جريمة العَرض الخائِب للرشوة
هناك من الضمائر الضعيفة التي تلهث وراء المال المحرم بكل طرق سواء بالفساد أو الغش، وأخطر ذلك الرشوة وقد جاء الإسلام محرما لمثل هذه الأفعال لقول الرسول (ص): «الراشي والمرتشي في النار».

وهناك أمثلة كثيرة للشرفاء في وطننا العزيز ترفض وبكل مروءة تلك الأفعال المحرمة، لذلك لم ينس المشرع الجنائي البحريني لذلك الراشي – ُمقدم الرشوة – جزاءه، ولكي لا يُقدم على شراء ذمم الناس بمقابل المادة فقد نظم في قانون العقوبات جريمة العرض الخائب للرشوة بالمادة 190 التي نصت على أنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر من عرض على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة – دون أن يقبل منه عرضه – عطية أو مزية من أي نوع أو وعدا بشيء من ذلك لأداء عمل أو للامتناع عن عمل إخلالا بواجبات وظيفته، فإذا كان أداء العمل أو الامتناع عنه حقا تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة».

والعرض الخائب للرشوة هو العرض غير المستجاب من جانب الموظف، وتكمن العلة في تجريم العرض المرفوض في حماية الموظف العام من خطر الإغواء في الإتجار غير المشروع في الوظيفة، لأن في تجريم هذا السلوك ما يحمي الموظف من الساعين إلى إفساده وبالتالي إلى حماية الوظيفة نفسها، وفيه كذلك ضرب على أيدي الذين لا يكنون احتراما لنزاهة الوظيفة فيعرضون الرشوة على المضطلعين بأمرها.

أركان جريمة العرض الخائب للرشوة:

الركن الأول: صفة المعروض عليه فيجب أن يكون موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة.

الركن الثاني: (الركن المادي) وهو فعل العرض المقترن بعدم القبول، كعرض الرشوة على موظف بغية إتمام عمل غير قانوني أو قانوني، ورفض هذا الموظف الشريف تلك الطريقة غير الأخلاقية، وهناك رأي آخر يفسر هذا الركن بشكل أوسع لتحقيق الحماية الجنائية لكرامة الوظيفة العامة فيعطى معنى الرفض أو يحول دون القبول كالقبض على العارض متلبسا بعرضه أو قبل أن يفصح المرتشي بموقفه، أو تظاهر الموظف بالقبول مع انه رافض للعرض حقيقة وفعلا لإبلاغ السلطة وتمكينها من القبض على العارض وبالتالي قد لا تقع الجريمة في صورة شروع إذا سحب العارض عرضه باختياره قبل حصول رفض الموظف الصريح أو الضمني أو قبل طروء ما يحول دون القبول ولكن الرأي الغالب أن هذه الجريمة تتم ويكون الجاني فيها عارض الرشوة حتى لو لم يبد الموظف العام قبوله أو رفضه وقبلها سَحَب العَارض رشوته.

الركن الثالث: (الركن المعنوي) وهو القصد الجنائي، والعرض الخائب جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد المقترن بالإرادة والعلم، وسواء أكان الموظف عاما أو مكلفا بخدمة عامة أو من في حكمهم كالقائمين بأعباء السلطة العامة والعاملين في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية وأفراد قوة الدفاع وأعضاء المجالس والوحدات النيابية سواء منتخبين أو معينين وموظفي الهيئات والمؤسسات العامة وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين ولا يحول انتهاء الوظيفة أو الخدمة دون تطبيق أحكام هذا القانون.

عقوبة الراشي في هذه الجريمة:

أولا: في حال أداء العمل أو الامتناع عنه إخلالا بواجبات الوظيفة يكون الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر.

ثانيا: في حال أداء العمل أو الامتناع عنه واجب أو حق فيكون الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة.

وهذه هي العقوبة التي قد ينالها الراشي في هذه الجريمة، ولو تم إعمال عقل الجاني وأجاد الموازنة بين المنفعة والعقاب ليقينا اختار البُعد عن العقاب وعدم المغامرة مع موظف عام غالبا ما يتمتع بالشرف والأمانة والنزاهة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت