حكم تمييز (جلبوا بقصد الاتجار خمرًا)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 10/ 5/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ونجاح نصار وعبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا.
(8)
(الطعن رقم 497/ 2004 جزائي)
1 – تمييز. طعن “إجراءات الطعن بالتمييز”.

– التقرير بالطعن في الميعاد دون إيداع الأسباب على الوجه القانوني. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
2 – حكم “ضوابط عامة في التسبيب” و”تسبيب معيب”. تمييز “حالات الطعن: بطلان الحكم” و”أثر تمييز الحكم”. إثبات “تساند الأدلة”.
– وجوب ألا تبني المحكمة قضاءها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى. استناد الحكم إلى ما لا أساس له في الأوراق يبطله. لا يعصمه من ذلك ما يورده من أدلة أخرى. علة ذلك. تساند الأدلة. مثال.
– اتصال وجه الطعن الذي بني عليه تمييز الحكم بطاعنين آخرين قضي ببراءتهما. لا يجيز تمييزه بالنسبة إليهما.
3 – ارتباط. عقوبة “عقوبة الجريمة الأشد” و”تطبيقها”.

– إدانة الطاعن بجريمتين نشأتا عن فعل واحد توجب إعمال قواعد الارتباط والحكم بالجريمة التي عقوبتها أشد.
– اتحاد الجريمتين المرتبطتين في حدهما الأقصى لعقوبة الحبس والغرامة. تقرير حد أدنى للعقوبتين في إحدى الجريمتين. لا يجوز النزول عنها. اعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد. مثال.
1 – حيث إن الطاعنين وإن قرر كل منهما بالطعن بالتمييز في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه على الوجه الذي رسمه القانون، ومن ثم فإن الطعن المرفوع من كل منهما يكون بهذه المثابة غير مقبول شكلاً.

2 – الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه المطعون فيه – ضمن ما استند إليه – في إدانة الطاعن إلى أن الطاعن الثاني……. قد اعترف في تحقيقات النيابة العامة بأن الطاعن طلب إليه قيادة السيارة المحملة بالخمور مقابل ثلاثة آلاف دينار وإذ قام بقيادة هذه السيارة لتوصيلها إلى منطقة الإسطبلات ومعه الطاعن تم ضبطهما والخمور بالسيارة، رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق ذلك أن ما قرره الطاعن المذكور في تحقيقات النيابة العامة هو أن الطاعن قد ذهب معه إلى منطقة الإسطبلات، دون أن يأخذ السيارة التي بها الخمر أو يقودها، أو يضبط هو والطاعن فيه، بل ضبطا في منطقة الإسطبلات، فإن الحكم يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق، وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن – دون الطاعنين الآخرين اللذين قُضي ببراءتهما من هذه التهمة التي يتصل بها هذا الوجه من الطعن الذي بُني عليه تمييز الحكم وبغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

3 – إذ كانت الجريمتان المسندتان إلى المستأنف قد نشئتا عن فعل واحد، مما يستوجب عملاً بالفترة الثانية من المادة 84 من قانون الجزاء اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بهذه العقوبة دون غيرها، وكانت العقوبة المقررة لجريمة التهريب الجمركي – موضوع التهمة الثانية – التي دين بها المستأنف، والمنصوص عليها في المادة 145/ 4 من قانون الجمارك الموحد وهي الغرامة التي لا تقل عن قيمة البضاعة ولا تزيد على ثلاثة أمثال قيمتها والحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين، هي على هذا النحو وبما قررته من حد أدنى لعقوبتي الغرامة والحبس لا يجوز للقاضي النزول عنه – أشد من العقوبة المقررة لجريمة حيازة الخمر بقصد الاتجار – موضوع التهمة الأولى – التي دين بها المستأنف أيضًا. والمنصوص عليها في المادة 206 مكرر “أ” وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على 300 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، والتي لم ينص فيها على حد أدنى سواء في عقوبة الحبس أو عقوبة الغرامة مما يجوز فيها للقاضي النزول بهما أو بأيهما إلى الحد العام المقرر لعقوبة الحبس المؤقت المنصوص عليه في المادة 62 من قانون الجزاء – وهو أربع وعشرين ساعة أو المقرر لعقوبة الغرامة المذكور في المادة 64 من القانون ذاته وهو عشر روبيات.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 19/ 1/ 2004 بدائرة المباحث الجنائية – محافظة العاصمة. الطاعنون جميعًا: 1 – جلبوا بقصد الاتجار خمرًا على النحو المبين بالتحقيقات. 2 – أحرزوا سلاحًا ناريًا “مسدسًا” بغير ترخيص من الجهة المختصة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 3 – أحرزوا الذخائر “5 طلقات” مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصًا لهم بحيازته على النحو المبين بالتحقيقات. 4 – هربوا البضاعة الممنوعة سالفة البيان بأن أدخلوها إلى البلاد بصورة مخالفة للتشريعات المعمول بها دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عليها. الطاعن الثاني: حاز مادة مخدرة “حشيش” وكان ذلك بقصد التعاطي دون الحصول على الترخيص المنصوص عليها قانونًا. وطلبت معاقبتهم بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 39/ 1 من القانون 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1995 والبند رقم 16 من الجدول رقم “1” الملحق بالقانون، 206/ 1 من قانون الجزاء، 1/ 1، 4، 2/ 1، 21/ 1، 3 من المرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر، 1، 2/ 26، 27، 4، 16، 80/ 5، 7، 141/ 1، 142، 145/ 4 – 5، 150 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ومحكمة الجنايات – بعد أن استبعدت فعل جلب الخمر من التهمة الأولى المسندة إلى الطاعنين، وتبرئة الثاني والثالث من هذه التهمة، والأول والثاني من تهمة إحراز السلاح الناري – عدّلت وصف الواقعة بأن أسندت للطاعن الأول…… تهمتي حيازة خمر بقصد الاتجار وتهريبه جمركيًا، وللطاعن الثاني……: تهمتي إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي وتهريبه جمركيًا، وللطاعن الثالث……: تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بغير ترخيص ثم قضت بتاريخ 30/ 6/ 2004 – حضوريًا – بحبس الطاعن الأول ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثمائة دينار وبحبس الطاعن الثاني خمس سنوات وتغريمه خمسة آلاف دينار وبحبس الطاعن الثالث ثلاث سنوات وأمرت بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقضى بها، وأمرت بمصادرة المضبوطات. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم. وبتاريخ 26/ 9/ 2004 قضت محكمة الاستئناف برفض استئناف كل منهم وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
أولاً: الطعن المرفوع من كل من الطاعنين الثاني والثالث:
من حيث إن الطاعنين وإن قرر كل منهما بالطعن بالتمييز في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه على الوجه الذي رسمه القانون، ومن ثم فإن الطعن المرفوع من كل منهما يكون بهذه المثابة غير مقبول شكلاً.
ثانيًا: الطعن المرفوع من الطاعن الأول:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة خمر بقصد الاتجار والتهريب الجمركي قد شابه مخالفة الثابت بالأوراق ذلك بأنه عوّل في إدانته – ضمن ما عوّل – على الطاعن الثاني (…….) قد اعترف في تحقيقات النيابة العامة بأنه وبناء على طلب الطاعن قاد السيارة المحملة بالخمور لتوصيلها إلى منطقة الإسطبلات ومعه الطاعن وتم ضبطهما أثناء ذلك، خلافًا للثابت بأقوال الطاعن المذكور في التحقيقات من أنه لم يقم بقيادة هذه السيارة أو بضبط هو والطاعن فيها مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه المطعون فيه – ضمن ما استند إليه – في إدانة الطاعن إلى أن الطاعن الثاني……. قد اعترف في تحقيقات النيابة العامة بأن الطاعن طلب إليه قيادة السيارة المحملة بالخمور مقابل ثلاثة آلاف دينار وإذ قام بقيادة هذه السيارة لتوصيلها إلى منطقة الإسطبلات ومعه الطاعن تم ضبطهما والخمور بالسيارة، رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق ذلك أن ما قرره الطاعن المذكور في تحقيقات النيابة العامة هو أن الطاعن قد ذهب معه إلى منطقة الإسطبلات، دون أن يأخذ السيارة التي بها الخمر أو يقوده، أو يضبط هو والطاعن فيها، بل ضبطا في منطقة الإسطبلات، فإن الحكم يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق، وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن – دون الطاعنين الآخرين اللذين قُضي ببراءتهما من هذه التهمة التي يتصل بها هذا الوجه من الطعن الذي بُني عليه تمييز الحكم وبغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الاستئناف – فيما ميز من الحكم المطعون فيه – صالح للفصل فيه.

وحيث إن واقعة الدعوى – في نطاق ما هو مطروح على هذه المحكمة بشأن المتهم الأول – المستأنف – تخلص في أن تحريات الضابط…… دلت على أن المستأنف يحوز كمية من الخمور بقصد الاتجار فحصل على إذن النيابة العامة في الساعة التاسعة من صباح يوم 19/ 1/ 2004 بالقبض عليه وتفتيشه، وإذ علم من أحد مصادره السرية أن المستأنف سيقوم في اليوم ذاته بتخزين كمية من الخمر بمنطقة إسطبلات ميناء عبد الله، توجه إلى هذا المكان وكمن فيه، وفي الساعة الواحدة ظهرًا حضر المستأنف ومعه المتهم الثاني (….) في سيارة – شاحنة نصف براد – فقام بضبطهما وبتفتيش الشاحنة تبين أن بها 229 كرتونة من الخمر مختلف الماركات، وأقرا له بوجود كمية أخرى في المخيم وأرشداه عنه، وبتفتيشه عثر به على 151 كرتونة، 201 زجاجة من الخبر كان يحرسها المتهم الثالث……. وقد ثبتت الواقعة على هذه الصورة في حق المستأنف، مما تطمئن إليه وتأخذ به هذه المحكمة من أقوال ضابط الواقعة – في تحقيقات النيابة العامة وأمام محكمة أول درجة – وما أقر به المتهمان الثاني والثالث في تحقيقات النيابة العامة، وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وما جاء بكتاب الإدارة العامة للجمارك. فقد شهد الضابط……. بمضمون ما أوردته المحكمة في بيانها لواقعة الدعوى، وأضاف أن المستأنف أقر له بحيازته الخمر بقصد الاتجار.

وقد أقر المتهم الثاني:……. أن المستأنف طلب إليه أن يُحضر السيارة المحملة بكمية الخمر المضبوط من مكان وجودها وتوصيلها إلى منطقة الإسطبلات مقابل مبلغ ثلاثة ألاف دينار، وأنه قد سبق له توصيل ثلاثة كراتين منها إلى مسكن المستأنف، وأضاف أن الأخير هو الذي اشترى كمية الخمر المضبوط، وأن الضابط قبض عليه هو والمستأنف في إسطبلات ميناء عبد الله الخاصة بالمستأنف يوم 19/ 1/ 2004. كما أقر المتهم الثالث……. أنه يعمل حارسًا للمخيم، وفي يوم الواقعة فوجئ برجال الشرطة يداهمون المخيم وبتفتيشه عثروا به على كمية من الخمور. وقد ثبت من تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية أن المضبوطات هي زجاجات خمر غلق المصنع من نوع الويسكي والفودكا من ماركات مختلفة وكذلك علب بيرة مختلفة الأنواع، وتحتوي الزجاجات والعلب على سوائل كحولية بنسب مختلفة. وتضمن كتاب الإدارة العامة للجمارك بيان عدد زجاجات الخمر وعلب البيرة المضبوطة وأنواعها وأن قيمة هذه البضائع الممنوعة هي 388715 د. ك (ثلاثمائة وثمانية وثمانون ألفًا وسبعمائة وخمسة عشر دينار كويتي) وطلبت تحريك الدعوى عن جريمة التهريب الجمركي المسندة إلى المستأنف.

وحيث إنه بتحقيقات النيابة العامة، وبجلسات المحاكمة أنكر المستأنف ما أسند إليه، ونفى صلته بالخمر المضبوط، ودفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة، وعدم جدية التحريات التي بني عليها الإذن لما عدده من شواهد، كما دفع بانتفاء قصد الاتجار لديه لخلو الأوراق مما يقيمه. وقام دفاع المستأنف على أنه لم يضبط في شاحنة الخمور كما قرر الضابط، وإنما في سيارته الخاصة في التاسعة من صباح يوم الضبط كما شهد شاهداه، وأن للواقعة صورة أخرى حقيقية حجبها الضابط حرصًا على روايته غير الصحيحة وغير المعقولة، وأن الخمر المضبوط هو في الغالب يخص المتهم الثاني…… صاحب المخيم، والذي جاء اعترافه في شق منه غير صحيح، وقدم حافظة مستندات طويت على صورة قرار من النيابة العامة بتسليم سيارة لمالكها بالإيصال اللازم، وصورة ضوئية لاستلام شقيق المستأنف لمفتاح سيارة فورد أسود ومتعلقات أخرى للأخير، وكتاب من وزارة الداخلية يفيد الاسم الحالي لأحد الجسور ووصف لبعض المباني الموجودة في أحد الأماكن، وطلب الدفاع عن المستأنف ضم ملف قضية سرقة الشاحنة ودفتر أحوال النظارة، وتحقيق الواقعة بمعرفة المحكمة، وانتهى أصليًا إلى طلب البراءة، واحتياطيًا استعمال الرأفة التي ساق مبرراتها.

وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، فإن المحكمة تطرحه اطمئنانًا منها إلى سلامة تقدير سلطة التحقيق لجدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن، ومن بعدها محكمة أول درجة، وترى أن ما يثيره المستأنف من شواهد لا تنال من جدية هذه التحريات وصحتها.

وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بهما فهو بدوره مردود، ذلك أن الثابت من مطالعة الإذن المذكور أنه صدر في الساعة التاسعة من صباح يوم 19/ 1/ 2004 وقد قام ضابط الواقعة – والذي تطمئن هذه المحكمة إلى شهادته وما أثبته في محضر الضبط في هذا الخصوص – وبعد حصوله على الإذن بالتوجه إلى منطقة إسطبلات ميناء عبد الله في اليوم ذاته وكمن هناك حتى وصل المستأنف ومعه المتهم الثاني إلى هذا المكان في الساعة الواحدة ظهرًا فقام بالقبض عليهما، ومن ثم تطمئن المحكمة إلى أن إجراءات القبض على المستأنف وتفتيشه والشاحنة والمخيم قد تمت كلها بعد صدور إذن النيابة العامة وبموجبه ويؤيد ذلك – فضلاً عن الثابت بالأوراق وأقوال الضابط – وما أقر به المتهم الثاني في تحقيقات النيابة العامة من أن القبض عليه والمستأنف والتفتيش قد تما في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم 19/ 1/ 2004 بمنطقة إسطبلات ميناء عبد الله – وإن كانت المحكمة لا تطمئن لصحة هذا القول في خصوص حصول القبض والتفتيش في الساعة الحادية عشرة وتطرحه – لكنه يؤيد لديها قناعتها بأن هذه الإجراءات لم تتم في الساعة التاسعة صباحًا كما زعم المستأنف وإنما بعد هذا الوقت أي بعد صدور الإذن بها، وتلتفت في هذا الصدد عن أقوال المستأنف وشاهديه لعدم الاطمئنان إليها.

وحيث إنه عن قصد الاتجار في الخمر فإن المحكمة تراه متوافرًا في حق المستأنف وتستخلص ذلك فضلاً عن أقوال ضابط الواقعة وتحرياته في هذا الخصوص من كبر حجم كمية الخمر المضبوط والتي تصل إلى حوالي 3856 زجاجة ويسكي وفودكا من أنواع وماركات مختلفة، وكذلك 773 من علب البيرة مختلفة الأنواع – حسبما جاء بكتاب الإدارة العامة للجمارك – وتلتفت المحكمة عن دفاع المستأنف بانتفاء هذا القصد لديه وما ردده في هذا الشأن ولا ترى فيما جاء بكتاب الإدارة العامة للمباحث الجنائية عن عدم وجود معلومات سابقة لديها عن نشاط للمستأنف في هذا المضمار ما ينال من قناعة المحكمة بتوافر قصد الاتجار لديه، إذ ليس بلازم لتوافره سبق ضبط المستأنف في وقائع مماثلة أو أن يكون قد مارس هذه التجارة على سبيل الاحتراف حتى بات أمره معلومًا لدى أجهزة الأمن بل يتوافر قصد الاتجار ولو كانت المرة الأولى التي يضبط فيها الجاني طالما كانت ظروف الواقعة وأدلتها تقطع بتوافر قصد الاتجار لديه كما هو الحال بالنسبة للمستأنف في هذه الواقعة.

وحيث إن المحكمة وقد ارتاح وجدانها لما حصلته من أدلة الإثبات المار بيانها وأخصها أقوال ضابط الواقعة وصحة روايته عن زمان ومكان وكيفية القبض على المستأنف وما أسفر عنه تفتيش الشاحنة والمخيم من العثور على كمية الخمر المضبوط في حيازة المستأنف وما أوردته من أدلة معززة لذلك كإقرار كل من المتهمين الآخرين في حق المستأنف والتي تطمئن المحكمة إلى صحته وسلامته مما يشوبه، ومن ثم تصدف عما يثيره الأخير ودفاعه من مطاعن وشبهات حول هذه الإقرارات وأقوال الضابط وما يسوقه المستأنف من قرائن تشير إلى أنه قد اصطنع الاتهام ولفقه له أو أن الخمر المضبوط يخص المتهم الثاني – الذي قُضي ببراءته من هذه التهمة – كما تلتفت المحكمة عن المستندات التي قدمها المستأنف تدعيمًا لدفاعه بنفي الاتهام، لأنها – وأيًا كان مصدرها – لا تلتئم مع الحقيقة التي خلصت إليها المحكمة واطمأنت إليها.

كما أن المحكمة تكتفي بما قامت به محكمة أول درجة من إجراءات تحقيق في الدعوى سمعت فيه شهادة ضابط الواقعة والشاهدين اللذين طلب المستأنف سماعهما، ومن ثم لا ترى لزومًا لأن تجري المزيد من التحقيقات لا حاجة لها بها، وقد وضحت الواقعة لديها – حسبما تقدم – ومن ثم تلتفت المحكمة عما يطلبه المستأنف في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة أن المستأنف……. في الزمان والمكان المبينين بصحيفة الاتهام: 1 – حاز بقصد الاتجار خمرًا. 2 – ارتكب ما يعدّ في حكم التهريب الجمركي بأن حاز البضائع الممنوعة موضوع التهمة الأولى دون تقديم إثباتات تؤيد استيرادها بصورة نظامية. وهما الجريمتين المنصوص عليهما في المواد 206 مكرر “أ” من قانون الجزاء، 1، 2/ 26، 16، 143/ 12، 144/ 4، 145/ 4، 5، 150 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تعاقب المحكمة المستأنف بموجبها.

وحيث إنه لما كانت الجريمتان المسندتان إلى المستأنف قد نشئتا عن فعل واحد، مما يستوجب عملاً بالفترة الثانية من المادة 84 من قانون الجزاء اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بهذه العقوبة دون غيرها، وكانت العقوبة المقررة لجريمة التهريب الجمركي – موضوع التهمة الثانية – التي دين بها المستأنف، والمنصوص عليها في المادة 145/ 4 من قانون الجمارك الموحد وهي الغرامة التي لا تقل عن قيمة البضاعة ولا تزيد على ثلاثة أمثال قيمتها والحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين، هي على هذا النحو وبما قررته من حد أدنى لعقوبتي الغرامة والحبس لا يجوز للقاضي النزول عنه – أشد من العقوبة المقررة لجريمة حيازة الخمر بقصد الاتجار – موضوع التهمة الأولى – التي دين بها المستأنف أيضًا. والمنصوص عليها في المادة 206 مكرر “أ” وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على 300 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، والتي لم ينص فيها على حد أدنى سواء في عقوبة الحبس أو عقوبة الغرامة مما يجوز فيها للقاضي النزول بهما أو بأيهما إلى الحد العام المقرر لعقوبة الحبس المؤقت المنصوص عليه في المادة 62 من قانون الجزاء – وهو أربع وعشرين ساعة أو المقرر لعقوبة الغرامة المذكور في المادة 64 من القانون ذاته وهو عشر روبيات.
وحيث إنه لما كان المستأنف هو الذي استأنف وحده الحكم الابتدائي الصادر بالعقوبة ضده وطعن بالتمييز في الحكم الاستئنافي المؤيد له دون النيابة العامة، فإن المحكمة ليس بمقدورها أن توقع عليه عقوبة جريمة التهريب الجمركي المار ذكرها بوصفها العقوبة الأشد واجبة التطبيق، حتى لا يضار المستأنف لطعنه. ولا يسعها إلا أن تقضي بذات العقوبة التي قضى بها الحكم المستأنف.
وحيث إن الاستئناف لم يأت بما يغير مما انتهت إليه هذه المحكمة، فإنه يكون على غير أساس متعينًا رفضه. وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة على المستأنف ومصادرة الخمر المضبوط.