العنف ضد الاساتدة حسب القانون المغربي

صارت المدارس في المنطقة المغاربية في السنوات الأخيرة مسرحا لعمليات اعتداءات متكررة على الأساتذة من تنفيذ طلابهم، و هي الظاهرة التي استدعت المسؤولين على قطاع التربية لدق ناقوس الخطر ليس فقط حول تدني القيمة التعليمية، و إنما ما ستنتجه هذه الظاهرة من عواقب وخيمة على المجتمعات المغاربية. لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو ما الذي جعل العلاقة بين الاستاذ و الطالب تتدنى إلى هذا المستوى؟ ثم ما هي الوسائل الكفيلة بوضع حد لعنف الطلبة ضد أساتذتهم؟

تشير مختلف الدراسات و الأرقام المتعلقة بظاهرة الإعتداء على الأساتذة في المجتمعات المغاربية إلى أنها أخذت أبعادا أكثر خطورة في السنوات القليلة الماضية. و الواقع أن التغيرات الحاصلة في الدول المغاربية في الفترة الأخيرة، جعلت من الاساتذة حلقة ضعيفة في المنظومة الإجتماعية. و ينبغي الالتفات أولا إلى ما يحدث داخل البيوت. فالعنف المدرسي، في إحدى جوانبه، هو نتاج للعنف داخل البيوت، و العنف داخل الاسرة يؤدي بالطفل إلى إخراج مكبوتاته النفسية بسلوكات عدوانية قد تمتد إلى أستاذه في المدرسة.

و إذا كان توجيه اللوم للأسرة له تبريرات موضوعية فإن الأوضاع الإجتماعية غير المريحة التي تتخبط فيها المجتمعات المغاربية، و عدم قدرة الكثير من الأسر على الإستجابة لمتطلبات أبنائهم المادية و المعنوية، جعل الآباء و الأمهات يسعون وراء تحسين دخلهم، و هو ما أدى في الكثير من الأحيان إلى عدم تمكن الأولياء من الإلتفات إلى أولادهم الذين سقطوا بدورهم ضحايا لشبكات العنف.

و تتحمل المنظومة التربوية جزء من المسؤولية فيما يتعلق بتزايد حالات العنف ضد الاساتذة، الذين يكونون أنفسهم قد ساهموا بقدر معين في تفشي الظاهرة. فالدراسات النفسية تبين أن العناية بالطالب الميال للعنف، قد تقلص من حدة الإعتداءات، كما أن العقاب الذي يمارسه الاساتذة بصفة مستمرة على الطالب قد يؤدي إلى رد فعل عدواني.

و تنتقل المسؤولية إلى المجتمع الذي غالبا ما يكون الطفل ضحية لاضطراباته، خصوصا بعد ظهور بعض الأفكار المتطرفة، التي تدعو إلى العنف، و هي الأفكار التي أخذت مجالا لها في أوساط العديد من الشباب خصوصا المراهقين منهم.

و بالنظر إلى تعدد الأسباب التي أدت إلى تفشي الظاهرة، فإن مسألة إيجاد حل لها يتطلب عملية إصلاح شاملة، لن يتحمل عبؤها الأساتذة وحدهم، و إنما تتعدى ذلك إلى توفير الحياة الكريمة للمواطنين. و الأمر قد ينطوي على تنشيط الحياة الإقتصادية بمشاريع لخلق الثروة، و الإهتمام بالجوانب الأخلاقية و التربوية، و توفير الشروط اللازمة لمدرسة تهدف إلى خلق ثروة علمية، من خلال وسائل تحصيلية و تربوية تعتمد على أساليب حديثة في تكوين الطلبة و الأساتذة على حد سواء. و لعل الهدف من وراء هذا هو خلق آفاق أمام الأشخاص و الأسر، ليصبح العنف آخر ما يفكر فيه الجميع.