المسؤولية الجنائية والمدنية عن جريمة القتل الخطأ – القانون المصري

الطعن 10484 لسنة 59 ق جلسة 7 / 6 / 1992 مكتب فني 43 ق 88 ص 595 جلسة 7 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة وسمير أنيس والبشري الشوربجي.
————
(88)
الطعن رقم 10484 لسنة 59 القضائية

(1) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. قتل خطأ. طب. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية”. إثبات “خبرة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية والمدنية. موضوعي.
إباحة عمل الطبيب. شرطها. مطابقة ما يجريه للأصول العلمية المقررة. التفريط في اتباع هذه الأصول أو مخالفتها يوفر المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر. أياً كانت درجة جسامة الخطأ.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بالتقرير الطبي الشرعي. والتعويل عليه في إثبات الخطأ.
(2)رابطة السببية. إثبات “بوجه عام”. قتل خطأ. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. “نقض أسباب الطعن، ما لا يقبل منها”. خطأ. ضرر.
تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر. موضوعي. كفاية استخلاص المحكمة أنه لولا خطأ المتهم لما وقع الحادث.

—————
1 – لما كانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، قدرت أن الطاعن أخطأ بإجرائه الجراحة في عيادته الخاصة بغير مساعدة طبيب تخدير وبغير توافر ما يلزم لمجابهة مضاعفاتها فإن هذا القدر الثابت من الخطأ يكفي لحمل مسئولية الطاعن، إذ من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله وأياً كانت درجة جسامة الخطأ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالتقرير الطبي الشرعي وعول عليه في إثبات خطأ الطاعن – بما نقله عنه مما لا يماري الطاعن في أنه له أصله من الأوراق – فإن تعييبه بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون غير قويم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الواقعة وتقرير الطب الشرعي حصول خطأ من جانب الطاعن على النحو المتقدم، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض..
2 – من المقرر أن تقدير رابطة السببية هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق وكان يكفي لتوافر رابطة السببية هذه أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى وأدلتها أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الحادث وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتحقق به رابطة السببية بين خطأ الطاعن والنتيجة وهي وفاة المجني عليها فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه – تسبب خطأ في موت……. وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم إلمامه بالأصول الفنية بأن لم يقم بإجراء العملية الجراحية المبينة بالتحقيقات للمجني عليها في إحدى المستشفيات التي تتوافر فيها الإمكانيات والوسائل اللازمة لتوفر الأمن والعناية للمرضى وأجراها في عيادته الخاصة رغم عدم توافر هذه الإمكانيات والوسائل مما أدى إلى عدم تدارك إسعاف المجني عليها عند إصابتها بصدمة جراحية من إجراء هذه العملية فحدثت بها الأعراض المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى موتها وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح المعادي قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه. استأنف. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ….. نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ……. إلخ.

المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن (وهو طبيب) أجرى “جراحة قيصرية” لتوليد المجني عليها داخل عيادته الخاصة بغير مساعدة طبيب تخدير أو أي طبيب آخر، ودون أن تكون العيادة – مجهزة بالتجهيزات الطبية الضرورية لمجابهة مضاعفات الجراحة، وأن الطاعن أصر على إجرائها بنفسه في عيادته ولم يستجب لما أبداه مرافقو المجني عليها – زوجها وشقيقه وطبيبان آخران – من اقتراح نقلها إلى أحد المستشفيات مقرراً لهم أن عيادته مجهزة تجهيزاً كافياً وبأنه سبق أن أجرى بها مثل هذه العملية، فكان عاقبة ذلك أن أصيبت المجني عليها بصدمة جراحية مما ينشأ عادة نتيجة العملية التي أجريت لها ولم يتيسر إسعافها ففاضت روحها بالعيادة وقد عول الحكم المطعون فيه – في ثبوت خطأ الطاعن – على ما أورده من تقرير الطب الشرعي من أن تصدي الطاعن لإجراء عملية قيصرية في عيادته دون الاستعانة بطبيب تخدير حسب الأصول الطبية ودون توافر الإمكانيات التي تستلزمها تلك العملية، وأنه لو كان قد تم نقل المريضة إلى أحد المستشفيات وبوشرت الحالة داخل المستشفى وبإمكانيات المستشفى التي لا تتوافر في العيادات الخاصة بما كان قد أمكن التغلب على ما حدث للمريضة – يعد خطأ مهنياً من جانب الطاعن يسأل عنه وعن نتيجته السيئة التي انتهت بوفاة المجني عليها – لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، قدرت أن الطاعن أخطأ بإجرائه الجراحة في عيادته الخاصة بغير مساعدة طبيب تخدير وبغير توافر ما يلزم لمجابهة مضاعفاتها فإن هذا القدر الثابت من الخطأ يكفي لحمل مسئولية الطاعن، إذ من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في اتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله وأياً كانت درجة جسامة الخطأ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالتقرير الطبي الشرعي وعول عليه في إثبات خطأ الطاعن – بما نقله عنه مما لا يماري الطاعن في أن له أصله من الأوراق – فإن تعييبه بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون غير قويم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الواقعة وتقرير الطب الشرعي حصول خطأ من جانب الطاعن على النحو المتقدم، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة الفساد في الاستدلال – يكون غير مقبول، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لرابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليها، واستظهرها بما اطمأن إليه من تقرير الطب الشرعي وكان من المقرر أن تقدير رابطة السببية هو من المسائل التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية هذه أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى وأدلتها أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الحادث وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتحقق به رابطة السببية بين خطأ الطاعن والنتيجة وهي وفاة المجني عليها فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً ويكون ما يثيره الطاعن غير ذي محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، فيفصح عن عدم قبوله موضوعاً، وهو ما يستتبع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .