الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة والتعدي الخفيف

حكم تمييز ( ضرب – عاهة مستديمة )
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 26/ 4/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ونجاح نصار وعبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا.
(6)
(الطعن رقم 545/ 2004 جزائي)
1 – إثبات “خبرة”. حكم “تسبيب غير معيب”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير صحيح”.
– النعي على الحكم بالقصور لعدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه. لا يقبل.

2 – حكم “ضوابط عامة في التسبيب” و”تسبيب غير معيب”.
إثبات “خبرة”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير مقبول”.
– المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
– النعي على الحكم بعدم بيان مضمون تقرير الطب الشرعي. ثبوت أنه لم يعول على دليل مستمد من هذا التقرير. نعي غير مقبول.

3 – دفاع شرعي. تمييز “أسباب الطعن: الجدل الموضوعي”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها”. جريمة “الدفاع الشرعي”.
– تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها. لمحكمة الموضوع بغير معقب. شرطه.
– حق الدفاع الشرعي. شرع لرد الاعتداء بالحيلولة بين من يباشر الاعتداء والاستمرار فيه. مثال.
– الجدل الموضوعي فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره. لا يخضع لرقابة محكمة التمييز.

1 – لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الخصوص.
2 – إذ كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على دليل مستمد من التقرير الطبي الشرعي الموقع عليه فإن منعاه بشأن عدم بيان الحكم مضمون هذا التقرير لا يكون مقبولاً لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.

3 – من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء والاستمرار فيه، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وخلص إلى عدم توافر حقه في الدفاع الشرعي عن نفسه في قوله “….. وكان الحاصل في واقعة الدعوى….. لا يعتبر به المتهم الأول في حالة دفاع شرعي عن نفسه إذ الثابت بأقوال المجني عليه أن المتهم الأول عاجله بالضرب بيده في وجهه كما أن الأخير قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه تعدى على المجني عليه بالضرب في وجهه كما أن إصابات المتهم الأول حدثت نتيجة سقوطه على الأرض ومن ثم تنتفي حالة الدفاع الشرعي…..” وهو رد من الحكم كافٍ وسائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه في هذا الصدد ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بخصوصه لا يعدو جدلاً موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة 1 – …… “طاعن” 2 – …… لأنهما في يوم 14/ 11/ 2002 بدائرة مخفر شرطة حولي – محافظة حولي: أ – المتهم الأول: أحدث بالثاني عمدًا الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أفضت إلى عاهة مستديمة هي فقد بالقاطعين السفليين الأماميين من الأسنان تقدر نسبته ب 5% من قدرة الجسم كله على النحو المبين بالتحقيقات. ب – المتهم الثاني: ضرب الأول عمدًا فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وكان ذلك على نحو محسوس على الوجه المبين بالأوراق. ج – المتهمان الأول والثاني: – ارتكبا كل منهم بالآخر تعد خفيف على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهما بالمواد 160، 162/ 1، 163 من قانون الجزاء. وادعى الثاني مدنيًا ضد الأول بمبلغ 5001 دينار كويتي على سبيل التعويض المؤقت. وحكمت محكمة الجنايات حضوريًا أولاً: بحبس المتهم الأول أربع سنوات مع الشغل. ثانيًا: ببراءة المتهم الثاني مما نسب إليه. ثالثًا: إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة……. استأنف الأول، كما استأنفت النيابة العامة ضد الثاني وقضت محكمة الاستئناف. أولاً: بقبول استئناف كل من المتهم الأول والنيابة العامة شكلاً. ثانيًا: وفي الموضوع 1 – برفض استئناف المتهم الأول 2 – رفض استئناف النيابة العامة ضد المتهم الثاني وتأييد الحكم المستأنف 3 – تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالاكتفاء بحبس المتهم الأول ثلاث سنوات وأربعة أشهر مع الشغل عما نسب إليه. فطعن المتهم الأول بالتمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة والتعدي الخفيف قد شابه القصور والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه عول في إدانته على تقرير الطبيب الشرعي مقتصرًا على إيراد نتيجته دون بيان كل ما اشتمل عليه، كما لم يورد ما أثبته من إصابات الطاعن، وقد تمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه لاعتداء المجني عليه بأن دفعه فأسقطه أرضًا وأن ما صدر منه من اعتداء بالضرب إنما كان للحيلولة دون استمرار المجني عليه في الاعتداء عليه فأطرح الحكم الدفع بما لا يسوغ إطراحه. كل ذلك يعيبه بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه إثر مشادة كلامية بين الطاعن والمجني عليه عقب أن تصادمت سيارتيهما ونزلا منها عاجل الطاعن المجني عليه بضربه ضربات بقبضة يده في وجهه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت عنها عاهة مستديمة، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال المجني عليه وتقرير الطبيب الشرعي واعتراف الطاعن بتحقيق النيابة العامة وبجلسة المحاكمة الاستئنافية بضرب المجني عليه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بيانًا لمضمون تقرير الطبيب الشرعي عن إصابة المجني عليه قوله “……. إصابة المجني عليه المذكور هي فقد بالقاطعين السفليين الأماميين من الأسنان وتخلخل بالقاطع العلوي الأمامي الأيمن من الأسنان وهي رضية وجائزة الحدوث من الضرب بقبضة اليد ونتج عنها عاهة مستديمة وتقدر نسبة العجز بـ 5% من قدرة الجسم كله……”

فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على دليل مستمد من التقرير الطبي الشرعي الموقع عليه فإن منعاه بشأن عدم بيان الحكم مضمون هذا التقرير لا يكون مقبولاً لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء والاستمرار فيه، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وخلص إلى عدم توافر حقه في الدفاع الشرعي عن نفسه في قوله “….. وكان الحاصل في واقعة الدعوى….. لا يعتبر به المتهم الأول في حالة دفاع شرعي عن نفسه إذ الثابت بأقوال المجني عليه أن المتهم الأول عاجله بالضرب بيده في وجهه كما أن الأخير قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه تعدى على المجني عليه بالضرب في وجهه كما أن إصابات المتهم الأول حدثت نتيجة سقوطه على الأرض ومن ثم تنتفي حالة الدفاع الشرعي…..” وهو رد من الحكم كافٍ وسائغ يؤدي إلى ما انتهى إليه في هذا الصدد ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بخصوصه لا يعدو جدلاً موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.