بحث قانوني و دراسة عن النظام المصرفي الجزائري و تحديات العولمة

شهد الربع الأخير من القرن العشرين وبشكل أكثر تحديدا عقد التسعينات العديد من التغيرات العالمية السريعة والعميقة في آثارها وتوجهاتها المستقبلية ، فالاقتصاد العالمي تحول إلى قرية صغيرة متناسقة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية و المعلوماتية ، وأصبح هناك سوق واحد يوسع دائرة ومجال المنافسة لكل المتعاملين الدوليين من الدول و الحكومات وتعددت إلى منظمات عالمية وشركات متعددة الجنسيات ،وتكتلات اقتصادية عملاقة و الكل يحاول توحيد سلوك اللعبة والتعامل ، ويسعى بكل قوة إلى اقتناص الفرص ومواجهة التهديدات في إطار إزالة القيود بكل أشكالها وتحرير المعاملات . وقد نتج عن كل ذلك مفهوم جديد لا يزال يثير جدلا واسع النطاق حوله من حيث تحديده و أثاره و أبعاده ألا وهو مفهوم العولمة الذي لا يمكن استيعابه إلا في ضوء تلك التغيرات، و في إطار تزايد الاعتماد المتبادل ، وتكون الأسواق العالمية وتحركات الأسعار و التغيرات في حجم ونوعية الإنتاج وتوجهات التجارة العالمية و تحركات رؤوس الأموال. وبناء على ذلك فقد انتشرت العولمة على كافة المستويات الإنتاجية و المالية و التكنولوجية و الإدارية و الإعلامية ، ومن ناحية أخرى تعددت أنواعها و مجالات تطبيقها ، فهناك العولمة الاقتصادية التي تبقى هي الأساس لكل الأنواع الأخرى . يحتل القطاع المصرفي مركزا حيويا في النظم الاقتصادية ، بماله من تأثير إيجابي على التنمية الاقتصادية من خلال تعبئة المدخرات الكافية، والتوزيع الكفء لهذه المدخرات على الاستثمارات المختلفة
البنوك في مجموعها تكون حلقة تتفاعل داخلها شتى مجالات النشاط الاقتصادي ، وكلما نما و اتسع هذا النشاط زادت تبعا لذلك حسابات البنوك و تعددت خدماتها ، و يصبح من الأهمية بمكان الدور الذي تلعبه في التنمية الاقتصادية و في تقدم الدول ، حيث تقوم بتمويل الإقتصاد الوطني بتقديم القروض و السلفيات و التسهيلات الائتمانية المختلفة ،معتمدة على مواردها الخارجية من الودائع و على موارد أخرى داخلية و ذاتية تتمثل في رأس مالها و احتياطاتها و مخصصاتها و أرباحها.
وفي ظل العولمة الاقتصادية حدثت الكثير من التغيرات العالمية، كالأخذ بنظام البنوك الشاملة والخوصصة و الاندماج المصرفي و تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي و تعاظم تحرير التجارة العالمية ، ومع زيادة التوجه نحو العولمة و إلغاء الرقابة على الصرف و حرية دخول و خروج الأموال عبر الحدود تزايدت ظاهرة غسيل الأموال كأحد المخاطر الكبيرة للعولمة.
فمن خلال هذه الورقة سنحاول الإجابة على جملة من التساؤلات :
1-موقع الجهاز المصرفي وسط هذه التغيرات؟
2 -تأثير ظاهرةالعولمة على الجهاز المصرفي.؟
3- تحديات الجهاز المصرفي لمسايرة الأوضاع الجديدة؟

البحـث الأول : العولمـة

المطلب الأول : تعريف العولمة ، نشأتها.

1- معنى كلمة العولمة: (1) ترجع جذور كلمة العولمة من مدلول العالم ، ويعد كل من (OliverReiser) و
(B. Davise ) أول من نحت فعل يعولم To Globlize ، وذلك في أربعينيات القرن العشرين بمعنى النظر إلى الكون كله كوحدة واحدة أو ككل مترابط حيث تنبأ بحدوث تآلف بين الثقافات وصولا إلى ما أسمياه بالنزعة الإنسانية العالمية . وفي هذا الإطار فإن كلمة Global تشير إلى ما هو عالمي أو كوني، ولا يفضل الكثير من الاقتصاديين و المختصين العرب استخدام لفظ العولمة لعدم وجود أصل لها في العربية ، و بدلا منها يستخدمون كلمة الكونية نسبة إلى الكون و الكوكبية نسبة إلى الكوكب ، وفي حين أن الفرانكفونيين يفضلون استخدام عبارة (Mondialisation ) نسبة إلى الكوكب في الفرنسية LeMonde ، ويبدو عموما أنه يفضل استخدام العولمة بإرجاعها إلى أصلها الانجلوسكسوني وجعلها اسم علم أجنبي يشار إليها بالجلوباليزيشن كما هو حال أسماء العلم الأجنبية.
2- تعريف العولمة: أصبحت العولمة (Globalisation ) من أبرز الظواهر في التطور العالمي على جميع المستويات و يظهر الأدب الاقتصادي تباينا في الآراء حول تحديد تعريف لهذه الظاهرة و من أهم التعريفات:
أ- يعرف كل من ها نسن بيترمارتين و هارلد شومان العولمة على أنها : ” تحول العالم بفضل الثورة التكنولوجية و المعلوماتية و انخفاض تكاليف النقل وتحرير التجارة الدولية إلى سوق واحدة تشتد فيها وطأة المنافسة و يتسع نطاقها ، بحيث تمتد من السوق السلع إلى سوق العمل ورأس المال أيضا. ” (2)
ب- كما يعرف الدكتور جلال العظم العولمة على أنها:” وصول نمـط الإنتاج الرأسمـالي عــند منتصف هذا القرن تقريبا إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع و السوق و التجارة و التداول إلى عالمية دائرة الإنتاج و إعادة الإنتاج الرأسمالي ، وبالتالي علاقات الإنتاج الرأسمالية أيضا ، ونشرها في كل مكان مناسب وملائم خارج تجمعات المركز الأصلي و الدولة و العولمة بهذا المعنى هي ، رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كـانت
رسملته على سطح النمط ومظاهره قد تمت.” (3)
ج- ويعرفها أوليفيه دولغوس : ” العولمة هي تبادل شامل إجمالي بين مختلف أطراف الكون تحول العالم على أساسه إلى محطة تفاعلية للإنسانية بأكملها ، وهي نموذج للقرية الصغيرة الكونية التي تربط ما بين الناس و الأماكن ملغية المسافات ومقدمة المعارف دون قيد ، وهي ليست وليدة الرأسمالية أو السوق. إنها تقتات الاقتصاد و السياسة و الاجتماع و الثقافة و تتجاوز النظم و الإيديولوجيات ، وتعد تشكيلة متنوعة من الأنظمة والبنى تحدد ممثليها الدول الكبرى و الشركات المتعددة الجنسيات و المنظمات العالمية ،وهي ليست أكثر من حركة جهنمية تنطلق بسرعة وتخطف في طريقها الآمال و الأحلام.” (4)

المطلب الثاني :العوامل و الأسباب التي أدت إلى العولمة. (5)

تعتبر العولمة نتاج لعوامل كثيرة أدت إلى ظهورها منذ منتصف الثمانينات منالقرن العشرين، ومن هذه العوامل ما هو اقتصادي و سياسي و ثقافي ، و يؤثر و يتأثر كل عامل من العوامل السابقة بالعوامل الأخرى، وسنركز على العامل الاقتصادي،دون إنكار أهمية العوامل الأخرى في تأثيرها على العولمة.

1- انخفاض القيود على التجارة و الاستثمار: بدأت الدول بعد الحرب العالمية الثانية تخفض من وطأة الحماية، وفي ظل رعاية الجات تم تحقيق تقدم في تحرير التجارة الدولية .و لكن مع بداية السبعينيات بدأت الدول المتقدمة في العودة مرة أخرى إلى انتهاج سياسة الحماية ، ونظرا لأنها ملتزمة بتخفيض ضرائبها الجمركية في إطار مفاوضات الجات ، فإنها لجأت إلى تطبيق أو استخدام الحماية غير التعريفية، بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذت على تحرير التجارة وقيام عدد من التكتلات الاقتصادية مثل : الاتحاد الأوروبي، منظمة التجارة الحرة في أمريكا الشمالية و أدى ذلك إلى المساعدة في تضاعف معدل نمو التجارة العالمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي للعالم خلال الفترة ( 1985- 1995) ثلاث مرات عن العشر سنوات السابقة على تلك الفترة ،وضعف المعدل الذي تحقق في الستينيات .

2- التطور الصناعي في الدول النامية وزيادة تكاملها مع السوق العالمي : يصف (Harris1993) ما حققته الدول النامية من نمو في الفترة السابقة و الحالية كأحد أهم الأسباب للعولمة، فقد ارتفع نصيب دول شرق آسيا في الفترة
(1965 – 1988) من الناتج المحلي الإجمالي للعالم من 5% إلى 20% ومن الناتج الصناعي العالمي من 10% إلى 23 % وزاد نصيب القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية منخفضة الدخل من 27 % عام 1965إلى 34% عام 1988 . و استمرت الزيادة في السكان للدول النامية بمعدل أكثرمن 2%سنويا . كذلك يعتبر(Qureshi-96 ) أن الدول النامية إحدى القوى الدافعة للعولمة حيث زاد نصيب التجارة (الصادرات ، الواردات) من الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية زيادة سريعة من حوالي 33% في منتصف الثمانينيات إلى 43% في منتصف التسعينيات ، ويتوقع أن تزيد عن 50% ،في العقد القادم ، ويرجع (Otsobo-96)جزء من زيادة تكامل الدول النامية في الاقتصاد العالمي إلى ما قامت به من تنفيذ برامج للإصلاح الاقتصادي الأمر الذي يمثل نقلة نوعية فعالة في استراتيجية التنمية.

3- تكامل أسواق المال الدولية: (6) تعتبر الحركة الدولية لرأس المال ، مظهرا أساسيا من مظاهر التكامل المالي الدولي كما أن صورة هذه الحركة ودرجا تها ترتبط ارتباطا وثيقا بغرض كفاءة الأسواق المالية الدولية ، وتأتي تدفقات رؤوس الأموال بين الدول أو خلال الأسواق المالية استجابة للاختلاف في معدلات الفائدة ، وكذا درجات و أشكال الرقابة المفروضة على تحركات رأس مال . كما حدث تزايد في التكامل الدول النامية مع النظام المالي الدولي ، نظرا لتحرير الأسواق المالية للدول المتلقية و الدول المصدرة لرأس المال ، كما ألغت كثيرا من الدول النامية القيود على المدفوعات بالنسبة للحساب الجاري ، وتخلت عن الرقابة على التدفقات المالية عبر الحدود .

4- زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاص و الاستثمار الأجنبي المباشر:(7) يوضح تقرير آفاق الاقتصاد العالمي 1997 الصادر عن صندوق النقد الدولي مؤشرات زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاص و الاستثمار الأجنبي المباشر ، فابتداء من منتصف الثمانينيات بدأت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنحاء العالم في الزيادة.

5- التقدم التكنولوجي و انخفاض تكاليف النقل و الاتصالات: (8)ذكر ( 89- Dosi )أن التغيرات التكنولوجية إحدى محركات العولمة ، كذلك أكد على أهمية هذا العامل ( Ablel Et Janelle-91 ) ودور التقدم التكنولوجي في المواصلات و الاتصالات على تسارع عمليات العولمة ،كما أوضح ( Lipsey-92) أن التكنولوجيا الحديثة ترتب عليها انتقال للنظم عبر الاقتصادية العالمية. كذلك حدث انخفاض كبير في تكلفة النقل و الاتصالات ، فانخفضت قيمة المكالمة الهاتفية بحوالي 60 مرة منذ عام 1930 ،وكذلك انخفضت تكلفة النقل بين الدول المختلفة نتيجة للتقدم التكنولوجي ، وكذلك ظهور الفاكس وشبكات الاتصال ، الأمر الذي ساهم في التقليل من عقبة الحدود الجغرافية.

البحـث الثاني : العولمة المالية

المطلب الأول : تطور العولمة المالية :(9)

إذا كانت للعولمة الاقتصادية جذور تعود إلى القرن الخامس عشر حسب العديد من الدراسات أي مع زيادة تبادل السلع بين الأمم آنذاك ، فإن العولمة المالية حديثة النشأة نسبيا، فعمرها لا يتجاوز أربعين سنة على أكثر تقدير ،حيث تتمثل العولمة المالية في ذلك التشابك و الترابط شبه الكامل للأنظمة النقدية و المالية لمختلف الدول و بدأت تتجسد أكثر فأكثر مع تطبيق إجراءات التحرير المالي ورفع الحواجز في الولايات المتحدة وبريطانيا ما بين(79-82) ،لتضم باقي الدول الصناعية الأخرى ، ومها يكن فقد مرت بالمراحل التالية :
1- مرحلة تدويل التمويل غير المباشر: امتدت هذه المرحلة من (1960-1979) وتميزت بمايلي:
– تعايش الأنظمة النقدية و المالية الوطنية المغلقة بصورة مستقلة.
– ظهور وتوسع أسواق ( العملات الأوروبية ، الدولار ) ابتداء من لندن ثم في بقية الدول الأوروبية.
– سيطرة البنوك على تمويل الاقتصاديات الوطنية ، أي التمويل بوساطة بنكية.
– انهيار نظام الصرف الثابت بسبب عودة المضاربة على العملات القوية ( الجنيه الإسترليني ، الدولار).
– انهيار نظام بريتون وودز في 15أوت 1971 ، وإنهاء ربط الدولار و العملات الأخرى بالذهب وبذلك ظهرت أسواق الصرف المعروفة اليوم.
– ظهور أسواق الأوراق المدينة مثل سندات الخزينة.
– ظهور المديونية الخارجية لدول العالم الثالث.
– إنشاء البنوك الأمريكية في كافة أنحاء العالم ، و التي منحت العديد من القروض.
2-مرحلة التحرير المالي:(10) امتدت هذه المرحلة من (1980-1985) وتميزت بمايلي:
– المرور إلى مالية التسوق،أو اقتصاد السوق المالية وصاحب ذلك ربط الأنظمة المالية و النقدية الوطنية بعضها ببعض و تحرير القطاع المالي.
– انتشار واسع للتحرير المالي و النقدي على المستوى العالمي وذلك بعد رفع الولايات المتحدة و المملكة المتحدة للرقابة على حركة رؤوس الأموال.
– توسيع وتعميق الإبداعات المالية بصفة عامة و التي سمحت بجمع كميات ضخمة من الادخار العالمي و إجراء عمليات المراجعة الدولية في أسواق السندات .
– التوسع الكبير في أسواق السندات و صناديق المعاشات المختصة في جمع الادخار وهي تتوفر على أموال ضخمة وغايتها تعظيم إيراداتها في الأسواق العالمية.
3-مرحلة تعميم المراجعة وضم الأسواق المالية الناشئة:(11) امتدت هذه المرحلة من 1986إلى غاية الآن وتميزت بما يلي:- ضم العديد من الأسواق الناشئة من أوائل التسعينيات و ربطها بالأسواق المالية العالمية مما شكل الحدث الهام
و الأخير في مشوار العولمة المالية.
– تحرير أسواق المواد الأولية وزيادة حجم التعامل فيها.
– زيادة الارتباط بين الأسواق المالية العالمية بمختلف أجنحتها إلى درجة أنها أصبحت تشبه السوق الواحدة وذلك باستعمال وسائل الاتصال الحديثة و ربطها بشيكات التعامل العالمية .
– تحرير أسواق الأسهم حيث كانت الانطلاقة من بورصة لندن 1986 بعد إجراء الإصلاحات البريطانية المعروفة (Big-Bang) وتبعتها بقية البورصات العالمية بعد ذلك مما سمح بربطها ببعضها البعض وعولمتها على غرار أسواق السندات .
– الانهيارات الضخمة التي شهدتها البورصات العالمية ، و التي كلفت الاقتصاد العالمي آلاف الملايير من الدولارات و إفلاس الكثير من البنوك و المؤسسات المالية .
ومها تكن مراحل العولمة المالية فإن هذه الظاهرة قد انتشرت بسرعة فائقة في كافة أنحاء العالم ومست معظم الدول لتسيطر الدائرة المالية على الاقتصاد العالمي في وقت قصير نسبيا ، وينتظر أن يصبح الاقتصاد العالمي ممولا في قسط منه بواسطة الأدوات المالية .

المطلب الثاني : العوامل المفسرة للعولمة المالية. (12)

تظافرت عوامل عديدة في توفير المناخ الملائم لتغذية زخم العولمة المالية التي بدأت في التبلور منذ ما يربو على ربع قرن من الزمان، وكان أهم العوامل المفسرة لها :

1-تنامي الرأسمالية المالية : لقد كان للنمو المطرد الذي حققه رأس المال المستثمر في الأصول المالية دورا أساسيا في إعطاء قوة الدفع لمسيرة العولمة المالية ، فأصبحت معدلات الربح التي حققها رأس المال المستثمر في أصول مالية تزيد بعدة أضعاف عن معدلات الربح التي تحققها قطاعات الإنتاج ،وصارت الرأسمالية ذات طابع ريعي … تعيش على توظيف رأس المال لا على استثماره . على الصعيد العالمي ، لعب رأس المال المستثمر في الأصول المالية دورا مؤثرا لما يقدمه من موارد مالية (قروض ، استثمارات مالية ) بشروطه الخاصة .
ولقد ارتبط هذا النمو المطرد للرأسمالية المالية أيضا بظهور (الاقتصاد الرمزي ) وهو اقتصاد تحركه رموز و مؤشرات الثروة العينية أي : الأسهم و السندات و غيرها من الأوراق المالية .

2-عجز الأسواق الوطنية عن استيعاب الفوائض المالية(13) حدثت موجة عارمة من تدفقان رؤوس الأموال الدولية ناتجة عن أحجام ضخمة من المدخرات والفوائض المالية التي ضاقت الأسواق الوطنية عن استيعابها فاتجهت نحو الخارج بحثا عن فرص استثمار أفضل ومعدلات عائد أعلى.

3-ظهور الابتكارات المالية :(14) ارتبطت العولمة المالية بظهوركم هائل من الأدوات المالية الجديدة التي راحت تستقطب العديد من المستثمرين ،فإلى جانب الأدوات التقليدية المتداولة (الأسهم، السندات ) ،أصبح هناك العد يدمن الأدوات الاستثمارية منها المشتقات التي تتعامل مع التوقعات المستقبلية وتشمل:المبادلات ، المستقبليات ،السقف و القاعدة ،الخيارات ، وكل هذه الأدوات تتيح للمستثمرين مساحة واسعة من الاختيارات عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية وقد ظهرت هذه الأدوات الجديدة تحت تأثير عاملين وهما :
أ-الاضطرابات التي سادت سوق الصرف الأجنبي بعد الاتجاه نحو تعويم أسعار صرف العملات و أسعار الفائدة بحيث باتت الضرورة ملحة إلى ظهور تلك الابتكارات لتامين الحماية للمستثمرين.
ب-المنافسة الشديدة بين المؤسسات المالية لاسيما تلك التي دخلت حديثا إلى السوق فاستخدمت هذه الأدوات الجديدة من أجل تجزئة المخاطر وتحسين السيولة .

4-التقدم التكنولوجي:(15) ساهم هذا العنصر في مجالات الاتصـالات و المعلومـات مساهمة فعالة في دمج وتكامل الأسواق المالية الدولية ، وهو الأمر الذي كان له أثر بالغ في زيادة سرعة حركة رؤوس الأموال من سوق لأخر وفي زيادة الروابط ببن مختلف الأسواق المالية إلى الحد الذي جعل بعض المحللين الماليين يصفونها كما لو أنها شبكة مياه في مدينة واحدة.

5- التحرير المالي المحلي و الدولي 16) لقد ارتبطت المتدفقات الرأسمالية عبر حدود ارتباطا وثيقا بعمليات التحرير المالي الداخلي و الدولي ، وقد زادت معدلات النمو للتدفقات وسرعتها خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي مع السماح للمقيمين وغير المقيمين بحرية تحويل العملة بأسعار الصرف السائدة إلى العملة الأجنبية واستخدامها بحرية في إتمام المعاملات الجارية و الرأسمالية.

6- إعادة هيكلة صناعة الخدمات المالية: (17) حدثت تغيرات هائلة في الصناعة الخدمات المالية وإعادة هيكلتها على مدى العقدين الماضيين وعلى وجه الخصوص العقد التاسع من القرن الماضي ،بحيث عملت كحافز للإسراع من وتيرة العولمة المالية ، وفي هذا الصدد نشير إلى مايلي :
أ-توسع البنوك في نطاق أعمالها المصرفية ، على الصعيد المحلي و الدولي.
ب-دخول المؤسسات المصرفية كمنافس قوي للبنوك التجارية في مجالات الخدمة التمويلية فخلال الفترة (1980- 1995) انخفض نصيب البنوك التجارية في الأصول المالية الشخصية من50% إلى 18% وفي مقابل ذلك ارتفع نصيب المؤسسات المالية غير المصرفية إلى نحو 42%.
ج-من خلال المنافسة القوية التي تستشعرها البنوك التجارية من المؤسسات غير المصرفية في مجالات الخدمات التمويلية، قامت بعمليات الاندماج فيما بينها.

المطلب الثالث : مؤشرات العولمة المالية. (18)

في العقد الأخير من القرن المنصرم ،أصبحت أسواق رأس المال أكثر ارتباطا و تكاملا حيث قفزت التدفقات المالية بين الأسواق المالية قفزة هائلة و يكفي للدلالة على ذلك أن نتبع مؤشرين هما :

-المؤشر الأول: الخاص بتطور حجم المعاملات عبر الحدود في الأسهم و السندات في الدول الصناعية المتقدمة حيث تشير البيانات إلى أن المعاملات الخارجية في الأسهم و السندات كانت تمثل أقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول عام 1980 ،بينما وصلت إلى ما يزيد عن 100% في كل من الولايات المتحدة الأمريكيةو ألمانيا عام 1996 ،و إلى ما يزيد عن 200 % في فرنسا وإيطاليا وكندا في نفس العام .

– المؤشر الثاني(19): الخاص بتطور تداول النقد الأجنبي على الصعيد العالمي ، فإن الإحصاءات تشير إلى أن متوسط حجم التعامل اليومي في أسواق الصرف الأجنبي قد ارتفعت من 200 مليار دولار أمريكي في منتصف الثمانينات إلى حوالي. 1.2 ترليون دولار أمريكي في عام 1995، وهو ما يزيد عن 84% من الاحتياطات الدولية لجميع بلدان العالم في نفس العام .
ومن ناحية أخرى يلاحظ أن جوهر عولمة الأسواق المالية هو تحرير حساب رأس المال ويقصد بذلك إلغاء الحظر على المعاملات في حساب رأس المال ،و الحسابات المالية لميزان المدفوعات والتي تشمل المعاملات المتعلقة بمختلف أشكال رأس المال مثل الديون و أسهم المحافظ المالية و الاستثمار المباشر و العقاري و الثروات الشخصية وتحرير حساب رأس المال ، ومن ثم قابلية حساب رأس المال للتحويل ترتبط بإلغاء القيود على معاملات النقد الأجنبي و الضوابط الأخرى المرتبطة بهذه المعاملات .

المطلب الرابع : العولمة المالية ودول الاقتصاد المختلط.(20)

ازدادت أهمية الدول النامية في العشرية الأخيرة من القرن العشرين وأصبحت تلعب دورا أكثر حيوية في الاقتصاد العالمي واتسعت العديد من أسواقها المالية من حيث عدد الأوراق المالية ، حجم الإصدارات و الاستثمارات الأجنبية، لهذا فإنه ينتظر أن تكون العولمة المالية و التكامل المالي للدول النامية مع النظام المالي العالمي في صالح الدول النامية و المتقدمة على حد سواء ،ومع ذلك تبقى للعولمة المالية أثار سلبية على الدول النامية نوجز أهمها فيما يلي:

1-عولمة المديونية الخارجية :بدأت أزمة الديون الخارجية لدول الجنوب في النصف الأول من عشريـة الثمانينات،مع زيادة تلك الديون و خدماتها إلى درجة أن العديد من الدول المدينة أصبحت عاجزة عن تسديدها فعمدت البنوك الغربية (بالتعاون مع بيوت السمسرة المتخصصة )إلى تحويل الديون الخارجية للدول النامية إلى أوراق مالية تتداول في الأسواق المالية العالمية ، شأنها في ذلك شأن أي أداة مالية عادية .

2- توغل رؤوس الأموال الأجنبية: (21) ترافق مع عملية إعادة هيكلة الدول النامية لاقتصادياتها بعد زوال الاستعمار و كانت أهم مظاهره : الاستثمار المباشر ، القروض، المساعدات، التمويل الخارج و الادخار الداخلي.

3- إستراتيجية التصنيع:(22) كان تغلغل الاستثمار الأجنبي في الدول النامية مشروطا دائما بوجود قوة دفع داخلية غالبا تحركها الحكومات الوطنية ، ونوضح ذلك بأمثلة إقليمية تتوافق مع ثلاثة استراتيجيات للتصنيع طبقت في البلدان النامية.
أ- إستراتيجية تصنيع بدائل الواردات في أمريكا اللاتينية .
ب-تشجيع الصادرات في الشرق الأقصى.
ج-التصنيع الثقيل في دول الريوع النفطية.

4- الصيغة الجديدة في علاقات دول الشمال و الجنوب(23) إن الدول التي أرادت بناء تنميتها على أساس استثمار أفضل لمواردها الطبيعية بدون تنويع قاعدتها التصديرية أصبحت موضع تهميش و يتضح هذا وفق العناصر التالية :
أ-تهميش المواد الأولية .
ب- إعادة توزيع الأنشطة الإنتاجية على الصعيد العالمي.
ج-التنافس من أجل جلب الادخار و الاستثمار.

5- الصدمات النفطية و انعطاف السياسات الاقتصادية: (24) شكلت مضاعفة أسعار النفط بين أكتوبر 1973 وجانفي 1974 أول صدمة شاملة تعرضت لها الاقتصاديات الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية .

6- البحث عن أطر جديدة للتنظيم 🙁25) تدخل الدول في المنافسة فيما بينها وذلك لجذب الادخار و الاستثمار هذا ما يدفع بالدول إلى التسابق لإزالة القيود الجمركية و الخصخصة في الدول النامية لتفادي شراسة المنافسة وقد ظهر ذلك كمايلي:
أ-تنسيق السياسات الاقتصادية .
ب-تشكيل المجموعات الاقتصادية الإقليمية.
ج-تقوية المؤسسات المتعددة الأطراف ،حيث اعتمدت هذه الأخيرة أسلوب التعهدات الدولية الثانوية لدخول أسواق بلدان العالم الثالث بواسطة رجال الأعمال محليين .

7- الإختلالات التجارية و المالية فيما بين دول الشمال:(26) إن عملية الامتصاص التي نفذها الاقتصاد الامريكي للإدخار العالمي بدأ من عام 1982 ، كانت السبب وراء عدم الاستقرار النقدي والمالي غير المسبوق الذي أصاب النظام المالي العالمي بالعطب إضافة الى تأثيره السلبي على النمو العالمي .

البحث الثالث: الاتجاهات الحديثة في المجال المصرفي.

المطلب الأول: الاتجاهات الحديثة في مجال الخدمة المصر فيه .(27)
لا شك أن التحول الكبير و التنوع الملحوظ في الخدمات المصرفية أو في صناعة البنوك بصفة عامة كان بمثابة ضرورة فرضتها واقع التطور و النمو السريع في مختلف الأنشطة الاقتصادية في دول العالم المختلفة وهذا ما جعل الكثير من الممارسين في صناعة البنوك يرون أن المشكلة الحقيقية التي تواجه رجال البنوك تكمن في كيفية إدارة و مواجهة التغيير و النمو السريع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بنجاح ، بالإضافة إلى التغيير و التطور في السوق الصناعة المصرفية التي أصبحت تتصف بالمنافسة الشديدة .
و بخصوص الاتجاهات الحديثة في المجال صناعة الخدمات المصرفية تعطي كآلاتي:

1-التنوع في الأنشطة و الخدمات المصرفية: لم تعد الخدمات الصرفية الآن تقتصر على عمليات الإقراض و الإيداع وما يرتبط بها من أنشطة مصرفية حيث تشير الدلائل العملية إلى تنوع و تعدد الخدمات والأنشطة التي تقوم
بها البنوك في الوقت الحالي سواء في الدول المتقدمة أو النامية ، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الوضع على النحو التالي:(28)
أ-شراء أو إنشاء وإدارة شركات صناعية و تجارية و زراعية و خدمية أو المساهمة فيها.
ب-إنشاء العديد من الفروع للبنك الأم ، و التي تقوم بإعطاء الخدمات المصرفية التقليدية. ( الإقراض ، إيـداع حسابات جارية ، تحويلات نقدية).
ج- دخول البنوك في صناعة التأمين من خلال تقديم كافة الخدمات الخاصة بالحاسبات الآلية،الاستثمار المشترك السمسرة ، و إصدار عقود التأمين بأنواعها المختلفة.
د- تقديم كافة الاستثمارات ودراسات الجدوى الاقتصادية و إدارة المشروعات الجديدة في مجالات الصناعة و التجارة و الزراعة.
هـ- البنوك الآن تمنح خدمات مصرفية للأفراد مثل تنظيم وتخطيط الضرائب الشخصية و ميزانيات الإنفاق، دفع الإيجارات ،منح بطاقات الائتمان أو الضمان ، و بطاقات الشيكات وكذلك شراء و التأمين على مختلف الوسائل.
و- تنظيم و إدارة كل ما يتعلق بتقديم و صرف المعاشات و المنافع الاجتماعية التي تحصل عليها الأفراد من الدولة .
ز-منح الأفراد بطاقات صرف نقدية من الوحدات الآلية التابعة لفروع البنك في كل مكان حتى يستطيع الفرد الحصول على أي مبلغ من دون التقيد بمواعيد العمل الرسمي في البنوك ، و تمنح لاصحاب الحسابات الجارية و حساب الإيداع.
ح- التعامل في كافة أنواع الأوراق المالية و ما يرتبط بها من أنشطة و تقديم كافة التسهيلات للشركات التجارية التي ترغب في إصدار بطاقة الضمان.

2-التوسع الكبير في استخدام تكنولوجيا الخدمات المصرفية: (29)من أهم مظاهر التقدم في تقديم الخدمات المصرفية هي التوسع الكبير في استخدام الكمبيوتر حيث أدى إلى السرعة في تقديم الخدمات و تقليل الأعباء البيروقراطية ، وقد أدى هذا أيضا إلى مواكبة التزايد الكبير في حجم المعاملات المالية ،كما يمكن للعميل معرفة رصيده ومجموع وتفاصيل مسحوبا ته و تواريخها، و إمكانية حصوله على خدمات في أي فرع من فروع البنك .
كذلك من مظاهر التقدم في تكنولوجيا الخدمات المصرفية هو ظهور البنوك الآلية ، و إدخال خدمات الحاسب على الشبابيك، إضافة إلى بطاقات الضمان ،و بطاقات الصرف النقدية ، و بطاقات الشيكات .
ويقوم كذلك البنك بتقديم الاستشارات لكافة الجهات بما في ذلك قيامها ببيع نظم المعلومات الإدارية و البرامج الخاصة بالرقابة على المخزون وحسابات الأجور .

3-النمو عن طريق الاندماج: (30)لتحقيق هدفي النمو و التوسع، تلجأ بعض البنوك الكبيرة خاصة في الدول المتقدمة إلى الاندماج مع بعضها البعض لتكوين مجموعات بنكية تقدم سلسلة من الخدمات المصرفية المتكاملة و تحقيق التغطية الشاملة للبلد المعين ، وهذا بالإضافة إلى غزو أسواق الخدمات المصرفية في خارج الدولة.

4-التدويل:(31 ) تتجه البنوك في الوقت الحالي إلى تدو يل أنشطتها أي غزو أو الدخول في أسواق الخدمات المصرفية خارج حدود البلد الأم ، كما نجد شركات متعددة الجنسيات نجد أيضا البنوك متعددة القوميات ومن المفيد ذكر بعض الأسباب التي أدت إلى التدويل وذلك على النحو التالي :
أ- تجنب الخطر -عن طريق تنويع الأسواق – بصفة خاصة خطر المنافسة و تشبع السوق المحلي،و كذلك أي اضطرابات عمالية تؤثر على النشاط الاقتصادي.
ب- انخفاض التكاليف (تكاليف العمالة ،الأرض ، وبعض مقومات الإنتاج الأخرى ) بالمقارنة بنظيرتها في الدولة الأصلية.
ج- الاستفادة من الحوافز والامتيازات التي تقدمها الدول المضيفة.
د- الرغبة في النمو و التوسع.
ونذكر عدد من الطرق والاستراتيجيات التي تستطيع البنوك من خلالها غزو أسواق جديدة في الخارج ومن بينها :
– تعيين مراسلين للبنك في الدولة المضيفة للمساهمة بالخبرة و المعلومات .
– إنشاء فروع مملوكة بالكامل للبنك الأم .
– إنشاء البنوك ذات الاستثمار المشترك مع بنك وطني ،حيث يساهم كل من المستثمر الأجنبي والوطني في رأس المال و الإدارة معا.

5- التطور التنظيمي و الإداري: (32)إن التنوع و التوسع و التقدم التكنولوجي في أداء الأنشطة و تقديم الخدمات المصرفية يتطلب بالضرورة درجة عالية في البناء التنظيمي و الإداري للبنوك ،بالإضافة إلى أساليب إدارة العمليات المصرفية و إنجاز الوظائف الإدارية ، وفي هذا الخصوص يمكن عرض الاتجاهات الحديثة في مجالات التنظيم و الإدارة في البنوك على النحو التالي:
أ- اختصاصات الإدارة العليا: و يضم مجلس الإدارة ، رئيس مجلس الإدارة ، مديري التنفيذ، الخبراء . و بالنسبة لاختصاصات ومهام مجلس الإدارة تتمثل في:
– تحديد مستويات الربح المرتقبة، ووضع سياسات تنويع الخدمات المصرفية.
– وضع الخطط و السياسات الخاصة بالعمالة و إدارة السيولة ،وتحديد طرق مواجهة الأخطار.
– وضع خطط الاستثمار ، وسياسات تنويع الخدمات المصرفية وسياسات العلاقات العامة.
ب- نظام و أسلوب الإدارة والتنظيم: (33)وتتلخص الاتجاهات الحديثة في هذا الخصوص إلى مايلي:
– استخدام نظام الإدارة بالأهداف في كل الفروع وكذلك في كل الأقسام و الإدارات الوظيفية .
– التدريب المستمر لأعضاء الإدارة العليا على الأساليب العلمية في التخطيط والتخطيط الاستراتيجي.
– المرونة الكبيرة في بناء الهياكل التنظيمية وإدارة العمليات المصرفية لاستيعاب أي تغير في أنشطة وخدمات البنك وكذلك لمواجهة تغيرات السوق.
– تعدد أسس بناء الهيكل التنظيمي حيث تتجه معظم البنوك الان إلى بناء هياكلها التنظيمية على اكثر من أساس.
– اهتمام البنوك الحديثة بالعلاقات الإنسانية في العمل بدرجة كبيرة جعلها تنشئ إدارة خاصة تسمى إدارة العلاقات الصناعية.
– الاهتمام بإنشاء وحدات لخدمة المعلومات و الكمبيوتر و البحوث في جميع المجلات .
– فصل الإيرادات المحققة من بيع الخدمات غير المصرفية مثل: تقديم الاستشارات ،خدمات نظم المعلومات.

البحث الرابع :السياسات المصرفية المعاصرة.

المطلب الأول: سياسة السيولة:(34)
وفقا لمفهوم السيولة فإنها تعني قدرة البنك على مواجهة التزاماته ، والتي تتمثل بصفة أساسية في عنصرين هما:
– تلبية طلبات المودعين للسحب من الودائع .
– تلبية الائتمان أي القروض و السلفيات لتلبية حاجيات المجتمع.
1- مكونات السيولة : يمكن تصنيف مكونات السيولة حسب سرعة توفيرها إلى مكونين هما :
أ-السيولة الحاضرة : وهي عبارة عن النقدية الحاضرة لدى البنك ، وتحت تصرفه و تشمل مايلي:
– النقدية بالعملة المحلية و العملات الأجنبية وهي الأموال الموجودة في خزائن البنك.
– الودائع لدى البنوك الأخرى ، ولدى البنك المركزي.
– الشيكات تحت التحصيل.
ب-السيولة شبه النقدية :تتكون السيولة في هذه الحالة من الأصول التي يمكن تصفيتها أي بيعها أو رهنها ، فهي تتميز بقصر أجل الاستحقاق و إمكانية التصرف السريع فيها .

المطلب الثاني: سياسة القروض و السلفيات.(35)

1- أهمية سياسة الإقراض : يتطلب الأمر وجود سياسة مكتوبة و معترف بها فهي عبارة عن إطار يتضمن مجموعة المعايير و الشروط الإرشادية ، و تزود بها إدارة منح الائتمان المختصة ، بما يحقق عدة أغراض كضمان المعالجة الموحدة للموضوع الواحد ، وتوفير عامل الثقة لدى العاملين بالإدارة بما يمكنهم من العمل دون خوف من الوقوع في خطا و توفير المرونة الكافية و فقا للموقف ، طالما أن ذلك داخل نطاق السلطة المفوضة إليهم .
2-مكونات ومحتويات سياسة الإقراض: لا توجد سياسة نمطية تطبق في البنوك ، و لكن تختلف سياسة الإقراض من بنك لأخر و فقا لأهدافه و مجال تخصصه و هيكله التنظيمي و حجم رأس ماله .
و بصفة عامة توجد العديد من النقاط التي تغطيها السياسة وهي :
– الآخذ في الحسبان الاعتبارات القانونية لتقديم الائتمان .
– تقرير حدود و مجال الاختصاص و مستوى اتخاذ القرار في مجال منح القروض و التسهيلات.
– تحديد أنواع القروض التي يمنحها البنك.
– المنطقة التي يخدمها البنك و التي يمتد نشاطه إليها.
– التكلفة أي سعر الفائدة و المصاريف الإدارية.
3- التوزيع النسبي لمختلف القروض: يعتبر التوزيع النسبي للأنواع المختلفة من القروض داخل المحفظة المالية من القرارات الهامة للإدارة ، حيث يوجد العديد من العوامل المؤثرة بطريقة مباشرة على التوزيع المناسب للقروض الممنوحة للصناعة والتجارة ، القروض بضمان وبدون ضمان و القروض بغرض الاستهلاك.
4-تقسيم القروض و السلفيات حسب النوع الضمان : ويمكن ذكر بعضها فيما يلي :
– القروض و السلفيات بضمان: أوراق مالية،كمبيالات.
– القروض و السلفيات بضمان :محاصيل زراعية أو بضائع، بضمان شخصي.
– القروض و السلفيات بضمان: رهن عقاري.

المطلب الثالث: سياسة رأس المال .(36)

تهدف الإدارة الجديدة لتحقيق الربح ، بجانب وظيفتها التقليدية و المتمثلة في الحفاظ على الأموال بتوزيع و تخصيص الأموال على مختلف الأصول للبنك ، بطريقة تحقق الموائمة بين السيولة و الربحية .
1- وظائف رأس المال في البنك: تتلخص وظيفة راس المال في البنوك فيما يلي:
أ- وظيفة الحماية لأموال المودعين : وذلك بحماية أموال المودعين من مخاطر الانخفاض في قيمة هذه الأصول ويعني ذلك ضمان الأداء الكامل للأموال المودعة.
ب- الوظيفة التتشغلية : تبدو أهمية هذه الوظيفة نتيجة للدور الذي يقوم به البنوك في تنمية المجتمع ،لذلك لابد أن يكون البنك قادرا على ممارسة نشاطه ، و أن يكون رأس ماله كافيا لمقابلة ذلك .
ج- وظيفة الضمان لكل من يمنح البنك ائتمان.
د- التوظيف في بداية حياة البنك.
1- الاحتياطات لمقابلة مخاطر التسليف:يحتمل أن يترتب على توظيف الأموال في مجال عمليات الأقراض و التسليف ، احتمال فقدان أو عدم تحصيل جزء من هذه التسليفات ، لذلك تسمح السلطات الرقابية و الضريبية للبنوك بتكوين مخصصات لمقابلة مثل هذه المخاطر و تعفى من الضريبة بنسب محددة ( احتياطات غير حرة ).
ولا شك أن الأموال لها نفس وظائف راس المال.
2-الأسهم الممتازة و القروض طويلة الأجل :لهذه المصادر خصائص مماثلة لحقوق الملكية العادية، وخصائص أخرى مماثلة للمديونية ، فالقروض تدفع عن الاستحقاق و قد يكون مألوفا إحلال قرض محل قرض قائم ، وبذلك تعتبر المديونية نوع من التمويل الدائم و الذي يشكل جزء من هيكل رأس المال.

البحث الخامس: تطور الأداء المصرفي في ظل العولمة.

المطلب الأول : البنوك الشاملة.

1-تعريف البنوك الشاملة: (37) يمكن تعريفها بأنها :”تلك الكيانات المصرفية التي تسعى دائما وراء تنويع مصادر التمويل و تعبئة أكبر قدر مكن من المدخرات من كافة القطاعات ،و توظيف مواردها و فتح الائتمان المصرفي لجميع القطاعات ، كما تعمل على تقديم كافة الخدمات المتنوعة و المتجددة التي قد لا يستند إلى رصيد مصرفي ، بحيث تجمع ما بين وظائف البنوك التجارية التقليدية ووظائف البنوك المتخصصة و بنوك الاستثمار و الأعمال. ”
2-أعمال البنوك الشاملة : (38) تتمثل أعماله في النواحي التالية :
– تقوم البنوك الشاملة بدور فعال في ترويج المشروعات الجديدة ، كما انه نطلع بعمليات الصيرفة الاستثمارية في مجال الإصدارات الجديدة للأوراق المالية ، وتقديم خدمات الوساطة المالية .
– الاستثمار في الأوراق المالية حيث يقوم بشرائها ، كما يقوم بمجموعة من الوظائف تتمثل في المساهمة في الشركات التي يؤسسها ، شراء الأسهم في الشركات قيد الخصخصة ، و إعداد الدراسات و تقديم الاستشارات اللازمة للخصخصة و التقييم ، شراء سندات الشركات المساهمة و ذلك في حالة الخصخصة ، إنشاء شركات الاستثمار و الشركات القابضة ، والصناديق ، وتأسيس المشروعات العربية المشتركة .
-تقديم القروض لكل القطاعات لتحقيق التوازن ، واثر ذلك على تطوير السوق المالية ، تدعيم القدرات الإنتاجية للشركات ، وتنويع المحفظة الاقراضية ، و الاستثمارية للمصرف ، وتسيير القروض المصرفية في السوق المالية.
3-إيجابيات و مزايا البنوك الشاملة :(39) تتسم البنوك الشاملة بعدة إيجابيات و مزايا أهمها :
– العمل على أساس الحجم الكبير و بالتالي تحقيق الوفرات في التكاليف .
– التنويع القطاعي لمحفظة القروض و الاستثمارات و بالتالي تقليل المخاطر الائتمانية ككل .
– ممارسة الأساليب المعاصرة في إدارة الموجودات و المطلوبات ، بما فيها على سبيل المثال إدارة الفجوة،الهامش، الفارق.
– زيادة و توسيع تشكيلة الخدمات المصرفية و المالية المقدمة للعملاء على اختلاف أنواعهم.
– إمكانية الدخول إلى الأسواق المالية لشراء الأسهم و بيعها في إطار السياسة الاستثمارية للبنك.
– يمكن البنك الشامل ، إذا ما أرادت الدولة تخفيض أسعار الفائدة لقطاع معين ، والحصول على الدعم منها مقابل ذلك التخفيض ، و ذلك دون الحاجة لوجود مصرف قطاعي متخصص يؤدي هذه المهمة .

المطلب الثاني : مقررات لجنة بازل: 40)

في ظل تأثر الجهاز البنكي بالعولمة و تزايد المنافسة العالمية و المحلية اصبح أي بنك من البنوك عرضة للعديد من المخاطر ، لذا وجب التفكير و البحث عن آليات لمواجهة تلك المخاطر ، وإيجاد فكر مشترك بين البنوك المركزية في دول العالم ، يقوم على التنسيق بين تلك السلطات الرقابية للتقليل من المخاطر التي تتعرض لها البنوك.
1-التعريف بلجنة بازل المصرفية : تشكلت لجنة بازل ” للأنظمة المصرفية للممارسات الرقابية و عملت لعدة سنوات قبل نشر تقريرها النهائي في جويلية 1988 وقد ضمت اللجنة ممثلين عن مجموعة العشرة و هي : بلجيكا ، كندا ، فرنسا ، ألمانيا ،إيطاليا ،اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية ، المملكة المتحدة، سويسرا و هولندة ،السويد ، إضافة إلى لوكسمبورغ ، وكانت تعقد اجتماعاتها في مدينة بال في سويسرا و هي مقر بنك التسويات الدولي و ذلك برئاسة ” كوك ” من بنك إنجلترا . وقد عقد محافظ المصارف المركزية لمجموعة العشرة اجتماعاتها في 07/12/1987في بازل للنظر في التقرير الأول الذي رفعته اللجنةله والذي استهدف تحقيق التوافق في الأنظمة و الممارسات الرقابية الوطنية فيما يتعلق بقياس كفاية رأس المال و معاييرها و ذلك من البنوك التي تمارس الأعمال الدولية.
2- السمات الرئيسية لتقرير لجنة بازل: (41)
أ- الأهداف الرئيسية لعمل اللجنة و تقريرها : يمكن القول أن اتفاقية بازل تهدف فيما يتعلق بالبنوك العاملة في السوق المصرفي العالمي في ظل العولمة إلى مايلي :
– المساهمة في تقوية و تعميق و الحفاظ على استقرار النظام المصرفي العالمي و بالتحديد بعد تفاقم أزمة الديون .
في الدول النامية مما اظطر بالجنة لاتخذ إجراءات عديدة مثل إسقاط الديون أو تسنيدها بخصومات عالية.
– وضع البنوك الدولية في أوضاع تنافسية متكافئة، و بالتالي إزالة الفروق في المتطلبات الرقابية الوطنية بشأن رأس المال المصرفي .
– العمل على إيجاد آليات للتكييف مع التغييرات المصرفية العالمية في مقدمتها العولمة المالية و التي تذيع من التحرير المالي وتحرير الأسواق النقدية من البنوك بما في ذلك التشريعات و اللوائح و المعوقات التي تحد من اتساع و تعميق النشاط المصرفي عبر أنحاء العالم .
– تحسين الأساليب الفنية للرقابة على أعمال البنوك و تسهيل عملية التداول للمعلومات حول تلك الأساليب بين السلطات النقدية المختلفة.
ب-تصنيف دول العالم: تصنف الاتفاقية دول العالم إلى مجموعتين :
-المجموعة الأولى : وهي الدول الكاملة العضوية في منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية و كذلك الدول التي تقوم بعقد ترتيبا افتراضية خاصة مع (FMI) ،و قد تم تعديل هذا المفهوم خلال جويلية 1994 ، وذلك باستبعاد أي دولة من هذه المجموعة لمدة 5 سنوات إذا قامت بإعادة جدولة ديونها الخارجية.
-المجموعة الثانية : تشمل باقي دول العالم ، وقد اعتبرت ذات مخاطر أعلى من دول المجموعة الأولى .
3-التعديلات التي أجريت على اتفاقية بازل: (42) لعل المتتبع لاتفاقية بازل منذ 1988 وحتى عام 1998 يجد أن هناك العديد من التعديلات التي أجريت ، يمكن الإشارة إلى أهمها في النقاط التالية :
-تغطية مخاطر السوق و إدخالها في قياس معدل كفاية رأس المال وقد افترضت لجنة بازل استخدام بعض المؤشرات الكمية و النوعية لكي تستخدمها البنوك ، ولعل من أهمها تغطية مخاطر الائتمان لكافة عناصر الأصول ، وتغطية مخاطرسعار الفائدة ، و مخاطر تقلبات أسعار الصرف.
– -إضافة شريحة ثالثة لرأس المال تتمثل في القروض المساندة و تحديث طرق القياس.
– – تعديل تعريف راس المال و فقا للتعديلات الأخيرة.
– -تعديلات منهجية و تنظيمية متصلة بمتطلبات راس المال لمقابلة المخاطر السوقية
المطلب الثالث : البنوك و تحرير تجارة الخدمات المصرفية.
مع تزايد العولمة المالية تم إقرار اتفاقية تحرير الخدمات المصرفية من القيود التي جاءت بها اتفاقية الجات في جولة أوروجواي 1994 و تولي منظمة التجارة العالمية تطبيقها من أول يناير 1995 ،وفي هذا الإطار يمكن إلقاء الضوء على أهم جوانب الاتفاقية من خلال التحليل التالي :
1-الخدمات المصرفية و المالية التي تشملها الاتفاقية: (43) إن من بين الخدمات المصرفية و المالية التي تشملها الاتفاقية ما يلي :
– قبول الودائع و الأموال بين الأفراد و الجهات.
– الإقراض بكافة أشكاله ، بما فيها القروض الاستهلاكية ، والائتمان و الائتمان العقاري و المساهمات و تمويل العمليات التجارية.
– خطابات الضمان و الاعتمادات المستندية.
– التجارة لحساب المؤسسة المالية أو للغير في السوق الأولية أو غيرها.
– الاشتراك في الإصدارات لكافة أنواع الأوراق المالية بما في ذلك الترويج و الإصدار الخاص كوكيل و تقديم الخدمات المختلفة بالإصدارات.
– إدارة الأموال ، مثل إدارة النقدية و محافظ الأوراق المالية ، وخدمات الإيداع و حفظ الأمانات.
– خدمات المقاصة و التسوية للأصول المالية ، بما فيها الأوراق المالية و المشتقات و الأدوات الأخرى القابلة للتفاوض.
2-التحديات المترتبة على تحرير تجارة الخدمات المالية بالنسبة لاقتصاديات الدول العربية و :(44) إن التحرير العالمي لقطاع التجارة سيكون له مضعفات سلبية على الدول العربية عموما بسبب عوامل النافسة الشديدة و القاسية ، وضعف الموارد المالية و البشرية و التكنولوجية ، وفقدان الشبه الكامل لوعي التكتل و إمكانية التأثير السلبي على السياسات الاقتصادية العامة ، ومع ذلك فإنه إزاء الصف العربي الموحد القائم على نضوج فكرة التنسيق و التعاون الحقيقيين يمكن لهذه الدول تحقيق عدة مكاسب هامة في المدى المتوسط و الطويل خاصة من ناحية الاستفادة من التطورات في البنيان الاقتصادي و المالي العالمي، و استيعاب التكنولوجيا الحديثة و استقطاب الاستثمارات الخارجية، ودخول الأسواق التمويل الدولي ،ووضع حد لسياسات التمييز و الإجحاف ، والاستفادة من نقاط التجارة العالمية ، وكل ذلك بشرط مواصلة الدول العربية لبرامج الإصلاح الاقتصادي ، وتعظيم النتائج الإيجابية منها وبلورة فرص استثمارية مجزية ، و تحديث بنيان الأسواق المالية و لذلك يتعين على الدول العربية غير المنضمة إلى منظمة التجارة العالمية أن تستعد و تسرع في الانظمام إليها حتى تتمكن من الاستفادة من بعض المكاسب التي توفرها الاتفاقية على ضوء تنمية ميزاتها التنافسية في ميادين اقتصادية معينة.
3-آثار تحرير الخدمات المالية على العمل المصرفي العربي: (45) يمكن القول أن اتفاقية الجات لها تأثيرات اقتصادية متعددة على مختلف نواحي الأنشطة، و خصوصا على العمل المصرفي سواء كانت هذه التأثيرات مباشرة أو غير مباشرة و تتمثل أهم التأثيرات فيما يلي :
-تأثير على أداء الشركات الوطنية سواء كانت قطاع عام أو خاص ،و المصارف تساهم بجزء كبير في رؤوس الأموال معظم هذه الشركات.
-ضرورة أن يستعيد القطاع المصرفي و يستفيد من تمويل عمليات التجارة الدولية لما سيدره ذلك على المصارف من عائدات مجزية.
– تأثير على العمل المصرفي بشكل مباشر في حالة فتح الأسواق أمام خدمات المصارف الأجنبية بما لديها من خبرات و أساليب إدارية متطورة و قوانين متحررة في إدارة العمل المصرفي ،الآمر الذي يحتم على القطاع المصرفي أن يعد نفسه من الآن لهذه المرحلة.
باستعراض اتفاقية تحرير التجارة الخدمات ، يلاحظ وجود معوقات أساسية أمام بعض الدول العربية قد تجعل من الصعب عليها أن تنظم إلى منظمة التجارة العالمية خلال السنوات القادمة لأسباب أهمها اعتماد بعض الدول العربية على دخل المحصل من الجمارك و الرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد بما يشكل( 40-50% )من قيمة الموارد العامة للدولة، و لذلك فإن تخفيضها سوف يترتب عليه إضعاف الموازنة و تضيق الخناق على الصناعات السلعية التي تعتمد على الحماية الجمركية المرتفعة لاستمرارها ، و المعاناة من تعقيدات في مشكلتي البطالة و نقص العملات الأجنبية .

المطلب الرابع : الاندماج المصرفي: (46)

يمكن القول أن الاندماج المصرفي هو أحد النواتج الأساسية للعولمة ، ومن ثم فهو يعتبر أحد المتغيرات المصرفية العالمية الجديدة و الذي تزايد تأثيره بقوة و بشكل خاص خلال النصف الثاني من التسعينات مع تزايد الاتجاه نحو عولمة البنوك كجزء من منظومة العولمة الاقتصادية .
1-تعريف الاندماج المصرفي: يمكن تعريفه على انه : ” اتفاق يؤدي إلى اتحاد بنكين أو اكثر و ذوبانهما إراديا في كيان مصرفي واحد بحيث يكون الكيان الجديد ذو قدرة أعلى و فعالية اكبر على تحقيق أهداف كان لا يمكن أن تتحقق قبل إتمام عملية تكوين الكيان المصرفي الجديد .”
2-أبعاد الاندماج المصرفي: الاندماج المصرفي يعني انه عملية انتقال من وضع تنافسي معين إلى وضع تنافسي افضل و يحاول أن يحقق إبعادا ثلاثة هي :
– البعد الأول : إعطاء المزيد من الثقة و الطمأنينة و الأمان لدى جمهور العملاء و المتعاملين من خلال :
– اقتصاديات إنتاج و تقديم الخدمات المصرفية بأقل تكلفة ممكنة و بأعلى جودة.
– اقتصاديات تسويق الخدمات المصرفية ، من حيث الترويج و الإعلان و الإعلام و البيع و التوزيع ، وتسعير الخدمات.
– اقتصاديات الموارد البشرية بما يؤدي إلى امتلاك الكيان المصرفي المندمج قدرات بشرية عالية الكفاءة الإنتاجية.
-البعد الثاني : خلق وضع تنافسي افضل للكيان المصرفي الجديد تزداد فيه القدرة التنافسية للبنك الجديد و فرص الاستثمار و العائد و إدارة الموارد و الدخل الجديد بشكل افضل فعالية و كفاءة و إبداع.
– البعد الثالث : إحلال كيان إداري جديد أكثر خبرة ليؤدي وظائف البنك بدرجة أعلى من الكفاءة ومن ثم يكتسب الكيان المصرفي الجديد شخصية أكثر نضجا و اكثر إشراقا من جانب العاملين بمستقبل وظيفي أكثر أمانا .
3-مزايا الاندماج المصرفي و آثاره الإيجابية: (47) تتلخص في النقاط التالية :
– زيادة قدرة البنك على النمو و التوسع و فتح فروع جديدة في الداخل و الخارج و توسيع حجم الفروع القائمة وزيادة قدرتها على خدمة أنشطة أكبر و عدد عملاء اكثر ،ومن ثم امتلاك قدرة كبيرة على الانتشار الجغرافي.
– إتاحة فرص أكبر لثبات و تنوع مصادر الودائع ، مما يخفض تكلفة الحصول على الأموال و يمكن من تخفيض كمية النقد المتواجد في خزائن الفروع و توظيف هذه الأموال للحصول على عائد و ربحية أعلى ، حيث تتاح فرص أكبر لزيادة التسهيلات للعملاء .
– زيادة و تعزيز القدرة التنافسية سواء في السوق المصرفية المحلية أو العالمية .
– الارتقاء بالمناخ التنظيمي و تطوير النظم الإدارية و تحسين مناخ العمل و إعادة توزيع الموارد البشرية بما يتفق و الاعتبارات الاقتصادية لتشغيل الوحدة المصرفية.
– تحسين الربحية وزيادة قيمة الكيان المصرفي الجديد المندمج و الناتج عن زيادة الأرباح الصافية، و في نفس الوقت زيادة قيمة السهم الجديد للكيان الجديد في البورصة .
– زيادة قدرة البنك المندمج على تكوين احتياطات علنية و سرية لتدعيم المركز المالي و تحقيق الملائمة و معيار كفاية رأس المال.
4-شروط و ضوابط و محددات الاندماج المصرفي: (48) هناك مجموعة من الشروط و الضوابط و المحددات لعمليات الاندماج المصرفي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الإقدام على اتخاذ أي قرار اندماج حتى يكون أكثـر فعالية و يحقق الأهداف من عملية الاندماج.
أ- شروط الاندماج المصرف: هناك عدة شروط يجب أن تتوفر وهي :
– أن تتوفر رغبة حقيقية صادقة لدى القائمين على عملية الاندماج المصرفي.
– أن يتم وضع تصور عملي لمراحل عمليات الاندماج المصرفي يتضمن الإعداد و تهيئة البيئة الداخلية و الخارجية للترحيب به ، ويتم وضع خطة زمنية لتنفيذ عملية الاندماج.
– أن يتم اختيار اسم الكيان المصرفي الجديد و العلامة التجارية ، ومجلس الإدارة و الخدمات المصرفية التي سيتم التعامل فيها و تقديمها و غيرها.
– إيجاد التنسيق الفعال من وحدات البنوك المندمجة و اللوائح و القوانين و القرارات مع وضع شبكة داخلية على درجة عالية من الكفاءة للاتصالات .
– توفير الموارد المالية و البشرية اللازمة لعملية الاندماج المصرفي .
ب- ضوابط نجاح الاندماج المصرفي : لاشك أن كل تلك الشروط تحتاج إلى دراسات مسبقة وظوابط ضرورية لنجاح عملية الاندماج المصرفي لعل من أهمها:
– ضرورة توافر كل المعلومات اللازمة و تعميق مبدأ الشفافية في عملية التحول إلى الكيان المصرفي الجديد.
– إجراء دراسات مسبقة كاملة توضح النتائج المتوقعة من حدوث الاندماج ، و الجدوى الاقتصادية و الاجتماعية له.
– أن تسبق الاندماج المصرفي عمليات الهيكلة المالية و الإدارية للبنوك الداخلة في عملية الاندماج .
عدم اللجوء إلى الاندماج الإجباري للبنوك إلا في أضيق الحدود ، مع وجود ضرورة ملحة لذلك .
ج-محددات الاندماج المصرفي:(49) لنجاح عملية الاندماج المصرفي لا بد من الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المحددات ، من أهمها :
– تحديد الأهداف طويلة الآجل الكيان المصرفي الجديد و التحقق من مجموعة المعايير الحاكمة لعملية الاندماج .
– موقف الإدارة و العاملين في البنوك محل الاندماج.
– فعالية الرقابة المصرفية على العملية الاندماج المصرفي، ورفع الكفاءة الرقابة المصرفية.
– استمرار درجة من المنافسة بعد إجراء عمليات الاندماج المصرفي ومنع حدوث الاحتكار من خلال القوانين اللازمة.
– تمويل الاندماج المصرفي ، ويتم من خلال أسلوبين: شراء الأسهم ، وشراء الأصول .
– ضرورة وجود خطة حوافز محكمة للعاملين في الكيان الجديد يساعد على نجاح الاندماج المصرفي.

المطلب الخامس : خوصصة البنوك: (50)

تعتبر خوصصة البنوك أحد نواتج العولمة ، وهي مرتبطة في كل الأحوال بظاهرة الخوصصة بشكل عام ظاهرة عالمية ، وقد حدث الاتجاه نحو الخوصصة البنوك في الدول النامية بالتحديد بعد زوال توابع الملكية العامة للبنوك ، في ظل تحول الكثير من هذه الدول إلى تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي و التحول لآليات السوق .
1- المقصود بخوصصة البنوك : يمكن تحديد المقصود بخوصصة البنوك من خلال نوعين من الخوصصة . يحكمها أساس تشريعي أو قانوني ،ويمكن إيضاح ذلك من خلال التحليل التالي:
أ- خوصصة البنوك المشتركة: يشير هذا المفهوم إلى سعي الحكومة من خلال البنوك و شركات التأمين التي تمتلكها إلى تقليص نسب المساهمة ومن ثم بيع هذه المساهمات في هذه البنوك جزئيا أو كليا ،مستخدمة في ذلك سوق المال، بالتحديد سوق الأوراق المالية أو البيع المباشر .
ب- خوصصة البنوك العامة : المقصود بخوصصة البنوك العامة وهو توسيع قاعدة الملكية في تلك البنوك من خلال
طرح جزء من رأسمال تلك البنوك للبيع و التداول في بورصة الأوراق المالية بالتدريج.
2-إجراءات خوصصة البنوك في الدول النامية : (51)تتخلص أهم إجراءات خوصصة البنوك فيما يلي :
– إعداد الرأي العام و مناقشة الجوانب المختلفة لعملية خوصصة البنوك العامة.
– إجراء التعديلات القانونية اللازمة لخوصصة البنوك .
– التقييم الدقيق و الموضوعي لاصول و خصوم البنك.
– ضمان حقوق العاملين بالبنوك محل الخوصصة .
– اختيار الأسلوب الأمثل لعملية الخوصصة ( الاكتتاب العام والطرح العام للأسهم ،عقود الإدارة )
– تدعيم كفاءة الرقابة المصرفية و المالية من خلال إصدار قانون المنافسة ومنع الاحتكار ، تطوير التشريعات المنظمة لعمل البنوك ، ووضع ضوابط ملكية البنوك.
– إعادة هيكلة البنوك محل الخوصصة و معالجة مشكلات القروض الراكدة و بحث إمكانية دمج بعض الوحدات البنكية .
3-الأهداف المتوقع تحقيقها من خوصصة البنوك: (42) هناك العديد من الأهداف التي من المتوقع تحقيقها من هذا النوع من الخوصصة نلخصها فيما يلي :
– تعميق المنافسة في السوق المصرفية و تحسين الأداء المصرفي.
– تنشيط سوق الأوراق المالية و توسيع قاعدة الملكية .
– تحديث الإدارة و زيادة كفاءة أداء الخدمات المصرفية.
– ترشيد الإنفاق العام و إدارة افضل للسياسة النقدية .
4-شروط و ضوابط نجاح خوصصة البنوك: (53) إذا كان هناك أهداف لخوصصة البنوك العامة فإن هناك العديد من المحاذير و الضوابط التي تكفل نجاحها و لعل أهمها:
– لا خوصصة للبنوك بدون إعادة هيكلة شاملة للبنوك محل الخوصصة.
– أن تكون الخوصصة جزئية و تتم تدريجيا ، خاصة أن البنوك العامة لها أنواع الملكية.
– ضرورة تأكيد استقلالية البنك المركزي وزيادة قوته و فعاليته .
– أن يحتفظ البنك المركزي باحتياطات مرتفعة من النقد الأجنبي لمواجهة أي صدمات أو أزمات سعر الصرف و تلبية احتياجات البنوك من النقد الأجنبي.
– العمل على تطوير الجهاز البنكي ليكون اكثر تكيفا مع العولمة ،من خلال التوسع في استخدام احدث أدوات التقنية البنكية.
– تفعيل نظام التامين على الودائع حتى تزداد قدرة البنوك على المنافسة و تحقيق الأرباح ومواجهة المخاطر،وزيادة ثقة المودعين في الجهاز المصرفي البنكي ككل .
5-التجربة الجزائرية لخوصصة البنوك العامة: شرعت الحكومة الجزائرية في اتخاذ الإجراءات تمهيدا لخوصصة قطاع البنوك، ومن هذه الإجراءات التي تم الإعلان عنها مشروع توأمة ثلاثة بنوك عمومية جزائرية بثلاثة بنوك أوروبية ، وقامت وزارة المالية التي تشرف على العملية بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي عن عرض مناقصة في بداية أفريل 2004 لاختيار المؤسسات البنكية .
وإذا كانت العروض من الجانب الأوروبي كبيرة بالنظر إلى إبداء عدة مصارف و بنوك إيطالية و فرنسية و إسبانية و سويسرية لاهتمامها فإن اختيار البنوك الجزائرية لا يطرح إشكالا كبيرا بالنظر إلى العدد المحدود للمصارف المؤهلة و التي تقدر بستة بنوك عمومية تتوفر أربعة منها على حظوظ اكبر لأنها تمتلك حصة معتبرة من السوق و نذكر منها :. BADR- CNEP- CPA- BNA
و تمثل هذه البنوك اكثر من 50% من النشاط المصرفي بالجزائر و اكثر من 60% من الموارد المالية ، المدخرة و المودعة و التي تقدر بـ 3600 مليار دينار أي ما يعادل 40 مليار دولار .
كما أن هناك مفاوضات متقدمة مع شركاء أجانب قصد فتح رأسمالها بـ 40 % .

البحث السادس : الأزمات المالية البنكية في ظل العولمة.

المطلب الأول : غسيل الأموال :(54)

تشير العديد من المؤشرات إلى تزايد ظاهرة غسيل الأموال كأحد المخاطر الكبيرة للعولمة و بخاصة العولمة المالية فمع إلغاء الرقابة على الصرف و حرية دخول و خروج الأموال عبر الحدود الوطنية دون معرفة من جانب السلطات و انفتاح السوق المالي المحلي أمام المستثمرين الأجانب فقد انفتحت قنوات إضافية لغسيل الأموال القذرة .
1- تعريف غسيل الأموال : غسيل الأموال هي عمليات متتابعة و مستمرة في محاولة متعمدة لإدخال الأموال القذرة الناتجة عن الأنشطة الخفية غير المشروعة التي تمارس من خلال ما يسمى بالاقتصاد الخفي ، في دورة النشاط الاقتصادي للاقتصاد الرسمي أو الظاهر لإكسابها صفة شرعية عبر الجهاز المصرفي و أجهزة الوساطة المالية الأخرى .
2-خصائص عمليات غسيل الأموال:
– تتسم عمليات غسيل الأموال بسرعة الانتشار الجغرافي في ظل العولمة .
– إن عمليات غسيل الأموال في ظل العولمة أصبحت تمتد أفقيا مستغلة في ذلك مناخ التحرر الاقتصادي و المالي.
– تتواكب عمليات غسيل الأموال مع الثورة التكنولوجية و المعلوماتية ، حيث تشهد تلك العمليات تطورا كبيرا في تقنياتها.
– ترتبط عمليات غسيل الأموال بعلاقة طردية بعمليات التحرير الاقتصادي و المالي و من ثم نمو القطاع الخاص
– يزداد الاتجاه نحو عمليات غسيل الأموال دوليا مع ازدياد الاتجاه لتحرير التجارة العالمية . حيث تستغل عمليات فتح الحدود و التحرر من القيود في نقل الأموال القذرة عبر الحدود لتكون أكثر أمانا في دول أخرى غير تلك التي مورست على أرضها الأنشطة الخفية غير المشروعة .
– إن عمليات غسيل الأموال التي تتم من خلال خبراء مختصين على علم تام بقواعد الرقابة و الإشراف في الدول و ما يوجد بها من ثغرات يمكن النفاذ منها.
3-الأسباب الرئيسية لعمليات غسيل الأموال: هناك العديد من الأسباب يمكن تلخيصها فيما يلي :
– البحث عن الأمان و اكتساب الشرعية خشية المطاردة القانونية.
– احتدام المنافسة بين البنوك في ظل العولمة يفسر تزايد عمليات غسيل الأموال جزئيا من خلال التسابق بين البنوك لجذب المزيد من العملاء و زيادة معدلات الأرباح.
– انتشار التهرب الضريبي و انتشار القروض سيئة السمعة التي تخفي ورائها الفساد و الرشوة و سرقة أموال البنوك.
– تباين التشريعات و قواعد الإشراف و الرقابة بين الدول المختلفة ، مما يفتح المجال لوجود بعض التغييرات التي تستطيع أن تنفذ منها هذه الأموال القذرة.
– هناك بعض الدول التي تشجع عمليات غسيل الأموال ، و التي أعلنت بعضها صراحة أنها على استعداد لتلقي الأموال القذرة المغسولة و تقدم لها التسهيلات الممكنة.
– في ظل الاتجاه نحو العولمة اصبح الأشخاص الطبيعيون و المعنويون أكثر قدرة على نقل و تحويل كميات ضخمة من رؤوس الأموال من بلد لآخر دون عقبات أو تعقيدات كثيرة تحول دون ذلك.
4-الآثار الاقتصادية لعمليات غسيل الأموال: (55)
– التأثير السلبي على الدخل القومي الظاهر ، حيث يتم استقطاع الأموال المودعة في الخارج من الدخل القومي.
– يؤدي غسيل الأموال إلى انتشار الفساد و الرشوة ، نظرا للاستراتيجية الهجومية التي يتبعها القائمون على الاقتصاد الخفي تجاه القائمين على الاقتصاد الظاهر.
– ازدياد غسيل الأموال يؤدي إلى زيادة الدوائر الخبيثة للإجرام حيث توجد دائرة خبيثة بين الاثنين .
– تؤدي عمليات غسيل الأموال إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية ، حيث تقوم عمليات غسيل الأموال بتحويل العملة المحلية الناتجة عن أموال غير مشروعة إلى ذهب و مجوهرات، و غيرها من الأصول ذات القيمة التي يمكن بيعها في الخارج مقابل العملات الأجنبية القوية.
– التأثير في آليات السوق و في الأسعار المحلية مما يشكل خطرا كبيرا على مناخ الاستثمار .
– الحد من فاعلية السياسات النقدية في تحقيق أهدافها ، و فصانعوا السياسات النقدية لا بعرفون بدقة حجم التدفقات النقدية غير المحسوبة، مما يؤثر على مصداقية و فاعلية قراراتهم وصعوبة مهمتهم في وضع خطط و برامج التنمية و تحقيق الاستقرار النقدي و الاقتصادي.
– تؤثر بقوة على استقرار أسواق المال الدولية ، وتهدد دائما بانهيار الأسواق الرسمية التي تعد حجر الزاوية في بناء الاقتصاديات الدول المختلفة.

المطلب الثاني :البنوك و أزمات سعر الصرف في الجزائر.

في ظل العولمة وفي عقد التسعينات لوحظ أن التحرر المالي و المزيد من العولمة المالية يؤدي إلى حدوث أزمات مالية ذات آثار ضخمة ، وفي الغالب تكون مصحوبة بانهيار في بعض العملات الوطنية ومن ثم تغيرات شديدة و قوية في سعر صرف العملة في البلد محل الأزمة ، بما يطلق عليه أزمات سعر الصرف .
1- بداية الأزمة: (56) تعود أولى بدايات الأزمة إلى انخفاض سعر النفط الذي أدى بدوره إلى انخفاض السيولة الجزائرية من العملة الصعبة و منه تخفيض الاستيراد و الشروع مباشرة في تخفيض الدينار منذ 1986 .
(1 دولار =4 دينار) إلى( 1 دولار = 18 دينار) ، وفي جوان 1991، و الجدول التالي يبين ذلك :
جدول رقم (01) :
أسعار الصرف دولار أمريكي بالنسبة للدينار الجزائري .
السنوات 1986 1987 1988 1989 1990 1991
متوسط الفترة 4,702 4,850 5,915 7,609 8,958 17,21
أخر الفترة 4.824 4,936 6,731 8,032 12,19 2
المصدر: بنك الجزائر
نلاحظ في الجدول أعلاه أن نسبة تخفيض الدينار بين الفترة (1986 –1991) هي (356,79%) بالنسبة لمتوسط الفترة و (446, 64%) بالنسبة لأخر الفترة. فأول عملية تخفيض رسمية كانت في ديسمبر 1990 بمقدار 20%، ثم تلتها عملية أخرى في افريل 1994 حيث خفض الدينار بنسبة 40% .
1-أسباب تخفيض الدينار :(57) إن عملية اللجوء إلى تخفيض الدينار لها عدة أسباب نذكر منها :
محاولة تقريب سعر الصرف الرسمي بسعر الصرف الموازي .
تشجيع الصادرات الجزائرية و إعطائها تنافسية اكثر في السوق العالمية .
تحرير الأسعار الداخلية للكثر من المنتجات المدعمة و التي لا نعكس في الواقع السعر الاقتصادي ( التوازني ).
محاولة تقليص العجز المالي الذي تعاني منه المؤسسات الاقتصادية العمومية عن طريق إعطائها الحرية التامة في تقرير سعر متوجاتها.
تطبيق شروط صندوق النقد الدولي من اجل الحصول على المساعدات المالية كعقد من نوع (stand by) .
محاولة إعطاء الدينار الجزائري صبغة التحويل.
3-تطبيق سعر الصرف المتعدد على الاقتصاد الجزائري و أسباب التخلي عنه: كانت إحدى محاولات السياسة النقدية لحكومة بلعيد عبد السلام هو إنشاء نظام سعر الصرف المتعدد الذي كان من المفروض تطبيقه ابتداء من السداسي الثاني لسنة 1993،حيث جاء هذا النظام ليضع حدا للتخفيضات التي عرفها الدينار الجزائري منذ 1986.
فالتجربة بينت أن هذا النظام لا يعتبر شيئا جديدا على الاقتصاد الجزائري ،حيث طبق في الماضي و لكن بطريقة غير مصرح بها ، فقد عرف الدينار الجزائري 4 معدلات هي: سعر صرف ديبلوماسي ، وسعر صرف رسمي ، سعر صرف موازي ، سعر صرف حسب الحقوق السحب الخاصة .
ومع صدور قانون ( 10 –90) في 14 /04/1990 ، و المتعلق بقانون النقد و القرض و بالضبط المادة 189 و التي تنص على مايلي : ” لا يجوز أن يكون سعر الصرف الدينار متعددا “.
بات واضحا أن هذا النظام لا يسمح به المشرع الجزائري ، لان التخفيض هو الأداة التي تقودنا إلى السعر التوازني حسب الإصلاحات الاقتصادية المطبقة .
اقترحت السلطات الجزائرية بدورها إنشاء سعر الصرف مزدوج ، ولكن رفضت من طرف صندوق النقد الدولي.
الذي يرى أن سعر الصرف الثابت الأحادي هو السبيل الوحيد لاستقرار العملة و قابلية تحويلها في سوق حرة تحقق التوازن بين العرض و الطلب .
و تعود أسباب التخلي عن نظام سعر الصرف المتعدد إلى وجود عدة عيوب من بينها أنه أداة مالية و ليست نقدية ترفضها المؤسسات النقدية الدولية ، إضافة إلى عدم نجاح الحكومة الجزائرية في تقليص بعض الواردات بالرغم من الارتفاع أسعارها من جهة و بضغط من المصدرين و المستوردين من جهة ثانية ، نظرا لتطبيق معدلات معقدة و متتالية .

المطلب الثالث : ضعف البنوك المركزية و الدولة التحكم في السياسة النقدية :

1 -تأثير العولمة على سلطة البنك المركزي:(58) في ظل حرية انتقال رؤوس الأموال عبر الحدود بحيث عن أعلى عائد قد تتدفق للبلد مكيات ضخمة من الأموال بشكل مفاجئ و يدفعها في ذلك انخفاض أسـعار الفائـدة
و تردي النمو في البلدان الصناعية و سعيا لاغتنام فرص ارتفاع سعر الفائدة المحلي إذا كان سعر الصرف ثابتا في هذه الحالة تفقد السلطة النقدية سيطرتها على الكتلة النقدية ، مما قد تؤدي إلى حدوث التضخم و تغير أسعار الفائدة الحقيقية ، مع تزايد درجة العولمة المالية تخرج مسالة تحديد سعر الفائدة من سلطة البنك المركزي، إذا يفترض انه مع زيادة حرية رؤوس الأموال تصبح أسعار الفائدة المحلية قصيرة الآجل مرتبطة بشكل متزايد مع أسعار الفائدة العالمية قصيرة الآجل ،و بتوقعات الحركة القصيرة الآجل لسعر الصرف أي حاله تكافئ سعر الصرف المغطى .
و عليه فإن محاولات بلد ما لوضع أسعار الفائدة و أسعار الصرف لا تتفق مع حالة تكافؤ سعر الفائدة ، يمكن أن يؤدي إلى تدفقات كبيرة للداخل أو الخارج لرؤوس الأموال قصيرة الآجل ومن ثم فإن قدرة البلد على استخدام السياسة النقدية و سعر الصرف لتحقيق أهداف منفصلة للاقتصاد الكلي ستصبح مقيدة بزيادة حركة راس المال ناهيك عن وقوع الاقتصاد القومي في يد المضاربين الماليين ،حيث يشير البعض على انه إذا ما اتفقت كافة البنوك المركزية في العالم فيما بينها على اتخاذ موقف معين لحماية عملية ما في مواجهة هجوم المضاربين فإن أقصى ما يمكن أن تجمعه هذه البنوك المركزية هو 14 مليار دولار يوميا مقارنة مع 800 مليار دولار يستطيع المضاربون الماليـون العالميـون
ضخها في السوق و هذا يعني أن إمكانياتهم تفوق 55 مرة البنوك المركزية الموجودة في العالم مجتمعة.

2- تأثير العولمة على السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية:(59) إ ذ أنها تحد من هذه السيادة فمع تحرير حساب رأس المال يصبح في إمكان المستثمرين المحليين من أبناء البلد استثمار أموالهم في أي مكان تبعها لارتفاع معدل العائد المتوقع، و في الحالات التي يتأثر فيها الاستثمار بالاعتبارات الضريبية تلجا الشركات المتعددة الجنسيات و كبار المستثمرين في البلدان الصناعية إلى الخروج باستثماراتهم إلى المناطق و الدول التي تنخفض فيها معدلات الضرائب على الدخول و الأرباح .
و هناك تسابق الآن على تخفيض الضرائب إلى أدنى حد كوسيلة لجذب الاستثمارات الأجنبية ،الأمر الذي أدى ليس فقط إلى خفض حصيلة موارد الدولة من الضرائب، بل و إضعاف فاعلية السياسة المالية في تحقيق أهدافها .
ومع تزايد خروج رؤوس الأموال للاستثمار خارج الحدود الوطنية تزداد معدلات البطالة في البلدان التي يحدث فيها هذا الخروج و لمواجهة هذا السلوك تلجأ الحكومات إلى خفض الضرائب على دخول الشركات ،و هو ما يؤدي إلى زيادة العجز للموازنة العامة و إجبار الدولة على التخلي عن برامجها الاجتماعية .

خاتمــــــــة

من خلال هذه الورقة توصلنا إلى أن للعولمة تأثير واسع على الجهاز المصرفي .فمع تصاعد سيادة العولمة ظهرت العديد من التغيرات المصرفية العالمية التي أخذت تؤثر بقوة في الجهاز المصرفي من حيث أدائه وسياسته وعملياته .
في ظل هذه التغيرات فإن الجهاز المصرفي بحاجة إلى استراتيجيات لمواجهة التحديات التي فرضتها العولمة ، خاصة في ظل تنفيذ اتفاقية تحرير الخدمات المالية .فإن البنوك تعمل على وضع خطط وسياسات تمكنها من الصمود مثل : الإندماج ، الخوصصة ، العمل بالتكنولوجيا الحديثة .
أما على المستوى الوطني بالرغم من الإصلاحات المستحدثة في هذاالقطاع لازال يعاني من إفرازات وتبعيات النظام السابق ، حيث لاتزال البنوك المحلية تمارس دورا إداريامحدودا ، الأمر الذي يحد من تطورها في ظل تحديات العولمة المالية.كون كل الإتجاهات المستقبلية تشير إلى وجودفرص حقيقية لتحول البنوك الوطنية إلى قوةإقتصادية فعالة في إطار الإقتصاد العالمي،يتوجب الإستفادة من هذه الفرص لمسايرة ركب التحولات الشاملة ، ويتحقق ذلك بالمزيد من الإصلاحات الهيكيلة على الصعيدين المالي والإقتصادي.
مما سبق يمكن إدراج بعض التوصيات :
-الإستفادة من تجارب بعض الدول في الميدان المالي والبنكي .
– تبني سياسة البنوك الشاملة.
– انتهاج سياسة دمج البنوك الصغيرة وذلك لمواجهة المنافسة الشرسة التي تشهدها العولمة .
– انتهاج سياسة الخوصصة البنكية وتطبيق الإستراتيجية المناسبة للعملية ، مع تحديد الأسس والأهداف على المديين القصير والمتوسط .
– ضرورة استعداد الجزائر لمواجهة آثار تحرير التجارة عموما والقطاعات المالية و المصرفية خصوصا .
– تفعيل دور السوق الما لية ( البورصة).
– تفعيل دور البنك المركزي في الإشراف والرقابة .
و في النهاية فإن المستقبل واعد أمام الجهاز المصرفي لمواجهة تحديات العولمة إن توفرت الإرادة الصادقة العمل المخلص المبني على الأسس العلمية السليمة .

الهــــــوامش
(1) د. ممدوح محمود منصور : العولمة دراسة في المفهوم و الظاهرة و الأبعاد، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية ، 2003،ص 14.
(2) د. شذا جمال الخطيب : العولمة المالية و مستقبل الأسواق العربية لرأس المال ، مؤسسة طابا ،ط1 ، عبدين ، مصر ،2002،ص13.
(3) د.مبارك بوعشة: البعد الاقتصادي للعولمة ، مجلة: العلوم الإنسانية ، العدد 16 ديسمبر2001 ،جامعة متنوري ، قسنطيـة ، ص181.
4) مرجع نفسه،ص182.
(5) د.عمر صقر : العولمة وقضايا اقتصادية معاصرة ، الدار الجامعية ، الإسكندرية، مصر، 2001،ص9 -12 .
(6 ) د .عمر صقر :مرجع سابق،ص 13.
7) مرجع نفسه ، ص 14.
(8) مرجع نفسه ،ص15.
(9) محفوظ جبار : العولمة المالية وانعكاساتها على الدول المتخلفة ، الجزائر والعولمة ،جامعة منتوري ، قسنطينة ، الجزائر ، 2001، ص 94- 97.
(10) د. محفوظ جبار: مرجع سابق،ص 97 .
(11)مرجع نفسه،ص98.
(12) شذا جمال الخطيب : العولمة المالية و مستقبل الأسواق العربية لرأس المال ، مؤسسة طابا ،ط1، عبدين ، مصر، 2002،ص17.
(13)د. شذا جمال الخطيب : مرجع سابق ،ص 18.
(14)مرجع نفسه ،ص19.
(15)مرجع نفسه ،ص20.
16) د.شذا جمال الخطيب : مرجع سابق ، ص 20 .
17) مرجع نفسه ،ص 20 .
(18) د.عبد الحميد عبد المطلب: العولمة واقتصاديات البنوك ،الدار الجامعية،الإسكندرية،مصر،2001،ص34.
(19)د.عبد الحميد عبد المطلب:مرجع سابق ،ص34.
(20 جاك آدا : عولمة الاقتصاد من التشكل إلى المشكلات، ترجمة مطانيوس حبيب،طالاس للدراسات و الترجمة،ط1،دمشق,سوريا،1997،ص184.
(21-22-23-24-25) جاك آدا : مرجع سابق،ص185-240.
(26)جاك آدا : مرجع سابق ، ص242 .
(27)د .عبد الغفار حنفي ، عبد السلام أبو قحف: الإدارة الحديثة في البنوك التجارية، المكتب العربي الحديث،مصر،1993،ص 347
28) د. عبد الغفار حنفي ،عبد السلام أبو قحف: مرجع سابق،ص349،350 .
(29) د. عبد الغفار حنفي ،عبد السلام أبو قحف: مرجع سابق،ص352.
(30 مرجع نفسه ،ص 354.
31) مرجع نفسه،ص355.
32) د. عبد الغفار حنفي ،عبد السلام أبو قحف: مرجع سابق،ص 359،360.
33)د. عبد الغفار حنفي ،عبد السلام أبو قحف: مرجع سابق،ص 362 .
(34)د. عبد الغفار حنفي ،د.رسمية قريا قص: الأسواق و المؤسسات المالية ،مركز الدارسات الجامعية للنشر ، الإسكندرية،2001،ص42 –57.
(35) د. عبد الغفار حنفي،د.رسمية قريا قص:مرجع سابق،ص 91- 100.
(36) د. عبد الغفار حنفي،د.رسمية قريا قص:مرجع سابق،ص 151- 159.
(37)د. عبد المجيد عبد المطلب : العولمة و اقتصاديات البنوك ،دار الجامعية ، الإسكندرية ،مصر، 2001،ص 52.
(38)صلاح الدين محسن السيسي : قضايا اقتصادية معاصرة ،دار الغريب للطباعة و النشر و التوزيع ، القاهرة ، ص 206- 210.
(39) مرجع نفسه ، ص 112.
40 د. طارق عبد العال حماد : تطورات العالمية و انعكاساتها على أعمال البنوك ، ج1 ، الدار الجامعية ، مصر ،ص 123 – 126.
41)د . طارق عبد العال حماد : مرجع سابق ، ص 127- 130.
(42)د. عبد الحميد عبد المطلب : العولمة و اقتصاديات البنوك ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، مصر،2001،ص 96-100
43)د . عبد المجيد عبد المطلب ، مرجع سابق ،ص 100- 120.
44)د .صالح الدين السيسي : قضايا معاصرة ، دار الغريب للنشر و التوزيع ، القاهرة ،ص 112، 113.
(45)مرجع نفسه ، ص 115.
(46)د .عبد الحميد عبد المطلب :العولمة و اقتصاديات البنوك ، الدار الجامعية ، الاسكندرية ، مصر 2001،ص 151- 153.
(47)د . عبد المجيد عبد المطلب : مرجع سابق ، ص 155 – 168.
(48)د. عبد الحميد عبد المطلب : مرجع سابق ، ص 173-175.
(49د ، عبد الحميد عبد المطلب : مرجع سابق ، ص 176 ،177.
50)مرجع نفسه ،ص203.
(51)د . عبد الحميد عبد المطلب : مرجع سابق ، ص 209 .
(52) مرجع نفسه ، ص 222.
(53)مرجع نفسه ،ص 223.
(54) د. عبد الحميد عبد المطلب و مرجع سابق ،ص 234-237.
(55عبد الحميد عبد المطلب : مرجع سابق،ص 253 .
(56) Benissad :les taux de change multiples ,seminaire organisé par la cnc
hotel L’ aurassi 16 -17/11/92.
57) ilmane , note de travail sur l’opportutunité de dévaluer le dinar algérien
les cahiers de la réfome N° 05 ENAG ALGER 1990 , p 123.
(58)د.عبد الحميد عبد المطلب : العولمة و الاقتصاديات البنوك ، الدار الجامعية ، الإسكندرية، مصر 2001، ص 31،30.
59)د. عبد الحميد عبد المطلب :مرجع سابق ،ص 31،32.

المراجـــــع
(1) د. ممدوح محمود منصور : العولمة دراسة في المفهوم و الظاهرة و الأبعاد، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية ، 2003
(2) د. شذا جمال الخطيب : العولمة المالية و مستقبل الأسواق العربية لرأس المال ، مؤسسة طابا ،ط1 ، عبدين ، مصر ،2002.
(3) د.مبارك بوعشة: البعد الاقتصادي للعولمة ، مجلة: العلوم الإنسانية ، العدد 16 ديسمبر2001 ،جامعة متنوري ، قسنطيـة ،
(4) د.عمر صقر : العولمة وقضايا اقتصادية معاصرة ، الدار الجامعية ، الإسكندرية، مصر، 2001.
(5) محفوظ جبار : العولمة المالية وانعكاساتها على الدول المتخلفة ، الجزائر والعولمة ،جامعة منتوري ، قسنطينة ، الجزائر ، 2001،
(6) د.عبد الحميد عبد المطلب: العولمة واقتصاديات البنوك ،الدار الجامعية،الإسكندرية،مصر،2001،
(7) جاك آدا : عولمة الاقتصاد من التشكل إلى المشكلات، ترجمة مطانيوس حبيب،طالاس للدراسات و الترجمة،ط1،دمشق,سوريا،1997
(8)د .عبد الغفار حنفي ، عبد السلام أبو قحفف: الإلإدارة الحديثة في البنوك التجارية، المكتب العربي الحديث،مصر،1993
(9)د. عبد الغفار حنفي ،د.رسمية قريا قص: الأسواق و المؤسسات المالية ،مركز الدارسات الجامعية للنشر ، الإسكندرية،2001
10)صلاح الدين محسن السيسي : قضايا اقتصادية معاصرة ،دار الغريب للطباعة و النشر و التوزيع ، القاهرة .
11-د. طارق عبد العال حماد : تطورات العالمية و انعكاساتها على أعمال البنوك ، ج1 ، الدار الجامعية ، مصر
(12) Benissad :les taux de change multiples ,seminaire organisé par la cnc
hotel L’ aurassi 16 -17/11/92.
13) Ilmane , note de travail sur l’opportunité de dévaluer le dinar algérien
les cahiers de la réfome N° 05 ENAG ALGER 1990 , p 123.