المحاكم المتخصصة توفر السرعة المطلوبة لحل النزاعات المالية
حسام لطفي توفيق

إن القضاء الحالي يلعب دوراً مهماً في حل بعض القضايا الاقتصادية في الدولة، لكن ذلك لا ينفي وجود مشكلة متعلقة بالوقت ومرور سنوات عدة لإنهاء قضية ما، والمشكلة لا تكمن في الكم، وإنما في مدى التخصص، فليس المهم هو عدد المحاكم، ولكن المهم هو نوعية تلك المحاكم ومدى الخبرة المتوافرة لديها، وبالتالي فإن تكليف القضاء العادي بالنظر في القضايا الاقتصادية والمالية هو عبء يثقل كاهل الجهاز القضائي، ما يؤدي إلى التأخير في البت في كثير من القضايا ذات الطابع الاقتصادي والتجاري.

قد يكون هناك تأخير في سير دعاوى ومحاكم القضايا الاقتصادية، وذلك مرده إلى أسباب عديدة، منها: نقص خبرة القضاء في فض المنازعات الاقتصادية والتجارية، وعدم تخصص ودراية أجهزة القضاء العادي بالأمور الاقتصادية والتجارية، إضافة إلى أن عدد رجال القانون هو في الأصل ضئيل، وذلك لأنهم من خيرة الرجال الذين يحمون ميزان العدل، فما بالك بعدد رجال القانون المتخصصين في الشؤون الاقتصادية، وكل ما يتعلق بالنزاعات الاستثمارية الناشئة عن التوسع والنمو الاقتصادي الذي تشهده المنطقة، لكن ذلك لا يعني أن نرضى بالواقع ولا نعمل على تطويره، لأننا بناء على هذا الواقع نتطلع إلى تفعيل أداء المحاكم الاقتصادية المتخصصة وتفعيل كل أدواتها، كذلك يجب أن يكون هناك جهاز قضائي خاص بالقضايا الاقتصادية وبفض النزاعات الاقتصادية والمالية والمصرفية، كما أن هناك محاكم خاصة بالجنايات، ومحاكم خاصة بالقضاء المدني، ومحاكم خاصة بالقضاء الإداري، ومحاكم خاصة بالقضاء العسكري، كذلك الأمر بالنسبة إلى القضاء الاقتصادي، يجب أن يكون هناك محاكم متخصصة في كل القضايا المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار، وأن يكون القضاة القائمون على إدارة هذه المحاكم على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، بحيث يكونون مؤهلين لدراسة هذا النوع من القضايا، إذن هناك حاجة ملحة إلى إنشاء مثل هذه المحاكم المتخصصة.

تتمثل أهمية هذه المحاكم في عدة أمور، أهمها أن هذه المحاكم ستوفر السرعة المطلوبة في حل النزاعات والخلافات المالية والاستثمارية، كما أنها ستكون على دراية وكفاءة عالية لحل هذه القضايا ذات الطابع المتجانس، وذلك نتيجة تراكم الخبرة لدى القضاة العاملين في هذه المحاكم، ولا يخفى على أحد أن إنشاء المحاكم الاقتصادية المتخصصة سيكلف الدولة مصروفات باهظة لا تتوقف عند إقامة الأبنية وقاعات التقاضي، ولكنها تشمل إعداد القضاة وتدريبهم، إضافة إلى تهيئة المحاكم وتجهيزها وتأثيثها وتزويدها بموظفين مؤهلين، لكن هذه التكلفة العالية ستعود بالنفع، ودون أدنى شك، على كل القطاعات الاقتصادية التي ستقوم بدورها بالمساهمة، وبشكل أساسي ومباشر في تحقيق النمو الاقتصادي للدولة. ولكوننا نعيش اليوم في ظل انتعاش اقتصادي متنام، فإن هذه المحاكم المتخصصة ستوفر عائداً اقتصادياً كبيراً لا ينحصر في الجانب المالي فقط، وإنما ستتعاظم هيبة القضاء وتزداد الثقة به، إضافة إلى ادخار الوقت واختصار الزمن لحل كثير من القضايا الاقتصادية العالقة والشائكة في دهاليز القضاء العادي·

إعادة نشر بواسطة محاماة نت