بحث قانوني حول المفهوم اقانوني للعقد و أركانه و تقسيماته

العقد وفقا للقانون المدني البحريني
جامعة المملكة

كلية الحقوق
بحث بعنوان:

العقد

إعداد

عمر راشد جاسم العليوي

القانون المدني البحريني
مصادر الالتزام
التاريخ:10/3/2008
الفهــــــــــــــــرس

المقدمــــــــــــة
المبحث الأول:ماهيـــــة العقـــــــد
المطلب الأول:مفهــــــــــــــوم العقــــــــــــــــد
الفرع الأول :تعريــــــــــــــــف العقــــــــــــــــد
الفرع الثاني :مجـــــــال العقــــــــــد و نطاقــــــه
الفرع الثالث :مبـــــــدأ سلطــــــــــان الإرادة
المطلب الثاني:أركـــــــــــــــان العقـــــــــــــــــد
الفرع الأول :التراضـــــــــــــــــــــي
الفرع الثاني:المحــــــــــــــــــــــــل
الفرع الثالث:الســــــــــــــبـب
المبحث الثاني: تقسيمـــــات العقـــــــود
المطلب الأول: تقسيــــم العقــــود من حيث التسميــــــة والتكويــــــــــن.
الفرع الأول: مـــن حيـــث التسميـــــــة
الفرع الثاني:مـــن حيـــــث التكويــــــــــن
الخاتمــــــــــــــــــــــة
المراجــــــــــــع
***************************************

مقدمــــــــــــــة

التصرف بالمعنى الفقهي هو كل ما يصدر عن شخص بإرادته، ويرتب الشرع عليه نتائجحقوقية.

وهو نوعان:-

1. فعلي وقولي: فالتصرف الفعلي هو ما كان قوامه عملاً غير لساني،كاستلام المبيع، و قبض الدين، وما شابه ذلك.

2. التصرف القولي نوعان: عقدي، وغيرعقدي.

وإن العبرة في تمييز التصرف القولي عن الفعلي إنما هي لطبيعة التصرف وصورتهلا لمبناه الذي بني عليه. فلذا كان دفع الثمن وتسلم المبيع تصرفاً فعلياً ولو أنهمبني على عقد البيع.

و لا تخلو الحياة اليومية لكل فردمن الأفراد من التصرفاتالتي تكتسي صبغة خاصة فيتصف جانب من هذه المعاملات بأنها مصادر إرادية منشئةللالتزام و أخرى توصف بأنها مصادر غير إرادية وقد قسم الفقهاء المصادر الإرادية إلىالإرادة المنفردة و العقد. و هذا الأخير هو الذي تتمحور عليه دراستنا هذه، فماالمقصود بالعقد؟ ما هي مجالاته؟ و ما هو الأساس الذي يقوم عليه؟

و لمعالجة هذهالتساؤلات سنحاول في القسم الأول تبيان ماهية العقد من خلال إعطاء مفهوم له ولمجاله و الركائز التي يقوم عليها، أما في القسم الثاني و لكوْن أن هناك الكثير منأنواع العقود كعقود البيع والهبة و المقايضة و تأسيس الشركات وعقود الوكالاتالتجارية وعقود المقاولات و عقود الأشغال العامة وعقود الإدارة والتشغيل والصيانة وعقود تقديم الخدمات الاستشارية وعقود العمل وعقود التأمين وعقود الإيجار واتفاقياتالقروض وعقود الرهن العقاري وعقود التجارة الدولية و الاعتماد المستندي وعقوداستئجار السفن أو الطائرات والكثير من أنواع العقود الأخرى التي لم نجد لها تسمية،فإننا سنحاول ربطها ببعضها البعض بالنظر للقواسم المشتركة التي تجمعها و الخصائصالمتماثلة التي تحتويها، وإعطاء التقسيمات التي اتفق بشأنها أغلب الفقه، و منالبديهي جدا أن عدم المقدرة على إحصاء كل أنواع العقود يجرنا حتما إلى عدم القدرةعلى حصر تقسيماتها.

المبحث الأول ماهيــة العقـــد

لقد وضع الفقهاء و الشراح موسوعات عديدة تناولت تفسير و شرح هذا النظام المحكم الذييعرف باسم “العقد” لما له من أهمية في خلق معادلة متوازنة بين أطرافه على اعتبارهالضابط الرئيس لأسس المعاملات التي تجري في مختلف الميادين، و سنحاول قدر الإمكانتسليط الضوء عليه من خلال إعطاء مفهوم له و كذا أسسه و أركانه.

المطلب الأول مفهـــوم العقـــــــد

من الناحية النظرية، وقبل إعطاء مفهوم للعقد لابد من معرفة معنى الالتزام، فيعرفبأنه “سلطة لشخص على آخر محلها عمل أو الامتناع عن عمل ذي قيمة مالية أو أدبية،بمقتضاها يلتزم شخص نحو شخص آخر موجود أو سيوجد(1) ، و تتبلور هذه السلطة في شكلعقد يبرمه الدائن و المدين فيصبح الطرفان متعاقدان و العقد شريعتهما.

الفرع الأول تعريـــــف العقــــــــد

تطلق تسمية العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، وتستعملأيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمةللربط المعنوي للكلام أو بين الكلاميين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيءأُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق،والضمان،وكلما يُنشئ التزاما.
فعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاًكان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، بما يتصل بمعنى الربطوالتوثيق.(2)
والعقد اصطلاحا هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني،سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه.
وعرّفه المشرعالبحريني بقوله ” العقد هو اتفاق يتم بإيجاب وقبول بقصد إحداث أثر قانوني معين”(3) فمن هذاالتعريف، يتضح لنا بأن القانون المدنـي البحريني قد سار مسار القانـون المدنيالفرنسي في تعريف العقد بترجمة حرفية لنص المادة 1101، حيث جمع بين تعريف العقدوالالتزام.

1-د.محمد صبري السعدي، النظرية العامة للالتزامات (مصادر الالتزامفي القانون المدني الجزائري) ، ج1، دار الكتاب الحديث، الجزائر، 2003, ص 111-112.
2-د.محمد صبري السعدي, نفس المرجع , ص 120-121 .
3-المادة {29} قانون المدني البحريني .

الفرع الثاني مجال العقد و نطاقه

يتحدد مجال العقد بالاتفاقات المنشئةللالتزامات بين أشخاص القانون الخاص، فتخرج من مجاله الاتفاقات المتعلقة بفروعالقانون العام كالمعاهدة وهي اتفاق بين دولة ودولة أخرى وتحكمها قواعد القانونالدولي، والنيابة البرلمانية وهي اتفاق بين النائب وناخبيه وتحكمها قواعد القانونالدستوري، والوظيفة وهي اتفاق بين الحكومة والموظف وتحكمها قواعد القانون الإداري.

غير أنه حتى في مجال القانون الخاص تقتصر منطقة العقد على الاتفاقات المتعلقةبالذمة المالية، فنستبعد من مجاله الاتفاقات المتعلقة بروابط الأحوال الشخصيةكالزواج، لأن الزواج ولو أنه، اتفاق بين الزوجين، إلاّ أن القانون وحده هو الذييحدد آثاره، ولذا لا يعتبر عقداً بالمعنى الصحيح.

الفرع الثالث مبدأ سلطان الإرادة

إذا كان العقد، عبارة عن توافق أو اتفاق يقوم بين شخصين أو أكثر فهذا يعني أن إرادةأطراف العقد هي صاحبة السلطان الأكبر في تكوين العقد وفي تحديد الآثار التي تترتبعليه، لكن إلى أي مدى تعتبر هذه المقدمة صحيحة ؟

يذهب أنصار مبدأ سلطان الإرادة،إلى أن الإرادة الحرة الواعية هي أساس كل اتفاق، فهي العنصر الجوهري في تكوينالعقد، وهي العنصر الجوهري في تحديد الآثار التي تترتب عليه كيفما يريد أطـرافالعقد، مادامت هذه الإرادة لم تخرج في ذلك عن أوامر القانون ونواهيه. و أساس ذلكيرجع إلى منطلق أصحاب مبدأ سلطان الإرادة.
والذين يرون أن النظام الاجتماعي لايقوم إلا على أساس الفرد ومدى حريته في إبرام التصرفات القانونية وتحديد مضمونها وبالتالي لابد أن يستمر الجميع لخدمة هذا الفرد فالفرد هو غاية القانون وهو الذي يجبحمايته لا العكس.

و يترتب على هذا الاتجاه المبدآن الآتيان:

المبدأ الأول:- أن كل الالتزامات، بل جميع النظم القانونية ترجع في مصدرها إلى الإرادة الحرة دونحاجة لأي إجراء أو شكل خاص يفرضه القانون وهذا عكس ما كان عليـه الحال في القانونالروماني، الذي كان يشترط لينتج التعبير عن الإرادة أثره القانوني أن ينصب في قالبمعين من الأشكال والألفاظ التي يحـددها القانـون وإلا كان التصـرف القانوني باطلابطلانا مطلقا.

المبدأ الثاني:- إن الإرادة وحدها التي تحـدد جميع الآثار التي تترتب على كافة العلاقات والروابطالقانونية التي تنشأ بين الأفراد. إلا أن هذا المبدأ سرعان ما بدأ يختفي بَريقهأمـام التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي أصابت المجتمعات والتي أدت إلى ظهورالمذاهب

الاشتراكية والتي تنظر إلى العقد كنظرتها إلى أي نظـام اجتماعي غايته تحقيقالتضامن الاجتماعي وتوجيه الإرادة إلى تحقيق ذلك، فغاية القانون ليست حمايـة الفرد،وإنما حماية

المجموعة، وحماية الفرد تأتي من خـلال حماية المجموعة ويترتب على ذلك،أن الإرادة وان كانت تلعب دورا في إبرام التصرفات القانونية و تحديد آثارها، إلاأنها ليست كل شيء.

و لو أمعنا النظر في جميع الروابط والعلاقات القانونية، لوجدناصحة ما ذهبت إليه بعض المذاهب في تحديد الإرادة في إنشاء وتحديد آثار الروابطوالاتفاقات القانونية في علاقات القانون العام و هي المصلحة العامة وليست مصلحـةالفرد بنفسه،ومن ثم يستقل القانون في تنظيمها دون تدخلالإرادة.

أما في نطاقعلاقات القانون الخاص، فان سلطان الإرادة يكون له دور كبير في تكوين عقد الزواج،إلا أن هذا السلطان لا يرتقي إلى تحديد الآثار القانونية التي تترتب على عقدالزواج، ويستقل القانون في ذلك ابتغاء حماية المصلحة العامة.

وفي مجال العلاقاتالمالية، نفرق بين الحقوق الشخصية والحقوق العينية فالإرادة في مجال الحقوق الشخصيةيكون لها الدور الأساسي والجوهري في تكوينها وتحديد آثارها بل تعتبر الإرادة المصدرالأساسي لها، أما في مجال الحقوق العينية وان كانت الإرادة مصدرها في معظمها، إلاأن القانون هو الذي يحدد الآثار التي تترتب عليها، بالإضافة إلى ذلك، فان الإرادةلا تستطيع وحدها إنشاء الحقوق العينية والتي لم يذكرها القانون، فالحقوق العينيةوردت على سبيل الحصر لا على سبيل المثال.

و الإرادة تتقيد كذلك في نطاقالالتزامات التعاقدية -على الرغم من حريتها الواسعة – بالقيود الناشئة عن فكرةالنظام العام والآداب العامة، فأي اتفاق يخالف النظام العام أو الآداب العامة يعتبرباطلا بطلانا مطلقا.

و الإرادة كذلك تتقيد بالأشكال التي يحددها القانون لبعضالتصرفات القانونية كعقد البيـع وعقد الهبة والرهن الرسمي وبالأشكال التي يحددهاأطراف العقد.

هكذا نرى أن دور الإرادة في القوانين المعاصرة،لم يعد كما كان يذهبإليه أنصار مبدأ سلطان الإرادة، فلم تعد هي صاحبة السلطان الأكبر لا في مجال تكوينالعقد ولا في مجال تحديد آثاره.

المطلب الثاني أركـــــان العقــــــــــد

يرتكز العقد على أركان ثلاثة هي: الـرضا و المحــلو السبب كركائز أساسية لأي عقد غير أنه يضاف إليها ركن آخر هو الشكلية في بعضالعقود الخاصة.

الفرع الأول التراضـــــــــي

يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفانالتعبير عن إرادتهما المتطابقتين، دون الإخلال بالنصوص القانونية(1).كقاعدة عامةفإن التعبير عن الإرادة لا يخضع لشكل ما، بل يكون إما باللفظ أو بالإشارة المتداولةعرفا أو باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه، حتى و إن كان ضمنياكالبقاء في محل تجاري بعد انتهاء مدة الكراء.

أ- الإيجاب و القبول وتطابقهما:

يبدأ التراضي بالإيجاب و هو التعبير البات عن إرادة أحد الطرفين،الصادر من موجهه إلى الطرف الآخر،بقصد إبرام عقد بينهما.
ولكي ينتج الإيجاب أثره،يجب أن يصل إلى علم الشخص الذي وجه إليه, و القبول يجب أن يكون باتا أيضا، أيينطوي على نية قاطعة و أن يوجه إلى صاحب الإيجاب وأن يطابق الإيجاب مطابقة تامة،فإذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيد منه أو يعدل فيه أو يغيره اعتبررفضا يتضمن إيجابا جديدا. و بصفة عامة يمكن القول بأن ” الإيجاب يسقط إذا لم يقبلفورا ” إذا صدر إيجاب في مجلس العقدلشخص حاضر دون تحديد أجل القبول فإن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبولفورا و كذلك إذا صدر الإيجاب من شخص إلى آخر بطريق الهاتف أو بأي طريق مماثل.
غيرأن العقد يتم، و لو لم يصدر القبول فورا، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدلعن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب و القبول، و كان القبول صدر قبل أن ينقض مجلسالعقد.
فيما يخص التعاقد بينغائبين (أو التعاقد بالمراسلة) فقد اختار المشرع البحريني
نظرية”وصول القبول”.
بقوله “العقد لا ينعقد إذا كان التعاقد بين الغائبين – كقاعدة عامة – إلا إذا اتصل القبول بعلم الموجب, ويتحدد زمان ومكان الانعقاد بزمان
ومكان اتصال علم الموجب بالقبول”(2).

1-بلحاج العربي، النظرية العامة للالتزام في القانون الجزائري، ج1، ط3، ديوانالمطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004 , ص 160.
2-المادة {45} قانون المدني البحريني .

ب- النيابة في التعاقد:

هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إنشاء تصرفقانوني، مع إضافة آثار ذلك التصرف إلى الأصيل. مبدئيا، تجوز النيابة في كل تصرفقانوني ولكن القانون يمنع النيابة في المسائل المحددة كعقد الزواج، و حلفاليمين…الخ.(1)

تخضع النيابة إلى ثلاثة شروط:

1- أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل.
2-أن يكون التعاقد باسم الأصيل.
3- أن يتجاوز النائب الحدود المرسومة لنيابته.
و قداعتبر المشرع الجزائري التعاقد مع النفس غير جائز بحيث من الممكن أن يغلب النائبمصلحته أو مصلحة أحد الطرفين على الآخر, على انه : “لا يجوز لشخصأن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر،دون ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد كل ذلك معمراعاة ما يخالفه، مما يقضي به القانون و قواعد التجارة”.(2)

ج- صحةالتراضي:

فضلا عن ذلك، أن صحة العقد تشترط، من جهة، أن يكون الطرفان أهلالإبرامه (الأهلية) ومن جهة أخرى، أن لا يشوب الرضا عيب من العيوب التالية: الغلط والتدليس و الإكراه و لاستغلال.

1- الأهلية:

تنقسم إلى قسمين أهلية وجوب وأهليةأداء. وتعرف أهلية الوجوب بأنها صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وتثبت للشخص بمجرد ولادته حيا.
و أهلية الأداء و هي صلاحية الشخص لاستعمال الحق،وبالتالي اكتساب لحقوق و تحمل الالتزامات، و تتأثر الأهلية بعدة عوامل أهمها السنحيث يشترط في الأهلية البلوغ. وكذلك تتأثر الأهلية بعوامل أخرى تسمى “عوارضالأهلية” و هي الجنون والعته والغفلة والسفه.”
كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواهالعقلية، ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.و سن الرشد تسعةعشر سنة كاملة”

1- تنص المادة {60} من القانون المدني البحريني على أنه ” يجوز أن يثبت التعاقد بطريق النيابة , مالم يستلزم القانون حصوله بالأصالة “.
2-المادة {77} من القانون المدني الجزائري.

يجب الملاحظة أن عدم الأهلية أو نقصها هو قرينة قانونية قاطعةعلى عيب الإرادة بعكس العيوب الأربعة الأخرى ، فإنه يجب إثباتها وفقا لقول المشرع:”كل شخص أهل للتعاقد ما لم يطرأ على أهليته عارضيجعله ناقص الأهلية أو فاقدها بحكم القانون”.(1)

2-عيوب الرضا:

سنحاول سرد أهمالشروط في عيوب الإرادة و لن نتناولها بالتفصيل لكونها مواضيع لبحوث لاحقة.

و همأربعة أنواع:

1-الغـلط :

هو الاعتقاد بصحة ما ليس بصحيح أو بعدم صحة ما هو صحيح.
إذ يسمح القانون لمن وقع فيه أن يطلب إبطال العمل الحقيقي، عندما يبلغ حدا كافيامن الجسامة، و يشترط فيه أن يكون الغلط جوهريا و بشرط أن يقع هذا الغلط في الشخصالمتعاقد أو في قاعدة قانونية ثابتة، أي واردة في التشريع أو استقر عليها القضاء، وليست محل أي خلاف.

2-التدليس :

هو أن يستعمل أحد طرفي العقد، وسائل غايتها تضليلالطرف الآخر و الحصول على رضاه في الموافقة على عقد أي عمل حقوقي آخر.

يستنتج منهذا التعريف أن التدليس يفترض أربعة شروط هي:

1- استعمال الوسائل أو الطرق الاحتياليةبنية التضليل.
2- اعتبار التدليس الدافع إلى العقد.
3- أن يكون التدليس صادر من المتعاقدالآخر أو على الأقل أن يكون متصلا به.

1-المادة {78} من القانون المدني الجزائري.

3-الإكراه:

هو الضغط المادي أو المعنوي الذييوجه إلى شخص بغية حمله على التعاقد، أما القانون الجزائري فأخذ بالمعيار الذاتي فنص المشرع البحريني على إنه: ” يجوز إبطال العقد للإكراهإذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق , وكانت قائمة على أساس “.(1)(2)

وتعتبرالرهبة قائمة على بينة إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطرا جسيمامحدقا يهدده هو، أو أحد أقاربه، في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال.

و يراعى فيتقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه و سنه، وحالته الاجتماعية، و الصحية،وجميع الظروف الأخرى التي من شأنها أن تؤثر في جسامة الإكراه.
و أضاف المشرع الجزائري: “إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين، فليس للمتعاقد المكره أن يطلبإبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتما أنيعلم بهذا الأمر”.(3)

حتى يترتب على الإكراه إبطال العقد، أو العمل القانوني،

يجب أنيتوفر ثلاثة شروط:

1- استعمال وسيلة من وسائل الإكراه.
2- أن تحمل هذه الوسيلة العاقدالآخر على إبرام العقد.
3- أن تصدر وسيلة الإكراه من العاقد الآخر، أو تكون متصلةبه.
4-الاستغلال والغبن:

هوالمظهر المادي للاستغلال,
و له عنصرين:
1- عنصر مادي .
2-عنصر معنوي.

– فالعنصر المادي و هوعدم التعادل، أو عدم التكافؤ بين التزام المغبون و التزام الطرف الآخر الذي استغله،و يجب أن يكون فادحا أو فاحشا، و تقرير ذلك يرجع لقاضي الموضوع.
– أما العنصر المعنويأوالنفسي و هو استغلال ما لدى المتعاقد الآخر من طيش أو هوى للتحصيل على التعاقدمعه.

1-المادة {94} قانون المدني البحريني .
2- هذه المادة تقابل المادة 88 من القانون المدني الجزائري.
3- المادة {89} من القانون المدني الجزائري

و يمكن القول أن هذا العنصر المعنوي متكون بدوره من ثلاثة عناصر مشار إليها فيالمادة 96 من القانون المدني البحريني وهي:

1- وجود طيش أو هوى عند أحد المتعاقدين.

فالطيش والخفة، التي تتضمن التسرع و سوء التقدير، ويعرف الهوى بأنه الميل الذي يتضمنغلبة العاطفة و ضعف الإرادة.

و هكذا فإن كان المتعاقد يجهل بقيام شيء من ذلك الطيشأو الهوى لدى المتعاقد الآخر فالعقد صحيح لعدم توفر الاستغلال.

2- استغلال مالدى المتعاقد الآخر من طيش أو هوى.

3- أن يكون الاستغلال هو الذي دفع المغبونإلى التعاقد.

الفرع الثاني المحــــــــــل

المحل هو النتيجة الحقوقية التي أراد الطرفان إعطاءهاللعقد أو كل ما يلتزم به المدين، و هو: إما التزام بعمل أو بالامتناع عن العمل أوبإعطاء شيء و يقصد به نقل أو إنشاء حق عيني(1).

شروط المحل هي ثلاثة:

أ- أنيكون المحل ممكنا:

إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كانالعقد باطلا بطلانا مطلقا(2). و يجب أن تكون الاستحالة مطلقة و قائمة وقت إنشاء العقد،أما الاستحالة اللاحقة لانعقاد العقد فجزاؤها الفسخ، لا البطلان.

“يجب أن يكون محلالالتزام موجودا في الحال كما يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا ومحققا”(3)،لكن في بعض الحالة يمنع المشرع التصرفات في الشيء المستقبَل مثلا في المواد 886،948،966 من القانون المدني الجزائري. (الإيجار و الرهن الحيازي و الرهن الرسمي) التيتتطلب امتلاك العقار.

1-بلحاج العربي، مرجع سبق ذكره , ص 180 .
2- المادة {93} من القانون المدني الجزائري.
3- بلحاج العربي، نفس المرجع , ص 182 .

ب- أن يكون المحل معينا أو قابلا للتعيين:

أو بصفةأخرى يجب أن يحدد محل الالتزام أو على الأقل أن يكون قابلا للتحديد. “إذا لم يكنمحل الالتزام معينا بذاته، ويجب أن يكون معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه، ومقداره وإلا كان العقد باطلا و يكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقدما يستطاع به تعيين مقداره، و إذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء ، من حيثجودته و لم يمكن تبيين ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر ، التزم المدين بتسليم شيء منصنف متوسط”(1)

ج – أن يكون المحل مشروعا:

أي إذا كان محل الالتزام مخالفللنظام العام، أو الآداب كان العقد باطلا و هذا حسب ما نص عليه المشرع البحريني في المادة 109 من القانونالمدني البحريني.(2)

الفرع الثالث الســــــــــبب

هو الغرض الذي يقصد الملتزم الوصول إليهوراء رضاه تحمل الالتزام(3)، أي القصد الذي في سبيله تعاقد الشخصان.

في العقدالملزم للجانبين يكون السبب في تنفيذ كل من الطرفين التزام الآخر، مثلا في عقدالبيع: سبب التزام البائع هو في قبض ثمن المبيع بينهما السبب في التزام المشترييكون في انتقال هذا المبيع إليه، أما في العقود الملزمة لجانب واحد يختلف السببالدافع إلى التزام حسب نوع العقد.

1-بلحاج العربي، مرجع سبق ذكره , ص183 .
2- هذه المادة تقابل المادة 96 من القانون المدني الجزائري.
3-بلحاج العربي، نفس المرجع , ص 183- 184 .

فيجب أن نفرق بين سبب العقد و محل العقد:فالسبب هو الجواب على السؤال الآتي، لماذا التزم المتعاقد؟

أما المحل هو الجوابعلى السؤال الآتي:

بماذا التزم المتعاقد.

و السبب الذي يهمنا هنا هو:

الغرض المباشرمثلا: قبض الثمن.
أما الغرض الغير مباشر فهو الباعث.

مثلا: استغلال هذا الثمن فيالتجارة، وقد أختلف الفقهاء بين مؤيدين لنظرية السبب و متكون لها بدعوى عدمجدواها.

فوظيفة سبب العقد في النظرية الحديثة هي منع صحة عقد يبتغى بوسائلمشروعة للوصول إلى نتائج غير مشروعة، فبه تتحقق مصلحة المجتمع، و هي حماية الأخلاقو النظام العام، أي أن السبب المصلحي يتضمن فكرة الجزاء على الخطأ: و هو إرادةالمتعاقدين تحقيق غاية غير مشروعة(1).

فموقف المشرع البحريني من السبب , على أنه ” يبطل العقد إذا التزم المتعاقدان دون سبب , أو كان السبب مخالفا للنظام العام أو الآداب “.(2)(3)

1-بلحاج العربي، مرجع سبق ذكره , ص 185 .
2-المادة {111} قانون المدني البحريني .
3- تنص المادة {98} من القانون المدني الجزائري على أنه “كلالتزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل على غير ذلك.و يعتبر السببالمذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قامالدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت مايدعيه”

إذا للسبب شرطين:

أ- أن يكون السبب موجودا:

مثلا: إذا أكرهشخص على توقيع تعهد بدين، كان التعهد بغير سبب و من ثم باطلا.و كذلك الحال في سنداتالمجاملة، إذا لا سبب لها فيما يخص المتعاقدين أو تعاهد في تجديد دين، في حين أنهذا الدين باطلا أو كان قد انقضى.

ب- أن يكون السبب مشروعا:

أي لم يخالفالنظام العام و الآداب .فإذا كان السبب غير مشروع ، وقع العقد باطلا.

مثال ذلك:دفع مبلغ مقابل ارتكاب جريمة أو الامتناع عن ارتكاب جريمة.

فالنظام العام هومجموع الأسس السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي يقوم عليها مجتمع معين في وقتمحدد، و فكرة النظام العام فكرة نسبية تختلف في المجتمع الواحد من زمن لآخر و واجباحترام النظام العام هو أمر حتمي و لو كان في ذلك تضحية بالمصالح الخاصة.

أماالآداب العامة فهي مجموع الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها نظام المجتمع و التي يرىالناس أنها واجبة إتباع في علاقاتهم و لذلك فلا يمكن الخروج عنها بالاتفاق الخاص وقوام فكرتها هو الرأي العام و ما يتأثر به من عوامل أخلاقية و اجتماعية يبعثهاالغرف و الدين و الأخلاق و التقاليد في مجتمع و زمان معينين، و هي كذلك فكرة نسبيةتتلف من مجتمع إلى آخر و من زمان لآخر.

المبحث الثاني تقسيمات العقـــــــود

تتنوع العقود وتتعدد، حتى لا يكاد يحصرها عدّ. و الإرادة حرة فيإنشاء الالتزام أيّاً كان، فالالتزامات ليست محددة، الأمر الذي يؤدي، بالضرورة، إلىتنوع العقود.

و القانون ينظم طائفة من العقود يمكن النظر إليها من حيث التسميةأو من حيث التكوين،و أخيرا من حيث الإلزام على أنه و من خلال اطلاعنا على عدة كتبتنوعت و تشعبت التصنيفات غير أنها تصب معظمها في قالب واحد و هو ما ستناوله من خلالهذا المبحث.

المطلب الأول تقسيم العقود من حيث التسمية و التكوين

الفرع الأول من حيث التسمية

أ- العقود المسماة

تلك العقود التي خصهاالقانون باسم معين، ونظمها، لشيوعها بين الناس.
وهي “إما أن تقع على الملكية،كالبيع، والمقايضة، والهبة، والشركة، والقرض، والصلح.
وإما أن تقع على المنفعة،كالإيجار وعارية الاستعمال.
و إما أن تقع على العمل، وهي المقاولة، والتزاماتالمرافق العامة، وعقد العمل، والوكالة والوديعة والحراسة.
و يضاف إلى ذلك عقودالغرر، وهي المقامرة، والرهان، و المرتب مدى الحياة، وعقد التأمين، ثم عقودالتأمينات الشخصية والعينية، وهي الكفالة ورهن الحيازي والرهن الرسمي”(1)

العقدالمسمى هو عقد خصه المشرع باسم معين و بنصوص تنظم أحكامه بالذات في المجموعةالمدنية:كالبيع و المقايضة و الشركة و القرض و الصلح و الإيجار و العارية والمقاولة و الوكالة و الوديعة والحراسة و غيرها(2)

و يعرف الدكتور وهبة الزحيليهذه العقود بأنها ما وضع الشرع لها اسما خاصا بها و بين أحكامها المترتبة عليهاكالبيع و الإجارة و الشركة و الهبة و الكفالة و الحوالة و الوكالة و الرهن و القرضوالصلح و الزواج و الوصية و نحوها.

1- د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج4 ، ط4، دار الفكر، دمشق،سوريا،1997, ص 144-145.
2- د.وهبة الزحيلي،نفس المرجع , ص 151 ,152

ب – العقود غير المسماة

هي التي لميوضع لها اسم خاص في الشرع و لم يرتب لها التشريع أحكاما خاصة بها و إنما استحدثهاالناس تبعا لحاجة ما. و هي كثيرة لا تحصر، لأنها تنشأ بحسب تعدد حاجات الناس و تطورالمجتمعات و تشابك المصالح(1).

أو بعبارة أخرى هي تلك العقود، التي لم يخصها المشرعباسم معين، ولم يقم بتنظيمها، وذلك لقِلة شيوعها. وما دامت القاعدة أن الإرادة حرةفي إنشاء ما تشاء من عقود، كان من المستحيل حصر العقود غير المسماة.

و طائفةالعقود المسماة في تطور مستمر، فقد يصبح عقداً من الشيوع بأهمية إلى درجة توجبتنظيمه، فيتدخل المشرع، منظماً له، و ينتقل بذلك، من العقود غير المسماة إلى العقودالمسماة.
وهذا ما فعله المشرع حين نظم عقد التأمين.

و إذا كان من المستحيلتعداد العقود المختلفة، فإنه من الممكن، على الأقل، وضع تقسيمات مختلفة لها، وذلكبقصد بيان ما تتخصص به كل طائفة منها.

و من أمثلة العقود غير المسماة العقد الذيتتعهد بموجبه دار النشر بطبع كتاب لمؤلف معين، و عقد الحضانة، وعقد المبارياتالرياضية، و عقد الإعلان، و عقد السيرك و غيرها(2)

1-د.وهبة الزحيلي، مرجع سبق ذكره , ص 152 ,153 .
2-د.وهبة الزحيلي، مرجع سبق ذكره , ص 154 ,155 .

الفرع الثاني من حيث التكوين

أ- العقود البسيطة

وهو ما اقتصر على عقد واحد ولم يكن مزيجاًمن العقود(1)، فالعقد البسيط هو عقد يتناول نوعا واحدا من العقود تنجز في شكل عمليةواحدة و بدفعة واحدة و من ثم وجدت بساطة تداوله فإذا غير أو أصيف إليه أي تعديل منحيث الموضوع صار مركبا ومن أمثلة العقود البسيطة نجد عقد البيع أو الإيجار أوالهبة…الخ.

ب- العقود المركبة أو المختلطة

العقد المختلط هو الذي يجمعبين عدة عقود متكاملة امتزج بعضها بالبعض الآخر، و عادة يكون من العقود غيرالمسماة، مثل ذلك العقد الشائع بين صاحب الفندق و النزيل إذ هو مجموع يشتمل على عقدإيجار بالنسبة للغرفة، و عقد عمل بالنسبة للخدمة، وعقد بيع بالنسبة للطعام، و عقدوديعة بالنسبة للأمتعة.

و كذلك العقد الذي يبرم بين صاحب المسرح و الجمهور فهو يشملعقد إيجار بالنسبة للمقعد، و عقد عمل بالنسبة للمسرحية التي تعرض علىالجمهور.

1-د.وهبة الزحيلي، مرجع سبق ذكره , ص 156

الخاتمــــــــــــة

لقد حاولت قدر الإمكان من خلال العمل هذا تسليط الضوء على النظام القانوني للعقد وإعطاء المفاهيم التي تخصه والتي اعتمد عليها المشرع البحريني والجزائري في صياغته للقانونالمدني، ولم نغص بالقدر الكافي في التفاصيل لكون أن الموضوع طويل جدا من جهة و منجهة أخرى فإن بحثي هذا هو البحث الأول الذي يعد بمثابة تمهيد للمواضيعالقادمة.

ففي المبحث الأول تعرضت إلى التعريف و الأسس و الأركان و راعيت وجودبحوث أخرى لاحقة لهذا البحث، لها علاقة وطيدة بهذه العناصر و قد تتعرض لها بشكلأدق. أما في المبحث الثاني فقد تطرقت إلى مختلف تقسيمات العقود و التي وردت علىسبيل المثال لا الحصر إذ يتضح جليا وجود عدة تشعبات وأنواع من العقود ولا يمكن فيأي حال من الأحوال حصرها، و يعزى هذا إلى تعدد مختلف النشاطات والتعاملات التي يقومبها الأشخاص سواء أكانوا طبيعيين أم اعتباريين، إضافة إلى ذلك، فإن هناك تداخل فيعلاقات الأشخاص أو أطراف العقد فيما بينهم مما يؤثر في أحيان معينة على تكوين العقدو انتمائه لأي قسم من الأقسام التي أوردناها، و مثاله البيع و الهبة والوصية…الخ.

و في الختام أقول إن موضوع البحث أوسع بكثير من أن يُحصر في هذهالأسطر القليلة، و ما هذا البحث إلا مدخل بسيط لدراسة نظرية الالتزام، لذا أرجو أنأكون قد وفقت و لو بالشيء القليل في إزالة بعض الغموض الذي يحيط بمثل هذهالموضوعات القانونية، و آمل أن يجد فيه قارئه أجوبة عن تساؤلات قد تتبادر إلىذهنه.

المراجــــــــــــــــع

1.

د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج4 ، ط4، دار الفكر، دمشق،سوريا،1997.

2.
التقنين المدني البحريني لسنة 2001.

3.
د.محمد صبري السعدي، النظرية العامة للالتزامات (مصادر الالتزامفي القانون المدني الجزائري) ، ج1، دار الكتاب الحديث، الجزائر، 2003.

4.
بلحاج العربي، النظرية العامة للالتزام في القانون الجزائري، ج1، ط3، ديوانالمطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004.