قانون الأحوال الشخصية في الإمارات.. هل يحل القضايا العالقة؟
بعد طول انتظار صدر قانون الأحوال الشخصية « 28 2005م » وقد اثار القانون بشكل عام العديد من التساؤلات فيما يتعلق بالكثير من مواد القانون والتي يصل عددها إلى 363 مادة. وانقسم المهتمون بالأمر ما بين مؤيد ومعارض حتى أن بعضهم طالب بإعادة النظر في مواد معينة.

وحدة الدراسات في «البيان» عقدت ندوة بعنوان: «قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. هل يلبي الواقع ويحل القضايا العالقة؟» ولمناقشة هذا القانون فقد وجهنا الدعوة لنخبة من المشرعين والأكاديميين ورجال سلك القضاة والمحامين والناشطات النسائيات وقد ركز المتحدثون حول النظرة المستقبلية للقانون وطرق المخرج من المواد ذات الخلاف والبديل لهذه المواد وكيفية الموائمة بين النظرية والتطبيق بما يضمن عدم خروج القضاة عن مواد القانون وقواعده بحجة اللجوء والاستناد إلى بعض حالات الاستثناء التي يمنحها لهم القانون لكي لا يصبح الاستثناء هو القاعدة.

وكنا في الحلقات السابقة قد عرضنا للتوصيات التي تقدم بها كل من الدكتور أحمد الكبيسي والدكتور أحمد الحداد والأستاذة سارة هزيم والأستاذ إبراهيم التميمي واليوم ننشر الدراسة التي عرضها الاستاذ خالد يحيى طاهر الحوسني القاضي الشرعي في المحكمة الابتدائية بدبي تلك الدراسة التي أعدتها محاكم دبي الشرعية والمكونة من: -القاضي /سيد الشيمي /محكمة التمييز -القاضي عبدالله عبد الواحد /محكمة الاستئناف -القاضي/د.زياد صبحي /محكمة الاستئناف – القاضي /جاسم الحوسني / رئيس المحكمة الشرعية وفيما يلي التفاصيل:

خالد الحوسني: لا شك ان قانون الأحوال الشخصية عالج الكثير من المشاكل ولكن الكمال لله سبحانه وتعالى، فهناك بعض الملاحظات على نصوص مواد القانون والتي توصلنا إليها كقضاة في محاكم دبي ونجمل هذه الملاحظات فيما يلي:

المادة 1/ الفقرة 1/ 1 الملحوظات

تسري أحكام هذا القانون على جميع الوقائع التي حدثت بعد سريان أحكامه، ويسري بأثر رجعي على شهادات الطلاق ودعاوى الطلاق التي لم يصدر بها حكم بات. إن سريان القانون بأثر رجعي يجب أن يقيد على اشهادات الطلاق الصادرة عن محاكم الدولة وأن يقيد بعدم وفاة المطلق أو المطلقة أثناء العدة. ونرى استبدال كلمة الوقائع بكلمة الدعاوى لأن الوقائع في مسائل الأحوال الشخصية بعضها مستمر والآخر ينقطع مما يولد اضطرابا في تطبيق القانون.

2 8 / 1

تختص المحكمة الجزئية الابتدائية المشكلة من قاض فرد، في الفصل في مسائل الأحوال الشخصية. نرى أن تختص المحكمة الجزئية في مسائل معينة مثل النفقة والحضانة والرؤية والوصايا والمواريث والمهر والجهاز والهدايا. أما في المسائل الحيوية والتي يستمر فيها النزاع بين الطرفين وفيها لدد من الخصوم أن تختص المحكمة الكلية بنظرها، دون أن يحول ذلك من سرعة الفصل في القضايا كما ورد بالمذكرة الإيضاحية مثل دعاوى الطلاق والفسخ والفرقة والنسب وبطلان الإعلامات الشرعية والحجر، فمثل هذه القضايا تحتاج روية وبحثاً ومداولة بين ثلاثة من القضاة.

3 20 / 4

إذا اشترط فيه شرط لا ينافي أصله ولا مقتضاه وليس محرما شرعا صح الشرط ووجب الوفاء به، وإذا أخل به من شرط عليه كان لمن شرط له طلب فسخ الزواج سواء أكان من جانب الزوجة أم من جانب الزوج ويعفى الزوج من نفقه العدة، إن كان الإخلال من جانب الزوجة.

نصت المادة 20 على أحكام المشارطات في عقد النكاح وأجازت لكل واحد من الزوجين فسخ العقد لعدم الوفاء بالشرط، وبينت أن الزوج إذا رفع الدعوى بسبب عدم وفاء زوجته بالشرط أنه يعفى من نفقة عدتها فقط، والحقيقة أن هذا الأثر لا يكفى، وان مجرد الإعفاء من نفقة عدتها لا يجعل الزوج يقيم مثل هذه الدعوى وبالتالي تفرغ هذه المادة من قيمتها بالنسبة للزوج.

وكان أولى بالقانون أن يعفى الزوج في حالة عدم وفاء الزوجة بالشرط من نفقة العدة والمهر المؤجل لاسيما أن القانون أجاز بالمادة 52 تعجيل المهر وتأجيله وهذا ما جرت عليه معظم قوانين الأحوال الشخصية التي نصت على التفريق للشرط.

4

32

الولي في الزواج هو الأب ثم العاصب بنفسه على ترتيب الإرث إبنا ثم أخا ثم عما، فإذا استوى وليان في القرب فأيهما تولى الزواج بشروطه جاز، ويتعين من أذنت له المخطوبة. أغفل القانون ذكر الجد مع أنه عاصب بنفسه.

5

52 / 3 و140

م52 /3 تستحق المطلقة قبل الدخول نصف المهر إن كان مسمى، وإلا حكم لها القاضي بمتعة لا تجاوز نصف مهر المثل.

م140 إذا طلق الزوج زوجته المدخول بها في زواج صحيح بإرادته المنفردة ومن غير طلب منها استحقت متعة غير نفقة العدة بحسب حال الزوج وبما لا يجاوز نفقة سنة لأمثالها، ويجوز للقاضي تقسيطها حسب يسار الزوج وإعساره، ويراعى في تقديرها ما أصاب المرأة من ضرر.

أخذ القانون المادة (52) من مذهب الإمام أبي حنيفة والمادة (14.) من مذهب الشافعي، ولقد استعمل اصطلاح( المتعة) في المادتين بمدلولين مختلفين. فالمادة (52) استعملت اصطلاح المتعة كبديل عن نصف المهر الذي تستحقه المطلقة قبل الدخول والخلوة في حالة عدم تسمية المهر، والمادة (140) استعملت اصطلاح المتعة كتعويض عن الضرر الذي يلحق بالمرأة نتيجة الطلاق وهو يقابل ما تعارفت عليه القوانين بالتعويض عن الطلاق التعسفى.

والمادة (52 ) قدرت المتعة بأن لا تتجاوز نصف مهر المثل والمادة (140) قدرت المتعة بأن لا تتجاوز نفقه الزوجة لمدة سنة وكان على القانون أن يجعل للمتعة اصطلاحا واحدا إما يطلقها على بدل نصف مهر المثل ويجعل اصطلاح التعويض عن الطلاق التعسفي بديلا لها في المادة (140) وإما أن يعطى المطلقة قبل الدخول وقبل تسمية المهر نصف مهر المثل بدلا من المتعة.

6 68

للقاضي أن يقرر بناء على طلب من الزوجة نفقة مؤقتة لها، ويكون قراره مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون

أعطت المادة (68) للقاضي تقدير النفقة المؤقتة للزوجة وحسنا فعل إلا أن القانون لم يبين الحكم فيما لو ثبت في الحكم القطعي أن الزوجة غير مستحقه للنفقة التي قبضتها وما هي الضمانات التي ينبغي تقديمها للقاضي ليضمن حق الزوج في حالة عدم ثبوت استحقاقها للنفقة.

وكان على القانون أن يعطي حق طلب النفقة المؤقتة للزوجة عند توافر شروط استحقاقها. مع ملاحظة أن القانون أغفل طلب النفقة المؤقتة للأولاد.

7 87

تتكفل الدولة بنفقة من لا منفق عليه. وكان على القانون أن يقيد هذا النص بأن يقصره على مواطني الدولة.

8

102

لا يقع الطلاق على الزوجة إلا إذا كانت في زواج صحيح وغير معتدة. بل يقع الطلاق على المعتدة من طلاق رجعي، قبل انقضاء هذه العدة بالاتفاق؛ لأن الزوج مازال مالكا للعصمة.

9

108

للزوج أن يرجع مطلقته رجعياً ما دامت في العدة ولا يسقط هذا الحق بالتنازل عنه، فإذا انتهت عدتها جاز لها أن تعود إليه بعقد جديد دون إذن وليها إن امتنع عن تزويجها له، بشرط أن يكون زواجها الأول منه قد تم برضا الولي أو بأمر المحكمة.

فيه تعارض مع المواد 38/1 و39 و61/1 حيث إن القانون اعتبر الولي ركنا من أركان عقد الزواج مطلقا سواء أكانت الزوجة مدخولا بها أم غير مدخول بها وسواء أكان الخاطب هو المطلق أم غيره وبالتالي فإن نص هذه المادة على صحة زواج المطلقة بمطلقها الداخل بها بدون ولي يتنافى مع كون الولي ركنا وفق نص المادة 38/1 خاصة وأن الزواج بغير ولي باطلا كما في المادة 39 وكذلك جعله باطلا متى اختل ركن من أركانه وفق المادة 61/1

10 110/5 و123

110/5

1- الخلع عقد بين الزوجين يتراضيان فيه على إنهاء عقد الزواج بعوض تبذله الزوجة أو غيرها.

2- …

3- …

4- الخلع فسخ.

5- استثناءً من أحكام البند (1) من هذه المادة، إذا كان الرفض من جانب الزوج تعنتاً، وخيف ألا يقيما حدود الله، حكم القاضي بالمخالعة مقابل بدل مناسب..

123

إذا طلبت الزوجة الطلاق قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة، وأودعت ما قبضته من مهر وما أخذته من هدايا، وما أنفقه الزوج من أجل الزواج، وامتنع الزوج عن ذلك، وعجز القاضي عن الإصلاح، حكم بالتفريق خلعا.

1. بما أن القانون اعتبر الخلع فسخا، فقد تعين استبدال عبارة إذا طلبت الزوجة الطلاق الواردة في المادة 123 لتكون كما يلي إذا طلبت الزوجة التفريق…… الخ.

التراضي في الخلع هو الأصل، فإذا لم يكن هناك تراض ترافعا إلى القاضي، فإذا كانت الإساءة من الزوج طلقت عليه بالضرر. ولما كان القانون قد أعطى للزوجة سواء أكانت مدخولا بها أم غير مدخول بها حق التفريق خلعا فإن القانون أغفل أن يوجب على القاضي بذل جهده في الصلح بينهما وتحديد مدة زمنية لذلك وذلك حرصا على استمرار الزواج وفق ما ذهب إليه القانون في باب التفريق بالضرر والشقاق وهو ما أخذت به التشريعات الأخرى.

أما بالنسبة للمادة 123 فيؤخذ على القانون أنه ألزم الزوجة غير المدخول بها التي طلبت التفريق أن ترد للزوج ما أنفقه من أجل الزواج وهذه العبارة فضفاضة ويتولد عنها مشكلات كثيرة لأن ما أنفقه الزوج من أجل الزواج قد يكون بناء على رغبة منه دون طلب من الزوجة فمن الظلم أن تلزم بها الزوجة لاسيما إذا كانت فقيرة كما أن ما يعتبر من نفقات الزواج ليس له ضابط فقد يعد الزوج أمورا من نفقات الزواج لا يسلم بها من الطرف الآخر وقد نص قانون الأحوال الشخصية الأردني على هذا النص ونشأ عنه مشكلات كثيرة استوجبت تعديله.

11

المادة 112

1– إذا وجد أحد الزوجين في الآخر علة مستحكمة من العلل المنفرة أو المضرة كالجنون والبرص والجذام، أو التي تمنع حصول المتعة الجنسية كالعنة والقرن ونحوهما، جاز له أن يطلب فسخ الزواج، سواء أكانت تلك العلة موجودة قبل العقد أم حدثت بعده.

2-ويسقط حقه في الفسخ إذا علم بالعلة قبل العقد أو رضي بها بعده صراحة أو دلالة.

3- على أن حق الزوجة في طلب الفسخ للعلة المانعة من المتعة الجنسية لا يسقط بحال.

4- تنظر المحكمة دعوى فسخ الزواج للعلل الجنسية في جلسة سرية.

المادة 113

إذا كانت العلل المذكورة في المادة (112) من هذا القانون غير قابلة للزوال تفسخ المحكمة الزواج في الحال دون إمهال. جاء بالمذكرة الإيضاحية أن الأصل أن تؤجل المحكمة الدعوى مدة مناسبة في العيوب القابلة للشفاء تقدرها المحكمة لا تجاوز سنة.

وقد ذكر من هذه العلل العنة في المادة 112 وهذا يعني أن القاضي يمهل العنين مدة تقل عن سنة فقد يكون الإمهال شهرا أو شهرين أو ثلاثة…… أو سنه رغم انه من المقرر فقها أن العنين يمهل سنة كاملة حتى تمر عليه الفصول الأربعة وان هذه المهلة تبدأ من يوم تسليم الزوجة نفسها وله وليست مجرد إمهال كباقي العلل. وكان على المشرع أن يستثني العنين من هذه المادة ويمهله سنة كاملة من تاريخ تسليمها نفسها له.

12 117و 132

المادة 117

1. لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه العشرة بالمعروف بينهما ولا يسقط حق أي منهما في ذلك، ما لم يثبت تصالحهما.

2. تتولى لجنة التوجيه الأسري وفقاً للمادة (16) من هذا القانون الإصلاح بين الزوجين، فإن عجزت عنه عرض القاضي الصلح عليهما، فإن تعذر وثبت الضرر حكم بالتطليق.

المادة 132

للزوجة طلب التطليق إذا حلف زوجها على عدم مباشرتها مدة أربعة أشهر فأكثر ما لم يفئ قبل انقضاء الأشهر الأربعة، ويكون الطلاق بائنا.

لم يفرد القانون التفريق للهجر بمادة مستقلة رغم أنه من أكثر أسباب التفريق شيوعا وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تارة أنه من الضرر الذي تطبق عليه أحكام المادة (117) وما بعدها وتارة أخرى أنه يأخذ حكم الإيلاء وتطبق عليه المادة (132) الأمر الذي يؤدي للاضطراب في تكييف الدعوى والحكم بها.

12

12./ 3

(إذا كانت الإساءة مشتركة قررا التفريق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة) بينت الفقرة 3 من المادة 12. الأثر المترتب على التفريق للشقاق في حالة كون الإساءة مشتركة بين الزوجين وأعطت الحق للحكمين بالتفريق بينهما في هذه الحالة دون بدل أو بدل يتناسب مع نسبة الإساءة والحقيقة أن إعطاء الحكمين الحق بالتفريق بدون بدل في هذه الحالة يتجافى مع قواعد العدل فيتساوى حكم المرأة التي نسبة إساءتها لزوجها 8.% مثلا مع حكم المرأة التي يكون لإساءتها 2.% مثلا. وكان الأولى بالقانون تحقيقا للعدالة أن يلزم الحكمين بالتفريق على بدل يتناسب مع نسبة الإساءة من مجموع المهر.

13

المادة 122/1و124

في دعوى التطليق للإضرار يثبت الضرر بطرق الإثبات الشرعية، وبالأحكام القضائية الصادرة على أحد الزوجين.

4ـ وتقبل شهادة الشاهد ذكراً كان أو أنثى عدا الأصل للفرع أو الفرع للأصل متى توافرت في الشاهد شروط الشهادة شرعاً.

قد أجاز القانون قبول شهادة الشاهد ذكرا كان أو أنثى متى توافرت في الشاهد شروط الشهادة شرعا وهذا النص يجيز شهادة النساء منفردات في دعوى التفريق للضرر والشقاق، ويمكن أنه يفهم منه أنه شهادة المرأة كشهادة الرجل بمعنى أن الدعوى تثبت بشهادة امرأتين وهذا ما لم يقل به أحد من الفقهاء. وكان على القانون أن يقيد هذا النص بأن يقيد هذه الفقرة بالنص على أن نصاب الشهادة في هذه الدعوى رجلان أو رجل وامرأتان .

المشاركون

د.محمد عبد الرحيم سلطان العلماء/ أستاذ الفقه وأصوله /جامعة الإمارات

د.احمد الكبيسي/ مفكر إسلامي

د.احمد عبد العزيز الحداد/ كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري/دبي

يوسف عبد الغفار الشريف/محام وعضو المجلس الاستشاري/الشارقة

سارة هزيم /محامية ومستشارة قانونية

ابراهيم عبد الرزاق التميمي/محام ومستشار قانوني

خالد يحيى طاهر الحوسني /قاض شرعي /المحكمة الابتدائية بدبي

أدار الندوة:

أ.د.محمد عبد الله المطوع

الإعداد والتحرير: موسى أبوعيد

تصوير: موهان
إعادة نشر بواسطة محاماة نت