بحث قانوني حول التشريعات البحرينية لحماية الخصوصية على المواقع الإلكترونية

مقال حول: بحث قانوني حول التشريعات البحرينية لحماية الخصوصية على المواقع الإلكترونية

حماية خصوصية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي

على ضوء التشريعات في مملكة البحرين

Protect the Privacy of Users of Social Networking Sites in the Light of Legislation in the Kingdom of Bahrain

الدكتور رائد محمد فليح النمر، الجامعة الملكية للبنات / مملكة البحرين

Dr. Raed Mohammad Flieh Alnimer, College of Law, Royal University for Women

Abstract

This paper aims to address the user protection mechanism on social networking sites and the various challenges that users face to protect their privacy in this virtual world. It is becoming increasingly recognized that self-presentation as hoped in these digital environments requires the presentation of many personal information and data About the user, which presents him with many risks. Our study also examines this privacy in social networking sites and personal data, because today’s increasingly popular display of personal data on social networking sites and the prevalence of other people’s life-saving phenomena raises the question of identity and social risks posed by the digital presence of individuals. This study also attempts to demonstrate the concept of processing personal data and determining who is responsible for addressing it on social networking sites.

الملخص
تهدف هذه الورقة العلمية إلى التطرق إلى آلية حماية المستخدم على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، ومختلف التحديات التي تواجه المستخدمين لحماية خصوصياتهم في هذه العالم الافتراضي ، حيث أصبح متعارف على نحو متزايد أن تقديم الذات على النحو المأمول في هذه البيئات الرقمية يستلزم عرض معلومات وبيانات شخصية كثيرة عن المستخدم، وهذا ما يعرضه للعديد من المخاطر . كما تتناول دراستنا هذه الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي والبيانات ذات الطابع الشخصي ، نظرا لما هو شائع اليوم من عرض عمدي للبيانات الشخصية بشكل متزايد على مواقع التواصل الاجتماعي وتفشي ظاهرة مراقبة حياة الآخرين، وهذا ما يثير مسألة الهوية والمخاطر الاجتماعية الناجمة عن التواجد الرقمي للأفراد . كما تحاول هذه الدراسة بيان مفهوم معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي وتحديد المسؤول عن معالجتها على مواقع التواصل الاجتماعي .

مقدمة :

شهد العالم في كافة مجالات الحياه تطوراً هائلاً ولاسيما ملحوظاً في مجال الاتصالات والتكنولوجيا لم يشهدها خلال العقود السابقة مجتمعة ، وهذه التطورات والتغيرات شملت تغيرات فى أسلوب الحياة بالعمق والشمول والسرعة التي تشهدها الدول نتيجة ثورة تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وتفاعلها فى كافة القطاعات والمؤسسات ، حيث أصبح كثير من الأعمال خلال السنوات القليلة الماضية تحولت أشكالها من حيث استخدام القنوات التقليدية الى استخدام قنوات أكثر مرونة وسهولة وذكاء وانتشارا، فبعد أن استقرت ثورة المعلومات وأصبحت ملكة يخطب ودها من الهيئات الدولية والهيئات الخاصة فمن يمتلكها يمتلك القوة والسيطرة، ومن تقاعس عن التعامل معها أصبح في مؤخرة العالم ، وأصبح الصراع الجديد بين العالم هو الوصول السريع الى المعلومات والوصول الى طرق سريعة لتداولها وتحليلها من أجل اتخاذ قرار سليم مبني على الدقة والتحليل ، واصبح هناك على الساحة ثورة جديدة يطلق عليها ثورة تقنية الاتصالات التي تساهم بقدر كبير فى تكوين التيار الجارف لمفهوم العولمه والتى شملت اقتصاديات العالم خلال العقدين السابقين ومن المنتظر أن تستمر وتتسع أثارها لتشمل كافة قطاعات الحياة.

ومن هذه التطورات التكنولوجية في مجال الاتصالات برامج التواصل الاجتماعي والتي يبدو من خلال التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بأن مقدم خدمة موقع التواصل يقوم بدور ثنائي فهو من يشغل الموقع وهو متعهد للايواء . وبذلك فهو يقوم بوظيفة جمع وتخزين البيانات ذات الطابع الشخصي للمستخدم ، كالتعليق ومعلومات حياته الاجتماعية وميولاته الشخصية ، ومراسلاته الالكترونية وجميع المعلومات التي يضعها المستخدم على صفحته الشخصية .

عطفاً على ما تقدم نلاحظ بان المستخدم يكشف بارادته المنفرده عن كل ما يتعلق بحياته الشخصية في الفضاء الالكتروني أو في العالم الافتراضي الذي لا يعير أي انتباه للحدود ، فتصبح خصوصية المستخدم عرضة للانتهاك سواء من قبل موقع التواصل الاجتماعي نفسة أو من قبل الغير . فحين يضع المستخدم بياناته سواء اكانت معلومات شخصية أو صور أو تعليقات فإن هذه المواقع ومن خلال شروط استخدامها والتي وقع عليها المستخدم تقوم بحفظ كل هذه البيانات وتجميعها ، وبعد ذلك تصبح هذه البيانات متاحه لمستخدمي هذه المواقع حسب اعدادات كل موقع ، ويترتب على ذلك خطورة وصول أي مستخدم الى بيانات مستخدم آخر لما قد يؤدي ذلك الى انتهاك لخصوصية صاحب البيانات بمجرد كشفها او استعمالها استعمالاً غير مشروع . لذلك ظهرت اهمية حماية خصوصية هذه البيانات على الصعيد الدولي او على الصعيد المحلي .

ونظرا لكل هذه التحولات التي ظهرت فى عالمنا المعاصر مما أدى الى تغيرات حديثة تنطوى على أساليب وتقنيات جديدة الذى يعتمد على الحاسبات وشبكة المعلومات، مما يجعلني اتناولها بوصفها أحد أهم الأساليب للتعرف بالتقنيات الحديثة فى مجال تبادل المعلومات والبيانات (سواء عن طريق الشبكات الخاصة او شبكة الاتترنت) ، وكذلك سوف تتطرق الورقة الى حماية خصوصية المستخدم في مواجهة مقدم خدمة التواصل الاجتماعي ( البيانات ذات الطابع الشخصي وخصوصية المستخدم )( Personal data and user privacy (، وثانيهما حماية خصوصية المستخدم في مواجهة الغير.

ويثير التعامل عبر الانترنت فيما يتعلق بالبيانات العديد من التساؤلات حول حماية هذه البيانات كالسلطة المالكة لها والحدود الجغرافية والكتابة على الورق. وبات من الضروري البحث عن وسائل معالجتها وضبطها في إطارها المشروع مما خلق تحدياً أمام النظم القانونية، ومن أبرزها بان المستخدم يكشف بارادته المنفرده عن كل ما يتعلق بحياته الشخصية في الفضاء الالكتروني أو في العالم الافتراضي و التعبير عن الإرادة و تبادل رسائل البيانات، نظام الوفاء، الإثبات، وقد أدت أشكال الانتهاكات والجرائم اليومية للبيانات الشخصية إلى تزايد المنازعات الناجمة عن هذه المواقع مما يستدعي البحث عن مدى موائمة النصوص القانونية القائمة مع ما أفرزته وسائل الاتصال الحديثة من إشكاليات وتحديات، مما يتطلب دراسة التشريعات دون استثناء لضمان عدم تناقض أحكامها فيما يتعلق بموضوع الدراسة.

مشكلة الدراسة

تنصب مشكلة الدراسة على عدد من التساؤلات المحورية، مفادها ما مدى حماية خصوصية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وما هي الظوابط القانونية التي وفرها المشرع البحريني فيما يخص هذه الحماية؟

منهج الدراسة

اعتمدنا في عرض هذه الدراسة على المنهج التحليلي بالدرجه الاولى ، على اعتبار ان فهما افضل للظواهر يقتضي وضعها في محيطها الزماني والمكاني وتحليل مختلف الظواهر المرتبطة بموضوع الدراسة ، واستدراكاً لتلك الغاية فقد اسهم الاعتداد بالمنهج المقارن في الوقوف على المعطيات التي نظرت من خلالها التشريعات المقارنه الى القضية موضوع الدراسة .

اهداف الدراسة

تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على مدى أهمية حماية خصوصية البيانات في الوقت الحاضر ، والتأكيد على أنه بالرغم من التحديات التي تمثلها إلا أن هناك أيضاً فرصاً يمكن استثمارها إذا أحسن الافراد و المؤسسات استغلالها واستطاعت أن تتغلب على عائق الفجوة الرقمية وملاحقة التطورات العالمية في مجال الاتصالات .

المبحث الاول: :اشكالية خصوصية الأفراد تجاه مقدم خدمة مواقع التواصل

تعد مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر والانستغرام والواتس اب والتي تعتبر الاكثر انتشارا في الوقت الحالي ، بحيث َجذبت الملايين من المستخدمين و دمجت هذه المواقع العديد منهم في ممارساتها اليومية و التي رأت إقبالا متزايداً لما تملكه مواقع التواصل من فاعلية وتميز كوسائل إتصال ناجحة في التواصل الاجتماعي و سهلت الطريق لكافة االمجتمعات للتقارب والتعارف وتبادل الآراء والأفكار ،وتختلف المواقع في مداها التي تتضمن معلومات جديدة وأدوات الاتصال، مثل المدونات، والصور ، تبادل ملفات الفيديو…. وغيرها .

ولا مندوحة عن القول بإن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت جزء اساسي في حياة معظم الناس وفرضت نفسها في جميع مجالات حياتنا من حيث تكوين العلاقات الاجتماعية او تأسيس مجموعات مشتركة من حيث الميول او التوجه ونرى العديد من الافراد في الواقع منتمين الى هذه المواقع وشغل مساحة اجتماعية وهمية تضمن لهم حرية ابداء آرائهم [1].

المطلب الاول : الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي والبيانات ذات الطابع الشخصي

ان تحديد مفهوم الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي من اهم المواضيع القانونية التي سعت الى تقريرها معظم التشريعات المعاصره وقد كان ذلك بهدف اتاحة المجال لكافة رواد مواقع التواصل الاجتماعي من المحافظه على خصوصيتهم والتي يمكن تعريفها بانها حق الفرد المستخدم في أن يقرر بنفسه متى وكيف وإلى اي مدى ممكن أن تصل المعلومات الخاصة به إلى الآخرين من المستخدمين أو القائمين عليها، وبذلك يتضح أن لكل فرد الحق في الحماية من التدخل في شؤونه، وله الحق أيضا في الاختيار الحر للآلية التي يعبر بها عن نفسه ورغباته وتصرفاته للآخرين ضمن التقنيات التي توفرها هذه المواقع [2].

وعلى هذا النحو، فالخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي وفي أبسط معانيها ترتبط بسرية الحياة الخاصة لمستخدمي تلك المواقع، سواء كانت وقائع أو معلومات في الحاسب الآلي الشخصي أو الهاتف الذكي، أو تم تخزينها في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي التي يشترك فيها المستخدم والتي قد يتم اختراقها حيث أن سرقتها أو الاعتداء عليها يعد إنتهاكا للخصوصية، كذلك التجسس الإلكتروني، أو اعتراض الرسائل البريدية المرسلة بغرض الإطلاع عليها، أو معرفة محتوياتها، ومن ثم إفشاء الأسرار التي قد تحتويها تلك الرسائل ومن قبيل ذلك الأسرار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية والعلمية وغيرها من الانتهاكات والاختراقات.

كما أن حماية الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي تنحصر في حق الشخص في أن يتحكم بالمعلومات التي تخصه، وهو يعد من أهم المفاهيم التي تستدعيها كافة النظم والقوانين الهادفة إلى حماية الخصوصية المعلوماتية، وعليه يمكن القول : أن حماية الخصوصية المعلوماتية هي حماية البيانات الخاصة بالأفراد الذين يستخدمون تلك المواقع عبر الشبكة.

وجدير بالذكر، أن هناك ترادفا بوجه عام قائما ما بين مصطلح خصوصية المعلومات وحماية البيانات، وليس بين الخصوصية وبين حماية البيانات أما شيوع استخدام اصطلاح الخصوصية مستقلا ومنفردا دون إلحاقه بالبيانات في البيئة الإلكترونية للدلالة على حماية البيانات، فهو أمر يرجع إلى أن تعبير الخصوصية شاع بوقعه هذا في ظل تزايد مخاطر التقنية، وكأنه ينحصر في نطاقها وبيئتها وهو طبعا ليس كذلك، ولكن ربما لأنه أشد ما يمكن أن يمثل اختراقا لهذا الحق وانتهاكا له، هو الوسائل التقنية ومخاطر المعالجة الآلية للبيانات، كما أن استخدام مصطلح الخصوصية في بيئة مواقع التواصل الاجتماعي، يشير إلى حماية الخصوصية المعلوماتية أو حماية البيانات [3].

بالرجوع الى قانون حماية البيانات الشخصية البحريني رقم 30 لسنة 2018 والذي عرف البيانات( Personal data ) او البيانات الشخصية على انها ” أية معلومات في أية صورة تخصُّ فرداً مُعَّرفاً، أو قابلاً بطريق مباشر أو غير مباشر لأن يُعَرَّف، وذلك بوجه خاص من خلال رقم هويته الشخصية أو صفة أو أكثر من صفاته الشكلية أو الفسيولوجية أو الذهنية أو الثقافية أو الاقتصادية أو هويته الاجتماعية . ولتقرير ما إذا كان الفرد قابلاً لأن يُعَرَّف، تراعى كافة الوسائل التي يستخدمها مدير البيانات أو أيُّ شخص آخر، أو التي قد تكون متاحة له”[4].

وكذلك الامرعرف البيانات الشخصية الحسَّاسة (( Sensitive personal data على انها :” أية معلومات شخصية تكشف على نحو مباشر أو غير مباشر عن أصل الفرد العِرْقي أو الإثْنِي أو آرائه السياسية أو الفلسفية أو معتقداته الدينية أو انتمائه النقابي أو سِجِل السوابق الجنائية الخاص به أو أية بيانات تتعلق بصحته أو حالته الجنسية “[5].

عطفاً على ما تقدم يغدوا واضحا بأن المستخدم هو المحرك الرئيسي لشبكات التواصل الاجتماعي، ولا مجال لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي إلا عن طريق الإنترنت، وعرفه الفقه بأنه: (الشخص الذي يلتحق بشبكة ويسبح في فضاء الإنترنت من وقت للآخر بقصد الحصول على المعلومات أو بهدف بثها) وهو من خلال هذا التعريف يجمع بين صفتي المستهلك والمورد حيث يكون مورداً حين يحصل على المعلومات ، بينما يكون مورداً للمحتوي المعلوماتي حين يعبر عن رأيه الشخصي من خلال المدونات أو يتيح للجمهور بعض إبداعاته الأدبية أو الفنية عبر صفحته الخاصة علي الشبكة ، ليصبح هو المؤلف والناشر في ذات الوقت ، بينما ينظر إلى مقدم خدمة التواصل في هذه الحالة على أنه متعهد الإيواء طالما أن دوره يقتصر علي استضافة الصفحة الخاصة بالمستخدم وتخزين محتواها على خادمه المركزي ،مع تمكين الجمهور أو الأشخاص الذين يحددهم المستخدم بحسب الأحوال من الاطلاع عليها في أي وقت .

ويشترط في المستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي أن يكون شخصاً طبيعياً لا يقل عمره عن عدد سنوات معينة يحددها مقدم خدمة التواصل، كما ينبغي ألا يكون محكوم بجريمة من جرائم الاعتداء الجنسي أو غيرها من الجرائم المخلة بالشرف ما لم يكن رد إليه اعتباره. وذلك عملاً بشروط عضوية شبكة التواصل التي تختلف بطبيعة الحال من موقع إلى آخر .

كذلك يشترط لاكتساب صفة المستخدم أن يقر من يرغب في الانضمام إلى عضوية شبكة التواصل باطلاعه على سياسة استخدام البيانات الشخصية،ويعلن موافقته على كل ما ورد بها من بنود وذلك عقب قيامة بتسجيل بياناته الشخصية الإلزامية التي يحددها مقدم الخدمة ويحتفظ بها لأغراض المعالجة التجارية.

والبيانات الإلزامية التي ينبغي ان تظهر للعامة ولا يقبل تسجيل المستخدم إلا بتدوينها هي الاسم والسن والجنس والبريد الإلكتروني ، كما يمكنه ايضا ان يضع بيانات تتعلق بمهنته وخبرته العمليه سواء عند اجراء التسجيل او في وقت لاحق . فمثل هذه البيانات تعد معلومات شخصية تتعلق بشخص طبيعي معين ، وهنا نؤكد انه لا يوجد من الناحية الفعلية ما يحول دون قيام المستخدم بادراج بيانات عمر او تاريخ ميلاد وهمياً مخالفاً لعمره أو تاريخ مولده الفعلي .

صفوة القول ان مناط حماية البيانات والمعلومات ذات الطابع الشخصي: هو ان تكون متعلقة بشخص محدد او على الاقل يمكن تحديده من خلال البيانات المخزنه والمدخله من قبله ، اما اذا كانت متعلقه بشخص مجهول فلا محل للقول بحمايتها لانعدام خصوصية المجهول .

ولا شك في أن عدم صحة البيانات الشخصية المدرجة يعيق تحديد هوية المستخدم، وهي إشكالية كبيرة تواجه رجال القانون في الإثبات. وليس من اليسير في الوقت الراهن – نظرا لطبيعة مواقع التواصل الاجتماعي -إيجاد الحل المناسب لهذه الإشكالية، وإن كان لا ينفي التطورات التقنية في هذا الخصوص، والتي تعتمدعلى المعرف الرقمي لجهاز الحاسب الآلي أو عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بجهاز الحاسب الآلي كما يطلق عليه أحيانا -الذي يمكن عن طريقه التعرف على هوية مستخدم الجهاز، ومن ثم تحديد هوية مستخدم شبكة التواصل.

وعلى ضوء ما سبق، من الممكن أن يكون من بين المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي من هم دون المرحلة العمرية التي تحددها هذه الشبكات، وذلك بالمخالفة لشروط العضوية،وفي هذه الحالة فإن مسئولية المستخدم عن أفعاله الضارة ستقع وفقا للقواعد العامة، على عاتق من يتولى رقابته، سواء أكان متولي الرقابة هو الولي أو الوصي أم المعلم داخل معمل الحاسب الآلي بالمدرسة أم مشرف الحرفة التي يتدرب عليها.

ويلاحظ حرص شبكات التواصل الاجتماعي على أن تدرج ضمن شروط العضوية المعلن عنها ما يعطيها الحق في إزالة الحساب الشخصي للمستخدم الذي يدلي ببيانات غير صحيحه أو يبث محتوى معلوماتي غير مشروع، وذلك متى تلقت شكوى بهذا الخصوص وتثبتت من صحتها أو متى اكتشفت ذلك من تلقاء نفسها عند معالجة البيانات مع إعطاء المستخدم الحق في استئناف القرار الصادر بإزالة الحساب أو المحتوى غير المشروع، إذا كانت الإزالة قد تمت اعتمادا على تحليل خاطئ من جانب مقدم الخدمة [6].

المطلب الثاني : معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي

بعد ان بينا مفهوم الخصوصية والبيانات ذات الطابع الشخصي لا بد لنا هنا من بيان المفصود بمعالجة هذه البيانات وشروط معالجتها وبالتالي تحديد المسئول عنها .

اولاً: مفهوم معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي :

يقصد بمعالجة البياناتProcessing ) personal data) ذات الطابع الشخصي بأنها ” أية عملية أو مجموعة عمليات يتم إجراؤها على بيانات شخصية بوسيلة آلية أو غير آلية، ومن ذلك جمْع تلك البيانات أو تسجيلها أو تنظيمها أو تصنيفها في مجموعات أو تخزينها، أو تحويرها أو تعديلها، أو استعادتها أو استخدامها أو الإفصاح عنها، من خلال بثِّها أو نشرها أو نقلها أو إتاحتها للغير، أو دمجها أو حجْبها أو مسْحها أو تدميرها”.[7]

تكشف القراءة الممعنه للنص اعلاه ان جمع البيانات الشخصية للمستخدم ليس محظوراً بذاته ، بل المحظور هو الجمع الذي يتم بطريق غير مشروع . وتقوم مواقع التواصل الاجتماعي بجمع وحفظ ثلاثة انواع من البيانات التي يضعها المستخدم ، وهي البيانات ذات الطابع الشخصي ، وبيانات الاتصال بالانترنت ، واخيراً بيانات التصفح وهي المتعلقه بالمواقع التي يتصفحها المستخدم . لذلك ما تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي من جمع وتسجيل وحفظ وتخزين واية عمليات اخرى تتم على البيانات ذات الطابع الشخصي التي يقوم بوضعها المستخدم على الموقع هي جميعاً عمليات تندرج تحت مفهوم معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي . لهذا يغدو هاماً معرفة خروج مفهوم الاطلاع غير المشروع على البيانات ما يقع من الشخص المرخص له قانوناً بالدخول الى تلك البيانات والمعلومات الشخصية .

ثانياً: شروط معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي

ثمة حقيقة ماثلة للعيان بإنه لا يجوز اجراء معالجة البيانات بغير رضاء صاحب هذه البيانات ، وهذا الرضا لا بد ان يكون حراً صادر من اراده غير مشوبه بأي عيب من عيوب الاراده ، وان يكون محدداً على بيانات بذاتها ، وبناء على علم صاحب تلك البيانات بالغرض من طلب جمعها او معالجتها [8].

في غمرة هذا الوضع لو نظرنا الى سياسة الفيس بوك كأحد أهم مواقع التواصل الاجتماعي يتضح لنا توافر هذه الشروط الثلاثه ، ففي الرضاء : فهو رضاء حر لان المستخدم يضع بياناته على الموقع بمحض ارادته ، كما ان رضائه محدد لانه يرد على مسائل معينه ، حيث يرد المستخدم على مجموعه من الاسئله وله الخيار ان لا يرد ، وبالتالي فالمستخدم لا يقدم اي بيانات او معلومات الا بناء على ارادته وبعلمه ، وذلك من خلال الاطلاع على شروط استخدام الموقع السياسة التي يتبعها ازاء هذه البيانات ، وعطفاً على ما تقدم لا بد من مراعاة ان المستخدم قد لا يكون على علم بحقيقة الغرض من وراء جمع البيانات ذات الطابع الشخصي والتي يطلبها مسؤول المعلومات بالموقع وربما تستخدم لاغراض تجارية دون علمه.

يكشف الفحص الدقيق لتلك الشروط بانه يجب على مواقع التواصل الاجتماعي مراعاة ضوابط الامانه والمشروعية في جمع هذه البيانات ومعالجتها ، وكذلك التقيد بالغاية من وراء جمعها وعدم التوسع فيه بما يجاوز الغرض من جمعها ، وعلية فانه يكون للمستخدم حق الدخول الى هذه البيانات وتصحيحها في اي وقت ، والالتزام بضمان سرية البيانات التي يتم جمعها .

ثالثاً: تحديد المسؤول عن معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي

يتجسد الغوص في هذا الجانب المهم من هذه الدراسة حول البحث عن الكيفية في تحديد المسؤول عن معالجة البيانات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحقق من خلالها للمستخدم ضمان حقه في التعويض العادل في ضوء ما يتم نشره دون علمه . وربما يثور التساؤل هل مواقع التواصل الاجتماعي تسأل وحدها عن معالجة البيانات أم ان المستخدم يسأل ايضاً معها عن ذلك .

بالرجوع الى قانون حماية البيانات الشخصية البحريني لسنة 2018 فقد عرف مدير البيانات (Data Manager )على انه “: الشخص الذي يقرر، بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين، أغراض ووسائل معالجة بيانات شخصية معينة. وفي الحالات التي تكون فيها هذه الأغراض والوسائل مقرَّرة بموجب القانون، يُعَد مديراً للبيانات الشخص المنوط به الالتزام بالقيام بالمعالجة”. وكذلك الامر عرف معالِج البيانات على انه “: الشخص الذي يتولى معالجة البيانات لحساب مدير البيانات ونيابة عنه، ولا يشمل ذلك كل مَن يعمل لدى مدير البيانات أو معالِج البيانات”[9].

ومن خلال التعريفات السابقه ومن الواقع العملي ارى ومن وجهة نظري المتواضعه ان ادارة موقع التواصل الاجتماعي هي وحدها المسؤوله عن معالجة البيانات ، حيث ان الهدف الرئيسي من وراء وجود القانون هو حماية حقوق وحريات الافراد .

وبالعوده الى قانون الاتصالات البحريني حيث جاء بالماده 23 بانه ” يحظر على المدير العام وموظفي الهيئة أن يفصح إلى الغير عن المعلومات السرية التي تلقاها بصورة مباشرة أو غير مباشرة عند القيام بمهام وظيفته أو بسببها، ويسري هذا الحظر بعد ترك المنصب أو الوظيفة”[10].

يظهر الوقوف على هذه الماده وما جاء بها بأن هناك التزام على مقدم الخدمه باحترام خصوصية رسائل واتصالات مستخدميها يمتد الى مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث ان مفهوم الاتصالات ينصرف الى اية وسيلة لارسال او استقبال الرموز او الاشارات او الرسائل او الكتابات او الصور .

وكذلك الامر جاء التشديد من المشرع على اهمية حماية البيانات الخاصه حيث جاء بالماده 75 من قانون الاتصالات البحريني انه ” مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر, يعاقب بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف ديناركل من استخدم أجهزة أو شبكة الإتصالات بقصد : -1 إرسال أية رسالة يعلم من قام بإرسالها بأن مضمونها كاذب أو مضلل أو مخالف للنظام العام أو الآداب العامة أو من شأنه أن يعرض سلامة الغير للخطر أو أن يؤثر على فاعلية أية خدمة. 2- التصنت على أو إفشاء سرية اي مكالمات او بيانات تتعلق بمضمون اي رسالة او بمرسلها او بالمرسل إليه, ما لم يكن التصنت أو الإفشاء بموجب إذن من النيابة العامة أو أمر صادر من المحكمة المختصة”.[11]

رابعاً: استخدام البيانات ذات الطابع الشخصي لاغراض اعلانية

يغدو واضحاً بإن بيانات المستخدم تعتبر مورداً مالياً هاما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي ، بحيث انها تقوم باستغلالها في الحصول على مبالغ من المعلنين مقابل تقديمها لهم ، كونها تعتبر قاعدة بيانات تكشف وتعطي انطباع عن ميول واهتمام المستخدم . ومن اهم هذه البيانات عمر المستخدم وجنسة وحالته الاجتماعية ومكان اقامته واهتماماته الشخصية ، وهي جميعها بيانات ذات طابع شخصي مما يخضع جمعها لشروط معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي.

ونذكر على سبيل المثال كأحد اهم مواقع التواصل الاجتماعي وهو الفيس بوك حيث يقوم مقابل اتاحة الدخول المجاني لمستخدمية بتحليل بيانات المستخدمين لاستغلالها لاغراض تسويقية ، وذلك من خلال الاعلانات الاجتماعية او الاعلان الارشادي ، حيث ان الاعلانات الاجتماعية تستند على بيانات شخص المستخدم وتقوم فكرتها على استغلال ادارة الموقع لبيانات الملف الشخصي للعضو في عروض ترويجية على الموقع ، ووفقاً لسياسة الخصوصية للموقع فإن هذا الاستغلال يتقيد بعدم الكشف عن هوية العضو او عرض بياناته للغير، وانما يتم ذلك عن طريق قيام الموقع بجمع المعلومات وتحليلها والتنبؤ وربط الاهتمامات والاذواق وتوجيه كل هذا للمعلنين .

نستنتج من خلال هذا العرض بإن الموقع يسجل اي نشاط يقوم به المستخدم في المواقع او بواسطته ، ومن ثم يجمع كافة المعلومات المتعلقه بهذا النشاط ، ويزود بها المعلنين ، فيقوم هولاء إما بتوجيه الاعلانات الى المستخدم او عدم توجيهها حسب نشاطاتهم . وتتم هذه الاعلانات الموجهه بناء على مراسلة المعلن للموقع لاعلامه بالمستهلكين المستهدفين من حيث العمر ومحل الاقامة والجنس وكذلك الاهتمامات الشخصية وكل البيانات التي تناسب الاعلان ، ومن ثم يقوم الموقع بعرض نص المراسله والرابط الالكتروني للمعلن على صفحات الاعضاء الذين تتوافق ملفاتهم الشخصية مع المستهلكين المستهدفين من المعلن ، وعلية يستطيع المستخدم رؤية الاعلان بواسطة النقر على اللافته الاعلانية [12] .

وبالرغم مما قد تحققه الاعلانات الموجهه من مزايا للمستخدم وما تقدمه من عروض تسويقيه توافق ميولاته الا انها لا تخلو من المخاطر التي تتعلق بالحرية الشخصية حيث ان هذه الاعلانات تساعد على انشاء ملفات شخصية منتظمة لمستخدمي الانترنت من غير علمهم ودون ارادتهم ، وهنا تكون البيانات الشخصيه كسلعه تجاريه بين مواقع التواصل الاجتماعي والمعلنين .

على النقيض من ذلك فيما يتعلق بالاعلان الدليلي او الارشادي حيث اتاح موقع فيس بوك نظاماً تظهر من خلاله منتجات مواقع الانترنت بصوره تلقائية على الصفحات الشخصية للمستخدمين الذين تعاملوا مع هذه المواقع بشأن منتجاتها وصفحات اصدقائهم ، وهذا النوع من الاعلانات يستفيد منه مواقع الانترنت المرتبطه مع فيس بوك . ومن ناحية فنية يقوم هذا النظام على اساس الرضاء الضمني للمستخدم بالاشتراك فيه ، حيث توضع على صفحة الفيس بوك عبارة الغاء الاشتراك في النظام ، وهو ما يعني ان المستخدم مشترك بالفعل في هذا النظام ما لم يقم بالنقر على هذه العبارة ، وعلية فإن بيانات المستخدم سيتم ظهورها تلقائياً على صفحات الفيس بوك الخاصه بأصدقائة [13] .

المبحث الثاني : :حماية خصوصية مستخدم مواقع التواصل في مواجهة الغير

كمبداً عام جاء به القانون المدني البحريني في مجال المسئولية عن الأعمال الشخصية في الماده 158 منه بانه:” كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من أحدثه بتعويضه ” ، واتبعه في الماده 159 من ذات القانون ” يلتـزم الشخـــص بتعويض الضرر الناشئ عن فعله الخاطئ ولو كان غير مميز” .

تكشف القراءة الممعنه للمواد المذكوره اعلاه ان المبدأ يشمل جميع الحقوق للشخص سواء الحقوق المالية او الحقوق الادبيه او الحقوق الشخصية ، فأي اعتداء علية يوجب التعويض عنه ، ومما لا شك فيه ان مواقع التواصل الاجتماعي واحدة من هذه الميادين التي يوجد للمستخدم خصوصية عليها ويجب حمايتها من الاعتداء ، واي اعتداء على هذه الخصوصية ، توجب على المعتدي اي كان ان يعوض المتضرر عما اصابه من ضرر وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب نتيجة هذا الاعتداء .

المطلب الاول: مدى حماية الخصوصية على مواقع التواصل الاجتماعي

ثمة حقيقة ماثلة للعيان بإن الثورة الرقمية قادتنا إلى زمن وصف بزمن التكشف، والذي اقترن بأهم ما يمتلكه الإنسان ألا وهي خصوصيته الشخصية، والتي أصبحت مستهدفة بشكل كبير من بعض مستخدمي وملاك تقنيات الاتصال الحديثه، سواء عن حسن نية او سوء نية . وعلى الرغم من ذلك شهدت منصات شبكات التواصل الاجتماعي إقبالا متزايدا للمستخدمين عليها، يتهافتون في نشر خصوصياتهم على حسابات وصفحات هذه المواقع، ومع ذلك لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الاستخدام بل تعداه من التعري إلى الانتهاك والتطفل، ووظفت لذلك شتى الأساليب والوسائل، فأضحت مسألة الخصوصية الفردية مشكلة تؤرق مستخدمي هذه المواقع .[14]

تغدو من المسائل التي احتدم حولها الجدل بسبب ظهور التقنيات الجديدة في مجال الاتصالات وما صاحبها افرازات شائكة وقضايا متشابكة، مما كان له الأثر على ممتلكيها، وهذا ما دفع بهم إلى الدخول في العديد من المشاكل القانونية والتي شكلت لهم العائق الأكبر في نموها، ومن اهم تلك القضايا التي زادت بشكل مطرد قضية الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث احتدم النقاش والجدل وتقاطعت الأفكاروالرؤى حول تعدي هذه المواقع على خصوصية المستخدم وبالتالي غيرت من مفهومها وزادت في إستتباعاتها، فإمكان أي مستخدم أن يتعرف على الكثير من خصوصيات مستخدم آخر سبق له معرفته أو لم تسبق، بمجرد الدخول الى ملفه الشخصي والاطلاع علية وتصفحه .

يغدو واضحاً ان الانتقال السريع إلى استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات، والتحولات التقنية المتعاظمة، لم يسمحا بمواكبة فاعلة لمخاطرها، سواء أكان من قبل الحكومات وصناع السياسات، إم من قبل الأفراد. لقد انتج العالم خلال العامين المنصرمين ، معدلات غير مسبوقة من البيانات، تتجاوز بضخامتها ما انتج على امتداد كامل تاريخ البشرية، ما فرض تنبه المعنيين في القطاعين العام والخاص، إلى أهمية إدارتها بشكل فاعل، مع مراعاة الجوانب التقنية، والاقتصادية، والإدارية، والقانونية، التي تترتب على ذلك . فمع الانتقال إلى الرقمية، تحولت البيانات إلى قيمة لا تقدر بثمن، ومورد لاقتصاد المعرفة.[15]

وإذ يصل حجم الأشخاص، الذين يستخدمون شبكة الفيسبوك Facebook ، إلى ما يفوق الملياري شخص ، و يصل العدد إلى 800 مليون، على انستغرام Instagram ، وإلى أكثر من مليار على واتساب WhatsApp ، يتجاوز حجم البيانات التي تنتج عن هذا الاستخدام، 2.5 إكسا بايت Exabyte في الدقيقة الواحدة تقريباً.

وتعتبر تطبيقات المحادثات الفورية، مصدرا آخرا لإنتاج البيانات، حيث يتم إرسال أكثر من 527 ألف صورة، بواسطة السناب شات Snapchat ، في الدقيقة، وتحصل منصّة لينكدإن Linked in على أكثر من 120 حساب جديد، ويرسل مستخدمو تو يتر Twitter 456 ألف تغريده، بينما يعُالج غوغل Googleأكثر من 3.6 مليون عملية بحث، وتجني أمازون Amazon أكثر من ثلاثمائة ألف دولار أمريكي من المبيعات، التي تجري في الدقيقةالواحدة على الإنترنت، هذا، عدا عن الحجم الهائل للاستثمارات، التي تقوم بها الدول في مجال البيانات الضخمة.[16]

تلك الأرقام الهائلة تفُسرّ اتّجاه الشركات ا لكُبرى نحو الاستثمار في البيانات الشخصية، فهي ثروة تعيش عليها الشركات، التقنية منها، والتقليدية، نتيجة استخدامها في مجال تطوير المنتجات، والإعلانات، عبر تحليلها، وتحليل ميول الأشخاص الطبيعيين، وتحديد حاجاتهم، وعاداتهم الاستهلاكية، واهتماماتهم.

وفي المقابل، تزداد ظاهرة دفق المعلومات على الإنترنت، بازدياد عدد الأجهزة الموصولة بها، وتعدد وسائل تخزينها؛ كالأقراص الصلبة، وأنظمة الحوسبة السحابية، كما يتنوع استخدامها، وتتنوع التطبيقات التي تهندس بناء على كيفية تثميرها، والإفادةمنها لتقديم الخدمات. علما، أن القسم الأكبر منها، يتم جمعه دون علم الشخص المعني؛ أي صاحب البيانات.

وفي هذا السياق، وجب التعريف بمفهوم الخصوصية بحيث يمكن أن يعرف بأنه َتحكُّم الأفراد في مدى وتوقيت وظروف مشاركة حياتهم مع الآخرين ، وتدخل الخصوصية كحق يمارسه الفرد للحد من إطلاع الآخرين على مظاهر حياته والتي يمكن أن تكون أفكاراً أو بيانات شخصية. هي أيضا، وصف لحماية البيانات الشخصية للفرد، والتي يتم نشرها وتداولها من خلال وسائط رقمية ، وتتمثل البيانات الشخصية في البريد الإلكتروني، والحسابات البنكية، والصور الشخصية، ومعلومات عن العمل والمسكن وكل البيانات التي نستخدمها في تفاعلنا على الإنترنت أثناء استخدامنا للحاسب الآلي أو الهاتف المحمول أو الذكي أو اللوح الالكتروني( التاب)…الخ.

وجدنا انه من الضروري تعريف الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي بانها حق الفرد المستخدم في أن يقرر بنفسه متى وكيف وإلى مدى ممكن أن تصل المعلومات الخاصة به إلى الآخرين من المستخدمين أو القائمين عليها، وبذلك يتضح أن لكل فرد الحق في الحماية من التدخل في شؤونه، وله الحق أيضا في الاختيار الحر للآلية التي يعبر بها عن نفسه ورغباته وتصرفاته للآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي .[17]

فالخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي وفي أبسط معانيها ترتبط بسرية الحياة الخاصة لمستخدمي تلك المواقع، سواء كانت وقائع أو معلومات في الحاسب الآلي الشخصي أو الهاتف الذكي، أو تم تخزينها في البريد او على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي التي يشترك فيها المستخدم والتي قد يتم اختراقها مثل البريد الإلكتروني حيث أن سرقتها أو الاعتداء عليها يعد إنتهاكا للخصوصية، كذلك التجسس الإلكتروني، أو اعتراض الرسائل البريدية المرسلة بغرض الإطلاع عليها، أو معرفة محتوياتها، ومن ثم إفشاء الأسرار التي قد تحتويها تلك الرسائل ومن قبيل ذلك الأسرار السياسية والاجتماعية والصحية وغيرها من الانتهاك والاختراق ، وذلك حسب ماء جاء بالماده 26 من الدستور البحريني ” حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يـبـينها القانون، ووفقا للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه”[18] .

كما أن حماية الخصوصية في مواقع التواصل الاجتماعي تنحصر في حق الشخص في أن يتحكم بالمعلومات التي تخصه، وهو يعد من أهم المفاهيم التي تستدعيها كافة النظم والقوانين الهادفة إلى حماية الخصوصية المعلوماتية، وعليه يمكن القول، أن حماية الخصوصية المعلوماتية هي حماية البيانات الخاصة بالأفراد الذين يستخدمون تلك المواقع عبر الشبكة.

ويستطيع المستخدم تجنب اتاحة معلوماته الشخصية للكافة ان يقصر كشف هذه المعلومات على اشخاص محدودين يقبل كشف معلوماته لهم كأصدقاء له على صفحته يستطيعون وحدهم تصفح المعلومات الخاصه به .

وجدير بالذكر أن الخصوصية تختلف عن الأمن، فاختراق الأمن يعني نفاذ الأشخاص غير المصرح لهم إلى الشفرات الخاضعة للحماية أو إلى البيانات والمعلومات الخاصة بالمستخدمين، على سبيل المثال، قد تقع شبكة اجتماعية ما ضحية للقرصنة أو تتعرض لفيروس، لكن إذا لم يترتب عن هذا الهجوم استغلال للمعلومات الشخصية فإن الخصوصية هنا تكون في مأمن من التعرض للانتهاك.

ويأتي انتهاك الخصوصية من النفاذ دون إذن إلى المعلومات التي لها طابع الخصوصية، وقد ينشأ ذلك بالضرورة من اختراق للأمن، على سبيل المثال، بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي قد يكون المستخدمين قد وافقوا على ملكيتها لبياناتهم الشخصية، يمكن أن تقوم هذه الشبكات بعد ذلك بتقديم هذه البيانات إلى الباحثين الأكاديميين وشركات التسويق والمؤسسات الأمنية وغيرها وفقا لأغراض ربحية تعود عليها . وأخيرا، يمكن القول أن مواقع التواصل الاجتماعي تعد من الأهداف المغرية لاختراق الخصوصية والأمن، ويستطيع أي شخص أن يخترق أمن أي موقع للحصول على معلومات بكل سهولة وذات طابع شخصي عن عدد كبير من المستخدمين.

فالدول عامة، تحتاج إلى جمع البيانات الشخصية، حتى الحساسة منها، على الإنترنت، ووسائل الاتصال، والأجهزة المختلفة، للقيام بمهماتها كسلطة عامة، وكمسؤولة عن الاستقرار والأمن الاجتماعيين، في مواجهة أية تهديدات ومستجدات.

وأضيف إلى هذا الخوف، واقع آخر، هو دخول القطاع الخاص، إلى مجال الاعتداءات على حقوق الأشخاص وحر ياتهم، نتيجة لإمكانية الوصول على الإنترنت، إلى ملايين المعلومات الخاصة، مقابل دفع مبلغ من المال، واستخدام العديد منها، ليس فقط في الوصول إلى الأشخاص، واستهدافهم بالإعلانات الترويجية، وإنما أيضا، في عمليات احتيال مالية ومصرفية، واعتداءات على الأموال والأشخاص.

فالخصوصية بصفة عامة ، هي مقياس غير موضوعي أي يختلف من بيئة لأخرى ولكن الصفة المشتركة في الخصوصية أنها إحدى حقوق الإنسان في حياته ولكنها تعتمد بشكل أساسي على البيئة والسياق الذي تعالج ضمنه ، لذلك فهي تختلف من مجتمع الى آخر ومن زمان الى آخر وكذلك من شخص الى آخر .

المطلب الثاني : دور المستخدم (المضرور) فى انتهاك خصوصيته

مما لا شك فيه ان لكل انسان حريته الشخصية ، وهو الوحيد الذي يقرر الكشف بارادته عن خصوصيته الشخصية ، وهنا يكون له الدور الاكبر في انتهاك خصوصيته ، إذا كشف عن معلومات هامة تتعلق بحياته الخاصة بدعوى أنه ليس لديه ما يخجل منه وذلك باستعماله خيار الملف العام مما يجعل الولوج الى ملفه الشخصي متاح لاي عضو في الموقع اي للجميع . وعلى النقيض من ذلك نجد ان هناك بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومن ضمنها الفيس بوك تقوم بارسال رسائل تحذيرية للمستخدم فيما يتعلق بالحقوق والمسؤليات حيث تذكر صراحة أن المستخدم حين يقوم بنشر محتويات أو معلومات باستخدام إعدادات “العام”، فإن ذلك يتيح للجميع بما فيهم غير المستخدمين للموقع الوصول الى المعلومات واستخدامها .[19]

اضحى من اللازم القول ، إنه يبدو من الضرورى أن تتضمن سياسة الخصوصية لمواقع التواصل الاجتماعى بعض الإرشادات لمستخدمى الموقع بشأن كيفية التعامل مع المعلومات الشخصية التى تتعلق بالغير الذى نشرها عن نفسه .

لا مندوحة عن القول بإنه يمكن لصاحب البيانات، الاعتراض على معالجة بياناته الشخصية، لأسباب مشروعة، كما يمكنه رفض استخدام هذه البيانات، في دراسات وأبحاث تجارية؛ وذلك دون أن يكون مجبرا على تقديم اي تبرير، أو سبب، كما يمكنه ممارسة هذا الحق، سواء في مرحلة جمع البيانات، أو في مرحلة لاحقة، فلكل شخص من حيث المبدأ، حق تقرير طريقة استخدام بياناته، بحيث يرفض إدراجها ضمن ملفات إلكترونية معينة، أو نقلها إلى جهات ثالثة.

وتتم ممارسة هذا الحق، أيضا من خلال رفض الإجابة على الأسئلة التي تطرح عليه حول بياناته الشخصية، خلال عملية الجمع، متى كانت هذه الأخيرة غير ملزمة، ورفض إعطائه الموافقة الخطية، التي تعتبر إلزامية، في معالجة البيانات الحساسة، كالانتماء الديني، أو الميول او الجنسية والهوايات . كذلك، يمكنه ممارسة هذا الحق لطلب محو بياناته، من الملفات ذات الأهداف التجارية. أما على الأنترنت، فيمكنه ببساطة أن ينتقي الرفض، في خانة الاختيار بين الرفض والموافقة، والتي ترد، على نموذج جمع المعلومات.

أما الرفض في مرحلة لاحقة، فيتم من خلال الاتصال، بالمسؤول عن المعالجة، أو إرسال بريد إ لكتروني، أو غير ذلك، دون تكبده أية كلفة، وعلى المسؤول الإجابة، خلال مهلة يحددها القانون . ولا يمكنه الاحتجاج بعدم وضوح الطلب، أو بأي عذر آخر؛ إذ يفترض به الرجوع إلى مقدم الطلب، وطلب استيضاحات، أو أية معلومة ضرورية، لبناء الاستجابة عليها، وفي حال قرر المسؤول عن المعالجة رفض الطلب، فعليه واجب تقديم التبريرات اللازمة، لجعل رفضه قانونيا، وإلا يمكن لمقدم الطلب، مراجعة الجهة المعنية؛ وهي في هذه الحالة، الهيئات أو الأجهزة المسؤولة، عن حماية البيانات الشخصية.[20]

في غمرة هذا الوضع يحق لكل شخص أن يطلب تصحيح بياناته الشخصية، أو استكمالها، أو حجبها، أو محوها، متى كانت هذه البيانات غير صحيحة، أو غير كاملة، أو غير مناسبة، أو قديمة، أو متى كانت معالجتها أساسا، ممنوعة بموجب القوانين، كحال البيانات الحساسة. ومن واجب المسؤول عن المعالجة، متى كان الطلب مشروعا، أن يبادر إلى تنفيذ العملية المطلوبة، وانسجاما مع مبدأ شرعية البيانات، لا يمكن السماح بمعالجة البيانات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ، إلا إذا تم الحصول على إذن الشخص المعني، أو كان الأمر ضروريا لتنفيذ التزام قانوني، يكون الشخص المعني طرفا فيه، أو لتنفيذ موجب قانوني، أو ضروريا، لتنفيذ مهمة ذات منفعة عامة، يقوم بها المسؤول عن المعالجة، أو الجهة التي سلمت إليها المعلومات، أو أن يكون ضرورياً لتنفيذ مصلحة شرعية للمسؤول عن المعالجة، أو الجهة التي سلمت إليها المعلومات، وشرط إلا يؤدي ذلك، إلى الأضرار بالحقوق الأساسية للشخص المعني.

بصورة عامة، تسمح جميع القوانين المعمول بها، في مجال حماية الخصوصية، وسرية المعلومات، بعملية جمع البيانات، واستخدامها، ضمن حدود معينة، ترتكز بشكل أساسي، على مدى موافقة صاحبها. ويمكن لهذا الأمر، أن يجعل الصورة مقبولة، إذ يعطي انطباعا، بنوع من السيطرة للشخص المعني، على بياناته. لكن الواقع، بعيد تماما عن ذلك، فمستخدم الإنترنت، نادرا ما يقرأ الشروط الطويلة، والبنود الغامضة، التي تعرض عليه للموافقة عليها، قبل إعطائه حق استخدام برنامج التواصل الاجتماعي ، ما يعني أن الموافقة التي يعطيها، ليست صادرة عن إرادة صحيحة.

في الواقع، ومن خلال الممارسات، التي كانت معتمدة حتى اليوم، يمكن إثبات حصول الموافقة، بعدد من الطرق، سواء عبر التعبير الكتابي، أو القيام بعمل معين، وذلك بحسب الظروف، فبعض مزودي وموردي الخدمات، يطلبون من المستخدم الضغط على زر “أنا موافق”، ليعبر عن موافقته على عدد من الشروط والأحكام، بينما يعبر البعض الآخر، مجرد استخدام الموقع، أو التطبيق، بمثابة الموافقة، على أحكام وشروط خفية، منصوص عليها، في مكان ما من الموقع، ويمكن لجميع هذه الوسائل أن تخلق علاقة قانونية ملزمة، هي ما يعرف بالعقد حسب ما جاء بالقانون .

فالمستخدم في مواقع التواصل الاجتماعي ، الذي يغرقه كم هائل من المعلومات عند فتح الحساب ، ليس مجبراً على البحث ، والتنقيب، لإيجاد هذه الأحكام والشروط، أو للاطلاع على سياسة الخصوصية، فمعظم مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ، لا يقرؤون أحكام وشروط الاستخدام، التي تظهر على الشاشة، وغالبا ما لا يتمكنون من فهم نوعية البيانات الشخصية التي يطلب منهم الموافقة على الإفصاح عنها، ومعالجتها، كما لا تتوفر لهم إمكانات الإحاطة، بتفاصيل المعالجة، وتأثيرها عليهم، سواء عندما يوافقون على شروط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو عندما يضغطون، على زر الموافقة.

والأدهى، أن جميع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تقريبا، لا يمكنهم أن يتوقعوا ما تتيحه التقنيات الحديثة، وقدرات الذكاء الاصطناعي، من آفاق، وإمكانات مختلفة، ومعقدة أحيانا كثيرة، على مستوى معالجة البيانات الشخصية. وإذا تركنا جانبا، تعقيدات العقود التي تبرم، والتي تعرض عليهم، حيث ترد جميع التفاصيل، والمعلومات، حول كيفية معالجة البيانات واستخداماتها، فان هذه العقود لا تعدو كونها، عقود إذعان، لا يملك المستخدم خيار رفضها، إلا إذا قرر التخلي عن استخدام موقع التواصل الاجتماعي .

وبرغم النص في معظم التشريعات بشكل عام، على تعريف العقود وعناصرها، وشروط صحتها فتعتبر انه في العقد بين شخصين، هنالك عرض من طرف أول، وقبول من طرف آخر،أو عدة أطراف، مع توافر نية خلق التزام قانوني، ومقابل للموجبات، وأهلية قانونية للدخول في التزام عقدي، وإرادة حرة وصحيحة، وفهم وموافقة لموضوع الالتزام، وهكذا، تتأثر صحة العقد، بأي شكل من أشكال الاكراه الذي يعيب الإرادة، أو التصريح الكاذب، أو التأثير غير المسوغ، أو الموافقة غير الواعية. وبناء عليه، فأية موافقة بالضغط على زر “أنا موافق”، أو الاتفاق على اتفاقية مواقع التواصل الاجتماعي ، ينقصها فهم واستيعاب كامل، وموافقة صريحة. علاوة على ذلك، يمكن أن تعاني الإرادة في هذه الحالة من اتفاق غير مقبول، عندما لا يستطيع المستخدم، مناقشة أو تعديل، شروط وأحكام الاستخدام.[21]

و يصبح الأمر أشد تعقيدا، عندما يتعلق بالأجهزة الذكية، حيث تطلب موافقة الشخص المعني، لاستخدام عدد من التطبيقات، وبطرق تقنية غير واضحة، كتبادل البيانات بين تطبيقين مختلفين، أو سحب لائحة الأصدقاء، وعناوينهم.وان كنا لن نتوقف عند هذا الأمر الأخير للتعمق فيه، إلا انه تجدر الإشارة، إلى تحول الشخص المعني، إلى مصدر لجمع بيانات شخصية، لا تخصه، وإنما تخص أهله وأصدقاءه، ومعارفه، وربما زبائنه.

الخاتمة والنتائج والتوصيات :

يغدو هاماً معرفة مدى ما يعتقد الكثير من المستخدمين أنه في زمن شبكات التواصل الاجتماعي قد أنشأ لنفسه عالماً رقميا، يبحرويتجول عبره بهويه افتراضية يتفاعل بها مع من يريد وبالشكل الذي يرغب دون أن يراه الآخر من خلاله، لكن، ربما قد يجهل أو يتجاهل أنه أصبح أسير تلك الشبكات وفق عرضه لذاته، فهي التي تفرض عليه قوانين الاستخدام وشروطه، وهي التي تدفعه إلى صياغة علاقات اجتماعية مقترحة في سياق رقمي مختلف عن ذلك الحقيقي، بل هي التي تقترح عليه أصدقائه ومن يمكن أن يضمهم إلى قائمة أصدقائه، بل وأكثر من ذلك فهي التي تدفعنا للتعرف على أصدقائنا وأصدقاء أصدقائنا، إذن، فهي شبكة شديدة التعقيد تقوم بنسج علاقات ومؤانسات رقمية منمطة حسب أهدافها وغاياتها.

وبرغم انتشار شبكات التواصل الاجتماعي واستحواذها على جل الوقت الذي يقضيه المستخدم على الانترنت، لذلك أوجد حالة من التساهل في عرض الخصوصية الفردية، ومع الوقت تجاوز ذلك المعنى التقليدي للخصوصية ، والذي كان يعنى بالحياة الخاصة للمستخدم وضمان تحكمه في المعلومات التي يرغب بإطلاع الغيرعليها، بل والتحكم في من له الحق في ذلك، ليجعل من حياة المستخدم الخاصة مادة للنشر والمشاركة مع الآخرين، حيث أصبحت المعلومات الخاصة أكثر وفرة للشركات والأفراد على حد سواء.

فعندما يلج المستخدم إلى أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي فإنه يقبل شروط وأحكام دائما ما تكلفه بوعي منه أو دونه الموافقة على بيع أو عرض معلوماته وبياناته الشخصية سيما الديمغرافية منها والمستقطبة من طرف المعلنين، وهذا ما يعرضه لانتهاك خصوصيته، على الرغم مما تروج له هذه الشبكات من خلال ما يسمى بمصطلح “سياسة الخصوصية” على الموقع ، والذي يمكن أن يستغفل المستخدم تلقائيا ويجعله يقتنع ويفترض أن معلوماته آمنة عندما يتبع خطوات سياسة الخصوصية التي تعرضها هذه المواقع.

وفي النهاية، تبقى خصوصيات مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي آخذة في التآكل بقوة، تتأرجح بين الانتهاك والاختراق لفائدة هذه المواقع التجارية والتي تتمثل في استغلالها في الإعلان و التسويق وتتعداها إلى جوانب أمنية أخرى، وللتقليل من النفاذ إلى خصوصياتنا وجب علينا أن نكون حذرين مما ننشره من محتويات ونتبادله ونتفاعل معه بالتعليق والمشاركة والإعجاب على هذه المواقع، لأن ما ننشره اليوم وفي هذه الظروف سيعود إلينا في مراحل لاحقة من حياتنا وفي ظروف مختلفة عن تلك السابقة.وعلية فانني اوصي بما يلي :

اولاً: ضرورة اخضاع مواقع التواصل الاجتماعي أثناء معالجتها للبيانات لقواعد فنية وقانونية مشتركة بحيث تضمن فعلياً المحافظة على خصوصية المستخدم .

ثانياً: ضرورة ايجاد آلية معينه على مواقع التواصل الاجتماعي تبين للمستخدم وتنبهه لخطورة وأهمية ضبط الاعدادات، بما يساعد المستخدم على تأمين حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق ضبط إعدادات الخصوصية على الموقع لتحديد نطاق الخصوصية على حسابه. فهذه الإعدادات تتيح له أن يختار بين وضع بياناته في متناول الكافة أو كل الأصدقاء أو بعض الأصدقاء، كما أنها تمكنه من تفادي إظهار بياناته على محركات البحث، والتحكم في هذه البيانات وتصحيحها أو حذفها إذا اقتضى الأمر ذلك.

ثالثاً: للإثبات على مواقع التواصل الاجتماعي أهمية خاصة، حيث أن العبرة في التمييز بين الطابع الخاص أو الطابع العام لصفحة (فيس بوك) هو الاعتداد بإعدادات الخصوصية التي يختارها المستخدم لصفحته، وبالتالي الطابع الخاص لهذه الصفحة ينتفي، ومن ثم تتوافر العلانية، متى كانت إعدادات الخصوصية للصفحة تتيح لأي شخص دخولها. وعندئذ لا يكون هناك محل للقول بانتهاك سرية المراسلات التي توضع على حائط صفحة هذا الموقع.

رابعاً : وجود مواقع التواصل الاجتماعي في كل مكان وفي جميع الأوقات، وحجم المعلومات الشخصية التي تحتوي عليها هذه المواقع يجعل منها مصدر غنياً للأدلة المحتملة في الاثبات، وبالنظر إلى طبيعة هذه المواقع، فإنها تثير تحديات كبيرة يتعلق بعضها بالمصداقية ً التي تتمتع بها الأدلة المتحصلة من هذه المواقع. وبناء على ما تقدم، يتعين على الاجهزة المختصة أن تبحث عن وسائل لجمع المعلومات من شأنها أن تؤكد المصداقية وآصالة الدليل .

قائمة المصادر والمراجع:

أشرف جابر سيد ، الجوانب القانونية لمواقع التواصل الاجتماعي، ومشكلات الخصوصية.
سامح محمد عبد الحكيم، 2007 ، جرائم الانترنت الواقعة على الأشخاص في إطار التشريع البحريني، دراسة مقارنة بالتشريع المصري، ط 2، دار النهضة العربية.
منى الاشقر جبور& محمود جبور ، 2018 ، البيانات الشخصية والقوانين العربية: الهمّ الأمني وحقوق الأفراد، المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية مجلس وزراء العدل العرب، جامعة الدول العربية، الطبعة الأولى، بيروت – لبنان.
محمود عبد الرحمن محمد، 2010 ، نطاق الحق في الحياة الخاصة، دراسة مقارنة بالقانون الوضعي (الأمريكي- الفرنسي – المصري) والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية،
محمد سامي عبد الصادق، 2016 ، شبكات التواصل الاجتماعي ومخاطر انتهاك الحق في الخصوصية، دار النهضة العربية، القاهرة،.
محمد حسين منصور،2003، المسئولية الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية.
محمد بن عيد القحطاني، 2015، حماية الخصوصية الشخصية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي دراسة تأصيلية مقارنة، رسالة ماجستير، قسم الشريعة. والقانون، كلية العدالة الجنائية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية .
محمود عبد الرحمن محمد، 2010 ، نطاق الحق في الحياة الخاصة، دراسة مقارنة بالقانون الوضعي (الأمريكي- الفرنسي – المصري) والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية.

القوانين

القانون المدني البحريني لسنة 2001 .
دستور مملكة البحرين المعدل لسنة 2002.
مرسوم بقانون رقم ( 48 ) لسنة 2002 بإصدار قانون الإتصالات في مملكة البحرين.
قانون العقوبات البحريني لسنة 1976 وتعديلاته لسنة 2018 .
قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375.

[1] – يتم وضع المساحات الإعلانية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشكل انتقائي محسوب بعد معالجة بيانات المستخدمين ورصد أنشطتهم وميولهم وتوجهاتهم، إذ يحرص مقدم خدمة التواصل الاجتماعي على جمع البيانات وتحليلها وتصنيفها، بحيث يجمع بين المستخدمين الذين يشتركون في ذات الاهتمامات والصفات، وبالتالي يتعاقد مع الشركات المعلنة على توجه إعلانات مستهدفة حتى يظهر الإعلان فقط لمن لديهم اهتمام بالمنتج أو الخدمة المعلن عنها ولا يظهر للمستخدم الذي لا يحقق الاستهداف المطلوب. انظر: محمد حسين منصور: المسئولية الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2003، ص237.

[2] – أشرف جابر سيد،2013 ، الجوانب القانونية لمواقع التواصل الاجتماعي، ومشكلات الخصوصية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص13.

[3] – محمد بن عيد القحطاني، 2015، حماية الخصوصية الشخصية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي دراسة تأصيلية مقارنة، رسالة ماجستير، قسم الشريعة. والقانون، كلية العدالة الجنائية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية ، ص 102.

[4] – انظر الماده الاولى من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375.

[5] – انظر الماده الاولى من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375.

[6] – يلتزم مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي بعدة من الالتزامات التي تفرضها الاتفاقات المبرمة بينهم وبين مقدمي خدمات التواصل أو التي توجبها تشريعات الدول التي يتم البث من خلالها، احترام خصوصية المستخدمين، وعدم إنشاء أكثر من حساب شخصي واحد على الموقع الإلكتروني للتواصل، وعدم استخدام شبكة التواصل لأي عمل مضلل أو ضار أو تمييزي، والامتناع عن القيام بأي عمل قد يعطل أو يسئ للشبكة وغيرها من الالتزامات راجع الدكتور/محمد سامي عبد الصادق، المرجع السابق، ص 77 وما بعدها، محمد . حسين منصور: المرجع السابق، ص 23.

[7] – انظر الماده الاولى من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375.

Processing: Any process or set of operations performed on personal data by automated or non-automated means, including the collection, recording, organization, classification, storage, modification, amendment, restoration, use or disclosure of such data by broadcast, publishing, transferring, making available to third parties, merging, blocking, wiping or destroying them.”.

[8] – انظر المادة الثالثة من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375 1- أنْ تكون معالجتها منصفة ومشروعة.2- أنْ تكون قد جُمِعت لغرض مشروع ومحدَّد وواضح، وألا تتم معالجتها لاحقاً، وألا يتم إجراء معالجة لاحقة لها على نحو لا يتوافق مع الغرض الذي جُمِعت من أجله، ولا تُعَدُّ معالجة غير متوافقة مع الغرض الذي جُمِعت من أجله البيانات المعالَجة اللاحقة لها التي تتم حصراً لأغراض تاريخية أو إحصائية أو للبحث العلمي، وبشرط ألا تتم لدعم اتخاذ أيِّ قرار أو إجراء بشأن فرد محدد.3- أنْ تكون كافية وذات صلة وغير مفرطة بالنظر للغرض من جمْعِها أو الذي تمت المعالَجة اللاحقة لأجله.4 – أنْ تكون صحيحة ودقيقة، وتخضع لعمليات التحديث عندما يكون لذلك مقتضىً.5- ألا تبقى في صورة تسمح بمعرفة صاحب البيانات بعد استنفاد الغرض من جمْعِها أو الذي تتم المعالَجة اللاحقة لأجله. وتُحفَظ البيانات التي يتم تخزينها لفترات أطول لأغراض تاريخية أو إحصائية أو للبحث العلمي في صورة مجهولة بتحويرها، وذلك بوضْعها في صورة لا تُمكِّن مِنْ نسبة هذه البيانات إلى صاحبها. ويتعيَّن إنْ تعذَّر ذلك تشفير هوية أصحابها.

[9] – انظر الماده الاولى من قانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية التاريخ:19/07/2018 رقم الجريدة الرسمية:3375.

[10] – انظر الماده 23 من مرسوم بقانون رقم ( 48 ) لسنة 2002 بإصدار قانون الإتصالات في مملكة البحرين .

[11] – انظر الماده 75 من قانون الاتصالات البحريني .

[12] – فمثلا اذا كان الميستخدم يحب العطور ويقوم بعمل اعجاب على بعض الصفحات ومشاركة مقاطع فيديو عن احدث العطورات وشارك على صفحته ببعض الاخبار ، فهذه المعلومات تقدم مجاناً الى فيس بوك ، وهنا يقوم الموقع بجمع وربط هذه البيانات عن المسنخدم وعن المستخدمين الذين يشبهونه في الاهتمامات والصفات فيقوم بتوجيه اعلان مستهدف الى هذا المستخدم حول مجلة العطور وهذا الاعلان يظهر فقط لمن لدية ادنى اهتمام ولا يظهر للشخص الذي لا يحقق الاستهداف المطلوب .

[13] – أشرف جابر سيد & خالد بن عبد الله الشافي، 2013، بحث منشور،حماية خصوصية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة انتهاك الخصوصية فى موقع فيس بوك دراسة مقارنة فى ضوء النظام السعودى، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية بكلية الحقوق بجامعة حلوان بجمهورية مصر العربية،ص 15 .

[14] – محمد سامي عبد الصادق، 2016 ، شبكات التواصل الاجتماعي ومخاطر انتهاك الحق في الخصوصية، دار النهضة العربية، القاهرة، ، ص73 .

[15] – https://blog.statusbrew.com/social-media-statistics-2018-for-business/

[16] – Big Data Statistics & Facts for 2017

[17] – محمود عبد الرحمن محمد، 2010 ، نطاق الحق في الحياة الخاصة، دراسة مقارنة بالقانون الوضعي (الأمريكي- الفرنسي – المصري) والشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية،ص 77.

[18] – انظر الماده 26 من دستور مملكة البحرين وتعديلاته لسنة 2002 .

[19] – أشرف جابر سيد ، الجوانب القانونية لمواقع التواصل الاجتماعي، ومشكلات الخصوصية، المرجع السابق، ص89 .

[20] – سامح محمد عبد الحكيم، 2007 ، جرائم الانترنت الواقعة على الأشخاص في إطار التشريع البحريني، دراسة مقارنة بالتشريع المصري، ط 2، دار النهضة العربية، ، القاهرة، ص 30 .

[21] – منى الاشقر جبور& محمود جبور ، 2018 ، البيانات الشخصية والقوانين العربية: الهمّ الأمني وحقوق الأفراد، المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية مجلس وزراء العدل العرب، جامعة الدول العربية، الطبعة الأولى، بيروت – لبنان.

 

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.