الطعن 131 لسنة 34 ق جلسة 27 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 57 ص 381 جلسة 27 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
—————
(57)
الطعن رقم 131 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. “بيانات الحكم”. دعوى. “شروط قبول الدعوى”. “الصفة”.
بيان الحكم لصاحب الصفة في الدعوى طبقاً للتعديل الذي طرأ عليها. لا خطأ.
(ب) محكمة الموضوع. “سلطة محكمة الموضوع”. “في تقدير جدية المنازعة في تنفيذ الالتزام”.
تقدير جدية المنازعة حول القيام بتنفيذ الالتزامات المترتبة على العقد. مسألة واقع يستقل بها قاضي الموضوع.
(ج) إثبات. “إجراءات الإثبات”. “الإحالة إلى التحقيق”.
عند اقتناع المحكمة من الأدلة المطروحة عليها، لا عليها إن لم تستجب لطلب الإحالة إلى التحقيق.
(د) عقد. “انحلال العقد”. “فسخ العقد”. “أثره”.
سقوط أثر العقد واعتباره كأن لم يكن وعودة العاقدين إلى ما كانا عليه قبل إبرامه، إذا ما فسخ.
(هـ) عقد. “انحلال العقد”. “آثار العقد”. “تنفيذ العقد”. “التنفيذ بطريق التعويض”. “الشرط الجزائي”. شرط جزائي. حكم. “عيوب التدليل”. “القصور”. “ما لا يعد كذلك”. دفاع.
انتهاء الحكم إلى تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً في صدد الآثار القانونية المترتبة على فسخ العقد. عدم رده على ما تمسك به الطاعن من دفاع متعلق بالشرط الجزائي الوارد بالعقد الذي فسخ. لا قصور.

—————-
1 – إذا جاءت عبارة الحكم الابتدائي صريحة في بيان صاحب الصفة في الدعوى طبقاً للتعديل الذي طرأ عليها وأثبت في محضر الجلسة فإنه لا يكون ثمة خطأ في اسم المدعي وصفته.
2 – يعد تقدير جدية المنازعة التي يثيرها أحد المتعاقدين في قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ التزاماته المترتبة على العقد من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى بني استخلاصه على اعتبارات معقولة تبرر النتيجة التي انتهى إليها.
3 – لا على الحكم إن هو لم يجب الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق طالما أن المحكمة اقتنعت من الأدلة المطروحة عليها بعدم صحة الواقعة التي يريد الطاعن إثباتها.
4 – مؤدى نص المادة 160 من القانون المدني أنه إذا فسخ العقد سقط أثره بين المتعاقدين واعتبر كأن لم يكن وأعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه.
5 – لا على الحكم إن هو لم يرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع يتعلق بالشرط الوارد بعقد الصلح بإعمال المادتين 223 و224 من القانون المدني عليه باعتباره شرطاً جزائياً متى كان الحكم قد قرر أن عقد الصلح ذاته المتضمن هذا الشرط قد فسخ وانتهى الحكم إلى تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً في صدد الآثار القانونية المترتبة على هذا الفسخ.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن شركة وادي كوم أمبو التي اندمجت فيما بعد في المؤسسة العامة لإصلاح الأراضي – المطعون ضدها الأولى – أقامت الدعوى رقم 1511 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة ضد الطاعن وقلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية – المطعون ضده الثاني – وقالت في بيانها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 5 نوفمبر سنة 1951 باعت للطاعن 1200 أردب فول محصول سنة 1951 بسعر الأردب 6 ج و410 م كما باعته بمقتضى عقد مؤرخ في ذات اليوم 1100 أردب شعير محصول سنة 1951 بسعر الأردب 3 ج و300 م، ونص في العقدين على التزام الطاعن باستلام الحبوب المبيعة من مخازن الطاعنة بكوم أمبو في مدة لا تتجاوز 45 يوماً من تاريخ التعاقد، ثم باعت له بعقد مؤرخ في 22 نوفمبر سنة 1951 مائتي أردب سمسم محصول سنة 1951 بسعر الأردب 15 ج و250 م التزم الطاعن بأن يقوم باستلامها في ميعاد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ التعاقد، وقد أعدت المطعون ضدها كميات الحبوب المبيعة ونبهت على الطاعن باستلامها فاستلم 384.5 أردب فول فقط وامتنع عن استلام باقي الكمية المتعاقد عليها فأنذرته في 23/ 4/ 1952 بضرورة استلامها وإلا اضطرت إلى بيعها لحسابه مع إلزامه بالتعويضات وفروق الأسعار ومصروفات التخزين والتأمين، وإذ لم يستجب لطلبها فقد أقامت ضده الدعوى رقم 2213 سنة 1952 مستعجل الإسكندرية بطلب الحكم بتعيين خبير لمعاينة الحبوب بمخازنها بكوم أمبو إثبات حالتها وبيعها بالمزاد العلني، وحكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المطلوبة. وأثناء مباشرة الخبير لها أقام الطاعن من جانبه دعوى أمام محكمة القضاء المستعجل بالقاهرة طلب فيها الحكم بندب خبير لمعاينة الحبوب قبل بيعها، كما استشكل في إجراءات البيع التي اتخذها الخبير الذي ندبه الحكم الأول الصادر من محكمة القضاء المستعجل بالإسكندرية. وقد انتهى هذا النزاع بين الطرفين إلى تحرير عقد صلح مؤرخ في 23/ 11/ 1953 اتفقا فيه على تعديل الأسعار الواردة بعقود البيع الثلاثة السالفة البيان وعلى أن يلتزم الطاعن باستلام كميات الفول والشعير والسمسم في مدة لا تتجاوز 45 يوماً من تاريخ عقد الصلح وعلى أنه إذا أخل الطاعن بالتزاماته الواردة في هذا العقد فإنه يصبح لاغياً وكأن لم يكن بدون تنبيه أو إنذار ويعود الوضع إلى ما كان عليه قبل إبرامه، وإذ مضت مدة الخمسة والأربعين يوماً ولم يقم الطاعن إلا باستلام 250 أردب فول فقط وتأكد بذلك إخلاله بتنفيذ عقد الصلح، فقد أقامت الدعوى رقم 204 سنة 1954 مستعجل القاهرة الحكم بصفة مستعجلة ببيع المحاصيل موضوع العقود الثلاثة، وقضت المحكمة بإقامة حارس لإجراء البيع وإيداع الثمن خزانة المحكمة، وقام الحارس بالبيع وأودع مبلغ 4024 ج و590 م وهو صافي الثمن بخزانة محكمة القاهرة الابتدائية التي يمثلها المطعون ضده الثاني. واستطردت المطعون عليها الأولى إلى القول بأن عقد الصلح يعتبر مفسوخاً استناداً إلى ما ورد به من شرط فاسخ صريح وأنه يجوز لها المطالبة بجميع حقوقها الواردة بعقدي 5 نوفمبر سنة 1951 و22 نوفمبر سنة 1951، وهذه الحقوق تشمل مبلغ 4024 ج 590 م تمثل صافي ثمن بيع المحصولات الذي أودعه الحارس ومبلغ 2036 ج 859 م يمثل الفرق بين ثمن ما بيع به الفول بمعرفة الحارس وبين الثمن المتفق عليه بالإضافة إلى مصروفات التخزين والتأمين ومبلغ 3189 ج و250 م يمثل الفرق بين ثمن ما بيع به الشعير وبين الثمن المتفق عليه بالإضافة إلى مصروفات التخزين والتأمين ومبلغ 1652 ج و800 م يمثل الفرق بين ثمن ما بيع به السمسم وبين الثمن المتفق عليه بالإضافة إلى مصروفات التخزين والتأمين، وانتهت المطعون ضدها الأولى إلى طلب الحكم (أولاً) بفسخ عقد الصلح المؤرخ 23 نوفمبر سنة 1953 واعتباره كأن لم يكن (ثانياً) بأحقيتها في صرف مبلغ 4024 ج و590 م المودع خزانة المحكمة. (ثالثاً) بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 6881 ج و909 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. (رابعاً) بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 1177 ج و410 م يمثل قيمة رسوم الدعوى رقم 204 سنة 1954 مستعجل القاهرة وأمانة ومصروفات وأتعاب الحارس المعين فيها. وبتاريخ 8/ 11/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) باعتبار عقد الصلح المؤرخ 13 نوفمبر سنة 1953 مفسوخاً. (ثانياً) بأحقية المطعون ضدها الأول في صرف مبلغ 4024 ج و590 م المودع خزانة محكمة القاهرة الابتدائية. (ثالثاً) بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 3992 ج و619 م والفوائد بواقع 5% سنوياً. (رابعاً) بإلزام الطاعن أيضاً بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 1177 ج و410 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 844 سنة 79 ق القاهرة، وفي 31/ 12/ 1963 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة لقلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية – المطعون ضده الثاني – وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع أن الطاعنة لم تقم بإعلان تقرير الطعن للمطعون ضده الثاني في الميعاد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 27 فبراير سنة 1964 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965، وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بهذا الإعلان خلال هذا الميعاد، وكانت الأوراق خالية أيضاً مما يثبت أن الطاعن قام بإعلان الطعن في الميعاد الذي انفتح بعد ذلك بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي تقتضيها نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وكان هذا الميعاد الجديد طبقاً لما تقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1967 المشار إليه هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11/ 5/ 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن وقتئذ قد طرحت على المحكمة ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة بجلسة 26/ 12/ 1967. لما كان ما تقدم فإنه يتعين – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات المشار إليها والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل السبب الأول منها الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الدعوى رفعت أصلاً من شركة وادي كوم أمبو التي يمثلها مديرها وعضو مجلس إدارتها المنتدب، إلا أنه بجلسة 4/ 10/ 1962 قرر المحامي الذي كان يحضر عن الشركة أنها اندمجت في المؤسسة العامة لإصلاح الأراضي وحضر عن هذه الأخيرة بذات الجلسة من يمثلها قانوناً مما كان يتعين معه صدور الحكم الابتدائي لصالح من له الصفة وهي المؤسسة، إلا أنه صدر لصالح شركة وادي كوم أمبو دون ملاحظة ما طرأ عليها من تغيير، وعلى الرغم من أن الطاعن تمسك ببطلان الحكم الابتدائي لهذا السبب أمام محكمة الاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه رفض القضاء به فجاء بذلك لنص مخالفاً لنص المادة 349 مرافعات التي ترتب البطلان على الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أنه أثبت فيه أنه صادر في الدعوى رقم 1511 سنة 1956 تجاري كلي مصر المرفوعة من “شركة وادي كوم أمبو – شركة مساهمة مصرية – المندمجة في المؤسسة العامة لإصلاح الأراضي”. وإذ جاءت عبارة الحكم الابتدائي على هذا النحو صريحة في بيان صاحب الصفة في الدعوى طبقاً للتعديل الذي طرأ عليها وأثبت بمحضر جلسة 4/ 10/ 1962، فإنه لا يكون ثمة خطأ في اسم المدعي وصفته. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة وقضى برفض الدفع ببطلان الحكم الابتدائي الذي أثاره الطاعن في هذا الخصوص، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قضى باعتبار عقد الصلح المؤرخ 23 نوفمبر سنة 1953 مفسوخاً ورفض الدفع بعدم التنفيذ الذي تمسك به الطاعن واستند فيه إلى أن رفضه استلام الحبوب كان بسبب أن الشركة المطعون ضدها لم تقم بالتزامها بالنسبة لدرجة النظافة المتفق عليها بالعقد، ورد الحكم على هذا الدفع بأن المطعون ضدها الأولى أنذرت الطاعن بالاستلام ولم يرد عليها، كما أن الطاعن أقر بعقد الصلح بأنه عاين المحاصيل وتعهد باستلامها بحالتها، ولم يعترض على درجة نظافتها بالطريق القانوني. وهذا من الحكم لا يصلح سبباً لرفض الدفع لأن الإنذار سابق على محضر الصلح ولأن المطعون ضدها الأولى لم تسلم المحاصيل التي عاينها الطاعن واستبدلت بها محاصيل السنوات التالية لسنة 1951 والتي تقل درجة نقاوتها عن 23 قيراطاً ولأن القانون يتطلب إنذاراً رسمياً أو خطاباً موصى عليه يسبق التمسك بالدفع بعدم التنفيذ. هذا إلى أن الحكم أخل بحق الدفاع إذ رفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أن المحاصيل ليست من محصول سنة 1951 وأن درجة نقاوتها تقل عن المتفق عليه بالعقد.
وحيث إن هذا النعي بسببه مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم التنفيذ على عدم جدية منازعة الطاعن بشأن درجة نظافة المحصول والسنة التي نتج فيها واستخلص ذلك بما أورده في قوله “رفعت الشركة الدعوى رقم 2213 سنة 1952 مستعجل الإسكندرية… وطلبت تعيين خبير لمعاينة الحبوب وإثبات حالتها ثم بيعها بالمزاد العلني… وقد أثبت الخبير في نشره البيع للحبوب التي أعدها بعد المعاينة ومناقشة الطرفين أن الحبوب محصول سنة 1951، وأن المستأنف – الطاعن – أقر بعقد الصلح المؤرخ 23/ 11/ 1953 أنه عاين الكميات المبيعة الباقية من الصفقة محفوظة في مخازن الشركة… وتعهد باستلامها بحالتها التي يقرر بها علماً تاماً نافياً للجهالة وأنه تعهد باستلامها في مدة لا تتجاوز 45 يوماً… وأنه بمطالعة أوراق الدعوى رقم 204 سنة 1954 مستعجل القاهرة… والتي قضى بها بتعيين حارس لبيع الحبوب، يتبين أن المستأنف لم يثر أية منازعة بخصوص سنة المحصول أو درجة النظافة”. وانتهى الحكم من ذلك إلى القول “أن منازعة المستأنف في سنة المحصول وفي درجة النظافة منازعة لا تتسم بالجدية مما لا ترى معه المحكمة محلاً لإجابة المستأنف إلى طلب التحقيق”. ولما كان تقدير جدية المنازعة التي يثيرها أحد المتعاقدين في قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ التزاماته المترتبة على العقد يعد من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى بني استخلاصه على اعتبارات معقولة تبرر النتيجة التي انتهى إليها، وكان ما أورده الحكم من قرائن – على النحو السالف بيانه – يؤدي إلى أن الشركة المطعون ضدها لم تقتصر في تنفيذ التزاماتها، فإن الحكم إذ رفض الدفع الذي تمسك به الطاعن بعدم التنفيذ لا يكون قد خالف القانون، ولا عليه إن هو لم يجب الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق طالما أن المحكمة اقتنعت من الأدلة المطروحة عليها بعدم صحة الواقعة التي يريد الطاعن إثباتها.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الأثر المترتب على فسخ عقد الصلح هو عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرام هذا العقد، وإذ كانت المحاصيل بمخازن الشركة عند وقوع الفسخ، فإن الشركة تكون هي المسئولة عن تخزينها وصيانتها وبيعها، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ تطبيق القانون إذ ألزم الطاعن بفروق الأسعار وبأتعاب الحارس وإجراءات المزايدة، ذلك أن هذه الإجراءات قد تمت لحساب وتحت مسئولية الشركة المطعون ضدها بعد أن انفسخ عقد الصلح تلقائياً وعادت الحالة إلى ما كانت عليه قبل إبرامه. وأضاف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله وأنه وإن اشترط في البند السابع من عقد الصلح المؤرخ 23/ 11/ 1953 بأنه في حالة إخلال الطاعن بالتزاماته الواردة بهذا الصلح يصبح من حق المطعون ضدها المطالبة بجميع حقوقها على أساس العقود الأصلية المحررة في 5 و12/ 11/ 1951، إلا أن هذا الشرط لا يفيد أن هذه العقود تسترد قوتها في حالة الإخلال بالتزامات الواردة بعقد الصلح وإنما هو شرط جزائي يخضع لحكم المادتين 223، 224 من القانون المدني فيجوز للقاضي تخفيض التعويض الوارد به إذا كان مبالغاً فيه لدرجة كبيرة، وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادة 160 من القانون المدني أنه إذا فسخ العقد سقط أثره بين المتعاقدين واعتبر كأن لم يكن وأعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه. وإذ قرر الحكم المطعون فيه بأن الأثر المترتب على فسخ عقد الصلح المؤرخ 23/ 11/ 1953 هو العود بالطرفين إلى مركزهما الأول المحدد بعقود البيع الأصلية ثم أعمل مقتضى هذه العقود فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا عليه بعد ذلك إن هو لم يرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع يتعلق بالشرط الوارد بعقد الصلح وبإعمال المادتين 223 و224 من القانون المدني عليه باعتباره شرطاً جزائياً، ذلك أنه وقد قرر الحكم أن عقد الصلح ذاته المتضمن هذا الشرط قد فسخ وانتهى الحكم إلى تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً في صدد الآثار القانونية المرتبة على هذا الفسخ، فإن النعي على الحكم بالقصور في الخصوص يكون على غير أساس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .