العشرة والمساكنة باعتبارها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش في القانون المصري – تطبيقات قضائية

الطعن 1 لسنة 46 ق جلسة 26 / 10 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 273 ص 1583 جلسة 26 من أكتوبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجورى وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.
—————
(273)
الطعن رقم 1 لسنة 46 ق ” أحوال شخصية”

(1، 2، 3 ) أحوال شخصية ” النسب. الزواج”.
(1)الأصل في الشهادة معاينة الشاهد للنسب بنفسه عيانا أو سماعا. إجازة الشهادة بالتسامع في أحوال معينة منها النكاح والنسب في الفقه الحنفي وجوب الاعتداد بالشهادة بالتسامع في تلك الحالات وأن فسر الشاهد للقاضي بأنه يشهد تسامعاً.
(2) العشرة أو المساكنة لا تعد وحدها دليلاً شرعيا على قيام الزوجية والفراش. الشهادة على النكاح في الفقه الحنفي. شرطياً. لا يجوز أن يكون مصدرها هو مدعى النكاح.
(3)نصاب الشهادة الشرعية رجلان أو رجل وامرأتان.

————
1 – إنه وإن كان الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بنفسه عيانا أو سماعاً، إلا أن فقهاء الحنفية استثنوا من هذا الاصل مواضع منها النكاح والنسب أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً، ولئن أطلقت المتون والنقول المعتبرة القول بأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد الشهادة فيها بالتسامع، إلا أن الظاهر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه حيث أجيز للشاهد أن يشهد تسامعاً في المواضع التي بينوها وجب أن يقضى بشهادته وأن فسر، وإلا كان في المقام ما يشبه التناقض، إذ كل ما في الأمر أنهم يريدون تحميل الشاهد عبء ما يشهد به ولا يحملون القاضي ذلك، ولا معنى لبقاء القضاء في مثل هذا على القياس والأخذ في الشهادة بالاستحسان، ولما كان الثابت من محاضر التحقيق الرسمية المقدمة أن أول الشاهدين قرر أنه يعرف أن الطاعن تزوج بالمطعون عليها من حوالى ثلاث سنوات وأكثر، وعندما سئل عن كيفية علمه رده إلى ما كان يتردد لدى أهل الحى، بالإضافة إلى إقامة الطاعن والمطعون عليها في منزل مجاور فترة من الزمن، فإن هذه الأقوال لا تنبئ عن معنى التفسير ولا تكشف للقاضي أنه شهد عما أدلى به لأنه سمعه من الناس.
2 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش، وكان ما أجله مذهب الحنفية للشاهد من أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه مشروط بأن يشتهر عند ذلك بأحد نوعى الشهرة الحقيقية أو الحكمية على القول الراجح وهو رأي الصاحبين، فلا يجوز أن يكون مصدر الشهادة هو مدعى النكاح نفسه أو بناء على إخبار منه أو وليد استشهاده، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشاهد الثاني شهد بتلقيه خبر الزوجية عن المطعون عليها بنفسها، وبناء على إخبارها فإن شهادته تكون غير مقبولة شرعا.
3 – إذا كان نصاب الشهادة الشرعية الواجبة هو رجلان وامرأتان يستكمل لافتقاد شرطها في الشاهد الثاني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على سند منها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 294 لسنة 1972 ” أحوال شخصية” أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بثبوت نسب الولد “حمدي” إليه وقالت شرحاً لها أن الطاعن تزوجها بتاريخ 3/ 8/ 1969 بموجب عقد عرفي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ورزقت منه على فراش الزوجية ولدهما المذكور وإذ أنكر الطاعن بنوة الصغير فقد أقامت دعواها، أجاب الطاعن على الدعوى بإنكار الزوجية والنسب، بتاريخ 27/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أنها أتت بالولد “حمدي” من الطاعن على فراش الزوجية، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 12/ 3/ 1974 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 1974 “أحوال شخصية” الإسكندرية طالبة إلغاءه، وبتاريخ 2/ 11/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت نسب الولد “حمدي” إلى أبيه الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذاكرات أبدت فيها الرأي بنقض الحكم ، وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بثبوت النسب المدعى أخذاً بأقوال شاهدي المطعون عليها حالة أنها غير مقبولة شرعاً فلا يثبت بها نسب، ذلك أن فقهاء الحنفية أوجبوا لقبول الشهادة بالتسامع ألا يفسر الشاهد للقاضي بأنه يشهد تسامعا، واشترطوا لأدائها أن يكون المشهود به أمرا مشتهراً متواترا أو يخبر به الشاهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول، وإذ فسر أو الشاهدين طريق علمه بأن ما سمعه من زواج المطعون عليها من الطاعن نقلاً عن أهل الحى دون أن يذهب إلى أنه اشتهر عنه، أو أنه تلقى الخبر من رجلين عدلين أو رجل وامرأتان ممن يستحيل تواطؤهم على الكذب، كما أسند الشاهد الثاني علمه بالزوجية إلى المطعون عليها نفسها، فإنه ينبغي رد الشهادتين. هذا إلى أنه بفرض اعتبار أقوال الشاهد الثاني شهادة بالمعاشرة أو المساكنة فإنها لا تنهض دليلاً على قيام الزوجية، ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك إنه وأن كان الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بنفسه عيانا أو سماعا، إلا أن فقهاء الحنفية استثنوا من هذا الأصل مواضع منها النكاح والنسب أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحسانا، ولئن أطلقت المتون والنقول المعتبرة القول بأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد الشهادة فيها بالتسامع، إلا أن الظاهر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه حيث أجيز للشاهد أن يشهد تسامعاً في المواضع التي بينوها وجب أن يقضى بشهادته وأن فسر، وإلا كان في المقام ما يشبه التناقض، إذ كل ما في الأمر أنهم يريدون تحميل الشاهد عبء ما يشهد به ولا يحملون القاضي ذلك، ولا معنى لبقاء القضاء في مثل هذا على القياس والأخذ في الشهادة بالاستحسان، ولما كان الثابت من محاضر التحقيق الرسمية المقدمة أن أول الشاهدين قرر أنه يعرف أن الطاعن تزوج بالمطعون عليها من حوالى ثلاث سنوات وأكثر، وعندما سئل عن كيفية علمه رده إلى ما كان يتردد لدى أهل الحى، بالإضافة إلى إقامة الطاعن والمطعون عليها في منزل مجاور فترة من الزمن، فإن هذه الأقوال لا تنبئ عن معنى التفسير ولا تكشف لقاضى أنه شهد عما أدلى به لأنه سمعه من الناس ويكون النعي في خصوص هذه الشهادة غير وارد. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش، وكان ما أحله مذهب الحنفية للشاهدين من أن من يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه مشروط بأن يشتهر عند ذلك بأحد نوعى الشهرة الحقيقية أو الحكمية على القول الراجح وهو رأي الصاحبين، فلا يجوز أن يكون مصدر الشهادة هو مدعى النكاح نفسه أو بناء على اخبار منه أو وليد استشهاده، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشاهد الثاني شهد بتلقيه خبر الزوجية عن المطعون عليها نفسها وبناء على إخبارها فإن شهادته تكون غير مقبولة شرعا. لما كان ما تقدم وكان نصاب الشهادة الشرعية الواجبة وهو رجلان وامرأتان يستكمل بهذه المثابة لافتقاد شرطها في الشاهد الثاني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على سند منها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة للتعرض لسبب الطعن الآخر.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .