبر هذه النظرية من أهم التطبيقات التي تتضمن خروجاً عن مبدأ القوة الملزمة للعقد , ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين وهذا ما سنبينه في المطلب الثاني[44]:

المطلب الثاني
نظرية الظروف الطارئة

ونبين من خلال هذا المطلب المقصود بنظرية الظروف الطارئة ، والشروط المطلوب توافرها لإعمالها في ثلاثة فروع .

الفرع الأول
المقصود بنظرية الظروف الطارئة

تنص المادة (151) من القانون المدني الفلسطيني على أنه ” إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها, وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي, أصبح مرهقاً للمدين, يهدده بخسارة فادحة, جاز للمحكمة تبعا للظروف أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول, ويقع باطلاً كل اتفاق يقضى بغير ذلك “.

يتضح من نص المادة أن المشرع الفلسطيني أخذ بنظرية الظروف الطارئة , فتفترض هذه النظرية وجود عقد يتراخى تنفيذه إلى أجل معين , أي أنها تطبق على العقود الزمنية التي يتراخى فيها تنفيذ العقد إلى أمد كما هو الحال في عقد التوريد وعقود البيع مؤجلة الثمن ، فإذا ما طرأ حادث أثناء تنفيذها لم يكن في الحسبان وتسبب في اختلال التوازن الاقتصادي للعقد اختلالاً خطيراً , كأن يرتفع سعر السلعة التي تعهد المدين بتوريدها ارتفاعاً فاحشاً ، أو انخفضت قيمة المبيع انخفاضاً كبيراً أصبح معه تنفيذ العقد مرهقاً يهدد المدين بخسارة فادحة إذا ما قام به .

إذن مقتضى نظرية الظروف الطارئة أن تتغير الظروف التي كانت مصاحبة لإبرام العقد فيطرأ حادث استثنائي عند تنفيذه من شأنه أن يؤدى إلى خلل في التوازن الاقتصادي للعقد , بحيث يصبح تنفيذ المدين لالتزامه مرهقا يهدده بخسارة فادحة , وفى هذه الحالة أجاز القانون للمدين رفع الأمر إلى القضاء ليعيد التوازن الاقتصادي للعقد من خلال رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول , وهذا يعد خروجاً على مبدأ القوة الملزمة للعقد ، حيث بموجب هذه النظرية تدخل القاضي وقام بتعديل العقد لرد الالتزام المرهق والذي يهدد المدين بخسارة فادحة .

أما إذا كان من شأن الحادث أن يجعل تنفيذ العقد مستحيلاً فهنا لا نكون أمام حادث استثنائي وإنما حادث قاهر من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً.

الفرع الثاني
شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة

يتضح من نص المادة سالفة الذكر أنه لتطبيق نظرية الظروف الطارئة لابد من توافر عدة شروط:

أولاً: أن يتراخى تنفيذ العقد إلى أجل معين .

تطبق نظرية الظروف الطارئة على العقود التي يتراخى تنفيذها ، سواء كانت عقود زمنية أم عقود فورية مؤجلة التنفيذ , فلا مجال لتطبيقها على العقود الفورية التي يتم تنفيذها فور انعقادها , وكذلك في العقود الاحتمالية , فيجب أن يكون العقد من العقود المحددة لما تبينه هذه العقود من ربح وخسارة ، وذلك على خلاف العقود الاحتمالية التي قد تعرض المتعاقدين إلى خسارة فادحة أو كسب كبير فهي قائمة على عنصر الاحتمال.

ثانياً: أن يطرأ حادث استثنائي بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه .

يلزم أيضاً لتطبيق هذه النظرية أن نكون بصدد حادث استثنائي , أي يكون نادر الوقوع وعلى غير المألوف حدوثه, كوقوع حرب أو فيضان مرتفع أو إضراب مفاجئ أو زلزال وغيرها , ويجب أن يكون هذا الحادث عاماً , فلا يكفى أن يقتصر على المدين فقط كمرضه مثلا أو إفلاسه, فهذه تعد ظروف خاصة به وحده .

ويجب أن يقع هذا الحادث الاستثنائي بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه ، أما إذا وقع الحادث قبل إبرام العقد ، فهنا لا نكون أمام حادث استثنائي يفتح المجال أمام نظرية الطارئة لتطبيقها وإزالة الالتزام المرهق على عاتق أحد أطراف العقد ، وذلك على اعتبار أن المتعاقدين كانا يعرفان بالحادث الاستثنائي ويتوقعان ما ينتج عنه وتأثيره على تنفيذ الالتزامات ، على عكس ما يجهلاه الطرفان في الحادث الاستثنائي .

ثالثاً: أن يكون الحادث الاستثنائي غير متوقع ولا يمكن دفعه .

ونقصد بذلك ألا يكون الحادث الاستثنائي متوقعاً من المدين وقت إبرام العقد فإذا كان هذا الحادث متوقعاً للمتعاقدين لا تنطبق عليه نظرية الظروف الطارئة , لان هذه النظرية لا يمكن أن تطبق إلا في حالة عدم توقع المتعاقدين لهذا الحادث الذي طرأ على العقد أثناء تنفيذه , وكذلك أيضا إذا ما حدث ظرف استثنائي وكان بإمكان المتعاقدين تفاديه وذلك ببذل جهد معقول ، فإنه لا مجال لإعمال هذه النظرية وتطبيقها. ويترك تقدير ذلك للقاضي ، لأن تقدير هذه المسألة قائم على معيار موضوعي أساسه الرجل المعتاد.

رابعاً: أن يكون من شأن الحادث الاستثنائي أن يجعل تنفيذ الالتزاممرهقاً.

يلزم أن يكون من شأن الظرف الطارئ أن يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً بحيث يهدد المدين بخسارة فادحة , أي لا يكون تنفيذ العقد مستحيلاً وإنما مرهقاً للمدين لأن من شأن استحالة تنفيذ الالتزام أن يؤدى إلى انقضاؤه طبقاً لنظرية القوة القاهرة .

ويجب تحديد هذا الالتزام بصورة موضوعية بغض النظر عن ظروف المدين الخاصة أو إلى ثروته , فلا ينظر مثلاً عند ارتفاع السلعة التي يقوم المتعهد بتوريدها , إلى ما عاد عليه من كسب أو خزنه قبل هذا التعاقد .

الفرع الثالث
أثر الظروف الطارئة

إذا ما توافرت الشروط التي نص عليها القانون وذكرناها مسبقاً بالنسبة للظرف الطارئ , جاز للقاضي تبعاً للظروف أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول بحيث يحقق التوازن في الالتزامات لمصلحة المتعاقدين.

وهذا ما جاءت به المادة (151) من القانون المدني الفلسطيني سالفة الذكر ، حيث أجازت للمحكمة (تبعاً للظروف الطارئة أن ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول).

إذ يتحقق التوازن بأية وسيلة يراها القاضي ، وذلك إما أن ينقص الالتزام المرهق بالنسبة للمدين , وقد يزيد التزام الطرف الآخر بحيث يخفف من خسارة المدين , وقد يرى وقف تنفيذ العقد لمدة معينة تتحدد بزوال الظرف الاستثنائي شريطة ألا يضر ذلك بالدائن .

ويراعى أن أحكام الظرف الطارئ هي أحكام متعلقة بالنظام العام لا يجوز للأفراد استبعادها ، أو الاتفاق على إعمال شريعة العقد في ظل وجود هذا الظرف الطارئ.

الخـــــــــــــــاتمـــــــة

عرضنا خلال هذا البحث المقصود بالمتعاقدين والغير ، ومتى يعتبر خلف المتعاقدين من الغير ، وبينا أن الدائن لا يعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً للمدين ، ومن ثم وضحنا الاستثناءات التي ترد على مبدأ نسبية العقد من حيث الأشخاص ، واعتبار الاشتراط لمصلحة الغير هو الاستثناء الحقيقي على مبدأ نسبية العقد من حيث الأشخاص وما عداه ما هو إلا تطبيق حقيقي لمبدأ نسبية العقد ، قمنا أيضاً بعرض التأصيل التاريخي للاشتراط لمصلحة الغير ، والعلاقات المختلفة التي تنتج عنه ، ومن ثم القواعد التي يجب أن يتقيد بها القاضي أثناء تفسيره للعقد مع اختلاف وضوح الإرادة أو غموضها أو وجود شك في معرفتها ، وأخيراً تعرجنا للقوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع ونظرية الظروف الطارئة التي من شأنها الإخلال بتنفيذ الأطراف أحدهما أو جميعهم التزاماتهم .

المراجـــــــــــــــــــــــــــــــــــع

1-أنور سلطان : مصادر الالتزام في القانون المدني “دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ، الطبعة الرابعة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ،2010.

2-إياد محمد إبراهيم جاد الحق : النظرية العام للالتزام “مصادر الالتزام” ، الطبعة الثانية ، مكتبة ومطبعة دار المنارة ، غزة ، 2011.

3-توفيق حسن فرج : النظرية العامة للالتزام ،مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية.

4-توفيق حسن فرج – النظرية العامة للالتزام في مصادر الالتزام ( مع مقارنة بين القوانين العربية ) – مطبعة الدار الجامعية – 1988 .

5-جميل الشرقاوي : النظرية العام للالتزام ، الكتاب الأول ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1995.

6-حمدي عبد الرحمن ،الوسيط في النظرية العامة للالتزامات ، الكتاب الأول ، الطبعة الأولى ،دار النهضة العربية، القاهرة ،1999.

7-شوفي عبد الرحمن : الدراسات البحثية في نظرية العقد ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2006.

8-عبد الرازق أحمد السنهوري : الوجيز في شرح القانون المدني ، الجزء الأول نظرية الالتزام بوجه عام ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997.

9-عبد المجيد الحكم : الموجز في شرح القانون المدني العراقي ” مصادر الالتزام “، الجزء الأول ، الطبعة الثالثة ، بغداد ،1969.

10-عبد الودود يحيى : الموجز في النظرية العامة للالتزامات ، القسم الأول ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1994.

11-المذكرات الإيضاحية لمشروع القانون المدني الفلسطيني لسنة 2003 م.

12-مصطفى عبد الحميد عدوى : النظرية العامة للالتزام ،الكتاب الأول ، الطبعة الأولى ، مطبعة حمادة الحديثة ، القاهرة ، 1996.

13-منذر الفضل : الوسيط في شرح القانون المدني “مصادر الالتزامات وأحكامها ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة ، عمان ، 2012.

14-منذر الفضل – النظرية العامة للالتزامات ” دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية الوضعية ” , مصادر الالتزام – الجزء الأول – نشر وتوزيع مكتبة دار الثقافة – 1996.

15-موسى سلمان أبو ملوح – شرح مشروع القانون المدني الفلسطيني , مصادر الالتزام , المصادر الإرادية والمصادر الغير إرادية – الطبعة الأولى – ( 2002- 2003 ) .

الفهرس

الموضوع

رقم الصفحة

آية قرآنية

أ

آثار العقد

4

الفصل الأول : نسبية العقد من حيث الأشخاص.

5

المبحث الأول : أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين .

5

المطلب الأول : الخلف العام .

6

المطلب الثاني :الخلف الخاص .

8

المبحث الثاني : أثر العقد بالنسبة للغير .

10

المطلب الأول : التعهد عن الغير .

11

الفرع الأول : شروط التعهد عن الغير .

11

الفرع الثاني :أحكام التعهد عن الغير.

12

الغصن الأول : قبول التعهد .

13

الغصن الثاني : رفض التعهد.

13

المطلب الثاني : الاشتراط لمصلحة الغير .

14

الفرع الأول : تطور الاشتراط لمصلحة الغير في فرنسا.

15

الفرع الثاني : الطبيعة القانونية للاشتراط لمصلحة الغير .

16

الفرع الثالث : شروط الاشتراط لمصلحة الغير .

18

الفرع الرابع : أحكام الاشتراط لمصلحة الغير .

20

الغصن الأول :العلاقة بين المشترط والمتعهد .

20

الغصن الثاني : العلاقة بين المشترط والمنتفع .

21

الغصن الثالث : العلاقة بين المتعهد والمنتفع .

21

الغصن الرابع : قبول الاشتراط ونقضه .

22

المقطع الأول : نقض المنتفع الاشتراط .

22

المقطع الثاني : قبول المنتفع الاشتراط .

23

الفصل الثاني : نسبية العقد من حيث الموضوع .

25

المبحث الأول : تفسير العقد .

25

المطلب الأول : عبارة العقد واضحة .

26

المطلب الثاني : عبارة العقد غير واضحة .

28

الفرع الأول : البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين .

29

الفرع الثاني : العوامل التي يستهدي بها القاضي للكشف عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين .

29

الغصن الأول : العوامل الداخلية .

30

الغصن الثاني : العوامل الخارجية .

32

المطلب الثالث : قيام الشك في التعرف على إرادة المتعاقدين .

33

المبحث الثاني : نطاق العقد .

34

المبحث الثالث : القوة الملزمة للعقد .

36

المطلب الأول : قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ومبدأ حسن النية في تنفيذ العقد .

36

المطلب الثاني : نظرية الظروف الطارئة .

38

الفرع الأول : المقصود بنظرية الظروف الطارئة .

38

الفرع الثاني : شروط نظرية الظروف الطارئة .

39

الفرع الثالث : أثر الظروف الطارئة

41

الخاتمة

42

المراجع

43

الفهرس

45

[1]الأصل أن العقد لا يلزم ولا يقيد إلا طرفيه ، وهذه القاعدة العامة ترجع بجذورها إلى القانون الروماني ، ومنه انتقلت إلى القانون المدني الفرنسي في نص المادة (1121) وأخذ بها المشرع المصري في المادة (125) والمشرع الجزائري (113) والأردني (206) ، مشار لهذه المعلومة لدى (منذر الفضل : الوسيط في شرح القانون المدني “مصادر الالتزامات وأحكامها ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة ، عمان ، 2012 ، ص 189) .

[2]إياد محمد إبراهيم جاد الحق : النظرية العام للالتزام “مصادر الالتزام” ، الطبعة الثانية ، مكتبة ومطبعة دار المنارة ، غزة ، 2011 ، ص245 .

[3]1- عبد الرازق أحمد السنهوري : الوجيز في شرح القانون المدني ، الجزء الأول نظرية الإلتزام بوجه عام ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997 ، ص 215 وما بعدها .

2- هناك آراء فقهية تعتبر أن الدائن خلفاً عاماً إلا أنه لم تلقى قبولاً وذلك باعتبار أنه لا يخلف المدين في كل ذمته المالية من حقوق والتزامات وإن كان له حق الضمان العام ، وأخرى تعتبره خلفاً خاصاً كالقضاء الفرنسي بناءً على أنه في النهاية يحصل على دينه إما نقداً أو عيناً .

[4]مادة (152) من القانون المدني الفلسطيني رقم (4) لسنة 2012 ، ويقابلها الفقرة الأولى من مادة (142) مدني عراقي ، مادة (206) مدني أردني ، مادة (145) مدني مصري ، مادة (108) مدني جزائري .

[5]عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص216 ، وبهذا قضت محكمة النقص المصرية ( نقض مدني في 3 مارس سنة 1989، مجموعة أحكام النقض ، السنة 40 ، العدد 1 رقم 122 صفحة 693 ) مشار لهذا الحكم لدى (عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ،ص217) .

[6]نقض مدني في 19 يونيه 1978 في الطعن رقم 950 لسنة 45 قضائية ) ، مشار لهذا الحكم لدى ( عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص217) .

[7]جميل الشرقاوي : النظرية العام للالتزام ، الكتاب الأول ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1995 ،ص 365 وما بعدها ، وعبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص 598 ، و عبد المجيد الحكم : الموجز في شرح القانون المدني العراقي ” مصادر الالتزام “، الجزء الأول ، الطبعة الثالثة ، بغداد ،1969 ، ص321 .

[8]مادة (153) مدني فلسطيني ، ويقابلها مادة (146) مدني مصري ، ومادة (207) مدني أردني ، والفقرة الثانية من مادة (142) مدني عراقي .

[9]عبد الودود يحيى : الموجز في النظرية العامة للالتزامات ، القسم الأول ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1994 ، ص154 وما بعدها .

[10]نقض مدني مصري ،طعن رقم5 لسنة44 ق، بتاريخ 2 يناير 1978 ، مشار لهذا الحكم لدى (حمدي عبد الرحمن ،الوسيط في النظرية العامة للالتزامات ، الكتاب الأول ، الطبعة الأولى ،دار النهضة العربية، القاهرة ،1999 ، ص444) .

[11]،، عبد الودود يحيى : مرجع سابق ، ص 156 .

[12]مادة (154) مدني فلسطيني ، ويقابلها مادة (152) مدني مصري ، ومادة (153) مدني سوري ، (208) مدني أردني .

[13]توفيق حسن فرج : النظرية العامة للالتزام ،مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ، ص203 ، وأنور سلطان : مصادر الالتزام في القانون المدني “دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي ، الطبعة الرابعة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ،2010 ، ص181 .

[14]مادة (155) مدني فلسطيني ، ويقابلها مادة (153) مدني مصري ، مادة (209) مدني أردني ، مادة (151) مدني عراقي

[15]يرى الدكتور عبد حجازي أن التعهد عن الغير يكون بمثابة الفضولي ، ويؤخذ عليه أنه وسع من نطاق عمل الفضولي ، حيث أن الفضولي يعمل في الظرف الطارئ والمستعجل وبعقد واحد يلتزم به رب العمل ، أما التعهد عن الغير فهو يمكن تصوره في أي وقت ، ويلتزم المتعهد عنه إذا قبله بالتزامات تضمنه عقد جديد بينه وبين المتعهد له ، مشار لهذا الرأي لدى ( عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص228) .

[16]إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص256 ، المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني الفلسطيني ، ديوان الفتوى والتشريع ، غزة ، 2003 ، ص 175 .

[17]يكون القبول ضمنياً ، إذا تعاقد الشركاء على الشيوع ومتعهدين عن القاصر ، وقبل القاصر التعهد بعد بلوغه سن الرشد ، فيُفهم ضمنياً قصد القاصر قبوله بأثر رجعي ، مشار لهذه المعلومة لدى ( عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص227 وما بعدها ) .

[18]حمدي عبد الرحمن : مرجع سابق ، ص449 .

[19]المواد (156 – 158) مدني فلسطيني ، ويقابلها المواد (154 – 156) مدني مصري ، والمواد (210 – 212) مدني أردني .

[20]حمدي عبد الرحمن : مرجع سابق ، ص451 وما بعدها

[21]أنور سلطان : مرجع سابق ، ص 189 وما بعدها .

[22]إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص262 وما بعدها .

[23]مشار لهذه المعلومة لدى (حمدي عبد الرحمن ، مرجع سابق ، ص 454 وما بعدها )

[24]مشار لهذا الحكم لدى ( مصطفى عبد الحميد عدوى : النظرية العامة للإلتزام ،الكتاب الأول ، الطبعة الأولى ، مطبعة حمادة الحديثة ، القاهرة ، 1996 ،ص 391 وما بعدها )

[25]توفيق فرح : مرجع سابق ، ص 206 وما بعدها .

[26] انظر في ذلك ، عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص233 وما بعدها ، وإياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص267 وما بعدها ، وأنور سلطان : مرجع سابق ، ص191 .

[27]أنور سلطان : مرجع سابق ، ص193 وما بعدها .

[28]يجوز للمشترط أن ينقض اشتراطه حتى وإن قبل المنتفع الاشتراط ، وذلك في تصرفات التبرع ، إذا ما وجدت حالة تجيز الرجوع في الهبة (أحمد شوفي عبد الرحمن : الدراسات البحثية في نظرية العقد ، منشأة المعارف ،الإسكندرية ، 2006 ،فقرة527) مشار لهذه المعلومة لدى ( إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص273 وما بعدها ) .

[29]أ- عبد الرازق السنهوري : مرجع سابق ، ص237 .

ب- نقض مدي مصري 11 يونيه سنة 1942 مجموعة عمر رقم 171 ص473 .

[30]إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص272 .

[31]أنور سلطان : مرجع سابق ، ص193 .

[32]راجع في تفسير العقد في الفقه الفرنسي: جنيGeny: في طرق التفسير ط2 ص119 وما بعدها ساليSalleillesفي الالتزامات في القانون الألماني ,وفى إعلان الإرادة بلا قبول وريبير وأسمان ج6 فقرة 373- 375 , بلانيول وريبر وبولانجيه ج2 فقرة 449 – 459 ,جودميه : النظرية العامة للالتزامات ,سيرى طبعة 1965, ص206 وما بعدها – دى باج ج2 فقرة 560 وما بعدها كاربونيه: نظرية الالتزامات 1962 فقرة 149, مازو: دروس في القانون المدني ج2 ,ط5 1973 ص 291 وما بعدها – مارتى ورينو ج2 المجلد الأول ص 197 وما بعد ، مشار إليه لدى ( موسى أبو ملوح : مصادر الالتزام ، غزة 2002،203 ).

[33] موسى أبو ملوح: مرجع سابق ، ص 214 وما بعدها , محمد شريف احمد : نظرية تفسير النصوص المدنية , مطبعة وزارة الأوقاف 1979 , ص ( 14- 19 ) ، مشار إليه لدى ( موسى أبو ملوح : مرجع سابق ، ص 230 ) .

[34]موسى أبو ملوح : مرجع سابق ، ص 230 .

[35]أ- المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني الفلسطيني ، 2003 ، ص 183 .

ب- وهذا ما قضت إليه محكمة النقض المصرية فإن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي, فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عنمؤداها الواضح إلى معنى آخر, ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ, إلا أن المفترض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة .

[36]توفيق حسن فرج : مصادر الالتزام ، 1988 ، ص 299 .

[37] عبد الرزاق السنهوري : مرجع سابق ، ص 240وما بعدها .

[38]- منذر الفضل : مرجع سابق ، ص 267 .

[39]- إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص252 .

[40]- موسى أبو ملوح : مرجع سابق ، ص 235 .

[41]- وقد قضت محكمة النقض بأن القاضي يفسر العقد مع مراعاة العرف الجاري , فله أن يقضى بأن إنشاء بلكون من حديد مفرغ في طبقة ثانية من منزل لا يعتبر بناءً معطلاً لحق ارتفاق الجار المرتفق بالمطل والنور والهواء (نقض مدني 27 أكتوبر سنة 1922 مجموعة عمر 1 رقم 65 ص 127). وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن العرف يقضى بأن يكون أجر السمسار 2.5% من قيمة الصفقة (استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1931م 42 ص 109 ) . ويجب أن يكون العرف مستقراً , وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بان العرف الذي يقضى بأن يكون نزح البئر في جهة رمل الإسكندرية على المستأجر ليس عرفاً مستقراً ( استئناف مختلط 20 يناير سنة 1915م 27 ص 120 ) , مشار إليه ( عبد الرزاق السنهوري : مرجع سابق ، ص 244).

[42]إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص254 .

[43] إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص 257 .

[44]إياد جاد الحق : مرجع سابق ، ص 260 .