الجريمة المعلوماتية
القاضي عماد عبد الله

لقد ادى التطور السريع في حياة الإنسان وظهور الانترنيت كوسيلة من وسائل الاتصال الحديثة والرخيصة الى جعل العالم قرية صغيرة يستطيع معه شخص مقيم في مكان بعيد في دولة ما الى ارتكاب جريمة في دولة أخرى وهذا الامر يتم عادة من خلال استعمال جهاز الحاسوب التقليدي او اجهزة الموبايل التي تعمل بالأنظمة الحديثة ومن خلال شبكة الانترنيت لتكون الجريمة الالكترونية التي تمتاز بمجموعة من الخصائص تميزها عن الجرائم التقليدية منها اخفاء الهوية الحقيقية للمجرم وسرعة تنفيذ الجريمة وصعوبة توفر الادلة الجرمية بعكس الجرائم العادية.

ان مرتكبي الجريمة المعلوماتية يختلفون عن المجرمين في الجرائم العادية إذ انهم على درجة عالية من التعليم والذكاء تؤهلهم للتعامل مع جهاز الحاسوب حيث اننا في هذا النوع من الجرائم امام أشخاص غير عاديين يستطيعون الدخول الى مواقع حساسة تهدد الامن القومي للدول وكذلك تهدد اقتصادها وبنيتها الاجتماعية حيث تتسبب الجرائم الالكترونية أيضا بالتفكك الأسري والخلافات بين الافراد بسبب التشهير أو إشاعة الإخبار الكاذبة او سرقة الملفات الخاصة بالافراد ونشرها في الانترنت ووسائل الاتصالات وغيرها العديد من التأثيرات السلبية التي تهدد أمن المجتمع وسلامته.

لقد اشارت اتفاقية بودابست الموقعة من الاتحاد الأوربي في عام 2001 إلى صور الجرائم المعلوماتية والتي تتفق جميعها في الوسيلة المرتكبة من خلالها وهو جهاز الحاسوب وجميعها تتم عن طريق شبكة الانترنيت ومن هذه الجرائم؛ الجرائم ضد سرية وسلامة المعلومات والبيانات والدخول غير القانوني لنظام معلوماتي مملوك للغير (القرصنة) بهدف اتلاف المعلومات او الحصول على معلومات سرية مملوكة للغير او التدخل بتغير البيانات وهو ما يسمى (بالغش المعلوماتي) وكذلك جريمة انتهاك الحق في الخصوصية عند اعتراض المراسلات الالكترونية الخاصة بالغير والاعتداء على سلامة البيانات وتتمثل بالاعتداء عمدا على سلامة البيانات والبرامج الخاصة بجهاز الحاسوب المملوك للغير ومحو البيانات او تعطيل الجهاز والاعتداء على سلامة النظام لجهاز الحاسوب، مما يؤدي الى تلف الجهاز واخيرا اساءة استخدام اجهزة الحاسوب، أي كل فعل مجرم قانونا يتم من خلال استخدام الحاسب الآلي.

إن الانترنيت ما هي إلا شبكة عالمية دولية وبالتالي فان الجرائم التي ترتكب من خلالها هي جرائم دولية تحتاج تعاونا دوليا للوصول إلى الجناة مرتكبي هذه الجريمة العابرة للحدود والتي تلحق الضرر بالعديد من الدول من خلال الوسائل التقنية الحديثة في شبكات الاتصالات حيث لا يمكن القبض على مجرم معلوماتي مقيم في دولة بعيدة عن العراق ارتكب جريمته وحصلت نتيجته الإجرامية في داخل الأراضي العراقية على احد المواقع الالكترونية او التواصل الاجتماعي إلا من خلال تعاون تلك الدولة مع الجهات التحقيقية العراقية للوصول الى الجاني من خلال تتبع نقاط الاتصال وصولا الى مكان الجاني والوصول الى هويته أخيرا فان ضرورة تشريع قوانين عقابية وإجرائية حديثة تواجه هذه الجريمة بات امرا ضروريا.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت