التظلُّم ضد الجهات الحكومية..«البيّنة ترفع الضرر»!

يحق للمتظلم الطعن في القرار الإداري أمام المحاكم الإدارية بديوان المظالم

أوضح مختصون أنَّ هناك عدداً من الإجراءات اللازمة لتظلُّم الأفراد والمؤسسات ضد الجهات الحكومية، مضيفين أنَّ النظام أتاح لمن كان له مصلحة في ذلك أن يتقدَّم إلى المحاكم الإدارية في “ديوان المظالم” للطعن في القرار الإداري، إمَّا بالإلغاء أو التعويض، أو بهما معاً، مشيرين إلى أنَّ نظام المرافعات أمام “ديوان المظالم” الصادر مطلع هذا العام تضمَّن النص على أنَّه يجب على المُتضرِّر من القرار والراغب في رفع دعوى الإلغاء أو التعويض أن يتظلَّم أمام الجهة مُصدرة القرار خلال (60) يوماً من تاريخ علمه بالقرار، وفي حال ما إذا كان القرار يتعلَّق بشأن من شؤون الخدمة المدنية، فإنَّ عليه في هذه الحالة أن يتظلَّم إلى “وزارة الخدمة المدنية” خلال (60) يوماً من تاريخ علمه بالقرار.

نظام المرافعات أمام «ديوان المظالم» حدد رفع الدعوى خلال (60) يوماً من تاريخ العلم بالقرار

قرارات إداريَّة

وقال “د.عمر الخولي” -أستاذ القانون بجامعة الملك عبدالعزيز- إن الجهات الإدارية مُمثَّلةً في الوزارات والمؤسسات العامة تُصدر بصورة يومية عدداً من القرارات الإدارية تُقدَّر بعشرات الآلاف، مضيفاً أنَّ هذه القرارات من شأنها المساس بالمراكز القانونية للمخاطبين بها، سواءً كانوا أفراداً أم جماعات، مشيراً إلى أنَّه بالنظر لما تتمتَّع به جهات الإدارة من سلطان وسطوة ونفوذ في مواجهة العاملين لديها والمتعاملين معها، فإنَّ كافَّة القرارات التي تُصدرها ينبغي أن تكون مشروعة.

وأضاف أنَّ ذلك يعني أن تكون تلك القرارات متوافقةً مع مبدأ المشروعية، بحيث يكون القرار مستكملاً لأركانه الخمسة، وهي المحل والسبب والشكل والاختصاص والغاية، فإذا ما اختل أيَّ من هذه الأركان أو أساءت جهة الإدارة استعمال سلطتها في مواجهة من تصدر القرارات الإدارية في حقهم بحيث تكون نهائية وليست تمهيدية، فإنَّ النظام أتاح لمن كان له مصلحة في ذلك، أن يتقدَّم إلى المحاكم الإدارية في “ديوان المظالم” للطعن في القرار الإداري، إمَّا بالإلغاء أو بالتعويض، أو بهما معاً.

نظام المرافعات

وبيَّن أنَّ نظام المرافعات أمام “ديوان المظالم” الصادر في مطلع هذا العام تضمَّن النص على أنَّه يجب على المُتضرِّر من القرار والراغب في رفع دعوى الإلغاء أو التعويض أن يتظلم أمام الجهة مُصدرة القرار خلال (60) يوماً من تاريخ علمه بالقرار، وفي حال ما إذا كان القرار يتعلَّق بشأن من شؤون الخدمة المدنية، فإنَّ عليه في هذه الحالة أن يتظلَّم إلى “وزارة الخدمة المدنية” خلال (60) يوماً من تاريخ علمه بالقرار.

ولفت إلى أنَّ على هذه الوزارة أن تبت في التظلم خلال (60) يوماً من تاريخ تقديمه، فإذا رفضت التظلُّم بمعنى أنَّها جهة الإدارة في قراراها، أو مضت (60) يوماً دون أن يتم الفصل في تظلّمه جاز له رفع الدعوى خلال (60) يوماً من تاريخ علمه بالقرار أو انقضاء (60) يوماً دون الفصل في التظلُّم، موضحاً أنَّ النظام وضع شرطاً شكليّاً على قرار “وزارة الخدمة المدنية” في هذا الشأن، مفاده أن يكون قرار الرفض مُسبباً.

رفع التظلُّم

وأكَّد “عبدالناصر السحيباني” -محام، ومستشار قانوني- على أنَّ إجراءات رفع التظلُّم للأفراد والمؤسسات والمطالبة بهذه الحقوق أو التظلُّم من قرارات الإدارة الإيجابية أو السلبية، يعني عدم اتخاذ قرار أو تصرف يرى المتظلم أنَّ له الحق فيه، مضيفاً أنَّ من اختصاصات ديوان المظالم “المحكمة الإدارية” النظر في مثل هذه التظلمات، موضحاً أنَّ ما يحكم إجراءات التظلُّم هذه هو نظام المرافعات أمام “ديوان المظالم”، مشيراً إلى أنَّ هذا النظام حدَّد آلية وطريقة وشروط رفع الدعوى في مواده من الخامسة إلى التاسعة.

وأضاف أنَّ تلك المواد حدَّدت إجراءات وآلية رفع الدعوى وما يشترط من إجراءات تسبقها، وهي بإيجاز التقدُّم لديوان المظالم بمذكرة تتضمَّن اسم المُدَّعي وعنوانه والجهة المُدَّعى عليها وعنوانها وبيانات الدعوى ووقائعها وطلبات المدعي وتاريخ العلم بالقرار المعترض عليه، على أن يسبق التقدُّم إلى “ديوان المظالم” التظلُّم من القرار أمام الجهة التي أصدرته حسب المُدد الواردة في المادة الثامنة من نظام المرافعات أمام الديوان.

وأوضح أنَّ إجراءات النظر في الدعوى قد نُظِّمت في الباب الثالث من نظام المرافعات أمام الديوان، وهي المواد من (10) إلى (32)، مضيفاً أنَّها بشكلٍ عام لا تخرج عن الإجراءات المعتادة في المحاكم المختلفة، إذ تُحال عريضة الدعوى مُستكملة الشروط الشكليَّة إلى الدائرة القضائيّة المختصة في المحكمة الإداريّة التي يقع مقر الجهة المُدَّعى عليها أو فرعها ذي العلاقة في نطاقها، مشيراً إلى أنَّها هي من تُحدِّد جلسةً أولى لنظرها عند ورود الدعوى إليها، بحيث تُبلِّغ فيها طرفيها.

إصدار الحكم

وأشار “السحيباني” إلى أنَّ على جهة الإدارة الإجابة على الدعوى إذا كانت مُحرَّرة بشكلٍ كافٍ في أول جلسة، ثمَّ يستمر نظر الدعوى حتى استكمال جوانبها المختلفة، ومن ثمَّ دراستها وإصدار حكم ابتدائي فيها، مضيفاً أنَّه إذا كان الحكم برد دعوى المُدَّعي كليّاً أو جزئياً، فإنَّ له الاعتراض على الحكم وطلب إحالته إلى الاستئناف لتدقيقه أو لنظره عند تفعيل محاكم الاستئناف، أمَّا إن كان الحكم بكلٍ أو جزءٍ من طلبات المُدَّعي، فإنَّ تدقيق الحكم يصبح في هذه الحالة وجوباً.

وقال:”عند اكتساب حكم المحكمة الإدارية القطعيّة بحيث أصبح واجب التنفيذ، فإنَّه يتمّ إرسال نسخة من الحكم إلى الجهة الإداريَّة الصادر في مواجهتها؛ للعمل على تنفيذه، وعلى المحكوم له متابعة ذلك أمامها”، مشيراً إلى أنَّ دور المحكمة الإدارية ينتهي عند إصدارها الحكم النهائي في المطالبة، موضحاً أنَّ الأمر هنا قد يحتاج إلى وقفةٍ للنظر في مدى ملاءمة إصدار إجراءات منظمة وضابطة لتنفيذ الأحكام الإدارية.

أعمال الإدارة

وبيَّن “سعيد العُمري” -محام، ومستشار قانوني- أنَّ التظلُّم يرتبط بأعمال الإدارة، كما أنَّ القرار المُتظلَّم منه يكون صادراً من إدارة مختصة قانوناً بإصداره، وإلاَّ فإنَّه في هذه الحالة كأن لم يكن وفي حكم العدم، مضيفاً أنَّ القرار الإداري قد يصدر بشكلٍ عامٍ أو خاصٍ موجَّه لشخص بعينه، كما أنَّه قد يكون في مواجهة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، ويمس أعمالهم ومصالحهم الماديَّة والمعنوية؛ لذا يتَّجه الشخص المُتضرِّر إلى التظلُّم منه أمام الجهة الأعلى درجة من مُصدرة القرار، وإذا لم يتم إنصافه، فإنَّ له أن يتظلَّم منه أمام القضاء.

وأضاف أنَّ القرار المُتظلَّم فيه، إمَّا أن يأتي في صيغة منعٍ أو حرمانٍ أو رفض طلب ما، موضحاً أنَّه قد ينتج عنه انتقاص من حقوق أو أنَّه يمس مصالح ما؛ لذا فإنَّ الشخص المُتضرِّر منه يتجه لمناهضته بكافة الطرق المشروعة، مشيراً إلى أنَّ القرار المُتظلَّم فيه قد يصدر من شخصٍ في أدنى درجةٍ وظيفيةٍ ويتظلَّم منه أمام الدرجة الأعلى فالأعلى، إلى أن يتمّ التظلُّم فيه أمام قمَّة هرم العمل الإداري، وبذلك ينتهي التظلُّم في الحيِّز الإداري، مبيِّناً أنَّ ذلك يستغرق وقتاً طويلاً.

دعوى قضائيَّة

ولفت “العُمري” إلى أنَّه يجوز التظلُّم أمام “ديوان المظالم” إذا رغب الشخص وأبدى عدم قناعته بقرار الإدارة، مضيفاً أنَّ له الحق برفع دعوى قضائيَّة أمام المحكمة خلال (60) يوماً من تاريخ العلم بالقرار الإداري، وإذا لم تردّ جهة الإدارة وتجاهلت تظلُّمه، فإنَّه يجوز له رفع الدعوى بعد انقضاء (60) يوماً من تاريخ تقديم تظلُّمه أمامها، موضحاً أنَّ الدعوى هنا يجب أن تشمل لائحة الوقائع وأسباب مخالفة القرار للنظام وطلباته، إلى جانب إرفاق المستندات الدالة على صحَّة الدعوى.

وأكَّد على أنَّه يجب على جهة الإدارة الرد على التظلُّم وتعقيب المُتظلِّم على رد الإدارة، ومن ثمَّ تُصدر المحكمة حكماً مؤيداً لقرار الإدارة أو الاستجابة لطلب المُتظلِّم، مضيفاً أنَّه يجوز للمُتضرِّر من قرار المحكمة استئنافه أمام الدائرة الاستئنافية، مشيراً إلى أنَّ من عيوب التظلُّم أنَّه يستغرق زمناً طويلاً إداريَّاً وقضائيَّاً، مشدِّداً على ضرورة تقصير مدة رد الإدارة في نظام المرافعات، لافتاً إلى أنَّ المادة (1/8/ب) من نظام “ديوان المظالم” حدَّدت اختصاص القضاء الإداري بالفصل في جميع المنازعات الإدارية التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها.

الطعن في القرارات

ورأى “خالد العضيَّاني” -إعلامي مهتم بالشأن القضائي- أنَّ أسباب التظلُّم ضد الجهات الحكوميَّة هي نتاج الأخطاء التي تقع من جهات الإدارة في بعض قراراتها، وذلك نتيجةً لعدم التقدير الصحيح في بعض القرارات التي تتخذها بعض الجهات في قراراتها؛ فيلجأ المُتظلِّم من القرار إلى جهات الاختصاص للطعن في هذه القرارات، مضيفاً أنَّه بعد أن يتمّ اللجوء إلى جهات الاختصاص عبر الطرق الإداريَّة والقضائيَّة في الفترات المُحدَّدة، فإنَّ المُتظلِّم يستطيع حفظ حقه.

وأضاف أنَّ من الأسباب التي يلجأ فيها المُتظلِّم إلى القضاء، عدم تنفيذ الأحكام الصادرة من جهة القضاء ضد هذه الجهات؛ ممَّا يضطره إلى تظلُّم آخر فيما لحق به من ضرر نتيجة تأخير تنفيذ الأحكام، داعياً الجهات المعنيَّة باتّخاذ القرارات إلى عدم اتّخاذها إلاَّ بعد دراسة مستفيضة؛ لكي تكون مُحصَّنةً من الطعن فيها، مشيراً إلى أنَّ المُتظلِّم بهذه الصورة لا يستطيع التظلُّم ضد مُتَّخذ القرار.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت