مفهوم الاعتراف بالدول

الاعتراف بالدولة الجديدة هو التسليم من جانب الدول القائمة بوجود هذه الدولة وقبولها كعضو في الجماعة الدولية وهو اي الاعتراف اجراء مستقل عن نشأة الدولة فالدولة تنشأ باجتماع العناصر اللازمة لتكوينها واذا انشأت ثبتت لها السيادة على اراضيها وعلى رعاياها لكنها لا تتمكن من ممارسة هذه السيادة في الخارج ومباشرة حقوقها في مواجهة الدول الاخرى الا اذا اعترفت هذه الدول بوجودها .

وقد عرف معهد القانون الدولي في دورة انعقاده في بروكسل سنة 1936 الاعتراف بالدولة الجديدة على انه ( هو عمل حر تقر بمقتضاه دولة او مجموعة من الدول وجود جماعة لها تنظيم سياسي في اقليم معين مستقلة عن كل دولة اخرى وقادرة على الوفاء بالتزامات القانون الدولي وتظهر الدول بالاعتراف بها في اعتبار هذه الدولة عضوا في الجماعة الدولية ) ، كما ان الاعتراف تم تعريفه في ميثاق يوغوتا الذي وقعته الدول الامريكية عام 1948 في المادة العاشرة بقولها ( يستلزم الاعتراف ان تقبل الدولة التي منحته شخصية الدولة الجديدة وما منحه القانون الدولي لها من حقوق وواجبات ) وبناء عليه فان الاعتراف هو الذي يقرر مشاركة الدولة الجديدة في العلاقات الدولية مع الدول المعترفة بها .

واستنادا الى اراء الفقهاء فان الدولة تعد شخصا من اشخاص القانون الدولي العام متى توافرت لها اركانها وان الاعتراف يقتصر اثره على تمكين الدولة من الدخول في علاقات مع الدول الاخرى وقد انضوت هذه الاراء تحت نظرية الاعتراف الاقراري او الكاشف وبموجبها فان عدم اعتراف دولة او اكثر بدولة جديدة لا يترتب عليه عدم تمتع الدولة بشخصية القانون الدولي بل يترتب عليه فقط عدم قيام علاقات دولية بين الدولة الجديدة والدول التي ترفض الاعتراف بها .

وتعد هذه النظرية اقرب الى المنطق القانوني ومقتضيات العدالة لذلك جرى العمل على اعتمادها ، تنص المادة التاسعة من ميثاق يوغوتا لعام 1948 على انه (وجود الدولة السياسي مستقل عن اعتراف الدول بها ) كما اكد القرار الصادر عن معهد القانون الدولي على اعتماد هذه النظرية حيث ينص على انه (الاعتراف بالدولة الجديدة عمل اختياري بمقتضاه تشهد دولة او عدة دول بوجود جمع من الناس يقيمون في اقليم محدد ويخضع لنظام سياسي مستقل عن جميع الدول وقادر على الالتزام بالواجبات التي ينص عليها القانون الدولي)، وبذلك يكون الاعتراف عبارة عن ( انصراف ارادة الدول الى ادخال الدولة الجديدة عضوا في الجماعة ) وبناء عليه فان الاعتراف هو عمل كاشف لا يجوز ان ينتقص التصريح به من الدولة او الدول من الاثار القانونية الناشئة عن وجود الدولة الجديدة .

وقد اتجه القضاء الداخلي الى الاخذ بهذه النظرية ايضا فقد جاء في القرار الذي اصدرته المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية سنة 1808 ان (سيادة الدولة الجديدة تعد سابقة على الاعتراف ومستقلة عنه ) وكانت محاكم التحكيم المختلطة قد سارت على نفس النهج فقد جاء في الحكم الذي اصدرته محكمة التحكيم بين المانيا وبولونيا عام 1929 بشأن الاعتراف بدولة بولونيا سنة 1919 على ان (الاعتراف كما ترى جمهرة الفقهاء الدوليين بحق ليس عملا منشئا بل هو مجرد اجراء كاشف ،اذ ان الدولة توجد بذاتها والاعتراف ليس سوى تصريح بهذا الوجود يصدر من الدولة المعترفة ) .

ومن ابرز القائلين بهذه النظرية هم بونفيس ولوريمر وبيلي انصار القانون الطبيعي وكلسن من انصار مدرسة القانون المجرد وجورج سل من انصار مذهب التضامن الاجتماعي .

المحامية: ورود فخري