الظروف المشددة بسبب تعدد الجناة لجريمة السرقة

المؤلف : عبود علوان عبود
الكتاب أو المصدر : جريمة السرقة اسبابها والاثار المترتبة عليها
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

جعل المشرع العراقي تعدد الجناة ظرفاً مشدداً في عدة مواضع . وحكمة التشديد ان التعدد يسهل السرقة ، ويرغم المجني عليه على الاذعان خشية استعمال الجناة للقوة عند الاقتضاء و التعدد يعني ارتكاب الجريمة من شخصين فأكثر. وأشار قانون العقوبات العراقي الى هذا الظرف المشدد بسبب تعدد الجناة في الفقرة ( 2 ) من المادة ( 440 ) والمادة ( 441 ) والفقرة اولا من المادة ( 442 ) .

ومن اجل توافر الظرف المشدد الراجع الى تعدد الجناة يجب ان يكون هؤلاء فاعلين اصليين في السرقة على اعتبار ان وجودهم على مسرح الجريمة بعدد يزيد عن الواحد يجعل الجريمة بالفعل ذات صفة خطرة . وبتعبير اخر ان خطورة الجريمة تنشا من هذا التعدد وهو امر يتحقق عندما يرتكب السرقة ، بصفة فاعلين اصليين ، شخصان او اكثر . اما اذا كان مرتكب السرقة فاعلا واحدا فلا يتوافر الظرف المشدد حتى وان كان هناك شخص اخر ساهم معه في الجريمة في حدود الاشتراك فقط . أي بالاعمال التحضيرية كما لو اعطاه خريطة البيت او حرضه عليها . ولكن تعتبر السرقة مقترنة بظرف التعدد اذا قام بها شخص واحد وهو الذي نفذ اركانها المادية على حين قام شريكه بمراقبة الطريق أي كان حاضراً وقت ارتكابها .

وسبب القول بتوافر الظرف المذكور في هذه الحالة هو اعتبار الشارع الشريك الذي يكون حاضرا وقت ارتكاب الجريمة فاعلاً اصليا فيها استناداَ الى نص المادة 49 من قانون العقوبات العراقي (يعد فاعلاً للجريمة كل شريك بحكم المادة 48 كان حاضرا اثناء ارتكابها او رتكاب أي فعل من الافعال المكونة لها). ومع ان القانون الفرنسي لا يعتبر الشخص الذي تقتصر مهمته على المساعدة والذي يكون حاضرا وقت تنفيذ الجريمة فاعلا اصليا مع غيره بل شريكا بالمساعدة الا ان القضاء الفرنسي يعتبر ظرف التعدد قائما بتوافر حكمة التشديد ويؤيد هذا المذهب بشدة العلامة جارسون(1).

ومن المتفق عليه ان يعد الظرف المشدد قائما اذا ساهم كل فاعل بفعل من الافعال المكونة للجريمة كما لو اوقف احدهم امراة بقصد سرقة سوارها فسقط السوار على الارض والتقطه اخر وكانا متفقين على الفعل المجرم اذ يعتبر كلاهما فاعلا اصليا مع غيره .

اما اذا لم يكن هناك تفاهم سابق وحدث وجودهما معا صدفة فلا يتحقق ظرف التعدد او اذا وقف احدهم يراقب الطريق وهو في مكان الجريمة ليبعد عنه خطر القبض،او يحمل معه المواد المسروقة. وفي راي “جارو “ ان الافعال المعاصرة للجريمة تلك الافعال التي يقوم بها الشركاء دون ان يكونوا فاعلين اصليين لا تجعل من فعلهم ظرفا مشددا اذا قام بالجريمة شخص واحد وهو الفاعل الاصلي(2).

وتكون السرقة ذات ظرف مشدد بسبب التعدد اذا ارتكبها في الاقل شخصان، حتى لو كان احدهما مجهولا،او تقرر الافراج عنه لعدم كفاية الادلة ضده .وكذلك اذا كان احد الفاعلين معفياً من العقاب بسبب من الاسباب كصغر السن او الجنون ، ان ظرف التشديد قائم في هذه الحالة ايضا للعلة التي يستند اليها وهي سهولة ارتكاب الجريمة وما في كثرة الفاعلين من خطر واضح . ويكون وصف الجريمة مشددا نظراً الى وجود التعدد حتى لو وقفت عند حد الشروع (3).
________________________
1- جارسون شرح المادة (381) بند 46 نقض فرنسي 24 آب 1827 (النشرة 224)
2 – جارو ، المطول ، الجزء السادس ،بند 480، نقلا عن جندي عبدالملك، الموسوعة الجنائية، ج4 ، ص228.
3- د. حميد السعدي ، جرائم الاعتداء على الاموال ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1967 ، ش 261 .