نبحثهما في مسألتين نفرد المسألة الأولى لتوافر سبب الشفعة وقت صدور البيع وفي المسألة الثانية بقاء السبب قائمًا حتى تمام البيع.

الفرع الأول : توافر سبب الشفعة وقت صدور البيع

حتى يجوز للشفيع المطالبة بالشفعة يجب أن يكون سببها قائمًا ومتوافرًا فيه وذلك وقت صدور البيع المشفوع فيه، ويترتب على ذلك أن الحق الذي يستند إليه الشفيع في طلبه للشفعة وقت إبرام البيع يجب أن يكون قائمًا. ففي القانون المدني المصري يجب أن يتوافر سبب الشفعة سواء أكان ملكية مفرزة أو ملكية شائعة أو ملكية رقبة أو حق انتفاع أو حق حكر، علمًا بأنه في المدني الأردني لا تجوز الشفعة إلا في الأراضي الملك، ووفقًا لتقسيم الأراضي فهي على خمسة أنواع، ملك، أميرية، موقوفة، متروكة، موات. لقد نصت المادة 1 من قانون الأراضي الأردني رقم 49 لسنه1953 على تقسيم الأراضي داخل المملكة الأردنية الهاشمية على أنواع خمسة وتم تعريف هذه الأنواع بعد صدور القرار رقم11 الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين بتاريخ 29/9/1953 يلي:

1- الأراضي المملوكة: هي التي تعود رقبتها أي ذاتها إلى صاحبها وهي كافة الأراضي التي تقع داخل حدود البلديات.

2- الأراضي الأميرية: وهي التي تعود رقبتها أي ذاتها للخزينة والتي يجري تحويلها وتفويضها من قبل الحكومة.

3- الأراضي الموقوفة : وهي بعد وقفها وقفًا صحيحًا تصبح رقبتها وحقوق التصرف بها عائدة لجهة الوقف ووفقًا لشرط الواقف.

4- الأراضي المتروكة: وهي الأراضي التي لا تفلح ولا تزرع أي الأراضي الخالية والتي ليست لأحد ولم تخصص لأهالي القرى لبعدها عنها بحيث لا يسمع فيها ضجة الرجل الجهوري الصوت.

5- الأراضي الموات: وهي الأراضي التي ترك حق الانتفاع بها لعامة الناس أو لأهالي القرية وتكون عائدة للخزينة.

وان الشفعة لا تكون وفقا لأحكام المدني ومجلة الأحكام العدلية إلا في الأراضي المملوكة. كما نص قانون التصرف بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 فإذا كان الشفيع قد كسب طلب الأخذ بالشفعة بالميراث فيجب أن تكون وفاة المورث قبل البيع، وإذا كان كسب هذا بسبب تصرف قانوني فيجب أن تكون وفاة المورث قبل البيع، وإذا كان كسب هذا بسبب تصرف قانوني فيجب أن يكون هذا التصرف القانوني مسجلا قبل البيع وذلك بسبب أن الحق الذي يشفع الشفيع بموجبه يكون دائمًا حقًا عينيًا عقاريًا، فهذا الحق لا يثبت للشفيع إلا بالتسجيل ومن وقت التسجيل فإن كان العقد الذي تلقى به الشفيع هذا الحق غير مسجل قبل البيع فلا يجوز للشفيع أن يطلب الشفعة(1). وكان هناك رأي يذهب على أن نقل الملكية في عقد بيع العقار غير المسجل يكون معلقًا على شرط واقف هو التسجيل فإن تم التسجيل ارتد أثره إلى وقت إبرام العقد حيث يعتبر المشتري مالكًا هذا العقار وبناء عليه فإنه يجوز للشفيع الذي لم يسجل عقده أن يطلب الشفعة لأنه إذا سجل عقده بعد ذلك اعتبر مالكًا من وقت إبرام هذا لعقد، إلا أن هذا الرأي رفضه جمهور الفقهاء كما استقر القضاء على أنه ليس للتسجيل أثر رجعي، فلا يجوز للشفيع أن يطلب الشفعة إذا كان عقده غير مسجل ولو قام بالتسجيل بعد ذلك، وبهذا الخصوص قررت محكمة النقض المصرية في قرارها رقم112/225/40 “أن الحكم الذي قضى برفض دعوى الشفعة بناء على أن الشفيع لم يكن مالكًا للعين المشفوع بها يوم اشتراها بل من تاريخ تسجيل عقد الشراء لا يكون مخالفًا للقانون في قضية الأثر الرجعي للتسجيل”. ولا يكفي أن يكون عقد الشفيع مسجلا قبل تسجيل البيع المشفوع فيه بل يجب أن يكون عقدًا مسجلا قبل انعقاد البيع، ذلك أنه يشترط لجواز طلب الشفعة أن يكون الشفيع مالكًا للحق الذي يشفع به وقت البيع ويجب أن يكون التسجيل قد تم قبل هذا الوقت ولا يشترط في المشتري المشفوع فيه أن يكون قد تملك الحق المشفوع فيه. وبذلك يتبين أنه لا يلزم لجواز الشفعة أن يكون البناء تابعًا للأرض التي يقوم عليها، فيجوز لمن يملك البناء دون الأرض التي يقوم عليها، أن يشفع في العقار المجاور، وبناء عليه فإن المشتري الذي يبني على الأرض المبيعة قبل أن يسجل عقده يقوم به سبب الشفعة بصفته جارًا مالكًا للبناء، رغم أن ملكية الأرض ما تزال للبائع بسبب عدم التسجيل، أما بائع العقار فيجوز له قبل تسجيل عقد البيع أن يطلب الشفعة بوصفه جارًا مالكًا للعقار لأنه يظل مالكًا رغم البيع إلى أن يتم التسجيل. وفي صدد وقت ملكية الشفيع للعقار فقد قررت محكمة النقض المصرية بقولها ” يجب ثبوت ملكية الشفيع للعقار الذي يشفع به وقت قيام سبب الشفعة أي وقت انعقاد بيع العقار الذي يشفع فيه، ولا عبرة بتاريخ تسجيل هذا البيع لأن حق الشفعة يتولد عن عقد البيع ولم لم يكن مسجلا، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دفاع المشتري المؤسس على أن الشفيع لم يكن مالكًا لم يشفع به وقت حصول البيع سبب الشفعة أقام قضاءه على أن عقد شراء الشفيع للأرض التي يشفع بها أسبق في التسجيل على تاريخ تسجيل عقد بيع الأطيان التي يشفع بها فإنه يكون قد خالف القانون(2) هذا بطبيعة الحال ما عليه الوضع في القانون المدني المصري، أما في القانون المدني الأردني فإن الشرط الأساسي للمطالبة بالشفعة أن يكون الشفيع مالكًا لحصصه وقت بيع العقار المشفوع، ويجب أن تكون ملكيته نهائية وأن تبقى كذلك حتى يتملك العقار المشفوع به قضاء أو رضاء، فإذا زالت ملكيته قبل ذلك سقط حقه بالشفعة(3). وهذا ما نصت عليه المادة 1157 مدني أردني بقولها يشترط في العقار المشفوع به أن يكون مملوكًا للشفيع وقت شراء العقار المشفوع. إلا أنه يجب أن نوضح أن أحكام الشفعة في المدني الأردني لا تنطبق على الأبنية المقامة والطبقات وإنما على الأراضي فقط، والعبرة بملكية الأرض ، إلا أن القانون المدني المصري اختلف بعد ذلك فانطبق الأمر فيه على الأراضي والأبنية، خاصة أنه لا يوجد في مصر تشريع خاص بتمليك الطوابق والشقق كما هو الحال في الأردن وفلسطين.

الفرع الثاني: بقاء السبب قائمًا حتى تمام البيع

لا يكفي لجواز الشفعة أن يتوافر للشفيع سبب وقت صدور البيع المشفوع فيه موضوع الشفعة، وبالإضافة لذلك يجب أن يبقى هذا السبب قائمًا وموجودًا إلى أن يتم الأخذ بالشفعة قضاء بحكم يصدر لمصلحة الشفيع أو رضاء بتسليم المشتري بالشفعة وبعد ذلك لا يهم أن يزول السبب لأنه إذا حكم بالشفعة قضاء أو سلم بها المشتري رضاء يتملك الشفيع العقار المشفوع فيه. واستنادًا لذلك فإن الحق الذي يستند إليه الشفيع في طلب الشفعة يجب أن يبقى قائمًا إلى وقت تمام الأخذ بالشفعة(4) فإذا تصرف طالب الشفعة في الحق الذي يستند إليه في هذا الطلب تصرفًا ناقلا للملكية قبل تمام الأخذ بالشفعة سقط حقه فيها لزوال سببها، ومثال ذلك أن يطلب الشفعة بصفته جارًا مالكًا ثم تصرف أثناء نظر الدعوى في العقار الذي يشفع به تصرفًا ناقلا للملكية كأن يبيعه أو يهبه أو يوقفه فلا يجوز حينئذ الحكم له بالشفعة أما لو حكم بالشفعة أو سلم بها المشتري قبل وقوع القسمة فلا تؤثر على حق الشفيع بعد ذلك أن يختص بجزء مفرز من العقار الشائع لا يلاصق العقار المبيع. وكذلك إذا طلب الشفعة جار مالك على الشيوع ثم وقعت القسمة قبل تمام الأخذ بالشفعة، فاختص بجزء مفرز من العقار الشائع لا يلاصق العقار المبيع يسقط حقه بالشفعة لزوال السبب وهو الجوار. أما لو حكم بالشفعة أو سلم بها المشتري قبل وقوع القسمة فلا تؤثر على حق الشفيع بعد ذلك أن يختص بجزء مفرز من العقار الشائع لا يلاصق العقار المبيع(5) والمالك تحت شرط فاسخ تتوافر له الملكية ولكن زوالها يكون معلقًا على الشرط فإذا تحقق الشرط زالت الملكية واعتبرت كان لم تكن وإذا تخلف الشرط صارت الملكية باتة ومن ثم يجوز لهذا المالك أن يطلب الشفعة فان تحقق الشرط قبل الحكم بالشفعة أو تسليم المشتري بها سقط حقه فيها وإذا تحقق الشرط بعد تمام الأخذ بالشفعة فلا يكون لزوال ملكيته أثر على حقه في الشفعة(6) أما المالك تحت شرط واقف فلا تتوافر له الملكية ولكن وجودها يتعلق بتحقق الشرط فان تحقق وجدت الملكية وإذا تخلف الشرط فلا ملكيه، كما لا يجو له إذا تحقق الشرط بعد صدور البيع فتوفرت له الملكية أن يطلب الشفعة على أساس انه بموجب الأثر الرجعي للشرط يعتبر مالكًا وقت صدور البيع علمًا بأن فكرة الأثر الرجعي لا تنطبق في الشفعة.وإذا استند الشفيع في ملكيته للعقار المشفوع به إلى عقد قابل للإبطال فان الملكية متوفرة له بموجب هذا العقد لان العقد القابل للإبطال يقع صحيحًا منتجًا لآثاره ما لم يحكم بإبطاله وبذلك يجوز له طلب الشفعة(7) أما إذا استند طالب الشفعة في ملكيته للعقار المشفوع به إلى عقد باطل بطلانا مطلقًا فان الملكية لا تتوافر له بموجب هكذا عقد فلا تنتقل الملكية بموجبه ولو تم تسجيله، ولا يجوز له أن يطلب الشفعة بموجبه.

_____________

1- محمد كامل مرسى، الحقوق العينية الأصلية، الجزء الثالث، الطبعة الثانية، 1952 ، ص 312

2- نقض مدني مصري 624/12/54 – ق، مجموعة أحكام النقص، المكتب الفني، 1986 ، ص 321 عن معوض عبد التواب، الشفعة و الصورية، الطبعة الثامنة، بدون دار نشر 2004 ، ص 29

3- العبيدي، علي، الحقوق العينية الأصلية، الطبعة الأولى، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع 1999، ص 88

4-الاهواني، حسام الدين كامل-الحقوق العينة الأصلية- منشورات جامعة عبن شمس 1999، ص 149

5- كركبي، مروان و سامي منصور، الحقوق العينية العقارية الأصلية، الطبعة الثانية، 1999بدون دار نشر، ص 322

6- أبو جميل، وفاء حلمي، حق الملكية والحقوق المتفرعة عنه ، الجزء الأول، حق الملكية، مكتبة النصر، الزقازيق 2003، ص 165

7- الاهواني، حسام الدين كامل-الحقوق العينية الأصلية- منشورات جامعة عبن شمس 1999 ، ص 167

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .