آثار انقطاع المحامي المتمرن عن ممارسة التمرين

الأستاذ النقيب الطيب بن لمقدم
محام بهيئة الرباط (الخميسات)

مقدمـة :

المحامي المتمرن يخضع لفترة تدريبية مدتها ثلاث سنوات ، بعد تقييده بلائحة المحامين المتمرنين ،في هيئة من هيئآت المحامين بالمغرب .
ويكون هذا التدريب بمكتب محام لا تقل أقدمية تسجيله بجدول المحامين الرسميين عن خمس سنوات، وذلك فضلا عن المواضبة على حضور ندوات التمرين المنضمة من طرف مجلس الهيئة ، وكذا التردد على المحاكم لحضور الجلسات بها (المادة 14 من قانون المحاماة ) .
وخلال فترة التمرين هذه ، قد تعتري المحامي المتمرن ظروف قد تكون صحية أو علمية أو خدمة وطنية ..تحول بينه وبين اتمام فترة التمرين ؛ أي ان هذه العوامل تؤدي به الى الإنقطاع عن ممارسة التمرين.وكمثال على دلك؛الحالة التي عرضت على مجلس هيئة المحامين بالرباط بشأن طلب انقطاع محامية متمرنة عن ممارسة التمرين لإتمام العلاج بفرنسا من حالة مرضية مستعصية …وهذا الطرح لهذه الحالة ترك أعضاء مجلس الهيئة في دوامة من النقاش بغاية ايجاد حل لهذه المشكلة . وفي اعتقادي ان هذه المشكلة تطرح لأول مرة على هيئة المحامين بالرباط ، والحال أن النصوص القانونية في قانون المحاماة المغربي،لا تسعف لإيجاد حل لهذه المشكلة ،الشيئ الذي يجلنا نتساءل عن ما هي آثار عوامل الإنقطاع هذه على التمرين؟.وما هو دور مجلس هيئة المحامين في هذه الحالة ؟.

وللجواب على هذا التساؤل لابد من استعراض مضمون قانون مهنة المحاماة في هذا الشأن من جهة (/) مع اقتراح حل لهذه الحالة من جهة اخرى مستعينين في ذلك ببعض التشريعات الخاصة بمهنة المحاماة في البلاد العربية (//) .

(/) مضمون قانون المحاماة بشأن الإنقطاع عن التمرين :

حالة أو حالات الإنقطاع عن ممارسة التمرين ، لم تشر اليها تشريعات المحاماة في البلاد العربية ، لا في قوانين المحاماة ولا في أنظمتها الداخلية . وكل ما أشارت اليه هذه القوانين هي النتيجة المترتبة عن الإنقطاع عن التمرين: من تمديد لفترته أو عدم التمديد ، ومن التشطيب على اسم المحامي المتمرن من الجدول أو اللائحة ، ومن وقف التمرين [1] .
في قانون المحاماة في سورية :
ففي قانون المحاماة بسورية وبالضبط في النظام الداخلي لنقابة المحامين بها فان انقطاع المتمرن عن المواضبة على مكتب استاذه دون عذر مقبول أو دون اعلامه في حالة الضرورة ، اخبار مجلس الفرع بذلك من طرف الأستاذ المشرف على التمرين (م 26 ) وعندها يوجه رئيس الفرع الى المحامي المتمرن ،كتابا يستوضح فيه عن سبب الإنقطاع ، ويتخذ مجلس الفرع على ضوء جوابه قرارا باحتساب أو عدم احتساب مدة الإنقطاع من مدة التمرين (م 27) .

في قانون المحاماة بالأردن :
وفي قانون المحاماة بالأردن ، فان النظام الداخلي لنقابة المحامين النظاميين لسنة 1966 وكذلك
النظام الداخلي للمحامين المتدربين رقم 71 لسنة 1974 أوضحا أنه في حالة انقطاع المحامي
المتدرب عن الحضور وعن المواضبة على التدريب بصورة مرضية ، فان لمجلس النقابة إضافة المدة التي يراها مناسبة الى مدة تدريبه أو عدم إضافتها ، وفي حالة الإنقطاع عن التدريب نهائيا أو تكرر الإنقطاع ، فيجوز له شطب اسمه من جدول المحامين المتمرنين أو إطالة مدة التدريب لمدة تعادل فترات الإنقطاع [2] .

ج- في قانون المحاماة بلبنان :

أما في قانون المحاماة بلبنان ، فان النظام الداخلي لنقابة المحامين في بيروت أشار الى أن انقطاع المتدرج عن متابعة تدرجه دون عذر مقبول ، يوجب على صاحب المكتب أن يعلم مجلس النقابة تحت طائلة المسؤولية المسلكية ، وحينها يعرض النقيب الأمر على مجلس النقابة الذي يحق له اتخاذ قرار وقف تدرج المتدرج عند الإقتضاء ، وكذلك الأمر اذا لم يبين سبب الإنقطاع . وفي حالة عدم العثور على المتدرج يعرض الأمر على المجلس لإتخاذ القرار الملائم بشأن وقف التدرج. غير أنه يحق للمتدرج التعرض على هذا القرار بعد تبليغه داخل أجل خمسة عشر يوما ، مما يخول حق عودة المتدرج الموقف تدرجه ، الى مزاولة التدرج بقرار من مجلس النقابة ، وتؤدي مدة انقطاعه عن التدرج الى اطالة مدة التدرج بالقدر الذي يرتئيه مجلس النقابة [3] .

د- في قانون المحاماة بالمغرب :

ان المشرع المغربي في قانون المحاماة رقم 28.08 الصادر بتاريخ 20/10/2008 رتب جزاء الإنقطاع عن ممارسة التمرين بتمديد التمرين لنفس مدة الإنقطاع ،وذلك عن كل انقطاع في ممارسة التمرين بدون سبب مشروع (المادة 16 من قانون المحاماة ) . كما أن الإستمرار في الإنقطاع رغم تمديد
فترة التمرين قد يؤدي الى الحذف من لائحة التمرين (م 17 من ق.المحاماة ) .
أما اذا كان سبب الإنقطاع مشروعا ، فان المشرع لم يتعرض لحالاته ولا لنتائجه . فما هو السبب المشروع ؟(أ) وما هي نتائجه المحتملة ؟ (ب) .

أ السبب المشروع للإنقطاع عن التمرين :

من الناحية العملية فانه لم تطرح على هيئآت المحامين بالمغرب – على حد معرفتي – أية حالة للإنقطاع عن التمرين باسبابها المشروعة ، ولهذا السبب فان المشرع في قانون المحاماة لم يتعرض لهذه النقطة في قوانين المحاماة المتعاقبة الى غاية القانون الحالي الصادر سنة 2008 ، وكذلك فان الأنظمة الداخلية لهيئات المحامين بالمغرب هي بدورها لم تتعرض لهذه الأسباب المشروعة ، وأشارت فقط الى أن :” كل انقطاع دون سبب مشروع عن ممارسة التمرين ينتج عنه وجوبا تمديد فترة التمرين لنفس المدة (م 88 من النظام الداخلي لهيئة الرباط ) .

ولعله من الأسباب المشروعة الحالات التالية : الإنقطاع لخدمة العلم سواء في الداخل أو في الخارج ، وكذلك الإنقطاع بسبب مرض قد يطول شفاؤه ، أو الإنقطاع لسفر للخارج بغية الدراسة أو العلاج أو الإنقطاع بسبب القيام بخدمة وطنية ، أو الإنقطاع بسبب قوة قاهرة .
وفي هذا المعنى فقد جاء الفصل 81 من المرسوم رقم 91-1197 الصادر بتاريخ 27/11/1991 الذي ينظم مهنة المحاماة بفرنسا يقول :” لا يمكن للتمرين أن يتوقف لأكثر من ثلاثة أشهر الا برخصة ممنوحة استثناءا من المجلس الإداري للمركز الإقليمي للتكوين المهني . وتكون الرخصة من حق المتمرن عند أدائه لخدمة وطنية ” .

ب النتائج المحتملة للإنقطاع المشروع عن التمرين :

فاذا كان الإنقطاع عن التمرين لأسباب مشروعة حسب الحالات المشار اليها سابقا فما هي نتائج ذلك ؟ .
أعتقد أنه اذا كان الإنقطاع عن مدة المرين تزيد عن ثلاثة أشهر بسبب مشروع ، فان مجلس الهيئة لن يتخذ قرارا بالحذف من لائحة التمرين حتى ولو كان التمديد قد تم فبل ذلك .
أما اذا كان الإنقطاع والإستمرار فيه قد يطول كثيرا بسبب مرض أو متابعة الدراسة بالخارج
مثلا ، فانه ينبغي العمل على توقيف التمرين الى حين انهاء الحالة المرضية أو انهاء الدراسة . ولكن كيف السبيل الى ذلك ؟ .

(//) اقتراح حل لحالة الإنقطاع بسبب مشروع عن ممارسة التمرين :

أعتقد أن على المحامي المتمرن في هذه الحالات من الإنقطاع بسبب مشروع عن ممارسة التمرين، أن يتقدم بطلب الى مجلس هيئة المحامين يشرح فيه ظروف انقطاعه عن ممارسة التمرين حسب الحالات مع اثبات جدية الطلب قصد الإستفادة من ايقاف التمرين ، وبعد دراسة الطلب في مجلس الهيئة والمداولة بشأنه يقرر ايقاف التمرين الى حين انتهاء المدة المطلوبة او المحتملة لإنتهاء الحالة موضوع الطلب .
وفي جميع حالات الإنقطاع عن ممارسة التمرين ، فانه لا يمكن اتخاذ أي مقرر من طرف مجلس
الهيئة ، الا اذا تم الإستماع الى المعني بالأمر لشرح ظروف انقطاعه سواء بصفة تلقائية أو بتوجيه
استدعاء من طرف المجلس .
وينبغي أن يذكر في مقرر المجلس الإيجابي ، تاريخ بداية ايقاف ممارسة التمرين وسببه ومدته ..
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة الى أن النقيب فرنان بالي نقيب المحامين في حلب بسورية ، أشار في مقاله حول التمرين الى هذه الفكرة ، حيث قال :” يمكن لمجلس النقابة ايقاف مدة التمرين بناء على طلب المحامي المتمرن في أحوال معينة ، لخدمة العلم أو بسبب مرض قد يطول شفاؤه أو لسفر للخارج بغية الدراسة الخ ..” [4] .
ونفس هذا الرأي،جاء في الفقرة 3 من القاعدة رقم 13/15 من كتاب دستور المحامين كما يلي:”
يجوز ايقاف مدة التمرين بناء على طلب المحامي المتمرن في أحوال معينة كخدمة العلم أو بسبب مرض قد يطول شفاؤه أو لسفر للخارج بغية الدراسة أو العلاج” [5] .

خاتمـة باقتراح تعديل النظام الداخلي لهيئة المحامين :

وفي الختام لابد من تعديل المادة 88 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط ، وذلك حتى تصير مواكبة لحل مثل المشكل المطروح والمشاكل المشابهة ، كما سبق الإشارة الى ذلك آنفا ، وبذلك نقترح التعديل التالي باضافة فقرة ثالثة الى المادة المذكورة وتعديل الفقرة الرابعة منه كما يلــي :
” يجوز لمجلس الهيئة ايقاف مدة التمرين لسبب مشروع وبطلب من المحامي المتمرن .

” لا يمكن لمجلس الهيئة اتخاذ مقرر الإيقاف أو التمديد الا بعد الإستماع الى المعني بالأمر أو تخلفه عن الحضور ” .

الهوامش
مصطلح “التمرين” في القانون المغربي يسمى في تونس ب”التربص” وفي لبنان ب”التدرج” وفي الأردن ب”التدريب” .[1]
المادة 10/أ من نظام 1966 والمادة 6/أ من النظام رقم 71[2]
المادة 17 و 18 حسب تعديلهما بقرار المجلس رقم 5696 بتاريخ 13/4/1973[3]
اسامة توفيق أبو الفضل ،كنوز المحامين ،ج1 ط2 دار الطليعة الجديدة ، دمشق 2008 ص 361 [4]
اسامة توفيق أبوالفضل ، دستور المحامين ، دار العوام للطباعة والنشر ،سورية ،دمشق 2011 ص 317[5]

الخميسات12 رمضان 1434 (21/7/2013 )