مقدمة:
للدعوى الاستعجالية كغيرها من الدعاوى إجراءات يجب إتباعها لرفع الدعوى وإصدار الأوامر فيها، والبت في الإشكالات التي تعترض تنفيذها وبعض الأحكام الخاصة بكيفية الطعن فيها.

الفرع الأول

إجراءات إصدار الأوامر الاستعجالية

نصت المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية على أن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية[1]،  ومن ثم فإن الدعوى الاستعجالية أو بالأحرى الطلب الاستعجالي يرفع بعريضة كالدعوى العادية كما هو منصوص عليه بالمادة 12 من هذا القانون. وإذا كانت هذه المادة قد أجازت استثناءا نظرا للأمية التي كانت متفشية وقت صدور قانون الإجراءات المدنية والتي كانت قد أجازت للمدعي في حالة القضاء العادي أن يرفع دعواه بتصريح يقوم مقام العريضة، يصبه أمين ضبط المحكمة في محضر لكن هذا الإجراء لا يكون مقبولا كإجراء من إجراءات رفع الدعوى الإستعجالية، ذلك أن الإجراءات المتعلقة بالقضاء المستعجل من النظام العام وكون المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية تشير فقط إلى أن الطلب يرفع بعريضة.

ومهما يكن فإنه يتعين في هذا الشأن تحديد العريضة كإجراء أولي من إجراءات الاستعجال ثم التكليف بالحضور والتبليغ.

*العريضــة:

إن العريضة الاستعجالية التي يتقدم بها المدعي تستلزم بالضرورة أن تتضمن اسمه ولقبه ومهنته وموطنه وهذا من أجل التعريف عن هويته تعريفا كاملا لا شبهة فيه، كما يجب أن تتضمن اسم ولقب خصمه، مع تحديد مكان إقامته حتى يمكن استدعاءه إلى المحكمة استدعاءا قانونيا ،وعلى المدعي أن يشرح في عريضته موضوع دعواه شرحا يحدد فيه المستندات المؤيدة له والحق الذي أصبح معرضا للخطورة، مصدر هذه الخطورة أو هذا التهديد ويختم عريضتـه بتحديد طلباته التي يود الوصول إليها ثم يقوم بإمضائها وتحديد تاريخها و توجه بطبيعة الحال إلى رئيس الجهة القضائية عن طريق أمانة الضبط بعد دفع الرسوم القضائية المقدرة بـ 1000 دينار جزائري إلا إذا استلـزم الأمر تحديـد الجلسة في أقرب وقت ممكن نظراً للخطورة المحدقة و هذا ما يسمى بحالة الاستعجال القصوى أين يمكن تقديمها في غير الساعات و الأيام المحددة لنظر القضايا المستعجلة العادية وحتى في أيام العطل و مباشرة إلى رئيس الجهة القضائية الذي يقوم فوراً بتحديد تاريخ الجلسة و استدعاء الأطراف في الحال[2].

*التكـليف بالحضــور:

إن هذا الإجراء الأساسي كان من صنع وعمل الجهة القضائية، حيث كان يتولى أمين ضبط المحكمة تحريره بذكر العناصر الثلاثة الواردة في عريضة الدعوى ويضيف إليها عناصر أخرى مثل تعيين المحكمة المختصة واليوم والساعة المحددين للمثول وتاريخ تسليم التكليف والقائم بالتبليغ وتوقيعه مع ملخص الموضوع ومستندات الطلب حتى يتمكن المدعى عليه من أن يطلع عليها مسبقاً، لكن الآن وبعد صدور القانون رقم 91/03 المؤرخ في 08/05/1991 المتضمن تنظيم المحضر القضائي، أصبحت مهمة تكليف الخصم بالحضور في مثل هذه القضــايا يكـون عن طريقـه.

وتبعا لذلك فإن الأمر الاستعجالي يصدر متضمنا كما هو الحال في الأحكام العادية عبارة  الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، باسم الشعب الجزائري، أسماء الأطراف،  اسم القاضي والمحكمة وأمين الضبط وتاريخ الجلسة، وقائع الدعوى في إيجاز ووضوح وبيان ما قدمه الأطراف من طلبات ودفوع وأدلة واقعية وحجج قانونية وأسباب الحكم ومنطوقه وإمضاء الرئيس وكاتب الجلسة ويجب أن يكون تسبيب الأمر وافيا بالقدر الذي يتطلبه الفصل في القضايا الاستعجالية .

وفي حالة الضرورة القصوى فإنه يجوز للرئيس حتى قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب المسودة الأصلية للأمر عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية، ولكن لا يجوز للقاضي الحكم بذلك إلا إذا طـلب منه ويجـوز إعطاء صورة بسيطة من نسخة الأمر لأي شخص يطلبها، أما الصورة التي يكون التنفيـذ بموجبها فإنها تذيـل بالصيغة التنفيذية ولا تعطى إلا لمن استفاد منه، كما أنها تسلم مرة واحدة حتى لا يتكرر تنفيذ الأمــر.

*التبليغ:

يجب أن يكون تبليغ التكليف بالحضور طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 22 والتي تحدد بدقة الجهة التي تتولى تسليم التكليف بالحضور من جهة، والجهة التي يسلم فيها من جهة أخرى.

وإذا كان المطلوب تبليغه في الخارج فيتعين تكليفه عن طريق ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 22، كما يتعين لكي يكون التبليغ صحيحا أن يسلم إلى أحد من ذكرتهم المادة 23 وأن يكون هذا التكليف ضمن ظرف مغلق. أما إذا استحال تسليم التكليف بالحضور فيتعين تطبيق أحكام المادة 24 من قانون الإجراءات المدنية، إن كل إجراء من هذه الإجراءات إذا لم يحترم بدقة يؤدي إلى بطلان القرار الاستعجالي.

والفرق الوحيد بين تطبيق إجراءات التبليغ في القضاء العادي و القضاء الاستعجالي هو أنه أمام هذا الأخير يمكن حسب خطورة الوضع أن يحدد رئسي المحكمة الوقت الذي يتأتى معه الحماية المطلوبة( ومع ذلك فإن المهل المنصوص عليها في المادتين 24و26 يمكن تقصيرها وفقا لظروف المادة 185 من القانون المذكور).

الفرع الثاني

البت في إشكالات التنفيذ

الأصل أن التنفيذ واجب لكل حكم أو سند أو عقد رسمي عليه صيغة التنفيذ إلا أنه قد تقوم منازعات قانونية أو قضائية أثناء التنفيذ لو صحت لأثرت عليه، إذ يترتب على الحكم فيها أن يصبح التنفيذ جائزا أو غير جائز، صحيحا أو باطلا، وكل منازعة يترتب عليها الأثر المتقدم تعتبر إشكالا في التنفيـذ[3] .

وفي الدعوى الإستعجالية المتعلقة بإشكالات التنفيذ والتي نصت عليها المادة 183/2 من قانون الإجراءات المدنية فإن المدعي طالب الإشكال يعفى من تقديـم العريضة لأن الاستشكال يدونه القائم بالتنفيذ في محضر الإشكال ويخبر كلا من طالب التنفيذ وطالب الإشكال عن يوم وساعة حضورهمـا أمـام قـاضي الاستعجــال .

ولقبــول الإشكال في التنفيذ لا بد من توافـر الشـروط التــالية :

1-      أن يكون الإشكال قد رفع قبل تمام التنفيــذ[4].

2-       أن يكون المطلوب الحكم به هو إجراء وقتي أو تحفظي لا يمس موضوع الحقوق المتنازع عليها.

3-      أن القاضي عند الحكم في إشكالات التنفيذ يتقيد بنفس القيود والأوضاع التي تحد من اختصاص المحكمة المدنية التابع هو لـها.

بتوافر هذه الشروط فإنه لا يجوز لقاضي الاستعجال التخلي عن الفصل في الإشكالات المطروحة عليه وأن لا يقضي بعدم اختصاصه، ومن تطبيقات المحكمة العليا حول اشكالات التنفيذ قرارها المؤرخ في 07/10/1998 تحت رقم 383 207 والذي جاء فيه أنه: “من المقرر قانونا أن الأوامر التي تصـدر في المواد المستعجلـة لا تمس أصل الحق.”

يستفاد من- قضية الحال- أن قضاة الاستعجال لما أمروا بتأييد الأمر المستأنف مبدئيا وتعديلا له قضوا بأن يقع التنفيذ على الطابق العلوي فقط من السكن المتنازع عليه فـإنهم قد أساءوا تطبيق القانون، إذ كان عليهم أن يقتصر قضاءهم على الاستمرار في التنفيـذ إن لـم

يوجد إشكال أو وقفه إن ثبت ذلك ولا يسوغ لهم أن يفصلوا في نزاع قد حسمه قضاة الموضوع، مما يجعلهم قد خرقوا أحكام المادتين 183 و 186 من قانون الإجراءات المدنيـة وعــرضوا قرارهـم للنقض الجزئي[5].

وقرار أخر مؤرخ في 18/04/1992 تحت رقم 105.320 جاء فيه أنه: “من المقرر قانونا أنه عندما يتعلق الأمر بالبث مؤقتا في إشكالات التنفيذ فعلى المحضر القضائي المعني أن يحرر محضرا بالإشكال المعروض ويخبر الأطراف بضرورة الحضور أمام قاضي الأمور المستعجلة للفصل فيها. وعند الأمر بوقف تنفيذ قرار قضائي يتوجب أن يكون لمدة مؤقتة ومعينة أو لـشرط مقبول قانونــا.

ولما ثبت من -قضية الحال- أنه تم نشر دعوى قضائية ثانية، خاصة بالإشكال المطروح وفصل فيه قضاة الموضوع بقرار يقضي بوقف التنفيذ دون تحديد مدة معينة فإنهم بذلك تجاوزوا اختصاصهم لكون الإشكال في التنفيذ من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة من جهة، وبإغفالهم الإشارة إلى مدة الوقف أو الشرط المقبول قانونا فإنهم تجاوزوا سلطتهم من جهة ثــانية[6].

وتجدر الإشارة إلى أن إشكالات التنفيـذ التي ينظرها قاضي الاستعجال خارج المحكمة أو في منزلـه وذلك في أيام العطل الرسمية والأعياد مثلا، فإن ذلك يمكن المحضر المكلف بالتنفيـذ أن يتولى مهمة كاتب الجلسة بعد أن يحلف اليمين القانونية بأن يؤدي مأموريته بالصدق والأمانة ويثبـت الأسباب والمنطوق في أخر محضـر الجلسة الذي يقوم به المحضر ويوقع عليه من القاضي ثم تسلم الأوراق لقلم الكتـاب ليتولى قيد الدعوى في السجل المعد لذلك.

المراجع

[1] المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية في شطرها الثاني تنص على :” فإن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى .”
[2] المادة 184/2 من قانون الإجراءات المدنية تنص على: ” ويحدد القاضي فورا تاريخ الجلسة، ويمكنه في حالة الاستعجال أن يأمر بدعوة الأطراف في الحال والساعة.”

[3]- الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، المرجع السابق ،ص : 110 .
[4] قرار رقم 245905 مؤرخ في 17/01/2001 ، المجلة القضائية لسنة 2003 ، عدد 01 ، ص: 180.
[5]  المجلة القضائية لسنة 1999، عدد 01، ص : 108 .
[6] المجلة القضائية لسنة 1995، عدد 02 ، ص : 110 .