القيود في الظروف الاعتيادية على الحقوق المدنية والسياسية في القانون الأساسي العراقي لعام 1925 :

نص القانون الأساسي في المادة الخامسة منه على حق المواطنه ( الجنسية ) واكد انها تنظم بقانون ، كذلك نص في المادة السابعة منه على أن ( الحرية الشخصية مصونه لجميع سكان العراق من التعرض والتدخل ولا يجوز القبض على احدهم او توقيفه او معاقبته او اجباره على تبديل مسكنه او تعريضه لقيود او اجباره على الخدمة في القوات المسلحة الا بمقتض القانون) ، وهكذا اجاز الدستور صراحة القبض على أي شخص او توقيفه او معاقبته او اجباره على تبديل مسكنه او تعريضه لقيود او اجباره على الخدمة في القوات المسلحه بمقتضى القانون ، كما نصت المادة الثامنة على أن المساكن مصونة من التعرض الا انه يجوز دخولها ومراقبتها وتفتيشها في الاحوال والطرائق التي بينها القانون، كذلك الحال بالنسبه لحرمة المراسلات البريدية والبرقية والتلفونية ، فقد اجازت المادة الخامسة عشرة من القانون الأساسي تقييدها وفقاً للاحوال والطرائق التي يعينها القانون ، اما فيما يتعلق بحرية العقيدة والدين ، فقد اجازت المادة الثالثه عشرة تقييدها لحماية الامن والنظام والاداب العامه (الاسلام دين الدولة الرسمي وحرية القيام بشعائره المألوفة في العراق على اختلاف مذاهبه محترمة ولا تمس وتضمن لجميع ساكني البلاد حرية الاعتقاد التامة وحرية القيام بشعائر العبادة وفقاً لعاداتهم ما لم تكن مخله بالامن والنظام وما لم تناف الاداب العامه)، وعليه فأن حق ممارسة الشعائر الدينية مشروط بأن لا يخل بالامن والنظام والاداب العامة ، كذلك نصت الماده الثانية عشرة على جواز تقييد حرية العراقيين في ابداء الرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات والانضمام اليها ضمن حدود القانون . وكذلك نصت المادة الثامنة عشر على أن للعراقيين وحدهم حق تولي الوظائف العامة ولم يجز القانون الأساسي تولي الاجانب هذه الوظائف الا في الاحوال الاستثنائية التي يعينها القانون ، واخيراً فيما يتعلق بحق المشاركة في الشؤون العامة ، فقد نصت المادة السادسة والثلاثون على أن (يتالف مجلس النواب بالانتخاب بنسبة نائب عن كل عشرين ألف نسمه من الذكور ..) ، وكذلك جازت المادة (42) لكل رجل عراقي أتم الثلاثين من العمر ولم تكن له احدى الموانع المنصوص عليها في المادة (30) أن ينتخب نائبا ، وبذلك قصر القانون الأساسي حق الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس النواب على الذكور فقط وحرم النساء من ممارسة هذا الحق. يتضح مما تقدم ، أن معظم النصوص التي تتعلق بحقوق الأفراد المدنية والسياسية والواردة في القانون الأساسي العراقي مقيدة بعبارات ( ضمن حدود القانون ) او ( بمقتضى القانون ) او ( في الطرائق والأحوال التي يعينها القانون ) ، ولم يقدم الدستور أية ضمانات لمنع سن قوانين تتنافى او تعارض تلك النصوص الدستورية هذا من جانب ، ومن جانب اخر لم يحدد القانون الأساسي مدى تقييد تلك القوانين العادية للنصوص الدستورية كي لا تتجاوز السلطات التشريعية والتنفيذية ذلك الحد عند سن القوانين ، كما هو الحال بالنسبة لقوانين المطبوعات والجمعيات والاجتماعات العامة وغيرها من القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات والتي صدرت عـن مجلس الأمة او وافق عليها بعد صدورها على شكل مراسيم من السلطة التنفيذية .

القيود في الظروف الاعتيادية على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 27 تموز 1958 :

نص دستور 1958 المؤقت في المادة الثامنة على حق المواطنة ( الجنسية ) واكد انها تحدد بقانون ، كما نص في المادة (9) على حق المساواة امام القانون في الحقوق والواجبات العامة وعدم جواز التمييز بين المواطنين بسبب الجنس او الاصل او اللغه او الدين او العقيدة ، وبذلك ضمن الدستور معاملة متساوية لجميع المواطنين ، كذلك ضمن في المادة (10) حرية الاعتقاد والتعبير واكد انها تنظم بقانون ، اما الحرية الشخصية وحرمة المنازل ، فقد اكدت المادة (11) انهما مصونتان وعدم جواز الاعتداء عليهما الا حسب ما تقتضيه السلامة العامة وينظم ذلك بقانون ، اما حرية الاديان ، فقد نصت المادة (12) على انها مصونة ويجب احترام الشعائر الدينية شرط الا تكون مخلة بالنظام العام ولامتنافية مع الاداب العامة .

من خلال النصوص المتقدمة نلاحظ ما يأتي : –

1-ان بعض الحقوق مقيدة بعبارة ( تنظم بقانون) ، وهكذا إحال المشرع الدستوري تنظيم هذه الحقوق الى المشرع العادي من دون ان يحضر عليه سن قوانين تتعارض وهذه الحقوق.

2-اما البعض الاخر من الحقوق ، فهي مقيدة بعبارات ( السلامة العامة)او (النظام العام) او (الاداب العامة) من دون تحديد مضمونها وفي هذا خطورة كبيره لانه يعطي السلطة صلاحية اكبر في تقييد الحقوق لان عبارات السلامة العامة او النظام العام او الاداب العامة ذات مضمون واسع وشامل وتختلف من دولة الى اخرى وفقاً للسياسة التي تنتهجها في الحكم وفي الدولة الواحدة بين مجموعة واخرى وفقاً للعادات والتقاليد والاعراف ، وعليه ينبغي تحديد مدلول هذه العبارات من قبل المشرع او في الاقل وضع ضمانات فعاله لحماية حقوق الافراد وحرياتهم في حالة اساءة استخدامها من قبل السلطات المختصة .

القيود في الظروف الاعتيادية على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 29 نيسان 1964 المؤقت :

نص الدستور في المادة (18) على حق المواطنة ( الجنسية ) واكد انها تنظم بقانون ، كما نص في المادة (22) على عدم جواز القبض على احد او توقيفه او حبسه او تفتيشه الا وفق احكام القانون ، وهكذا اجاز الدستور القبض على أي شخص او حبسه او تفتيشه وفق احكام القانون وكذلك اجاز في المادة (25) تقييد حرية التنقل في الاحوال المبينه في القانون ، اما بالنسبة الى حرمة المسكن فيفهم من نص المادة (27) جواز دخولها ومراجعتها في الاحوال والكيفية المبينتين في القانون ، اما حرية الدين والعقيدة ، فقد نصت المادة (28) على ان (حرية الاديان مصونة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائرها على ان لايخل ذلك بالنظام العام او ينافي الاداب) وعليه فأن حماية الدولة لحق ممارسة الشعائر الدينية مشروطة بأن لا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الاداب والتي قد تعني الاداب الخاصة بفئة معينة او بعض الافراد(1). وفيما يتعلق بالحق في حرية الرأي والتعبير ، فقد اكدت المادة (29) والماده (30) على ان حرية الرأي والصحافة تمارس في حدود القانون ، كذلك فيما يخص الحق في تكوين الجمعيات ، فقد نصت المادة (31) على ان حرية تكوين الجمعيات مكفولة في حدود القانون . اما حق الاجتماع فنصت عليه المادة (32) والتي اكدت ان للعراقيين حق الاجتماع في هدوء الا ان المادة نفسها تضمنت قيدا وهو غير حاملين سلاحا. واخيراً نص الدستور في المادة (39) على حق الانتخاب الا انه لم ينص على أي قيد يحد منه او يلغيه وانما ترك ذلك الى القانون . مما تقدم يتضح ان دستور 29 نيسان 1964المؤقت تضمن الكثير من الحقوق المدنية والسياسية الا انه احال موضوع تنظيم تفاصيل هذه الحقوق الى المشرع العادي من دون ان يقيد سلطته التنظيمية بضوابط قانونية صريحة تصون هذه الحقوق من تجاوزات السلطتين التشريعية والتنفيذية .

_________________________

1- بدرية عبد الله العوضي – مصدر سابق – ص 81

المؤلف : مروج هادي الجزائري
الكتاب أو المصدر : الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .